كتاب المكاسب - ج ٣

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٥
ISBN: 964-5662-17-6
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٦٣٩

الشروط ، و (١) كلّها حاصلة إلاّ رضا المالك ، فإذا حصل بالإجازة عمل السبب عمله.

فإنّه إذا اعترف أنّ رضا المالك من جملة الشروط ، فكيف يكون كاشفاً عن وجود المشروط قبله؟

دعوى امكان تقديم المسبّب على السبب الشرعي ، ودفعها

ودعوى : أنّ الشروط الشرعية ليست كالعقلية ، بل هي بحسب ما يقتضيه جعل الشارع ، فقد يجعل الشارع ما يشبه تقديم المسبّب على السبب كغسل الجمعة يوم الخميس وإعطاء الفطرة قبل وقته فضلاً عن تقدّم المشروط على الشرط كغسل الفجر بعد الفجر للمستحاضة الصائمة ، وكغسل العشاءَين لصوم اليوم الماضي على القول به (٢) ـ ، مدفوعة : بأنّه لا فرق فيما فرض شرطاً أو سبباً بين الشرعي وغيره ، وتكثير الأمثلة لا يوجب وقوع المحال العقلي ، فهي كدعوى أنّ التناقض الشرعي بين الشيئين لا يمنع عن اجتماعهما ؛ لأنّ النقيض الشرعي غير العقلي.

فجميع ما ورد ممّا يوهم ذلك (٣) لا بدّ فيه من التزام أنّ المتأخّر ليس سبباً أو شرطاً ، بل السبب والشرط : الأمر المنتزع من ذلك ، لكن ذلك لا يمكن في ما نحن فيه ، بأن يقال : إنّ الشرط تعقّب الإجازة ولحوقها بالعقد ، وهذا أمر مقارن للعقد على تقدير الإجازة ؛ لمخالفته الأدلّة (٤) ، اللهم إلاّ أن يكون مراده بالشرط ما يتوقّف تأثير السبب‌

__________________

(١) لم ترد «الواو» في «ف».

(٢) كما قوّاه النراقي في المستند ٣ : ٣٨.

(٣) في «ش» زيادة : أنّه.

(٤) في «ف» : للأدلّة.

٤٠١

المتقدّم في زمانه على لحوقه ، وهذا مع أنّه لا يستحقّ إطلاق الشرط عليه ، غير صادق على الرضا ؛ لأنّ المستفاد من العقل والنقل اعتبار رضا المالك في انتقال ماله ، وأنّه (١) لا يحلّ لغيره بدون طيب النفس (٢) ، وأنّه لا ينفع لحوقه في حلّ تصرّف الغير وانقطاع سلطنة المالك.

دعوى أنّ الشرط هو وصف تعقّب الإجازة ، ودفعها

وممّا ذكرنا يظهر ضعف ما احتمله في المقام بعض الأعلام (٣) بل التزم به غير واحد من المعاصرين (٤) من أنّ معنى شرطية الإجازة مع كونها كاشفة : شرطية الوصف المنتزع منها ، وهو كونها لاحقة للعقد في المستقبل ، فالعلّة التامّة : العقد الملحوق بالإجازة ، وهذه صفة مقارنة للعقد وإن كان نفس الإجازة متأخّرة عنه.

وقد التزم بعضهم (٥) بما (٦) يتفرّع على هذا ، من أنّه إذا علم المشتري أنّ المالك للمبيع سيجيز العقد ، حلّ له التصرّف فيه بمجرّد العقد ، وفيه ما لا يخفى من المخالفة للأدلّة.

__________________

(١) في «ش» : لأنّه.

(٢) وردت عبارة «اعتبار رضا إلى طيب النفس» في «ف» هكذا : اعتبار رضا المالك في زمان التصرّف وأنّه لا يحلّ بدون طيب النفس.

(٣) احتمله صاحب الجواهر على ما ذكره السيّد اليزدي في حاشيته على المكاسب : ١٤٨ ، وانظر الجواهر ٢٢ : ٢٨٦ ٢٨٧.

(٤) انظر الفصول الغروية : ٨٠ ، ومفتاح الكرامة ٤ : ١٩٠ ، والمستند ٢ : ٣٦٧.

(٥) انظر الجواهر ٢٢ : ٢٨٨.

(٦) كذا في «ف» ، وفي سائر النسخ : «ممّا» ، وقد صحّح في «ن» و «ص» بما أثبتناه.

٤٠٢

المناقشة في الوجه الثاني المناقشة الاُولى

ويرد على الوجه الثاني (١) :

أوّلاً : أنّ الإجازة وإن كانت رضاً بمضمون العقد ، إلاّ أنّ مضمون العقد ليس هو النقل من حينه حتّى يتعلّق الإجازة والرضا بذلك النقل المقيّد بكونه في ذلك الحال ، بل هو نفس النقل مجرّداً عن ملاحظة وقوعه في زمان ، وإنّما الزمان من ضروريات إنشائه ؛ فإنّ قول العاقد : «بعت» ليس «نقلت من هذا الحين» وإن كان النقل المنشأ به واقعاً في ذلك الحين ، فالزمان ظرف للنقل لا قيد له ، فكما أنّ إنشاء مجرّد النقل الذي هو مضمون العقد في زمان يوجب وقوعه من المنشئ في ذلك الزمان ، فكذلك إجازة ذلك النقل في زمان يوجب وقوعه من المجيز في زمان الإجازة ، وكما أنّ الشارع إذا أمضى نفس العقد وقع النقل من زمانه ، فكذلك إذا أمضى إجازة المالك وقع النقل من زمان (٢) الإجازة.

ولأجل ما ذكرنا لم يكن مقتضى القبول وقوع الملك من زمان الإيجاب ، مع أنّه ليس إلاّ رضاً بمضمون الإيجاب ، فلو كان مضمون الإيجاب النقل من حينه وكان القبول رضا بذلك ، كان معنى إمضاء الشارع للعقد الحكم بترتّب الأثر من حين الإيجاب ؛ لأنّ الموجب ينقل من حينه ، والقابل يتقبّل ذلك ويرضى به.

ودعوى : أنّ العقد سبب للملك فلا يتقدّم عليه ، مدفوعة : بأنّ سببيّته للملك ليست إلاّ بمعنى إمضاء الشارع لمقتضاه ، فإذا فرض‌

__________________

(١) أي الوجه الثاني من وجوه الاستدلال على كون الإجازة كاشفة ، وهو ما ذكره بقوله : «وبأنّ الإجازة متعلّقة بالعقد .. إلخ» ، راجع الصفحة ٤٠٠.

(٢) في «ف» زيادة : إمضاء.

٤٠٣

مقتضاه مركّباً من نقل في زمانٍ ورضا بذلك النقل ، كان مقتضى العقد الملك بعد الإيجاب.

ولأجل ما ذكرنا أيضاً لا يكون فسخ العقد إلاّ انحلاله من زمانه ، لا من زمان العقد ؛ فإنّ الفسخ نظير الإجازة والردّ لا يتعلّق إلاّ بمضمون العقد وهو النقل من حينه ، فلو كان زمان وقوع النقل مأخوذاً في العقد على وجه القيديّة لكان ردّه وحلّه موجباً للحكم بعدم الآثار من حين العقد.

والسرّ في جميع ذلك ما ذكرنا : من عدم كون زمان النقل إلاّ ظرفاً ، فجميع ما يتعلّق بالعقد من الإمضاء والردّ والفسخ ، إنّما يتعلّق بنفس المضمون ، دون المقيّد بذلك الزمان.

والحاصل : أنّه لا إشكال في حصول الإجازة بقول المالك : «رضيت بكون مالي لزيد بإزاء ماله» أو «رضيت بانتقال مالي إلى زيد» وغير ذلك من الألفاظ التي لا تعرّض فيها لإنشاء الفضولي فضلاً عن زمانه. كيف! وقد جعلوا تمكين الزوجة بالدخول عليها إجازة منها ، ونحو ذلك ، ومن المعلوم : أنّ الرضا يتعلّق بنفس نتيجة العقد ، من غير ملاحظة زمان نقل الفضولي.

تقرير آخر للمناقشة الاُولى

وبتقرير آخر : أنّ الإجازة من المالك قائمة مقام رضاه وإذنه المقرون بإنشاء الفضولي أو مقام نفس إنشائه ، فلا يصير المالك بمنزلة العاقد إلاّ بعد الإجازة ، فهي إمّا شرط أو جزء سبب للملك.

وبعبارة أُخرى : المؤثّر هو العقد المرضيّ به ، والمقيّد من حيث إنّه مقيّد لا يوجد إلاّ بعد القيد ، ولا يكفي في التأثير وجود ذات المقيّد‌

٤٠٤

المجرّدة (١) عن القيد.

المناقشة الثانية

وثانياً : أنّا (٢) لو سلّمنا عدم كون الإجازة شرطاً اصطلاحيّاً ليؤخذ فيه تقدّمه على المشروط ، ولا جزء سبب ، وإنّما هي من المالك محدثةٌ للتأثير في العقد السابق وجاعلةٌ له (٣) سبباً تامّاً حتّى كأنه وقع مؤثّراً ، فيتفرّع عليه أنّ مجرّد رضا المالك بنتيجة العقد أعني محض الملكيّة من غير التفات إلى وقوع عقد سابق ليس (٤) بإجازة ؛ لأنّ معنى «إجازة العقد» : جعله جائزاً نافذاً ماضياً ، لكن نقول : لم يدلّ دليل على إمضاء الشارع لإجازة المالك على هذا الوجه ؛ لأنّ وجوب الوفاء بالعقد تكليف يتوجّه إلى العاقدين كوجوب الوفاء بالعهد والنذر ومن المعلوم : أنّ المالك لا يصير عاقداً أو بمنزلته إلاّ بعد الإجازة فلا يجب الوفاء إلاّ بعدها ، ومن المعلوم : أنّ الملك الشرعي يتبع الحكم الشرعي ، فما لم يجب الوفاء فلا ملك.

وممّا ذكرنا يعلم : عدم صحّة الاستدلال للكشف بدليل وجوب الوفاء بالعقود ، بدعوى : أنّ الوفاء بالعقد والعمل بمقتضاه هو الالتزام (٥)

__________________

(١) في «ف» : المجرّد.

(٢) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي غيرهما : وأمّا ثانياً فلأنا.

(٣) كذا في «ش» ومصحّحتي «ن» و «ص» ، وفي غيرها بدل «جاعلة له» : جاعله.

(٤) كذا في «ش» ومصحّحتي «ن» و «ص» ، وفي غيرها : ليست.

(٥) كذا في «ف» و «ش» ، وفي غيرهما : «الإلزام» ، إلاّ أنّها صحّحت في أكثر النسخ بما أثبتناه.

٤٠٥

بالنقل من حين العقد ، وقس على ذلك ما لو كان دليل الملك عموم (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (١) فإنّ الملك ملزوم لحلّية التصرّف (٢) ، وقبل (٣) الإجازة لا يحلّ التصرّف ، خصوصاً إذا علم عدم رضا المالك باطناً أو تردّده في الفسخ والإمضاء.

المناقشة الثالثة

وثالثاً : سلّمنا دلالة الدليل على إمضاء الشارع لإجازة المالك على طبق مفهومها اللغوي والعرفي أعني جعل العقد السابق جائزاً ماضياً بتقريب أن يقال : إنّ معنى الوفاء بالعقد : العمل بمقتضاه ومؤدّاه العرفي ، فإذا صار العقد بالإجازة (٤) كأنه (٥) وقع مؤثّراً ماضياً (٦) ، كان مقتضى العقد المُجاز عرفاً ترتّب الآثار من حينه ، فيجب شرعاً العمل به على هذا الوجه.

لكن نقول بعد الإغماض عن أنّ مجرّد كون الإجازة بمعنى جعل العقد السابق جائزاً نافذاً ، لا يوجب كون مقتضى العقد ومؤدّاه العرفي ترتّب الأثر من حين العقد ، كما أنّ كون مفهوم القبول رضا بمفهوم الإيجاب وإمضاءً (٧) له لا يوجب ذلك ، حتّى يكون مقتضى الوفاء بالعقد‌

__________________

(١) البقرة : ٢٧٥.

(٢) في «ف» : لحلّية الإجازة.

(٣) في «ع» ، «ص» و «ش» : فقبل.

(٤) في «م» و «ع» زيادة : ماضياً ظ.

(٥) في غير «ف» و «ش» : «فكأنه» ، ولكن صحّح في «خ» و «ن» بما أثبتناه.

(٦) العبارة في مصحّحة «ص» هكذا : فإذا صار العقد بالإجازة مؤثّراً ماضياً ..

(٧) كذا في «ش» ومصحّحتي «ن» و «ص» ، وفي سائر النسخ : إمضائه.

٤٠٦

ترتيب الآثار من حين الإيجاب ، فتأمّل ـ :

إنّ (١) هذا المعنى على حقيقته غير معقول ؛ لأنّ العقد الموجود على صفة عدم التأثير يستحيل لحوق صفة التأثير له ؛ لاستحالة خروج الشي‌ء عمّا وقع عليه ، فإذا دلّ الدليل الشرعي على إمضاء الإجازة على هذا الوجه الغير المعقول ، فلا بدّ من صرفه بدلالة الاقتضاء إلى إرادة معاملة العقد بعد الإجازة معاملة العقد الواقع مؤثّراً من حيث ترتّب الآثار الممكنة ، فإذا أجاز المالك حَكمنا بانتقال نماء المبيع بعد العقد إلى المشتري وإن كان أصل الملك قبل الإجازة للمالك ووقع النماء في ملكه.

والحاصل : أنّه يعامل بعد الإجازة معاملةَ العقد الواقع مؤثّراً من حينه بالنسبة إلى ما أمكن من الآثار ، وهذا نقل حقيقيّ في حكم الكشف من بعض الجهات ، وسيأتي الثمرة بينه وبين الكشف الحقيقي (٢).

ولم أعرف من قال بهذا الوجه من الكشف إلاّ الأُستاذ شريف العلماء قدس‌سره فيما عثرت عليه من بعض تحقيقاته ، وإلاّ فظاهر كلام القائلين بالكشف أنّ الانتقال في زمان العقد ؛ ولذا عنون العلاّمة رحمه‌الله في القواعد مسألة الكشف والنقل بقوله : «وفي زمان الانتقال إشكال» (٣). فجعل النزاع في هذه المسألة نزاعاً في زمان الانتقال.

__________________

(١) في «ش» و «ص» بدل «أنّ» : إذ.

(٢) يأتي في الصفحة ٤١٠ وما بعدها.

(٣) القواعد ١ : ١٢٤.

٤٠٧

معاني الكشف

وقد تحصّل ممّا ذكرنا : أنّ كاشفية الإجازة على وجوه ثلاثة ، قال بكلٍّ (١) منها قائل :

١ ـ الكشف الحقيقي ، والتزام كون الإجازة شرطاً متأخّراً

أحدها وهو المشهور ـ : الكشف الحقيقي والتزام كون الإجازة فيها شرطاً متأخّراً ؛ ولذا اعترضهم (٢) جمال المحقّقين في حاشيته على الروضة (٣) بأنّ الشرط لا يتأخّر (٤).

٢ ـ الكشف الحقيقي ، والتزام كون الشرط تعقّب العقد بالإجازة

والثاني : الكشف الحقيقي والتزام كون الشرط تعقّب العقد بالإجازة لا نفس الإجازة ؛ فراراً عن لزوم تأخّر الشرط عن المشروط ، والتزم بعضهم بجواز التصرّف قبل الإجازة لو علم تحقّقها فيما بعد (٥).

٣ ـ الكشف الحكمي

الثالث : الكشف الحكمي ، وهو إجراء أحكام الكشف بقدر الإمكان مع عدم تحقّق الملك في الواقع إلاّ بعد الإجازة.

مقتضى القواعد والعمومات هو النقل ، ثمّ الكشف الحكمي

وقد تبيّن من تضاعيف كلماتنا : أنّ الأنسب بالقواعد والعمومات هو النقل ، ثمّ بعده الكشف الحكمي ، وأمّا الكشف الحقيقي مع كون نفس الإجازة من الشروط ، فإتمامه بالقواعد في غاية الإشكال ؛ ولذا استشكل فيه العلاّمة في القواعد (٦) ولم يرجّحه المحقّق الثاني في حاشية الإرشاد (٧) ،

__________________

(١) في غير «ص» و «ش» : لكلّ.

(٢) في «ص» كتب فوق الكلمة : اعترض عليهم ظ.

(٣) في «ف» : حاشية الروضة.

(٤) انظر حاشية الروضة : ٣٥٨.

(٥) تقدّم في الصفحة ٤٠٢.

(٦) القواعد ١ : ١٢٤.

(٧) حاشية الإرشاد (مخطوط) : ٢١٩.

٤٠٨

بل عن الإيضاح اختيار خلافه (١) ، تبعاً للمحكي عن كاشف الرموز (٢) وقوّاه في مجمع البرهان (٣) ، وتبعهم كاشف اللثام في النكاح (٤).

ظاهر صحيحة محمد بن قيس هو الكشف بالمعنى الأعمّ

ظاهر صحيحة أبي عبيدة هو الكشف الحقيقي

هذا بحسب القواعد والعمومات ، وأمّا الأخبار ، فالظاهر من صحيحة محمد بن قيس (٥) : الكشف كما صرّح به في الدروس (٦) وكذا الأخبار التي بعدها (٧) ، لكن لا ظهور فيها للكشف بالمعنى المشهور ، فتحتمل الكشف الحكمي. نعم ، صحيحة أبي عبيدة الواردة في تزويج الصغيرين فضولاً ، الآمرة بعزل الميراث من الزوج المدرك الذي أجاز فمات ، للزوجة الغير المدركة حتّى تدرك وتحلف (٨) ظاهرة في قول الكشف ؛ إذ لو كان مال الميّت قبل إجازة الزوجة باقية (٩) على ملك سائر الورثة ، كان العزل‌

__________________

(١) الإيضاح ١ : ٤٢٠ ، وحكاه عنه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١٨٩ ، وقال : وهو الظاهر من الفخر في الإيضاح.

(٢) انظر كشف الرموز ١ : ٤٤٥ ٤٤٦.

(٣) مجمع الفائدة ٨ : ١٥٩.

(٤) لم نعثر على التصريح بذلك فيه ، لكن قال السيّد العاملي في مفتاح الكرامة (٤ : ١٨٩) : وإليه مال صاحب كشف اللثام في باب النكاح ، (انظر كشف اللثام ٢ : ٢٢).

(٥) المتقدّمة في الصفحة ٣٥٣.

(٦) الدروس ٣ : ٢٣٣.

(٧) وهي روايات تقدّمت في الصفحات ٣٥٨ ٣٦٣. هذا ، وفي «ش» شطب على عبارة : «التي بعدها».

(٨) الوسائل ١٧ : ٥٢٧ ، الباب ١١ من أبواب ميراث الأزواج ، الحديث الأوّل.

(٩) كذا في النسخ ، والمناسب : باقياً.

٤٠٩

مخالفاً لقاعدة «تسلّط الناس على أموالهم» ، فإطلاق الحكم بالعزل منضمّاً إلى عموم «الناس مسلّطون على أموالهم» (١) يفيد أنّ العزل لاحتمال كون الزوجة الغير المدركة وارثةً في الواقع ، فكأنه احتياط في الأموال قد غلّبه الشارع على أصالة عدم الإجازة ، كعزل نصيب الحمل وجعله أكثر ما يُحتمل.

الثمرة بين الكشف باحتمالاته والنقل الثمرة بين فردي الكشف الحقيقي

بقي الكلام في بيان الثمرة بين الكشف باحتمالاته والنقل.

فنقول : أمّا الثمرة على الكشف الحقيقي ، بين كون نفس الإجازة شرطاً ، وكون الشرط تعقّب العقد بها ولحوقها له ، فقد يظهر في جواز تصرّف كلٍّ منهما فيما انتقل إليه بإنشاء الفضولي إذا علم إجازة المالك فيما بعد.

الثمرة بين الكشف الحقيقي والحكمي

وأمّا الثمرة بين الكشف الحقيقي والحكمي مع كون نفس الإجازة شرطاً ، يظهر (٢) في مثل ما إذا وطئ المشتري الجارية قبل إجازة مالكها فأجاز ، فإنّ الوطء على الكشف الحقيقي حرام ظاهراً ؛ لأصالة عدم الإجازة ، حلال واقعاً ؛ لكشف الإجازة عن وقوعه في ملكه.

ولو أولدها صارت أُمّ ولد على الكشف الحقيقي والحكمي ؛ لأنّ مقتضى جعل العقد الواقع ماضياً : ترتّب حكم وقوع الوطء في الملك ، ويحتمل عدم تحقّق الاستيلاد على الحكمي ؛ لعدم تحقّق حدوث الولد في الملك وإن حكم بملكيّته للمشتري بعد ذلك.

__________________

(١) عوالي اللآلي ٣ : ٢٠٨ ، الحديث ٤٩.

(٢) في «ص» : فإنّه يظهر.

٤١٠

ولو نقل المالك [أُمّ (١)] الولد عن ملكه قبل الإجازة فأجاز ، بطل النقل على الكشف الحقيقي ؛ لانكشاف وقوعه في ملك الغير مع احتمال كون النقل بمنزلة الردّ وبقي صحيحاً على الكشف الحكمي ، وعلى المجيز قيمتها (٢) ؛ لأنّه مقتضى الجمع بين جعل العقد ماضياً من حين وقوعه ومقتضى صحّة النقل الواقع قبل حكم الشارع بهذا الجعل ، كما في الفسخ بالخيار مع انتقال متعلّقه بنقل لازم.

وضابط الكشف الحكمي : الحكم بعد الإجازة بترتّب آثار ملكية المشتري من حين العقد ، فإن ترتّب شي‌ء من آثار ملكية المالك قبل إجازته كإتلاف النماء ونقله ولم يناف الإجازة ، جمع بينه وبين مقتضى الإجازة بالرجوع إلى البدل ، وإن نافى الإجازة كإتلاف العين عقلاً أو شرعاً كالعتق فات محلّها ، مع احتمال الرجوع إلى البدل ، وسيجي‌ء.

الثمرات المذكورة بين الكشف والنقل

ثمّ ، إنّهم ذكروا للثمرة بين الكشف والنقل مواضع :

الثمرة الاُولى من حيث النماء

منها : النماء ، فإنّه على الكشف بقولٍ مطلق لمن انتقل إليه العين ، وعلى النقل لمن انتقلت عنه ، وللشهيد الثاني في الروضة عبارةٌ (٣) ، توجيه‌

__________________

(١) لم يرد في «ف» ، والظاهر عدم وروده في النسخة الأصلية ، حيث كتب فوقه في «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» العلامة : «ظ».

(٢) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : قيمته.

(٣) والعبارة هي : «وتظهر الفائدة في النماء ، فإن جعلناها كاشفة ، فالنماء المنفصل المتخلّل بين العقد والإجازة الحاصل من المبيع للمشتري ، ونماء الثمن المعيّن للبائع ، ولو جعلناها ناقلة فهما للمالك المجيز» الروضة البهية ٣ : ٢٢٩ ٢٣٠.

٤١١

المراد منها كما فعله بعض (١) أولى من توجيه حكم ظاهرها ، كما تكلّفه آخر (٢).

الثمرة الثانية من حيث فسخ الأصيل

ومنها : أنّ فسخ الأصيل لإنشائه قبل إجازة الآخر مبطل له على القول بالنقل ، دون الكشف ، بمعنى أنّه لو جعلناها ناقلة كان فسخ الأصيل كفسخ الموجب قبل قبول القابل (٣) في كونه ملغياً لإنشائه السابق ، بخلاف ما لو جعلت كاشفة ؛ فإنّ العقد تامّ من طرف الأصيل ، غاية الأمر تسلّط الآخر على فسخه ، وهذا مبنيّ على ما تسالموا عليه من جواز إبطال أحد المتعاقدين لإنشائه قبل إنشاء صاحبه ، بل قبل تحقّق شرط صحّة العقد كالقبض في الهبة والوقف والصدقة فلا يرد ما اعترضه بعض : من منع جواز الإبطال على القول بالنقل ؛ معلّلاً بأنّ ترتّب الأثر على جزء السبب بعد انضمام الجزء الآخر من أحكام الوضع لا مدخل لاختيار المشتري فيه (٤).

وفيه : أنّ الكلام في أنّ عدم تخلّل الفسخ بين جزئي السبب‌

__________________

(١) كما وجّهه جمال الدين في حاشية الروضة : ٣٥٨ بكون العقد فضولياً من الطرفين.

(٢) المراد منه ظاهراً صاحب مفتاح الكرامة وبعض من تبعه كما في غاية الآمال : ٣٨٠ وراجع مفتاح الكرامة ٤ : ١٩٠ ، وغنائم الأيام : ٥٤٢ ٥٤٣ ، وجامع الشتات ٢ : ٢٨١.

(٣) في «م» ، «ع» و «ش» : القائل.

(٤) أورد الاعتراض المحقّق القمي في غنائم الأيام : ٥٤٣ ، وجامع الشتات ٢ : ٢٨٢.

٤١٢

شرط ، فانضمام الجزء الآخر من دون تحقّق الشرط غير مجدٍ في وجود المسبّب ؛ فالأولى في سند المنع دفع احتمال اشتراط عدم تخلّل الفسخ بإطلاقات صحّة العقود ولزومها ، ولا يخلو عن إشكال.

الثمرة الثالثة من حيث تصرّف الأصيل

ومنها : جواز تصرّف الأصيل فيما انتقل عنه بناءً على النقل ، وإن قلنا بأنّ فسخه غير مبطل لإنشائه ، فلو باع جارية من فضوليٍّ جاز له وطؤها ، وإن استولدها صارت أُمّ ولد ؛ لأنّها ملكه ، وكذا لو زوّجت نفسها من فضولي جاز لها التزويج من الغير ، فلو حصل الإجازة في المثالين لغت ؛ لعدم بقاء المحلّ قابلاً.

والحاصل : أنّ الفسخ القولي وإن قلنا : إنّه غير مبطل لإنشاء الأصيل ، إلاّ أنّ له فعل ما ينافي انتقال المال عنه على وجه يفوّت محلّ الإجازة ، فينفسخ العقد بنفسه بذلك.

الإشكال على تصرّف الأصيل بناءً على النقل ، ودفعه

وربما احتُمل عدم جواز التصرّف على هذا القول أيضاً ؛ ولعلّه لجريان عموم وجوب الوفاء بالعقد في حقّ الأصيل وإن لم يجب في الطرف الآخر ، وهو الذي يظهر من المحقّق الثاني في مسألة شراء الغاصب بعين المال المغصوب ؛ حيث قال : لا يجوز للبائع ولا للغاصب التصرّف في العين لإمكان الإجازة ، سيّما على القول بالكشف (١) ، انتهى.

وفيه : أنّ الإجازة على القول بالنقل له مدخل في العقد شرطاً أو شطراً ، فما لم يتحقّق الشرط أو الجزء لم يجب الوفاء على أحد من (٢)

__________________

(١) جامع المقاصد ٦ : ٣٣١.

(٢) لم ترد «من» في «ش».

٤١٣

المتعاقدين ؛ لأنّ المأمور بالوفاء به (١) هو العقد المقيّد الذي لا يوجد إلاّ بعد القيد.

حكم تصرّف الأصيل بناءً على الكشف

هذا (٢) كلّه على النقل ، وأمّا على القول بالكشف ، فلا يجوز التصرّف فيه ، على ما يستفاد من كلمات جماعة ، كالعلاّمة والسيّد العميدي (٣) والمحقّق الثاني (٤) وظاهر غيرهم.

وربما اعترض عليه بعدم المانع له (٥) من التصرّف ؛ لأنّ مجرّد احتمال انتقال المال عنه في الواقع ، لا يقدح في السلطنة الثابتة له ؛ ولذا صرّح بعض المعاصرين بجواز التصرّف مطلقاً. نعم ، إذا حصلت (٦) الإجازة كشفت عن بطلان كلّ تصرّف منافٍ لانتقال المال إلى المجيز ، فيأخذ المال مع بقائه وبدله مع تلفه. قال : نعم لو علم بإجازة المالك لم يجز له التصرّف (٧) ، انتهى.

أقول : مقتضى عموم وجوب الوفاء : وجوبه على الأصيل ولزوم العقد وحرمة نقضه من جانبه ، ووجوب الوفاء عليه ليس مراعى بإجازة المالك ، بل مقتضى العموم وجوبه حتّى مع العلم بعدم إجازة‌

__________________

(١) لم ترد «به» في «ش».

(٢) في غير «ف» : وهذا.

(٣) انظر كنز الفوائد ١ : ٣٨٥.

(٤) راجع الصفحة السابقة.

(٥) لم ترد «له» في «ف».

(٦) في غير «ف» : حصل.

(٧) لم نعثر عليه.

٤١٤

المالك ، ومن هنا يظهر أنّه لا فائدة في أصالة عدم الإجازة.

جواز تصرّف الأصيل بناءً على الكشف وكون الشرط التعقّب بالإجازة

لكن ما ذكره البعض (١) المعاصر صحيح على مذهبه في الكشف : من كون العقد مشروطاً بتعقّبه بالإجازة ؛ لعدم إحراز الشرط مع الشكّ ، فلا يجب الوفاء به على أحد من المتعاقدين : وأمّا على المشهور في معنى الكشف : من كون نفس الإجازة المتأخّرة شرطاً لكون العقد السابق بنفسه مؤثّراً تامّاً ، فالذي يجب الوفاء به هو نفس العقد من غير تقييد ، وقد تحقّق ، فيجب على الأصيل الالتزام به وعدم نقضه إلى أن ينقض ؛ فإنّ ردّ المالك فسخٌ للعقد (٢) من طرف الأصيل ، كما أنّ إجازته إمضاء له من طرف الفضولي.

عدم جواز تصرّف الأصيل بناءً على الكشف وكون الشرط نفس الإجازة

والحاصل : أنّه إذا تحقّق العقد ، فمقتضى العموم على القول بالكشف ، المبنيّ على كون ما يجب الوفاء به هو العقد من دون ضميمة شي‌ءٍ شرطاً أو شطراً ـ : حرمة نقضه على الأصيل مطلقاً ، فكلّ تصرّف يعدّ نقضاً لعقد المبادلة بمعنى عدم اجتماعه مع صحّة العقد فهو غير جائز.

ومن هنا تبيّن فساد توهّم : أنّ العمل بمقتضى العقد كما يوجب حرمة تصرّف الأصيل فيما انتقل عنه ، كذلك يوجب جواز تصرّفه فيما انتقل إليه ؛ لأنّ مقتضى العقد مبادلة المالين ، فحرمة التصرّف في ماله مع حرمة التصرّف في عوضه ينافي (٣) مقتضى العقد ، أعني المبادلة.

__________________

(١) في «ف» : بعض.

(٢) كذا في «ف» ، وفي سائر النسخ : العقد.

(٣) في «ص» : تنافي.

٤١٥

توضيح الفساد : أنّ الثابت من وجوب وفاء العاقد بما التزم على نفسه من المبادلة : حرمة نقضه والتخطّي عنه ، وهذا لا يدلّ إلاّ على حرمة التصرّف في ماله ؛ حيث التزم بخروجه عن ملكه ولو بالبدل ، وأمّا دخول البدل في ملكه فليس ممّا التزمه على نفسه ، بل ممّا جعله لنفسه ، ومقتضى الوفاء بالعقد حرمة رفع اليد عمّا التزم على نفسه ، وأمّا قيد «كونه بإزاء مالٍ» فهو خارج عن الالتزام على نفسه وإن كان داخلاً في مفهوم المبادلة ، فلو لم يتصرّف في مال صاحبه لم يكن ذلك نقضاً للمبادلة ، فالمرجع في هذا التصرّف فعلاً وتركاً (١) إلى ما يقتضيه الأصل ، وهي أصالة عدم الانتقال.

ودعوى : أنّ الالتزام المذكور إنّما هو على تقدير الإجازة ودخول البدل في ملكه ، فالالتزام معلّق على تقدير لم يعلم تحقّقه ، فهو كالنذر المعلّق على شرط ؛ حيث حكم جماعة (٢) بجواز التصرّف في المال المنذور قبل تحقّق الشرط إذا لم يعلم بتحقّقه ، فكما أنّ التصرّف حينئذٍ لا يعدّ حنثاً ، فكذا التصرّف فيما نحن فيه قبل العلم بتحقّق الإجازة لا يعدّ نقضاً لما التزمه ؛ إذ لم يلتزمه في الحقيقة إلاّ معلّقاً.

مدفوعة بعد تسليم جواز التصرّف في مسألة النذر المشهورة بالإشكال ـ : بأنّ (٣) الفرق بينهما أنّ الالتزام هنا غير معلّق على الإجازة ،

__________________

(١) في «ن» ، «خ» و «م» : أو تركاً.

(٢) منهم المحقّق في الشرائع ٣ : ١٠٨ ، والشهيد الأوّل في الدروس ٢ : ٢٠٥ ، والشهيد الثاني في الروضة البهية ٦ : ٢٩٤ ٢٩٦ والمسالك ١٠ : ٣٠٦ ، والتستري في مقابس الأنوار : ١٩٢ ١٩٣.

(٣) في غير «ص» : أنّ.

٤١٦

وإنّما التزم بالمبادلة متوقّعاً للإجازة ، فيجب عليه الوفاء به ، ويحرم عليه نقضه إلى أن يحصل ما يتوقّعه من الإجازة ، أو ينتقض التزامه بردّ المالك.

ولأجل ما ذكرنا من اختصاص حرمة النقض بما يعدّ من التصرّفات منافياً لما التزمه الأصيل على نفسه ، دون غيرها قال في القواعد في باب النكاح : ولو تولّى الفضولي أحد طرفي العقد ثبت في حقّ المباشر تحريم المصاهرة ، فإن كان زوجاً حرمت عليه الخامسة والأُخت والأُمّ والبنت ، إلاّ إذا فسخت ، على إشكال في الأُمّ ، وفي الطلاق نظر ؛ لترتّبه على عقد لازم ، فلا يبيح (١) المصاهرة ، وإن كانت زوجة لم يحلّ لها نكاح غيره إلاّ إذا فسخ ، والطلاق هنا (٢) معتبر (٣) ، انتهى.

وعن كشف اللثام نفي الإشكال (٤) ، وقد صرّح أيضاً جماعة بلزوم النكاح المذكور من طرف الأصيل ، وفرّعوا عليه تحريم المصاهرة (٥).

حكم التصرّفات غير المنافية لما التزمه الأصيل

وأمّا مثل النظر إلى المزوّجة فضولاً وإلى أُمّها مثلاً وغيره ممّا لا يعدّ تركه نقضاً لما التزم العاقد على نفسه ، فهو باقٍ تحت الأُصول ؛

__________________

(١) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» والمصدر ، وفي سائر النسخ : فلا يقع.

(٢) لم ترد «هنا» في غير «ف» و «ش» ، وزيدت في «ن» تصحيحاً.

(٣) القواعد ٢ : ٧.

(٤) كشف اللثام ٢ : ٢٣.

(٥) كما فرّع عليه المحقّق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ١٥٩ ، والبحراني في الحدائق ٢٣ : ٢٨٨ ٢٨٩.

٤١٧

لأنّ ذلك من لوازم علاقة الزوجية الغير الثابتة ، بل المنفيّة بالأصل ، فحرمة نقض العاقد لما عقد على نفسه لا يتوقّف على ثبوت نتيجة العقد أعني علاقة الملك أو الزوجية بل ثبوت النتيجة تابع لثبوت حرمة النقض من الطرفين.

ثمرات ذكرها كاشف الغطاء ، وما يرد عليها

ثمّ إنّ بعض متأخّري المتأخّرين ذكر ثمرات أُخر لا بأس بذكرها للتنبّه بها‌ (١) وبما يمكن أن يقال عليها :

منها : ما لو انسلخت قابليّة الملك عن أحد المتبايعين بموته قبل إجازة الآخر أو بعروض كفر بارتداد فطريّ أو غيره مع كون المبيع عبداً مسلماً أو مُصحَفاً ، فيصحّ حينئذٍ على الكشف دون النقل.

وكذا لو انسلخت قابليّة المنقول بتلفٍ أو عروض نجاسة له مع ميعانه .. إلى غير ذلك.

وفي مقابله ما لو تجدّدت القابلية قبل الإجازة بعد انعدامها حال العقد ، كما لو تجدّدت الثمرة وبدا صلاحها بعد العقد قبل الإجازة ، وفيما قارن العقد فقد الشروط (٢) ثمّ حصلت (٣) وبالعكس (٤).

وربما يعترض (٥) على الأوّل : بإمكان دعوى ظهور الأدلّة في‌

__________________

(١) لم ترد «للتنبّه بها» في «ف».

(٢) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : الشرط.

(٣) في مصحّحتي «ن» و «ص» : حصل.

(٤) إلى هنا ينتهي ما ذكره بعض متأخّري المتأخرين وهو كاشف الغطاء في شرحه على القواعد (مخطوط) : ٦٢ مع تغيير في العبارة.

(٥) اعترض عليه صاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٢٩١.

٤١٨

اعتبار استمرار القابلية إلى حين الإجازة على الكشف ، فيكشف الإجازة عن حدوث الملك من حين العقد مستمرّاً إلى حين الإجازة.

وفيه : أنّه لا وجه لاعتبار استمرار القابليّة ، ولا استمرار التملّك المكشوف عنه بالإجازة إلى حينها ، كما لو وقعت بيوع متعدّدة على ماله (١) ، فإنّهم صرّحوا بأنّ إجازة الأوّل توجب صحّة الجميع (٢) ، مع عدم بقاء مالكية الأوّل مستمرّاً ، وكما يشعر بعض أخبار المسألة المتقدّمة ؛ حيث إنّ ظاهر بعضها وصريح الآخر (٣) عدم اعتبار حياة المتعاقدين حال الإجازة ، مضافاً إلى فحوى خبر تزويج الصغيرين (٤) الذي يصلح ردّاً (٥) لما ذكر في الثمرة الثانية أعني : خروج المنقول عن قابلية تعلّق إنشاء عقد أو إجازة به ؛ لتلف وشبهه فإنّ موت أحد الزوجين كتلف أحد العوضين في فوات أحد ركني العقد ، مضافاً إلى إطلاق رواية عروة (٦) ، حيث لم يستفصل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن موت الشاة أو ذبحه وإتلافه (٧).

__________________

(١) في «ص» : مال.

(٢) راجع المسالك ٣ : ١٥٨ ، وغنائم الأيام : ٥٤٣ ، وجامع الشتات ٢ : ٢٨٢ ٢٨٣ ، ومفتاح الكرامة ٤ : ١٩١ ، والجواهر ٢٢ : ٢٩٢.

(٣) مثل رواية ابن أشيم ، المتقدّمة في الصفحة ٣٦١.

(٤) المتقدّم في الصفحة ٤٠٩.

(٥) كلمة «ردّاً» من «ش» ومصحّحة «ن».

(٦) المتقدّمة في الصفحة ٣٥١.

(٧) كذا في النسخ ، والمناسب : ذبحها وإتلافها.

٤١٩

نعم ، ما ذكره أخيراً من تجدّد القابليّة بعد العقد حال الإجازة لا يصلح ثمرة للمسألة ؛ لبطلان العقد ظاهراً على القولين ، وكذا فيما لو قارن العقد فقد الشرط.

وبالجملة ، فباب المناقشة وإن كان واسعاً ، إلاّ أنّ الأرجح في النظر ما ذكرناه.

وربما يقال (١) بظهور الثمرة في تعلّق الخيارات وحقّ الشفعة واحتساب مبدأ الخيارات ومعرفة مجلس الصرف والسلم والايمان والنذور المتعلّقة بمال البائع أو المشتري ، وتظهر الثمرة أيضاً في العقود المترتّبة على الثمن أو المثمن ، وسيأتي إن شاء الله.

__________________

(١) قاله كاشف الغطاء في شرحه على القواعد (مخطوط) ، الورقة ٦٢.

٤٢٠