كتاب المكاسب - ج ٣

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٥
ISBN: 964-5662-17-6
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٦٣٩

إنّما قصد النقل عن المالك لكن أخطأ في اعتقاده أنّ المالك أبوه ، وقد تقدّم توضيح ذلك في عكس المسألة ، أي : ما لو باع ملك غيره باعتقاد أنّه ملكه (١).

نعم ، من أبطل عقد الفضولي لأجل اعتبار مقارنة طيب نفس المالك للعقد قوي البطلان عنده هنا ؛ لعدم طيب نفس المالك بخروج ماله عن ملكه ؛ ولذا نقول نحن كما سيجي‌ء (٢) باشتراط الإجازة من المالك بعد العقد ؛ لعدم حصول طيب النفس حال العقد.

وأمّا ما ذكر : من أنّه في معنى التعليق ، ففيه مع مخالفته لمقتضى الدليل الأوّل ، كما لا يخفى ـ : منع كونه في معنى التعليق ؛ لأنّه إذا فرض أنّه يبيع مال أبيه لنفسه ، كما هو ظاهر هذا الدليل ، فهو إنّما يبيعه مع وصف كونه لأبيه في علمه ، فبيعه كبيع الغاصب مبنيّ على دعوى السلطنة والاستقلال على المال ، لا على تعليق للنقل (٣) بكونه منتقلاً إليه بالإرث عن (٤) مورّثه ؛ لأنّ ذلك لا يجامع مع ظنّ الحياة.

اللهم إلاّ أن يراد أنّ القصد الحقيقي إلى النقل معلّق على تملّك الناقل ، وبدونه فالقصد صوري ، على ما تقدّم من المسالك من أنّ الفضولي والمكره قاصدان إلى اللفظ دون مدلوله (٥).

__________________

(١) راجع الصفحة ٣٧٦ و ٣٨٠.

(٢) يجي‌ء في الصفحة الآتية.

(٣) في «ف» : النقل.

(٤) في «ف» ، «خ» و «ن» : من.

(٥) تقدّم في الصفحة ٣٧٢.

٤٦١

لكن فيه حينئذٍ : أنّ هذا القصد الصوري كافٍ ؛ ولذا قلنا بصحّة عقد الفضولي.

ومن ذلك يظهر ضعف ما ذكره أخيراً من كونه كالعابث عند مباشرة العقد ، معلّلاً بعلمه بكون المبيع لغيره.

هل تحتاج إلى إجازة مستأنفة

وكيف كان ، فلا ينبغي الإشكال في صحّة العقد ، إلاّ أنّ ظاهر المحكيّ من غير واحد (١) لزوم العقد وعدم الحاجة إلى إجازة مستأنفة ؛ لأنّ المالك هو المباشر للعقد فلا وجه لإجازة فعل نفسه ، ولأنّ قصده إلى نقل مال نفسه إن حصل هنا بمجرّد القصد إلى نقل المال المعين الذي هو في الواقع ملك نفسه وإن لم يشعر به فهو أولى من الإذن في ذلك فضلاً عن إجازته ، وإلاّ توجّه عدم وقوع العقد له.

الأقوى وقوفه على الإجازة

لكنّ الأقوى وفاقاً للمحقّق والشهيد الثانيين (٢) ـ : وقوفه على الإجازة ، لا لما ذكره في جامع المقاصد من أنّه لم يقصد إلى البيع الناقل للملك الآن ، بل مع إجازة المالك ؛ لاندفاعه بما ذكره بقوله : إلاّ أن يقال : إنّ قصده إلى أصل البيع كافٍ (٣).

وتوضيحه : أنّ انتقال المبيع شرعاً بمجرّد العقد أو بعد إجازة المالك ليس من مدلول لفظ العقد حتّى يعتبر قصده أو يقدح قصد خلافه ، وإنّما هو من الأحكام الشرعيّة العارضة للعقود بحسب اختلافها في التوقّف على الأُمور المتأخّرة وعدمه ، مع أنّ عدم (٤) القصد المذكور‌

__________________

(١) حكاه المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٣٦ ، عن ظاهر الشهيد وغيره.

(٢) جامع المقاصد ٤ : ٧٦ ، والمسالك ٦ : ٥١.

(٣) جامع المقاصد ٤ : ٧٦.

(٤) لم ترد «عدم» في «ف».

٤٦٢

لا يقدح بناءً على الكشف ، بل قصد النقل بعد الإجازة ربما يحتمل قدحه ، فالدليل على اشتراط تعقّب الإجازة في اللزوم هو عموم تسلّط الناس على أموالهم ، وعدم حلّها لغيرهم إلاّ بطيب أنفسهم ، وحرمة أكل المال إلاّ بالتجارة عن تراض.

وبالجملة ، فأكثر أدلّة اشتراط الإجازة في الفضولي جارية هنا.

وأمّا ما ذكرناه من أنّ قصد نقل ملك نفسه إن حصل أغنى عن الإجازة ، وإلاّ فسد العقد.

ففيه : أنّه يكفي في تحقّق صورة العقد القابلة للحوق اللزوم (١) القصد إلى نقل المال المعيّن. وقصد كونه ماله (٢) أو مال غيره مع خطائه (٣) في قصده أو صوابه (٤) في الواقع لا يقدح ولا ينفع ؛ ولذا بنينا على صحّة العقد بقصد (٥) مال نفسه مع كونه مالاً لغيره.

وأمّا أدلّة اعتبار التراضي وطيب النفس ، فهي دالّة على اعتبار رضا المالك بنقل خصوص ماله بعنوان أنّه ماله ، لا بنقل مالٍ معيّنٍ يتّفق كونه ملكاً له في الواقع ، فإنّ حكم طيب النفس والرضا لا يترتّب على ذلك ، فلو أذن في التصرّف في مالٍ معتقداً أنّه لغيره ، والمأذون يعلم أنّه له ، لم يجز له التصرّف بذلك الإذن. ولو فرضنا أنّه أعتق‌

__________________

(١) العبارة في «ف» هكذا : القابلة للزوم القصد.

(٢) في مصحّحة «ص» ونسخة بدل «ش» : مال نفسه.

(٣) في بعض النسخ : خطأ.

(٤) في مصحّحة «ص» : وصوابه.

(٥) في «ص» زيادة : نقل.

٤٦٣

عبداً عن غيره فبان أنّه له لم ينعتق ، وكذا لو طلّق امرأةً وكالةً عن غيره فبانت زوجته ؛ لأنّ القصد المقارن إلى طلاق زوجته وعتق مملوكه معتبر فيهما ، فلا تنفع الإجازة.

ولو غرّه الغاصب فقال : «هذا عبدي أعتقه عنك» فأعتقه عن نفسه ، فبان كونه له ، فالأقوى أيضاً عدم النفوذ ، وفاقاً للمحكيّ عن التحرير (١) وحواشي الشهيد (٢) وجامع المقاصد (٣) مع حكمه بصحّة البيع هنا ووقوفه على الإجازة (٤) ؛ لأنّ العتق لا يقبل الوقوف ، فإذا لم يحصل القصد إلى فكّ ماله مقارناً للصيغة وقعت باطلة ، بخلاف البيع ؛ فلا تناقض بين حكمه ببطلان العتق وصحّة البيع مع الإجازة ، كما يتوهّم.

نعم ، ينبغي إيراد التناقض على من حكم هناك بعدم النفوذ ، وحكم في البيع باللزوم وعدم الحاجة إلى الإجازة ؛ فإنّ القصد إلى إنشاء يتعلّق بمعيّن هو مال المنشئ في الواقع من غير علمه به ، إن كان يكفي في طيب النفس والرضا المعتبر في جميع إنشاءات الناس المتعلّقة بأموالهم وجب الحكم بوقوع العتق ، وإن اعتبر في طيب النفس المتعلّق بإخراج الأموال عن الملك ، العلم بكونه مالاً له ولم يكف مجرّد مصادفة الواقع ، وجب الحكم بعدم لزوم البيع.

__________________

(١) التحرير ٢ : ١٤١.

(٢) لا يوجد لدينا «حواشي الشهيد» ، نعم حكاه عنه المحقّق الثاني في جامع المقاصد ٦ : ٢٣٣.

(٣) جامع المقاصد ٦ : ٢٣٣.

(٤) جامع المقاصد ٤ : ٧٦.

٤٦٤

فالحقّ : أنّ القصد إلى الإنشاء المتعلّق ، بمال معيّن مصحّح للعقد ، بمعنى قابليته للتأثير ، ولا يحتاج إلى العلم بكونه مالاً له ، لكن لا يكفي ذلك في تحقّق الخروج عن ماله بمجرّد الإنشاء ، ثمّ إن كان ذلك الإنشاء ممّا يقبل اللزوم بلحوق الرضا كفت الإجازة كما في العقود ، وإلاّ وقع الإنشاء باطلاً كما في الإيقاعات.

ثمّ إنّه ظهر ممّا ذكرنا في وجه الوقوف على الإجازة : أنّ هذا الحقّ للمالك من باب الإجازة لا من باب خيار الفسخ ، فعقده متزلزل من حيث الحدوث ، لا البقاء كما قوّاه بعض من قارب عصرنا (١) ، وتبعه بعض من عاصرناه (٢) ؛ معلّلاً بقاعدة نفي الضرر ؛ إذ فيه : أنّ الخيار فرع الانتقال ، وقد تقدّم توقّفه على طيب النفس.

وما ذكراه من الضرر المترتّب على لزوم البيع ، ليس لأمرٍ راجع إلى العوض والمعوّض ، وإنّما هو لانتقال الملك عن مالكه من دون علمه ورضاه ؛ إذ لا فرق في الجهل بانتقال ماله بين أن يجهل أصل الانتقال كما يتّفق في الفضولي ، أو يعلمه ويجهل تعلّقه بماله.

ومن المعلوم : أنّ هذا الضرر هو المثبت لتوقّف عقد الفضولي على الإجازة ؛ إذ لا يلزم من لزومه بدونها سوى هذا الضرر.

ثمّ ، إنّ الحكم بالصحّة (٣) في هذه الصورة غير متوقّفة (٤) على القول‌

__________________

(١) قوّاه المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٣٧.

(٢) وهو صاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٢٩٨.

(٣) لم ترد «بالصحّة» في «ف».

(٤) كذا في النسخ ، والمناسب : «غير متوقّف» ، كما في مصحّحة «ص».

٤٦٥

بصحّة عقد الفضولي ، بل يجي‌ء على القول بالبطلان ، إلاّ أن يستند في بطلانه بما تقدّم من قبح التصرّف في مال الغير (١) ، فيتّجه عنده حينئذٍ البطلان ، ثمّ يغرم المثمن وإن كان جاهلاً (٢).

٤ ـ لو باع لنفسه باعتقاد أنّه لغيره فانكشف أنّه له

الرابعة : أن يبيع لنفسه باعتقاد أنّه لغيره فانكشف أنّه له ، والأقوى هنا أيضاً الصحّة ولو على القول ببطلان الفضولي والوقوف على الإجازة ؛ بمثل ما مرّ في الثالثة ، وفي عدم الوقوف هنا وجه لا يجري في الثالثة ؛ ولذا قوّى اللزوم هنا بعض من قال بالخيار في الثالثة (٣).

__________________

(١) تقدّم في الصفحة ٣٧١.

(٢) عبارة «ثمّ يغرم المثمن وإن كان جاهلاً» لم ترد في «ف» و «ش» ، وشطب عليها في «ن».

(٣) قاله المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٣٦ ، في الخامس من موارد بيع الفضولي.

٤٦٦

وأمّا القول في المجاز :

فاستقصاؤه يكون ببيان أُمور :

اعتبار كون العقد المجاز جامعاً لجميع الشروط

الأوّل : يشترط فيه كونه جامعاً لجميع الشروط المعتبرة في تأثيره عدا رضا المالك ، فلا يكفي اتّصاف المتعاقدين بصحّة الإنشاء ، ولا إحراز سائر الشروط بالنسبة إلى الأصيل فقط على الكشف ؛ للزومه عليه حينئذٍ (١) ، بل مطلقاً ؛ لتوقّف تأثيره الثابت ولو على القول بالنقل عليها ؛ وذلك لأنّ العقد إمّا تمام السبب أو جزؤه ، وعلى أيّ حال فيعتبر اجتماع الشروط عنده ؛ ولهذا لا يجوز الإيجاب في حال جهل القابل بالعوضين ، بل لو قلنا بجواز ذلك لم يلزم منه الجواز هنا ؛ لأنّ الإجازة على القول بالنقل أشبه بالشرط ، ولو سلّم كونها جزءاً فهو جزءٌ للمؤثِّر لا للعقد ، فيكون جميع ما دلّ من النصّ والإجماع على اعتبار الشروط في البيع ظاهرة في اعتبارها في إنشاء النقل والانتقال بالعقد.

نعم ، لو دلّ دليل على اعتبار شرطٍ في ترتّب الأثر الشرعي على العقد من غير ظهور في اعتباره في أصل الإنشاء ، أمكن القول بكفاية وجوده حين الإجازة ، ولعلّ من هذا القبيل : القدرة على التسليم ، وإسلام مشتري المُصحَفِ والعبدِ (٢) المسلم.

هل يشترط بقاء الشرائط إلى زمان الاجازة؟

ثمّ هل يشترط بقاء الشرائط المعتبرة حين العقد إلى زمان الإجازة ، أم لا؟ لا ينبغي الإشكال في عدم اشتراط بقاء المتعاقدين‌

__________________

(١) لم ترد «حينئذٍ» في «ف» و «ش».

(٢) كلمة «العبد» من «ش» فقط.

٤٦٧

على شروطهما (١) حتّى على القول بالنقل. نعم ، على القول بكونها بيعاً مستأنفاً يقوى الاشتراط.

وأمّا شروط العوضين ، فالظاهر اعتبارها بناءً على النقل ، وأمّا بناءً على الكشف فوجهان ، واعتبارها عليه أيضاً غير بعيد.

هل يعتبر كون المجاز معلوماً للمجيز بالتفصيل؟

الثاني : هل يشترط في المجاز كونه معلوماً للمجيز بالتفصيل‌

من تعيين العوضين ، وتعيين نوع العقد من كونه بيعاً أو صلحاً ، فضلاً عن جنسه من كونه نكاحاً لجاريته أو بيعاً لها أم يكفي العلم الإجمالي بوقوع عقد قابل للإجازة؟ وجهان : من كون الإجازة كالإذن السابق فيجوز تعلّقه بغير المعيّن إلاّ إذا بلغ حدّا لا يجوز معه التوكيل ، ومن أنّ الإجازة بحسب الحقيقة أحد ركني العقد ؛ لأنّ المعاهدة الحقيقية إنّما تحصل بين المالكين (٢) بعد الإجازة ، فيشبه القبول مع عدم تعيين الإيجاب عند القابل.

ومن هنا يظهر قوّة احتمال اعتبار العلم بوقوع العقد ، ولا يكفي مجرّد احتماله فيجيزه على تقدير وقوعه إذا انكشف وقوعه ؛ لأنّ الإجازة وإن لم تكن من العقود حتّى يشملها معاقد إجماعهم (٣) على عدم جواز التعليق فيها (٤) ، إلاّ أنّها في معناها (٥) ؛ ولذا يخاطب المجيز بعدها بالوفاء‌

__________________

(١) كذا في «ف» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : شروطها.

(٢) في «ش» : من المالكين.

(٣) كذا ، والمناسب : إجماعاتهم ، كما استظهره مصحّح «ص».

(٤) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : فيه.

(٥) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : معناه.

٤٦٨

بالعقد السابق ، مع أنّ الوفاء بالعقد السابق (١) لا يكون إلاّ في حقّ العاقد ، فتأمّل.

حكم العقود المترتّبة

الثالث : المجاز ، إمّا العقد الواقع على نفس مال الغير ، وإمّا العقد الواقع على عوضه ، وعلى كلّ منهما إمّا أن يكون المجاز أوّل عقد وقع على المال أو عوضه ، أو آخره ، أو عقداً بين سابق ولاحق واقعين على مورده ، أو بدله ، أو بالاختلاف.

ويجمع (٢) الكلّ : فيما إذا باع عبداً لمالكٍ بفرس ، ثمّ باعه المشتري بكتاب ، ثمّ باعه الثالث بدينار ، وباع البائع الفرس بدرهم ، وباع الثالث الدينار بجارية ، وباع بائع الفرس الدرهم برغيف ، ثمّ بيع الدرهم بحمار ، وبيع الرغيف بعسل.

أمّا إجازة العقد الواقع على مال المالك أعني العبد بالكتاب فهي ملزمة له ولما بعده ممّا وقع على مورده أعني العبد بالدينار بناءً على الكشف ، وأمّا بناءً على النقل ، فيبنى على ما تقدّم من اعتبار ملك المجيز حين العقد وعدمه ، وهي فسخ بالنسبة إلى ما قبله ممّا ورد على مورده ، أعني بيع العبد بفرس بالنسبة إلى المجيز.

أمّا بالنسبة إلى من ملك بالإجازة وهو المشتري بالكتاب فقابليّته للإجازة مبنيّة على مسألة اشتراط ملك المجيز حين العقد.

هذا حال العقود السابقة واللاحقة على مورده ، أعني مال المجيز.

__________________

(١) لم ترد «السابق» في «ف».

(٢) كذا ، والأنسب : يجتمع ، كما استظهره مصحّح «ص».

٤٦٩

وأمّا العقود الواقعة على عوض مال المجيز : فالسابقة على هذا العقد وهو بيع الفرس بالدرهم يتوقّف لزومها على إجازة المالك الأصلي للعوض وهو الفرس (١) ، واللاحقة له أعني بيع الدينار بجارية تلزم بلزوم هذا العقد.

وأمّا إجازة العقد الواقع على العوض (٢) أعني بيع الدرهم برغيف فهي ملزمة للعقود السابقة عليه ، سواء وقعت على نفس مال المالك أعني بيع العبد بالفرس أو على (٣) عوضه وهو بيع الفرس بالدرهم ، وللعقود اللاحقة له إذا وقعت على المعوّض (٤) ، وهو بيع الدرهم بالحمار.

أمّا الواقعة على هذا البدل المجاز أعني بيع الرغيف بالعسل فحكمها حكم العقود الواقعة على المعوّض ابتداءً.

وملخّص ما ذكرنا : أنّه لو ترتّبت عقود متعدّدة (٥) مترتّبة (٦) على مال المجيز ، فإن وقعت من أشخاص متعدّدة كان إجازة وسط منها فسخاً لما قبله وإجازة لما بعده على الكشف ، وإن وقعت من شخص واحد انعكس الأمر.

__________________

(١) عبارة «يتوقّف لزومها إلى وهو الفرس» ساقطة من «ف».

(٢) في «ف» و «ع» ونسخة بدل «ن» وفيما يلوح من «ص» : المعوّض.

(٣) لم ترد «على» في «ف».

(٤) في «م» و «ن» : «العوض» ، وفي نسخة بدل الأخير : المعوض.

(٥) لم ترد «متعدّدة» في «خ».

(٦) لم ترد «مترتّبة» في «ف».

٤٧٠

ولعلّ هذا هو المراد من المحكي عن الإيضاح (١) والدروس (٢) في حكم ترتّب العقود : من أنّه إذا أجاز عقداً على المبيع صحّ وما بعده ، وفي الثمن ينعكس ؛ فإنّ العقود المترتّبة على المبيع لا يكون إلاّ من أشخاص متعدّدة ، وأمّا العقود المترتّبة على الثمن ، فليس مرادهما أن يعقد على الثمن الشخصي مراراً ؛ لأنّ حكم ذلك حكم العقود المترتّبة على المبيع ، على ما سمعت سابقاً من (٣) قولنا : أمّا الواقعة على هذا البدل المجاز .. إلخ ، بل مرادهما ترامي الأثمان في العقود المتعدّدة ، كما صرّح بذلك المحقّق والشهيد الثانيان (٤).

وقد علم من ذلك أنّ مرادنا بما ذكرنا في المقسم من العقد المجاز على عوض مال الغير ، ليس العوض الشخصي الأوّل له ، بل العوض ولو بواسطة.

الاشكال في شمول الحكم بجواز تتبّع العقود لصورة علم المشتري بالغصب

ثمّ إنّ هنا (٥) إشكالاً في شمول الحكم بجواز تتبّع العقود لصورة علم المشتري بالغصب ، أشار إليه العلاّمة رحمه‌الله في القواعد (٦) ، وأوضحه قطب الدين والشهيد في الحواشي المنسوبة إليه.

__________________

(١) الإيضاح ١ : ٤١٨.

(٢) الدروس ٣ : ١٩٣ ، وحكى ذلك عنهما المحقّق الثاني في جامع المقاصد ٤ : ٧٠ ، والسيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١٩١ ، وغيرهما.

(٣) في غير «ش» زيادة «أنّ» ، ولكن شطب عليها في «ن».

(٤) انظر جامع المقاصد ٤ : ٧٠ ، والمسالك ٣ : ١٥٩ ، والروضة البهية ٣ : ٢٣٣.

(٥) في «ف» : ها هنا.

(٦) القواعد ١ : ١٢٤.

٤٧١

فقال الأوّل فيما حكي عنه : إنّ وجه الإشكال أنّ المشتري مع العلم يكون مسلِّطاً للبائع الغاصب على الثمن ؛ ولذا لو تلف لم يكن له الرجوع ، ولو بقي ففيه الوجهان ، فلا ينفذ فيه إجازة الغير بعد تلفه بفعل المسلط بدفعه ثمناً عن مبيع اشتراه ، ومن أنّ الثمن عوض عن العين المملوكة ولم يمنع من نفوذ الملك فيه إلاّ عدم صدوره عن المالك ، فإذا أجاز جرى مجرى الصادر عنه (١) ، انتهى.

وقال في محكيّ الحواشي : إنّ المشتري مع علمه بالغصب يكون مسلِّطاً للبائع الغاصب على الثمن ، فلا يدخل في ملك ربّ العين ، فحينئذٍ إذا اشترى به البائع متاعاً فقد اشتراه لنفسه وأتلفه عند الدفع إلى البائع فيتحقّق ملكيّته للمبيع ، فلا يتصوّر نفوذ الإجازة هنا (٢) لصيرورته ملكاً للبائع وإن أمكن إجازة البيع (٣) ، مع احتمال عدم نفوذها أيضاً ؛ لأنّ ما دفعه إلى الغاصب كالمأذون له في إتلافه فلا يكون ثمناً ، فلا تؤثّر الإجازة في جعله ثمناً ، فصار الإشكال في صحّة البيع وفي التتبّع ، ثمّ قال : إنّه يلزم من القول ببطلان التتبّع (٤) بطلان إجازة البيع في المبيع ؛ لاستحالة كون المبيع بلا ثمن ، فإذا قيل : إنّ الإشكال في صحّة‌

__________________

(١) لا يوجد لدينا كتابه ، وحكاه عنه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١٩٢.

(٢) كذا في «ش» ونسخة بدل «ن» ، وفي «ف» : بها ، وفي سائر النسخ : فيها.

(٣) كذا في «م» ونسخة بدل «خ» و «ع» ؛ وفاقاً للمحكي عن المصدر ، وفي سائر النسخ : المبيع.

(٤) كذا في «ش» ونسخة بدل «ص» ، وفي سائر النسخ : البيع ؛ وفاقاً للمحكي عن المصدر.

٤٧٢

العقد كان صحيحاً أيضاً (١) ، انتهى.

واقتصر في جامع المقاصد (٢) على ما ذكره الشهيد أخيراً في وجه سراية هذا الإشكال إلى صحّة عقد الفضولي مع علم المشتري بالغصب.

والمحكيّ عن الإيضاح : ابتناء وجه بطلان جواز تتبّع العقود للمالك مع علم المشتري على كون الإجازة ناقلة ، فيكون منشأ الإشكال في الجواز والعدم : الإشكال في الكشف والنقل.

قال في محكيّ الإيضاح : إذا كان المشتري جاهلاً فللمالك تتبّع العقود ورعاية مصلحته والربح في سلسلتي الثمن والمثمن ، وأمّا إذا كان عالماً بالغصب فعلى قول الأصحاب من أنّ المشتري إذا رجع عليه بالسلعة لا يرجع على الغاصب بالثمن مع وجود عينه ، فيكون قد ملّك الغاصب مجّاناً ؛ لأنّه بالتسليم إلى الغاصب ليس للمشتري استعادته من الغاصب بنصّ الأصحاب ، والمالك قبل الإجازة لم يملك الثمن ؛ لأنّ الحقّ أنّ الإجازة شرط أو سبب ، فلو لم يكن للغاصب فيكون (٣) الملك بغير مالك ، وهو محال ، فيكون قد سبق ملك الغاصب للثمن على سبب ملك المالك له أي الإجازة فإذا نقل الغاصب الثمن عن ملكه لم يكن للمالك إبطاله ، ويكون ما يشتري الغاصب بالثمن وربحه له ، وليس للمالك أخذه لأنّه ملك الغاصب. وعلى القول بأنّ إجازة المالك كاشفة ، فإذا أجاز العقد كان له ، ويحتمل أن يقال : لمالك العين حقٌّ تعلّق بالثمن ، فإنّ‌

__________________

(١) حكى عنه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١٩٢.

(٢) جامع المقاصد ٤ : ٧١.

(٣) كذا ، والمناسب : «لكان» كما في المصدر ، واستظهر مصحّح «ص» : يكون.

٤٧٣

له إجازة البيع وأخذ الثمن ، وحقّه مقدّم على حقّ الغاصب ، لأنّ الغاصب يؤخذ بأخسّ أحواله وأشقّها عليه (١) ، والمالك بأجود (٢) الأحوال ، ثمّ قال : والأصحّ عندي [أنّه (٣)] مع وجود عين الثمن ، للمشتري العالم أخذه ، ومع التلف ليس له الرجوع به (٤). انتهى كلامه رحمه‌الله.

عدم ورود الاشكال على تقدير الكشف

وظاهر كلامه رحمه‌الله : أنّه لا وقع للإشكال على تقدير الكشف ، وهذا هو المتّجه ؛ إذ حينئذٍ يندفع ما استشكله القطب والشهيد رحمهما الله : بأنّ تسليط المشتري للبائع على الثمن على تقدير الكشف تسليطٌ على ما ملكه (٥) الغير بالعقد السابق على التسليط الحاصل بالإقباض ، فإذا انكشف ذلك بالإجازة عمل مقتضاه (٦) ، وإذا تحقّق الردّ انكشف كون ذلك تسليطاً من المشتري على ماله ، فليس له أن يستردّه ؛ بناءً على ما نقل من الأصحاب.

نعم ، على القول بالنقل يقع الإشكال في جواز إجازة العقد الواقع على الثمن ؛ لأنّ إجازة مالك (٧) المبيع له موقوفة على تملّكه للثمن ؛ لأنّه‌

__________________

(١) عبارة «وأشقّها عليه» وردت في «ش» وهامش «ن» فقط.

(٢) كذا في «ش» و «ن» والمصدر ، وفي سائر النسخ : «مأخوذ» ولعلّه مصحّف «بأجود» وصحّح في «ص» هكذا : «مأخوذ بأحسن».

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) الإيضاح ١ : ٤١٧ ٤١٨.

(٥) في «م» و «ص» : «على ملك» ، وفي «ع» : على مالكه.

(٦) في «ص» ومصحّحة «ن» : بمقتضاه.

(٧) كذا في «ف» و «ش» ومصحّحة «خ» ، وفي سائر النسخ : المالك.

٤٧٤

قبلها أجنبيّ عنه ، والمفروض أنّ تملّكه الثمن موقوف على الإجازة على القول بالنقل. وكذا الإشكال في إجازة العقد الواقع على المبيع بعد قبض البائع الثمن أو بعد إتلافه إيّاه على الخلاف في اختصاص عدم رجوع المشتري على (١) الثمن بصورة التلف وعدمه ؛ لأنّ تسليط المشتري للبائع على الثمن قبل انتقاله إلى (٢) مالك المبيع بالإجازة ، فلا يبقى مورد للإجازة.

وما ذكره في الإيضاح : من احتمال تقديم حقّ المجيز لأنّه أسبق وأنّه أولى من الغاصب المأخوذ بأشقّ الأحوال (٣) ، فلم يعلم له (٤) وجه بناءً على النقل ؛ لأنّ العقد جزء سبب لتملّك المجيز ، والتسليط (٥) المتأخّر عنه علّة تامّة لتملّك الغاصب ، فكيف يكون حقّ المجيز أسبق؟

نعم ، يمكن أن يقال : إنّ حكم الأصحاب بعدم استرداد الثمن ، لعلّه لأجل التسليط (٦) المراعى بعدم إجازة مالك المبيع ، لا لأنّ نفس التسليط (٧) علّة تامّة لاستحقاق الغاصب على تقديري الردّ والإجازة ، وحيث إنّ حكمهم هذا مخالف للقواعد الدالّة على عدم حصول الانتقال‌

__________________

(١) في مصحّحة «م» : إلى.

(٢) كذا في «ص» و «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : على.

(٣) تقدّم نصّ عبارته في الصفحة السابقة.

(٤) لم ترد «له» في غير «ش» ، لكنّها استدركت في «م» و «خ» ، وفي «ن» صحّحت العبارة بتبديل «وجه» ب «وجهه».

(٥) في غير «ف» و «ش» : «التسلّط» ، لكنّه صحّح في «م» و «ن» بما أثبتناه.

(٦) في غير «ش» : «التسلّط» ، لكن صحّح في «م» و «ن» بما أثبتناه.

(٧) في غير «ش» : «التسلّط» ، لكن صحّح في «م» و «ن» بما أثبتناه.

٤٧٥

بمجرّد التسليط المتفرّع على عقد فاسد ، وجب الاقتصار فيه على المتيقّن ، وهو التسليط على تقدير عدم الإجازة ، فافهم.

٤٧٦

مسألة

في أحكام الردّ‌

ما يتحقق به الرد

لا يتحقّق الردّ قولاً إلاّ بقوله : «فسخت» و «رددت» وشبه ذلك ممّا هو صريح في الردّ ؛ لأصالة بقاء اللزوم من طرف الأصيل وقابليّته من طرف المجيز ، وكذا يحصل بكلّ فعل مخرجٍ (١) له عن ملكه بالنقل أو بالإتلاف وشبههما ، كالعتق والبيع والهبة والتزويج ونحو ذلك ، والوجه في ذلك : أنّ تصرّفه بعد فرض صحّته مفوّت لمحلّ الإجازة ؛ لفرض خروجه عن ملكه.

هل يتحقق الرد بالتصرف غير المخرج عن الملك؟

وأمّا التصرّف الغير المخرج عن الملك كاستيلاد الجارية وإجارة الدار (٢) وتزويج الأمة فهو وإن لم يخرج الملك عن قابليّة وقوع الإجازة عليه ، إلاّ أنّه مخرج له عن قابليّة وقوع الإجازة من زمان العقد ؛ لأنّ صحّة الإجازة على هذا النحو توجب وقوعها باطلة ، وإذا فرض وقوعها صحيحة منعت عن وقوع الإجازة.

والحاصل : أنّ وقوع هذه الأُمور صحيحة ، مناقض (٣) لوقوع‌

__________________

(١) في غير «ن» و «ش» : «يخرج» ، وصحّح في «ص» بما أثبتناه.

(٢) في «ع» و «ص» : «الدابّة» ، وفي نسخة بدل «ص» : الدار.

(٣) كذا في «ش» ، وفي «ف» : «متناقض» ، وفي سائر النسخ : «مناقضة» ، إلاّ أنّها صحّحت في «ن» بما أثبتناه.

٤٧٧

الإجازة لأصل العقد ، فإذا وقع أحد المتنافيين صحيحاً فلا بدّ من امتناع وقوع الآخر (١) ، أو إبطال صاحبه ، أو إيقاعه على غير وجهه (٢) ، وحيث لا سبيل إلى الأخيرين تعيّن الأوّل.

وبالجملة ، كلّ ما يكون باطلاً على تقدير لحوق الإجازة المؤثّر (٣) من حين العقد ، فوقوعه صحيحاً مانع من لحوق الإجازة ؛ لامتناع اجتماع المتنافيين.

نعم ، لو انتفع المالك بها قبل الإجازة بالسكنى واللبس ، كان عليه اجرة المثل إذا أجاز ، فتأمّل.

ومنه يعلم : أنّه لا فرق بين وقوع هذه مع الاطّلاع على وقوع العقد ، ووقوعها (٤) بدونه ؛ لأنّ التنافي بينهما واقعي (٥).

ودعوى : أنّه لا دليل على اشتراط قابليّة التأثير من حين العقد في (٦) الإجازة ؛ ولذا صحّح جماعة كما تقدّم (٧) إجازة المالك الجديد في من باع شيئاً ثمّ ملكه.

مدفوعة : بإجماع أهل الكشف على كون إجازة المالك حين العقد‌

__________________

(١) في غير «ش» : «الأخير» ، لكن صحّح في «ن» بما أثبتناه.

(٢) كذا في «ص» و «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : وجه.

(٣) في «ن» : «المؤثّرة» ، والظاهر أنّها مصحّحة.

(٤) في غير «ش» : «وقوعه» ، لكن صحّح في «ن» و «ص» بما أثبتناه.

(٥) كذا في «ش» ، وفي سائر النسخ : «واقع» ، إلاّ أنّ في هامش «ن» : واقعي خ.

(٦) في غير «ش» ومصحّحة «ن» بدل «في» : و.

(٧) تقدّم في الصفحة ٤٣٥ ٤٣٦.

٤٧٨

مؤثّرة من حينه.

نعم ، لو قلنا بأنّ الإجازة كاشفة بالكشف الحقيقي الراجع إلى كون المؤثّر التامّ هو العقد الملحوق بالإجازة كانت التصرّفات مبنيّة على الظاهر ، وبالإجازة ينكشف عدم مصادفتها للملك ، فتبطل هي وتصحّ الإجازة.

التصرفات الغير المنافية لملك المشتري على قسمين :

بقي الكلام في التصرّفات الغير المنافية لملك المشتري من حين العقد ، كتعريض المبيع للبيع ، والبيع الفاسد (١) ، وهذا أيضاً على قسمين : لأنّه إمّا أن يقع حال التفات المالك إلى وقوع العقد من الفضولي على ماله (٢) ، وإمّا أن يقع في حال عدم الالتفات.

١ ـ ما يقع في حال التفات المالك إلى وقوع العقد من الفضولي

أمّا الأوّل ، فهو ردّ فعلي للعقد ، والدليل على إلحاقه بالردّ القولي مضافاً إلى صدق الردّ عليه ، فيعمّه ما دلّ على أنّ للمالك الردّ ، مثل : ما وقع في نكاح العبد والأمة بغير إذن مولاه (٣) ، وما ورد في من زوَّجَته امّه وهو غائب ، من قوله عليه‌السلام : «إن شاء قبل (٤) وإن شاء ترك» (٥) ، إلاّ أن يقال : إنّ الإطلاق مسوق لبيان أنّ له الترك ، فلا‌

__________________

(١) كذا في «ف» و «ص» ، وفي «ش» : «كتعريض المبيع والبيع الفاسد» ، وفي سائر النسخ : «كتعريض المبيع للبيع الفاسد» ، لكن صحّح في هامش «م» و «ن» بما أثبتناه.

(٢) في «ف» و «خ» ونسخة بدل «ع» : في ماله.

(٣) راجع الوسائل ١٤ : ٥٢٣ ، الباب ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٤) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : فعل.

(٥) الوسائل ١٤ : ٢١١ ، الباب ٧ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، الحديث ٣.

٤٧٩

تعرّض فيه لكيفيّته (١) ـ : أنّ المانع من صحّة الإجازة بعد الردّ القولي موجود في الردّ الفعلي ، وهو خروج المجيز بعد الردّ عن كونه بمنزلة أحد طرفي العقد ، مضافاً إلى فحوى الإجماع المدّعى (٢) على حصول فسخ ذي الخيار بالفعل ، كالوطء والبيع والعتق ؛ فإنّ الوجه في حصول الفسخ هي دلالتها على قصد فسخ البيع ، وإلاّ فتوقّفها (٣) على الملك لا يوجب حصول الفسخ بها ، بل يوجب بطلانها ؛ لعدم حصول الملك المتوقّف على الفسخ قبلها (٤) حتّى تصادف الملك.

وكيف كان ، فإذا صلح الفسخ الفعلي لرفع أثر العقد الثابت المؤثّر فعلاً ، صلح لرفع أثر العقد المتزلزل من حيث الحدوث القابل للتأثير ، بطريق أولى.

٢ ـ ما يقع في حال عدم التفات المالك

وأمّا الثاني وهو ما يقع في حال عدم الالتفات فالظاهر عدم تحقّق الفسخ به ؛ لعدم دلالته على إنشاء الردّ ، والمفروض عدم منافاته أيضاً للإجازة اللاحقة ، ولا يكفي مجرّد رفع اليد عن الفعل (٥) بإنشاء ضدّه مع عدم صدق عنوان الردّ (٦) الموقوف على القصد والالتفات إلى‌

__________________

(١) في غير «ش» : «لكيفية» ، لكن صحّحت في «م» ، «ن» و «ص» بما أثبتناه.

(٢) ادّعاه الشيخ في المبسوط ٢ : ٨٣ ، والحلي في السرائر ٢ : ٢٤٨.

(٣) في «ش» : فتوقّفهما.

(٤) في «ف» زيادة : فيها خ.

(٥) في نسخة بدل «ن» : عن العقد.

(٦) العبارة في «ف» هكذا : مع عدم اعتبار صدق الردّ.

٤٨٠