كتاب المكاسب - ج ٣

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٥
ISBN: 964-5662-17-6
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٦٣٩

إلى ما يقتضيه مفهوم المعاوضة من دخول العوض في ملك مالك المعوّض ؛ تحقيقاً لمعنى المعاوضة والمبادلة ، وحيث إنّ البائع يملِّك المثمن بانياً على تملّكه له وتسلطه عليه عدواناً أو اعتقاداً ، لزم من ذلك بناؤه على تملّك الثمن والتسلّط عليه ، وهذا معنى قصد بيعه لنفسه ، وحيث إنّ المثمن ملك لمالكه واقعاً فإذا أجاز المعاوضة انتقل عوضه إليه ، فعلم من ذلك أنّ قصد البائع البيع لنفسه غير مأخوذ في مفهوم الإيجاب حتّى يتردّد (١) الأمر في هذا المقام بين المحذورين المذكورين ، بل مفهوم الإيجاب هو تمليك المثمن بعوض من دون تعرّضٍ فيه لمن يرجع إليه العوض ، إلاّ باقتضاء المعاوضة لذلك.

الإشكال على هذا الجواب

ولكن يشكل فيما إذا فرضنا الفضولي مشترياً لنفسه بمال الغير فقال للبائع الأصيل : تملّكت منك أو مَلَكْتُ هذا الثوب بهذه الدراهم ؛ فإنّ مفهوم هذا الإنشاء هو تملّك (٢) الفضولي للثوب ، فلا مورد لإجازة مالك الدراهم على وجه ينتقل الثوب إليه ، فلا بدّ من التزام كون الإجازة نقلاً مستأنفاً غير ما أنشأه الفضولي الغاصب.

وبالجملة ، فنسبة (٣) المتكلّم الفضولي ملك (٤) المثمن إلى نفسه بقوله : ملكت أو تملّكت ، كإيقاع المتكلّم الأصلي التمليك على المخاطب الفضولي‌

__________________

(١) كذا في «ص» ، وفي غيرها : تردّد.

(٢) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، «ع» و «ص» ، وفي سائر النسخ : تمليك.

(٣) في «ف» : نسبة.

(٤) كذا في «ف» ومصحّحة «م» و «ن» ، وفي «ش» ومصحّحة «ع» : بتملّك ، وفي «خ» ومصحّحة «ص» : تملّك.

٣٨١

بقوله : ملّكتك هذا الثوب بهذه الدراهم مع علمه بكون الدراهم لغيره أو جهله بذلك.

وبهذا استشكل العلاّمة رحمه‌الله في التذكرة ، حيث قال : لو باع الفضولي مع جهل الآخر فإشكال ، من أنّ الآخر إنّما قصد تمليك العاقد (١) ، ولا ينتقض بما لو جهل الآخر وكالة العاقد أو ولايته ؛ لأنّه حينئذٍ إنّما يقصد به المخاطب بعنوانه الأعمّ من كونه أصليّاً أو نائباً ، ولذا يجوز مخاطبته وإسناد الملك (٢) إليه مع علمه بكونه نائباً ، وليس إلاّ بملاحظة المخاطب باعتبار كونه نائباً ، فإذا صحّ اعتباره نائباً صحّ اعتباره على الوجه الأعمّ من كونه نائباً أو أصلياً ، أمّا الفضولي فهو أجنبي عن المالك لا يمكن فيه ذلك الاعتبار.

جواب صاحب المقابس عن الإشكال

وقد تفطّن بعض المعاصرين (٣) لهذا الإشكال في بعض كلماته ، فالتزم تارة ببطلان شراء الغاصب لنفسه ، مع أنّه لا يخفى مخالفته للفتاوى وأكثر النصوص المتقدّمة في المسألة كما اعترف به أخيراً ، وأُخرى بأنّ الإجازة إنّما تتعلّق بنفس مبادلة العوضين وإن كانت خصوصيّة ملك المشتري الغاصب للمثمن مأخوذة فيها.

المناقشة في جواب صاحب المقابس

وفيه : أنّ حقيقة العقد في العبارة التي ذكرناها في الإشكال أعني قول المشتري الغاصب : تملّكت أو ملكت هذا منك بهذه الدراهم ليس إلاّ إنشاء تملّكه للمبيع ، فإجازة هذا الإنشاء لا يحصل بها تملّك المالك‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٦٣.

(٢) في «ف» : التمليك.

(٣) انظر مقابس الأنوار : ١٣١ ١٣٢.

٣٨٢

الأصلي له ، بل يتوقّف (١) على نقل مستأنف.

جواب المؤلف عن الإشكال

فالأنسب في التفصّي أن يقال : إنّ نسبة الملك (٢) إلى الفضولي العاقد لنفسه في قوله : «تملّكت منك» ، أو قول غيره له : «ملّكتك» ليس من حيث هو ، بل من حيث جعل نفسه مالكاً للثمن اعتقاداً أو عدواناً ؛ ولذا لو عقد لنفسه من دون البناء على مالكيّته للثمن (٣) التزمنا بلغويّته ؛ ضرورة عدم تحقّق مفهوم المبادلة بتملّك شخص المال بإزاء مال غيره ، فالمبادلة الحقيقية من العاقد لنفسه لا يكون إلاّ إذا كان مالكاً حقيقياً أو ادّعائياً ، فلو لم يكن أحدهما وعقد لنفسه لم يتحقّق المعاوضة والمبادلة حقيقة ، فإذا قال الفضولي الغاصب المشتري لنفسه : «تملّكت منك كذا بكذا» فالمنسوب إليه التملّك إنّما هو المتكلّم لا من حيث هو ، بل من حيث عدّ نفسه مالكاً اعتقاداً أو عدواناً ، وحيث إنّ الثابت للشي‌ء من حيثية تقييدية ثابت لنفس تلك الحيثية ، فالمسند إليه التملّك حقيقة هو المالك للثمن (٤) ، إلاّ أنّ الفضولي لمّا بنى على أنّه (٥) المالك المسلّط على الثمن (٦) أسند ملك المثمن الذي هو بدل الثمن إلى‌

__________________

(١) كذا في «ف» و «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : توقّف.

(٢) في «ع» ونسخة بدل «ن» ، «خ» و «م» : «المالك» ، وفي نسخة بدل «ع» : الملك.

(٣) في «ف» و «خ» ومصحّحة «ع» : للمثمن.

(٤) في «ف» ، «خ» و «ع» : للمثمن.

(٥) في «ف» زيادة : هو.

(٦) في «ف» ، «خ» و «ع» : المثمن.

٣٨٣

نفسه ، فالإجازة الحاصلة من المالك متعلّقة بإنشاء الفضولي وهو التملّك المسند إلى مالك الثمن (١) ، وهو حقيقة نفس المجيز ، فيلزم من ذلك انتقال المثمن (٢) إليه.

جواب كاشف الغطاء عن وجه الرابع

هذا ، مع أنّه ربما يلتزم صحّة أن يكون الإجازة لعقد الفضولي موجبة لصيرورة العوض ملكاً للفضولي ، ذكره شيخ مشايخنا في شرحه على القواعد (٣) ، وتبعه غير واحد من أجلاّء تلامذته (٤).

توجيه الجواب بوجهين

وذكر بعضهم (٥) في ذلك وجهين :

أحدهما : أنّ قضيّة بيع مال الغير عن نفسه والشراء بمال الغير لنفسه ، جعل ذلك المال له ضمناً ، حتّى أنّه على فرض صحّة ذلك البيع أو (٦) الشراء تملّكه (٧) قبل آن (٨) انتقاله إلى غيره ، ليكون انتقاله إليه عن ملكه ، نظير ما إذا قال : «أعتق عبدك عنّي» أو قال : «بع مالي عنك» أو «اشترِ لك بمالي كذا» فهو تمليك ضمنيّ حاصل ببيعه أو الشراء.

ونقول في المقام أيضاً : إذا أجاز المالك صحّ البيع أو (٩) الشراء ، وصحّته تتضمّن انتقاله إليه حين البيع أو الشراء ، فكما أنّ الإجازة‌

__________________

(١) في «ف» ، «خ» و «ع» : المثمن.

(٢) كذا في «ص» ومصحّحتي «م» و «ن» ، وفي سائر النسخ : الثمن.

(٣) انظر شرح القواعد (مخطوط) : الورقة ٦٠.

(٤) منهم المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٣٢.

(٥) لم نعثر عليه.

(٦) و (٩) في «ش» بدل «أو» : و.

(٧) في «ن» : يملكه.

(٨) لم ترد «آن» في «ش» ، وشطب عليها في «م».

٣٨٤

المذكورة تصحّح البيع أو الشراء ، كذلك تقضي بحصول الانتقال الذي يتضمّنه البيع الصحيح ، فتلك الإجازة اللاحقة قائمة مقام الإذن السابق ، قاضية بتمليكه (١) المبيع ؛ ليقع البيع في ملكه ، ولا مانع منه.

الثاني : أنّه لا دليل على اشتراط كون أحد العوضين ملكاً للعاقد في انتقال بدله إليه ، بل يكفي أن يكون مأذوناً في بيعه لنفسه أو الشراء به ، فلو قال : «بِع هذا لنفسك» أو «اشتر لك بهذا» ملك الثمن في الصورة الأُولى بانتقال المبيع عن مالكه إلى المشتري ، وكذا ملك المثمن (٢) في الصورة الثانية ، ويتفرّع عليه : أنّه لو اتّفق بعد ذلك فسخ المعاوضة رجع الملك إلى مالكه ، دون العاقد.

المناقشة في الوجه الأوّل من الجواب

أقول : وفي كلا الوجهين نظر :

أمّا (٣) الأوّل ، فلأنّ صحّة الإذن في بيع المال لنفسه أو الشراء لنفسه ممنوعة ، كما تقدّم في بعض فروع المعاطاة (٤) ، مع أنّ قياس الإجازة على الإذن قياس مع الفارق ؛ لأنّ الإذن في البيع يحتمل فيه أن يوجب من باب الاقتضاء تقدير الملك آناً ما قبل البيع ، بخلاف الإجازة ؛ فإنّها لا تتعلّق إلاّ بما وقع (٥) سابقاً ، والمفروض أنّه لم يقع إلاّ مبادلة مال الغير بمال آخر.

__________________

(١) في «ع» و «ص» : بتملّكه.

(٢) في «ف» ، «خ» و «ع» : الثمن.

(٣) في «ف» زيادة : في.

(٤) تقدّم في الصفحة ٨٣ و ٨٥.

(٥) كذا في «ص» و «ش» ومصحّحة «ع» ، وفي سائر النسخ : يقع.

٣٨٥

نعم ، لمّا بنى هو على ملكية ذلك المال عدواناً أو اعتقاداً قصد (١) بالمعاوضة (٢) رجوع البدل (٣) إليه ، فالإجازة من المالك إن رجعت إلى نفس المبادلة أفادت دخول البدل في ملك المجيز ، وإن رجعت إلى المبادلة منضمّة إلى بناء العاقد على تملّك المال ، فهي وإن أفادت دخول البدل في ملك العاقد ، إلاّ أنّ مرجع هذا إلى إجازة ما بنى عليه العاقد من التملّك وإمضائه له ؛ إذ بعد إمضائه يقع البيع في ملك العاقد فيملك البدل ، إلاّ أنّ من المعلوم عدم الدليل على تأثير الإجازة في تأثير (٤) ذلك البناء في تحقّق متعلّقه شرعاً ، بل الدليل على عدمه ؛ لأنّ هذا ممّا لا يؤثّر فيه الإذن ؛ لأنّ الإذن في التملّك لا يؤثر التملّك ، فكيف إجازته؟

المناقشة في الوجه الثاني من الجواب

وأمّا الثاني ، فلما عرفت من منافاته لحقيقة البيع التي هي المبادلة ؛ ولذا صرّح العلاّمة رحمه‌الله في غير موضعٍ من كتبه (٥) تارةً بأنّه لا يتصوّر ، وأُخرى بأنّه لا يعقل أن يشتري الإنسان لنفسه بمال غيره شيئاً ، بل ادّعى بعضهم (٦) في مسألة قبض المبيع : عدم (٧) الخلاف في بطلان قول مالك الثمن :

__________________

(١) كلمة «قصد» من «ش» ومصحّحة «ن».

(٢) في «ف» : المعاوضة.

(٣) في «ف» ظاهراً : المبدل.

(٤) لم ترد «تأثير» في «ف».

(٥) انظر القواعد ١ : ١٥١ و ١٦٦ ، والتذكرة ١ : ٤٧٣.

(٦) ادّعاه صاحب الجواهر في الجواهر ٢٣ : ١٧٤.

(٧) كذا في «ف» و «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي غيرها : بعدم.

٣٨٦

«اشترِ لنفسك به طعاماً» وقد صرّح به الشيخ (١) والمحقّق (٢) وغيرهما (٣).

نعم ، سيأتي في مسألة جواز تتبّع العقود للمالك مع علم المشتري بالغصب (٤) ، أنّ ظاهر جماعة كقطب الدين والشهيد وغيرهما ـ : أنّ الغاصب مسلّط على الثمن وإن لم يملكه ، فإذا اشترى به شيئاً ملكه ، وظاهر هذا إمكان أن لا يملك الثمن ويملك المثمن المشتري ، إلاّ أن يحمل (٥) ذلك منهم على التزام تملّك (٦) البائع الغاصب للثمن (٧) مطلقاً كما نسبه الفخر رحمه‌الله إلى الأصحاب (٨) ، أو آناً ما قبل أن يشتري به شيئاً ؛ تصحيحاً للشراء.

وكيف كان ، فالأولى في التفصّي عن الإشكال المذكور في البيع لنفسه ما ذكرنا (٩).

__________________

(١) راجع المبسوط ٢ : ١٢١.

(٢) الشرائع ٢ : ٣٢.

(٣) كالقاضي في المهذّب ١ : ٣٨٧ ، والشهيد الثاني في المسالك ٣ : ٢٥٢ ، وانظر مفتاح الكرامة ٤ : ٧١٥.

(٤) يأتي في الصفحة ٤٧١.

(٥) كذا في «ف» و «ش» ، وفي غيرهما : «يجعل» ، إلاّ أنّه صحّح في أكثر النسخ بما أثبتناه.

(٦) كذا في «ش» ، وفي غيرها : «تمليك» ، لكن صحّح في «ن» ، «م» و «ص» بما أثبتناه.

(٧) في «ش» ومصحّحة «ع» : للمثمن.

(٨) إيضاح الفوائد ١ : ٤١٧.

(٩) راجع الصفحة ٣٨٣.

٣٨٧

الوجه الخامس وجوابه

ثمّ إنّ ممّا ذكرنا من أنّ نسبة ملك العوض حقيقة إنّما هو إلى مالك المعوّض ، لكنّه بحسب بناء الطرفين على مالكية الغاصب للعوض منسوب إليه يظهر اندفاع إشكال آخر في صحّة البيع لنفسه ، مختصٍّ بصورة علم المشتري ، وهو : أنّ المشتري الأصيل إذا كان عالماً بكون البائع لنفسه غاصباً فقد حكم الأصحاب على ما حكي عنهم (١) بأنّ المالك لو ردّ فليس للمشتري الرجوع على البائع بالثمن ، وهذا كاشف عن عدم تحقّق المعاوضة الحقيقية ، وإلاّ لكان ردّها موجباً لرجوع كلِّ عوضٍ إلى مالكه ، وحينئذٍ فإذا أجاز المالك لم يملك الثمن ؛ لسبق اختصاص الغاصب به ، فيكون البيع بلا ثمن (٢).

ولعلّ هذا هو الوجه في إشكال العلاّمة في التذكرة ، حيث قال بعد الإشكال في صحّة بيع الفضولي مع جهل المشتري ـ : إنّ الحكم في الغاصب مع علم المشتري أشكل (٣) ، انتهى.

هذا الاشكال إنّما يتوجّه على القول بالنقل

أقول : هذا الإشكال بناءً على تسليم ما نقل عن الأصحاب من أنّه ليس للمشتري استرداد الثمن مع ردّ المالك وبقائه (٤) ، وبعد تسليم أنّ الوجه في حكمهم ذلك هو مطلق التسليط على تقديري الردّ والإجازة ، لا (٥) التسليط المراعى بعدم إجازة البيع إنّما يتوجّه على القول بالنقل ،

__________________

(١) حكى ذلك عنهم الفخر في الإيضاح كما تقدّم آنفاً ، وأُنظر مفتاح الكرامة ٤ : ١٩٣.

(٢) لم ترد «به فيكون البيع بلا ثمن» في «ف».

(٣) التذكرة ١ : ٤٦٣.

(٤) وبقائه» من «ف» و «ش» ومصحّحة «ن».

(٥) في غير «ش» : «لأنّ» ، لكنّه صحّح في أكثر النسخ بما أثبتناه.

٣٨٨

حيث إنّ تسليط المشتري للبائع على الثمن قبل انتقاله إلى مالك المبيع بالإجازة ، فلا يبقى مورد للإجازة.

وأمّا على القول بالكشف ، فلا يتوجّه إشكال أصلاً ؛ لأنّ الردّ كاشف عن كون تسليط المشتري تسليطاً له على مال نفسه ، والإجازة كاشفة عن كونه تسليطاً له على ما يملكه غيره بالعقد السابق على التسليط الحاصل بالإقباض ؛ ولذا لو لم يقبضه الثمن حتّى أجاز المالك أو ردّ ، لم يكن للغاصب انتزاعه من يد المشتري أو المالك ، وسيأتي في مسألة جواز تتبّع العقود للمالك (١) تتمّة لذلك ، فانتظر.

ثمّ اعلم : أنّ الكلام في صحّة بيع الفضولي لنفسه غاصباً كان أو غيره إنّما هو في وقوعه للمالك إذا أجاز ، وهو الذي لم يفرّق المشهور بينه وبين الفضولي البائع للمالك ، لا لنفسه.

وأمّا الكلام في صحّة بيع الفضولي ووقوعه لنفسه إذا صار مالكاً للمبيع وأجاز سواء باع لنفسه أو المالك (٢) فلا دخل له بما نحن فيه ؛ لأنّ الكلام هنا في وقوع البيع للمالك ، وهناك في وقوعه للعاقد إذا ملك. ومن هنا يعلم : أنّ ما ذكره في الرياض من أنّ بيع الفضولي لنفسه باطل (٣) ونسب إلى التذكرة نفي الخلاف فيه (٤) في غير محلّه ، إلاّ أن يريد ما ذكرناه ، وهو خلاف ظاهر كلامه.

__________________

(١) يأتي في الصفحة ٤٦٩ وما بعدها.

(٢) في مصحّحة «ن» : للمالك.

(٣) في «ف» : فاسد.

(٤) الرياض ١ : ٥١٢ ، والتذكرة ١ : ٤٦٣ ، وتقدّمت عبارة التذكرة في الصفحة ٣٦٧.

٣٨٩

بقي هنا أمران :

جعل العوض في ذمّة الغير في بيع الفضولي

الأوّل : أنّه لا فرق على القول بصحّة بيع الفضولي بين كون مال الغير عيناً أو ديناً (١) في ذمّة الغير ، ومنه جعل العوض ثمناً أو مثمناً في ذمّة الغير.

ما به يتشخّص ما في الذمّة

ثمّ إنّ تشخيص (٢) ما في الذمّة الذي يعقد عليه الفضولي إمّا بإضافة الذمّة إلى الغير ، بأن يقول : «بعت كرّاً من طعام في ذمّة فلان بكذا» أو «بعت هذا بكذا في ذمّة فلان» وحكمه : أنّه لو أجاز فلان يقع العقد له ، وإن ردّ بطل رأساً.

وإمّا بقصده العقد له ؛ فإنّه إذا قصده في العقد تعيّن كونه صاحب الذمّة ؛ لما عرفت من استحالة دخول أحد العوضين في ملك غير مَن خرج عنه الآخر ، إلاّ على احتمال ضعيف تقدّم عن بعض (٣).

فكما أنّ تعيين العوض في الخارج يغني عن قصد من وقع له العقد ، فكذا قصد من وقع له العقد يغني عن تعيين الثمن الكلّي بإضافته إلى ذمّة شخص خاصّ ، وحينئذٍ فإن أجاز من قصد مالكيّته (٤) وقع العقد (٥) ، وإن ردّ فمقتضى القاعدة بطلان العقد واقعاً ؛ لأنّ مقتضى ردّ العقد بقاء كلّ عوض على ملك صاحبه ، إذ المال مردّد في باب الفضولي‌

__________________

(١) كلمة «ديناً» من «ف» و «ش».

(٢) في غير «ش» زيادة «كون» ، لكن شطب عليها في «ن».

(٣) تقدّم في الصفحة ٣٨٤.

(٤) كذا في «ف» ، «خ» و «ش» ، وفي سائر النسخ : ملكيّته.

(٥) في «ف» ، «ن» و «خ» زيادة : له.

٣٩٠

لو لم يصدق الطرف الآخر الفضولي في قصده

بين مالكه الأصلي ومن وقع له العقد ، فلا معنى لخروجه عن ملك مالكه وتردّده بين الفضولي ومن وقع له العقد ؛ إذ لو صحّ وقوعه للفضولي لم يحتج إلى إجازة ووقع له ، إلاّ أنّ الطرف الآخر لو لم يصدّقه على هذا القصد (١) وحلف على نفي العلم حكم له على الفضولي ؛ لوقوع (٢) العقد له ظاهراً ، كما عن المحقّق (٣) وفخر الإسلام (٤) والمحقّق الكركي (٥) والسيوري (٦) والشهيد الثاني (٧).

وقد يظهر من إطلاق بعض الكلمات كالقواعد (٨) والمبسوط (٩) وقوع العقد له واقعاً ، وقد نسب ذلك إلى جماعة (١٠) في بعض فروع المضاربة.

وحيث عرفت أنّ (١١) قصد البيع للغير أو إضافته إليه في اللفظ‌

__________________

(١) في «ف» ، «ن» و «ع» : العقد.

(٢) في مصحّحة «ن» : بوقوع.

(٣) الشرائع ٢ : ٢٠٥.

(٤) إيضاح الفوائد ٢ : ٣٤٧.

(٥) جامع المقاصد ٨ : ٢٥١ و ٢٥٢.

(٦) لم نقف عليه في التنقيح.

(٧) المسالك ٥ : ٣٠٠ ، وانظر المسالك ٤ : ٣٧٩ أيضاً ، وحكاه عنهم المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٣٧.

(٨) انظر القواعد ١ : ٢٤٧.

(٩) انظر المبسوط ٢ : ٣٨٦ وغيره من المواضع.

(١٠) لم نقف على الناسب ، انظر الشرائع ٢ : ١٤٢ ، والقواعد ١ : ٢٤٧ ، والرياض ١ : ٦٠٧ ، والجواهر ٢٦ : ٣٨٤.

(١١) في غير «ش» زيادة : «لازم» ، إلاّ أنّه شطب عليها في «ن» ، «خ» و «م».

٣٩١

يوجب صرف الكليّ إلى ذمّة ذلك الغير ، كما أنّ إضافة الكلّي إليه يوجب صرف البيع أو الشراء إليه وإن لم يقصده أو لم يضفه إليه ، ظهر من ذلك التنافي بين إضافة البيع إلى غيره وإضافة الكلّي إلى نفسه أو قصده من غير إضافة ، وكذا بين إضافة البيع إلى نفسه وإضافة الكلّي إلى غيره.

لو جمع بين نفسه وذمّة الغير

فلو جمع بين المتنافيين ، بأن قال : «اشتريت هذا لفلان بدرهم في ذمّتي» أو «اشتريت هذا لنفسي بدرهم في ذمّة فلان» ففي الأوّل يحتمل البطلان ؛ لأنّه في حكم شراء شي‌ء للغير بعين ماله ، ويحتمل إلغاء أحد القيدين وتصحيح المعاملة لنفسه أو للغير (١) ، وفي الثاني يحتمل كونه من قبيل شرائه لنفسه بعين مال الغير ، فيقع للغير بعد إجازته ، لكن بعد تصحيح المعاوضة بالبناء على التملّك في ذمّة الغير اعتقاداً ، ويحتمل الصحّة بإلغاء قيد «ذمّة الغير» ؛ لأنّ تقييد الشراء أوّلاً بكونه لنفسه يوجب إلغاء ما ينافيه من إضافة الذمّة إلى الغير ، والمسألة تحتاج إلى تأمّل.

ما أفاده العلّامة فيما لو اشترى فضولياً في الذمّة لغيره ، وردّ ذلك الغير

ثمّ إنّه قال في التذكرة : لو اشترى فضولياً ، فإن كان بعين مال الغير ، فالخلاف في البطلان والوقف على الإجازة ، إلاّ أنّ أبا حنيفة قال : يقع (٢) للمشتري بكلّ (٣) حال (٤). وإن كان في الذمّة لغيره وأطلق‌

__________________

(١) في «ص» : لغيره.

(٢) لم ترد «يقع» في غير «ش» ، إلاّ أنّها استدركت في «ن» ، «م» و «ص».

(٣) كذا في «ص» ومصحّحة «ن» و «م» ، وفي سائر النسخ : لكلّ.

(٤) راجع المغني ؛ لابن قدامة ٤ : ٢٢٧.

٣٩٢

اللفظ ، قال علماؤنا : يقف على الإجازة ، فإن أجاز صحّ ولزمه أداء الثمن ، وإن ردّ نفذ عن المباشر ، وبه قال الشافعي في القديم (١) وأحمد (٢).

وإنّما يصحّ الشراء ؛ لأنّه تصرّف في ذمّته لا في مال غيره ، وإنّما وقف على الإجازة لأنّه عقد الشراء له ، فإن أجازه لزمه ، وإن ردّه لزم من اشتراه ، ولا فرق بين أن ينقد (٣) من مال الغير أو لا.

وقال أبو حنيفة : يقع عن المباشر ، وهو جديد للشافعي (٤) ، انتهى.

المناقشة فيما أفاده العلّامة

مقتضى القواعد في هذه الصورة

وظاهره الاتّفاق على وقوع الشراء مع الردّ للمشتري واقعاً ، كما يشعر به تعليله بقوله : «لأنّه تصرّف في ذمّته لا في مال الغير» ، لكن أشرنا سابقاً (٥) إجمالاً إلى أنّ تطبيق هذا على القواعد مشكل ؛ لأنّه إن جعل المال في ذمّته بالأصالة ، فيكون ما في ذمّته كعين (٦) ماله ، فيكون كما لو باع عين ماله لغيره. والأوفق بالقواعد في مثل هذا : إمّا البطلان لو عمل بالنيّة ؛ بناءً على أنّه لا يعقل في المعاوضة دخول عوض مال‌

__________________

(١) انظر فتح العزيز (المطبوع ضمن المجموع) ٨ : ١٢٢ ، والمجموع ٩ : ٢٦٠.

(٢) انظر المجموع ٩ : ٢٦٠ ، وفتح العزيز ٨ : ١٢٢ و ١٢٣ ، وحلية العلماء ٤ : ٧٧.

(٣) في «خ» ، «ع» و «ص» : «ينفذ» ، لكن صحّح في «ع» بما في المتن.

(٤) التذكرة ١ : ٤٦٣.

(٥) انظر الصفحة ٣٨١.

(٦) كذا في «ش» و «ص» ، وفي غيرهما : «كغير» ، إلاّ أنّها صحّحت في أكثر النسخ بما في المتن.

٣٩٣

الغير في ملك غيره قهراً ، وإمّا صحّته ووقوعه لنفسه لو ألغى النيّة ؛ بناءً على انصراف المعاملة إلى مالك العين قهراً (١) وإن نوى خلافه.

وإن جعل المال في ذمّته ، لا من حيث الأصالة ، بل من حيث جعل نفسه نائباً عن الغير فضولاً ، ففيه مع (٢) الإشكال في صحّة هذا لو لم يرجع إلى الشراء في ذمّة الغير ـ : أنّ اللازم من هذا أنّ الغير إذا ردّ هذه المعاملة وهذه النيابة تقع فاسدة من أصلها ، لا أنّها تقع للمباشر. نعم ، إذا عجز المباشر من إثبات ذلك على البائع لزمه ذلك في ظاهر الشريعة ، كما ذكرنا سابقاً (٣) ونصّ عليه جماعة في باب التوكيل (٤) وكيف كان ، فوقوع المعاملة في الواقع مردّدةً بين المباشر والمنويّ ، دون التزامه خرط القتاد! ويمكن تنزيل العبارة (٥) على الوقوع للمباشر ظاهراً ، لكنّه بعيد.

جريان الفضولي في المعاطاة ، بناءً على الملك

الثاني : الظاهر أنّه لا فرق فيما ذكرنا من أقسام بيع الفضولي بين البيع العقدي والمعاطاة ؛ بناءً على إفادتها للملك ؛ إذ لا فارق بينها وبين العقد ؛ فإنّ التقابض بين الفضوليّين أو فضوليّ وأصيل إذا وقع بنيّة التمليك والتملّك فأجازه المالك ، فلا مانع من وقوع المجاز من حينه أو من حين الإجازة ، فعموم مثل قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٦) شامل له.

__________________

(١) لم ترد «قهراً» في «ف».

(٢) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ بدل : «ففيه مع» : فمع.

(٣) تقدّما في الصفحة ٣٩١.

(٤) تقدّما في الصفحة ٣٩١.

(٥) يعني ما نقله العلاّمة عن علمائنا في الصفحة السابقة ، بقوله : «وإن ردّ نفذ عن المباشر».

(٦) البقرة : ٢٧٥.

٣٩٤

ويؤيده : رواية عروة البارقي (١) ؛ حيث إنّ الظاهر وقوع المعاملة بالمعاطاة.

دفع الاشكال عن جريان الفضولي في المعاطاة ، بناءً على الملك

وتوهّم الإشكال فيه : من حيث إنّ الإقباض الذي يحصل به التمليك محرّم ؛ لكونه تصرّفاً في مال الغير فلا يترتّب عليه أثر ، في غير محلّه ؛ إذ قد لا يحتاج إلى إقباض مال الغير ، كما لو اشترى الفضولي لغيره في الذمّة.

مع أنّه قد يقع الإقباض مقروناً برضا المالك ؛ بناءً على ظاهر كلامهم من أنّ العلم بالرضا لا يخرج المعاملة عن معاملة الفضولي.

مع أنّ النهي لا يدلّ على الفساد ، مع أنّه لو دلّ لدلّ على عدم ترتّب الأثر المقصود وهو استقلال الإقباض في السببية ، فلا ينافي كونه جزءَ سبب.

الاستدلال على عدم الجريان

وربما يستدلّ على ذلك (٢) بأنّ المعاطاة منوطة بالتراضي وقصد الإباحة أو التمليك ، وهما من وظائف المالك ، ولا يتصوّر صدورهما من غيره ولذا ذكر الشهيد الثاني : أنّ المكره والفضولي قاصدان للّفظ دون المدلول ، وذكر : أنّ قصد المدلول لا يتحقّق من غير المالك (٣) ومشروطة أيضاً بالقبض والإقباض من الطرفين أو من أحدهما مقارناً للأمرين ، ولا أثر له إلاّ إذا صدر من المالك أو بإذنه.

المناقشة في الاستدلال

وفيه : أنّ اعتبار الإقباض والقبض في المعاطاة عند مَن اعتبره‌

__________________

(١) تقدّمت في الصفحة ٣٥١.

(٢) استدلّ على ذلك المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٣٨.

(٣) ذكره في المسالك ٣ : ١٥٦.

٣٩٥

فيها إنّما هو لحصول إنشاء التمليك أو الإباحة ، فهو عندهم من الأسباب الفعلية كما صرّح الشهيد في قواعده (١) والمعاطاة عندهم عقد فعلي ، ولذا ذكر بعض الحنفية القائلين بلزومها : أنّ البيع ينعقد بالإيجاب والقبول وبالتعاطي (٢) ، وحينئذٍ فلا مانع من أن يقصد الفضولي بإقباضه : المعنى القائم بنفسه ، المقصود من قوله : «ملّكتك».

واعتبار مقارنة الرضا من المالك للإنشاء الفعلي دون القولي مع اتّحاد أدلّة اعتبار الرضا وطيب النفس في حلّ مال الغير لا يخلو عن تحكّم.

وما ذكره من (٣) الشهيد الثاني لا يجدي فيما نحن فيه ؛ لأنّا لا نعتبر في فعل الفضولي أزيد من القصد الموجود في قوله ؛ لعدم الدليل ، ولو ثبت لثبت منه اعتبار المقارنة في العقد القولي أيضاً ، إلاّ أن يقال : إنّ مقتضى الدليل ذلك ، خرج عنه بالدليل معاملة الفضولي إذا وقعت بالقول ، لكنّك قد عرفت أنّ عقد (٤) الفضولي ليس على خلاف القاعدة (٥). نعم ، لو قلنا : إنّ المعاطاة لا يعتبر فيها قبض ولو اتّفق معها ، بل السبب المستقلّ هو تراضي المالكين بملكيّة (٦) كلٍّ منهما لمال صاحبه مطلقاً‌

__________________

(١) انظر القواعد والفوائد ١ : ٥٠ ، القاعدة ١٧ ، و ١٧٨ ، القاعدة ٤٧.

(٢) راجع الفتاوى الهندية ٣ : ٢.

(٣) لم ترد «من» في «ش» ، وشطب عليها في «ص».

(٤) في «ش» : العقد.

(٥) تقدّم تحقيق ذلك في أوائل المسألة في الصفحة ٣٤٩ وما بعدها.

(٦) في نسخة بدل «ن» : بمالكية.

٣٩٦

أو مع وصولهما (١) أو وصول أحدهما ، لم يعقل وقوعها من الفضولي.

نعم ، الواقع منه إيصال المال ، والمفروض أنّه لا مدخل له في المعاملة ، فإذا رضي المالك بمالكية من وصل إليه المال تحقّقت المعاطاة من حين الرضا ولم يكن إجازة لمعاطاة سابقة ، لكنّ الإنصاف أنّ هذا المعنى غير مقصود للعلماء في عنوان المعاطاة وإنّما قصدهم إلى العقد الفعلي.

الاشكال على جريان الفضولي في المعاطاة ، بناءً على الإباحة

هذا كلّه على القول بالملك ، وأمّا على القول بالإباحة ، فيمكن القول ببطلان الفضولي ؛ لأنّ إفادة المعاملة المقصود بها الملك للإباحة خلاف القاعدة ، فيقتصر فيها على صورة تعاطي المالكين ، مع أنّ حصول الإباحة قبل الإجازة غير ممكن ، والآثار الأُخر مثل بيع المال على القول بجواز مثل هذا التصرّف إذا وقعت في غير زمان الإباحة الفعلية ، لم تؤثّر أثراً ، فإذا أجاز حدث الإباحة من حين الإجازة ، اللهم إلاّ أن يقال بكفاية وقوعها مع الإباحة الواقعية إذا كشف (٢) عنها الإجازة ، فافهم.

__________________

(١) في غير «ش» وصولها ، إلاّ أنّه صحّح في «ن» ، «ع» و «ص» بما في المتن.

(٢) في غير «ش» : انكشف ، ولكن صحّح في «ن».

٣٩٧
٣٩٨

القول في الإجازة والردّ‌

أمّا الكلام في الإجازة : فيقع تارةً في حكمها وشروطها ، وأُخرى في المجيز ، وثالثة في المجاز.

هل الإجازة كاشفة أم ناقلة

أمّا حكمها ، فقد اختلف القائلون بصحّة الفضولي بعد اتّفاقهم على توقّفها على الإجازة في كونها كاشفة بمعنى أنّه يحكم بعد الإجازة بحصول آثار العقد من حين وقوعه حتّى كأنّ الإجازة وقعت مقارنة للعقد ، أو ناقلة بمعنى ترتّب آثار العقد من حينها حتّى كأنّ العقد وقع حال الإجازة ، على قولين :

الأكثر على الكشف

الاستدلال عليه بوجهين الوجه الأوّل

فالأكثر على الأوّل ، واستدلّ عليه كما عن جامع المقاصد (١) والروضة (٢) بأنّ العقد سبب تامّ في الملك ؛ لعموم قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٣) ، وتمامه في الفضولي إنّما يعلم بالإجازة ، فإذا أجاز تبيّن كونه تامّاً يوجب (٤) ترتّب الملك عليه ، وإلاّ لزم أن لا يكون الوفاء بالعقد‌

__________________

(١) جامع المقاصد ٤ : ٧٤ ٧٥.

(٢) الروضة البهية ٣ : ٢٢٩ ، وحكاه عنهما السيّد المجاهد في المناهل : ٢٩٠.

(٣) المائدة : ١.

(٤) في «ش» : فوجب.

٣٩٩

خاصّة ، بل به مع شي‌ء آخر.

الوجه الثاني

وبأنّ الإجازة متعلّقة بالعقد ، فهي (١) رضا بمضمونه ، وليس إلاّ نقل العوضين من حينه (٢).

ما استدلّ به فخرالدين للأكثر

وعن فخر الدين في الإيضاح : الاحتجاج لهم بأنّها لو لم تكن كاشفة لزم تأثير المعدوم في الموجود ؛ لأنّ العقد حالها عدم (٣) ، انتهى.

المناقشة في الوجه الأوّل

ويرد على الوجه الأوّل : أنّه إن أُريد بكون العقد سبباً تاماً كونه (٤) علّة تامّة للنقل إذا صدر عن رضا المالك ، فهو مسلّم ، إلاّ أنّ بالإجازة لا يعلم تمام ذلك السبب ، ولا يتبيّن كونه تامّاً ؛ إذ الإجازة لا تكشف عن مقارنة الرضا ، غاية الأمر : أنّ لازم صحّة عقد الفضولي كونها قائمة مقام الرضا المقارن ، فيكون لها (٥) مدخل في تماميّة السبب كالرضا المقارن ، فلا معنى لحصول الأثر قبلها (٦).

تقرير آخر للوجه الأوّل ، والمناقشة فيه

ومنه يظهر فساد تقرير الدليل (٧) بأنّ العقد الواقع جامع (٨) لجميع‌

__________________

(١) في غير «ش» : فهو.

(٢) استدلّ بهذا السيّد الطباطبائي في الرياض ١ : ٥١٣ ، والمحقّق القمي في جامع الشتات ٢ : ٢٧٩ ، وغنائم الأيام : ٥٤٢.

(٣) إيضاح الفوائد ١ : ٤١٩.

(٤) في غير «ش» : كونها.

(٥) في غير «ش» : له.

(٦) في غير «ش» : قبله.

(٧) قرّره الشهيد في الروضة البهية ٣ : ٢٢٩.

(٨) في غير «ش» و «ص» : «جامعة» ، إلاّ أنّها صحّحت في «ن» بما أثبتناه.

٤٠٠