كتاب المكاسب - ج ٤

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-14-1
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤١٦

والمعوّض ؛ لأنّ الدية عوض شرعي عمّا فات بالجناية ، لا عن رقبة العبد. وتمام الكلام في محلّه.

٥ ـ إذا لحقت بدار الحرب ثمّ استرقّت

ومنها (١) : ما إذا لحقت بدار الحرب ثمّ استرقّت ، حكاه في الروضة (٢). وكذا لو أسرها المشركون ثمّ استعادها المسلمون فكأنه فيما إذا (٣) أسرها غير مولاها فلم يثبت كونها أمة المولى إلاّ بعد القسمة ، وقلنا بأنّ القسمة لا تنقص (٤) ويغرم الإمام قيمتها لمالكها لكن المحكيّ عن الأكثر والمنصوص : أنّها تردّ على مالكها ، ويغرم قيمتها للمقاتلة (٥).

٦ ـ إذا خرج مولاها عن الذمّة

ومنها (٦) : ما إذا خرج مولاها عن الذمّة‌ وملكت أموالُه التي هي منها.

__________________

(١) هذا هو المورد السادس من موارد القسم الأوّل ، المتقدّم أوّلها في الصفحة ١١٨.

(٢) الروضة البهيّة ٣ : ٢٦١.

(٣) كذا في النسخ ، إلاّ أنّ في «ف» بدل «فكأنه» : «وكأنّه» ، والعبارة كما ترى ، ولذا صحّحت في «ص» بما يلي : «فكانت فيما أسرها غير مولاها» ، وقال الشهيدي قدس‌سره بعد أن أثبت ما أثبتناه ـ : الأولى تبديل «فكأنه» إلى قوله «هذا» ، وتبديل «الفاء» ب «الواو» في قوله : «فلم يثبت» ، هداية الطالب : ٣٦٣ ٣٦٤.

(٤) في مصحّحة «ن» و «ص» : «لا تنقض» ، وهذا هو المناسب للسياق ، لكن عبارة المقابس التي هي الأصل لكلام المؤلف قدس‌سره هكذا : «ويردّ الإمام قيمة ذلك للمقاتلة لئلاّ ينقص القسمة ..» (انظر مقابس الأنوار : ١٧٤).

(٥) حكاه المحقق التستري في مقابس الأنوار : ١٧٤.

(٦) هذا هو المورد السابع من القسم الأوّل وقد تقدّم أوّله في الصفحة ١١٨.

١٤١

٧ ـ إذا كان مولاها ذميّاً وقتل مسلماً

ومنها (١) : ما إذا كان مولاها ذمّيا وقتل مسلماً ، فإنّه يدفع هو وأمواله إلى أولياء المقتول.

هذا ما ظفرت به من موارد القسم الأوّل ، وهو ما إذا عرض لُامّ الولد حقّ للغير أقوى من الاستيلاد.

موارد القسم الثاني :

وأمّا القسم الثاني (٢) : وهو ما إذا عرض لها حقّ لنفسها أولى بالمراعاة من حقّ الاستيلاد ، فمن موارده :

١ ـ إذا أسلمت وهي أمة ذمّي

ما إذا أسلمت وهي أمة ذمّي ، فإنّها تباع عليه ؛ بناءً على أنّ حقّ إسلامها المقتضي لعدم سلطنة الكافر عليها أولى من حقّ الاستيلاد المعرِّض للعتق. ولو فرض تكافؤ دليلهما كان المرجع عمومات صحّة البيع دون قاعدة «سلطنة الناس على أموالهم» المقتضية لعدم جواز بيعها عليه ؛ لأنّ المفروض : أنّ قاعدة «السلطنة» قد ارتفعت بحكومة أدلّة نفي سلطنة الكافر على المسلم (٣) ، فالمالك ليس مسلّطاً قطعاً ، ولا حقّ له في عين الملك جزماً.

إنّما الكلام في تعارض حقّي أُمّ الولد من حيث كونها مسلمة فلا يجوز كونها مقهورة بيد الكافر ، ومن حيث كونها في معرض العتق فلا يجوز إخراجها عن هذه العرضة. والظاهر أنّ الأوّل أولى ؛ للاعتبار ، وحكومة قاعدة «نفي السبيل» على جُلّ القواعد ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) هذا هو المورد الثامن من القسم الأوّل وقد تقدّم أوّله في الصفحة ١١٨.

(٢) من أقسام المواضع المستثناة من قاعدة المنع عن بيع أُمّ الولد ، راجع المقسم في الصفحة ١١٨.

(٣) منها الآية الشريفة : «لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلكافِرينَ عَلى المُؤْمِنينَ سَبيلاً». النساء : ١٤١.

١٤٢

«الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» (١).

وممّا ذكرنا ظهر : أنّه لا وجه للتمسّك باستصحاب المنع قبل إسلامها ؛ لأنّ الشكّ إنّما هو في طروّ ما هو مقدّم على حقّ الاستيلاد والأصل عدمه (٢) ، مع إمكان معارضة الأصل بمثله لو فرض في بعض الصور تقدّم الإسلام على المنع عن البيع. و (٣) مع إمكان دعوى ظهور قاعدة «المنع» في عدم سلطنة المالك وتقديم حقّ الاستيلاد على حقّ الملك ، فلا ينافي تقديم حقٍّ آخر لها على هذا الحقّ.

٢ ـ إذا عجز مولاها عن نفقتها

ومنها (٤) : ما إذا عجز مولاها عن نفقتها ولو بكسبها (٥) ، فتباع (٦) على من ينفق عليها ، على ما حكي (٧) عن اللمعة (٨) وكنز العرفان (٩) وأبي العباس (١٠) والصيمري (١١) والمحقّق الثاني (١٢).

__________________

(١) الوسائل ١٧ : ٣٧٦ ، الباب الأوّل من أبواب موانع الإرث ، الحديث ١١.

(٢) التعليل بيان لجريان الاستصحاب ، لا لعدم الوجه في جريانه.

(٣) لم ترد «و» في «ف».

(٤) المورد الثاني من القسم الثاني.

(٥) كذا في «ف» ونسخة بدل «ن» ، وفي سائر النسخ : في كسبها.

(٦) في غير «ص» و «ش» : فباع.

(٧) حكاه المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٧٦.

(٨) اللمعة الدمشقية : ١١٢.

(٩) كنز العرفان ٢ : ١٢٩.

(١٠) المهذّب البارع ٤ : ١٠٦.

(١١) غاية المرام (مخطوط) ١ : ٢٨٠.

(١٢) جامع المقاصد ٤ : ٩٩.

١٤٣

وقال في القواعد : لو عجز عن الإنفاق على أُمّ الولد أُمرت بالتكسّب ، فإن عجزت أُنفق عليها من بيت المال ، ولا يجب عتقها ، ولو كانت الكفاية بالتزويج وجب ، ولو تعذّر الجميع ففي البيع إشكال (١) ، انتهى.

وظاهره عدم جواز البيع مهما أمكن الإنفاق من مال المولى ، أو كسبها (٢) ، أو مالها (٣) ، أو عوض بُضعها ، أو وجود من يؤخذ بنفقتها ، أو بيت المال ، وهو حسن.

ومع عدم ذلك كلّه فلا يبعد المنع عن البيع أيضاً ، وفرضها كالحرّ في وجوب سدّ رمقها كفايةً على جميع من اطّلع عليها.

ولو فرض عدم ذلك أيضاً ، أو كون ذلك ضرراً عظيماً عليها ، فلا يبعد الجواز ؛ لحكومة أدلّة نفي الضرر ، ولأنّ رفع هذا عنها أولى من تحمّلها (٤) ذلك ؛ رجاء أن تنعتق من نصيب ولدها ، مع جريان ما ذكرنا أخيراً في الصورة السابقة : من احتمال ظهور أدلّة المنع في ترجيح حقّ الاستيلاد على حقّ مالكها ، لا على حقّها الآخر ، فتدبّر.

٣ ـ بيعها على من تنتعتق عليه

ومنها (٥) : بيعها على من تنعتق عليه‌ على ما حكي من الجماعة‌

__________________

(١) القواعد ٢ : ٥٩.

(٢) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : كسبه.

(٣) في «ن» : «ومالها» ، لكن شطب عليها ، ولم يثبتها المامقاني في شرحه غاية الآمال : ٤٦٠.

(٤) في غير «ف» زيادة : تحميلها خ ل.

(٥) المورد الثالث من القسم الثاني.

١٤٤

المتقدّم إليهم الإشارة (١) لأنّ فيه تعجيل حقّها.

وهو حسن لو عُلم أنّ العلّة حصول العتق ، فلعلّ الحكمة انعتاقٌ خاصّ ، اللهمّ إلاّ أن يستند إلى ما ذكرنا أخيراً في ظهور أدلّة المنع ، أو يقال : إنّ هذا عتقٌ في الحقيقة.

ويلحق بذلك بيعها بشرط العتق ، فلو لم يفِ المشتري احتمل وجوب استردادها ، كما عن الشهيد الثاني (٢). ويحتمل إجبار الحاكم أو العدول للمشتري على الإعتاق ، أو إعتاقها عليه قهراً.

وكذلك بيعها ممّن أقرّ بحرّيتها. ويشكل بأنّه إن علم المولى صدق المقرّ لم يجز له البيع وأخذ الثمن في مقابل الحرّ ، وإن علم بكذبه لم يجز أيضاً ؛ لعدم جواز بيع أُمّ الولد. ومجرّد صيرورتها حرّة على المشتري في ظاهر الشرع مع كونها ملكاً له في الواقع ، وبقائها في الواقع على صفة الرّقيّة للمشتري لا يجوّز البيع ، بل الحريّة الواقعيّة وإن تأخّرت أولى من الظاهرية وإن تعجّلت.

٤ ـ إذا مات قريبها وخلّف تركة ولم يكن له وارث سواها

ومنها (٣) : ما إذا مات قريبها وخلّف تركة ولم يكن له وارث سواها فتشترى من مولاها لتعتق (٤) وترث قريبها. وهو مختار الجماعة‌

__________________

(١) حكاه عنهم المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٧٨ ، وانظر اللمعة : ١١٢ ، وكنز العرفان ٢ : ١٢٩ ، والمهذّب البارع ٤ : ١٠٦ ، وغاية المرام (مخطوط) ١ : ٢٨٠ ، وجامع المقاصد ٤ : ٩٩.

(٢) حكاه عنه المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٧٩ ، وراجع الروضة البهيّة ٣ : ٢٦٠.

(٣) المورد الرابع من القسم الثاني.

(٤) في غير «ف» : للعتق.

١٤٥

السابقة (١) وابن سعيد في النزهة (٢) ، وحكي عن العماني (٣) وعن المهذّب : إجماع الأصحاب عليه (٤).

وبذلك يمكن ترجيح أخبار «الإرث» على قاعدة «المنع» ، مضافاً إلى ظهورها في رفع سلطنة المالك ، والمفروض هنا عدم كون البيع باختياره ، بل تباع عليه لو امتنع.

موارد القسم الثالث

١ ـ إذا كان علوقها بعد الرهن

ومن (٥) القسم الثالث (٦) وهو ما يكون الجواز لحقٍّ سابق على الاستيلاد ما (٧) إذا كان علوقها بعد الرهن ، فإنّ المحكي عن الشيخ (٨) والحليّ (٩) وابن زهرة (١٠) والمختلف (١١)

__________________

(١) منهم الشهيد في اللمعة الدمشقيّة : ١١٢ ، والسيوري في كنز العرفان ٢ : ١٢٩ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٤ : ٩٨.

(٢) نزهة الناظر : ٨٢.

(٣) حكاه عنه ابن سعيد في نزهة الناظر : ٨٢.

(٤) المهذّب البارع ٤ : ١٠٦.

(٥) في «ش» زيادة : موارد.

(٦) من أقسام المواضع المستثناة من قاعدة المنع عن بيع أُمّ الولد ، راجع المقسم في الصفحة ١١٨.

(٧) في غير «ش» : «وما» ، لكن شطب على (الواو) في : «ن» و «خ».

(٨) الخلاف ٣ : ٢٣٠ ، كتاب الرهن ، المسألة ١٩ ، والمبسوط ٢ : ٢٠٦ و ٢١٧ و ٦ : ١٨٥.

(٩) السرائر ٢ : ٤١٨.

(١٠) الغنية : ٢٤٤.

(١١) المختلف ٥ : ٤٤٠.

١٤٦

والتذكرة (١) واللمعة (٢) والمسالك (٣) والمحقّق الثاني (٤) والسيوري (٥) وأبي العباس (٦) والصيمري (٧) : جواز بيعها حينئذٍ. ولعلّه لعدم الدليل على بطلان حكم الرهن السابق (٨) بالاستيلاد اللاحق بعد تعارض أدلّة حكم الرهن ، وأدلّة المنع عن بيع أُمّ الولد في دين غير ثمنها.

خلافاً للمحكيّ عن الشرائع (٩) والتحرير (١٠) ، فالمنع مطلقاً.

وعن الشهيد في بعض تحقيقاته : الفرق بين وقوع الوطء بإذن المرتهن ، ووقوعه بدونه (١١).

٢ ـ إذا كان علوقها بعد إفلاس المولى والحجر عليه

وعن الإرشاد والقواعد : التردّد (١٢) ، وتمام الكلام في باب الرهن.

ومنها (١٣) : ما إذا كان علوقها بعد إفلاس المولى والحَجر عليه ،

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٨.

(٢) اللمعة الدمشقية : ١١٢.

(٣) المسالك ٣ : ١٧٠ ، و ٤ : ٥٠ ، و ١٠ : ٥٢٧.

(٤) جامع المقاصد ٤ : ٩٨.

(٥) كنز العرفان ٢ : ١٢٩.

(٦) المهذّب البارع ٤ : ١٠٥.

(٧) تلخيص الخلاف ٢ : ٩٦ ، المسألة ١٨ ، وفيه : وإن كان معسراً بيعت به.

(٨) لم ترد «السابق» في «ش».

(٩) الشرائع ٢ : ٨٢.

(١٠) التحرير ١ : ٢٠٧.

(١١) حكاه عنه الشهيد الثاني في المسالك ٤ : ٥٠ ، عن بعض حواشيه.

(١٢) الإرشاد ١ : ٣٩٣ ، القواعد ١ : ١٦٠.

(١٣) المورد الثاني من موارد القسم الثالث.

١٤٧

وكانت فاضلة عن المستثنيات في أداء الدين ، فتباع حينئذٍ ، كما في القواعد (١) واللمعة (٢) وجامع المقاصد (٣). وعن المهذّب (٤) وكنز العرفان (٥) وغاية المرام (٦) ؛ لما ذكر من سبق تعلّق حقّ الديّان بها ، ولا دليل على بطلانه بالاستيلاد.

وهو حسن مع وجود الدليل على تعلّق حقّ الغرماء بالأعيان. أمّا لو لم يثبت إلاّ الحجر على المفلّس في التصرّف ووجوب بيع الحاكم أمواله في الدين ، فلا يؤثّر في دعوى اختصاصها بما هو قابل للبيع في نفسه ، فتأمّل. وتمام الكلام في باب الحَجْر ، إن شاء الله.

٣ ـ إذا كان علوقها بعد جنايتها

ومنها (٧) : ما إذا كان علوقها بعد جنايتها ، وهذا (٨) في الجناية التي لا تجوّز البيع لو كانت لاحقة (٩) ، بل يلزم (١٠) المولى الفداء (١١). وأمّا لو قلنا‌

__________________

(١) القواعد ١ : ١٧٣.

(٢) اللمعة الدمشقية : ١١٢.

(٣) جامع المقاصد ٤ : ٩٩.

(٤) المهذّب البارع ٤ : ١٠٦.

(٥) كنز العرفان ٢ : ١٢٩.

(٦) غاية المرام (مخطوط) ١ : ٢٨٠ ، وحكاه عنهم المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٧٢.

(٧) المورد الثالث من موارد القسم الثالث.

(٨) في «ف» : وهذه.

(٩) في «ف» : سابقة.

(١٠) في غير «ف» و «ن» : تلزم.

(١١) في غير «ف» : بالفداء.

١٤٨

بأنّ الجناية اللاحقة أيضاً ترفع المنع لم يكن فائدة في فرض تقديمها.

٤ ـ إذا كان علوقها في زمان خيار بائعها

ومنها (١) : ما إذا كان علوقها في زمان خيار بائعها ، فإنّ المحكي عن الحلّي جواز استردادها مع كونها ملكاً للمشتري (٢). ولعلّه لاقتضاء الخيار ذلك فلا يبطله الاستيلاد.

خلافاً للعلاّمة (٣) وولده (٤) والمحقّق (٥) والشهيد الثانيين (٦) وغيرهم ، فحكموا بأنّه إذا فسخ رجع بقيمة أُمّ الولد. ولعلّه لصيرورتها بمنزلة (٧) التالف ، والفسخ بنفسه لا يقتضي إلاّ جعل العقد من زمان الفسخ كأن لم يكن ، وأمّا وجوب ردّ العين فهو من أحكامه لو لم يمتنع عقلاً أو شرعاً ، والمانع الشرعي كالعقلي.

نعم ، لو قيل : إنّ الممنوع إنّما هو نقل المالك أو النقل من قِبَله لديونه ، أمّا الانتقال (٨) عنه بسببٍ يقتضيه الدليل خارجٍ عن اختياره ، فلم يثبت ، فلا مانع شرعاً من استرداد عينها.

والحاصل : أنّ منع الاستيلاد عن استرداد بائعها لها يحتاج إلى‌

__________________

(١) المورد الرابع من القسم الثالث.

(٢) راجع السرائر ٢ : ٢٤٧ ٢٤٨ ، وحكاه عنه المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٧٢.

(٣) القواعد ١ : ١٤٤.

(٤) إيضاح الفوائد ١ : ٤٨٩.

(٥) جامع المقاصد ٤ : ٣١٣.

(٦) الروضة البهيّة ٣ : ٤٦٥ ، والمسالك ٣ : ٢٠٦.

(٧) في غير «ن» و «ش» : منزلة.

(٨) أي : منع الانتقال ، حُذف المضاف بقرينة المقام.

١٤٩

دليل مفقود. اللهمّ إلاّ أن يدّعى : أنّ الاستيلاد حقٌّ لُامّ الولد مانعٌ عن انتقالها عن ملك المولى لحقّه أو لحقّ غيره ، إلاّ أن يكون للغير حقٌّ أقوى أو سابقٌ يقتضي انتقالها ، والمفروض أنّ حقّ الخيار لا يقتضي انتقالها بقولٍ مطلق ، بل يقتضي انتقالها مع الإمكان شرعاً ، والمفروض أنّ تعلّق حقّ أُمّ الولد مانعٌ شرعاً كالعتق والبيع على القول بصحّتهما في زمان الخيار ، فتأمّل.

٥ ـ إذا كان علوقها بعد اشتراط أداء مال الضمان منها

ومنها (١) : ما إذا كان علوقها بعد اشتراط أداء مال الضمان منها ، بناءً على ما استظهر الاتّفاق عليه : من جواز اشتراط الأداء من مالٍ معيّن (٢) ، فيتعلّق به حقّ المضمون له ، وحيث فرض سابقاً على الاستيلاد فلا يزاحم به على قولٍ محكيٍّ في الروضة (٣).

٦ ـ إذا كان علوقها بعد نذر جعلها صدقةً

ومنها (٤) : ما إذا كان علوقها بعد نذر جَعلها صدقةً إذا كان النذر مشروطاً بشرط لم يحصل قبل الوطء ثمّ حصل بعده ، بناءً على ما ذكروه من خروج المنذور كونها صدقةً عن ملك الناذر بمجرّد النذر في المطلق وبعد حصول الشرط في المعلّق ، كما حكاه صاحب المدارك عنهم في باب الزكاة (٥).

ويحتمل كون استيلادها كإتلافها ، فيحصل الحنث ويستقرّ القيمة ؛ جمعاً بين حقّي أُمّ الولد والمنذور له.

__________________

(١) المورد الخامس من موارد القسم الثالث.

(٢) استظهره المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٧٣.

(٣) الروضة البهيّة ٣ : ٣٦١.

(٤) المورد السادس من موارد القسم الثالث.

(٥) المدارك ٥ : ٣١.

١٥٠

ولو نذر التصدّق بها ، فإن كان مطلقاً وقلنا بخروجها عن الملك بمجرّد ذلك كما حكي عن بعضٍ (١) فلا حكم للعلوق. وإن قلنا بعدم خروجها عن ملكه ، احتمل : تقديم حقّ المنذور له في العين ، وتقديم حقّ الاستيلاد ، والجمع بينهما بالقيمة.

ولو كان معلّقاً فوطأها قبل حصول الشرط صارت أُمّ ولد ، فإذا حصل الشرط وجب التصدّق بها ؛ لتقدّم سببه. ويحتمل انحلال النذر ؛ لصيرورة التصدّق مرجوحاً بالاستيلاد مع الرجوع إلى القيمة أو بدونه.

وتمام الكلام يحتاج إلى بسطٍ تمامٍ (٢) لا يسعه الوقت.

٧ ـ إذا كان علوقها من مكاتب مشروط ثمّ فسخت كتابته

ومنها (٣) : ما إذا كان علوقها من مكاتَب مشروط ثمّ فُسخت كتابته ، فللمولى أن يبيعها على ما حكاه في الروضة عن بعض الأصحاب (٤) بناءً على أنّ مستولدته أُمّ ولد بالفعل غير معلّق على عتقه فلا يجوز له بيع ولدها.

مورد القسم الرابع

والقسم الرابع (٥) : وهو ما كان (٦) إبقاؤها في ملك المولى غير

__________________

(١) تقدّم أعلاه عن المدارك.

(٢) كذا ، والظاهر : «تامّ» ، كما في مصحّحة «ص».

(٣) المورد السابع من موارد القسم الثالث.

(٤) الروضة البهيّة ٣ : ٢٦١.

(٥) هذا هو قسم آخر من أقسام المواضع المستثناة من قاعدة المنع عن بيع أُمّ الولد ، راجع المقسم في الصفحة ١١٨.

(٦) كذا ، وحقّ العبارة بملاحظة المقسم أن يقال : «وهو ما يكون الجواز لعدم تحقّق السبب المانع عن النقل مثل ما كان إبقاؤها ..» وقد استظهر ذلك مصحّح «ش» أيضاً.

١٥١

معرّضٍ لها للعتق ؛ لعدم توريث الولد من أبيه ؛ لأحد موانع الإرث أو لعدم ثبوت النسب من طرف الأُمّ أو الأب واقعاً ؛ لفجورٍ ، أو ظاهراً ؛ باعتراف.

ثمّ إنّا لم نذكر في كلّ مورد من موارد الاستثناء إلاّ قليلاً من كثير ما يتحمّله من الكلام ، فيطلب تفصيل كلّ واحدٍ من مقامه.

١٥٢

مسألة

عدم استقلال المالك في بيع ملكه المرهون والدليل عليه

ومن أسباب خروج الملك عن كونه طِلْقاً : كونه مرهوناً.

فإنّ الظاهر بل المقطوع به ـ : الاتّفاق على عدم استقلال المالك في بيع ملكه المرهون.

وحكي عن الخلاف : إجماع الفرقة وأخبارهم على ذلك (١) ، وقد حكي الإجماع عن غيره أيضاً (٢).

وعن المختلف في باب تزويج الأمة المرهونة أنّه أرسل عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنّ الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرّف» (٣).

هل بيع الراهن يقع باطلاً من أصله أو موقوفاً؟

وإنّما الكلام في أنّ بيع الراهن هل يقع باطلاً من أصله؟ أو يقع موقوفاً على الإجازة ، أو سقوط حقّه بإسقاطه أو بالفكّ؟

__________________

(١) الخلاف ٣ : ٢٥٣ ، كتاب الرهن ، ذيل المسألة ٥٩ ، وحكاه عنه المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٨٨.

(٢) مفاتيح الشرائع ٣ : ١٣٩ ، وحكاه عنه المحقّق التستري في المقابس : ١٨٨.

(٣) المختلف ٥ : ٤٢١ ، ورواه في مستدرك الوسائل ١٣ : ٤٢٦ عن درر اللآلي.

١٥٣

اختلاف الفقهاء في المسألة

الأقوى كونه موقوفاً والاستدلال عليه

فظاهر عبائر جماعةٍ من القدماء وغيرهم (١) الأوّل ، إلاّ أنّ صريح الشيخ في النهاية (٢) وابن حمزة في الوسيلة (٣) وجمهور المتأخّرين (٤) عدا شاذٍّ منهم (٥) هو كونه موقوفاً ، وهو الأقوى ؛ للعمومات السليمة عن المخصّص ؛ لأنّ معقد الإجماع والأخبار الظاهرة في المنع عن التصرّف هو الاستقلال ، كما يشهد به عطف «المرتهن» على «الراهن» (٦) ، مع ما ثبت في محلّه من وقوع تصرّف المرتهن موقوفاً ، لا باطلاً.

وعلى تسليم الظهور في بطلان التصرّف رأساً ، فهي موهونة بمصير جمهور المتأخّرين على خلافه (٧).

هذا كلّه ، مضافاً إلى ما يستفاد من صحّة نكاح العبد بالإجازة ؛ معلّلاً ب «أنّه لم يعصِ الله وإنّما عصى سيّده» (٨) ؛ إذ المستفاد منه : أنّ كلّ‌

__________________

(١) قال المحقّق التستري في المقابس : ١٨٨ : وهو الذي يقتضيه كلام الشيخ في الخلاف وابن إدريس كما ذكر ، وكذا كلام ابن زهرة ، إلى أن قال : وكذا أبو الصلاح .. وكذا الديلمي .. وكذا المفيد.

(٢) النهاية : ٤٣٣.

(٣) لم نعثر على الإجازة في الوسيلة. نعم ، فيه : «فإن أذن المرتهن له في التصرّف صحّ» ، راجع الوسيلة : ٢٦٦.

(٤) منهم المحقّق في الشرائع ٢ : ٨٢ ، والحلّي في الجامع للشرائع : ٢٨٨ ، والعلاّمة في القواعد ١ : ١٦ والتحرير ١ : ٢٠٧ وغيرهما من كتبه ، والشهيدان في اللمعة : ١٤٠ والمسالك ٤ : ٤٧ ، وراجع مقابس الأنوار : ١٨٩ ومفتاح الكرامة ٥ : ١١٦.

(٥) مثل الحلّي في السرائر ٢ : ٤١٧.

(٦) كما في النبوي المرسل المتقدم عن المختلف آنفاً.

(٧) تقدّمت الإشارة إلى مواضع كلامهم آنفاً.

(٨) الوسائل ١٤ : ٥٢٣ ، الباب ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١ و ٢.

١٥٤

عقد كان النهي عنه لحقّ الآدمي يرتفع (١) المنع ويحصل التأثير بارتفاع المنع وحصول الرضا ، وليس ذلك كمعصية الله أصالة (٢) في إيقاع العقد التي لا يمكن أن يلحقها (٣) رضا الله تعالى.

هذا كلّه ، مضافاً إلى فحوى أدلّة صحّة الفضولي.

لكن الظاهر من التذكرة : أنّ كلّ من أبطل عقد الفضولي أبطل العقد هنا (٤) ، وفيه نظر ؛ لأنّ من استند في البطلان في الفضولي إلى مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا بيع إلاّ في ملك» (٥) لا يلزمه البطلان هنا ، بل الأظهر ما سيجي‌ء عن إيضاح النافع : من أنّ الظاهر وقوف هذا العقد وإن قلنا ببطلان الفضولي (٦).

كلام المحقّق التستري في بطلان بيع الراهن من أصله

وقد ظهر من ذلك ضعف ما قوّاه بعض من عاصرناه (٧) من القول بالبطلان ، متمسّكاً بظاهر الإجماعات والأخبار المحكيّة على المنع والنهي ، قال : وهو موجب للبطلان وإن كان لحقّ الغير ؛ إذ العبرة بتعلّق النهي بالعقد (٨)

__________________

(١) في غير «ش» : فيرتفع.

(٢) لم ترد «أصالة» في «ف».

(٣) في «ف» : يلحقه.

(٤) التذكرة ١ : ٤٦٥ ، وفيه : ومن أبطل بيع الفضولي لزم الإبطال هنا.

(٥) راجع عوالي اللآلي ٢ : ٢٤٧ ، الحديث ١٦ ، والمستدرك ١٣ : ٢٣٠ ، الباب الأوّل من أبواب عقد البيع ، الحديث ٣ و ٤.

(٦) إيضاح النافع (مخطوط) ، ولا يوجد لدينا ، وانظر الصفحة ١٩٠.

(٧) هو المحقّق التستري في مقابس الأنوار.

(٨) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» وفاقاً للمصدر ، وفي سائر النسخ : إذ العبرة بالنهي عن العقد.

١٥٥

لا لأمرٍ خارجٍ عنه ، وهو كافٍ في اقتضاء الفساد كما اقتضاه في بيع الوقف وأُمّ الولد وغيرهما ، مع استواء الجميع (١) في كون سبب النهي حقّ الغير.

ثمّ أورد على نفسه بقوله : فإن قلت : فعلى هذا يلزم بطلان عقد الفضولي وعقد المرتهن ، مع أنّ كثيراً من الأصحاب ساووا بين الراهن والمرتهن في المنع (٢) كما دلّت عليه الرواية (٣) فيلزم بطلان عقد الجميع أو صحّته ، فالفرق تحكّم.

قلنا : إنّ التصرّف المنهيّ عنه إن كان انتفاعاً بمال الغير فهو محرّم ، ولا تحلّله الإجازة المتعقّبة. وإن كان عقداً أو إيقاعاً ، فإن وقع بطريق الاستقلال (٤) لا على وجه النيابة عن المالك ، فالظاهر أنّه كذلك كما سبق في الفضولي وإلاّ فلا يعدّ تصرّفاً يتعلّق به النهي ، فالعقد الصادر عن الفضولي قد يكون محرّماً ، وقد لا يكون كذلك.

وكذا الصادر عن المرتهن إن وقع بطريق الاستقلال المستند إلى البناء على ظلم الراهن وغصب حقّه ، أو إلى زعم التسلّط عليه بمجرّد الارتهان كان منهيّاً عنه. وإن كان بقصد النيابة عن الراهن في مجرّد‌

__________________

(١) كذا في «ص» والمصدر ، وفي سائر النسخ : استوائهما.

(٢) منهم المفيد في المقنعة : ٦٢٢ ، والديلمي في المراسم : ١٩٢ ، والعلاّمة في الإرشاد ١ : ٣٩٣ ، وغيرهم ، وراجع الوسائل ١٣ : ١٢٣ و ١٢٤ ، الباب ٤ و ٧ من أبواب الرهن وغيرهما من الأبواب.

(٣) في المصدر : الروايات.

(٤) في «ص» وهامش «ن» زيادة : في الأمر.

١٥٦

إجراء الصيغة ، فلا يزيد عن عقد الفضولي ، فلا يتعلّق به نهيٌ أصلاً.

وأمّا المالك ، فلمّا حُجر على ماله برهنه وكان عقده لا يقع إلاّ مستنداً إلى ملكه لانحصار (١) المالكيّة فيه ولا معنى لقصده النيابة ، فهو منهيٌّ عنه ؛ لكونه تصرّفاً مطلقاً ومنافياً للحجر الثابت عليه ، فيخصّص العمومات بما ذكر. ومجرّد الملك لا يقضي بالصحّة ؛ إذ الظاهر بمقتضى التأمّل : أنّ الملك المسوّغ للبيع هو ملك الأصل مع ملك التصرّف فيه ؛ ولذا (٢) لم يصحّ البيع في مواضع وجد فيها سبب الملك وكان ناقصاً ؛ للمنع عن التصرّف.

ثمّ قال : وبالجملة ، فالذي يظهر بالتتبّع في الأدلّة (٣) : أنّ العقود ما لم تنته إلى المالك فيمكن وقوعها موقوفة على إجازته ، وأمّا إذا انتهت إلى إذن المالك أو إجازته أو صدرت منه وكان تصرّفه على وجه الأصالة فلا تقع على وجهين ، بل تكون فاسدة أو صحيحة لازمة إذا كان وضع ذلك (٤) العقد على اللزوم. وأمّا التعليل المستفاد من الرواية المرويّة في النكاح من قوله : «لم يعص الله وإنّما عصى سيّده .. إلى آخره» (٥) ، فهو جارٍ في من لم يكن مالكاً كما أنّ العبد لا يملك أمر‌

__________________

(١) كذا في «ص» والمصدر ، وفي سائر النسخ ونسخة بدل «ص» : وانحصار.

(٢) العبارة في «ص» والمصدر هكذا : إذ الظاهر بمقتضى التأمّل الصادق : أنّ المراد بالملك المسوّغ للبيع هو ملك الأصل مع التصرّف فيه ، ولذلك ..

(٣) في «ص» والمصدر : من تتبّع الأدلّة.

(٤) ذلك» من «ص» والمصدر ومصحّحة «ن».

(٥) الوسائل ١٤ : ٥٢٣ ، الباب ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث ١ و ٢.

١٥٧

نفسه ، وأمّا المالك المحجور عليه ، فهو عاصٍ لله بتصرّفه. ولا يقال : إنّه عصى المرتهن ؛ لعدم كونه مالكاً ، وإنّما منع الله من تفويت حقّه بالتصرّف ، وما ذكرناه جارٍ في كلّ مالكٍ متولٍّ لأمر نفسه إذا حُجر على ماله لعارضٍ كالفَلَس وغيره فيحكم بفساد الجميع. وربما يتّجه الصحّة فيما إذا كان الغرض من الحَجْر رعاية مصلحةٍ كالشفعة (١) ؛ فالقول بالبطلان هنا كما اختاره أساطين الفقهاء هو الأقوى (٢) ، انتهى كلامه رفع مقامه.

المناقشة فيما أفاده المحقّق التستري

ويرد عليه بعد منع الفرق في الحكم بين بيع ملك الغير على وجه الاستقلال وبيعه على وجه النيابة ، ومنع اقتضاء مطلق النهي ، لا لأمرٍ خارجٍ ، للفساد ـ:

أوّلاً : أنّ نظير ذلك يتصوّر في بيع الراهن ؛ فإنّه قد يبيع رجاءً لإجازة المرتهن ولا ينوي الاستقلال ، وقد يبيع (٣) جاهلاً بالرهن أو بحكمه أو ناسياً ، ولا حرمة في شي‌ءٍ من ذلك (٤).

وثانياً : أنّ المتيقّن من الإجماع والأخبار على منع الراهن كونه على نحو منع المرتهن على ما يقتضيه عبارة معقد الإجماع والأخبار ،

__________________

(١) في «ص» هنا زيادة استدركها المصحّح من المصدر ، وهي : «وقد تقدّم الكلام فيه. وبالجملة ، فالقول بتأثير الإجازة على نحو ما بنى عليه جماعة من المتأخّرين ، إبطال القواعد المعلومة من الشرع والأحكام المقرّرة فيه ضرورة».

(٢) مقابس الأنوار : ١٩٠.

(٣) في «ع» و «خ» زيادة : استقلالاً.

(٤) في «ن» زيادة : فتأمّل.

١٥٨

أعني قولهم : «الراهن والمرتهن ممنوعان» ، ومعلوم أنّ المنع في المرتهن إنّما هو على وجهٍ لا ينافي وقوعه موقوفاً ، وحاصله يرجع إلى منع العقد على الرهن والوفاء بمقتضاه على سبيل الاستقلال وعدم مراجعة صاحبه في ذلك. وإثبات المنع أزيد من ذلك يحتاج إلى دليل ، ومع عدمه يرجع إلى العمومات.

وأمّا ما ذكره من منع جريان التعليل في روايات العبد فيما نحن فيه مستنداً إلى الفرق بينهما ، فلم أتحقّق الفرق بينهما ، بل الظاهر كون النهي في كلٍّ منهما لحقّ الغير ، فإنّ منع الله جلّ ذكره من تفويت حقّ الغير ثابت في كلِّ ما كان النهي عنه لحقّ الغير ، من غير فرقٍ بين بيع الفضولي ونكاح العبد وبيع الراهن.

وأمّا ما ذكره من المساواة بين بيع الراهن وبيع الوقف وأُمّ الولد ، ففيه : أنّ الحكم فيهما تعبّدٌ ؛ ولذا لا يؤثّر الإذن السابق في صحّة البيع ، فقياس الرهن عليه في غير محلّه.

المستفاد من الأخبار أنّ المنع من المعاملة إذا كان لحقّ الغير لا يقتضي البطلان رأساً

وبالجملة ، فالمستفاد من طريقة الأصحاب ، بل الأخبار : أنّ المنع من المعاملة إذا كان لحقّ الغير الذي يكفي إذنه السابق لا يقتضي الإبطال رأساً ، بل إنّما يقتضي الفساد ، بمعنى عدم ترتّب الأثر عليه مستقلا من دون مراجعة ذي الحقّ. ويندرج في ذلك : الفضولي وعقد الراهن ، والمفلَّس ، والمريض ، وعقد الزوج لبنت أُخت زوجته أو أخيها ، وللأمة على الحرّة وغير ذلك ، فإنّ النهي في جميع ذلك إنّما يقتضي الفساد بمعنى عدم ترتّب الأثر (١) المقصود من العقد‌

__________________

(١) في «ف» زيادة : على.

١٥٩

عرفاً ، وهو صيرورته سبباً مستقلا لآثاره من دون مدخليّة رضا غير المتعاقدين.

تخيّل وجهٍ آخر للبطلان

وقد يتخيّل وجهٌ آخر لبطلان البيع هنا ؛ بناءً على ما سيجي‌ء : من أنّ ظاهرهم كون الإجازة هنا كاشفة ؛ حيث إنّه يلزم منه كون مال غير الراهن وهو المشتري رهناً للبائع.

وبعبارة اخرى : الرهن والبيع متنافيان ، فلا يحكم بتحقّقهما في زمانٍ واحد ، أعني : ما قبل الإجازة ؛ وهذا نظير ما تقدّم في مسألة «من باع شيئاً ثمّ مَلكه» من أنّه على تقدير صحّة البيع يلزم كون الملك لشخصين في الواقع (١).

دفع التخيّل المذكور

ويدفعه : أنّ القائل يلتزم بكشف الإجازة عن عدم الرهن في الواقع ، وإلاّ لجرى ذلك في عقد الفضولي أيضاً ؛ لأنّ فرض كون المجيز مالكاً للمبيع نافِذَ الإجازة يوجب تملّك مالِكَين لِملكٍ (٢) واحدٍ قبل الإجازة.

وأمّا ما يلزم في مسألة «من باع شيئاً ثمّ مَلكه» فلا يلزم في مسألة إجازة المرتهن ، نعم يلزم في مسألة افتكاك الرهن ، وسيجي‌ء التنبيه عليه ، إن شاء الله تعالى (٣).

هل إجازة المرتهن كاشفة أو ناقلة؟

ثمّ إنّ الكلام في كون الإجازة من المرتهن كاشفةً أو ناقلةً ، هو الكلام في مسألة الفضولي ، ومحصّله : أنّ مقتضى القاعدة النقل ، إلاّ أنّ‌

__________________

(١) راجع المكاسب ٣ : ٤٤١.

(٢) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : بملك.

(٣) انظر الصفحة ١٦٢ ١٦٤.

١٦٠