الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد - ج ١

محمّد بن محمّد النعمان العكبري [ الشيخ المفيد ]

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد - ج ١

المؤلف:

محمّد بن محمّد النعمان العكبري [ الشيخ المفيد ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٣
الجزء ١ الجزء ٢

أميرُ المؤمنينَ عليه‌السلام ثمّ صَعِدَ من حيثُ انهبطَ ، فقامَ معَ القومِ الّذينَ اتبعوه حتّى أسفرَ الموضِعُ عمّا اعتراه.

فقالَ له أصحابُ رسولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما لقيتَ يا أبا الحسنِ؟ فلقدْ كِدْنا أنْ نَهلِكَ خوفاً وِاشفاقنا (١) عليك أكثر ممّا لَحِقَنا. فقالَ لهم عليه‌السلام : « إِنّه لمّا تَراءى لي العدوُّ جَهَرْتُ فيهم بأسماءِ اللّهِ عزّ وجلّ فتضاءلوا ، وعلمتُ ما حلَّ بهم منَ الجزع فتوغّلْتُ الواديَ غيرَ خائفٍ منهم ، ولو بَقُوا على هيئاتِهم لأتيتُ على آخرهم (٢) ، وقد كفى اللّهُ كيدَهم وكفى المسلمينَ شرَّهم ، وسيَسبِقُني بقيّتهُم إِلى النّبيِّ عليهِ وآلهِ السّلامُ فيُؤمِنونَ بهِ ».

وانصرفَ أميرُ المؤمنينَ بمن تبعَه إِلى رسولِ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرَه الخبرَ ، فسُرِّيَ عنه ودعا له بخيرٍ ، وقالَ له : « قد سبقَكَ ـ يا عليّ ـ إليّ من أخافَه الله بكَ ، فأسلمَ وقَبِلتُ إِسلامَه » ثمّ ارتحلَ بجماعةِ المسلمينَ حتّى قطعوا الواديَ آمِنينَ غيرَ خائفينَ (٣).

وهذا الحديثُ قد روتْه العامّةُ كما روتْه الخاصّةُ ، ولم يتناكروا شيئاً منه.

والمُعتزِلةُ لميلِها إلى مذهبِ البَراهِمة (٤) تَدفَعُه ، ولبُعدِها

ـــــــــــــــــ

(١) في « ش » وهامش « م » : واشفقنا.

(٢) في « ش » : انفسهم.

(٣) ذكره القوشجي مختصراً في شرح تجريد العقائد : ٣٧٠ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٣٩ : ١٧٥ / ١٨.

(٤) وجه الشبه أن البراهمة ـ وهي فرقة من كفرة الهند ـ تقدس العقل وترى انه يغني عن النبوة ، والمعتزلة ـ وهي من فرق المسلمين ـ تقدس العقل وتؤوِّل ما خالفه من الامور

٣٤١

عن (١) معرفةِ الأخبارِ تُنكرُه ، وهي سالكةٌ في ذلكَ طريق الزنادقة فيما طعنتْ به في القرآنِ ، وما تَضمنَه منَ أخبارِ الجنِّ وإيِمانِهم باللهِ ورسوله عليهِ وآلهِ السّلامُ ، وما قصَّ اللّهُ تعالى من نبإِهم في القرانِ في سورةِ الجنِّ وقولهم : ( إِنَا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَبَاً * يَهْدِيْ إِلَى الرًّشْدِ فَآمَنَا بِهِ ) (٢) إلى آخرِ ما تَضمّنَه الخبرُ عنهم في هذه السُورةِ.

واِذا بطلَ اعتراضُ الزّنادقة في ذلكَ بتجويزِ العُقولِ وجودَ الجنِّ ، وإمكان تكليفِهم وثبوت ذلكَ معَ إِعجازِ القرانِ والأعجوبةِ الباهرةِ فيه ، كانَ مثلَ ذلكَ ظهورُ بطلانِ طُعُونِ المعتزِلةِ في الخبرِ الّذي رَوَيْناه ، لعدمِ استحالةِ مضمونه في العقولِ. وفي مجيئِه من طريقينِ مختلفينِ وبروايةِ فريقينِ في دلالتِه متباينينِ برهانُ صحّتِه ، وليس في إِنكارِ مَنْ عَدَلَ عنِ الأنصافِ في النّظرِ ـ منَ المُعتزِلةِ والمُجبرةِ ـ قدحٌ فيما ذكرْ ناه من وجوبِ العملِ عليه.

كما انّه ليس في جحدِ الملحدةِ وأصنافِ الزّنادقة واليهودِ والنّصارى والمجوسِ والصّابئينَ ما جاءَ مجيئَه منَ الأخبارِ بمعجزاتِ النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كانشقاقِ القمر ، وحَنينِ الجِذْعِ ، وتسبيح الحصى ، وشكوى البعيرِ ، وكلام الذًّراعِ ، ومجيءِ الشّجرةِ ، وخروجِ الماءِ من بينِ أصَابعِه في المِيضَأةِ ، وِاطعامِ الخلقِ الكثيرِ منَ الطّعامِ القليلِ (٣) ـ قدحٌ في صحّتِها ، وصدقِ رُوَاتِها ، وثبوتِ الحجّةِ

ـــــــــــــــــ

الغيبية أو تردّه. انظر « الملل والنحل ٢ : ٢٥٨ وما بعدها ».

(١) في « م » وهامش « ش » : من.

(٢) الجن ٧٢ : ١ ـ ٢.

(٣) في « م » وهامش « ش » : اليسير.

٣٤٢

بها ، بلِ الشُّبَهةُ لهم في دفعِِ ذلكَ ـ وإن ضَعُفتْ ـ أقوى من شبهةِ منكِري معجزاتِ أميرِ المؤمنين عليه‌السلام وبراهينهِ ، لما لا خفاءَ على أهلِ الاعتبارِ به ، ممّا لا حاجةَ بنا إِلى شرحِ وجوهِه في هذا المكانِ.

وإذا ثبتَ تخَصُّصُ أميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام منَ القوم بما وصفْناه ، وبينونتهُ من الكافّةِ في العلمِ بما شرحْناه ، وَضَحَ القولُ في الحكمِ له بالتّقدّمِ على الجماعةِ في مَقامِ الإمامةِ ، واستحقاقِه السّبْقَ لهم إِلى محلِّ الرِّئاسة ، بما تَضمَّنَه الذِّكرُ الحكيمُ من قصةِ داود عليه‌السلام وطالوتَ ، حيثُ يقولُ اللّهُ عزّ اسمهُ : ( وَقَالَ لَهُمْ نَبيُهمْ إِنَ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوْتَ مَلِكَاً قَالُوْا أنّى يَكُوْنُ لَهُ الْمُلْكَُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ اَحَقّ بالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَ الله اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فيِ الْعِلْمِ وَالْجسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِيْ مُلْكَة مَنْ يَشَاءً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيْمٌ ) (١) فجعلَ تعالى الحَجّةَ لِطالوتَ في تقدُّمِه على الجماعةِ من قومهِ ما جعلَه لوَليِّه وأخي نبيِّه عليهما‌السلام في التّقدُّم على كافّةِ الأمّةِ ، من اصطفائه عليهم ، وزيادتِه في العلمِ والجسمِ بسطةً؛ وأكّدَ ذلك بمثلِ ما تـأكد به الحكم لأميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام منَ المعجزِ الباهرِ المضافِ إِلى البَينونةِ منَ القومِ بزيادةِ البَسْطةِ في العلمِ والجسمِ ، فقالَ سُبحانَه : ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أنْ يأتِيَكُمُ التابوتُ فِيْهِ سَكِيْنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وبَقِيَّةٌ مِما تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هَارُوْنَ تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ إِنَّ فِيْ ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين ) (٢) فكانَ (٣)

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٤٧.

(٢) البقرة ٢ : ٢٤٨.

(٣) في « ش » : وكان.

٣٤٣

خَرْقُ العادةِ لأميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام بما عددناه ـ من علمِ الغيوب وغيرِذلكَ ـ كخَرْقِ العادةِ لِطالوتَ بحملِ التّابوتِ سواءً ، وهذا بَيِّنٌ والله وليُّ التّوفيق.

ولا أَزالُ أجِدُ الجاهلَ منَ النّاصِبةِ والمعُاندَ يُظهرُ العجبَ (١) منَ الخبرِ بمُلاقاةِ أميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام الجنِّ وكفِّه شرَّهم عنِ النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابِه ، وَيتضَاحَكُ لذلكَ ، ويَنْسبُ الرواية له إلى الخرافاتِ الباطلةِ ، وَيصنعُ مثلَ ذلكَ في الأخبارِ الواردةِ بسوى ذلكَ من معجزاتِه عليه‌السلام ويقول : إِنّها من موضوعاتِ الشيعةِ ، وتَخَرُّص مَنِ افتراه منهم للتّكسُّب بذلكَ أوِ التّعصُّبِ ؛ وهذا بعينِه مَقالُ (٢) الزّنادقةِ وكافّةِ أعداءِ الإسلامِ فيمَا نطقَ به القرآنُ من خبرِ الجنِّ وإسلامِهم وقولهم ( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَبَاً * يَهْدِيْ إلىَ الرُّشْدِ ) (٣) وفيما ثبتَ به الخبرُ عن ابنِ مَسْعود في قصّتِه ليلةَ الجنِّ ، ومشاهدتِه لهم كالزط (٤) ، وفي غيرِذلكَ من معجزاتِ الرّسولِ عليهِ وآلهِ السّلامُ ، فإِنّهم يظهِرونَ العَجَبَ من جميعِ ذلكَ ، ويَتضاحَكونَ عندَ سماعِ الخبرِبه والاحتجاجِ بصّحتهِ ، ويَستهزِئونَ ويْلغِطُونَ فيما يُسرِفُونَ به مِن سَبِّ الإسلام وأهلِه ، واستحماقِ مُعتقِدِيه والنّاصِرينَ له ، ونِسبتِهِم إِيّاهم إِلى العجزَِ والجهلِ ووضعِ الأباطيلِ ، فلينظُرِ القومُ ما جَنَوْه على الإسلامِ بعداوتِهم أميرَ المؤمنينَ عليه‌السلام واعتمادِهم في دفعِ فضائلِه ومناقبِه وآياتِه على ما

__________________

(١) في « م » وهامش « ش » : التعجب.

(٢) في « م » و « ح » : فعال.

(٣) الجن ٧٢ : ١ ـ ٢.

(٤) دلائل النبوة لابي نعيم ٢ : ٤٧١ / ٢٦٢ ، الفخر الرازي في تفسيره ٣ : ١٥٢ ، الدر المنثور ٨ : ٣٠٧ ، مجمع الزوائد ٨ : ٣١٤ رواه عن الطبراني.

٣٤٤

ضاهَوْا به أصنافَ الزّنادِقةِ والكفّارِ ، ممّا يخرج عن طريقِ الحِجاجِ إِلى أبوابِ الشغب والمُسافَهاتِ (١) وباللهِ نستعين (٢).

فصل

وممّا أظهَره اللّه تعالى منَ الأعلام الباهرةِ على يدِ أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبِ عليه‌السلام مَا استفاضتْ به الأخبارُ ، ورواه علماءُ السِّيرةِ والاثَارِ ، ونظَمتْ فيه الشُّعراءُ الأشعار : رُجُوعُ الشّمسِ له عليه‌السلام مرّتَينِ (٣) : في حياةِ النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مرّةً ، وبعدَ وفاتِه مرّةً أُخرى.

وكانَ من حديثِ رجوعِها عليه في المرّةِ الأولى ما رَوَتْه أسماءُ بنتُ عُمَيْسٍ ، وأُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجابرُ بنُ عبدِاللهِ الأنصارِيّ ، وأبو سَعِيْدٍ الخُدرِيّ ، في جماعةٍ منَ الصّحابة (٤) : أنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كانَ ذاتَ يومٍ في منزلِه ، وعليّ عليه‌السلام بينَ يديه ، إِذ جاءهُ جَبْرَئِيْلُ عليه‌السلام يناجيه عنِ اللهِ سُبحانَه ، فلمّا تغشّاه الوحيُ تَوسَّدَ فخِذَ أميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام فلم يَرْفَعْ رأْسَه عنه حتّى غابتِ الشّمسُ ، فاضْطُرَّ أمير المؤمنينَ عليه‌السلام لذلكَ

__________________

(١) في هامش « ش » : المشاتمات.

(٢) في « م » وهامش « ش » : استعين.

(٣) للتحقق من تواتر الحديث راجع طرقه في تاريخ دمشق ٢ : ٢٨٣ ـ ٣٠٥ ، وكفاية الطالب : ٣٨١ ـ ٣٨٨ ، والغدير ٣ : ١٢٧ ـ ١٤١ ، وإحقاق الحق ٥ : ٥٢١ ـ ٥٣٩.

(٤) في هامش « ش » : « روى هذا الحديث أيضاً ابو هريرة وابو الطفيل عامر بن واثلة ».

٣٤٥

إِلى صلاةِ العصر جالساً يومئُ برُكوعِه وسُجُودِه إِيماءً ، فلمّا أفاقَ من غَشْيَتِه قالَ لأَميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام : « أفاتَتْكَ صلاةُ العصر؟ » قال له : « لم أسْتَطِعْ أنْ أُصَلِّيَها قائماً لِمَكانِكَ يا رسولَ اللهِ ، والحالِ اَلّتي كنتَ عليها في استماعِ الوحي » فقالَ له : « ادعُ اللهَ لِيَرُدَّ عليكَ الشّمسَ حتّى تُصَلِّيَها قائماً في وقتها كما فاتَتْكَ ، فإِنّ اللهَ يُجيْبُكَ لِطاعتِكَ للّهِ ورسوله » فسَألَ أميرُ المؤمنينَ اللهَ عزّ اسمُه في ردِّ الشّمَس ، فرُدَّتْ عليه حتّى صارتْ في موضعِها منَ السّماءِ وقتَ العصرِ ، فصلّىَ أميرُ المؤمنينَ عليه‌السلام صلاةَ العصرِ في وقتِها ثمّ غربتْ. فقالتْ أسماءُ : أمَ واللهِ لقد سَمِعْنا لها عندَ غُروبِها صرَيراً كصرَيرِ المِنْشارِ في الخَشَبَةِ (١).

وكانَ رُجوعُها عليهِ بعدَ النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه لمّا أرادَ أنْ يَعبُرَ الفُراتَ ببابلَ ، اشتغلَ كثيرٌ من أصحابه بتعبيرِ دوابِّهم ورِحالهِم ، وصلّى عليه‌السلام بنفسِه في طائفةٍ معَه العصَرَ ، فلم يَفرغِ النّاسُ من عُبورِهم حتّى غَربتِ الشّمسُ ، ففاتَتِ الصّلاةُ كثيراً منهم ، وفاتَ الجمهورَ فضلُ الاجتماع معهَ ، فتكلّموا في ذلكَ. فلمّا سَمعَ كلامَهم فيه سألَ اللهَ تعالى ردَّ الشَّمسِ عليه ، ليجتمعَ (٢) كافّةُ أصحابِه على صلاةِ العصرِ في وقتِها ، فأنجابَه اللهُ تعالى إِلى ردِّها عليه ، فكانتْ (٣) في الأفقِ على الحالِ الّتي تكونُ عليها وقتَ العصرِ ، فلمّا سلّمَ بالقوم غابتْ فسُمِعَ لها وَجِيْبٌ (٤) شَديدٌ هالَ النّاسَ ذلكَ ، وأكثَروا منً

__________________

(١) في « م » وهامش « ش » : الخشب.

(٢) في « ش » : لتجمع.

(٣) في « م » وهامش « ش » : وكانت.

(٤) الوجيب : صوت السقوط. انظر « مجمع البحرين ـ وجب ـ ٢ : ١٨٠ ».

٣٤٦

التسبيحِ والتهليلِ والاستغفارِوالحمدِ للّهِ على نِعمتهِ الّتي ظهرتْ فيهم.

وسارَ خبرُ ذلكَ في الآفاقِ وانتشرَ ذِكرُه في النّاسِ ، وفي ذلكَ يَقولُ السّيِّدُ بنُ محمّدٍ الحِمْيَرِيّ رحمه‌الله :

رُدّتْ عَلَيْهِ الشَمْسُ لما فَاتَه

وَقْتُ الصَّلاةِ وَقَدْ دَنَتْ لِلْمَغْرِب

حَتَّى تَبَلَّجَ نورهاْ وَقْتِهَا

لِلْعَصرْثُمَّ هَوَتْ هَوِيَّ الكَوْكَبِ

وَعَلَيْهِ قَدْ ردَتْ بَبَاَبِلَ مَرَّةً

أُخْرَى وَمَا رُدَتْ (١) لِخَلْقِ مُعْرِبِ

إِلاّّ لِيُوْشَعَ أوْلَهُ مِنْ بَعْدِهِ

ولِرَدِّهَا تَأْوِيْلُ أمْرٍ مَعْجِبِ

فصل

ومن ذلكَ ما رواه نقلةُ الأخبارِ ، واشتهرَ في أهلِ الكوفةِ لاستفاضتهِ بينَهم ، وانتشَر الخبرُ به إِلى من عَداهم من أهلِ البلادِ ، فأثْبَتَهُ العلماء من كلامِ الحِيتانِ له في فُراتِ الكُوفة.

وذلكَ أنَّهم روَوْا : أنَّ الماءَ طغى في الفراتِ وزادَ حتّى أشفقَ أهلُ الكوفة منَ الغرقِ ، ففَزِعوا إِلى أميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام فرَكِبَ بغلةَ رسولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله وخرجَ والنّاسُ معَه حتّى أتى شاطئ الفراتِ ، فنزلَ عليه وأسبغَ الوضوءَ وصلّى منفرِداً بنفسهِ والنّاسُ يَرَوْنَه ، ثمّ دعا الله بدَعَوَاتٍ سَمِعَها أكثرُهم ، ثمّ تقدّمَ إِلى الفراتِ متوكئاً على قضيبٍ بيده حتّى ضربَ به صفحةَ الماءِ وقالَ : « انقُصْ بإِذنِ اللهِ ومشيئتِه » فغاضَ الماءُ حتّى بَدِتِ الحِيتان من قعرِ البحرِ فنطقَ

__________________

(١) في هامش « ش » : وما حبست.

٣٤٧

كثيرمنها بالسّلام عليه بامرةِ المؤمنينَ ، ولم يَنطِقْ منهِا أصنافٌ من السُّموك ، وهي : الجِرِّي (١) ، والزِّمّارُ (٢) والمارماهي (٣).

فتعجّبَ النّاسُ لذلكَ وسألوه عن علّةِ نُطْقِ ما نطقَ وصمُوت ما صمتَ ، فقالَ : « أنطقَ اللّهُ لي ما طَهَرمنَ السموكِ ، وأصْمَتَ عثًي ما حرّمَه ونَجّسَه وبعّدَه » (٤) وهذا خبرٌ مستفيضٌ شُهرتُه بالنّقلِ والرِّوايةِ كشُهرةِ كلامِ الذِّئبِ للنّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وتسبيحِ الحصى بكفه (٥) وحَنينِ الجِذْعِ إِليه ، وإطعامِه الخلقَ الكثيرَمنَ الطّعام القليلِ. ومن رَامَ طعناً فيه فهولا يجدً منَ الشُّبهةِ في ذلكَ إِلاّ ما يتعلقُ به الطّاعِنونَ فيما عَدَدْناه من معجزاتِ النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فصل

وقد روى حَمَلةُ الأخبارِ أيضاً من حديثِ الثًّعبانِ والأية فيه والأعجوبة مثلَ ما رَوَوْه من حديثِ كلامِ الحِيتانِ ونقصانِ ماءِ الفُراتِ.

ورَووا : أن أميرَالمؤمنينَ عليه‌السلام كانَ ذاتَ يومٍ يَخطُبُ على مِنْبرِ

__________________

(١) الجري : صنف من السمك لا فلس له ، ويقال له الجريث. ( مجمع البحرين ـ جرر ـ ٣ : ٢٤٤ ».

(٢) الزمار والزمير : نوع من السمك. « مجمع البحرين ـ زمر ـ ٣ : ٣١٩ ».

(٣) المارماهي : معرب وأصله حية السمك. « مجمع البحرين ـ مرر ـ ٣ : ٤٨٥ ».

(٤) المسعودي في اثبات الوصية : ١٢٨ ، والرضي في خصائص الأئمة : ٥٨.

(٥) في هامش « ش » : في كفه.

٣٤٨

الكُوفةِ ، إِذْ ظهرَثُعبانٌ من جانب المنبرِ فجعلَ يَرقى حتّى دنا من أميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام فارتاعَ النّاَسُ لذلكَ ، وهَمُّوا بقصدِه ودفعِه عن أميرِ المؤمنينَ فأومأ إِليهم بالكفِّ عنه ، فلمّا صارَ على المِرقاةِ الّتي عليها أميرُ المؤمنينَ قائمٌ ، انحنى إِلى الثُّعبانِ وتَطاوَلَ الثُّعبانُ إِليه حتّى الْتَقَمَ أُذنَه ، وسكتَ النّاسُ وتحيَّرُوا لذلكَ ، فَنَقَّ نقيقاً سَمِعَه كثيرٌ منهم ، ثم إِنَّه زالَ عن مكانِه وأميرُ المؤمنينَ عليه‌السلام يحرِّكُ شفتيهِ والثُّعبانُ كالمُصغي إليه ، ثمّ انسابَ فكأنَّ (١) الأرضَ ابتلعتْه ، وعادَ أميرُ المؤمنينَ عليه‌السلام إِلى خُطبتهِ فتمّمَها.

فلما فرغَ منها ونزلَ اجتمعَ إِليه النّاسُ يسألونَه عن حالِ الثُّعبانِ والاعجوبة فيه ، فقالَ لهم : « ليسَ ذلكَ كما ظَنَنْتُم ، وإنّما هو حاكمٌ من حُكّام الجنَ ، التبستْ عليه قضيّة ، فصارَ إِليَّ يَستَفْهِمُني عنها فأفهمتُه إِيّاها ، ودعا لي بخيرٍ وانصرفَ » (٢).

فصل

وربّما استبعدَ جُهّالٌ منَ النّاسِ ظهورَ الجنِّ في صُوَرِ الحيوانِ الّذي ليسَ بناطقٍ ، وذلكَ معروفٌ عندَ العربِ قبلَ البعثةِ وبعدَها ، وقد

__________________

(١) في « م » وهامش « ش » : وكأنّ.

(٢) ذكر نحوه الصفار في بصائر الدرجات : ١١٧ / ٧ ، والمسعودي في اثبات الوصية : ١٢٩ ، وابن شاذان في الفضائل : ٧١ ، وانظر احقاق الحق ٨ : ٧٣٢ نقله عن ابن حسنويه في در بحر المناقب المخطوط : ١٢١ ، والقوشجي في شرح تجريد العقائد : ٣٧٥ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٣٩ : ١٧٨ / ٢٠.

٣٤٩

تناصرتْ به أخبارُ أهلِ الإسلامِ ، وليسَ ذلكَ بآبعدَ ممّا أجمعَ (١) عليه أهلُ القبلةِ من ظهورِ إِبليسَ لأهلِ دارِ النّدوةِ في صورةِ شيخٍ من أهلِ نَجد ، واجتماعِه معَهم في الرّأيِ على المَكْرِ برسولِ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وظهورِه يومَ بدرٍ للمشركينَ في صورةِ سُرَاقَة بن جْعشُمٍ المُدْلجي ، وقوله : ( لا غاَلِبَ لكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ وإني جار لكم ) (٢) قالَ اللهُ عزّ وجل : ( فَلَمَّا تَرَاءَتِ الفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّيْ بريء مِنْكُمْ إِنيْ أرَى ما لا تَرَوْنَ إِنِّيْ أخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ العِقَابِ ) (٣).

وكلُّ من رَامَ الطّعنَ فيما ذكرْناه من هذهِ الأياتِ ، فإِنّما يُعوِّل في ذلكَ على الملحدةِ وأصنافِ الكفّارِ من مُخالفي الملّةِ ، وَيطعنُ فيها بمثلِ ما طعنوا به في آياتِ النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وكلهم راجعٌ إِلى طُعونِ البَراهِمة والزّنادِقةِ في آياتِ الرُّسلِ عليهم‌السلام ، والحجّة عليهم ثبوتُ النُّبوّةِ وصحّةُ المعجزِلرسُلِ اللهِ صلّى اللهُ عليهم.

فصل

ومن ذلكَ ما رواه عبدُ القاهر بن عبدِ الملكِ بنِ عطاءِ الأشجعيّ ، عنِ الوليدِ بنِ عِمران البَجَليّ ، عن جُمَيْعِ بنِ عمَيْرٍ قالَ : اتّهمَ عليٌ عليه‌السلام رجلاًَ يُقالَ له العَيْزَار برفعِ أخبارِه إِلى معاويةَ ، فأنكرَ ذلكَ وجَحَدَه ، فقالَ له أميرُ المؤمنينَ عليه‌السلام : « أتحلِفُ بالله يا هذا انكَ ما

__________________

(١) في هامش « ش » : اجتمع.

( ٢ ، ٣ ) الأنفال ٨ : ٤٨.

٣٥٠

فعلتَ ذلكَ؟ » قال : نعم. وبدر (١) فحلفَ ، فقالَ له أميرُ المؤمنينَ عليه‌السلام : « إِنْ كنتَ كاذباً فأعمى اللهُ بصرَكَ » فما دارتِ الجمعةُ حتّى أُخرِجَ أعمى يُقادُ قد أذهبَ اللهُ بصرَه (٢).

فصل

ومن ذلكَ ما رواه إِسماعيلُ بنُ عَمرْوٍ قالَ : حدّثَنا مِسعرُ بنُ كِدامِ قال : حدّثَنا طلحةُ بنُ عُميرةَ قالَ : نَشَمدَ عليٌّ عليه‌السلام النّاسَ في قولِ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « مَنْ كُنتُ مَوْلاهُ فَعَليٌّ مَوْلاهُ » فشهدَ اثنا عشرَ رجلاً منَ الأَنصارِ ، وأَنسُ بنُ مالكٍ في القوم لم يَشهدْ ، فقالَ له أميرُ المؤمنينَ عليه‌السلام : « يا أَنسُ » قالَ : لَبَّيْكً ، قالَ : « ما يَمنعُكَ أن تَشهدَ وقد سمعتَ ما سمعوا؟ » فقالَ : يا أَميرُ المؤمنين ، كَبرت ونسيتُ ، فقالَ أَميرُ المؤمنينَ عليه‌السلام : « أللّهمّ إنْ كان كاذباً فاضربه ببياضٍ ـ أو بِوَضَحٍ ـ لا توارِيه العِمامة » قالَ طلحةُ بنُ عميرةَ : فأشهد باللهِ لقد رأيتُها بيضاءَ بينَ عينيهِ (٣) (٤).

__________________

(١) في « ش » : فبدر.

(٢) انظر احقاق الحق ٨ : ٧٣٩ نقله عن أرجح المطالب : ٨٦١ ( ط لاهور ) ومطالب السؤول ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤١ : ١٩٨ / ١١.

(٣) في هامش « ش » و « م » : قيل : كان أنس اذا أَخذ في ذكر مناقب أَهل البيت عليهم‌السلام تتوارى تلك البرصة واذا امتنع منها تلوح.

(٤) شرح ابن ابي الحديد ٤ : ٧٤ و ١٩ : ٢١٧ ، والمعارف لابن قتيبة : ٣٢٠ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤١ : ٢٠٤ / ٢٠. وحديث من كنت مولاه ومناشدة أمير المؤمنين عليه‌السلام يطلب من كتاب الغدير الجزء الأَول بأجمعه ، واحقاق الحق ٦ : ٣٠٥ ـ ٣٤٠ و ٨ :

٣٥١

فصل

ومن ذلكَ ما رواه أبو إِسرائيلَ ، عنِ الحكمِ ، عن أبي سَلمانَ المؤذِّنِ ، عن زيدِ بنِ أرْقَمَ قالَ : نشدَ عليٌّ النّاسَ في المسجدِ فقالَ : « أنشُدُ اللهَ رجلاً سمعَ النّبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقولُ : من كنتُ مولاه فعلي مولاه ، اللّهمَّ والِ من والاه وعادِ من عاداه » فقامَ اثنا عشرَ بدرياً ، ستّةٌ منَ الجانبِ الأيمن ، وستّةٌ منَ الجانب الأيسرِ ، فشهدوا بذلكَ. قالَ زيدُ بنُ أرْقَمَ : وكنتُ أَنا فيمن سمعَ ذلكَ فكتمتُه ، فذهبَ الله بَبصري ، وكانَ يتندّمُ على ما فاتَه منَ الشّهادةِ ويَستغفِرُ (١).

فصل

ومن ذلكَ ما رواه عليُّ بنُ مُسْهِرٍ (٢) ، عنِ الأعمشِ ، عن موسى بن طَريف ، عن عَبايةَ. وموسى بن أُكَيلٍ النُمَيريُّ ، عن عِمْران بن ميْثم ، عن عَبايةَ. وموسى الوجيهيُّ (٣) ، عنِ المِنْهالِ بنِ عَمْروٍ ، عن عبدِالله بنِ

__________________

٧٤١ ـ ٧٤٨ وتاريخ دمشق ٢ : ٥ ـ ٣٤ ، وهامش صحيفة الامام الرضا عليه‌السلام حديث رقم ١٠٩ ( ط مدرسة المهدي ).

(١) شرح ابن ابي الحديد ٤ : ٧٤ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٠٦ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤١ : ٣٠٥ / ٢١.

(٢) في هامش « ش » و « م » : علي بن مسهر ـ قاضي الموصل ـ الكوفي.

(٣) في هامش « ش » و « م » : الوجيهي هو موسى بن عمر.

٣٥٢

الحارثِ. وعُثمانُ بنُ سعيدٍ ، عن عبدِاللّهِ بنِ بُكَيْر ، عن حكيمِ بن جُبَيْرٍ قالَوا : شَهِدْنا عليّا أميرَ المؤمنينَ عليه‌السلام على المِنْبرِ يَقولُ : « أَنا عبدُ اللهِ ، وأخوِ رسولِ اللّهِ ، وَرِثْتُ نبيّ الرّحمةِ ، ونكحتُ سيِّدةَ نساءِ أهلِ الجنّةِ ، وأنا سيِّدُ الوصيِّينَ ، وآخِرُ أوصياءِ النّبيِّينَ ، لا يَدَعي ذلكَ غيري إلاّ أصابَه اللةُ بسوء ».

فقالَ رجلٌ من عَبْسٍ كانَ جالساً بينَ القوم : مَن لا يُحسِنُ أنْ يقولَ هذا؟ أنا عبدُ الله وأخو رسولِ الله ، فلم يَبْرح مكَانَه حتّى تَخبَّطَه الشّيطانُ ، فجرَ برجلِه إِلى باب المسجدِ ، فسألْنا قومَه عنه فقُلْنا : هل تَعرِفونَ به عَرضاً قبلَ هذا؟ قالَوا : اللّهمّ لا (١).

قالَ الشّيخُ المفيدُ رضي‌الله‌عنه : والأخبارُ في أمثالِ ما ذكرْناه وأثبتْناه يطولُ بها الكتابُ ، وفيما أودعْناه كتابَنا هذا من جملتِها غِنىً عمّا سواه ، واللهَ نسألُ التّوفيقَ ، وِايّاه نستهدي ( إِلى سبيلِ الرّشادِ ) (٢).

__________________

(١) شرح ابن ابي الحديد ٢ : ٢٨٧ ، ونقله العلامة المجلمي في البحار ٤١ : ٢٠٥ / ٢٢.

(٢) في « م » وهامش « ش » : السبيل الى الرشاد.

٣٥٣

باب

ذكر أولاد أميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام

وعَدَدِهم وَأسمائِهم ومختصرٍ من أخبارهم

فأولادُ أميرِ المؤمنينَ صلواتُ الله عليهِ سبعةٌ وعشرونَ ولداً ذكراً وأُنثى : الحسنُ والحسينُ وزينبُ الكُبرى وزينبُ الصُّغرى المكنّاةُ أمّ كًلْثومَ ، أُمهم فاطمةُ البتولُ سيِّدةُ نساءِ العالمينَ بنتُ سيِّدِ المرسلينَ محمّدٍ خاتم النّبيِّينَ صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ومحمّدٌ المكنى أبا القاسمِ ، امُّهُ خَوْلةُ بنتُ جعفر بن قيس الحَنَفِيًةُ.

وعُمَرُ ورُقيةً كانا توأمَينِ ، وأُمًّهما أُمُّ حبيب بنتُ رَبيعةَ.

والعبّاسً وجعفر وعُثمانُ وعبدُ الله الشُهداءُ معَ أخيهمِ الحسينِ ابن عليٍّ صلواتُ الله عليه وعليهم بطفِّ كربلاءَ ، أُمهم أُمُ البنينَ بنتُ حِزَامَ بنِ خالدِ بنِ دَارم.

ومحمّدُ الأصغر المكًنّى أبا بكرٍ وعًبَيْدُاللهِ الشّهيدانِ معَ أخيهما الحسينِ عليه‌السلام بالطّفِّ ، أُمُّهما ليلى بنتُ مسعود الدّارميّةُ.

ويَحيى أُمُّه أسماءُ بنتُ عُمَيْس الخَثْعَمِيّةُ رضيَ اللّهُ عنها.

وأُمُ الحسنِ ورَمْلَةُ ، أُمهما اُمُ سعيدٍ بنتُ عُرْوة بن مَسْعودِ الثّقفيِّ.

ونَفِيْسةُ وزينبُ الصُّغرى ورُقَيّةُ الصغرى وأُمُّ هانئٍ وأُمُّ

٣٥٤

الكِرام وجُمانةُ المكناةُ أُمَّ جَعْفَرٍ وأُمَامة وأمُّ سَلَمَةَ ومَيْمُوْنَةُ وخَديجةُ وفاطمة ، رحمةُ اللّهِ عليهنَّ لأمهاتٍ شتّى (١).

وفي الشِّيعةِ من يَذكرُ أنّ فاطمةَ صلواتُ الله عليها أسقطَتْ بعدَ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولداً ذكَراً كانَ سَمّاه رسولُ اللّهِ عليه‌السلام ـ وهوحملُ ـ مُحَسِّنَاً (٢) فعلى قولِ هذهِ الطّائفةِ أولادُ أَميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام ثمانيةٌ وعشرونَ ، واللّهُ أعلمُ (٣).

__________________

(١) في هامش « ش » و « م » نسخة أُخرى : لأمهات أولاد شتى.

(٢) لقد تعددت المصادر التي تؤكد وبوضوح وجود المحسن ضمن اولاد علي من فاطمة عليهما‌السلام ، ولم يقتصر هذا الامر في حدود كتب الشيعة ، بل ان الكثيرمن كتب العامة ذكرت ذلك الامر وسلمت بوجوده من دون تعليق أو ترديد ، انظر « الكافي ٦ : ١٨ / ٢ ، الخصال : ٦٣٤ ، تاريخ اليعقربي ٢ : ٢١٣ ، المناقب لابن شهراشوب ٣ : ٣٥٨ ، تاريخ الطبري ٥ : ١٥٣ ، الكامل في التاريخ لابن الاثير ٣ : ٣٩٧ ، انساب الاشراف للبلاذري ٢ : ١٨٩ ، الاصابة لابن حجر ٣ : ٤٧١ ، والذهبي في لسان الميزان ١ : ٢٦٨ ، وميزان الاعتدال ا : ١٣٩ ، القاموس المحيط للفيروز آبادي ٢ : ٥٥ » وغيرها من المصادر المختلفة.

(٣) في « ش » اضافة : وله ايضاً من النهشلية عبيدالله المدفون بالمذار. ولعله اشتباه وقع فيه النساخ لانه ليس من اصل الكتاب قطعاً للاسباب التالية :

اولاً : ان عبيدالله هذا قد تقدم ذكره مع اخيه محمد الاصغر المكنى بابي بكر ، وامهما ليلى بنت مسعود الدارمية ، المعروفة بالنهشلية ، وهو وان اختلفت المصادر في وقت ومكان استشهاده الا انه عين المتقدم.

انظر « تاريخ اهل البيت : ٩٥ ، مقاتل الطالبيين : ٨٦ و ٢٥ ، تاريخ الطبري ٥ : ١٥٤ ، الكامل في التاريخ لابن الاثير ٣ : ٣٩٧ و ٤ : ٢٧٢ ، ٢٧٧ ».

ثانياً : انه يتعارض مع ما ذكره المصنف في اول الباب من حصر اولاده عليه السلام بسبعة وعشرين ولداً ذكراً واُنثى ، او ثمانية وعشرين عند اضافة المحسن اليهم ، فان عددهم سيزيد واحداً في الحالين.

ثالثاً : ان هذه ـ الاضافة لم ترد في باقي النسخ « م » و « ح » ونسخة العلامة المجلسي.

٣٥٥

( تم الجزء الأول من كتاب الإرشاد في معرفة حجج الله تعالى على العباد ، ويتلوه في الجز الثاني إن شاء الله باب ذكرالأئمة عليهم‌السلام بعد أميرالمؤمنين عليه‌السلام ، وتاريخ مواليدهم ، ودلائل إمامتهم ، ومدة خلافتهم ، ووقت وفاتهم ، وموضع قبورهم ، وعدد أولادهم ، وطرف من أخبارهم صلوات الله عليهم وسلم تسليماً كثيراً ) (١).

__________________

رابعاً : كان الأولى ان ترد هذهِ الاضافة ان صحت في الاسطر السابقة لتعليق الشيخ الاخير حول المحسن كما في سابقاتها. فتامل.

(١) في نسخة « ح » : تم الجزء الأول تعليقاً في أوقات متفرقة على يد أضعف العباد وأفقرهم وأحوجهم الى رحمة مالك الدنيا والمعاد أسير ذنبه المرتهن بعمله الراجي بشفاعة سادته ومواليه العفو والصفح عن خطله وزلَله وسوء عمله سلمان بن عمد بن سلماذ الحائريَ المجاور بالظل للاشرف الغروي صلوات الله ورحمته وبركاته على مشرفه ، اللهم اغفر ذنوبه واستر عيوبه وعجل له الفرج بجمع شمله بمواليه وسادته واحسن بهم خاتمته وعاقبته وابداً بالمؤمنين والمؤمنات وبصاحبه وبوالديه وبربه يا رب العالمين ويا ارحم الراحمين بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين. وما اثبتأه من نسخة « م ».

٣٥٦

محتوى الكتاب

المقدمة المؤلف ٣

باب الخبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ٥

اخباره عليه‌السلام بمقتله وعلمه به ١١

نعيه عليه‌السلام نفسه إلى اهله واصحابه قبل مقتله ١٣

ما جاء عن تآمر الخوارج لقتله عليه‌السلام ١٧

الاخبار الدالة على موضع قبره عليه‌السلام ٢٣

باب طرف من أخبار أمير المؤمنين عليه‌السلام ٢٩

انه عليه‌السلام أول الناس اسلاما ٢٩

انه عليه‌السلام اعلم الصحابة ومبلغ علمه ٣٣

فضله ومكانته ومكانة أهل بيته عليهم‌السلام ٣٧

حديث الطائر ودلالته على منزلته عليه‌السلام ٣٨

ما جاء في الخبر بان محبته ايمان وبغضه كفر ٣٩

ما روي عن انه وشيعته هم الفائزون ٤١

الاخبار الدالة على ان ولايته علم على طيب المولد ٤٣

تسمية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله له بامير المؤمنين في حياته ٤٥

حديث الدار ومقامه عليه‌السلام ٤٩

مبيته عليه‌السلام في فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ٥١

استخلاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله له عليه‌السلام في رد ودائعه ٥٣

ارسال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله له عليه‌السلام إلى بني جذيمه ٥٥

انقياده المطلق عليه‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قضية

حاطب بن أبي بلتعة ٥٦

تسلمه الراية من سعد بن عبادة يوم الفتح ٦٠

اسلام همدان على يديه عليه‌السلام ٦٢

٣٥٧

وقعة خيبر وما بان فيها من شجاعته وقوته عليه‌السلام ٦٣

ابلاغه عليه‌السلام سورة براءة لمشركي قريش وغيرهم ٦٥

فضل جهاده عليه‌السلام في تثبيت ركائز الاسلام ٦٧

غزوة بدر وفضله عليه‌السلام في انتصار المسلمين ٦٨

اسماء من قتلهم عليه‌السلام في غزوة بدر من المشركين ٧٠

نتف مما روي عن دوره عليه‌السلام في غزوة بدر ٧٣

غزوة احد وما ظهر فيها من عظيم فضله وشجاعته عليه‌السلام ٧٨

ونداء الملائكة في السماء يوم احد بفضله عليه‌السلام ٨٧

شجاعته الفائقة عليه‌السلام في مبارزة الابطال وقتلهم ٨٨

جملة ممن قُتلوا بسيفه عليه‌السلام في اُحد ٩٠

ما جاء عن فضله عليه‌السلام في غزوة بني النضير ٩٢

غزوة الاحزاب ودوره عليه‌السلام فيها ٩٤

مبارزته عليه‌السلام لعمرو بن عبدود وقتله ٩٨

ارسال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله له عليه‌السلام إلى بني قريظة ١٠٩

غزوة وادي الرمل وفعال امير المؤمنين عليه‌السلام فيها ١١٣

ما جاء عن فضله عليه‌السلام في غزوة بني المصطلق ١١٨

صلح الحديبية وما بان من فضله عليه‌السلام في هذا الامر ١١٩

ما جاء عن شجاعته عليه‌السلام في الحديبية ١٢١

غزوة خيبر وما بان فيها من فضله عليه‌السلام دون الجميع ١٢٤

فتح مكة وبلاء امير المؤمنين عليه‌السلام فيه ١٣٠

مقدم أبي سفيان إلى المدينة ، وتوسله بأمير المؤمنين واهل بيته عليهم عليهم‌السلام ١٣٢

دخول امير المؤمنين عليه‌السلام مكة براية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٣٤

قتله عليه‌السلام للمشركين الذين كانوا يؤذون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٣٦

ذكر ارسال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله له عليه‌السلام إلى بني جذيمة ١٣٩

ما بان من فضله وشجاعته عليه‌السلام في غزوة حنين ١٤٠

تقسيم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لغنائم حنين واعتراض بعض الانصار ١٤٥

٣٥٨

اشارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قتل علي عليه‌السلام للخوارج من بعده ١٤٨

ارسال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله له عليه‌السلام لتحطيم الاصنام ١٥٢

غزوة تبوك واستخلاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله له عليه‌السلام في المدينة ١٥٤

قدوم عمرو بن معدي كرب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٥٨

مبارزة علي عليه‌السلام لعمرو بن معدي كرب وقتله ١٦٠

خبر بريدة الاسلمي وزجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله له ١٦٠

غزاة السلسلة وما بان فيها من فضله عليه‌السلام دون الباقي الصحابة ١٦٢

قدوم وفد النصاري على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٦٦

استصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اهل بيته عليهم‌السلام للمباهلة مع نصارى نجران ١٦٧

كتاب صلح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مع نصارى نجران ١٦٩

ذكر حجة الوداع ولحاق أمير المؤمنين عليه‌السلام برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٧٠

مخالفة عمر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في امر متعة الحج ١٧٤

نزول آية التبليغ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحق علي عليه‌السلام ١٧٥

تبليغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المسلمين باستخلافه لعلي عليه‌السلام ١٧٦

شعر حسان بن ثابت بعد مبايعة المسلمين لعلي عليه‌السلام بالخلافة ١٧٧

استغفار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لاهل البقيع ١٨١

مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله واخباره المسلمين بأوان رحيله ١٨٢

تأكيده صلى‌الله‌عليه‌وآله على صحابته بانفاذ جيش اسمامة بن زيد ١٨٤

طلب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دواة وكتف واعتراض عمر بن الخطاب ١٨٤

ايصاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علياً عليه‌السلام بقضاء دينه بعد وفاته ١٨٥

٣٥٩

دفعه صلى‌الله‌عليه‌وآله بخاتمه وسيفه ودرعه ولامته لعلي عليه‌السلام ٥١٨

اعراضه صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أبي بكر وعمر ١٨٦

مناجاته صلى‌الله‌عليه‌وآله علياً قبل وفاته ١٨٦

اشتداد المرض على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٨٦

وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٨٧

اخبار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام بانها أول أهله لحوقاً به ١٨٧

قيام الامام علي عليه‌السلام بتغسيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتحنيطه وتكفينه ١٨٧

قرار الامام علي عليه‌السلام بدفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيته ١٨٨

تدبير البيعة لأبي بكر في سقيفة بني ساعدة ١٨٩

محاولة أبي سفيان اثارة الفتنة بين المسلمين ١٩٠

لجوء كبار الصحابة إلى علي عليه‌السلام في حل معضلات الامور ١٩٢

دعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله له عليه‌السلام في ان يهدي الله قلبه ويثبت لسانه ١٩٤

انفاذه عليه‌السلام من قبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للقضاء في اليمن ١٩٥

جانب من قضاياه عليه‌السلام في اليمن ١٩٥

طرف من أخبار قضائه عليه‌السلام في إمارة أبي بكر ١٩٩

ما جاء من قضاياه عليه‌السلام في امارة عمر بن الخطاب ٢٠٢

ماجاء من قضاياه عليه‌السلام في امارة عثمان بن عفان ٢١٠

جملة مما روي عن قضاياه عليه‌السلام في ايام خلافته ٢١٢

في مختصر من كلامه عليه‌السلام ٢٢٣

من كلامه عليه‌السلام في وجوب المعرفة بالله والتوحيد له ٢٢٣

من كلامه عليه‌السلام في مدح العلماء وتصنيف الناس ٢٢٧

من كلامه عليه‌السلام في الدعاء إلى معرفته وبيان فضله ٢٢٩

من كلامه عليه‌السلام في صفة العالم وادب المتعلم ٢٣٠

٣٦٠