كتاب المكاسب - ج ٤

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-14-1
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤١٦

صحّة البيع ، فمع فرض رضاه بذلك يكون قادماً على بذل ماله على هذا النحو. نعم ، لو لم يشترط استحقّ الرجوع بالأرش المستوعب. ولعلّه لذا لم يعبّروا بالبطلان وإن ذكر المحقّق وغيره الرجوع بالثمن وفهم منه جماعةٌ بطلان البيع. لكنّه قد يمنع بعدم خروجه عن الماليّة وإن لم يكن له قيمةٌ ، وهو أعمّ من بطلان البيع (١) ، انتهى محصّله (٢).

المناقشة فيما أفاده صاحب الجواهر

ولا يخفى فيه مواقع النظر (٣) ؛ فإنّ المتعرّضين للمسألة بين مصرّحٍ ببطلان البيع كالشيخ في المبسوط (٤) ، والحلّي في السرائر (٥) ، والعلاّمة في التذكرة (٦) ؛ معلّلين ذلك بأنّه لا يجوز بيع ما لا قيمة له وبين من صرّح برجوع المشتري بتمام الثمن ، الظاهر في البطلان (٧) ، فإنّ الرجوع بعين الثمن لا يعقل من دون البطلان. ويكفي في ذلك ما تقدّم (٨) من الدروس : من أنّ ظاهر الجماعة البطلان من أوّل الأمر ، واختياره (٩) قدس‌سره

__________________

(١) الجواهر ٢٢ : ٤٣٩ ٤٤٠.

(٢) في «ف» : ملخّصه.

(٣) كذا في أكثر النسخ ، وفي «ش» : وفيه مواقع للنظر.

(٤) المبسوط ٢ : ١٣٥.

(٥) السرائر ٢ : ٣٣٢.

(٦) التذكرة ١ : ٤٦٧ و ٥٣١.

(٧) مثل المحقّق في الشرائع ١ : ١٩ ، والعلاّمة في القواعد ١ : ١٢٦ ، وانظر المناهل : ٢٩٤.

(٨) تقدّم في الصفحة ٢٩٧.

(٩) كذا في «ف» ونسخة بدل «ن» ، وفي «ش» ومصحّحة «ن» : «واختار» ، وفي سائر النسخ : واختاره.

٣٠١

الانفساخ من حيث تبيّن الفساد (١).

فعلم أن لا قول بالصحّة مع الأرش ، بل ظاهر العلاّمة رحمه‌الله في التذكرة عدم هذا القول بين المسلمين ، حيث إنّه بعد حكمه بفساد البيع ، معلّلاً بوقوع العقد على ما لا قيمة له ، وحكاية ذلك عن بعض الشافعيّة قال : وقال بعضهم بفساد البيع لا لهذه العلّة ، بل لأنّ الردّ ثبت على سبيل استدراك الظلامة ، وكما يرجع بجزءٍ من الثمن عند انتقاص جزءٍ من المبيع ، كذلك يرجع بكلّ الثمن عند فوات كلّ المبيع. ويظهر فائدة الخلاف في أنّ القشور الباقية بمن تختصّ حتّى يجب عليه تطهير الموضع عنها (٢) ، انتهى.

لا مجال للتأمّل في بطلان اشتراط البراءة

هذا ، مع أنّه لا مجال للتأمّل في البطلان ؛ بناءً على ما ذكرنا من القطع بأنّ الحكم بماليّة المبيع هنا شرعاً وعرفاً حكمٌ ظاهريٌّ ، وتموّل العوضين واقعاً شرطٌ واقعيٌّ لا علميٌّ ؛ ولذا لم يتأمّل ذو مُسْكةٍ في بطلان بيع من بان حرّا أو (٣) ما بان خمراً ، وغير ذلك ؛ إذ انكشاف فقد العوض مشتركٌ بينهما.

ثمّ إنّ الجمع بين عدم خروجه عن الماليّة ، وبين عدم القيمة لمكسوره ممّا لم يُفهم ؛ فلعلّه أراد الملكيّة.

مضافاً إلى أنّ الأرش المستوعب للثمن لا يخلو تصوّره عن إشكالٍ ، لأنّ الأرش كما صرّحوا به تفاوت ما بين قيمتي الصحيح‌

__________________

(١) الدروس ٣ : ١٩٨.

(٢) التذكرة ١ : ٥٣١.

(٣) في «ف» بدل «أو» : و.

٣٠٢

والمعيب (١).

نعم ، ذكر العلاّمة في التذكرة (٢) والتحرير (٣) والقواعد (٤) : أنّ المشتري للعبد الجاني عمداً ، يتخيّر مع الجهل بين الفسخ فيستردّ الثمن ، أو (٥) طلب الأرش ، فإن استوعب الجناية القيمة كان الأرش جميع الثمن أيضاً (٦).

وقد تصدّى جامع المقاصد لتوجيه عبارة القواعد في هذا المقام بما لا يخلو عن بُعد ، فراجع (٧).

وكيف كان ، فلا أجد وجهاً لما ذكره.

أضعفيّة ما ذكره السيّد العاملي

وأضعف من ذلك ما ذكره بعض آخر (٨) : من منع حكم الشيخ وأتباعه (٩) بصحّة البيع ، و (١٠) اشتراط البائع على المشتري البراءة من‌

__________________

(١) صرّح بذلك الشيخان في المقنعة : ٥٩٧ ، والمبسوط ٢ : ١٢٧ ، والنهاية : ٣٩٢ ، وراجع للتفصيل مفتاح الكرامة ٤ : ٦٣١ ٦٣٢.

(٢) التذكرة ١ : ٥٤٠.

(٣) التحرير ١ : ١٨٥.

(٤) القواعد ١ : ١٤٦.

(٥) في «ص» بدل «أو» : و.

(٦) في «ن» شطب على «أيضاً».

(٧) جامع المقاصد ٤ : ٣٤٤.

(٨) ذكره السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٣٦.

(٩) في «ف» : والأتباع.

(١٠) الواو في قوله : «واشتراط» بمعنى «مع». قاله الشهيدي قدس‌سره في هداية الطالب : ٣٩٤.

٣٠٣

العيوب (١) ، وزعم : أنّ معنى اشتراط البراءة في كلامهم : اشتراط المشتري على البائع البراءة من العيوب ، فيكون مرادفاً لاشتراط الصحّة. وأنت خبير بفساد ذلك بعد ملاحظة عبارة الشيخ والأتباع ، فإنّ كلامهم ظاهر أو صريح في أنّ المراد براءة البائع من العيوب ، لا المشتري.

نعم ، لم أجد في كلام الشيخين والمحكيّ عن غيرهما تعرّضٌ لذكر هذا الشرط في خصوص ما لا قيمة لمكسوره.

الإشكال في جواز اشتراط البراءة بلزوم الغرر أيضاً

ثمّ إنّه ربما يستشكل في جواز اشتراط البراءة من العيوب الغير المخرجة عن الماليّة أيضاً بلزوم الغرر ، فإنّ بيع ما لا يعلم صحّته وفساده لا يجوز إلاّ بناءً على أصالة الصحّة ، فإذا اشترط (٢) البراءة كان بمنزلة البيع من غير اعتدادٍ بوجود العيوب وعدمها.

وقد صرّح العلاّمة وجماعة بفساد العقد لو اشترط سقوط خيار الرؤية في العين الغائبة (٣). وسيجي‌ء توضيحه في باب الخيارات إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) تقدّم عنهم في الصفحة ٢٩٠.

(٢) في غير «ف» : واشتراط.

(٣) النهاية ٢ : ٥١٠ ، والتذكرة ١ : ٤٦٧ ، والشهيد في الدروس ١ : ٢٧٦ ، والصيمري في غاية المرام (مخطوط) ١ : ٢٨٨ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٤ : ٣٠٣ ، وانظر مفتاح الكرامة ٤ : ٢٩٢.

٣٠٤

مسألة

جواز بيع المسك في فأره والدليل عليه

المشهور من غير خلاف يذكر جواز بيع المسك في فأره. والفأر بالهمزة قيل : جمع فأرة ، كتمر وتمرة (١). وعن النهاية : أنّه قد لا يهمز تخفيفاً (٢). ومستند الحكم : العمومات الغير المزاحمة بما يصلح للتخصيص ، عدا توهّم النجاسة المندفع في باب النجاسات بالنصّ (٣) والإجماع (٤) ، أو توهّم جهالته ؛ بناءً على ما تقدّم (٥) من احتمال عدم العبرة بأصالة الصحّة في دفع (٦) الغرر. ويندفع بما تقدّم (٧) : من بناء العرف على الأصل في نفي الفساد ، وبناء الأصحاب على عدم التزام الاختبار في الأوصاف التي تدور معها الصحّة.

__________________

(١) قاله الطريحي في مجمع البحرين ٤ : ٤٣٣ ، مادّة : «فأر».

(٢) النهاية ؛ لابن الأثير ٣ : ٤٠٥ ، مادّة : «فأر».

(٣) راجع الوسائل ٣ : ٣١٤ ، الباب ٤١ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ١ و ٢.

(٤) كما ادّعاه العلاّمة في التذكرة ١ : ٥٨ ، والشهيد في الذكرى : ١٤ ، والسيّد العاملي في المدارك ٢ : ٢٨٤ ، وانظر الجواهر ٢٢ : ٤٤٧.

(٥) تقدّم في الصفحة ٢٨٨ والصفحة السابقة.

(٦) في «م» و «ص» : رفع.

(٧) تقدّم في الصفحة ٢٩٣.

٣٠٥

لكنّك خبير بأنّ هذا كلّه حسنٌ لدفع الغرر الحاصل من احتمال الفساد. وأمّا الغرر من جهة تفاوت أفراد الصحيح الذي لا يعلم إلاّ بالاختبار ، فلا رافع له.

نعم ، قد روى في التذكرة مرسلاً عن الصادق عليه‌السلام جواز بيعه (١). لكن لم يعلم (٢) إرادة ما في الفأرة.

الأحوط اختباره بالفتق

وكيف كان ، فإذا فرض أنّه ليس له أوصاف خارجيّة يعرف بها الوصف الذي له دخلٌ في القيمة ، فالأحوط ما ذكروه من فتقه بإدخال خيطٍ فيها بإبرةٍ ، ثمّ إخراجه وشمّه (٣).

هل يضمن النقص الحاصل من جهة الفتق؟

ثمّ لو شمّه ولم يرضَ به (٤) فهل يضمن هذا النقص الداخل عليه من جهة الفتق لو فرض حصوله فيه ولو بكونه جزءاً أخيراً لسبب (٥) النقص ، بأن فتق قبله بإدخال الخيط والإبرة مراراً؟ وجهٌ مبنيٌّ على ضمان النقص في المقبوض بالسوم ، فالأولى أن يباشر البائع ذلك فيشمّ المشتري الخيط.

عدم جواز بيع اللؤلؤ في الصدف ونحوه

ثمّ إنّ الظاهر من العلاّمة عدم جواز بيع اللؤلؤ في الصدف (٦) ، وهو كذلك. وصرّح بعدم جواز بيع البيض في بطن الدجاج للجهالة (٧) ، وهو حسنٌ إذا لم يعرف لذلك الدجاج فردٌ معتادٌ من البيض من حيث الكبر والصغر.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٧١.

(٢) في «ف» : لا يعلم.

(٣) كما ذكره الشهيد الثاني في المسالك ٣ : ١٨٢ ، ونسبه إلى جماعة.

(٤) لم ترد «به» في «ف».

(٥) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي غيرهما : بسبب.

(٦) و (٧) راجع التذكرة ١ : ٤٧١.

٣٠٦

مسألة

عدم جواز بيع المجهول منضمّاً إلى المعلوم والدليل عليه

تفصيل جماعة بين ما إذا كان المجهول مقصوداً بالاستقلال أو منضمّاً إلى المعلوم وبين ما إذا كان تابعاً

لا فرق في عدم جواز بيع المجهول بين ضمّ معلومٍ إليه وعدمه ؛ لأنّ ضمّ المعلوم إليه لا يخرجه عن الجهالة فيكون المجموع مجهولاً ؛ إذ لا يُعنى (١) بالمجهول ما كان كلّ جزءٍ جزءٍ منه مجهولاً. ويتفرّع على ذلك : أنّه لا يجوز بيع سمك الآجام ولو كان مملوكاً ؛ لجهالته وإن ضمّ إليه القصب أو غيره. ولا اللبن في الضرع ولو ضمّ إليه ما يحلب منه ، أو غيره ، على المشهور كما في الروضة (٢) وعن الحدائق (٣).

وخصّ المنع جماعة بما إذا كان المجهول مقصوداً بالاستقلال أو منضمّاً إلى المعلوم ، وجوّزوا بيعه إذا كان تابعاً للمعلوم ، وهو المحكيّ (٤) عن المختلف (٥) وشرح الإرشاد لفخر الإسلام (٦) والمقتصر (٧) ، واستحسنه‌

__________________

(١) في «ش» : لا نعني.

(٢) الروضة البهيّة ٣ : ٢٨٢.

(٣) الحدائق ١٨ : ٤٨٧.

(٤) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٨٢.

(٥) راجع المختلف ٥ : ٢٤٨ و ٢٥٤.

(٦) مخطوط ، ولا يوجد لدينا.

(٧) المقتصر : ١٦٧.

٣٠٧

المحقّق والشهيد الثانيان (١). ولعلّ المانعين لا يريدون إلاّ ذلك ؛ نظراً إلى أنّ جهالة التابع لا توجب الغرر ولا صدق اسم «المجهول» على المبيع عرفاً حتّى يندرج في إطلاق ما دلّ من الإجماع على عدم جواز بيع المجهول ؛ فإنّ أكثر المعلومات بعض أجزائها مجهول.

مذهب الجماعة هو الصحّة مطلقاً

خلافاً للشيخ في النهاية (٢) وابن حمزة في الوسيلة (٣). والمحكيّ عن الإسكافي (٤) والقاضي (٥) ، بل في مفتاح الكرامة : أنّ الحاصل من التتبّع أنّ المشهور بين المتقدّمين هو الصحّة (٦) ، بل عن الخلاف (٧) والغنية (٨) : الإجماع في مسألة السمك. واختاره من المتأخّرين المحقّق الأردبيلي (٩) وصاحب الكفاية (١٠) والمحدّث العاملي (١١) والمحدّث الكاشاني (١٢) ، وحكي عن ظاهر غاية المراد (١٣) ،

__________________

(١) جامع المقاصد ٤ : ١١٠ ، والروضة البهيّة ٣ : ٢٨٢.

(٢) النهاية : ٤٠٠ ٤٠١.

(٣) الوسيلة : ٢٤٦.

(٤) حكاه العلاّمة في المختلف ٥ : ٢٤٨.

(٥) حكاه العلاّمة في المختلف ٥ : ٢٤٧ ، ولم نعثر عليه فيما بأيدينا من كتبه.

(٦) مفتاح الكرامة ٤ : ٢٨٢.

(٧) الخلاف ٣ : ١٥٥ ، كتاب البيوع ، المسألة ٢٤٥.

(٨) الغنية : ٢١٢.

(٩) مجمع الفائدة ٨ : ١٨٥ ١٨٦.

(١٠) كفاية الأحكام : ٩١.

(١١) بداية الهداية ١ : ١٢٩.

(١٢) مفاتيح الشرائع ٣ : ٥٦.

(١٣) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٨٢ ، وأُنظر غاية المراد ١ : ٨٤ ٨٥.

٣٠٨

الاستدلال على الصحّة بالاخبار :

وصريح حواشيه على القواعد (١). وحجّتهم على ذلك الأخبار المستفيضة الواردة في مسألتي السمك واللبن وغيرهما.

مرسلة البزنطي

ففي مرسلة البزنطي التي إرسالها ، كوجود سهلٍ فيها ، سهلٌ عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إذا كانت أجَمَةٌ ليس فيها قصبٌ ، أخرج شيئاً من سمكٍ فباع (٢) وما في الأجمة» (٣).

رواية معاوية ابن عمّار

ورواية (٤) معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٥) : «لا بأس بأن يشترى الآجام إذا كان فيها قصب» (٦). والمراد شراء ما فيها بقرينة الرواية السابقة واللاحقة.

رواية أبي بصير

ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في شراء الأجَمَة ليس فيها قصبٌ إنّما هي ماء ، قال : «تصيد (٧) كفّاً من سمكٍ تقول : أشتري منك هذا السمك وما في هذه الأجَمَة بكذا وكذا» (٨).

موثّقة سماعة

وموثّقة سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام كما في الفقيه قال : «سألته عن اللبن يشترى وهو في الضرع؟ قال : لا ، إلاّ أن يَحلب (٩)

__________________

(١) لا يوجد لدينا ، نعم حكاه عنه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٨٢.

(٢) كذا في النسخ ، وفي التهذيب والوسائل : «أُخرج شي‌ء من السمك فيباع ..».

(٣) الوسائل ١٢ : ٢٦٣ ، الباب ١٢ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٢.

(٤) في غير «ش» : «وبرواية» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٥) في «خ» ، «ص» و «ع» زيادة : قال.

(٦) الوسائل ١٢ : ٢٦٤ ، الباب ١٢ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٥.

(٧) في «ف» : «إنّما تصيد» ، وفي «ص» و «ش» : يصيد.

(٨) الوسائل ١٢ : ٢٦٤ ، الباب ١٢ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٦.

(٩) كذا في النسخ ، وفي مصححة «ن» زيادة : «إلى» ، وفي «ص» زيادة : «لك» ، وفي «ش» زيادة : «لك في» ، وفي الفقيه والوسائل : لك منه.

٣٠٩

سُكُرُّجة (١) فيقول : اشتر منّي (٢) هذا اللبن الذي في السكرجة (٣) وما في ضروعها بثمنٍ مسمّى ، فإن لم يكن في الضرع شي‌ءٌ كان ما في السكُرُّجة (٤)» (٥).

صحيحة العيص ابن القاسم

وعليها تحمل صحيحة العيص بن القاسم قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلٍ له نَعَمٌ يبيع ألبانها بغير كيل؟ قال : نعم ، حتّى تنقطع (٦) أو شي‌ءٌ منها» (٧) ، بناءً على أنّ المراد : بيع اللبن الذي في الضرع بتمامه ، أو بيع شي‌ءٍ منه محلوب في الخارج و (٨) ما بقي في الضرع بعد حلب شي‌ءٍ منه.

رواية إبراهيم الكرخي

وفي الصحيح إلى ابن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في رجلٍ اشترى من رجلٍ أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حملٍ بكذا وكذا درهماً؟ قال : لا بأس ، إن لم يكن في بطونها حملٌ كان رأس ماله في الصوف» (٩).

__________________

(١) السكُرُّجة بضمّ السين والكاف وتشديد الراء ـ : إناء صغير يؤكل فيه الشي‌ء القليل من الأدم ، وهي فارسية ، راجع النهاية ٢ : ٣٨٤.

(٢) في «ف» بدل «اشتر منّي» : اشتري.

(٣) في «ف» و «ش» : الاسكرجة.

(٤) في «ف» : الاسكرجة.

(٥) الوسائل ١٢ : ٢٥٩ ، الباب ٨ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٢ ، والفقيه ٣ : ٢٢٤ ، الحديث ٣٨٣١.

(٦) في «خ» ، «م» و «ع» : ينقطع.

(٧) الوسائل ١٢ : ٢٥٩ ، الباب ٨ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث الأوّل.

(٨) في غير «ش» بدل «و» : أو.

(٩) الوسائل ١٢ : ٢٦١ ، الباب ١٠ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث الأوّل.

٣١٠

موثّقة اسماعيل ابن الفضل

وموثّقة إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «في الرجل يتقبّل بخراج الرجال وجزية رؤوسهم وخراج النخل والشجر والآجام والمصائد والسمك والطير ، وهو لا يدري لعلّه لا يكون شي‌ءٌ من هذا أبداً أو يكون ، أيشتريه (١)؟ وفي أيّ زمان يشتريه ويتقبّل به (٢)؟ قال عليه‌السلام : إذا علمت (٣) من ذلك شيئاً واحداً أنّه قد أدرك فاشتره وتقبّل به» (٤).

المناقشة في دلالة الاخبار

وظاهر الأخيرين كموثّقة سماعة أنّ الضميمة المعلومة إنّما تنفع من حيث عدم الوثوق بحصول المبيع ، لا من حيث جهالته ، فإنّ ما في السُّكُرُّجَة (٥) غير معلوم بالوزن والكيل ، وكذا المعلوم الحصول من الأشياء المذكورة في رواية الهاشمي.

مع أنّ المشهور كما عن الحدائق (٦) المنع عن بيع الأصواف على ظهور الغنم ، بل عن الخلاف عليه الإجماع (٧). والقائلون بجوازه (٨) استدلّوا‌

__________________

(١) في مصحّحة «ن» : «أنشتريه .. نشتريه ونتقبّل ..».

(٢) في الفقيه والوسائل بدل «به» : منه.

(٣) في «ش» : علم.

(٤) الوسائل ١٢ : ٢٦٤ ، الباب ١٢ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٤.

(٥) كذا في «ص» ونسخة بدل «ن» ، وفي غيرهما : الاسكرجة.

(٦) الحدائق ١٨ : ٤٩٠.

(٧) الخلاف ٣ : ١٦٩ ، كتاب البيوع ، المسألة ٢٧٦.

(٨) في «ف» : بالجواز.

٣١١

برواية الكرخي (١) مع منعهم عن مضمونها (٢) من حيث (٣) ضمّ ما في البطون إلى الأصواف. فتبيّن أنّ الرواية لم يقل أحد بظاهرها.

ومثلها في الخروج عن مسألة ضمّ المعلوم إلى المجهول روايتا أبي بصير والبزنطي (٤) ؛ فإنّ الكفّ من السمك لا يجوز بيعه ، لكونه من الموزون ؛ ولذا جعلوه من الربويّات (٥) ، ولا ينافي ذلك تجويز بيع سمك الآجام إذا كانت مشاهدة ، لاحتمال أن لا يعتبر الوزن في بيع الكثير منه ، كالذي لا يدخل في الوزن لكثرته كزُبْرَةِ الحديد ، بخلاف القليل منه.

وأمّا رواية معاوية بن عمّار ، فلا دلالة فيها على بيع السمك ، إلاّ بقرينة روايتي أبي بصير والبزنطي اللّتين عرفت حالهما ، فتأمّل.

المناقشة على تقدير الدلالة

ثمّ على تقدير الدلالة :

إن أُريد انتزاع قاعدة منها وهي جواز ضمّ المجهول إلى المعلوم وإن كان المعلوم غير مقصود بالبيع إلاّ حيلة لجواز نقل المجهول فلا دلالة فيها (٦)

__________________

(١) تقدّمت في الصفحة ٣١٠.

(٢) منهم المحقّق الثاني في جامع المقاصد ٤ : ١١١ ، والمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة ٨ : ١٨٨ ، والسيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٨٤.

(٣) في «ف» بدل «من حيث» : مع.

(٤) تقدّمتا في الصفحة ٣٠٩.

(٥) كما في المبسوط ٢ : ٩٩ ، والمهذّب ١ : ٣٧٢ ٣٧٣ ، والقواعد ١ : ١٤٠ ، والدروس ٣ : ٢٩٣ ٢٩٤ وغيرها.

(٦) في غير «ش» : «فيهما» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

٣١٢

على ذلك ، ولم يظهر من العاملين بها (١) التزام هذه القاعدة ، بل المعلوم من بعضهم ، بل كلّهم خلافه ؛ فإنّا نعلم من فتاويهم عدم التزامهم لجواز بيع كلّ مجهول من حيث الوصف أو التقدير بمجرّد ضمّ شي‌ءٍ معلوم إليه ، كما يشهد به تتبّع كلماتهم.

وإن أُريد الاقتصار على مورد النصوص وهو بيع سمك الآجام ، ولبن الضرع ، وما في البطون مع الأصواف فالأمر سهل على تقدير الإغماض عن مخالفة هذه النصوص للقاعدة المجمع عليها بين الكلّ : من عدم جواز بيع المجهول مطلقاً.

توضيح التفصيل المتقدّم

بقي الكلام في توضيح التفصيل المتقدّم ، واصلة من العلاّمة :

قال في القواعد في باب شرط العوضين : كلُّ مجهولٍ مقصودٍ بالبيع لا يصحّ بيعه وإن انضمّ إلى معلوم ، ويجوز مع الانضمام إلى معلوم إذا كان تابعاً (٢) ، انتهى.

ما هو المراد من «المقصود» و «التابع»

وارتضى هذا التفصيل جماعة ممّن تأخّر عنه (٣) ، إلاّ أنّ مرادهم من «المقصود» و «التابع» غير واضح. والذي يظهر من مواضعَ من القواعد والتذكرة : أنّ مراده بالتابع : ما يشترط دخوله في البيع ، وبالمقصود : ما كان جزءاً.

ظاهر العلّامة أنّ المراد من «المقصود» الجزء ، ومن «التابع» الشرط

قال في القواعد في باب الشرط في ضمن البيع : لو شرط أنّ الأمة حامل أو الدابّة كذلك صحّ. أمّا لو باع الدابّة وحملها أو الجارية‌

__________________

(١) في غير «ش» : «بهما» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٢) القواعد ١ : ١٢٧.

(٣) تقدّم عنهم في الصفحة ٣٠٨.

٣١٣

وحملها بطل ؛ لأنّ (١) كلّ ما لا يصحّ بيعه منفرداً لا يصحّ جزءاً من المقصود ، ويصحّ تابعاً (٢) ، انتهى.

وفي باب ما يندرج في المبيع قال : السادس : العبد ، ولا يتناول ماله الذي ملّكه (٣) مولاه ، إلاّ أن يستثنيه المشتري إن قلنا : إنّ العبد يملك ، فينتقل إلى المشتري مع العبد ، وكان جعله للمشتري إبقاءً له (٤) على العبد ، فيجوز أن يكون مجهولاً أو غائباً. أمّا إذا أحلنا تملّكه وما معه صار جزءاً من المبيع ، فيعتبر فيه شرائط البيع (٥) ، انتهى.

كلام العلّامة في التذكرة في الفرق بين الجزء والشرط أيضاً

وبمثل ذلك في الفرق بين جعل المال شرطاً وبين جعله جزءً صرّح في التذكرة في فروع مسألة تملّك العبد وعدمه ؛ معلّلاً بكونه مع الشرط كماء الآبار وأخشاب السقوف (٦).

وقال في التذكرة أيضاً في باب شروط العوضين : لو باع الحمل مع امّه جاز إجماعاً (٧).

وفي موضعٍ من باب الشروط (٨) في العقد : لو قال : بعتك هذه الدابّة وحملها لم يصحّ عندنا ، لما تقدّم من أنّ الحمل لا يصحّ جعله‌

__________________

(١) في «ف» : «لأنّه» ، وفي المصدر : لأنّه كما لا يصحّ.

(٢) القواعد ١ : ١٥٣.

(٣) في غير «ش» بدل «ماله الذي ملّكه» : ما ملّكه.

(٤) في غير «ش» ومصححة «ن» : إبقاء ملكه.

(٥) القواعد ١ : ١٥٠.

(٦) التذكرة ١ : ٤٩٩.

(٧) التذكرة ١ : ٤٦٨.

(٨) في غير «ف» : الشرط.

٣١٤

مستقلا بالشراء ولا جزءاً (١).

وقال أيضاً : ولو باع الحامل وشرط (٢) للمشتري (٣) الحمل صحّ ؛ لأنّه تابعٌ ، كأساس الحيطان وإن لم يصحّ ضمّه في البيع مع الامّ ؛ للفرق بين الجزء والتابع (٤).

وقال في موضعٍ آخر : لو قال : بعتك هذه الشياه وما في ضرعها من اللبن ، لم يجز عندنا (٥).

وقال في موضعٍ آخر (٦) : لو باع دجاجةً ذاتَ بيضةٍ وشَرَطَها صحّ ، وإن جعلها جزءاً من المبيع لم يصحّ (٧).

إيراد المحقّق الثاني على الفرق المذكور

وهذه كلّها صريحةٌ في عدم جواز ضمّ المجهول على وجه الجزئية ، من غير فرقٍ بين تعلّق الغرض الداعي بالمعلوم أو المجهول. وقد ذكر هذا ، المحقّق الثاني في جامع المقاصد (٨) في مسألة اشتراط دخول الزرع في بيع الأرض ، قال : وما قد يوجد في بعض الكلام ، من أنّ المجهول إن جُعل جزءاً من المبيع لا يصحّ ، وإن اشترط صحّ ونحو ذلك فليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّ العبارة لا أثر لها ، والمشروط (٩) محسوب من جملة‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٩٣.

(٢) كذا في مصحّحة «ن» ، وفي النسخ : يشترط.

(٣) في المصدر : المشتري.

(٤) التذكرة ١ : ٤٩٣.

(٥) التذكرة ١ : ٤٩٣.

(٦) بل قاله في الموضع الذي عنون الفرع السابق ، تحت عنوان «فرع» ، فراجع.

(٧) التذكرة ١ : ٤٩٣.

(٨) في «ف» زيادة : «باب» ، واستدركت في «ن» أيضاً.

(٩) في غير «ش» : الشرط.

٣١٥

المبيع ، ولأنه لو باع الحمل والأُمّ صحّ البيع ولا يتوقّف على بيعها واشتراطه (١) ، انتهى.

وهو الظاهر من الشهيدين في اللّمعة والروضة (٢) حيث اشترطا في مال العبد المشروط دخوله في بيعه استجماعه لشروط البيع.

وقد صرّح الشيخ في مسألة اشتراط مال العبد باعتبار (٣) العلم بمقدار المال (٤).

وعن الشهيد : لو اشتراه وما لَه صحّ ، ولم يشترط علمَه ولا التفصّي من الربا إن قلنا : إنّه يملك ، وإن أحلنا ملكه اشترط (٥).

قال في الدروس : لو جعل الحمل جزءاً من المبيع فالأقوى الصحّة ، لأنّه بمنزلة الاشتراط ، ولا يضرّ الجهالة ؛ لأنّه تابع (٦) ، انتهى. واختاره جامع المقاصد (٧).

احتمال أن يكون المراد ما يعدّ في العرف تابعاً

ثمّ «التابع» في كلام هؤلاء يحتمل أن يراد به (٨) : ما يعدّ في العرف تابعاً كالحمل مع الامّ ، واللبن مع الشاة ، والبيض مع الدجاج ،

__________________

(١) جامع المقاصد ٤ : ٣٨٥.

(٢) اللمعة وشرحها (الروضة البهيّة) ٣ : ٣١٣.

(٣) في النسخ : «اعتبار» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٤) صرّح به في المبسوط ٢ : ١٣٧.

(٥) الدروس ٣ : ٢٢٦.

(٦) الدروس ٣ : ٢١٦ ٢١٧.

(٧) جامع المقاصد ٤ : ٤٢٧.

(٨) كلمة «به» من «ش» ومصحّحة «ن».

٣١٦

ومال العبد معه ، والباغ (١) في الدار ، والقصر في البستان ، ونحو ذلك ممّا نسب البيع عرفاً إلى المتبوع لا إليهما معاً ، وإن فرض تعلّق الغرض الشخصي بكليهما في بعض الأحيان ، بل بالتابع خاصّة ، كما قد يتّفق في حمل بعض أفراد الخيل.

وهذا هو الظاهر من كلماتهم في بعض المقامات كما تقدّم عن الدروس وجامع المقاصد من صحّة بيع الامّ وحملها ؛ لأنّ الحمل تابع.

قال في جامع المقاصد في شرح قوله المتقدّم في القواعد : «ويجوز مع الانضمام إلى معلوم إذا كان تابعاً» : إنّ إطلاق العبارة يشمل ما إذا شرط حمل دابّة في بيع دابّة أُخرى ، إلاّ أن يقال : التبعيّة إنّما تتحقّق مع الامّ ؛ لأنّه حينئذٍ بمنزلة بعض أجزائها ، ومثله زخرفة جدران البيت (٢) ، انتهى.

وفي التمثيل نظر ؛ لخروج زخرفة الجدران من محلّ الكلام في المقام ، إلاّ أن يريد مثال الأجزاء ، لا مثال التابع ، لكن هذا ينافي ما تقدّم من‌

__________________

(١) في «ن» : «الباع» بالمهملة ، وأثبتها المامقاني أيضاً كذلك ، ثمّ قال ما لفظه : الظاهر أنّه أراد بالباع ساحة الدار ، وإن لم أجده مصرّحاً به في ما حضرني من كتب اللغة ، والذي وجدته في شرح القاموس هو : أنّ الباع قدر مدّ اليدين ، والباعة بالتاء ساحة الدار ، فلعلّه رحمه‌الله اطّلع على ما لم أطّلع عليه ، أو أنّه وقع التحريف من قلم الناسخ ، وفي بعض النسخ : «الباغ» بالغين المعجمة وهو أنسب بالغرض المسوق له الكلام ، قال في المصباح : الباغ : الكرم ، لفظة أعجمية استعملها الناس بالألف واللام ، انتهى (غاية الآمال : ٤٧٦).

(٢) جامع المقاصد ٤ : ١١٢.

٣١٧

اعتبارهم العلم في مال العبد (١) وفاقاً للشيخ قدس‌سره مع أنّ مال العبد تابع عرفيّ ، كما صرّح به في المختلف في مسألة بيع العبد واشتراط ماله (٢).

احتمال أن يكون المراد التابع بحسب قصد المتبايعين

ويحتمل أن يكون مرادهم : التابع بحسب قصد المتبايعين ، وهو ما يكون المقصود بالبيع غيره وإن لم يكن تابعاً عرفيّاً كمن اشترى قصب الآجام وكان فيها قليل من السمك ، أو اشترى سمك الآجام وكان فيها قليل من القصب ، وهذا أيضاً قد يكون كذلك بحسب النوع ، وقد يكون كذلك بحسب الشخص ، كمن أراد السمك القليل لأجل حاجة ، لكن لم يتهيّأ له شراؤه إلاّ في ضمن قصب (٣) الأجَمَة.

والأوّل هو الظاهر من مواضع من المختلف ، منها : في بيع اللبن في الضرع مع المحلوب منه ، حيث حمل رواية سماعة المتقدّمة (٤) على ما إذا كان المحلوب يقارب الثمن ويصير أصلاً ، والذي في الضرع تابعاً (٥).

وقال في مسألة بيع ما في بطون الأنعام مع الضميمة : والمعتمد أن نقول : إن كان الحمل تابعاً صحّ البيع ، كما لو باعه الامّ وحملها أو باعه ما يقصد مثله بمثل الثمن وضمّ الحمل ، فهذا لا بأس به ، وإلاّ كان باطلاً (٦).

__________________

(١) تقدّم في الصفحة السابقة.

(٢) المختلف ٥ : ٢١٨ ، وفيه : إلاّ أن يقال : إنّ المال تابع.

(٣) في غير «ف» : قصبة.

(٤) في الصفحة ٣٠٩.

(٥) المختلف ٥ : ٢٤٨.

(٦) المختلف ٥ : ٢٥١.

٣١٨

وأمّا الاحتمال الثاني أعني مراعاة الغرض الشخصي للمتبايعين فلم نجد عليه شاهداً ، إلاّ ثبوت الغرر على تقدير تعلّق الغرض الشخصي بالمجهول ، وانتفاءه على تقدير تعلّقه بالمعلوم. ويمكن تنزيل إطلاقات عبارات المختلف عليه ، كما لا يخفى.

احتمال صاحب الجواهر أن يكون المراد التابع بحسب تباني المتعاملين

وربما احتمل بعض (١) ، بل استظهر أنّ مرادهم بكون المعلوم مقصوداً والمجهول تابعاً : كون المقصود بالبيع ذلك المعلوم ، بمعنى الإقدام منهما ولو لتصحيح البيع على أنّ المبيع المقابل بالثمن هذا المعلوم الذي هو وإن سُمّي ضميمة لكنّه المقصود في تصحيح البيع ، قال : ولا ينافيه كون المقصود بالنسبة إلى الغرض ما فيه الغرر ، نظير ما يستعمله بعض الناس في التخلّص من المخاصمة بعد ذلك في الذي يراد بيعه لعارض من العوارض بإيقاع العقد على شي‌ءٍ معيّنٍ معلومٍ لا نزاع فيه ، وجعل ذلك من التوابع واللواحق لما عقد عليه البيع ، فلا يقدح حصوله وعدم حصوله كما أُومى إليه في ضميمة الآبق ، وضميمة الثمر على الشجر ، وضميمة ما في الضروع وما في الآجام (٢) ، انتهى.

المناقشة فيما احتمله صاحب الجواهر

ولا يخفى أنّه لم توجد عبارة من عبائرهم تقبل (٣) هذا الحمل ، إلاّ أن يريد ب «التابع» جعل المجهول شرطاً والمعلوم مشروطاً ، فيريد ما تقدّم عن القواعد والتذكرة (٤) ، ولا أظنّ إرادة ذلك من كلامه ؛ بقرينة استشهاده بأخبار الضميمة في الموارد المتفرّقة.

__________________

(١) وهو صاحب الجواهر.

(٢) الجواهر ٢٢ : ٤٤٥.

(٣) في «ف» : تؤمي.

(٤) راجع الصفحة ٣١٣ ٣١٤.

٣١٩

الأوفق بالقواعد

والأوفق بالقواعد أن يقال : أمّا الشرط والجزء ، فلا فرق بينهما من حيث لزوم الغرر بالجهالة (١).

وأمّا قصد المتبايعين بحسب الشخص ، فالظاهر أنّه غير مؤثّر في الغرر وجوداً وعدماً ؛ لأنّ الظاهر من حديث الغرر من كلماتهم : عدم مدخليّة قصد المتبايعين في الموارد الشخصيّة ، بل وكذلك قصدهما بحسب النوع على الوجه الذي ذكره في المختلف : من كون قيمة المعلوم تقارب الثمن المدفوع له وللمجهول (٢).

وأمّا التابع العرفي ، فالمجهول منه وإن خرج عن الغرر عرفاً ، إلاّ أنّ المجهول منه جزءاً داخلٌ ظاهراً في معقد الإجماع على اشتراط العلم بالمبيع المتوقّف على العلم بالمجموع. نعم ، لو كان الشرط تابعاً عرفيّاً خرج عن بيع الغرر وعن معقد الإجماع على اشتراط كون المبيع معلوماً فيقتصر عليه.

هذا كلّه في التابع من حيث جعل المتبايعين.

التابع الذي يندرج في المبيع وإن لم ينضمّ إليه حين العقد

وأمّا التابع للمبيع الذي يندرج في المبيع وإن لم ينضمّ إليه حين العقد ولم يخطر ببال المتبايعين ، فالظاهر عدم الخلاف والإشكال في عدم اعتبار العلم به ، إلاّ إذا استلزم (٣) غرراً في نفس المبيع ؛ إذ الكلام في مسألة الضميمة من حيث الغرر الحاصل في المجموع ، لا الساري من المجهول إلى المعلوم ، فافهم.

__________________

(١) في «ف» : والجهالة.

(٢) راجع المختلف ٥ : ٢٤٨.

(٣) في «ف» : إلاّ أن يستلزم.

٣٢٠