كتاب المكاسب - ج ٤

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-14-1
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤١٦

أمانة حصلت الشركة ، لحصول ماله في يده وعدم توقّفه على تعيينٍ وإقباضٍ حتّى يخرج التالف عن قابليّة تملّك المشتري له فعلاً وينحصر حقّه في الباقي ، فحينئذٍ حساب التالف على البائع دون المشتري ترجيحٌ بلا مرجّح ، فيحسب عليهما.

والحاصل : أنّ كلّ جزءٍ (١) معيّن قبل الإقباض قابلٌ لكونه كلا أو بعضاً (٢) ملكاً فعليّاً للمشتري ، والملك الفعلي له حينئذٍ هو الكليّ الساري ، فالتالف المعيّن غير قابل لكون جزئه (٣) محسوباً على المشتري ، لأنّ تملّكه لمعيّن موقوف على اختيار البائع وإقباضه ، فيحسب على البائع. بخلاف التالف بعد الإقباض ، فإنّ تملّك المشتري لمقدارٍ منه حاصلٌ فعلاً ؛ لتحقّق الإقباض ، فنسبة كلّ جزءٍ معيّنٍ من الجملة إلى كلٍّ من البائع والمشتري على حدٍّ سواء.

نعم ، لو لم يكن إقباض البائع للمجموع (٤) على وجه الإيفاء ، بل على وجه التوكيل في التعيين ، أو على وجه الأمانة حتّى يعيّن البائع بعد ذلك ، كان حكمه حكم ما قبل القبض.

لو باع ثمرة شجرات واستثنى منها أرطالا معلومة

هذا كلّه ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما الإشكال في أنّهم ذكروا فيما لو باع ثمرة شجراتٍ واستثنى منها أرطالاً معلومة : أنّه لو خاست الثمرة‌

__________________

(١) لم ترد «جزء» في «ف».

(٢) لم ترد «كلا أو بعضاً» في «ف».

(٣) في «خ» بدل «جزئه» : «ضرره» ، وفي نسخة بدل «م» ، «ع» و «ص» : ضرّه.

(٤) في «ف» : «للجزء حينئذٍ» ، وفي نسخة بدل «م» ، «ع» و «ص» : للجزء.

٢٦١

ظاهرهم تنزيل الأرطال المستثناة على الاشاعة

سقط من المستثنى بحسابه (١). وظاهر ذلك تنزيل الأرطال المستثناة على الإشاعة ، ولذا قال في الدروس : إنّ في هذا الحكم دلالةً على تنزيل الصاع من الصبرة على الإشاعة (٢). وحينئذٍ يقع الإشكال في الفرق بين المسألتين ، حيث إنّ مسألة الاستثناء ظاهرهم الاتّفاق على تنزيلها على الإشاعة.

والمشهور هنا التنزيل على الكلّي ، بل لم يُعرف مَن جزم بالإشاعة.

الفرق بين المسألتين بالنصّ والمناقشة فيه

وربما يفرّق بين المسألتين (٣) بالنصّ فيما نحن فيه على التنزيل على الكليّ ، وهو ما تقدّم من الصحيحة المتقدّمة (٤).

وفيه : أنّ النصّ إن استفيد منه حكم القاعدة لزم التعدّي عن مورده إلى مسألة الاستثناء ، أو بيان الفارق وخروجها عن القاعدة. وإن اقتصر على مورده لم يتعدّ إلى غير مورده حتّى في البيع إلاّ بعد إبداء الفرق بين موارد التعدّي وبين مسألة الاستثناء.

وبالجملة ، فالنصّ بنفسه لا يصلح فارقاً مع البناء على التعدّي عن مورده الشخصي.

الفرق بينهما بالاجماع والمناقشة فيه

وأضعف من ذلك : الفرق بقيام الإجماع على الإشاعة في مسألة‌

__________________

(١) كما في الشرائع ٢ : ٥٣ ، والقواعد ١ : ١٣١ ، والدروس ٣ : ٢٣٩ ، وجامع المقاصد ٤ : ١٦٨ ، وراجع مفتاح الكرامة ٤ : ٣٨١ ٣٨٢.

(٢) الدروس ٣ : ٢٣٩.

(٣) فرّق بينهما صاحب الجواهر في الجواهر ٢٣ : ٢٢٣.

(٤) المتقدّمة في الصفحة ٢٥٨.

٢٦٢

الاضعف في الفرق بين المسألتين

الاستثناء ؛ لأنّا نقطع بعدم استناد المجمعين فيها إلى توقيف بالخصوص.

وأضعف من هذين ، الفرق بين مسألة الاستثناء ومسألة الزكاة وغيرهما ممّا يحمل الكليّ فيها على الإشاعة ، وبين البيع ، باعتبار (١) القبض في لزوم البيع وإيجابه على البائع ، فمع وجود فرد يتحقّق فيه البيع (٢) يجب دفعه إلى المشتري ، إذ هو شبه الكليّ في الذمّة.

وجه الأضعفية

وفيه مع أنّ إيجاب القبض متحقّق في مسألتي الزكاة والاستثناء ـ : أنّ إيجاب القبض على البائع يتوقّف على بقائه ؛ إذ مع عدم بقائه كلاّ أو بعضاً ينفسخ البيع في التالف ، والحكم بالبقاء يتوقّف على نفي الإشاعة ، فنفي الإشاعة بوجوب الإقباض لا يخلو عن مصادرة ، كما لا يخفى.

مثله في الضعف

وأمّا مدخليّة القبض في اللزوم فلا دخل له أصلاً في الفرق.

ومثله في الضعف لو لم يكن عينه ما في مفتاح الكرامة من الفرق : بأنّ التلف من الصبرة قبل القبض ، فيلزم على البائع تسليم المبيع منها و (٣) إن بقي قدره ، فلا ينقص المبيع لأجله. بخلاف الاستثناء ، فإنّ التلف فيه بعد القبض ، والمستثنى بيد المشتري أمانة على الإشاعة بينهما ، فيوزّع الناقص عليهما ، ولهذا لم يحكم بضمان المشتري هنا ، بخلاف البائع هناك (٤) ، انتهى.

__________________

(١) الجار متعلّق ب «الفرق» ، و «الإيجاب» عطف على «الاعتبار» كما قاله الشهيدي في هداية الطالب : ٣٨٧.

(٢) كذا في النسخ ، والظاهر : المبيع ، كما في مصحّحة «ن».

(٣) لم ترد «و» في «ف».

(٤) مفتاح الكرامة ٤ : ٣٨٢.

٢٦٣

وجه الضعف

وفيه مع ما عرفت من أنّ التلف من الصبرة قبل القبض إنّما يوجب تسليم تمام المبيع من الباقي بعد ثبوت عدم الإشاعة ، فكيف يثبت به؟ أنّه :

إن أُريد من (١) كون التلف في مسألة الاستثناء بعد القبض : أنّه بعد قبض المشتري؟

ففيه : أنّه موجب لخروج البائع عن ضمان ما يتلف من مال المشتري ولا كلام فيه ولا إشكال ، وإنّما الإشكال في الفرق بين المشتري في مسألة الصاع والبائع في مسألة الاستثناء ، حيث إنّ كلاّ منهما يستحقّ مقداراً من المجموع لم يقبضه مستحقّه ، فكيف يحسب نقص التالف (٢) على أحدهما دون الآخر مع اشتراكهما في عدم قبض حقّه (٣) الكليّ.

وإن أُريد من كون التلف بعد القبض : أنّ الكليّ الذي يستحقّه البائع قد كان في يده بعد العقد فحصل الاشتراك ، فإذا دفع الكلّ إلى المشتري فقد دفع مالاً مشتركاً ، فهو نظير ما إذا دفع البائع مجموع الصبرة إلى المشتري ، فالاشتراك كان قبل القبض.

ففيه : أنّ الإشكال بحاله ؛ إذ يبقى سؤال الفرق بين قوله : «بعتك صاعاً من هذه الصبرة» وبين قوله : «بعتك هذه الصبرة أو هذه‌

__________________

(١) لم ترد «من» في غير «ش» ، واستدركت في «ن».

(٢) في «ش» : التلف.

(٣) كذا في «ف» ونسخة بدل «خ» ، وفي «ش» ومصحّحة «ن» : «عدم قبض حقّهما» ، وفي سائر النسخ : عدم قبضه.

٢٦٤

الثمرة إلاّ صاعاً منها» ، وما الموجب للاشتراك في الثاني دون الأوّل؟ مع كون مقتضى الكليّ عدم تعيّن (١) فردٍ منه أو جزءٍ منه لمالكه (٢) إلاّ بعد إقباض مالك الكلّ الذي هو المشتري في مسألة الاستثناء ، فإنّ كون الكلّ بيد البائع المالك للكليّ لا يوجب الاشتراك.

هذا ، مع أنّه لم يعلم من الأصحاب في مسألة الاستثناء الحكم بعد العقد بالاشتراك وعدم جواز تصرّف المشتري إلاّ بإذن البائع ، كما يشعر به فتوى جماعةٍ ، منهم الشهيدان (٣) والمحقّق الثاني (٤) بأنّه لو فرّط المشتري وجب أداء المستثنى من الباقي.

ما أفاده المصنّف في الفرق بين المسألتين

ويمكن (٥) أن يقال : إنّ بناء المشهور في مسألة استثناء الأرطال إن كان على عدم الإشاعة قبل التلف واختصاص الاشتراك بالتالف دون الموجود كما ينبئ عنه فتوى جماعةٍ منهم : بأنّه لو كان تلف البعض بتفريط المشتري كان حصّة البائع في الباقي ، ويؤيّده استمرار السيرة في صورة استثناء أرطال معلومة من الثمرة على استقلال المشتري في التصرّف وعدم المعاملة مع البائع معاملة الشركاء فالمسألتان مشتركتان في التنزيل على الكليّ ، ولا فرق بينهما إلاّ في بعض ثمرات التنزيل على‌

__________________

(١) في غير «ش» : تعيين.

(٢) كذا في «ف» ، «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : لمالك.

(٣) في «ف» : «الشهيد الثاني» ، راجع الدروس ٣ : ٢٣٩ ، والروضة البهيّة ٣ : ٣٦٠.

(٤) راجع جامع المقاصد ٤ : ١٦٨.

(٥) في «ف» : هذا ، ويمكن.

٢٦٥

الكليّ وهو حساب التالف عليهما. ولا يحضرني وجهٌ واضح لهذا الفرق ، إلاّ دعوى أنّ المتبادر من الكليّ المستثنى هو الكليّ الشائع فيما يسلم للمشتري ، لا مطلق الموجود وقت البيع.

وإن كان بناؤهم على الإشاعة من أوّل الأمر أمكن أن يكون الوجه في ذلك : أنّ المستثنى كما يكون ظاهراً في الكليّ ، كذلك يكون عنوان المستثنى منه الذي انتقل إلى المشتري بالبيع كلّياً ، بمعنى أنّه ملحوظٌ بعنوانٍ كليّ يقع عليه البيع ، فمعنى «بعتك هذه الصبرة إلاّ صاعاً منها» : «بعتك الكليّ الخارجي الذي هو المجموع المخرج عنه الصاع» فهو كليٌ كنفس الصاع ، فكلٌّ منهما مالك لعنوان كليّ ، فالموجود مشترك بينهما ؛ لأنّ نسبة كل جزءٍ منه إلى كلٍّ منهما على نهجٍ سواء ، فتخصيص أحدهما به ترجيحٌ من غير مرجّح ؛ وكذا التالف نسبته إليهما على السواء ، فيحسب عليهما.

وهذا بخلاف ما إذا كان المبيع كلّياً ، فإنّ مال البائع ليس ملحوظاً بعنوان كليّ في قولنا : «بعتك صاعاً من هذه الصبرة» ؛ إذ لم يقع موضوع الحكم (١) في هذا الكلام حتّى يلحظ بعنوان كليّ كنفس الصاع.

فإن قلت : إنّ مال البائع بعد بيع الصاع ليس جزئيّاً حقيقيّا متشخّصاً في الخارج فيكون كلّياً كنفس الصاع.

قلت : نعم ولكن ملكيّة البائع له ليس بعنوانٍ كليّ حتّى يبقى ما بقي ذلك العنوان ، ليكون الباقي بعد تلف البعض صادقاً على هذا العنوان‌

__________________

(١) في «ف» ومصحّحة «خ» : موضوعاً لحكم.

٢٦٦

وعلى عنوان الصاع (١) على نهجٍ سواء ، ليلزم من تخصيصه بأحدهما الترجيح من غير مرجّح فيجي‌ء الاشتراك ، فإذا لم يبقَ إلاّ صاع كان الموجود مصداقاً لعنوان ملك المشتري فيحكم بكونه مالكاً له ، ولا يزاحمه بقاء عنوان ملك البائع ، فتأمّل.

هذا ما خطر عاجلاً بالبال ، وقد أو كلنا تحقيق هذا المقام الذي لم يبلغ إليه ذهني القاصر إلى نظر الناظر البصير الخبير الماهر ، عفى الله عن الزلل في المعاثر.

أقسام بيع الصبرة

قال في الروضة تبعاً للمحكي عن حواشي الشهيد (٢) ـ : إنّ أقسام بيع الصبرة عشرة ؛ لأنّها إمّا أن تكون معلومة المقدار أو مجهولته ، فإن كانت معلومة صحّ بيعها أجمع ، وبيع جزءٍ منها معلومٍ مشاعٍ ، وبيع مقدارٍ كقفيزٍ تشتمل عليه ، وبيعها كلّ قفيز بكذا ، لا (٣) بيع كلِّ قفيز منها بكذا. والمجهولة كلّها باطلة إلاّ الثالث (٤) ، وهو بيع مقدارٍ معلوم يشتمل الصبرة عليه.

لو باع مقداراً معيّناً لم يعلم اشتمال الصبرة عليه

ولو لم يعلم باشتمالها عليه ، فظاهر القواعد (٥) والمحكي عن حواشي‌

__________________

(١) كذا في النسخ ، والعبارة في «ش» هكذا : «مصداقاً لهذا العنوان وعنوان الصاع» ، وجاء في هامش «ص» ما يلي : الظاهر أنّه سهو من قلمه الشريف ، وحقّ العبارة أن يقول : «مصداقاً لهذا العنوان ولعنوان الصاع» ، كما لا يخفى.

(٢) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٧٥.

(٣) كذا في «ف» و «ص» ، وفي غيرهما بدل «لا» : «إلاّ» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٤) انتهى كلام الشهيد الثاني قدس‌سره ، راجع الروضة البهيّة ٣ : ٢٦٨.

(٥) راجع القواعد ١ : ١٢٧.

٢٦٧

الشهيد (١) وغيرها (٢) عدم الصحّة ، واستحسنه في الروضة ، ثمّ قال : ولو قيل بالاكتفاء بالظنّ باشتمالها عليه كان متّجهاً (٣).

الحكم بالصحّة لا يخلو عن قوّة

والمحكي عن ظاهر الدروس واللمعة الصحّة (٤) ، قال فيها : فإن نقصت تخيّر بين أخذ الموجود منها بحصّته (٥) من الثمن وبين الفسخ (٦) ، لتبعّض الصفقة. وربما يحكى عن المبسوط ، والمحكيّ (٧) خلافه (٨) ، ولا يخلو عن قوّة وإن كان في تعيينه نظر ، لا لتدارك الغرر (٩) بالخيار ؛ لما عرفت غير مرّة : من أنّ الغرر إنّما يلاحظ في البيع مع قطع النظر‌

__________________

(١) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٧٤ ، ولا توجد عندنا حواشي الشهيد.

(٢) مثل العلاّمة في التذكرة ١ : ٤٦٩ ، وحكاه عنه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٧٤ ، وفيه : إذا علما اشتمالها على ذلك.

(٣) الروضة البهيّة ٣ : ٢٦٧.

(٤) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٧٤ ، وراجع الدروس ٣ : ٢٠١ و ٢٣٩ ، واللمعة : ١١٣ ، والعبارة منقولة من اللمعة وشرحها (الروضة البهيّة) ٣ : ٢٦٧.

(٥) كذا في «ن» و «خ» ، وفي سائر النسخ : بحصّة.

(٦) إلى هنا كلام الشهيد ، والتعليل من المؤلف قدس‌سره.

(٧) في «ش» : عن المبسوط والخلاف.

(٨) حكى خلافه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٧٤ ، كما حكى الصحّة عن ظاهر الدروس واللمعة في نفس ذلك الموضع ، فراجع ، وانظر المبسوط ٢ : ١٥٢ ، وإيضاح الفوائد ١ : ٤٣٠.

(٩) كذا في «ف» ونسخة بدل «ش» ، وفي سائر النسخ : الضرر.

٢٦٨

عن الخيار الذي هو من أحكام العقد ، فلا يرتفع به الغرر الحاصل عند العقد ، بل لمنع الغرر.

وإن قيل (١) : عدم العلم بالوجود من أعظم أفراد الغرر.

قلنا : نعم ، إذا بني العقد على جعل الثمن في مقابل الموجود. وأمّا إذا بني على توزيع الثمن على مجموع المبيع الغير المعلوم الوجود (٢) بتمامه فلا غرر عرفاً ، وربما يحتمل الصحّة مراعىً بتبيّن اشتمالها عليه.

وفيه : أنّ الغرر إن ثبت حال البيع لم ينفع تبيّن الاشتمال.

الأوفق عدم الصحّة في موارد الغرر

هذا ، ولكن الأوفق بكلماتهم في موارد الغرر عدم الصحّة ، إلاّ (٣) مع العلم بالاشتمال ، أو الظنّ الذي يتعارف الاعتماد عليه ولو كان من جهة استصحاب الاشتمال.

لو باع الصبرة كلّ قفيزٍ بكذا مع جهالة المقدار

وأمّا الرابع مع الجهالة وهو بيعها كلّ قفيز بكذا فالمحكيّ عن جماعة (٤) المنع.

وعن ظاهر إطلاق المحكيّ من عبارتي المبسوط والخلاف أنّه لو‌

__________________

(١) في غير «ش» : «وقيل» ، وفي مصحّحة «ص» : «ولو قيل» ، والقائل صاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٤٢٣.

(٢) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» و «ص» ، وفي سائر النسخ : الموجود.

(٣) في «ف» بدل «إلاّ» : لا.

(٤) كالمحقّق في الشرائع ٢ : ٣٤ ، والعلاّمة في التذكرة ١ : ٤٦٩ ، والشهيد في الدروس ٣ : ١٩٥ ، ونسبه المحقّق السبزواري (في الكفاية : ٩٠) إلى المشهور.

٢٦٩

قال : «بعتك هذه الصبرة كلّ قفيز بدرهم» صحّ البيع (١).

قال في الخلاف : «لأنّه لا مانع منه ، والأصل جوازه». وظاهر إطلاقه يعمّ صورة الجهل بالاشتمال.

وعن الكفاية : نفي البُعد عنه (٢) ؛ إذ المبيع معلوم بالمشاهدة ، والثمن ممّا يمكن أن يعرف ، بأن تكال الصبرة ويوزّع الثمن على قفزاتها ، قال (٣) : وله نظائر ذكر جملة منها في التذكرة (٤).

وفيه نظر.

__________________

(١) المبسوط ٢ : ١٥٢ ، والخلاف ٣ : ١٦٢ ، كتاب البيع ، المسألة ٢٥٩ ، وحكاه عنهما السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٧٦.

(٢) كفاية الأحكام : ٩٠.

(٣) ظاهر السياق رجوع ضمير «قال» إلى صاحب الكفاية ، وليس الأمر كذلك. بل العبارات من قوله «وأمّا الرابع إلى وفيه نظر» من مفتاح الكرامة (انظر مفتاح الكرامة ٤ : ٢٧٦).

(٤) التذكرة ١ : ٤٦٩.

٢٧٠

مسألة

هل تكفي مشاهدة العين سابقاً أم لا؟

إذا شاهد عيناً في زمان سابق على العقد عليها ، فإن اقتضت العادة تغيّرها عن صفاتها (١) السابقة إلى غيرها المجهول عند المتبايعين ، فلا يصحّ البيع إلاّ بذكر صفات تصحّح بيع الغائب ؛ لأنّ الرؤية القديمة غير نافعة.

وإن اقتضت العادة بقاءها عليها فلا إشكال في الصحّة ، ولا خلاف أيضاً إلاّ من بعض الشافعيّة (٢).

وإن احتمل الأمران جاز الاعتماد على أصالة عدم التغيّر (٣) والبناء عليها في العقد ، فيكون نظير إخبار البائع بالكيل والوزن ؛ لأنّ الأصل من الطرق التي يتعارف التعويل عليها.

__________________

(١) الضمائر الراجعة إلى «العين» وردت في غير «ش» مذكّرة ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٢) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٨٠ ، عن الأنماطي من الشافعيّة.

(٣) في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» : التغيير ، وصحّح في «ن» بما في المتن.

٢٧١

ولو فرضناه في مقام لا يمكن التعويل عليه (١) لحصول أمارة على خلافه (٢) ، فإن بلغت قوّة الظنّ حدّا يلحقه بالقسم الأوّل وهو ما اقتضى العادة تغيّره لم يجز البيع ، وإلاّ جاز مع ذكر تلك الصفات ، لا بدونه ؛ لأنّه لا ينقص عن الغائب الموصوف الذي يجوز بيعه بصفات لم يشاهد عليها ، بل يمكن القول بالصحّة في القسم الأوّل إذا لم يفرض كون ذكر الصفات مع اقتضاء العادة عدمها لغواً. لكن هذا كلّه خارج عن البيع بالرؤية القديمة.

إذا باع أو اشترى برؤيةٍ قديمة فانكشف التغيّر

وكيف كان ، فإذا باع أو اشترى برؤية قديمة فانكشف التغيّر تخيّر المغبون وهو البائع إن تغيّر (٣) إلى صفات زادت في ماليّته ، والمشتري إن نقصت عن تلك الصفات لقاعدة «الضرر» ، ولأنّ الصفات المبنيّ عليها في حكم الصفات المشروطة ، فهي من قبيل تخلّف الشرط ، كما أشار إليه في نهاية الإحكام والمسالك بقولهما : الرؤية بمثابة الشرط في الصفات الكائنة في المرئيّ ، فكلّ ما فات منها فهو بمثابة التخلّف في الشرط (٤) ، انتهى.

وتوهّم : أنّ الشروط إذا لم تُذكر في متن العقد لا عبرة بها ، فما (٥) نحن فيه من قبيل ما لم يذكر من الشروط في متن العقد ، مدفوع‌

__________________

(١) في غير «ش» : «عليها» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٢) في غير «ش» : «خلافها» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٣) في «ف» ومصحّحة «ن» : تغيّرت.

(٤) نهاية الإحكام ٢ : ٥٠١ ، المسالك ٣ : ١٧٨.

(٥) في مصحّحة «ن» : وما.

٢٧٢

بأنّ الغرض من ذكر الشروط في العقد صيرورتها مأخوذةً فيه حتّى لا يكون العمل بالعقد بدونها وفاءً بالعقد. والصفات المرئيّة سابقاً حيث إنّ البيع لا يصحّ إلاّ مبنيّاً عليها كانت (١) دخولها في العقد أولى من دخول الشرط المذكور على وجه الشرطيّة ؛ ولذا لو لم يبن البيع عليها ولم يلاحظ وجودها في البيع كان البيع باطلاً ، فالذكر اللفظي إنّما يحتاج إليه في شروط خارجة لا يجب ملاحظتها في العقد.

واحتمل في نهاية الإحكام البطلان (٢). ولعلّه لأنّ المضيّ على البيع وعدم نقضه عند تبيّن الخلاف إن كان وفاءً بالعقد وجب ، فلا خيار. وإن لم يكن وفاءً لم يدلّ دليل على جوازه. وبعبارة اخرى : العقد إذا وقع على الشي‌ء الموصوف انتفى متعلّقه بانتفاء صفته ، وإلاّ فلا وجه للخيار مع أصالة اللزوم.

ويضعّفه : أنّ الأوصاف الخارجة عن حقيقة المبيع إذا اعتبرت فيه عند البيع إمّا ببناء العقد عليها ، وإمّا بذكرها في متن العقد لا تعدّ (٣) مقوّماتٍ للعقد كما أنّها ليست (٤) مقوّمات المبيع ، ففواتها فوات حقٍّ للمشتري ثبت بسببه الخيار ؛ دفعاً لضرر الالتزام بما لم يقدم عليه. وتمام الكلام في باب الخيارات إن شاء الله.

__________________

(١) في مصحّحة «ن» : كان.

(٢) نهاية الإحكام ٢ : ٥٠١.

(٣) في «ش» زيادة : «من».

(٤) في «ش» زيادة : «من».

٢٧٣

فرعان :

الأوّل

لو اختلفا في التغيّر

الاستدلال على تقديم قول المشتري بوجوهٍ ثلاثة :

لو اختلفا في التغيير (١) فادّعاه المشتري ، ففي المبسوط (٢) والتذكرة (٣) والإيضاح (٤) والدروس (٥) وجامع المقاصد (٦) والمسالك (٧) : تقديم قول المشتري ؛ لأنّ يده على الثمن ، كما في الدروس (٨) ، وهو راجع إلى ما في المبسوط (٩) والسرائر (١٠) : من أنّ المشتري هو الذي ينتزع منه الثمن ، ولا ينتزع منه إلاّ بإقراره أو بيّنةٍ (١١) تقوم عليه ، انتهى.

الوجه الاوّل

وتبعهما (١٢) العلاّمة أيضاً في صورة الاختلاف في أوصاف المبيع‌

__________________

(١) كذا في النسخ ، والظاهر : «التغير» كما في مصحّحة «ن».

(٢) المبسوط ٢ : ٧٧.

(٣) التذكرة ١ : ٤٦٨.

(٤) إيضاح الفوائد ١ : ٤٣٢.

(٥) الدروس ٣ : ١٩٩.

(٦) جامع المقاصد ٤ : ١٠٩.

(٧) المسالك ٣ : ١٧٨.

(٨) الدروس ٣ : ١٩٩.

(٩) و (٩) المبسوط ٢ : ٧٧.

(١٠) السرائر ٢ : ٢٤٣.

(١١) في «م» ، «ع» ، «ص» و «ش» : ببيّنة.

(١٢) في غير «ف» : «تبعه» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

٢٧٤

الموصوف إذا لم يسبقه رؤية (١) ، حيث تمسّك بأصالة براءة ذمّة المشتري من الثمن ، فلا يلزمه ما لم يقرَّ بِه أو يثبت (٢) بالبيّنة.

الوجه الثاني والثالث

ولأنّ البائع يدّعي علمه بالمبيع على هذا الوصف الموجود والرضا به ، والأصل عدمه كما في التذكرة (٣).

ولأنّ الأصل عدم وصول حقّه إليه كما في جامع المقاصد (٤).

المناقشة في الوجه الأوّل

ويمكن أن يضعّف الأوّل : بأنّ يد المشتري على الثمن بعد اعترافه بتحقّق الناقل الصحيح يد أمانة ، غاية الأمر أنّه يدّعي سلطنته على الفسخ فلا ينفع تشبّثه باليد. إلاّ أن يقال : إنّ وجود الناقل لا يكفي في سلطنة البائع على الثمن ، بناءً على ما ذكره العلاّمة في أحكام الخيار من التذكرة ، ولم ينسب خلافه إلاّ إلى بعض الشافعيّة ، من عدم وجوب تسليم الثمن والمثمن في مدّة الخيار وإن تسلّم الآخر (٥) ، وحينئذٍ فالشكّ في ثبوت الخيار يوجب الشكّ في سلطنة البائع على أخذ الثمن ، فلا مدفع لهذا الوجه إلاّ أصالة عدم سبب الخيار لو تمّ ، كما سيجي‌ء.

المناقشة في الوجه الثاني

والثاني (٦) مع معارضته بأصالة عدم علم المشتري بالمبيع على وصف آخر حتّى يكون حقّا له يوجب الخيار ـ : بأنّ الشكّ في علم‌

__________________

(١) في غير «ف» : «برؤية» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٢) في غير «ش» : «ثبت» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٣) التذكرة ١ : ٤٦٧ ٤٦٨.

(٤) جامع المقاصد ٤ : ١٠٩.

(٥) التذكرة ١ : ٥٣٧.

(٦) عطف على قوله : ويضعّف الأوّل.

٢٧٥

المشتري بهذا الوصف وعلمه بغيره مسبّب عن الشكّ في وجود غير هذا الوصف سابقاً ، فإذا انتفى غيره بالأصل الذي يرجع إليه أصالة عدم تغيّر المبيع لم يجر أصالة عدم علمه بهذا الوصف.

المناقشة في الوجه الثالث

والثالث : بأنّ حقّ المشتري من نفس العين قد وصل إليه قطعاً ، ولذا يجوز له إمضاء العقد ، وثبوت حقٍّ له من حيث الوصف المفقود غير ثابت ، فعليه الإثبات ، والمرجع أصالة لزوم العقد. ولأجل ما ذكرنا قوّى بعضٌ (١) تقديم قول البائع.

بناء المسألة على أنّ الأوصاف الملحوظة حين المشاهدة هل هي كالشروط أو أنّها مأخوذة في المعقود عليه

هذا ، ويمكن بناء المسألة على أنّ بناء المتبايعين حين العقد على الأوصاف الملحوظة حين المشاهدة هل هو كاشتراطها في العقد ، فهي كشروط مضمرة في نفس المتعاقدين كما عرفت (٢) عن النهاية والمسالك ولذا لا يحصل من فقدها إلاّ خيار لمن اشترطت له ولا يلزم بطلان العقد ، أو أنّها مأخوذة في نفس المعقود عليه ، بحيث يكون المعقود عليه هو الشي‌ء المقيّد ؛ ولذا لا يجوز إلغاؤها في المعقود عليه كما يجوز إلغاء غيرها من الشروط؟

بناءً على أنّها كالشروط فالأصل مع البائع

فعلى الأوّل : يرجع النزاع في التغيّر وعدمه إلى النزاع في اشتراط خلاف هذا الوصف الموجود على البائع وعدمه ، والأصل مع البائع.

وبعبارة اخرى : النزاع في أنّ العقد وقع على الشي‌ء الملحوظ فيه الوصف المفقود ، أم لا (٣)؟ لكنّ الإنصاف : أنّ هذا البناء في حكم‌

__________________

(١) قوّاه صاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٤٣١.

(٢) راجع الصفحة ٢٧٢.

(٣) في «ف» بدل «أم لا» : وعدمه.

٢٧٦

الاشتراط من حيث ثبوت الخيار ، لكنّه ليس شيئاً مستقلا حتّى يدفع عند الشكّ بالأصل ، بل المراد به إيقاع العقد على العين الملحوظ كونه متّصفاً (١) بهذا الوصف ، وليس هنا عقدٌ على العين والتزامٌ بكونه متّصفاً (٢) بذلك الوصف ، فهو قيدٌ ملحوظٌ في المعقود عليه نظير الأجزاء ، لا شرطٌ ملزمٌ (٣) في العقد ؛ فحينئذٍ يرجع النزاع إلى وقوع العقد على ما ينطبق على الشي‌ء الموجود حتّى يلزم الوفاء وعدمه ، والأصل عدمه.

ودعوى : معارضته بأصالة عدم وقوع العقد على العين المقيّدة بالوصف المفقود ليثبت الجواز ، مدفوعةٌ : بأنّ عدم وقوع العقد على العين المقيّدة لا يثبت جواز العقد الواقع إلاّ بعد إثبات وقوع العقد على العين الغير المقيّدة بأصالة عدم وقوع العقد على المقيّدة ، وهو غير جائزٍ كما حقّق في الأُصول (٤).

بناءً على أنّها مأخوذة في المعقود عليه فالاصل مع المشتري

وعلى الثاني (٥) : يرجع النزاع إلى وقوع العقد (٦) والتراضي على الشي‌ء المطلق بحيث يشمل الموصوف بهذا الوصف الموجود وعدمه ،

__________________

(١) كذا ، والمناسب : كونها متّصفة.

(٢) كذا ، والمناسب : بكونها متّصفة.

(٣) في مصحّحة «ن» : ملتزم.

(٤) حقّق ذلك في مبحث الأصل المثبت ، في التنبيه السادس من تنبيهات الاستصحاب.

(٥) وهو أن تكون الأوصاف الملحوظة حين المشاهدة مأخوذة في نفس المعقود عليه.

(٦) قال المامقاني قدس‌سره : قوله : «على ما ينطبق على الشي‌ء الموجود إلى قوله ـ : إلى وقوع العقد» مضروب عليه [أي مشطوب عليه] في نسخة المصنّف رحمه‌الله ، (غاية الآمال : ٤٧١) ، ولم ترد هذه الفقرة في «ف».

٢٧٧

والأصل مع المشتري.

ودعوى : معارضته بأصالة عدم وقوع العقد على الشي‌ء الموصوف بالصفة المفقودة ، مدفوعة : بأنّه لا يلزم من عدم تعلّقه بذاك تعلّقه بهذا حتّى يلزم على المشتري الوفاء به ، فإلزام المشتري بالوفاء بالعقد موقوف على ثبوت تعلّق العقد بهذا ، وهو غير ثابت والأصل عدمه ؛ وقد تقرّر في الأُصول : أنّ نفي أحد الضدّين بالأصل (١) لا يثبت الضدّ الآخر (٢) ليترتّب عليه حكمه.

فساد التمسّك بأصالة اللزوم

وبما ذكرنا يظهر فساد التمسّك بأصالة اللزوم ؛ حيث إنّ المبيع ملك المشتري ، والثمن ملك البائع اتّفاقاً ، وإنّما اختلافهما في تسلّط المشتري على الفسخ ، فيُنفى بما تقدّم من قاعدة اللزوم.

توضيح الفساد : أنّ الشكّ في اللزوم وعدمه من حيث الشكّ في متعلّق العقد ، فإنّا نقول : الأصل عدم تعلّق العقد بهذا الموجود حتّى يثبت اللزوم ، وهو وارد على أصالة اللزوم (٣).

والحاصل : أنّ هنا أمرين :

أحدهما : عدم تقييد (٤) متعلّق العقد بذلك الوصف المفقود وأخذه فيه. وهذا الأصل ينفع في عدم الخيار ، لكنّه غير جارٍ ؛ لعدم الحالة السابقة.

__________________

(١) لم ترد «بالأصل» في «ف».

(٢) تقرّر ذلك في مبحث الأصل المثبت.

(٣) عبارة «وهو وارد على أصالة اللزوم» لم ترد في «ف».

(٤) في «ف» : أحدهما : الشكّ في تقييد.

٢٧٨

والثاني : عدم وقوع العقد على الموصوف بذاك الوصف المفقود. وهذا جارٍ غير نافع ، نظير الشكّ في كون الماء المخلوق (١) دفعة كرّاً من أصله ، فإنّ أصالة عدم كرّيته نافعةٌ غير جارية ، وأصالة عدم وجود الكرّ جاريةٌ غير نافعة في ترتّب آثار القلّة على الماء المذكور ، فافهم واغتنم.

فساد التمسّك بالعمومات

وبما ذكرنا يظهر حال التمسّك بالعمومات المقتضية للزوم العقد الحاكمة على الأُصول العمليّة المتقدّمة ، مثل ما دلّ على حرمة أكل المال (إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) (٢) ، وعموم : «لا (٣) يحلّ مال امرئٍ مسلمٍ إلاّ عن طيب نفسه» (٤) ، وعموم : «الناس مسلّطون على أموالهم» (٥) ، بناءً على أنّها تدلّ على عدم تسلّط المشتري على استرداد الثمن من البائع ؛ لأنّ المفروض صيرورته مِلكاً له (٦) ؛ إذ لا يخفى عليك أنّ هذه العمومات مخصَّصة قد خرج عنها بحكم أدلّة الخيار المال الذي لم يدفع عوضه الذي وقع المعاوضة عليه إلى المشتري ، فإذا شكّ في ذلك فالأصل عدم دفع العوض. وهذا هو الذي تقدّم : من أصالة عدم وصول حقّ المشتري إليه ، فإنّ عدم وصول حقّه إليه يثبت موضوع‌

__________________

(١) في نسخة بدل «خ» ، «م» ، «ع» و «ش» : الخاصّ.

(٢) كآية ٢٩ من سورة النساء.

(٣) في غير «ف» : ولا.

(٤) عوالي اللآلي ٢ : ١١٣ ، الحديث ٣٠٩.

(٥) عوالي اللآلي ١ : ٢٢٢ ، الحديث ٩٩.

(٦) لم ترد «له» في «ف» و «ش».

٢٧٩

خيار تخلّف الوصف.

فإن قلت : لا دليل على كون الخارج من العمومات المذكورة معنوناً بالعنوان المذكور ، بل نقول : قد خرج من تلك العمومات المال الذي وقع المعاوضة بينه وبين ما لم ينطبق على المدفوع ، فإذا شكّ في ذلك فالأصل عدم وقوع المعاوضة المذكورة.

قلت : السبب في الخيار وسلطنة المشتري على فسخ العقد وعدم وجوب الوفاء به عليه هو عدم كون العين الخارجيّة (١) منطبقة على ما وقع العقد عليه. وبعبارة اخرى : هو عدم وفاء البائع بالعقد بدفع العنوان الذي وقع العقد عليه إلى المشتري ، لا وقوع العقد على ما لا (٢) يطابق العين الخارجيّة.

كما أنّ السبب في لزوم العقد تحقّق مقتضاه : من انتقال العين بالصفات التي وقع العقد عليها إلى ملك المشتري.

والأصل موافق للأوّل ، ومخالف للثاني. مثلاً إذا وقع العقد على العين على أنّها سمينة فبانت مهزولة ، فالموجب للخيار هو : أنّه لم ينتقل إليه في الخارج ما عُقد عليه وهو السمين ، لا وقوع العقد على السمين ، فإنّ ذلك لا يقتضي الجواز ، وإنّما المقتضي للجواز عدم انطباق العين الخارجيّة على متعلّق العقد ، ومن المعلوم أنّ عدم الانطباق هو المطابق‌

__________________

(١) في النسخ : الخارجة.

(٢) في غير «ف» : على ما يطابق ، وزيدت «لا» في أكثر النسخ تصحيحاً ، قال المامقاني قدس‌سره : والظاهر أنّ كلمة «لا» سقطت من قلم الناسخين ، (غاية الآمال : ٤٧١).

٢٨٠