كتاب المكاسب - ج ٤

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-14-1
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤١٦

التي هي مورد الرواية ، فإنّ تلفها غالباً لسقوطها عن المنفعة المطلوبة منها بحسب شأنها.

هل الثمن للبطن الموجود أو يشتري به ما يكون وفقاً؟

ثمّ إنّ الظاهر من بعض العبائر المتقدّمة ، بل المحكيّ عن الأكثر (١) : أنّ الثمن في هذا البيع للبطن الموجود. إلاّ أنّ ظاهر كلام جماعة ، بل صريح بعضهم كجامع المقاصد (٢) هو : أنّه يشترى بثمنه ما يكون وقفاً على وجهٍ يندفع به الخُلف ؛ تحصيلاً لمطلوب الواقف بحسب الإمكان. وهذا منه قدس‌سره مبنيٌّ على منع (٣) ظهور الرواية في تقرير السائل في قسمة الثمن على الموجودين ، أو على منع العمل بهذا التقرير في مخالفة مقتضى قاعدة المعاوضة من اشتراك جميع البطون في البدل كالمبدل ، لكن الوجه الثاني ينافي قوله باختصاص الموجودين بثمن ما يباع ، للحاجة الشديدة ؛ تمسّكاً برواية جعفر (٤) ، فتعيّن الأوّل ، وهو منع التقرير. لكنّه خلاف مقتضى التأمّل في الرواية.

[الوقف المنقطع] (٥)

الوقف المنقطع والأقوال فيه

وأمّا الوقف المنقطع ، وهو : ما إذا وقف على من ينقرض بناءً‌

__________________

(١) لم نقف عليه.

(٢) جامع المقاصد ٤ : ٩٧.

(٣) في «ش» بدل «منع» : وجه.

(٤) تقدّمت في الصفحة ٧٨.

(٥) العنوان منّا.

١٠١

على صحّته كما هو المعروف فإمّا أن نقول ببقائه على ملك الواقف ، وإمّا أن نقول بانتقاله إلى الموقوف عليهم. وعلى الثاني : فإمّا أن يملكوه ملكاً مستقرّاً بحيث ينتقل منهم إلى ورثتهم عند انقراضهم ، وإمّا أن يقال بعوده إلى ملك الواقف ، وإمّا أن يقال بصيرورته في سبيل الله.

هل يجوز بيع الوقف المنقطع أم لا؟

حكم البيع بناءً على بقائه على ملك الواقف

فعلى الأوّل : لا يجوز للموقوف عليهم البيع ؛ لعدم الملك. وفي جوازه للواقف مع جهالة مدّة استحقاق الموقوف عليهم إشكال ، من حيث لزوم الغرر بجهالة وقت استحقاق التسليم التامّ على وجه ينتفع به ؛ ولذا منع الأصحاب كما في الإيضاح (١) بيعَ مسكن المطلّقة المعتدّة بالأقراء ؛ لجهالة مدّة العدّة ، مع عدم كثرة التفاوت.

المحكيّ عن جماعة صحّة البيع في السكنى المؤقّتة بعمر أحدهما

نعم ، المحكي عن جماعة كالمحقّق (٢) والشهيدين في المسالك (٣) والدروس (٤) وغيرهم (٥) ـ : صحّة البيع في السكنى الموقّتة بعمر أحدهما ، بل ربما يظهر من محكيّ التنقيح : الإجماع عليه. ولعلّه إمّا لمنع الغرر ، وإمّا للنصّ ، وهو ما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح أو الحسن عن‌

__________________

(١) إيضاح الفوائد ٢ : ٤٠٩ ، وفي غير «ف» زيادة : «على ما حكي عنهم» ، وشطب عليها في «ن».

(٢) المختصر النافع : ١٥٩ ، والشرائع ٢ : ٢٢٥.

(٣) المسالك ٥ : ٤٢٧ ٤٢٩.

(٤) الدروس ٢ : ٢٨٢.

(٥) مثل المحقّق السبزواري في الكفاية : ١٤٣ ، والمحدّث الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٢٢٠ ، والسيّد الطباطبائي في الرياض ٢ : ٣٤ ، وانظر مقابس الأنوار : ١٥٧.

١٠٢

الحسين بن نعيم ، قال : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجلٍ جعل داره سكنى لرجلٍ زمانَ حياته ولعقبه من بعده ، قال : هي له ولعقبه من بعده كما شرط. قلت : فإن احتاج إلى بيعها؟ قال : نعم. قلت : فينقض البيعُ السكنى؟ قال : لا ينقض البيعُ السكنى ، كذلك سمعت أبي يقول : قال أبو جعفر عليه‌السلام : لا ينقض البيع الإجارة ولا السكنى ، ولكن يبيعه على أنّ الذي يشتريه لا يملك ما اشتراه حتّى ينقضي السكنى على ما شرط .. الخبر» (١).

ومع ذلك فقد توقّف في المسألة العلاّمة (٢) وولده (٣) والمحقّق الثاني (٤).

لو باعه من الموقوف عليه المختصّ بمنفعة الوقف

ولو باعه من الموقوف عليه المختصّ بمنفعة الوقف ، فالظاهر جوازه ؛ لعدم الغرر. ويحتمل العدم ؛ لأنّ معرفة المجموع المركّب من ملك البائع وحقّ المشتري لا توجب معرفة المبيع. وكذا لو باعه ممّن انتقل إليه حقّ الموقوف عليه. نعم ، لو انتقل إلى الواقف ثمّ باع صحّ جزماً.

مجرّد رضا الموقوف عليهم لا يجوّز البيع من الأجنبي

وأمّا مجرّد رضا الموقوف عليهم ، فلا يجوّز البيع من الأجنبيّ ؛

__________________

(١) الكافي ٧ : ٣٨ ، الحديث ٣٨ ، والفقيه ٤ : ٢٥١ ، الحديث ٥٥٩٥ ، والتهذيب ٩ : ١٤١ ، الحديث ٥٩٣ ، وعنها الوسائل ١٣ : ٢٦٧ ، الباب ٢٤ من أبواب أحكام الإجارة ، الحديث ٣.

(٢) القواعد ١ : ٢٧٣ ، والمختلف ٦ : ٣٣٦.

(٣) إيضاح الفوائد ٢ : ٤٠٩.

(٤) جامع المقاصد ٩ : ١٢٥.

١٠٣

لأنّ المنفعة مال لهم فلا تنتقل إلى المشتري بلا عوض. اللهمّ إلاّ أن يكون على وجه الإسقاط لو صحّحناه منهم ، أو يكون المعاملة مركّبة من نقل العين من طرف الواقف ونقل المنفعة من قبل الموقوف عليهم ، فيكون العوض موزّعاً عليهما. ولا بدّ أن يكون ذلك على وجه الصلح ؛ لأنّ غيره لا يتضمّن نقل العين والمنفعة كليهما ، خصوصاً مع جهالة المنفعة.

لو اتّفق الواقف والموقوف عليه على البيع

وممّا ذكرنا يظهر وجه التأمّل فيما حكي عن التنقيح : من أنّه لو اتّفق الواقف والموقوف عليه على البيع في المنقطع جاز (١) ، سواء أراد بيع الواقف أو بيع الموقوف عليه ، كما يدلّ عليه كلامه المحكيّ عنه في مسألة السكنى (٢) ؛ حيث أجاز استقلال مالك العين بالبيع ولو من دون رضا مالك الانتفاع أو المنفعة.

لو كان للموقوف عليه حقّ الانتفاع دون تملّك المنفعة

نعم ، لو كان للموقوف عليه حقّ الانتفاع من دون تملّك للمنفعة كما في السكنى على قولٍ صحّ ما ذكره ؛ لإمكان سقوط الحقّ بالإسقاط ، بخلاف المال ، فتأمّل.

حكم البيع بناءً على صيرورته ملكاً مستقرّاً للموقوف عليهم

وتمام الكلام في هذه المسائل في باب السكنى والحبس إن شاء الله تعالى.

وعلى الثاني (٣) : فلا يجوز البيع للواقف ؛ لعدم الملك ، ولا للموقوف‌

__________________

(١) التنقيح الرائع ٢ : ٣٢٩ ٣٣٠ ، وحكاه عنه المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٥٧.

(٢) راجع التنقيح الرائع ٢ : ٣٣٦ ٣٣٧.

(٣) عطف على قوله : «فعلى الأوّل» المتقدّم في الصفحة ١٠٢.

١٠٤

عليه ؛ لاعتبار الواقف بقاءه في يدهم إلى انقراضهم.

حكم البيع بناءً على عوده إلى ملك الواقف

وعلى الثالث : فلا يجوز البيع للموقوف عليه وإن أجاز الواقف ؛ لمنافاته لاعتبار الواقف في الوقف بقاء العين ، كما لا يجوز أيضاً للواقف الغير المالك فعلاً وإن أجاز الموقوف عليه ، إلاّ إذا جوّزنا بيع ملك الغير مع عدم اعتبار مجيزٍ له في الحال ؛ بناءً على أنّ الموقوف عليه الذي هو المالك فعلاً ليس له الإجازة ؛ لعدم تسلّطه على النقل ، فإذا انقرض الموقوف عليه وملكه الواقف لزم البيع.

إيراد التنافي على القاضي ودفعه

ثمّ إنّه قد أُورد (١) على القاضي قدس‌سره حيث جوّز للموقوف عليه بيع الوقف المنقطع مع قوله ببقاء الوقف المنقطع على ملك الواقف (٢).

ويمكن دفع التنافي بكونه قائلاً بالوجه الثالث من الوجوه المتقدّمة وهو ملك الموقوف عليهم ثمّ عوده إلى الواقف إلاّ أنّ الكلام في ثبوت هذا القول بين من اختلف في مالك الموقوف في الوقف المنقطع ، ويتّضح ذلك بمراجعة المسألة في كتاب الوقف.

حكم البيع بناءً على صيرورته في سبيل الله

وعلى الرابع : فالظاهر أنّ حكمه حكم الوقف المؤبّد كما صرّح به المحقّق الثاني (٣) على ما حكي عنه لأنّه حقيقةً وقفٌ مؤبّد كما لو صرّح بكونه في سبيل الله بعد انقراض الموقوف عليه الخاصّ.

ثمّ إنّ ما ذكرنا في حكم الوقف المنقطع فإنّما هو بالنسبة إلى البطن الذي لا بطن بعده يتلقّى الملك من الواقف.

__________________

(١) أورده المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٥٧.

(٢) المهذّب ٢ : ٩٢.

(٣) جامع المقاصد ٩ : ٧٠.

١٠٥

حكم بيع بعض البطون مع وجود مَن بعدهم

وأمّا حكم بيع بعض البطون مع وجود مَن بعدهم ، فإن قلنا بعدم تملّكهم للمنقطع فهو كما تقدّم. وأمّا على تقدير القول بملكهم ، فحكم بيع غير الأخير من البطون حكم بيع بعض البطون في الوقف المؤبّد ، فيشترك معه في المنع في الصور التي منعنا ، وفي الجواز في الصور (١) التي جوّزنا ؛ لاشتراك دليل المنع ، ويتشاركان أيضاً في حكم الثمن بعد البيع.

__________________

(١) كذا في «ف» و «ن» ومصحّحة «خ» ، وفي سائر النسخ : الصورة.

١٠٦

مسألة

عدم جواز بيع اُمّ الولد

ومن أسباب خروج الملك عن كونه طِلْقاً : صيرورة المملوكة أُمّ ولدٍ لسيّدها ، فإنّ ذلك يوجب منع المالك عن بيعها ، بلا خلافٍ بين المسلمين ، على الظاهر المحكيّ عن مجمع الفائدة (١).

وفي بعض الأخبار دلالةٌ على كونه من المنكرات في صدر الإسلام ، مثل ما روي من قول أمير المؤمنين عليه‌السلام لمن (٢) سأله عن بيع أمة أرضعت ولده ، قال له : «خذ بيدها ، وقل : من يشتري أُمّ ولدي؟» (٣).

في حكم البيع كلّ تصرّف ناقل أو مستلزمٍ للنقل

وفي حكم البيع كلّ تصرّفٍ ناقلٍ للملك الغير المستعقب بالعتق ، أو مستلزمٍ للنقل كالرهن ، كما يظهر من تضاعيف كلماتهم في جملةٍ من الموارد :

منها (٤) : جَعْلُ أُمّ الولد (٥) ملكاً غير طلق ، كالوقف والرهن. وقد‌

__________________

(١) مجمع الفائدة ٨ : ١٦٩.

(٢) لم ترد «لمن» في غير «ش» و «ن».

(٣) الوسائل ١٤ : ٣٠٩ ، الباب ١٩ من أبواب ما يحرم بالرضاع ، الحديث الأوّل.

(٤) في غير «ف» زيادة : «ما» ، وشطب عليها في «ن» ، «خ» و «ع».

(٥) في غير «ف» و «ش» : «أُمّ ولد» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

١٠٧

كلمات الفقهاء في ذلك

عرفت أنّ المراد من الطلْق : تماميّة الملك والاستقلال في التصرّف ، فلو جاز الصلح عنها وهِبتها لم تخرج عن كونها طِلْقاً بمجرّد عدم جواز إيقاع عقد البيع عليها ، كما أنّ المجهول الذي يجوز (١) الصلح عنه وهبته والإبراء عنه ولا يجوز بيعه ، لا يخرج عن كونه طِلْقاً.

ومنها : كلماتهم في رهن أُمّ الولد ، فلاحظها (٢).

ومنها : كلماتهم في استيلاد المشتري في زمان خيار البائع ، فإنّ المصرَّح به في كلام الشهيدين في خيار الغبن : أنّ البائع لو فسخ يرجع إلى القيمة ؛ لامتناع انتقال أُمّ الولد (٣). و (٤) كذا في كلام العلاّمة (٥) وولده (٦) وجامع المقاصد (٧) ذلك أيضاً في زمان مطلق الخيار.

ومنها : كلماتهم في مستثنيات بيع أُمّ الولد ردّاً وقبولاً (٨) ؛ فإنّها كالصريحة في أنّ الممنوع مطلق نقلها ، لا خصوص البيع.

وبالجملة ، فلا يبقى للمتأمّل شكّ في ثبوت حكم البيع لغيره من النواقل.

__________________

(١) في غير «ف» : يصحّ.

(٢) راجع القواعد ١ : ١٥٩ ، والمختلف ٥ : ٤٢٦ ، والإيضاح ٢ : ١٢ ، والدروس ٣ : ٣٩٣ ، وجامع المقاصد ٥ : ٥٢ ، والجواهر ٢٥ : ١٣٩.

(٣) راجع الروضة البهيّة ٣ : ٤٦٦ ، والمسالك ٣ : ٢٠٦.

(٤) الواو» من «ش» ومصحّحة «ن».

(٥) القواعد ١ : ١٤٤.

(٦) إيضاح الفوائد ١ : ٤٨٩.

(٧) جامع المقاصد ٤ : ٣١٣.

(٨) ستأتي كلماتهم في المستثنيات في الصفحة ١١٨ وما بعدها.

١٠٨

قول السيّد المجاهد بجواز غير البيع من النواقل والردّ عليه

ومع ذلك كلّه ، فقد جزم بعض سادة مشايخنا (١) بجواز غير البيع من النواقل ؛ للأُصول وخلوّ كلام المعظم عن حكم غير البيع. وقد عرفت ظهوره من تضاعيف كلمات المعظم في الموارد المختلفة ، ومع ذلك فهو الظاهر من المبسوط والسرائر ، حيث قالا (٢) : إذا مات ولدها جاز بيعها وهبتها والتصرّف فيها بسائر أنواع التصرّف (٣).

وقد ادّعى في الإيضاح الإجماع صريحاً على المنع عن كلّ ناقل (٤) ، وأرسله بعضهم كصاحب الرياض (٥) وجماعة (٦) إرسال المسلّمات ، بل عبارة بعضهم ظاهرة في دعوى الاتّفاق ، حيث قال : إنّ الاستيلاد مانع من صحّة التصرّفات الناقلة من ملك المولى إلى ملك غيره ، أو المعرّضة لها للدخول في ملك غيره كالرهن ، على خلافٍ في ذلك (٧).

إجماع المسلمين على عموم المنع

ثمّ إنّ عموم المنع لكلّ ناقل وعدم اختصاصه بالبيع قول جميع المسلمين ، والوجه فيه : ظهور أدلّة المنع المعنونة بالبيع (٨) في إرادة مطلق النقل ، فإنّ مثل قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في الرواية السابقة : «خذ‌

__________________

(١) المناهل : ٣٢٠ (التنبيه السادس).

(٢) في «م» و «ش» : قال.

(٣) المبسوط ٦ : ١٨٥ ، والسرائر ٣ : ٢١.

(٤) إيضاح الفوائد ٣ : ٦٣١.

(٥) الرياض ٢ : ٢٣٧.

(٦) منهم الشهيدان في غاية المراد : ٢٤٩ ، والروضة البهيّة ٦ : ٣٦٩ ، وصاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٣٧٤.

(٧) قاله المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٦٠.

(٨) ستأتي في الصفحات التالية.

١٠٩

بيدها ، وقل : من يشتري أُمّ ولدي؟» (١) ، يدلّ على أنّ مطلق نقل أُمّ الولد إلى الغير كان من المنكرات ، وهو مقتضى التأمّل فيما سيجي‌ء من أخبار بيع أُمّ الولد في ثمن رقبتها (٢) وعدم جوازه فيما سوى ذلك.

ما اشتهر من الوجه في المنع

هذا مضافاً إلى ما اشتهر وإن لم نجد نصّاً عليه ـ : من أنّ الوجه في المنع هو بقاؤها رجاءً لانعتاقها من نصيب ولدها بعد موت سيّدها.

اختصاص المنع بصورة بقاء الولد

والحاصل : أنّه لا إشكال في عموم المنع لجميع النواقل.

ثمّ إنّ المنع مختصّ بعدم هلاك الولد ، فلو هلك جاز اتّفاقاً فتوًى ونصّاً.

لو مات الولد وخلّف ولداً

ولو مات الولد وخلّف ولداً :

ففي إجراء حكم الولد عليه ؛ لأصالة بقاء المنع ، ولصدق الاسم فيندرج في إطلاق الأدلّة ، وتغليباً للحرّية (٣).

أو العدم ؛ لكونه حقيقة في ولد الصلب ، وظهور إرادته من جملةٍ من الأخبار ، وإطلاق ما دلّ من النصوص والإجماع على الجواز بعد موت ولدها.

أو التفصيل بين كونه وارثاً ؛ لعدم ولد الصلب للمولى ، وعدمه ؛ لمساواة الأوّل مع ولد الصلب في الجهة المقتضية للمنع ، وجوه :

حكي أوّلها عن الإيضاح (٤) ، وثالثها عن المهذّب البارع (٥) ونهاية المرام (٦).

__________________

(١) تقدّمت في الصفحة ١٠٧.

(٢) يجي‌ء في الصفحة ١١٩ ١٢٠.

(٣) كذا في مصحّحة «ن» و «ص» ، وفي النسخ : للحرمة.

(٤) إيضاح الفوائد ٣ : ٦٣٦.

(٥) المهذب البارع ٤ : ١٠٦.

(٦) نهاية المرام ٢ : ٣١٨.

١١٠

معنى اُمّ الولد

وعن القواعد (١) والدروس (٢) وغيرهما (٣) : التردّد.

تحقّق الموضوع بمجرّد الحمل والدليل عليه

بقي الكلام في معنى «أُمّ الولد» ، فإنّ ظاهر اللفظ اعتبار انفصال الحمل ؛ إذ لا يصدق الولد إلاّ بالولادة. لكن المراد هنا مجازاً ولدها (٤) ولو حملاً (٥) ؛ للمشارفة. ويحتمل أن يراد الولادة من الوالد دون الوالدة. وكيف كان ، فلا إشكال ، بل لا خلاف في تحقّق الموضوع بمجرّد الحمل.

ويدلّ عليه : الصحيح عن محمّد بن مارد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «في الرجل يتزوّج أمة ، فتلد منه (٦) أولاداً ، ثمّ يشتريها فتمكث عنده ما شاء الله لم تلد منه شيئاً بعد ما ملكها ، ثمّ يبدو له في بيعها ، قال : هي أمته إن شاء باع ما لم يحدث عنده حمل [بعد ذلك (٧)] وإن شاء أعتق» (٨).

وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، قال : «قال علي بن‌

__________________

(١) القواعد ٢ : ١٢٨.

(٢) الدروس ٢ : ٢٢٣ ، وحكى عنهم جميعاً المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٦٠ ١٦١.

(٣) راجع مفتاح الكرامة ٤ : ٢٦٤.

(٤) العبارة في مصححة «ن» وغاية الآمال : ٤٥٦ : ولدها مجازاً.

(٥) عبارة «ولو حملاً» من «ش».

(٦) كذا في «ص» والمصدر ، وفي «ش» ومصحّحة «ن» : «يتزوّج الجارية تلد منه» ، وفي سائر النسخ : يزوّج الجارية يلد منه.

(٧) من «ص» والمصدر.

(٨) الوسائل ١٦ : ١٠٥ ، الباب ٤ من كتاب الاستيلاد.

١١١

الحسين صلوات الله عليهم أجمعين (١) في مكاتبة يطؤها مولاها فتحبل ، فقال : يردّ عليها مهر مثلها ، وتسعى في رقبتها (٢) ، فإن عجزت فهي من أُمّهات الأولاد» (٣).

لكن في دلالتها على ثبوت الحكم بمجرّد الحمل نظر ؛ لأنّ زمان الحكم بعد تحقّق السعي والعجز عقيب الحمل ، والغالب ولوج الروح حينئذٍ.

صدق الحمل بالمضغة اتّفاقاً

ثمّ الحمل يصدق بالمضغة اتّفاقاً ، على ما صرّح في الرياض (٤) ، واستظهره بعض آخر (٥) وحكاه عن جماعة هنا وفي باب انقضاء عدّة الحامل.

وفي صحيحة ابن الحجّاج ، قال : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الحبلى يطلّقها زوجها ثمّ تضع سقطاً تمّ أو لم يتمّ أو وضعته مضغة ، أتنقضي عدّتها (٦)؟ فقال عليه‌السلام : كلّ شي‌ء وضعته يستبين أنّه حمل تمّ‌

__________________

(١) كذا في الفقيه ، وفي الكافي والتهذيب والوسائل : عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال.

(٢) في «ص» والمصادر الحديثية : قيمتها.

(٣) الوسائل ١٦ : ٩٧ ، الباب ١٤ من كتاب المكاتبة ، الحديث ٢ ، وانظر الكافي ٦ : ١٨٨ ، الحديث ١٦ ، والفقيه ٣ : ١٥٤ ، الحديث ٣٥٦٣ ، والتهذيب ٨ : ٢٦٩ ، الحديث ٩٨١.

(٤) الرياض ٢ : ٢٣٧.

(٥) وهو المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٥٩.

(٦) في غير «ص» زيادة : عنها.

١١٢

أو لم يتمّ فقد انقضت عدّتها وإن كان مضغة» (١).

صدق الحمل بالعلقة أيضاً

ثمّ الظاهر صدق «الحمل» على العلقة ، وقوله عليه‌السلام : «وإن كانت مضغة» تقرير لكلام السائل ، لا بيان لأقلّ مراتب الحمل كما عن الإسكافي (٢) وحينئذٍ فيتّجه الحكم بتحقّق الموضوع بالعلقة كما عن بعض (٣) ، بل عن الإيضاح (٤) والمهذّب البارع (٥) : الإجماع عليه.

الجسد الذي ليس فيه تخطيط

وفي المبسوط فيما إذا ألقت جسداً ليس فيه تخطيط لا ظاهر ولا خفيّ ، لكن قالت القوابل : إنّه مبدأ خلق آدميّ ، وإنّه لو بقي لتخلّق (٦) وتصوّر ـ : قال قوم : إنّها لا تصير أُمّ ولد بذلك. وقال بعضهم : تصير أُمّ ولد. وهو مذهبنا (٧) ، انتهى. ولا يخلو عن قوّة ؛ لصدق الحمل.

لا عبرة بمجرّد النطفة ما لم تستقرّ في الرحم

وأمّا النطفة : فهي بمجرّدها لا عبرة بها ما لم تستقرّ في الرحم ؛ لعدم صدق كونها حاملاً ، وعلى هذا الفرد ينزّل إجماع الفاضل المقداد على عدم العبرة بها في العدّة (٨).

__________________

(١) الوسائل ١٥ : ٤٢١ ، الباب ١١ من أبواب العدد.

(٢) حكاه عنه العلاّمة في المختلف ٧ : ٥٢٨.

(٣) مثل المحقّق في الشرائع ٣ : ١٣٨ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ٣١٥ ، والسيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٦٢ ، وغيرهم.

(٤) إيضاح الفوائد ٣ : ٦٣١.

(٥) المهذّب البارع ٤ : ١٠٠.

(٦) في النسخ : «لخلق» ، والصواب ما أثبتناه من المصدر.

(٧) المبسوط ٦ : ١٨٦.

(٨) التنقيح الرائع ٣ : ٣٤٢.

١١٣

وأمّا (١) مع استقرارها في الرحم ، فالمحكيّ عن نهاية الشيخ : تحقّق الاستيلاد بها (٢) ، وهو الذي قوّاه في المبسوط في باب العدّة بعد أن نقل عن المخالفين عدم انقضاء العدّة به مستدلاً بعموم الآية والأخبار (٣) ، ومرجعه إلى صدق الحمل.

ودعوى : أنّ إطلاق «الحامل» حينئذٍ مجاز بالمشارفة ، يكذّبها التأمّل في الاستعمالات. وربما يُحكى (٤) عن التحرير موافقة الشيخ ، مع أنّه لم يزد فيه على حكاية الحكم عن الشيخ (٥). نعم ، في بعض نسخ التحرير لفظ يوهم ذلك (٦).

نعم ، قوّى التحرير موافقته فيما تقدّم عن الشيخ في مسألة الجسد الذي ليس فيه تخطيط (٧). ونُسب القول المذكور إلى الجامع أيضاً (٨).

ثمرة تحقّق الموضوع فيما إذا ألقت ما في بطنها

واعلم أنّ ثمرة تحقّق الموضوع فيما إذا ألقت المملوكة ما في بطنها ، إنّما تظهر في بيعها الواقع قبل الإلقاء ، فيحكم ببطلانه إذا كان الملقى‌

__________________

(١) لم ترد «أمّا» في «ف» و «خ» ، وشطب عليها في «ن».

(٢) حكاه عنه المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٦٠ ، وراجع النهاية : ٥٤٦.

(٣) المبسوط ٥ : ٢٤٠.

(٤) حكاه الفاضل في كشف اللثام ٢ : ١٣٨ ، والمحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٦٠.

(٥) انظر التحرير ٢ : ٧١.

(٦) كتب في «ف» على عبارة «نعم الى ذلك» : نسخة.

(٧) كذا في «ف» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : التخطيط.

(٨) نسب ذلك الى الجامع ، الفاضل الأصفهاني في كشف اللثام ٢ : ١٣٨ ، وراجع الجامع للشرائع : ٤٧١.

١١٤

حملاً ، وأمّا بيعها بعد الإلقاء فيصحّ بلا إشكال. وحينئذٍ فلو وطأها المولى ثمّ جاءت بولدٍ تامٍّ أو غير تامّ ، فيحكم ببطلان البيع الواقع بين أوّل زمان العلوق وزمان الإلقاء. وعن المسالك : الإجماع على ذلك (١).

فذِكر صور الإلقاء المضغة ، والعلقة ، والنطفة في باب العدّة إنّما هو لبيان انقضاء العدّة بالإلقاء ، وفي باب الاستيلاد لبيان كشفها عن أنّ المملوكة بعد الوطء صارت أُمّ ولد ، لا أنّ البيع الواقع قبل تحقّق العلقة صحيح إلى (٢) أن تصير النطفة علقة ، ولذا عبّر الأصحاب عن سبب الاستيلاد بالعلوق الذي هو اللقاح (٣).

صحّة البيع قبل العلوق

نعم ، لو فرض عدم علوقها بعد الوطء إلى زمانٍ ، صحّ البيع قبل العلوق.

تحقّق العلوق بالمساحقة أيضاً

ثمّ إنّ المصرَّح به في كلام بعضٍ (٤) حاكياً له عن غيره (٥) ـ : أنّه لا يعتبر في العلوق أن يكون بالوطء ، فيتحقّق بالمساحقة ؛ لأنّ المناط هو الحمل ، وكون ما يولد منها ولداً للمولى شرعاً ، فلا عبرة بعد ذلك‌

__________________

(١) المسالك ٣ : ٢٨٨ ، وحكاه عنه المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٦٠.

(٢) في «ع» ، «ص» و «ش» بدل «إلى» : إلاّ.

(٣) كما في الشرائع ٣ : ١٣٨ ، والروضة البهيّة ٦ : ٣٧٠ ، ونهاية المرام ٢ : ٣١٥ ، والحدائق ١٨ : ٤٤٨ ، ومفتاح الكرامة ٤ : ٢٦٢ ، وغيرها.

(٤) وهو السيّد الطباطبائي في الرياض ٢ : ٢٣٧ ، وقد حكاه عن جملة من الأصحاب.

(٥) كلمة «غيره» من «ش» ومصححة «ن».

١١٥

بانصراف الإطلاقات إلى الغالب من كون الحمل بالوطء.

اشتراط أن يكون الوطء على وجهٍ يلحق الولد بالواطئ

نعم ، يشترط في العلوق بالوطء أن يكون الوطء على وجهٍ يلحق الولد بالواطئ وإن كان محرّماً ، كما إذا كانت في حيضٍ ، أو ممنوعة الوطء شرعاً لعارض آخر ، أمّا الأمة المزوّجة فوطؤها زنا لا يوجب لحوق الولد.

المشهور اعتبار الحمل في زمان الملك

ثمّ إنّ المشهور اعتبار الحمل في زمان الملك ، فلو ملكها بعد الحمل لم تصر أُمّ ولد. خلافاً للمحكيّ عن الشيخ (١) وابن حمزة (٢) فاكتفيا بكونها أُمّ ولد قبل الملك ، ولعلّه لإطلاق العنوان ، ووجود العلّة ، وهي كونها في معرض الانعتاق من نصيب ولدها.

ويردّ الأوّل : منع إطلاقٍ يقتضي ذلك ؛ فإنّ المتبادر من «أُمّ الولد» صنفٌ من أصناف الجواري باعتبار الحالات العارضة لها بوصف المملوكيّة ، كالمدبَّر والمكاتب. والعلّة المذكورة غير مطّردة ولا منعكسة كما لا يخفى ، مضافاً إلى صريح رواية محمّد بن مارد المتقدّمة (٣).

المنع عن بيع اُمّ الولد قاعدة كلّية مستفادة من الاخبار والاجماع

ثمّ إنّ المنع عن بيع أُمّ الولد قاعدة كلّية مستفادة من الأخبار كروايتي السكوني ومحمد بن مارد المتقدّمتين (٤) ، وصحيحة عمر بن يزيد الآتية (٥) وغيرها. ومن الإجماع على أنّها لا تباع إلاّ لأمرٍ يغلب‌

__________________

(١) المبسوط ٦ : ١٨٦.

(٢) الوسيلة : ٣٤٣ ، وحكاه عنهما المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٥٩.

(٣) تقدّمت في الصفحة ١١١.

(٤) تقدّمتا في الصفحة ١١١.

(٥) ستأتي في الصفحة ١١٩ ١٢٠.

١١٦

ملاحظته على ملاحظة الحقّ الحاصل منها (١) بالاستيلاد (٢) أعني تشبّثها بالحرّية ولذا كلّ من جوّز البيع في مقامٍ ، لم يجوّز إلاّ بعد إقامة الدليل الخاصّ (٣).

لابدّ من التمسّك بهذه القاعدة ما لم يقم دليل خاصّ على خلافها

فلا بدّ من التمسّك بهذه القاعدة المنصوصة المجمع عليها حتّى يثبت بالدليل ثبوت (٤) ما هو أولى بالملاحظة في نظر الشارع من الحقّ المذكور ، فلا يُصغى إذاً إلى منع الدليل على المنع كلّيةً والتمسّك بأصالة صحّة البيع من حيث قاعدة تسلّط الناس على أموالهم حتّى يثبت المخرج.

المعروف ثبوت الاستثناء عن الكلّية المذكورة

ثمّ إنّ المعروف بين العلماء ثبوت الاستثناء عن الكلّية المذكورة في الجملة ، لكن المحكي في السرائر عن السيّد قدس‌سره عموم المنع وعدم الاستثناء (٥). وهو غير ثابت ، وعلى تقدير الثبوت فهو ضعيف ، يرده مضافاً إلى ما ستعرف من الأخبار قولُهُ عليه‌السلام في صحيحة زرارة وقد سأله عن أُمّ الولد ، قال : «تباع وتورث ، وحدّها حدّ الأمة» (٦). بناءً على حملها على أنّها قد يعرض لها ما يجوّز ذلك.

__________________

(١) كذا في النسخ ، والظاهر : «لها» ، كما في مصحّحة «ن».

(٢) كذا في «ف» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : باستيلاد.

(٣) عبارة «ولذا كلّ من جوّز البيع الى الخاص» وردت في غير «ش» قبل قوله : «ومن الإجماع ..» المتقدّم آنفاً ، وأشار مصحّح «ن» إلى هذا في هامش النسخة.

(٤) كلمة «ثبوت» مشطوب عليها في «ن».

(٥) السرائر ٣ : ٢١ ، وراجع الانتصار : ١٧٥ ، المسألة التاسعة من كتاب التدبير.

(٦) الوسائل ١٣ : ٥٢ ، الباب ٢٤ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٣.

١١٧

[مستثنيات منع]

[بيع أُمّ الولد (١)]

المواضع القابلة للاستثناء على أربعة أقسام

وأمّا المواضع القابلة للاستثناء‌ وإن (٢) وقع التكلّم في استثنائها لأجل وجود ما يصلح أن يكون أولى بالملاحظة من الحقّ فهي صور ، يجمعها :

تعلّق حقٍّ للغير بها.

أو تعلّق حقّها بتعجيل العتق.

أو تعلّق حقٍّ سابقٍ على الاستيلاد (٣).

أو عدم تحقّق الحكمة المانعة عن النقل.

موارد القسم الأول : ١ ـ إذا كان على مولاها دينٌ ولم يكن له ما يؤدّيه

فمن موارد القسم الأوّل : ما إذا كان على مولاها دَيْنٌ ولم يكن له ما يؤدّي هذا الدين.

والكلام في هذا المورد قد يقع فيما إذا كان الدين ثمن رقبتها ، وقد يقع فيما إذا كان غير ثمنها.

إذا كان الدَّين ثمن رقبتها والمولى ميّتاً

وعلى الأوّل ، يقع الكلام تارة بعد موت المولى ، وأُخرى في حال حياته.

أمّا بعد الموت ، فالمشهور الجواز ، بل عن الروضة : أنّه موضع‌

__________________

(١) العنوان منّا.

(٢) في «ش» بدل «إن» : قد.

(٣) عبارة «أو تعلّق حقّ سابق على الاستيلاد» من «ش» وهامش «ن».

١١٨

وفاق (١) ، وعن جماعة : أنّه لا خلاف فيه (٢). ولا ينافي ذلك مخالفة السيّد في أصل المسألة (٣) ؛ لأنّهم يريدون نفي الخلاف بين القائلين بالاستثناء في بيع أُمّ الولد ، أو القائلين باستثناء بيعها في ثمن رقبتها ، في مقابل صورة حياة المولى المختلف فيها.

لا إشكال في جواز البيع في هذه الصورة والدليل عليه

وكيف كان ، فلا إشكال في الجواز في هذه الصورة ، لا لما قيل (٤) : من قاعدة تسلّط الناس على أموالهم ؛ لما عرفت من انقلاب القاعدة إلى المنع في خصوص هذا المال (٥) ، بل لما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح عن عمر بن يزيد ، قال : «قلت لأبي إبراهيم عليه‌السلام : أسألك عن مسألة ، فقال : سل. قلت : لِمَ باع أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه أُمّهات الأولاد؟ قال : في فكاك رقابهنّ. قلت : فكيف ذلك؟ قال : أيّما رجلٍ اشترى جاريةً فأولدها ولم يؤدّ ثمنها ، ولم يدع من المال ما يؤدّي عنه أُخذ منها ولدها وبيعت ، وأُدّي ثمنها. قلت : فيُبعن (٦) فيما سوى ذلك من‌

__________________

(١) الروضة البهيّة ٣ : ٢٥٧.

(٢) كالسيّد العاملي في نهاية المرام ٢ : ٣١٥ ، والمحقّق السبزواري في الكفاية : ٢٢٥ ، والسيّد الطباطبائي في الرياض ٢ : ٢٣٧ ، وحكاه عنهم السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٦٢.

(٣) كما تقدّم في الصفحة ١١٧.

(٤) قاله صاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٣٧٦ ، ونقله في المناهل : ٣١٩ ، عن الإيضاح ، انظر إيضاح الفوائد ١ : ٤٢٨.

(٥) راجع الصفحة ١١٧.

(٦) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» و «خ» والكافي ، وفي «ص» : «فتباع» ، وفاقاً للفقيه والوسائل.

١١٩

دين؟ قال : لا» (١).

وفي رواية أُخرى لعمر بن يزيد عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : «سألته (٢) عن أُمّ الولد ، تباع في الدين؟ قال : نعم ، في ثمن رقبتها» (٣).

ومقتضى إطلاقها ، بل إطلاق الصحيحة كما قيل (٤) ـ : ثبوت الجواز مع حياة المولى كما هو مذهب الأكثر ، بل لم يعرف الخلاف فيه صريحاً. نعم ، تردّد فيه الفاضلان (٥).

وعن نهاية المرام والكفاية : أنّ المنع نادر ، لكنّه لا يخلو عن قوّة (٦). وربما يتوهّم القوّة من حيث توهّم تقييدها بالصحيحة السابقة ؛ بناءً على اختصاص الجواز فيها بصورة موت المولى ، كما يشهد به قوله فيها : «ولم يدع من المال .. إلخ» ، فيدلّ على نفي الجواز عمّا سوى هذا الفرد ؛ إمّا لورودها في جواب السؤال عن موارد بيع أُمّهات الأولاد ، فيدلّ على الحصر. وإمّا لأنّ نفي الجواز في ذيلها فيما سوى هذه الصورة‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٩٣ ، الحديث ٥ ، والفقيه ٣ : ١٣٩ ، الحديث ٣٥١٢ ، والتهذيب ٨ : ٢٣٨ ، الحديث ٨٦٢ ، والوسائل ١٣ : ٥١ ، الباب ٢٤ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث الأوّل.

(٢) من «ش» وهامش «ن».

(٣) الوسائل ١٣ : ٥١ ، الباب ٢٤ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٢.

(٤) قاله السيّد المجاهد في المناهل : ٣١٩.

(٥) راجع الشرائع ٢ : ١٧ ، والقواعد ١ : ١٢٦ ، والتحرير ١ : ١٦٥.

(٦) نهاية المرام ١ : ٢٩٤ ، وكفاية الأحكام : ١٧٣ ، وحكاه عنهما السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٦٢.

١٢٠