كتاب المكاسب - ج ٣

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٥
ISBN: 964-5662-17-6
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٦٣٩

النهي عن الفساد ، فلا تنهض لدفع دلالة المطلقات المتقدّمة (١) الظاهرة في سلطنة الوالد على الولد وماله.

وأمّا الآية الشريفة (٢) ، فلو سلّم دلالتها ، فهي مخصّصة بما دلّ على ولاية الجدّ وسلطنته ، الظاهرة في أنّ له أن يتصرّف في مال طفله (٣) بما ليس فيه (٤) مفسدة له ؛ فإنّ ما دلّ على ولاية الجدّ في النكاح معلّلاً بأنّ البنت وأباها للجدّ (٥) ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنت ومالك لأبيك» (٦) ، خصوصاً مع استشهاد الإمام عليه‌السلام به في مضيّ نكاح الجدّ بدون إذن الأب ؛ ردّاً على من أنكر ذلك وحكم ببطلان ذلك من العامّة في مجلس بعض الأُمراء (٧) وغير ذلك (٨) يدلّ على ذلك.

مع أنّه لو سلّمنا عدم التخصيص ، وجب الاقتصار عليه في حكم الجدّ ، دون الأب.

__________________

(١) تقدّمت في الصفحة ٥٣٧.

(٢) وهي قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الإسراء : ٣٤.

(٣) في «ن» ، «م» و «ص» : «طفل» ، وفي الأخير كتب فوقه : الطفل ظ.

(٤) في «ف» بدل «فيه» : له.

(٥) الوسائل ١٤ : ٢١٩ ، الباب ١١ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، الحديث ٨.

(٦) الوسائل ١٢ : ١٩٥ ١٩٧ ، الباب ٧٨ من أبواب ما يكتسب به ، الأحاديث ١ ، ٢ ، ٨ و ٩.

(٧) الوسائل ١٤ : ٢١٨ ، الباب ١١ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، الحديث ٥.

(٨) كما في الأحاديث المتقدّمة آنفاً.

٥٤١

ودعوى عدم القول بالفصل ممنوعة ؛ فقد حكي عن بعض متأخّري المتأخّرين القول بالفصل بينهما في الاقتراض مع عدم اليسر (١).

مشاركة الجدّ وإن علا للأب

ثمّ لا خلاف ظاهراً كما ادّعي (٢) في أنّ الجدّ وإن علا يشارك الأب في الحكم ، ويدلّ عليه ما دلّ على أنّ الشخص وماله الذي منه مال ابنه لأبيه (٣) ، وما دلّ (٤) على أنّ الولد ووالده لجدّه (٥).

لو فقد الأب وبقي الجدّ

ولو فُقد الأب وبقي الجدّ ، فهل أبوه أو (٦) جدّه يقوم مقامه في المشاركة أو يخصّ هو بالولاية؟ قولان : من ظاهر أنّ الولد ووالده لجدّه ، وهو المحكي عن ظاهر جماعة (٧) ، ومن أنّ مقتضى قوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) (٨) كون القريب أولى بقريبه من البعيد ، فنفي (٩) ولاية البعيد خرج (١٠) منه الجدّ مع الأب وبقي الباقي.

وليس المراد من لفظ «الأولى» التفضيل مع الاشتراك في المبدأ ،

__________________

(١) لم نعثر عليه.

(٢) انظر المناهل : ١٠٥ ، والجواهر ٢٦ : ١٠٢.

(٣) كما تقدّم آنفاً.

(٤) لم ترد «وما دلّ» في غير «ف» و «ش» ، لكنّه استدرك في «ن» و «ص».

(٥) مثل ما تقدّم في الصفحة السابقة.

(٦) في «ع» و «ش» بدل «أو» : «و».

(٧) حكاه السيّد المجاهد في المناهل : ١٠٥ ، وفيه : ويظهر الأوّل من إطلاق الشرائع والنافع.

(٨) الأنفال : ٧٥ ، والأحزاب : ٦.

(٩) في «ص» : فينفي.

(١٠) في غير «ف» : وخرج.

٥٤٢

بل هو نظير قولك : «هو أحقّ بالأمر (١) من فلان» ونحوه ، وهذا محكيّ (٢) عن جامع المقاصد (٣) والمسالك (٤) والكفاية (٥) ، وللمسألة مواضع أُخر (٦) تأتي إن شاء الله.

__________________

(١) كذا في «ف» و «ش» ، وفي سائر النسخ : بالأجر.

(٢) حكاه السيّد المجاهد في المناهل : ١٠٥.

(٣) لم نقف عليه بعينه ، نعم في جامع المقاصد ٥ : ١٨٧ هكذا : وهل يكون للجدّ الأعلى مع وجود الأولى ولاية؟ فيه نظر.

(٤) المسالك ٧ : ١٧١.

(٥) لم نعثر عليه في الكفاية.

(٦) مثل كتاب النكاح وكتاب الحجر.

٥٤٣
٥٤٤

مسألة

[في ولاية الفقيه] (١)

من جملة أولياء التصرّف في مال من لا يستقلّ بالتصرّف في ماله : الحاكم ، والمراد منه : الفقيه الجامع لشرائط الفتوى ، وقد رأينا هنا (٢) ذكر مناصب الفقيه ، امتثالاً لأمر أكثر حُضّار مجلس المذاكرة ، فنقول مستعيناً بالله‌ للفقيه الجامع للشرائط مناصب ثلاثة :

مناصب الفقيه : الافتاء والحكومة والولاية

أحدها : الإفتاء فيما يحتاج إليها العامي في عمله ، ومورده المسائل الفرعية ، والموضوعات الاستنباطية من حيث ترتّب حكمٍ فرعيٍّ عليها. ولا إشكال ولا خلاف في ثبوت هذا المنصب للفقيه ، إلاّ ممّن لا يرى جواز التقليد للعامي.

وتفصيل الكلام في هذا المقام موكول إلى مباحث الاجتهاد والتقليد.

الثاني : الحكومة ، فله الحكم بما يراه حقّا في المرافعات وغيرها في الجملة. وهذا المنصب أيضاً ثابت له بلا خلاف فتوًى ونصّاً ، وتفصيل الكلام فيه من حيث شرائط الحاكم والمحكوم به والمحكوم عليه موكول إلى كتاب القضاء.

__________________

(١) العنوان منّا.

(٢) لم ترد «هنا» في «ف».

٥٤٥

الولاية على وجهين

الثالث : ولاية التصرّف في الأموال والأنفس ، وهو المقصود بالتفصيل هنا ، فنقول : الولاية تتصوّر على وجهين :

١ ـ استقلال الولي بالتصرّف

الأوّل : استقلال الولي بالتصرّف مع قطع النظر عن كون تصرّف غيره منوطاً بإذنه أو غير منوطٍ به ، ومرجع هذا إلى كون نظره سبباً في جواز تصرّفه.

٢ ـ توقّف تصرّف الغير على إذنه

الثاني : عدم استقلال غيره بالتصرّف ، وكون تصرّف الغير منوطاً بإذنه وإن لم يكن هو مستقلا بالتصرّف ، ومرجع هذا إلى كون نظره شرطاً في جواز تصرّف غيره. وبين موارد الوجهين عموم من وجه.

ثمّ إذنه المعتبر في تصرّف الغير :

إمّا أن يكون على وجه الاستنابة ، كوكيل الحاكم.

وإمّا أن يكون على وجه التفويض والتولية ، كمتولّي الأوقاف من قِبَل الحاكم.

وإمّا أن يكون على وجه الرضا كإذن الحاكم لغيره في الصلاة على ميّتٍ لا وليّ له.

ثبوت الولاية بالمعنى الأول للنبي والأئمة عليهم‌السلام

إذا عرفت هذا ، فنقول : مقتضى الأصل عدم ثبوت الولاية لأحد بشي‌ء (١) من الوجوه (٢) المذكورة ، خرجنا عن هذا الأصل في خصوص النبيّ والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين بالأدلّة الأربعة ، قال الله تعالى (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ

__________________

(١) كذا في «ف» و «ش» ، وفي سائر النسخ : «لأخذ شي‌ء» ، لكن صحّحت العبارة في بعضها بما أثبتناه ، وفي بعضها الآخر ورد ما أثبتناه في الهامش ، وصحّحها مصحّح «ص» هكذا : لأحد على أحد في شي‌ء.

(٢) في «ش» : الأُمور.

٥٤٦

الاستدلال بالكتاب

مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (١) ، و (ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٢) ، (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣) ، و (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٤) ، و (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ..) الآية (٥) ، إلى غير ذلك.

الاستدلال بالروايات

وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما في رواية أيوب بن عطية ـ : «أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه» (٦) ، وقال في يوم غدير خم : «ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى. قال : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه» (٧).

والأخبار في افتراض طاعتهم وكون معصيتهم كمعصية الله كثيرة ، يكفي في ذلك منها مقبولة عمر بن حنظلة (٨) ، ومشهورة أبي خديجة (٩) ، والتوقيع الآتي (١٠) ، حيث علّل فيها حكومة الفقيه وتسلّطه على الناس : بأني قد جعلته كذلك ، وأنّه حجّتي عليكم.

__________________

(١) الأحزاب : ٦.

(٢) الأحزاب : ٣٦.

(٣) النور : ٦٣.

(٤) النساء : ٥٩.

(٥) المائدة : ٥٥.

(٦) الوسائل ١٧ : ٥٥١ ، الباب ٣ من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ، الحديث ١٤.

(٧) الحديث من المتواترات بين الخاصّة والعامّة ، انظر كتاب الغدير ١ : ١٤ ١٥٨.

(٨) الوسائل ١٨ : ٩٨ ٩٩ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.

(٩) الوسائل ١٨ : ١٠٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦.

(١٠) الآتي في الصفحة ٥٥٥.

٥٤٧

الاستدلال بالإجماع والعقل

وأمّا الإجماع فغير خفيّ.

وأمّا العقل القطعي ، فالمستقلّ منه حكمه بوجوب شكر المنعم بعد معرفة أنّهم أولياء النعم ، والغير المستقلّ حكمه بأنّ الأُبوّة إذا اقتضت وجوب طاعة الأب على الابن في الجملة ، كانت الإمامة مقتضية لوجوب طاعة الإمام على الرعيّة بطريق أولى ؛ لأنّ الحقّ هنا أعظم بمراتب ، فتأمّل.

والمقصود من جميع ذلك : دفع ما يتوهّم من أنّ وجوب طاعة الإمام مختصّ بالأوامر الشرعيّة ، وأنّه لا دليل على وجوب إطاعته (١) في أوامره العرفيّة أو سلطنته على الأموال والأنفس.

وبالجملة ، فالمستفاد من الأدلّة الأربعة بعد التتبّع والتأمّل : أنّ للإمام عليه‌السلام سلطنة مطلقة على الرعيّة من قبل الله تعالى ، وأنّ تصرّفهم نافذ على الرعيّة ماضٍ مطلقاً.

هذا كلّه في ولايتهم بالمعنى الأوّل.

ثبوت الولاية بالمعنى الثاني والاستدلال عليه

وأمّا بالمعنى الثاني أعني اشتراط تصرّف الغير بإذنهم فهو وإن كان مخالفاً للأصل ، إلاّ أنّه قد ورد أخبار خاصّة بوجوب الرجوع إليهم (٢) ، وعدم جواز الاستقلال لغيرهم بالنسبة إلى المصالح المطلوبة للشارع الغير المأخوذة على شخص معيّن من الرعيّة ، كالحدود والتعزيرات ، والتصرّف في أموال القاصرين ، وإلزام الناس بالخروج عن الحقوق ، ونحو ذلك.

__________________

(١) في «ش» : طاعته.

(٢) انظر الكافي ١ : ١٨٥ ، باب فرض طاعة الأئمة ، و ٢١٠ ، باب أنّ أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة ، والبحار ٢٣ : ١٧٢ ، الباب ٩ من كتاب الإمامة ، و ٢٨٣ ، وكذا الباب ١٧ منه.

٥٤٨

ويكفي في ذلك ما دلّ على أنّهم أُولو الأمر وولاته (١) ؛ فإنّ الظاهر من هذا العنوان عرفاً : من يجب الرجوع إليه في الأُمور العامّة التي لم تحمل في الشرع على شخص خاصّ.

وكذا ما دلّ على وجوب الرجوع في الوقائع الحادثة إلى رواة الحديث معلّلاً ب «أنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله» (٢) ؛ فإنّه دلّ على أنّ الإمام هو المرجع الأصلي.

وما عن العلل بسنده إلى الفضل بن شاذان عن مولانا أبي الحسن الرضا عليه‌السلام في علل حاجة الناس إلى الإمام عليه‌السلام ، حيث قال بعد ذكر جملة من العلل ـ : «ومنها : أنّا لا نجد فرقة من الفِرَق ، ولا ملّة من الملل عاشوا وبقوا (٣) إلاّ بقيّم ورئيس ؛ لما لا بدّ لهم منه في (٤) أمر الدين والدنيا ، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق بما يعلم (٥) أنّه (٦) لا بدّ لهم منه (٧) ولا قوام لهم إلاّ به» (٨).

__________________

(١) راجع الكافي ١ : ٢٠٥ ، باب أنّ الأئمة عليهم‌السلام ولاة الأمر ، والبحار ٢٣ : ٢٨٣ ، الباب ١٧ من كتاب الإمامة.

(٢) كما في التوقيع الآتي في الصفحة ٥٥٥.

(٣) في «ف» : «عاشوا ولا بقوا» ، وفي «ش» والمصدر : بقوا وعاشوا.

(٤) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : لما لا بدّ لهم من أمر.

(٥) في «ف» و «خ» ونسخة بدل «ع» : «وهو يعلم» ، وفي المصدر : «ممّا يعلم» ، وفي مصحّحة «ص» : بلا رئيس وهو يعلم.

(٦) في «ف» : أنّهم.

(٧) لم ترد «منه» في غير «ش».

(٨) علل الشرائع : ٢٥٣ ، الباب ١٨٢ ، ذيل الحديث ٩.

٥٤٩

هذا ، مضافاً إلى ما ورد في خصوص الحدود والتعزيرات والحكومات ، وأنّها لإمام المسلمين (١) ، وفي الصلاة على الجنائز من : أنّ سلطان الله أحقّ بها من كلّ أحد (٢) ، وغير ذلك ممّا يعثر عليه المتتبّع.

وكيف كان ، فلا إشكال في عدم جواز التصرّف في كثيرٍ من الأُمور العامّة بدون إذنهم ورضاهم ، لكن لا عموم يقتضي أصالة توقّف كلّ تصرّفٍ على الإذن.

نعم ، الأُمور التي يرجع فيها كلّ قومٍ إلى رئيسهم ، لا يبعد الاطّراد فيها بمقتضى كونهم اولي الأمر وولاته والمرجع الأصلي في الحوادث الواقعة ، والمرجع في غير ذلك من موارد الشكّ إلى إطلاقات أدلّة تلك التصرّفات إن وجدت على الجواز أو المنع ، وإلاّ فإلى الأُصول العمليّة ، لكن حيث كان الكلام في اعتبار إذن الإمام عليه‌السلام أو نائبه الخاصّ مع التمكّن منه لم يجز إجراء الأُصول ؛ لأنّها لا تنفع مع التمكّن (٣) من الرجوع إلى الحجّة ، وإنّما تنفع (٤) مع عدم التمكّن من الرجوع إليها‌

__________________

(١) راجع الوسائل ١٨ : ٦ ، الباب ٣ من أبواب صفات القاضي ، و ٢٢١ ، الباب ٣٢ من أبواب كيفية الحكم والدعوى ، الحديث ٣ ، و ٣٣٠ ، الباب ١٧ من أبواب مقدّمات الحدود ، الحديث ٣ ، و ٣٤٣ ، الباب ٣٢ من الأبواب ، و ٥٣٢ ، الباب الأوّل من أبواب حدّ المحارب ، والمستدرك ١٧ : ٢٤١ ، الباب ٣ من أبواب صفات القاضي ، و ١٨ : ٢٩ ، الباب ٢٥ من أبواب مقدّمات الحدود ، وغيرها.

(٢) الوسائل ٢ : ٨٠١ ، الباب ٢٣ من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث ٤.

(٣) العبارة في «ف» هكذا : لأنّها إنّما تنفع مع عدم التمكّن ..

(٤) في غير «ش» زيادة : «ذلك» ، لكن شطب عليها في «ن».

٥٥٠

لبعض العوارض (١).

وبالجملة ، فلا يهمّنا التعرّض لذلك ، إنّما المهمّ التعرّض لحكم ولاية الفقيه بأحد الوجهين المتقدّمين ، فنقول :

الكلام في ولاية الفقيه بالمعنى الأوّل الاستدلال عليها بالروايات

أمّا الولاية على الوجه الأوّل أعني استقلاله في التصرّف فلم يثبت بعمومٍ عدا ما ربما يتخيّل من أخبار واردة في شأن العلماء مثل : «أنّ العلماء ورثة الأنبياء ، و [ذاك] (٢) أنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ بشي‌ءٍ منها أخذ بحظٍّ وافر» (٣).

و «أنّ العلماء أُمناء الرسل» (٤).

وقوله عليه‌السلام : «مجاري الأُمور بيد العلماء بالله ، الامناء على حلاله وحرامه» (٥).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «علماء أُمّتي كأنبياء بني إسرائيل» (٦).

__________________

(١) في «ف» و «خ» : «في بعض الموارد» ، لكن صحّح في الأخير بما أثبتناه.

(٢) من المصدر.

(٣) الوسائل ١٨ : ٥٣ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢.

(٤) لم نقف عليه بهذا اللفظ في مجاميعنا الحديثية ، بل ورد في الكافي (١ : ٣٣ ، الحديث ٥) : «العلماء أُمناء» ، وفي (٤٦ ، الحديث ٥) : «الفقهاء أُمناء الرسل» ، نعم ورد بهذا اللفظ في كنز العمّال ١٠ : ١٨٣ ، و ٢٠٤ ، الحديث ٢٨٩٥٢ و ٢٩٠٨٣.

(٥) تحف العقول : ٢٣٨ ، وعنه في البحار ١٠٠ : ٨٠ ، الحديث ٣٧.

(٦) عوالي اللآلي ٤ : ٧٧ ، الحديث ٦٧ ، وعنه البحار ٢ : ٢٢ ، الحديث ٦٧ ، ونقله في المستدرك ١٧ : ٣٢٠ ، الحديث ٣٠ عن العلاّمة في التحرير.

٥٥١

وفي المرسلة (١) المرويّة في الفقه الرضوي : «إنّ منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل» (٢).

وقوله عليه‌السلام (٣) في نهج البلاغة : «أولى الناس بالأنبياء : أعلمهم بما جاؤوا به (إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) الآية» (٤).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثاً : «اللهم ارحم خلفائي. قيل : ومن خلفاؤك يا رسول الله؟ قال : الذين يأتون بعدي ، ويروون حديثي وسنّتي» (٥).

وقوله عليه‌السلام في مقبولة ابن حنظلة : «قد جعلته عليكم حاكماً» (٦).

وفي مشهورة أبي خديجة : «جعلته عليكم قاضياً» (٧).

وقوله عجّل الله فرجه : «هم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله» (٨).

__________________

(١) لم ترد هذه الرواية في «ف».

(٢) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه‌السلام : ٣٣٨. وعنه في البحار ٧٨ : ٣٤٦ ، ذيل الحديث ٤.

(٣) لم يرد هذا النصّ في «ف».

(٤) نهج البلاغة : ٤٨٤ ، باب المختار من حِكَم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، الحكمة ٩٦ ، والآية من سورة آل عمران : ٦٨.

(٥) الوسائل ١٨ : ١٠٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٧.

(٦) الوسائل ١٨ : ٩٨ ٩٩ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.

(٧) الوسائل ١٨ : ١٠٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦.

(٨) ستأتي مصادره في الصفحة ٥٥٥.

٥٥٢

إلى غير ذلك ممّا يظفر به المتتبّع.

المناقشة في الاستدلال

لكنّ الإنصاف بعد ملاحظة سياقها أو صدرها أو ذيلها يقتضي الجزم بأنّها في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية ، لا كونهم كالنبيّ والأئمة صلوات الله عليهم في كونهم أولى بالناس (١) في أموالهم ، فلو طلب الفقيه الزكاة والخمس من المكلّف فلا دليل على وجوب الدفع إليه شرعاً. نعم ، لو ثبت شرعاً اشتراط صحّة أدائهما بدفعه إلى الفقيه مطلقاً أو بعد المطالبة ، وأفتى بذلك الفقيه ، وجب اتّباعه إن كان ممّن يتعيّن تقليده ابتداءً أو بعد الاختيار ، فيخرج عن محلّ الكلام.

هذا ، مع أنّه لو فرض العموم فيما ذكر من الأخبار ، وجب حملها على إرادة الجهة (٢) المعهودة المتعارفة من وظيفته ، من حيث كونه رسولاً مبلّغاً ، وإلاّ لزم تخصيص أكثر أفراد العامّ ؛ لعدم سلطنة الفقيه على أموال الناس وأنفسهم إلاّ في موارد قليلة بالنسبة إلى موارد عدم سلطنته.

وبالجملة ، فأقامه الدليل على وجوب طاعة الفقيه كالإمام عليه‌السلام إلاّ ما خرج بالدليل دونه خرط القتاد!

الكلام في ولاية الفقيه بالمعنى الثاني

بقي الكلام في ولايته على الوجه الثاني أعني توقّف تصرّف الغير على إذنه ، فيما كان متوقّفاً على إذن الإمام عليه‌السلام وحيث إنّ موارد التوقّف على إذن الإمام عليه‌السلام غير مضبوطة فلا بدّ من ذكر ما يكون كالضابط لها ، فنقول :

كلّ معروف علم من الشارع إرادة وجوده في الخارج ، إن علم‌

__________________

(١) في «ع» و «ش» : أولى الناس.

(٢) كذا في «ف» و «ش» ، وفي سائر النسخ : على إرادة العامّ من الجهة.

٥٥٣

الضابطة لما يجب استئذان الفقيه فيه

كونه وظيفة شخص خاصّ ، كنظر الأب في مال ولده الصغير ، أو صنفٍ خاصّ ، كالإفتاء والقضاء ، أو كلّ من يقدر على القيام به كالأمر بالمعروف ، فلا إشكال في شي‌ءٍ من ذلك. وإن لم يُعلم ذلك واحتمل كونه مشروطاً في وجوده أو وجوبه بنظر الفقيه ، وجب الرجوع فيه إليه.

ثمّ إن علم الفقيه من الأدلّة جواز تولّيه (١) ؛ لعدم إناطته بنظر خصوص الإمام أو نائبه الخاصّ ، تولاّه مباشرةً أو استنابةً إن كان ممّن يرى الاستنابة فيه ، وإلاّ عطّله ؛ فإنّ كونه معروفاً لا ينافي إناطته بنظر الإمام عليه‌السلام والحرمان عنه عند فقده ، كسائر البركات التي حُرمناها بفقده عجّل الله فرجه.

ومرجع هذا إلى الشكّ في كون المطلوب مطلق وجوده ، أو وجوده من موجد خاصّ.

ما يدل على وجوب استئذان الفقيه في الأمور المذكورة

أمّا وجوب الرجوع إلى الفقيه في الأُمور المذكورة ، فيدلّ عليه مضافاً إلى ما يستفاد من جعله حاكماً ، كما في مقبولة ابن حنظلة ، الظاهرة في كونه كسائر الحكّام المنصوبة في زمان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والصحابة في إلزام الناس بإرجاع الأُمور المذكورة إليه ، والانتهاء فيها إلى نظره ، بل المتبادر عرفاً من نصب السلطان حاكماً وجوب الرجوع في الأُمور العامّة المطلوبة للسلطان إليه ، وإلى ما تقدّم من قوله عليه‌السلام : «مجاري الأُمور بيد العلماء بالله الامناء على حلاله وحرامه» (٢) ـ

__________________

(١) في غير «ف» و «ش» : «توليته» ، ولكن صحّح في «ن» بما أثبتناه.

(٢) تقدّم في الصفحة ٥٥١.

٥٥٤

الكلام في التوقيع إلى اسحاق ابن يعقوب

التوقيع (١) المروي في إكمال الدين (٢) وكتاب الغيبة (٣) واحتجاج الطبرسي (٤) الوارد في جواب مسائل إسحاق بن يعقوب ، التي ذكر أنّي (٥) سألت العمري رضي‌الله‌عنه أن يوصل لي (٦) إلى الصاحب عجّل الله فرجه كتاباً (٧) فيه تلك المسائل التي قد أشكلت عليّ ، فورد الجواب (٨) بخطّه عليه آلاف الصلاة والسلام في أجوبتها ، وفيها : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ؛ فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله».

فإنّ المراد ب «الحوادث» ظاهراً : مطلق الأُمور التي لا بدّ من الرجوع فيها عرفاً أو عقلاً أو شرعاً إلى الرئيس ، مثل النظر في أموال القاصرين لغيبةٍ أو موتٍ أو صغرٍ أو سَفَهٍ.

وأمّا تخصيصها بخصوص المسائل الشرعيّة ، فبعيد من وجوه :

منها : أنّ الظاهر وكول نفس الحادثة إليه ليباشر أمرها مباشرةً أو استنابةً ، لا الرجوع في حكمها إليه.

__________________

(١) في «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : «والتوقيع» ، وفي مصحّحة «خ» و «م» شطب على الواو.

(٢) إكمال الدين : ٤٨٤ ، الباب ٤٥ ، الحديث ٤.

(٣) كتاب الغيبة : ٢٩ ، الفصل ٤ ، الحديث ٢٤٧.

(٤) الاحتجاج ٢ : ٢٨٣ ، وعن المصادر المتقدّمة الوسائل ١٨ : ١٠١ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٩.

(٥) في «م» و «ش» بدل «أنّي» : أبي.

(٦) لم ترد «لي» في «ش».

(٧) في «ف» و «ن» زيادة : «يذكر» ، ولكن شطب عليها في «ن».

(٨) في «ش» : فورد التوقيع.

٥٥٥

ومنها : التعليل بكونهم «حجّتي عليكم وأنا حجّة الله» ؛ فإنّه إنّما يناسب الأُمور التي يكون المرجع فيها هو الرأي والنظر ، فكان هذا منصب ولاة الإمام عليه‌السلام من قِبَل نفسه ، لا أنّه واجب من قِبَل الله سبحانه على الفقيه بعد غيبة الإمام عليه‌السلام ، وإلاّ كان المناسب أن يقول : «إنّهم حُجج الله عليكم» كما وصفهم في مقام آخر ب «أنّهم أُمناء الله على الحلال والحرام» (١).

ومنها : أنّ وجوب الرجوع في المسائل الشرعية إلى العلماء الذي هو من بديهيّات الإسلام من السلف إلى الخلف ممّا لم يكن يخفى على مثل إسحاق بن يعقوب ، حتّى يكتبه في عداد مسائل أشكلت عليه ، بخلاف وجوب الرجوع في المصالح العامّة إلى رأي أحدٍ ونظره ؛ فإنّه يحتمل أن يكون الإمام عليه‌السلام قد وكّله في غيبته إلى شخص أو أشخاص من ثقاته في ذلك الزمان.

والحاصل : أنّ الظاهر أنّ لفظ «الحوادث» ليس مختصّاً بما اشتبه حكمه ولا بالمنازعات.

النسبة بين التوقيع وعمومات الاذن في المعروف لكلّ أحد

ثمّ إنّ النسبة بين مثل هذا التوقيع وبين العمومات الظاهرة في إذن الشارع في كلّ معروف لكلّ أحد ، مثل قوله عليه‌السلام : «كلّ معروف صدقة» (٢) ، وقوله عليه‌السلام : «عون الضعيف من أفضل الصدقة» (٣) وأمثال‌

__________________

(١) راجع الصفحة ٥٥١.

(٢) الوسائل ١١ : ٥٢١ ، الباب الأوّل من أبواب فعل المعروف ، الحديث ٥.

(٣) الوسائل ١١ : ١٠٨ ، الباب ٥٩ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث ٢ ، وفيه : عونك.

٥٥٦

ذلك وإن كانت عموماً من وجه ، إلاّ أنّ الظاهر حكومة هذا التوقيع عليها وكونها بمنزلة المفسّر الدالّ على وجوب الرجوع إلى الإمام عليه‌السلام أو نائبه في الأُمور العامّة التي يفهم عرفاً دخولها تحت «الحوادث الواقعة» ، وتحت عنوان «الأمر» في قوله (أُولِي الْأَمْرِ) (١).

وعلى تسليم التنزّل عن ذلك ، فالمرجع بعد تعارض العمومين إلى أصالة عدم مشروعيّة ذلك المعروف مع عدم وقوعه عن رأي وليّ الأمر (٢). هذا ، لكن المسألة لا تخلو عن إشكال ، وإن كان الحكم به مشهورياً.

محدودية مدلول الأدلّة

وعلى أيّ تقدير ، فقد ظهر ممّا ذكرنا : أنّ ما دلّ عليه هذه الأدلّة هو ثبوت الولاية للفقيه في الأُمور التي يكون مشروعيّة إيجادها في الخارج مفروغاً عنها ، بحيث لو فرض عدم الفقيه كان على الناس القيام بها كفاية. وأمّا ما يُشكّ في مشروعيّته كالحدود لغير الإمام ، وتزويج الصغيرة لغير الأب والجدّ ، وولاية المعاملة على مال الغائب بالعقد عليه وفسخ العقد الخياري عنه ، وغير ذلك ، فلا يثبت من تلك الأدلّة مشروعيّتها للفقيه ، بل لا بدّ للفقيه من استنباط مشروعيّتها من دليلٍ آخر.

نعم ، الولاية على هذه وغيرها ثابتة للإمام عليه‌السلام بالأدلّة المتقدّمة المختصّة به ، مثل آية (أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (٣).

__________________

(١) الوارد في قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ) ، وتقدّم في الصفحة ٥٤٧.

(٢) في «ف» : اولي الأمر.

(٣) الأحزاب : ٦.

٥٥٧

وقد تقدّم (١) : أنّ إثبات عموم نيابة الفقيه (٢) عنه عليه‌السلام في هذا النحو من الولاية على الناس ليقتصر في الخروج عنه على ما خرج بالدليل دونه خرط القتاد.

الحاصل : إنّ هنا مقامين

وبالجملة ، فها هنا مقامان :

أحدهما : وجوب إيكال المعروف المأذون فيه إليه ؛ ليقع خصوصياته عن نظره ورائه ، كتجهيز الميّت الذي لا وليّ له ، فإنّه يجب أن يقع خصوصياته من تعيين الغاسل والمغسل وتعيين شي‌ء من تركته للكفن وتعيين المدفن عن رأي الفقيه.

الثاني : مشروعيّة تصرّفٍ خاصٍّ في نفس أو مال أو عرض.

والثابت بالتوقيع وشبهه هو الأوّل دون الثاني ، وإن كان الإفتاء في المقام الثاني بالمشروعيّة وعدمها أيضاً من وظيفته ، إلاّ أنّ المقصود عدم دلالة الأدلّة السابقة على المشروعيّة.

نعم ، لو ثبتت أدلّة النيابة عموماً تمّ ما ذكر.

التمسّك برواية «السلطان وليّ من لا وليّ له» ، ومناقشتها

ثمّ إنّه قد اشتهر في الألسن وتداول في بعض الكتب (٣) رواية (٤) أنّ «السلطان وليّ من لا وليّ له» وهذا أيضاً بعد الانجبار سنداً أو‌

__________________

(١) تقدّم في الصفحة ٥٥٣.

(٢) في غير «ش» : «نيابته للفقيه» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٣) كما في المسالك ٧ : ١٤٧ ، وعوائد الأيام : ٥٦٣ ، ذيل العائدة : ٥٤ ، والجواهر ٢٩ : ١٨٨ ، وراجع الحديث في كنز العمّال ١٦ : ٣٠٩ ، الحديث ٤٤٦٤٣ و ٤٤٦٤٤.

(٤) لم ترد «رواية» في «ف».

٥٥٨

مضموناً (١) يحتاج إلى أدلّة عموم النيابة ، وقد عرفت ما يصلح أن يكون دليلاً عليه (٢) ، وأنّه لا يخلو عن وهن في دلالته ، مع قطع النظر عن السند ، كما اعترف به جمال المحقّقين في باب الخمس بعد الاعتراف بأنّ المعروف بين الأصحاب كون الفقهاء نوّاب الإمام عليه‌السلام (٣) ، ويظهر من المحقّق الثاني أيضاً في رسالته الموسومة ب «قاطع اللجاج» (٤) في مسألة جواز أخذ الفقيه اجرة أراضي الأنفال من المخالفين كما يكون ذلك للإمام عليه‌السلام إذا ظهر الشكّ (٥) في عموم النيابة (٦) ، وهو في محلّه.

المقصود من «من ولا وليّ له»

ثمّ إنّ قوله (٧) : «من ولا وليّ له» في المرسلة المذكورة ليس مطلق من لا وليّ له ، بل المراد عدم الملكة ، يعني : أنّه وليّ مَن مِن شأنه أن يكون له وليّ بحسب شخصه أو صنفه أو نوعه أو جنسه ، فيشمل الصغير الذي مات أبوه ، والمجنون بعد البلوغ ، والغائب ، والممتنع ، والمريض ، والمغمى عليه ، والميّت الذي لا وليّ له ، وقاطبة المسلمين إذا كان لهم مِلك ، كالمفتوح عنوة ، والموقوف عليهم في الأوقاف العامّة ، ونحو ذلك.

__________________

(١) قال الشهيد قدس‌سره : منشأ الترديد هو الشكّ في أنّ المتداول في الألسنة متن الرواية ونقلت باللفظ ، أو مضمونها ونقلت بالمعنى (هداية الطالب : ٣٣٢).

(٢) راجع الصفحة ٥٥١ ٥٥٣.

(٣) حاشية الروضة : ٣٢٠ ، ذيل عبارة : أو إلى نوّابه وهم الفقهاء.

(٤) كذا في النسخ ، والمعروف تسميتها ب «قاطعة اللجاج».

(٥) كذا في «ف» ، «خ» و «ص» ، وفي سائر النسخ : للشكّ.

(٦) قاطعة اللجاج في تحقيق حلّ الخراج (رسائل المحقّق الكركي) ١ : ٢٥٧.

(٧) في «ف» زيادة : عليه‌السلام.

٥٥٩

لكن يستفاد منه ما لم يمكن (١) يستفاد من التوقيع المذكور ، وهو الإذن في فعل كلّ مصلحة لهم ، فثبت (٢) به مشروعيّة ما لم يثبت مشروعيّته بالتوقيع المتقدّم ، فيجوز له القيام بجميع مصالح الطوائف المذكورين.

نعم ، ليس له فعل شي‌ء لا يعود مصلحته إليهم ، وإن كان ظاهر «الوليّ» يوهم ذلك ؛ إذ بعد ما ذكرنا : من أنّ المراد ب «من لا وليّ له» مَن مِن شأنه أن يكون له وليّ ، يراد به كونه ممّن ينبغي أن يكون له من يقوم بمصالحه ، لا بمعنى : أنّه ينبغي أن يكون عليه وليٌّ ، له عليه (٣) ولاية الإجبار ، بحيث يكون تصرّفه ماضياً عليه.

والحاصل : أنّ الوليّ المنفيّ هو الوليّ للشخص لا عليه ، فيكون المراد بالوليّ المثبت ، ذلك أيضاً ، فمحصّله : إنّ الله جعل الوليّ الذي (٤) يحتاج إليه الشخص وينبغي أن يكون له ، هو (٥) السلطان ، فافهم.

__________________

(١) كذا في «ف» ، وفي سائر النسخ : يكن.

(٢) في «ص» : فثبتت.

(٣) عبارة «وليّ ، له عليه» لم ترد في «م» ، واستدركت في «ع» و «ص».

(٤) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : للذي.

(٥) الضمير في «ص» مشطوب عليه.

٥٦٠