كتاب المكاسب - ج ٤

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-14-1
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤١٦

للغرر ، ومن عدم تقييدهم الإخبار بإفادة الظنّ ولا المخبر بالعدالة.

رأي المصنّف في المسألة

والأقوى ؛ بناءً على اعتبار التقدير وإن لم يلزم الغرر الفعلي : هو الاعتبار (١).

نعم ، لو دار الحكم مدار الغرر كفى في صحّة المعاملة إيقاعها مبنيّةً على المقدار المخبر به وإن كان مجهولاً. ويندفع الغرر ببناء المتعاملين على ذلك المقدار ؛ فإنّ ذلك ليس بأدون من بيع العين الغائبة على أوصاف مذكورة في العقد ، فيقول : بعتك هذه الصبرة على أنّها كذا وكذا صاعاً ، وعلى كلّ تقديرٍ حكمنا فيه بالصحّة (٢).

فلو تبيّن الخلاف ، فإمّا أن يكون بالنقيصة ، وإمّا أن يكون بالزيادة.

ثبوت الخيار للمشتري لو تبين الخلاف بالنقيصة

فإن كان بالنقيصة تخيّر المشتري بين الفسخ وبين الإمضاء ، بل في جامع المقاصد : احتمال البطلان ، كما لو باعه ثوباً على أنّه كتّان فبان قطناً. ثمّ ردّه بكون ذلك من غير الجنس وهذا منه وإنّما الفائت الوصف (٣).

لكن يمكن أن يقال : إنّ مغايرة الموجود الخارجي لما هو عنوان العقد حقيقةً مغايرةٌ حقيقيّةٌ لا تشبه مغايرة الفاقد للوصف لواجده ؛

__________________

(١) في «ف» : «عدم الاعتبار» ، وفي هامش «م» زيادة : عدم.

(٢) كذا في أكثر النسخ ، وفي «ش» : «الحكم فيه بالصحّة» ، وفي هامش «ن» عن بعض النسخ : الحكم فيه الصحّة.

(٣) لا يخفى أنّ ما نقله عن جامع المقاصد من الاحتمال وردّه إنّما هو في مورد تبيّن الخلاف بالزيادة لا بالنقيصة ، فراجع جامع المقاصد ٤ : ٤٢٧.

٢٤١

لاشتراكهما في أصل الحقيقة ، بخلاف الجزء والكلّ ، فتأمّل ؛ فإنّ المتعيّن الصحّة والخيار.

تخيّل بعضٍ أنّ الثابت خيار الغبن

ثمّ إنّه قد عبّر في القواعد عن ثبوت هذا الخيار للبائع مع الزيادة وللمشتري مع النقيصة بقوله : «تخيّر المغبون» (١) ، فربما تخيّل بعضٌ تبعاً لبعضٍ (٢) أنّ هذا ليس من خيار فوات الوصف أو الجزء ؛ معلّلاً بأنّ خيار الوصف إنّما يثبت مع التصريح باشتراط الوصف في العقد.

دفع التخيّل المذكور

ويدفعه : تصريح العلاّمة في هذه المسألة من التذكرة ـ : بأنّه لو ظهر النقصان رجع المشتري بالناقص (٣). وفي باب الصرف من القواعد : بأنّه لو تبيّن المبيع على خلاف ما أخبر البائع تخيّر المشتري بين الفسخ والإمضاء بحصّةٍ معيّنة (٤) من الثمن (٥). وتصريح جامع المقاصد في المسألة الأخيرة بابتنائها على المسألة المعروفة ، وهي «ما لو باع متساوي الأجزاء على أنّه مقدار معيّن فبان أقلّ» (٦) ، ومن المعلوم أنّ الخيار في تلك المسألة إمّا لفوات الوصف ، وإمّا لفوات الجزء ، على الخلاف الآتي.

__________________

(١) القواعد ١ : ١٤٣.

(٢) لم نعثر عليه.

(٣) التذكرة ١ : ٤٧٠.

(٤) كلمة «معيّنة» من «ش».

(٥) القواعد ١ : ١٣٣.

(٦) جامع المقاصد ٤ : ١٩٨.

٢٤٢

وأمّا التعبير ب «المغبون» فيشمل البائع على تقدير الزيادة ، والمشتري على تقدير النقيصة ، نظير تعبير الشهيد في اللمعة عن البائع والمشتري في بيع العين الغائبة برؤيتها السابقة مع تبيّن الخلاف ، حيث قال : تخيّر المغبون منهما (١).

وأمّا ما ذكره : من أنّ الخيار إنّما يثبت في تخلّف الوصف إذا اشترط في متن العقد ، ففيه : أنّ ذلك في الأوصاف الخارجة التي لا يشترط اعتبارها في صحّة البيع (٢) ، ككتابة العبد وخياطته. وأمّا الملحوظ في عنوان المبيع بحيث لو لم يلاحظ لم يصحّ البيع كمقدارٍ معيّن من (٣) الكيل أو الوزن أو العدّ فهذا لا يحتاج إلى ذكره في متن العقد ، فإنّ هذا أولى من وصف الصحّة الذي يغني بناءُ العقد عليه عن ذكره في العقد ، فإنّ معرفة وجود ملاحظة الصحّة ليست من مصحّحات العقد ، بخلاف معرفة وجود المقدار المعيّن.

عدم الإشكال في كون هذا الخيار خيار التخلف

وكيف كان ، فلا إشكال في كون هذا الخيار خيار التخلّف وإنّما الإشكال في أنّ المتخلّف في الحقيقة هل هو جزء (٤) المبيع أو وصف من أوصافه؟ فلذلك اختلف في أنّ الإمضاء هل هو بجميع الثمن ، أو بحصّةٍ منه نسبتها إليه كنسبة الموجود من الأجزاء إلى المعدوم؟ وتمام الكلام في موضع تعرّض الأصحاب للمسألة.

__________________

(١) اللمعة الدمشقيّة : ١١٣.

(٢) في «ف» : العقد.

(٣) في «ف» زيادة : حيث.

(٤) في «ف» زيادة : من.

٢٤٣

كل ما يكون طريقا عرفيا إلى مقدار البيع فهو بحكم إخبار البائع

ثمّ إنّ في حكم إخبار البائع بالكيل والوزن من حيث ثبوت الخيار عند تبيّن الخلاف ، كلّ ما يكون طريقاً عرفيّاً إلى مقدار المبيع وأُوقع (١) العقد بناءً عليه ، كما إذا جعلنا الكيل في المعدود والموزون طريقاً إلى عدّه أو وزنه.

__________________

(١) في «ف» : فأُوقع.

٢٤٤

مسألة

هل يجوز بيع الثوب والأراضي مع المشاهدة

قال في الشرائع : يجوز بيع الثوب والأرض مع المشاهدة وإن لم يُمسحا ، ولو مُسحا كان أحوط ؛ لتفاوت الغرض في ذلك ، وتعذّر إدراكه بالمشاهدة (١) ، انتهى.

وفي التذكرة : لو باع مختلف الأجزاء مع المشاهدة صحّ كالثوب والدار والغنم إجماعاً (٢).

وصرّح في التحرير بجواز بيع قطيع الغنم وإن لم يعلم عددها (٣).

الاشكال في الجواز في كثير من الموارد

أقول : يشكل الحكم بالجواز في كثير من هذه الموارد ، لثبوت الغرر غالباً مع جهل أذرع الثوب وعدد قطيع الغنم. والاعتماد في عددها على ما يحصل تخميناً بالمشاهدة عين المجازفة.

وبالجملة ، فإذا فرضنا أنّ مقدار ماليّة الغنم قلّة وكثرة يعلم بالعدد فلا فرق بين الجهل بالعدد فيها وبين الجهل بالمقدار في المكيل والموزون‌

__________________

(١) الشرائع ١ : ١٨.

(٢) التذكرة ١ : ٤٧٠.

(٣) التحرير ١ : ١٧٧.

٢٤٥

والمعدود. وكذا الحكم في عدد الأذرع والطاقات في الكرابيس (١) والجربان في كثيرٍ من الأراضي المقدّرة عادةً بالجريب.

نعم ، ربما يتّفق تعارف عددٍ خاصٍّ في أذرع بعض طاقات الكرابيس ، لكن الاعتماد على هذا من حيث كونه طريقاً إلى عدد الأذرع ، نظير إخبار البائع ، وليس هذا معنى كفاية المشاهدة.

وتظهر الثمرة في ثبوت الخيار ؛ إذ على تقدير كفاية المشاهدة لا يثبت خيارٌ مع تبيّن قلّة الأذرع بالنسبة إلى ما حصل التخمين به من المشاهدة ، إلاّ إذا كان النقص عيباً أو اشترط عدداً خاصّاً من حيث الذراع (٢) طولاً وعرضاً.

المعيار دفع الغرر الشخصي

وبالجملة ، فالمعيار هنا دفع الغرر الشخصي ، إذ لم يرد هنا نصٌّ بالتقدير ليحتمل إناطة الحكم به ولو لم يكن غرر ، كما استظهرناه في المكيل والموزون ، فافهم.

__________________

(١) في «ف» : الكرباس.

(٢) في «خ» : الذرع.

٢٤٦

مسألة

الوجوه المتصوّرة في بيع بعضٍ من جملةٍ متساوية الأجزاء

بيع بعضٍ من جملةٍ متساوية الأجزاء‌ كصاعٍ من صبرةٍ مجتمعة الصيعان أو متفرّقتها ، أو ذراعٍ من كرباسٍ ، أو عبدٍ من عبدين ، وشبه ذلك يتصوّر على وجوه :

١ ـ أن يكون المراد الكسر الواقعي المشاع من الجملة

الأوّل : أن يريد (١) بذلك البعض كسراً واقعيّاً من الجملة مقدّراً (٢) بذلك العنوان ، فيريد (٣) بالصاع مثلاً من صبرةٍ تكون عشرة أصوع عُشرها ، ومن عبدٍ من العبدين نصفهما.

عدم الاشكال في الصحّة في هذه الصورة

ولا إشكال في صحّة ذلك ، ولا في كون المبيع مشاعاً في الجملة. ولا فرق بين اختلاف العبدين في القيمة وعدمه ، ولا بين العلم بعدد صيعان الصبرة وعدمه ، لأنّ الكسر مقدّرٌ بالصاع فلا يعتبر العلم بنسبته إلى المجموع.

__________________

(١) في نسخة بدل «خ» ، «م» و «ع» : يردد.

(٢) الكلمة لا تقرأ في «ف» ، وفي «ع» و «م» : مقدار.

(٣) في نسخة بدل «خ» ، «م» و «ع» : فيردّد.

٢٤٧

هذا ، ولكن قال في التذكرة : والأقرب أنّه لو قصد الإشاعة في عبد من عبدين أو شاة من شاتين بطل ، بخلاف الذراع من الأرض (١) ، انتهى. ولم يعلم وجه الفرق (٢) ، إلاّ منع ظهور الكسر المشاع من لفظ «العبد» و «الشاة».

٢ ـ أن يكون المراد البعض المردّد

الثاني : أن يراد به بعض مردّد بين ما يمكن صدقه عليه من الأفراد المتصوّرة في المجموع ، نظير تردّد الفرد المنتشر بين الأفراد ، وهذا يتّضح في صاعٍ من الصيعان المتفرّقة.

عدم الاشكال في البطلان مع اختلاف المصاديق في القيمة

ولا إشكال في بطلان ذلك مع اختلاف المصاديق في القيمة كالعبدين المختلفين ؛ لأنّه غرر ؛ لأنّ المشتري لا يعلم بما يحصل في يده منهما.

وأمّا مع اتّفاقهما في القيمة كما في الصيعان المتفرّقة ، فالمشهور أيضاً كما في كلام بعض (٣) المنع ، بل في الرياض نسبته إلى الأصحاب (٤) ، وعن المحقّق الأردبيلي قدس‌سره أيضاً نسبة المنع عن بيع ذراع من كرباس مشاهد من غير تعيين أحد طرفيه إلى الأصحاب (٥).

واستدلّ على المنع بعضهم (٦) : بالجهالة التي يبطل معها البيع إجماعاً.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٧٠.

(٢) في «ف» : للفرق.

(٣) لم نقف عليه.

(٤) الرياض ١ : ٥١٥.

(٥) حكاه عنه صاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٤٢٠ ، وراجع مجمع الفائدة ٨ : ١٨١ ١٨٢ ، وفيه : ومثل المتن أكثر عباراتهم.

(٦) كما في جامع المقاصد ٤ : ١٥٠ ، وسيجي‌ء في كلام الحلّي والشيخ.

٢٤٨

الاستدلال على المنع بالجهالة والإبهام والغرر وكون الملك محتاجاً إلى محلّ يقوم به

وآخر (١) : بأنّ الإبهام في البيع مبطلٌ له ، لا من حيث الجهالة. ويؤيّده أنّه حكم في التذكرة مع منعه عن بيع أحد العبدين المشاهدين المتساويين بأنّه لو تلف أحدهما فباع الباقي ولم يدرِ أيّهما هو ، صحّ ، خلافاً لبعض العامّة (٢). وثالثٌ (٣) : بلزوم الغرر. ورابعٌ (٤) : بأنّ الملك صفةٌ وجوديّةٌ محتاجةٌ إلى محلٍّ تقوم به كسائر الصفات الموجودة في الخارج وأحدهما على سبيل البدل غير قابل لقيامه به ؛ لأنّه أمرٌ انتزاعيٌّ من أمرين معيّنين.

الجواب عن محذور الجهالة

ويضعّف الأوّل بمنع المقدّمتين ؛ لأنّ الواحد على سبيل البدل غير مجهول ؛ إذ لا تعيّن له في الواقع حتّى يُجهل ، والمنع عن بيع المجهول ولو لم يلزم غررٌ ، غير مسلّم.

نعم ، وقع في معقد بعض الإجماعات ما يظهر منه صدق كلتا المقدّمتين.

ففي السرائر بعد نقل الرواية التي رواها في الخلاف على جواز بيع عبدٍ من عبدين قال : إنّ ما اشتملت عليه الرواية مخالفٌ لما عليه الأُمّة بأسرها ، منافٍ لأُصول مذهب أصحابنا وفتاويهم وتصانيفهم ؛ لأنّ المبيع إذا كان مجهولاً كان البيع باطلاً بغير خلاف (٥) ، انتهى.

وعن الخلاف في باب السلَم ـ : أنّه لو قال : «أشتري منك أحد‌

__________________

(١) لم نقف عليه.

(٢) لم نعثر عليه في التذكرة.

(٣) كما في كلام الشيخ الآتي في الصفحة التالية.

(٤) كما استدلّ به المحقّق النراقي في المستند ٢ : ٣٧٥.

(٥) السرائر ٢ : ٣٥٠ ، وراجع الرواية في الوسائل ١٣ : ٤٤ ، الباب ١٦ من أبواب خيار الحيوان.

٢٤٩

هذين العبدين أو هؤلاء العبيد» لم يصحّ الشراء. دليلنا : أنّه بيع مجهول فيجب أن لا يصحّ ، ولأنه بيع غرر لاختلاف قيمتي العبدين ، ولأنه لا دليل على صحّة ذلك في الشرع. وقد ذكرنا هذه المسألة في البيوع وقلنا : إنّ أصحابنا رووا جواز ذلك في العبدين ، فإن قلنا بذلك تبعنا فيه الرواية ، ولم يقس (١) غيرها عليها (٢) ، انتهى.

وعبارته المحكية في باب البيوع هي : أنّه روى أصحابنا أنّه إذا اشترى عبداً من عبدين على أنّ للمشتري أن يختار أيّهما شاء ، أنّه جائز ، ولم يرووا في الثوبين شيئاً. ثمّ قال : دليلنا إجماع الفرقة ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «المؤمنون عند شروطهم» (٣) ، انتهى.

وسيأتي أيضاً في كلام فخر الدين أنّ عدم تشخيص المبيع ، من الغرر الذي يوجب النهي عنه الفساد إجماعاً (٤).

وظاهر هذه الكلمات صدق الجهالة وكون مثلها قادحة اتّفاقاً مع فرض عدم نصٍّ ، بل قد عرفت ردّ الحلّي للنصّ المجوّز بمخالفته لإجماع الأُمّة (٥).

الجواب عن محذور الابهام

وممّا ذكرنا من منع كبرى الوجه الأوّل يظهر حال الوجه الثاني من وجوه المنع ، أعني كون الإبهام مبطلاً.

__________________

(١) كذا في النسخ ، والصواب : «ولم نقس» ، بصيغة المتكلّم كما في المصدر.

(٢) في غير «ف» : «غيرهما عليهما» ، راجع الخلاف ٣ : ٢١٧ ، كتاب السلم ، المسألة ٣٨.

(٣) الخلاف ٣ : ٣٨ ، المسألة : ٥٤ من كتاب البيوع.

(٤) الآتي في الصفحة التالية.

(٥) راجع الصفحة السابقة.

٢٥٠

الجواب عن محذور الغرر

وأمّا الوجه الثالث ، فيردّه منع لزوم الغَرَر مع فرض اتّفاق الأفراد في الصفات الموجبة لاختلاف القيمة ؛ ولذا يجوز الإسلاف في الكليّ من هذه الأفراد ، مع أنّ الانضباط في السلَم آكد. وأيضاً فقد جوّزوا بيع الصاع الكليّ من الصبرة ، ولا فرق بينهما من حيث الغرر قطعاً ؛ ولذا ردّ في الإيضاح حمل الصاع من الصبرة على الكليّ برجوعه إلى عدم تعيين المبيع الموجب للغرر المفسد إجماعاً (١).

الجواب عن كون الملك محتاجاً إلى محلٍّ يقوم به

وأمّا الرابع ، فبمنع احتياج صفة الملك إلى موجودٍ خارجيٍّ ، فإنّ الكليّ المبيع سَلَماً أو حالاّ مملوكٌ للمشتري ، ولا وجود لفردٍ منه في الخارج بصفة كونه مملوكاً للمشتري ، فالوجه أنّ الملكيّة أمرٌ اعتباريٌّ يعتبره العرف والشرع أو أحدهما في موارده ، وليست صفةً وجوديّةً متأصّلةً كالحموضة والسواد ؛ ولذا صرّحوا بصحّة الوصيّة بأحد الشيئين ، بل لأحد (٢) الشخصين ونحوهما (٣).

الانصاف عدم دليلٍ على المنع

فالإنصاف كما اعترف به جماعةٌ (٤) أوّلهم المحقّق الأردبيلي عدم دليلٍ معتبرٍ على المنع.

كلام المحقّق الاردبيلي في عدم المنع

قال في شرح الإرشاد على ما حكي عنه بعد أن حكى عن الأصحاب المنع عن بيع ذراعٍ من كرباسٍ من غير تقييد كونه من أيّ الطرفين ، قال : وفيه تأمّلٌ ، إذ لم يقم دليلٌ على اعتبار هذا المقدار من‌

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ٤٣٠.

(٢) في غير «ف» : أحد.

(٣) ممّن صرّح بذلك العلاّمة في القواعد ١ : ٢٩٥ ، والتذكرة ٢ : ٤٨٠ ، والشهيد في الدروس ٢ : ٣٠١ و ٣٠٨.

(٤) منهم المحدّث البحراني في الحدائق ١٨ : ٤٨٠ ، ولم نعثر على غيره.

٢٥١

العلم ، فإنّهما إذا تراضيا على ذراع من هذا الكرباس من أيّ طرف أراد المشتري أو من أيّ جانب كان من الأرض ، فما المانع بعد العلم بذلك؟ (١) انتهى.

انحصار الدليل في الاجماع لو ثبت

فالدليل هو الإجماع لو ثبت ، وقد عرفت من (٢) غير واحد نسبته إلى الأصحاب.

كلام كاشف الغطاء في المسألة

قال بعض الأساطين في شرحه على القواعد بعد حكم المصنّف بصحّة بيع الذراع من الثوب والأرض ، الراجع إلى بيع الكسر المشاع قال : وإن قصدا معيّناً (٣) أو كلّياً لا على وجه الإشاعة بطل ؛ لحصول الغرر بالإبهام في الأوّل ، وكونه بيع المعدوم ، وباختلاف الأغراض في الثاني غالباً ، فيلحق به النادر ، وللإجماع المنقول فيه إلى أن قال : والظاهر بعد إمعان النظر ونهاية التتبّع أنّ الغرر الشرعي لا يستلزم الغرر العرفي وبالعكس ، وارتفاع الجهالة في الخصوصيّة قد لا يثمر مع حصولها في أصل الماهيّة ، ولعلّ الدائرة في الشرع أضيق ، وإن كان بين المصطلحين عموم وخصوص من وجهين (٤) ، وفهم الأصحاب مقدّم ؛ لأنّهم أدرى بمذاق الشارع وأعلم (٥) ، انتهى.

ولقد أجاد حيث التجأ إلى فهم الأصحاب فيما يخالف العمومات.

__________________

(١) مجمع الفائدة ٨ : ١٨٢.

(٢) في «ف» ، «ن» و «خ» : عن.

(٣) في «ش» زيادة : «من عين» وهي تصحيف «من غير تعيين» ، كما في المصدر.

(٤) قال الشهيدي قدس‌سره : «التثنية بطريق التوزيع ، يعني عموم من وجه وخصوص من وجه» (هداية الطالب : ٣٨٤).

(٥) شرح القواعد (مخطوط) : الورقة ٩٠ ٩١ ، ذيل قول العلاّمة : وإن قصدا معيّناً.

٢٥٢

فرع :

لو اتّفقا على عدم إرادة الكسر المشاع

على المشهور من المنع ، لو اتّفقا على أنّهما أرادا غير شائعٍ لم يصحّ البيع ؛ لاتّفاقهما على بطلانه.

لو اختلفا فادّعى المشتري الإشاعة وقال البائع : أردت معيّناً

ولو اختلفا فادّعى المشتري الإشاعة فيصحّ البيع ، وقال البائع : أردت معيّناً ، ففي التذكرة : الأقرب قبول قول المشتري ؛ عملاً بأصالة الصحّة وأصالة عدم التعيين (١) ، انتهى.

وهذا حسن لو لم يتسالما على صيغة ظاهرة في أحد المعنيين ، أمّا معه فالمتّبع (٢) هو الظاهر ، وأصالة الصحّة لا تصرف الظواهر (٣). وأمّا أصالة عدم التعيين فلم أتحقّقها.

وذكر بعض من قارب عصرنا (٤) : أنّه لو فرض للكلام ظهور في عدم (٥) الإشاعة كان حمل الفعل على الصحّة قرينة صارفة. وفيه نظر.

٣ ـ أن يكون المبيع الكلّي في المعيّن

الثالث من وجوه بيع البعض من الكلّ : أن يكون المبيع طبيعة كلّية منحصرة المصاديق‌ في الأفراد المتصوّرة في تلك الجملة.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٧٠.

(٢) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : «فالمنع» ، وكذا أثبته المامقاني قدس‌سره في غاية الآمال : ٤٦٧.

(٣) في «ف» : لا تضرّ بالظواهر.

(٤) لم نقف عليه.

(٥) لم ترد «عدم» في «ف».

٢٥٣

الفرق بين الوجه الثاني والثالث

والفرق بين هذا الوجه والوجه الثاني‌ كما حقّقه في جامع المقاصد بعد التمثيل للثاني بما إذا فرّق الصيعان ، وقال : بعتك أحدها ـ : أنّ المبيع هناك (١) واحدٌ من الصيعان المتميّزة المتشخّصة غير معيّنٍ (٢) ، فيكون بيعه مشتملاً على الغرر. وفي هذا الوجه أمر كليٌ غير متشخّصٍ ولا متميّزٍ بنفسه ، ويتقوّم بكلّ واحدٍ من صيعان الصبرة ويوجد به ؛ ومثله ما لو قسّم الأرباع وباع ربعاً منها من غير تعيين. ولو باع ربعاً قبل القسمة صحّ وتنزّل على واحدٍ منها مشاعاً ؛ لأنّه حينئذٍ أمر كليٌ. فإن قلت : المبيع في الأُولى أيضاً أمر كليٌ. قلنا : ليس كذلك ، بل هو واحدٌ من تلك الصيعان المتشخّصة ، مبهم بحسب صورة العبارة ، فيشبه الأمر الكليّ ، وبحسب الواقع جزئيٌّ غير معيّن ولا معلوم. والمقتضي لهذا المعنى هو تفريق الصيعان ، وجعل كلّ واحد منها (٣) برأسه ، فصار إطلاق أحدها منزَّلاً على شخصيٍّ غير معلوم ، فصار كبيع أحد الشياه وأحد العبيد. ولو أنّه قال : بعتك صاعاً من هذه شائعاً في جملتها ، لحكمنا بالصحّة (٤) ، انتهى.

حاصل الفرق

وحاصله : أنّ المبيع مع الترديد جزئيٌّ حقيقيٌّ ، فيمتاز عن المبيع الكليّ الصادق على الأفراد المتصوّرة في تلك الجملة.

__________________

(١) في غير «ش» : «هنا» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٢) كذا في «ش» ، وفي «ف» : «غير متعيّن» ، وفي «ص» : «من غير تعيين» ، وفي سائر النسخ : «من غير متعيّن» ، وشطب في «ن» على «من».

(٣) كذا ، والظاهر سقوط كلمةٍ هنا ، مثل : «شخصاً» ، كما أشار إليه مصحّح «ص».

(٤) جامع المقاصد ٤ : ١٠٣.

٢٥٤

بيان الفرق في الايضاح

وفي الإيضاح : أنّ الفرق بينهما هو الفرق بين الكليّ المقيّد بالوحدة وبين الفرد المنتشر (١).

الظاهر صحّة بيع الكلّي في المعيّن بل عدم الخلاف فيه

ثمّ الظاهر صحّة بيع الكليّ بهذا المعنى ، كما هو صريح جماعةٍ ، منهم الشيخ (٢) والشهيدان (٣) والمحقّق الثاني (٤) وغيرهم (٥) ، بل الظاهر عدم الخلاف فيه وإن اختلفوا في تنزيل الصاع من الصبرة على الكليّ أو الإشاعة.

ظاهر الإيضاح وجود الخلاف في ذلك

لكن يظهر ممّا عن الإيضاح وجود الخلاف في صحّة بيع الكليّ وأنّ منشأ القول بالتنزيل على الإشاعة هو بطلان بيع الكليّ بهذا المعنى ، والكليّ الذي يجوز بيعه هو ما يكون في الذمّة.

كلام فخر الدين في بطلان بيع الكلّي في المعيّن

قال في الإيضاح في ترجيح التنزيل على الإشاعة : إنّه لو لم يكن مشاعاً لكان غير معيّن ، فلا يكون معلوم العين ، وهو الغرر الذي يدلّ النهي عنه على الفساد إجماعاً ، ولأنّ أحدهما بعينه لو وقع البيع عليه ترجّح (٦) من غير مرجّح ، ولا بعينه هو المبهم ، وإبهام المبيع مبطل (٧) ، انتهى.

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ٤٣٠.

(٢) المبسوط ٢ : ١٥٢ ١٥٣ ، والخلاف ٣ : ١٦٢ ١٦٣ ، كتاب البيوع ، المسألة ٢٥٩ و ٢٦٠.

(٣) اللمعة وشرحها (الروضة البهيّة) ٣ : ٢٦٧ ٢٦٨.

(٤) جامع المقاصد ٤ : ١٠٣ و ١٠٥.

(٥) كالسيّد الطباطبائي في الرياض ١ : ٥١٥ ، والمحقّق النراقي في المستند ٢ : ٣٧٦ ٣٧٧ ، وراجع مفتاح الكرامة ٤ : ٢٧٤ ٢٧٥.

(٦) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : ترجيح.

(٧) إيضاح الفوائد ١ : ٤٣٠.

٢٥٥

تبعيّة صاحب الجواهر لفخر الدين

وتبعه بعض المعاصرين (١) مستنداً تارةً إلى ما في الإيضاح من لزوم الإبهام والغرر ، وأُخرى إلى عدم معهوديّة ملك الكليّ في غير الذمّة لا على وجه الإشاعة ، وثالثةً باتّفاقهم على تنزيل الأرطال المستثناة من بيع الثمرة على الإشاعة.

الردّ على أدلّة البطلان

ويردّ الأوّل : ما عرفت من منع الغرر في بيع الفرد المنتشر ، فكيف نسلّم في الكليّ.

والثاني : بأنّه معهود في الوصيّة والإصداق ؛ مع أنّه لم يفهم مراده من المعهوديّة ، فإنّ أنواع الملك بل كلّ جنس لا يعهد تحقّق أحدها في مورد الآخر ، إلاّ أن يراد منه عدم وجود موردٍ يقينيٍّ (٢) حكم فيه الشارع بملكيّة الكليّ المشترك بين أفراد موجودة ، فيكفي (٣) في ردّه النقض بالوصيّة وشبهها.

هذا كلّه مضافاً إلى صحيحة الأطنان الآتية (٤) ، فإنّ موردها إمّا بيع الفرد المنتشر ، وإمّا بيع الكليّ في الخارج.

وأمّا الثالث : فسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى (٥).

__________________

(١) وهو صاحب الجواهر في الجواهر ٢٣ : ٢٢٢ ٢٢٣.

(٢) في «ف» : متيقّن.

(٣) في «ف» : فيكفي فيه حينئذٍ.

(٤) ستأتي في الصفحة الآتية.

(٥) في الصفحة ٢٦١.

٢٥٦

مسألة‌

لو باع صاعاً من صبرة ، فهل ينزّل على الكسر المشاع أو الكليّ في المعيّن؟

لو باع صاعاً من صبرة ، فهل ينزّل على الوجه الأوّل من الوجوه الثلاثة المتقدّمة أعني : الكسر المشاع أو على الوجه الثالث وهو الكليّ ، بناءً على المشهور من صحّته؟ وجهان ، بل قولان ، حكي ثانيهما عن الشيخ (١) والشهيدين (٢) والمحقّق الثاني (٣) وجماعة (٤).

استدلال جامع المقاصد للحمل على الكلّي

واستدلّ له في جامع المقاصد : بأنّه السابق إلى الفهم ، وبرواية بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «عن رجل‌

__________________

(١) حكاه فخر المحقّقين في الإيضاح ١ : ٤٣٠ ، وراجع المبسوط ٢ : ١٥٢ ، فصل في بيع الصبرة وأحكامها.

(٢) الدروس ٣ : ٢٠١ ، والروضة البهيّة ٣ : ٢٦٨ ، والمسالك ٣ : ١٧٦ ، وحكاه عنهما وعمّن بعدهما السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٧٥.

(٣) جامع المقاصد ٤ : ١٠٥.

(٤) منهم : المحقّق السبزواري في الكفاية : ٩٠ ، والشيخ الكبير كاشف الغطاء في شرحه على القواعد (مخطوط) : الورقة ٩١ ، والسيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٧٥.

٢٥٧

اشترى (١) عشرة آلاف طُنّ من أنبار بعضه على بعض من أجمة واحدة ، والأنبار فيه ثلاثون ألف طُنّ ، فقال البائع : قد بعتك من هذا القصب عشرة آلاف طُنّ. فقال المشتري : قد قبلت واشتريت ورضيت ، فأعطاه المشتري من ثمنه ألف درهم ، ووكّل من يقبضه ، فأصبحوا وقد وقع في القصب نار فاحترق منه عشرون ألف طُنّ وبقي عشرة آلاف طُنّ ، فقال عليه‌السلام : العشرة آلاف طُنّ التي بقيت هي للمشتري ، والعشرون التي احترقت من مال البائع (٢).

الجواب عمّا استدلّ به في جامع المقاصد

ويمكن دفع الأوّل : بأنّ مقتضى الوضع في قوله : «صاعاً من صبرة» هو الفرد المنتشر الذي عرفت سابقاً (٣) أنّ المشهور بل الإجماع على بطلانه. ومقتضى المعنى العرفي هو المقدار المقدّر بصاع ، وظاهره حينئذٍ الإشاعة ، لأنّ المقدار المذكور من مجموع الصبرة مشاع فيه.

وأمّا الرواية فهي أيضاً ظاهرة في الفرد المنتشر ، كما اعترف به في الرياض (٤).

الانصاف أنّ العرف يفهمون الكلّي

لكنّ الإنصاف : أنّ العرف يعاملون في البيع المذكور معاملة الكليّ فيجعلون الخيار في التعيين إلى البائع ، وهذه أمارة فهمهم الكليّ.

__________________

(١) أثبتنا متن الحديث طبقاً لما ورد في أكثر النسخ ، ولم نتعرّض لبعض الاختلافات الموجودة في «ص» و «ش» ، علماً بأنّها تصحيحات أُجريت على أساس التطبيق مع المصدر.

(٢) الوسائل ١٢ : ٢٧٢ ، الباب ١٩ من أبواب عقد البيع وشروطه.

(٣) راجع الصفحة ٢٤٧ ٢٤٨.

(٤) الرياض ١ : ٥١٥.

٢٥٨

وأمّا الرواية ، فلو فرضنا ظهورها في الفرد المنتشر فلا بأس بحملها على الكليّ لأجل القرينة الخارجيّة ، وتدلّ على عدم الإشاعة من حيث الحكم ببقاء المقدار المبيع وكونه مالاً للمشتري.

الحمل على الكلّي لايخلو عن قوّة

فالقول الثاني لا يخلو من قوّة ، بل لم نظفر بمن جزم بالأوّل وإن حكاه في الإيضاح قولاً (١).

ما يتفرّع على كون المبيع كليّاً :

ثمّ إنّه يتفرّع على المختار من كون المبيع كلّياً أُمور :

١

ـ كون التخيير في تعيينه بيد البائع

أحدها : كون التخيير في تعيينه بيد البائع ؛ لأنّ المفروض أنّ المشتري لم يملك إلاّ الطبيعة المعرّاة عن التشخّص الخاصّ ، فلا يستحقّ على البائع خصوصيّة فإذا طالب بخصوصيّة زائدة على الطبيعة فقد طالب ما (٢) ليس حقّا له. وهذا جارٍ في كلّ من ملك كلّياً في الذمّة أو في الخارج ، فليس لمالكه اقتراح الخصوصيّة على من عليه الكليّ ؛ ولذا كان اختيار التعيين بيد الوارث إذا أوصى الميّت لرجل بواحد من متعدّد يملكه الميّت ، كعبدٍ من عبيده ونحو ذلك.

إلاّ أنّه قد جزم المحقّق القمّي قدس‌سره في غير موضعٍ من أجوبة مسائله ـ : بأنّ الاختيار في التعيين بيد المشتري (٣) ، ولم يعلم له وجه مصحّح ، فيا ليته قاس ذلك على طلب الطبيعة! حيث إنّ الطالب لمّا ملك الطبيعة على المأمور واستحقّها منه لم يجز له بحكم العقل مطالبة خصوصيّة دون اخرى ، وكذلك مسألة التمليك كما لا يخفى.

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ٤٣٠.

(٢) في غير «ف» : بما.

(٣) منها ما قاله في جامع الشتات ٢ : ٩٥ ، المسألة : ٧٢.

٢٥٩

وأمّا على الإشاعة : فلا اختيار لأحدهما ، لحصول الشركة ، فيحتاج القسمة إلى التراضي.

٢ ـ انحصار حقّ المشتري في مصداق الطبيعة لو بقي بعد تلف البعض الآخر

ومنها : أنّه لو تلف بعض الجملة وبقي مصداق الطبيعة انحصر حقّ المشتري فيه ، لأنّ كلّ فرد من أفراد الطبيعة وإن كان قابلاً لتعلّق ملكه به بخصوصه ، إلاّ أنّه يتوقّف على تعيين مالك المجموع وإقباضه ، فكلّ ما تلف قبل إقباضه خرج عن قابليّة ملكيّته للمشتري (١) فعلاً (٢) فينحصر في الموجود. وهذا بخلاف المشاع ، فإنّ ملك المشتري فعلاً (٣) ثابت في كلّ جزءٍ من المال من دون حاجة إلى اختيارٍ وإقباض ، فكلّ ما يتلف من المال فقد تلف من المشتري جزء بنسبة حصّته.

٣ ـ لو باع من شخص آخر صاعاً كليّاً آخر فإذا بقي صاعٌ واحد كان للأوّل

ومنها : أنّه (٤) لو فرضنا أنّ البائع بعد ما باع صاعاً من الجملة باع من شخص آخر صاعاً كليّاً آخر ، فالظاهر أنّه إذا بقي صاع واحد كان للأوّل ، لأنّ الكليّ المبيع ثانياً إنّما هو سارٍ في مال البائع وهو ما عدا الصاع من الصبرة ، فإذا تلف ما عدا الصاع فقد تلف جميع ما كان الكليّ فيه سارياً فقد تلف المبيع الثاني قبل القبض ، وهذا بخلاف ما لو قلنا بالإشاعة.

صور إقباض الكلي

ثمّ اعلم : أنّ المبيع إنّما يبقى كلّياً ما لم يقبض. وأمّا إذا قُبض ، فإن قُبض منفرداً عمّا عداه كان مختصّاً بالمشتري ، وإن قبض في ضمن الباقي بأن أقبضه البائع مجموع الصبرة فيكون بعضه وفاءً ، والباقي‌

__________________

(١) في «ف» : «ملك المشتري».

(٢) في «ف» ونسخة بدل «م» و «ع» : مثلاً.

(٣) في «ف» ونسخة بدل «م» و «ع» : مثلاً.

(٤) عبارة «منها أنّه» من «ش» وهامش «ن».

٢٦٠