كتاب المكاسب - ج ٣

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٥
ISBN: 964-5662-17-6
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٦٣٩

المولى وتبدّله بالرضا بما فعله العبد ، وليس ككراهة الله عزّ وجلّ بحيث يستحيل رضاه بعد ذلك بوقوعه السابق ، فكأنه قال : «لم يعصِ الله حتّى يستحيل تعقّبه للإجازة والرضا وإنّما عصى سيّده ، فإذا أجاز جاز» فقد علّق الجواز صريحاً على الإجازة.

ودعوى : أنّ تعليق الصحّة على الإجازة من جهة مضمون العقد وهو التزويج المحتاج إلى إجازة السيّد إجماعاً ، لا نفس إنشاء العقد حتّى لو فرضناه للغير يكون محتاجاً إلى إجازة مولى العاقد ، مدفوعة : بأنّ المنساق من الرواية إعطاء قاعدة كلّية : بأنّ (١) رضا المولى بفعل العبد بعد وقوعه يكفي في كلّ ما يتوقّف على مراجعة السيّد وكان فعله من دون مراجعةٍ (٢) أو مع النهي عنه معصيةً له ، والمفروض أنّ نفس العقد من هذا القبيل.

ثمّ إنّ ما ذكره (٣) من عصيان العبد بتصرّفه في لسانه وأنّه لا يقتضي الفساد ، يشعر بزعم أنّ المستند في بطلان عقد العبد لغيره هو حرمة تلفّظه بألفاظ العقد من دون رضا المولى.

وفيه :

أوّلاً : منع حرمة هذه التصرّفات الجزئيّة ؛ للسيرة المستمرّة على مكالمة العبيد (٤) ، ونحو ذلك من المشاغل الجزئيّة.

__________________

(١) في «ف» : في أنّ.

(٢) كذا في النسخ ، والأصحّ : مراجعته.

(٣) فاعله «بعضٌ» في قوله : «ومن ذلك يعرف أنّ استشهاد بعضٍ ..» ، راجع الصفحة السابقة.

(٤) في «ف» : العبد.

٣٤١

وثانياً : بداهة أنّ الحرمة في مثل هذه لا توجب الفساد ، فلا يظنّ استناد العلماء في الفساد إلى الحرمة.

وثالثاً : أنّ الاستشهاد بالرواية لعدم كون معصية السيّد بالتكلّم بألفاظ العقد والتصرّف في لسانه قادحاً (١) في صحّة العقد ، غير صحيح ؛ لأنّ مقتضاه أنّ التكلّم إن كان معصيةً لله تعالى يكون مفسداً ، مع أنّه لا يقول به أحد ؛ فإنّ حرمة العقد من حيث إنّه تحريك اللسان كما في الصلاة والقراءة المضيّقة ونحوهما لا يوجب فساد العقد إجماعاً.

فالتحقيق : أنّ المستند في الفساد هو الآية المتقدّمة (٢) ، والروايات الواردة في عدم جواز أمر العبد ومضيّه مستقلا ، وأنّه ليس له من الأمر شي‌ء (٣).

«فرع»

أمر العبدَ آمرٌ أن يشتري نفسه من مولاه

لو أمر العبدَ آمرٌ أن يشتري نفسه من مولاه فباعه مولاه صحّ ولزم ؛ بناءً على كفاية رضا المولى الحاصل من تعريضه للبيع من إذنه الصريح ، بل يمكن جعل نفس الإيجاب موجباً للإذن الضمني.

__________________

(١) كذا ، والمناسب : قادحة.

(٢) المتقدّمة في الصفحة ٣٣٧.

(٣) انظر الوسائل ١٤ : ٥٢٢ ، الباب ٢٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، والصفحة ٥٧٥ ، الباب ٦٤ من نفس الأبواب ، الحديث ٨.

٣٤٢

ولا يقدح عدم قابليّة المشتري للقبول في زمان الإيجاب ؛ لأنّ هذا الشرط ليس على حدّ غيره من الشروط المعتبرة في كلٍّ من المتعاقدين من أوّل الإيجاب إلى آخر القبول ، بل هو نظير إذن مالك الثمن في الاشتراء ، حيث يكفي تحقّقه بعد الإيجاب وقبل القبول الذي بنى المشتري على إنشائه فضولاً.

وعن القاضي : البطلان في المسألة ؛ مستدلا عليه باتّحاد عبارته مع عبارة السيّد فيتّحد الموجب والقابل (١).

وفيه مع اقتضائه المنع لو أذن له السيّد سابقاً ـ : منع الاتّحاد أوّلاً ، ومنع قدحه ثانياً.

هذا إذا أمره (٢) الآمر بالاشتراء من مولاه ، فإن أمره بالاشتراء من وكيل المولى ، فعن جماعة منهم المحقّق والشهيد الثانيان (٣) ـ : أنّه لا يصحّ ؛ لعدم الإذن من المولى.

وربما قيل بالجواز (٤) حينئذٍ أيضاً ؛ بناءً على ما سبق منه من أنّ المنع لأجل النهي وهو لا يستلزم الفساد.

__________________

(١) حكاه عنه الصيمري في غاية المرام (مخطوط) ٢٧٣ ، وصاحب الجواهر ، انظر الجواهر ٢٢ : ٢٧١ ، ولكن لم نعثر عليه فيما بأيدينا من كتب القاضي قدس‌سره.

(٢) في «ف» : أمر.

(٣) انظر جامع المقاصد ٤ : ٦٨ ، والمسالك ٣ : ١٥٨ ، وحكاه عنهما وعن غيرهما صاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٢٧٢.

(٤) قاله صاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٢٧١.

٣٤٣

وفيه : ما عرفت من أنّ وجه المنع أدلّة عدم استقلال العبد في شي‌ء ، لا منعه عن التصرّف في لسانه ، فراجع ما تقدّم (١) ، والله أعلم.

__________________

(١) في الصفحة ٣٤٠.

٣٤٤

مسألة

اشتراط كون المتعاقدين مالكين أو مأذونين

ومن شروط المتعاقدين : أن يكونا مالِكَين أو مأذونَين من المالك أو الشارع.

فعقد الفضولي لا يصحّ ، أي لا يترتّب عليه ما يترتّب على عقد غيره من اللزوم.

وهذا مراد من جعل الملك وما في حكمه شرطاً ، ثمّ فرّع عليه أنّ (١) بيع الفضولي موقوف على الإجازة كما في القواعد (٢) ، فاعتراض جامع المقاصد : عليه بأنّ التفريع في غير محلّه (٣) ، لعلّه في غير محلّه.

وكيف كان ، فالمهمّ التعرّض لمسألة عقد الفضولي التي هي من أهمّ المسائل ، فنقول :

اختلاف الفقهاء في صحّة عقد الفضولي

اختلف الأصحاب وغيرهم في بيع الفضولي‌ ، بل مطلق عقده بعد‌

__________________

(١) كذا في «ن» وهكذا نقله المامقاني في شرحه (غاية الآمال : ٣٥٠) وفي سائر النسخ : بأن.

(٢) القواعد ١ : ١٢٤.

(٣) جامع المقاصد ٤ : ٦٨.

٣٤٥

اتّفاق الفقهاء على بطلان إيقاعات الفضولي المراد من «الفضولي»

اتّفاقهم على بطلان إيقاعه كما في غاية المراد (١) على أقوال.

والمراد بالفضولي كما ذكره الشهيد قدس‌سره (٢) ـ : هو الكامل الغير المالك للتصرّف ولو كان غاصباً. وفي كلام بعض العامّة : أنّه العاقد بلا إذن مَن يحتاج إلى إذنه (٣). وقد يوصف به نفس العقد (٤) ، ولعلّه تسامح.

وكيف كان ، فيشمل العقد الصادر من الباكرة (٥) الرشيدة بدون إذن الولي ، ومن المالك إذا لم يملك التصرّف ؛ لتعلّق حقّ الغير بالمال ، كما يومئ إليه استدلالهم لفساد (٦) الفضولي بما دلّ على المنع من نكاح الباكرة بغير إذن وليّها (٧) ، وحينئذٍ فيشمل بيع الراهن والسفيه ونحوهما ، وبيع العبد بدون إذن السيّد.

هل العقد المقرون برضا المالك من دون إذن منه فضولي

وكيف كان ، فالظاهر شموله لما إذا تحقّق رضا المالك للتصرّف باطناً ، وطيب نفسه بالعقد من دون حصول إذن منه صريحاً أو فحوًى ؛

__________________

(١) في غير «ن» و «ش» : غاية المرام ، والاتّفاق المدّعى موجود فيما أثبتناه ، انظر غاية المراد : ١٧٧.

(٢) غاية المراد : ١٧٧.

(٣) لم نقف عليه.

(٤) يعني يقال : «البيع الفضولي» ، كما عبّر به الشهيد في غاية المراد : ١٧٧.

(٥) قال المامقاني قدس‌سره : الأولى التعبير بالبكر بكسر الباء وسكون الكاف فإنّه الذي ضبطه أهل اللغة مرادفاً للعذراء ، وقد صرّح في شرح القاموس بأنّ التعبير عن هذا المعنى بلفظ «الباكرة» غلط ، غاية الآمال : ٣٥٢.

(٦) كذا في «ص» و «ش» ، وفي سائر النسخ : بفساد.

(٧) انظر الوسائل ١٤ : ٢٠٥ ، الباب ٤ من أبواب عقد النكاح ، الحديث ٢. والصفحة ٢١٣ ، الباب ٩ من نفس الأبواب. والصفحة ٤٥٨ ٤٥٩ ، الباب ١١ من أبواب المتعة ، الحديث ٥ و ١٢.

٣٤٦

لأنّ العاقد لا يصير مالكاً للتصرّف ومسلّطاً عليه بمجرّد علمه برضا المالك.

ويؤيّده : اشتراطهم في لزوم العقد كون العاقد مالكاً أو مأذوناً أو وليّاً ، وفرّعوا عليه بيع الفضولي.

ويؤيّده أيضاً ـ : استدلالهم على صحّة الفضولي بحديث عروة البارقي (١) مع أنّ الظاهر علمه برضا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يفعله. وإن كان الذي يقوى في النفس لولا خروجه عن ظاهر الأصحاب عدم توقّفه على الإجازة اللاحقة ، بل يكفي فيه رضا المالك المقرون بالعقد ، سواء علم به العاقد ، أو انكشف بعد العقد حصوله حينه ، أو لم ينكشف أصلاً ؛ فيجب على المالك فيما بينه وبين الله تعالى إمضاء ما رضي به وترتيب (٢) الآثار عليه ؛ لعموم وجوب الوفاء بالعقود (٣) ، وقوله تعالى (إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) (٤) ، و «لا يحلّ مال امرئٍ مسلمٍ إلاّ عن طيب نفسه» (٥) ، وما دلّ على أنّ علم المولى بنكاح العبد وسكوته إقرار منه (٦) ، ورواية عروة البارقي الآتية (٧) ، حيث أقبض المبيع وقبض‌

__________________

(١) عوالي اللآلي ٣ : ٢٠٥ ، الحديث ٣٦ ، ومستدرك الوسائل ١٣ : ٢٤٥ ، الباب ١٨ من أبواب عقد البيع وشروطه.

(٢) كذا في «ف» ومصحّحة «ن» و «خ» ، وفي «ش» : بترتيب ، وفي سائر النسخ : يترتّب.

(٣) في قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، المائدة : ١.

(٤) النساء : ٢٩.

(٥) عوالي اللآلي ٢ : ١١٣ ، الحديث ٣٠٩.

(٦) راجع الوسائل ١٤ : ٥٢٥ ، الباب ٢٦ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٧) في الصفحة ٣٥١.

٣٤٧

الدينار ؛ لعلمه برضا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولو كان فضولياً موقوفاً على الإجازة لم يجز التصرّف في المعوّض والعوض بالقبض والإقباض ، وتقريرُ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له على ما فعل دليلٌ على جوازه.

هذا ، مع أنّ كلمات الأصحاب في بعض المقامات يظهر منها (١) خروج هذا الفرض عن الفضولي وعدم وقوفه على الإجازة ، مثل قولهم في الاستدلال على الصحّة : إنّ الشرائط كلّها حاصلة إلاّ رضا المالك ، وقولهم : إنّ الإجازة لا يكفي فيها السكوت ؛ لأنّه أعمّ من الرضا ، ونحو ذلك.

ثمّ لو سلّم كونه فضولياً ، لكن ليس كلّ فضوليّ يتوقّف لزومه على الإجازة ؛ لأنّه (٢) لا دليل على توقّفه مطلقاً على الإجازة اللاحقة ، كما هو أحد الاحتمالات في مَن باع ملك غيره ثمّ ملكه.

مع أنّه يمكن الاكتفاء في الإجازة بالرضا الحاصل بعد البيع المذكور آناً ما ؛ إذ وقوعه برضاه لا ينفكّ عن ذلك مع الالتفات.

ثمّ إنّه لو أشكل في عقود غير المالك ، فلا ينبغي الإشكال في عقد العبد نكاحاً أو بيعاً مع العلم برضا السيّد ولو لم يأذن له ؛ لعدم تحقّق المعصية التي هي مناط المنع في الأخبار ، وعدم منافاته لعدم استقلال العبد في التصرّف.

صور بيع الفضولي

ثمّ اعلم : أنّ الفضولي قد يبيع للمالك ، وقد يبيع لنفسه ، وعلى الأوّل فقد لا يسبقه منع من المالك ، وقد يسبقه المنع ؛ فهنا مسائل ثلاث‌

__________________

(١) كذا في «ص» وهامش «خ» ، وفي سائر النسخ : منه.

(٢) في «ف» : ولأنه.

٣٤٨

الاولى

بع الفضولي للمالك مع عدم سبق المنع المشهور الصحّة

أن يبيع للمالك مع عدم سبق منعٍ من المالك ، وهذا هو المتيقّن من عقد الفضولي.

والمشهور : الصحّة‌ ، بل في التذكرة نسبه إلى علمائنا ، تارة صريحاً ، وأُخرى ظاهراً بقوله : «عندنا» ، إلاّ أنّه ذكر عقيب ذلك : أنّ لنا فيه قولاً بالبطلان (١).

وفي غاية المراد (٢) : حكى الصحّة عن العماني والمفيد (٣) والمرتضى (٤) والشيخ في النهاية (٥) وسلاّر (٦) والحلبي (٧) والقاضي (٨) وابن حمزة (٩). وحكي عن الإسكافي (١٠) ، واستقرّ عليه رأي مَن‌

__________________

(١) تعرّض للفضولي في موضعين من التذكرة حسب ما تتبّعناه ، ولم نعثر على نسبة ذلك إلى علمائنا ، انظر التذكرة ١ : ٤٦٢ و ٤٨٦.

(٢) غاية المراد : ١٧٨.

(٣) راجع المقنعة : ٦٠٦.

(٤) راجع الناصريّات (الجوامع الفقهية) : ٢٤٧ ، المسألة ١٥٤.

(٥) انظر النهاية : ٣٨٥.

(٦) المراسم : ١٥٠.

(٧) الكافي في الفقه : ٢٩٢.

(٨) المهذّب ٢ : ١٩٤ ١٩٥ ، ٢١٦.

(٩) الوسيلة : ٢٤٩.

(١٠) حكاه العلاّمة في المختلف ٥ : ٥٣ ، وولده في الإيضاح ١ : ٤١٦ ، وابن فهد في المقتصر : ١٦٦.

٣٤٩

مقتضى العمومات الصحّة

تأخّر (١) عدا فخر الدين (٢) وبعض متأخّري المتأخّرين ، كالأردبيلي (٣) والسيّد الداماد (٤) وبعض متأخّري المحدّثين (٥) ؛ لعموم أدلّة البيع والعقود ؛ لأنّ خلوّه عن إذن المالك لا يوجب سلب اسم العقد والبيع عنه ، واشتراط ترتّب الأثر بالرضا وتوقّفه عليه أيضاً لا مجال لإنكاره ، فلم يبقَ الكلام إلاّ في اشتراط سبق الإذن ، وحيث لا دليل عليه فمقتضى الإطلاقات عدمه ، ومرجع ذلك كلّه إلى عموم «حِلّ البيع» و «وجوب الوفاء بالعقد» ، خرج منه العاري عن الإذن والإجازة معاً ، ولم يعلم خروج ما فقد الإذن ولحقه الإجارة.

وإلى ما ذكرنا يرجع استدلالهم : بأنّه عقد صدر عن أهله في محلّه (٦).

فما ذكره في غاية المراد : من أنّه من باب المصادرات (٧) ، لم أتحقّق وجهه ؛ لأنّ كون العاقد أهلاً للعقد من حيث إنّه بالغ عاقل لا كلام‌

__________________

(١) مثل المحقّق في الشرائع ٢ : ١٤ وغيره ، وابن سعيد الحليّ في الجامع للشرائع : ٢٤٦ ، والعلاّمة في كتبه وتقدّم آنفاً عن التذكرة والشهيد في الدروس ٣ : ١٩٢ وغيره.

(٢) الإيضاح ١ : ٤١٧.

(٣) مجمع الفائدة ٨ : ١٥٨ ، وزبدة البيان : ٤٢٨.

(٤) انظر ضوابط الرضاع (كلمات المحقّقين) : ٥٦.

(٥) وهو المحدّث البحراني في الحدائق ١٨ : ٣٧٨.

(٦) كما في المختلف ٥ : ٥٤ ، والرياض ١ : ٥١٢ ، وانظر المهذّب البارع ٢ : ٣٥٦ ، والمناهل : ٢٨٧.

(٧) غاية المراد : ١٧٨.

٣٥٠

فيه ، وكذا كون المبيع قابلاً للبيع ، فليس محلّ الكلام إلاّ خلوّ العقد عن مقارنة إذن المالك ، وهو مدفوع بالأصل ، ولعلّ مراد الشهيد : أنّ الكلام في أهليّة العاقد ، ويكفي (١) في إثباتها العموم المتقدّم.

الاستدلال للصحّة بقضيّة عروة البارقي

وقد اشتهر الاستدلال عليه بقضيّة عروة البارقي‌ ، حيث دفع إليه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ديناراً ، وقال له : «اشترِ لنا به شاة للأُضحية» فاشترى به شاتين ، ثمّ باع أحدهما في الطريق بدينار ، فأتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالشاة والدينار ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «بارك الله لك في صفقة يمينك» (٢) ، فإنّ بيعه وقع فضولاً وإن وجّهنا شراءه على وجه يخرج عن الفضولي.

المناقشة في الاستدلال بقضية عروة البارقي

هذا ، ولكن لا يخفى (٣) أنّ الاستدلال بها يتوقّف على دخول المعاملة المقرونة برضا المالك في بيع الفضولي.

توضيح ذلك : أنّ الظاهر (٤) عِلم عُروة برضا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يفعل ، وقد أقبض المبيع وقبض الثمن ، ولا ريب أنّ الإقباض والقبض في بيع الفضولي حرام ؛ لكونه تصرّفاً في مال الغير ، فلا بدّ :

إمّا من التزام أنّ عروة فعل الحرام في القبض والإقباض ، وهو‌

__________________

(١) كذا في «ش» ، وفي غيرها : يكتفي ، إلاّ أنّها صحّحت في «ن» بما أثبتناه ، واستظهرها مصحّح «ص» كذلك.

(٢) انظر السنن الكبرى للبيهقي ٦ : ١١٢ ، وعوالي اللآلي ٣ : ٢٠٥ ، الحديث ٣٦ ، ومستدرك الوسائل ١٣ : ٢٤٥ ، الباب ١٨ من أبواب عقد البيع وشروطه.

(٣) في «ف» زيادة : عليك.

(٤) لم ترد «الظاهر» في «ف».

٣٥١

منافٍ لتقرير النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وإمّا من القول بأنّ البيع الذي يعلم بتعقّبه للإجازة يجوز التصرّف فيه قبل الإجازة ؛ بناءً على كون الإجازة كاشفة ، وسيجي‌ء ضعفه.

فيدور الأمر بين ثالثٍ ، وهو جعل هذا الفرد (١) من البيع وهو المقرون برضا المالك خارجاً عن الفضولي ، كما قلناه (٢).

ورابعٍ ، وهو عِلم عُروة برضا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإقباض ماله للمشتري حتّى يستأذن ، وعِلم المشتري بكون البيع فضوليّاً حتّى يكون دفعه للثمن بيد البائع على وجه الأمانة ، وإلاّ فالفضولي ليس مالكاً ولا وكيلاً ، فلا يستحقّ قبض المال ، فلو كان المشتري عالماً فله أن يستأمنه على الثمن حتّى ينكشف الحال ، بخلاف ما لو كان جاهلاً.

ولكنّ الظاهر هو أوّل الوجهين ، كما لا يخفى ، خصوصاً بملاحظة أنّ الظاهر وقوع تلك المعاملة على جهة المعاطاة ، وقد تقدّم أنّ المناط فيها مجرّد المراضاة ووصول كلٍّ من العوضين إلى صاحب الآخر وحصوله عنده بإقباض المالك أو غيره ولو كان صبياً أو حيواناً (٣) ، فإذا حصل التقابض بين فضوليّين (٤) أو فضولي وغيره مقروناً برضا المالكين ،

__________________

(١) في «م» و «ع» و «ص» : الفروض ، إلاّ أنّها صحّحت في «ع» و «ص» بما أثبتناه.

(٢) انظر الصفحة ٣٤٦ ٣٤٧.

(٣) راجع الصفحة ٧٥ و ١١٢.

(٤) كذا في «ف» ، «خ» و «ن» ، وفي سائر النسخ : الفضوليّين.

٣٥٢

ثمّ وصل (١) كلّ من العوضين إلى صاحب الآخر وعلم برضا صاحبه ، كفى في صحّة التصرّف.

وليس هذا من معاملة الفضولي ؛ لأنّ الفضولي صار آلة في الإيصال ، والعبرة برضا المالك المقرون به.

الاستدلال للصحة بصحيحة محمد بن قيس

واستدلّ له (٢) أيضاً تبعاً للشهيد في الدروس بصحيحة محمّد ابن قيس عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، قال : «قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في وليدة باعها ابن سيّدها وأبوه غائب ، فاستولدها الذي اشتراها فولدت منه ، فجاء سيّدها فخاصم سيّدها الآخر ، فقال : وليدتي باعها ابني بغير إذني. فقال عليه‌السلام : الحكم أن يأخذ وليدته وابنها. فناشده الذي اشتراها ، فقال له : خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتّى ينفذ البيع لك. فلمّا رآه أبوه قال له : أرسل ابني. قال : لا والله! لا أُرسل ابنك حتّى ترسل ابني ؛ فلمّا رأى ذلك سيّد الوليدة أجاز بيع ابنه .. الحديث» (٣).

قال في الدروس : وفيها دلالة على صحّة الفضولي وأنّ الإجازة كاشفة (٤).

__________________

(١) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» و «ص» ، وفي سائر النسخ : دخل.

(٢) كما في الرياض ١ : ٥١٢ ٥١٣ ، ومقابس الأنوار : ١٢٣ ، وغيرهما.

(٣) الوسائل ١٤ : ٥٩١ ، الباب ٨٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث الأوّل ، والحديث منقول في الكتب الأربعة. وما نقله المؤلّف قدس‌سره أوفق بما في الكافي ٥ : ٢١١ ، الحديث ١٢.

(٤) الدروس ٣ : ٢٣٣.

٣٥٣

المناقشة في الاستدلال بصحيحة محمد بن قيس

ولا يرد عليها شي‌ءٌ ممّا يوهِن الاستدلال بها ، فضلاً عن أن يسقطه. وجميع ما ذكر فيها من الموهنات (١) موهونة ، إلاّ ظهور الرواية في تأثير الإجازة المسبوقة بالردّ ، من جهة ظهور المخاصمة في ذلك ، وإطلاق حكم الإمام عليه‌السلام بتعيين (٢) أخذ الجارية وأنّها (٣) من المالك بناء على أنّه لو لم يردّ البيع وجب تقييد الأخذ بصورة اختيار الردّ ومناشدة المشتري للإمام عليه‌السلام وإلحاحه عليه في علاج فكاك ولده ، وقوله : «حتّى ترسل ابني» الظاهر في أنّه حبس الولد ولو على قيمته يوم الولادة.

وحمل إمساكه الوليدة على حبسها لأجل ثمنها كحبس ولدها على القيمة ينافيه قوله عليه‌السلام : «فلمّا رأى ذلك سيّد الوليدة أجاز بيع الولد (٤)».

والحاصل : أنّ ظهور الرواية في ردّ البيع أوّلاً ممّا لا ينكره المنصف ، إلاّ أنّ الإنصاف أنّ ظهور الرواية في أنّ أصل الإجازة مجدية في الفضولي مع قطع النظر عن الإجازة الشخصية في مورد الرواية غير قابل للإنكار ، فلا بدّ من تأويل ذلك الظاهر ؛ لقيام القرينة وهي الإجماع على اشتراط الإجازة بعدم سبق الردّ.

__________________

(١) وهي على ما ذكرها المحقّق المامقاني قدس‌سره في غاية الآمال : ٣٥٧ ـ : أربعة.

(٢) في «ش» : بتعيّن.

(٣) في «ف» و «ن» ومصحّحة «ص» : وابنها.

(٤) كذا في «ف» و «خ» ومصحّحة «ن» ونسخة بدل «ص» ، وفي غيرها : الوليد ، وفي «ص» : الوليدة.

٣٥٤

والحاصل : أنّ مناط الاستدلال لو كان نفس القضيّة الشخصيّة من جهة اشتمالها على تصحيح بيع الفضولي بالإجازة بناءً على قاعدة اشتراك جميع القضايا المتّحدة نوعاً في الحكم الشرعي كان ظهورها في كون الإجازة الشخصيّة في تلك القضيّة مسبوقة بالردّ مانعاً عن الاستدلال بها ، موجباً للاقتصار على موردها ؛ لوجهٍ عَلِمه الإمام عليه‌السلام ، مثل : كون مالك الوليدة كاذباً في دعوى عدم الإذن للولد ، فاحتال عليه‌السلام حيلة يصل بها الحقّ إلى صاحبه.

توجيه الاستدلال بصحيحة محمد بن قيس

أمّا لو كان مناط الاستدلال ظهور سياق كلام الأمير عليه‌السلام في قوله : «خذ ابنه حتّى ينفذ لك البيع» ، وقول الباقر عليه‌السلام في مقام الحكاية : «فلمّا رأى ذلك سيّد الوليدة أجاز بيع ابنه» في أنّ للمالك أن يجيز العقد الواقع على ملكه وينفذه ، لم يقدح في ذلك ظهور الإجازة الشخصيّة في وقوعها بعد الردّ ، فيؤوّل ما يظهر منه الردّ بإرادة عدم الجزم بالإجازة والردّ ، أو كون حبس الوليدة على الثمن ، أو نحو ذلك.

وكأنّه قد اشتبه مناط الاستدلال على مَن لم يستدلّ بها في مسألة الفضولي ، أو يكون الوجه في الإغماض عنها ضعف الدلالة المذكورة ، فإنّها لا تزيد على الإشعار ؛ ولذا لم يذكرها في الدروس في مسألة الفضولي ، بل ذكرها في موضع آخر (١) ، لكنّ الفقيه في غنى عنه (٢) بعد العمومات المتقدّمة.

__________________

(١) ذكرها في بيع الحيوان كما تقدّم التخريج في الصفحة ٣٥٣.

(٢) كذا في مصحّحة «ن» و «ص» ، وفي النسخ : منه.

٣٥٥

الاستدلال لصحة بيع الفضولي بفحوى صحة نكاحه

وربما يستدلّ أيضاً (١) : بفحوى صحّة عقد النكاح من الفضولي في الحرّ والعبد ، الثابتة بالنصّ (٢) والإجماعات المحكية (٣) ؛ فإنّ تمليك بضع الغير إذا لزم بالإجازة كان تمليك ماله أولى بذلك ، مضافاً إلى ما علم من شدّة الاهتمام في عقد النكاح ؛ لأنّه يكون منه الولد ، كما في بعض الأخبار (٤).

المناقشة في الاستدلال المذكور

وقد أشار إلى هذه الفحوى في غاية المراد (٥) ، واستدلّ بها في الرياض ، بل قال : إنّه لولاها أشكل الحكم من جهة الإجماعات المحكيّة على المنع (٦). وهو حسن ، إلاّ أنّها ربما توهن بالنصّ الوارد في الردّ على العامّة الفارقين بين تزويج الوكيل المعزول مع جهله بالعزل وبين بيعه ، بالصحّة في الثاني ؛ لأنّ المال له (٧) عوض ، والبطلان في الأوّل ؛ لأنّ البضع ليس له عوض ، حيث قال الإمام عليه‌السلام في مقام ردِّهم‌

__________________

(١) كما في المناهل : ٢٨٧ ، ومقابس الأنوار : ١٢١ ، والجواهر ٢٢ : ٢٧٦.

(٢) انظر الوسائل ١٤ : ٢١١ ، الباب ٧ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، الحديث ٣. والصفحة ٢٢١ ، الباب ١٣ من الأبواب ، الحديث ٣. والصفحة ٥٢٣ ، الباب ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١ و ٢ وغيرها.

(٣) كما في الناصريات (الجوامع الفقهيّة) : ٢٤٧ ، المسألة ١٥٤. والسرائر ٢ : ٥٦٥. وانظر كشف اللثام ٢ : ٢٢ ، والرياض ٢ : ٨١.

(٤) انظر الوسائل ١٤ : ١٩٣ ، الباب ١٥٧ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ١ و ٣.

(٥) انظر غاية المراد : ١٧٨.

(٦) انظر الرياض ١ : ٥١٢.

(٧) كذا في «ش» ومصححة «ن» ، وفي غيرهما : منه.

٣٥٦

واشتباههم في وجه الفرق «سبحان الله! ما أجور هذا الحكم وأفسده ؛ فإنّ النكاح أولى وأجدر أن يحتاط فيه ؛ لأنّه الفرج ، ومنه يكون الولد .. الخبر» (١).

وحاصله : أنّ مقتضى الاحتياط كون النكاح الواقع أولى بالصحّة من البيع ؛ من حيث الاحتياط المتأكّد في النكاح دون غيره ، فدلّ على أنّ صحّة البيع تستلزم صحّة النكاح بطريق أولى ، خلافاً للعامّة حيث عكسوا وحكموا بصحّة البيع دون النكاح ، فمقتضى حكم الإمام عليه‌السلام : أنّ صحّة المعاملة المالية الواقعة في كلّ مقام ؛ تستلزم صحّة النكاح الواقع بطريق أولى ، وحينئذٍ فلا يجوز التعدّي من صحّة النكاح في مسألة الفضولي إلى صحّة البيع ؛ لأنّ الحكم في الفرع لا يستلزم الحكم في الأصل في (٢) باب الأولوية ، وإلاّ لم يتحقّق الأولوية ، كما لا يخفى.

فالاستدلال بصحّة النكاح على صحّة البيع مطابق لحكم العامّة من كون النكاح أولى بالبطلان ؛ من جهة أنّ البضع غير قابل للتدارك بالعوض.

بقي الكلام في وجه جعل الإمام عليه‌السلام الاحتياط في النكاح هو إبقاؤه دون إبطاله ؛ مستدلا بأنّه يكون منه الولد ، مع أنّ الأمر في الفروج كالأموال دائر بين محذورين ، ولا احتياط في البين.

__________________

(١) انظر الوسائل ١٣ : ٢٨٦ ٢٨٧ ، الباب ٢ من أبواب الوكالة ، الحديث ٢.

(٢) شطب في «ص» على «في» وكتب فوقه «من» ، وكذا أثبته العلاّمة المامقاني قدس‌سره في شرحه (غاية الآمال : ٣٦٠).

٣٥٧

ويمكن أن يكون الوجه في ذلك : أنّ إبطال النكاح في مقام الإشكال والاشتباه يستلزم التفريق بين الزوجين على تقدير الصحّة واقعاً ، فتتزوّج المرأة ويحصل الزنا بذات البعل ، بخلاف إبقائه ؛ فإنّه على تقدير بطلان النكاح لا يلزم منه إلاّ وطء المرأة الخالية عن المانع ، وهذا أهون من وطء ذات البعل.

فالمراد بالأحوط هو الأشدّ احتياطاً.

وكيف كان ، فمقتضى هذه الصحيحة : أنّه إذا حكم بصحّة النكاح الواقع من الفضولي ، لم يوجب (١) ذلك التعدّي إلى الحكم بصحّة بيع الفضولي. نعم ، لو ورد الحكم بصحّة البيع أمكن الحكم بصحّة النكاح ؛ لأنّ النكاح أولى بعدم الإبطال ، كما هو نصّ الرواية.

ثمّ إنّ الرواية وإن لم يكن لها دخل بمسألة الفضولي ، إلاّ أنّ المستفاد منها قاعدة كليّة ، هي : أنّ إمضاء العقود الماليّة يستلزم إمضاء النكاح ، من دون العكس الذي هو مبنى الاستدلال في مسألة الفضولي.

ما يؤيد لصحة بيع الفضولي

١ ـ ما ورد في المضاربة

هذا ، ثمّ إنّه ربما يؤيّد صحّة الفضولي ، بل يستدلّ عليها : بروايات كثيرةٍ وردت في مقامات خاصّة ، مثل موثّقة جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «في رجل دفع إلى رجلٍ مالاً ليشتري به ضرباً من المتاع مضاربة ، فاشترى غير الذي أمره ، قال : هو ضامن ، والربح بينهما على ما شرطه» (٢). ونحوها غيرها الواردة في هذا الباب.

__________________

(١) في «ن» ، «خ» و «م» ونسخة بدل «ص» : «لا يوجب» ، وصحّح في «ن» بما أثبتناه في المتن.

(٢) الوسائل ١٣ : ١٨٢ ، الباب الأوّل من كتاب المضاربة ، الحديث ٩.

٣٥٨

فإنّها إن أُبقيت على ظاهرها من عدم توقّف ملك (١) الربح على الإجازة كما نسب إلى ظاهر الأصحاب (٢) ، وعدّ هذا خارجاً عن بيع الفضولي بالنصّ ، كما في المسالك (٣) وغيره (٤) كان فيها استئناس لحكم المسألة ؛ من حيث عدم اعتبار إذن المالك سابقاً في نقل مال المالك إلى غيره.

وإن حملناها على صورة رضا المالك بالمعاملة بعد ظهور الربح كما هو الغالب ، ومقتضى (٥) الجمع بين هذه الأخبار ، وبين ما دلّ على اعتبار رضا المالك في نقل ماله (٦) والنهي عن أكل المال بالباطل (٧) اندرجت المعاملة في الفضولي. وصحّتها في خصوص‌

__________________

(١) في «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» : تلك ، وصحّح في «ن» بما أثبتناه.

(٢) لم نقف عليه بعينه ، نعم قال السيّد الطباطبائي قدس‌سره في الرياض ١ : ٦٠٧ ، بعد أن ذكر النصوص ـ : «وهذه النصوص مع اعتبار أسانيدها واستفاضتها واعتضادها بعمل الأصحاب ..» وقال ولده السيّد المجاهد في المناهل (الصفحة ٢٠٧) : ولهم وجوه منها : ظهور الاتّفاق عليه.

(٣) انظر المسالك ٤ : ٣٤٥ و ٣٥٢ ٣٥٣.

(٤) انظر الحدائق ٢١ : ٢٠٧ ، والمناهل : ٢٠٧.

(٥) كذا في مصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : وبمقتضى.

(٦) مثل قوله تعالى (إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفسه» ، وغيرهما ممّا تقدّم في الصفحة ٣٠٧ وما بعدها.

(٧) يدلّ عليه قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) البقرة : ١٨٨ ، والنساء : ٢٩.

٣٥٩

المورد وإن احتمل كونها للنصّ الخاصّ ، إلاّ أنّها لا تخلو عن تأييدٍ للمطلب.

٢ ـ ما ورد في اتجار غير الولي في مال اليتيم

ومن هذا القبيل : الأخبار الواردة في اتّجار غير الوليّ في مال اليتيم ، وأنّ الربح لليتيم (١) ، فإنّها إن حملت على صورة إجازة الوليّ كما هو صريح جماعة (٢) تبعاً للشهيد (٣) كان من أفراد المسألة ، وإن عمل بإطلاقها كما عن جماعة (٤) ممّن تقدّمهم خرجت عن مسألة الفضولي ، لكن يستأنس بها لها (٥) بالتقريب المتقدّم. وربما احتمل دخولها في المسألة من حيث إنّ الحكم بالمضيّ إجازة إلهية لاحقة للمعاملة ، فتأمّل.

__________________

(١) انظر الوسائل ٦ : ٥٧ ٥٨ ، الباب ٢ من أبواب من تجب عليه الزكاة ، الحديث ٢ و ٧ و ٨ ، و ١٢ : ١٩١ ، الباب ٧٥ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢ و ٣.

(٢) منهم المحقّق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ٥ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٣٥٧ ، والسيّد العاملي في المدارك ٥ : ٢٠ ، والمحدّث البحراني في الحدائق ١٢ : ٢٦.

(٣) راجع الدروس ١ : ٢٢٩.

(٤) مثل الشيخ في النهاية : ١٧٥ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ١٤٠ وغيرها ، والعلاّمة في القواعد ١ : ٥١ وغيرها ، وقال السيّد الطباطبائي في الرياض (٥ : ٣٨) : وأطلق الماتن وكثير أنّ الربح لليتيم.

(٥) كذا في «ف» ومصحّحة «ن» ، وفي «ش» : «يستأنس لها» ، وفي مصحّحة «ص» : «يستأنس بها للمسألة» ، وفي سائر النسخ : يستأنس بها المسألة.

٣٦٠