مرشد الزوّار إلى قبور الأبرار - ج ١

موفق الدين بن عثمان

مرشد الزوّار إلى قبور الأبرار - ج ١

المؤلف:

موفق الدين بن عثمان


المحقق: محمّد فتحي أبو بكر
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار المصريّة اللبنانيّة
الطبعة: ١
ISBN: 977-270-182-0
الصفحات: ٧٨٣

وقبر فيه أبو بصرة الغفارىّ (١) ، وعقبة بن عامر الجهنى (٢) ، رضى الله عنهم (٣) أجمعين .. [ولأهل مصر [عن] عمرو بن العاص عشرون حديثا.

__________________

(١) هو أبو بصرة الغفارى ، اختلف فى اسمه ، فقيل : حميل ، بضم الحاء المهملة ، وقيل : جميل : بالجيم المعجمة ، وقيل غير ذلك ، والمشهور : حميل بن بصرة بن وقاص بن حبيب بن غفار ، صحابىّ ، لقيه أبو هريرة ، وروى عنه ، وذكره ابن سعد فيمن نزل مصر من الصحابة. وفى أسد الغابة : حدّث عنه عمرو بن العاص ، وأبو هريرة ، وأبو تميم الجيشانى ، وغيرهم. وقد سكن مصر ، وله بها دار. وسيأتى ذكره بعد قليل.

[انظر أسد الغابة ج ١ ص ٣٥٠ ، وج ٢ ص ٦١ و ٦٢ ، وج ٦ ص ٣٤ و ٣٥ ، وانظر الإكمال لابن ماكولا ج ٢ ص ١٢٦ و ١٢٧ ، وحسن المحاضرة ج ١ ص ١٧٦ ، وفضائل مصر للكندى ص ٤٤].

(٢) هو عقبة بن عامر بن عبس بن مالك الجهنى ، أمير من الصحابة ، كان رديف النبي صلّى الله عليه وسلم ، وشهد صفّين مع معاوية ، وحضر فتح مصر مع عمرو بن العاص ، وولى مصر سنة ٤٤ ه‍ ، وعزل عنها سنة ٤٧ ه‍ .. كان شجاعا ، فقيها ، شاعرا ، قارئا ، من الرّماة .. وهو أحد من جمع القرآن ، قال ابن يونس : ومصحفه بمصر إلى الآن (أى إلى عصر ابن يونس) بخطه ، وفى آخره : وكتبه عقبة ابن عامر بيده .. وتوفى عقبة بمصر سنة ٥٨ ه‍. وفى القاهرة «مسجد عقبة بن عامر» بجوار قبره ، وله ٥٥ حديثا ، وسيأتى ذكره بعد قليل.

[انظر الأعلام ج ٤ ص ٢٤٠ ، وحسن المحاضرة ج ١ ص ٢٢٠ ، وفضائل مصر ص ٣٨ ، وأسد الغابة ج ٤ ص ٥٣ و ٥٤ ، وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٤٦٧ ـ ٤٦٩ ، وطبقات ابن سعد ج ٤ ص ٣٤٣ و ٣٤٤ ، والتاريخ الكبير ج ٦ ص ٤٣٠ ، وحلية الأولياء ج ٢ ص ٨ و ٩ ، وشذرات الذهب ج ١ ص ٦٤].

(٣) فى «م» : «عنهما». وما بعد ذلك ، من قوله : «ولأهل مصر ...» عن «م» وساقط من «ص» إلى آخر ترجمة عقبة بن نافع.

١٤١

عقبة بن نافع (١) :

ولعمرو هذا أخ لأمّه (٢) ، وهو : عقبة بن نافع بن فهر بن مالك ، ولّاه إفريقية ـ ذكره عبد البر ـ وهو من أعيان الصحابة ، رضى الله عنهم (٣) ، دخل مصر واختط بها ، ثم خرج منها غازيا ، فقتله البربر سنة ٦٣ من الهجرة.

ومما روى فى الصحيح أنّ النبي ، صلّى الله عليه وسلم ، رأى كأنه فى دار عقبة بن نافع ، فجىء إليه برطب يسمّى «طابا» (٤) وهو نوع معروف بالمدينة ، فأوّلتها «الوقعة» ، وأنّ ديننا قد طاب لنا (٥).

وحكى صاحب تاريخ إفريقية أن عقبة بن نافع لمّا دخل إلى إفريقية ، وهو مقدّم على الجيش ، قيل : إنّ الوادى [كان](٦) مملوءا بالسّباع

__________________

(١) هذا العنوان من عندنا ولم يرد فى «م» وجاء مكانه فى «ص» ترجمة «عقبة بن عامر الجهنى». وستأتى.

وعقبة بن نافع هذا هو : عقبة بن نافع بن عبد القيس الأموى الفهرى ، فاتح ، من كبار القادة فى صدر الإسلام ، وهو بانى مدينة القيروان ، ولد فى حياة النبي صلّى الله عليه وسلم سنة ١ قبل الهجرة ، وشهد فتح مصر ، ووجهه عمرو بن العاص إلى إفريقية سنة ٤٢ ه‍ واليا ، فافتتح كثيرا من تخوم السودان ، وكورها فى طريقه ، وعلا ذكره ، فولّاه معاوية إفريقية استقلالا سنة ٥٠ ه‍ ، وسيّر إليه عشرة آلاف فارس ، فتوغل فى بلاد إفريقية ، ففتح حصونا ومدنا. وكان ـ رحمه الله ـ مجاب الدعوة ـ استشهد سنة ٦٣ ه‍ ، ودفن بالزّاب عند «تهودة» بالمغرب الأقصى.

[انظر الأعلام ج ٤ ص ٢٤١ ، وأسد الغابة ج ٤ ص ٥٩ و ٦٠ ، وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٥٣٢ ـ ٥٣٤ ، والتاريخ الكبير ج ٦ ص ٤٣٥ ، وحسن المحاضرة ج ١ ص ٢٢٠ ، وتاريخ الطبرى ج ٥ ص ٢٤٠].

(٢) وقيل : ابن خالته [انظر المصادر السابقة] والمرجح أنه أخوه لأمّه.

(٣) وقيل : لا تصح له صحبة [انظر بعض المصادر السابقة].

(٤) فى «م» : «طاب» خطأ ، والصواب بالنصب ، وهو نوع من تمر المدينة منسوب إلى «طاب» ـ رجل من أهل المدينة.

(٥) لم أقف على هذا الحديث فيما لدىّ من مصادر.

(٦) ما بين المعقوفتين سقط سهوا من الناسخ ، وإلّا لجاءت «مملوءا» بالرفع على أنها خبر لإنّ ، لا بالنصب كما وردت هنا.

١٤٢

والحيّات ، فصلّى ثم دعا ، فرأينا السّباع تحمل أشبالها ، ورأيت الحيّات تخرج من تحت الشجر .. وكان مجاب الدعوة .. وكان ينزل إلى الوادى وما فيه ماء ، فيدعو الله سبحانه وتعالى ، فيسقيهم ببركة دعائه .. وفى بعض الآثار أن رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم دعا له فقال : اللهم أجب دعوته ، فكان لا يدعو الله إلّا استجاب له .. وكان الناس يسألونه الدعاء لما يرون من بركة دعائه .. ولأهل مصر عنه أحاديث ، وله عقب بالقرافة.

صفة عمرو بن العاص (١) :

وكان من صفته ـ يعنى عمرو بن العاص ـ أنه أسمر ، نحيف (٢) ، كبير الرأس ، أدعج ، أبلج (٣) ، وقد تقدم طرف يسير من أخباره ..

وترك عمرو بن العاص لولده بعد موته مائة قنطار ذهب ، وسبعة (٤) قناطير فضة ، فتورّع عنها عبد الله بن عمرو ، ولم يلتمس (٥) منها شيئا.

وكان عبد الله بن عمرو المذكور ـ رضى الله عنهما ـ إماما زاهدا ، عالما ، ورعا ، وهو أحد العبادلة الذين (٦) يدور عليهم العلم .. والعبادلة أربع : عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوى ، وعبد الله بن عباس الهاشمى ، عمّ النبي (٧) ، وعبد الله بن الزبير بن العوّام الأسدى ، وعبد الله بن عمرو ابن العاص بن وائل السّهميّ ، ومناقبه غير محصورة ، والله تعالى أعلم](٨).

__________________

(١) هذا العنوان من عندنا.

(٢) فى «م» : «نحيفا» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.

(٣) أدعج ، أى : شديد سواد العين فى شدة بياضها .. وأبلج ، أى : وضح ما بين حاجبيه فلم يقترنا ، يعنى : لم يكن مقرون الحاجبين.

(٤) فى «م» : «وسبع» خطأ فى اللغة والصواب ما أثبتناه.

(٥) هكذا فى «م» ، وهو بمعنى «يطلب» .. وتورّع عنها : تركها تورّعا.

(٦) فى «م» : «الذي» تصحيف.

(٧) يريد : عباس بن عبد المطلب بن هاشم.

(٨) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص».

١٤٣

قبر عقبة بن عامر الجهنى (١) :

[هو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو (٢) بن عدى بن رفاعة بن مودوعة ـ وقيل مودعة ـ ابن عدىّ بن غنم بن الرّبعة بن رشدان [بن](٣) قيس بن جهينة] صاحب رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم .. [يكنى](٤) أبا حمّاد ، وقيل أبا أسيد (٥) ، وقيل أبا عمرو (٦) ، وقيل أبا سعاد ، وقيل أبا الأسود ، وقيل أبا عمّار ، وقيل أبا عامر .. شهد فتح مصر واختطّ بها ، وولى الجند بمصر لمعاوية بن أبى (٧) سفيان بن عتبة بن أبى سفيان (٨) سنة أربعين .. ثم أغزاه (٩) معاوية البحر سنة سبع وأربعين ، وكتب إلى مسلمة بن مخلّد الزّرقى (١٠)

__________________

(١) هذا العنوان عن «ص» ولم يرد فى «م». وقد مرّ التعريف به. انظر ص ١٤١ ـ الهامش رقم (٢) من هذا الفصل.

(٢) فى «م» : «عمر» خطأ ، والتصويب من أسد الغابة ج ٤ ص ٥٣. وما بين المعقوفتين من قوله : «هو عقبة» إلى «جهينة» عن «م» ولم يرد فى «ص».

(٣) ما بين المعقوفتين عن المصدر السابق ، وساقط من «م».

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة من عندنا لاستقامة المعنى.

(٥) فى «م» : «سيد» خطأ من الناسخ.

(٦) فى «م» : «عمر» خطأ من الناسخ.

(٧) فى «م» : «أبا» خطأ فى الموضعين.

(٨) فى «م» : «عقبة بن أبا سفيان» خطأ ، والصواب ما ورد فى «ص».

وهو : عتبة بن أبى سفيان ، صخر بن حرب بن أمية .. ولى إمارة مصر من قبل أخيه معاوية ، فقدمها سنة ٤٣ ه‍ ، ثم خرج إلى الإسكندرية مرابطا ، فابتنى دارا فى حصنها القديم ، وتوفى بها سنة ٤٤ ه‍. وكان فصيحا مهيبا ، شهد مع عثمان يوم الدار ، وشهد يوم الجمل مع عائشة وفقئت عينه ، وحجّ بالناس سنة ٤١ وسنة ٤٢ ه‍. قال الأصمعى : الخطباء من بنى أمية : عتبة بن أبى سفيان ، وعبد الملك ابن مروان.

[انظر الأعلام ج ٤ ص ٢٠٠ و ٢٠١ ، وأسد الغابة ج ٣ ص ٥٦٠ ، ونسب قريش ص ١٢٥].

(٩) هكذا فى «ص» .. وفى «م» : «اعتراه» تصحيف من الناسخ.

(١٠) فى «ص» : «مسلم» ، تصحيف. وهو مسلمة بن مخلّد بن الصامت الأنصارىّ الخزرجىّ ، من كبار الأمراء فى صدر الإسلام ، ولد مقدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلم المدينة ، وحينما قبض النبي كان له من العمر عشر سنين ، ووفد على معاوية قبل أن يستتبّ له الأمر ، وشهد معه معارك صفّين ، فولّاه مصر سنة

١٤٤

بولايته على مصر ، فلم يظهر مسلمة (١) ولايته [حتى دفع عقبة غازيا فى البحر ، فأظهر مسلمة ولايته](٢) ، فبلغ ذلك عقبة فقال : ما أنصفنا معاوية ، عزلنا وغزّانا (٣).

ولأهل مصر عنه نحو مائة حديث ، اتفق البخارى ومسلم منها على سبعة أحاديث ، وانفرد البخارى عنه بحديث واحد (٤) ، وانفرد مسلم عنه بتسعة (٥) أحاديث ، وروى عنه من أهل مصر جماعة .. قال عقبة : «سمعت رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، يقول : الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصّدقة ، والمسرّ بالقرآن كالمسرّ بالصّدقة». وقال : «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : لا يدخل الجنّة صاحب مكس» (٦) يعنى العشّار .. وقال عقبة : «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : إنّى راكب غدا إلى يهود ، فلا تبدءوهم بالسّلام ، فإذا سلّموا عليكم فقولوا : وعليكم» .. وروى عقبة عنه ـ عليه السلام : «من توضّأ فأحسن (٧) وضوءه ثم صلّى غير ساه ولا لاه (٨) كفّر عنه ما كان قبلها من سيئاته» .. وروى عنه ـ عليه السلام ـ قال : «تعجّب ربّك من شابّ ليست له صبوة» (٩).

__________________

٤٧ ه‍ ، ثم أضاف إليها المغرب ، فأقام بمصر ، وسيّر الغزاه إلى المغرب فى البر والبحر ، ولمّا توفى معاوية أقرّه يزيد ، فاستمر فى الإمارة إلى أن توفى بالإسكندرية ـ وقيل بالمدينة ـ سنة ٦٢ ه‍. وهو أول من جعل بنيان المنائر ـ التى هى محل التأذين ـ فى المسجد. [انظر الأعلام ج ٧ ص ٢٢٤ ، وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٤٢٤ ـ ٤٢٦ ، وأسد الغابة ج ٥ ص ١٧٤ و ١٧٥ ، وجمهرة أنساب العرب ص ٣٦٦ ، وطبقات ابن سعد ج ٧ ص ٥٠٤].

(١) فى «م» : و «ص» : «مسلم» تصحيف.

(٢) ما بين المعقوفتين عن «ص» وسقط من «م» سهوا من الناسخ.

(٣) غزّاه ، وأغزاه : أعدّه وجهّزه للغزو.

(٤) قوله : «وانفرد البخارى ...» عن «م» ولم يرد فى «ص».

(٥) فى «م» : «بتسع» خطأ فى اللغة.

(٦) المكس : الضربية يأخذها المكّاس ممّن يدخل البلد من التجار. والعشّار : هو الذي يأخذ عشر المال مكسا.

(٧) فى «م» : «فأمن» تصحيف.

(٨) فى «م» : «ثم صلّى «علّى» غير ساه ..». وما أثبتناه عن «ص» ، وهو موافق لرواية ابن حنبل لهذا الحديث.

(٩) الصّبوة : الميل إلى اللهو.

١٤٥

وذكر ابن يونس فى تاريخه أن عقبة بن عامر توفى سنة ٥٨ بمصر ، وقبر بمقبرتها بالمقطم [وكانت داره بدمشق بناحية قنطرة سنان من باب «توما»](١). وكان قارئا ، عالما بالفرائض والفقه ، فصيح اللسان ، شاعرا ، وكانت له السابقة والهجرة ، وكان كاتبا ، وكان أحد من جمع القرآن ، ومصحفه بمصر بخطّه ، على غير التأليف الذي فى مصحف عثمان (٢) ، وفى آخره : كتبه (٣) عقبة بيده .. قال ابن يونس : ورأيت له خطّا جيدا ، ولم أزل أسمع شيوخنا يقولون «مصحف عقبة» لا يشكّون فيه .. وكانت ولايته على مصر سنتين وثلاثة أشهر (٤). وقبره ظاهر يتبرّك به ويعرف بالإجابة .. كان يأخذ بزمام بغلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، قال ـ رحمة الله عليه : «بينا كنت آخذ (٥) بزمام بغلة رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم فى نقب (٦) من تلك النقاب ، إذ قال لى : يا عقبة (٧) ، ألا تركب؟ فأشفقت أن تكون معصية ، قال : فنزل رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، وركبت هنيهة (٨) ، ثم ركب ، ثم قال لى : يا عقبة ، ألا أعلّمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس (٩)؟ قلت : بلى يا رسول الله .. قال : فأقرأنى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) .. ثم أقيمت الصلاة ، فتقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقرأ بهما (١٠) ، ثم مرّ بى فقال : كيف رأيت

__________________

(١) ما بين المعقوفتين عن «م» ولم يرد فى «ص» .. وباب توما : هو أحد أبواب دمشق من الجانب الشرقى.

(٢) أى : على غير ترتيب السور فى المصحف العثمانى.

(٣) فى «م» : «كتب».

(٤) فى «م» : «وثلاث شهور» خطأ.

(٥) فى «ص» : «بينا أنا أقود برسول الله صلّى الله عليه وسلم».

(٦) النّقب : الطريق. وفى «م» : «لقب» تصحيف.

(٧) هكذا فى «ص» .. وفى «م» حذفت «يا» النداء ، وهذا جائز فى اللغة.

(٨) الهنيهة : القليل من الزمان. وفى «م» و «ص» : «هنية».

(٩) هنا اضطراب فى سياق الحديث فى «م» .. وفى «ص» : «قرأتهما». وما أثبتناه هنا عن النّسائى.

(١٠) هكذا فى «ص» والنسائى .. وفى «م» : «فقرأتهما».

١٤٦

يا عقبة؟ اقرأهما (١) كلما نمت وقمت» رواه أحمد فى مسنده.

وقبره (٢) القبر المسنّم الكبير عند تربة بنى العوام ، وعند رأسه بلاطة كدان فيها اسمه ، وضعها أبو حفص عمر بن محمد بن غزال بن محمد المقرئ شيخ مصر ، تلميذ الإمام ابن رشيق العسكرى (٣) شيخ مصر ، يتداوله السلف والخلف ، والدعاء عنده مجاب ، وليس فيه اختلاف ، ولم يكن فى الجبانة قبر أثبت منه ، رضى الله عنه ، ونفع ببركاته .. (آمين) (٤).

__________________

(١) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «اقرأ بهما».

(٢) أى : وقبر عقبة .. ومن هنا إلى قوله : (آمين) عن «م» وساقط من «ص».

(٣) هو الإمام المحدّث الحسن بن رشيق ، أبو محمد العسكرى ، حدّث عن أبى عبد الرحمن النسائى ، وأحمد بن زغبة ، ومحمد بن عثمان بن سعيد السراج ، وغيرهم. وروى عنه الدارقطنى ، وعبد الغنى بن سعيد ، وأبو محمد بن النحاس ، وخلق كثير من المصريين والمغاربة ، ولد فى صفر سنة ٢٨٣ ه‍. ومات فى جمادى الآخرة سنة ٣٧٠ ه

[انظر تذكرة الحفاظ ج ٣ ص ٩٥٩].

(٤) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص».

١٤٧

عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى (١) :

صاحب رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم .. سكن مصر بعد أن عمّر عمرا طويلا ، وبقى بها ، وكانت وفاته سنة ثمان وثمانين ، وقيل سبع وثمانين ، وقيل خمس وثمانين (٢) .. وروى عنه جماعة من المصريين ، منهم يزيد (٣) بن أبى حبيب ..

قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى فداء أسارى من بنى المصطلق ، وغيّب فى بعض الطريق ذودا (٤) كنّ معه وجارية سوداء ، فكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى فكّ الأسارى ، فقال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم : «نعم .. ما جئت به؟ قال : ما جئت بشىء!! قال : فأين الزّود والجارية السوداء (٥) الذي غيّبت بموضع كذا وكذا؟! قال : أشهد أنك رسول الله ، والله ما كان معى من أحد ، ولا سبقنى أحد إليك .. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «لك الهجرة».

قال عبد الله بن الحارث : «ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم». وقال : «أنا أول من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : «لا يبل أحدكم مستقبل القبلة» ، وأنا أول من حدّث الناس بذلك». وقال : «أكلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، ثم صلّينا ولم نتوضّأ».

__________________

(١) هو عبد الله بن الحارث بن جزء بن معديكرب الزبيدى ، صحابىّ ، سكن مصر ، وعمى قبل وفاته ، وهو آخر من مات بمصر من الصحابة ، وكانت وفاته سنة ٨٦ ه‍.

[انظر ترجمته فى الأعلام ج ٤ ص ٧٧ ، وحسن المحاضرة ج ١ ص ٢١٢ ، وأسد الغابة ج ٣ ص ٢٠٤ ، وشذرات الذهب ج ١ ص ٩٧ ، وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٨٧ و ٣٨٨].

(٢) فى شذرات الذهب أنه توفى سنة ٨٦ ه‍ على الصحيح.

(٣) فى «م» : «زيد» ، تصحيف. وهو أبو رجاء يزيد بن أبى حبيب ، واسمه سويد ، الأزدى بالولاء ، فقيه مصر وشيخها ومفتيها فى صدر الإسلام ، وأول من أظهر علوم الدين والفقه بها ، وهو أحد ثلاثة جعل إليهم عمر بن عبد العزيز الفتيا بمصر. وقال الليث : يزيد عالمنا وسيدنا. ولد سنة ٥٣ ه‍ وتوفى سنة ١٢٨ ه‍.

[انظر ترجمته فى الأعلام ج ٨ ص ١٨٣ و ١٨٤ ، وطبقات ابن سعد ج ٧ ص ٥١٣ ، وحسن المحاضرة ج ١ ص ٢٩٩ ، وتذكرة الحفاظ ج ١ ص ١٢٩ و ١٣٠ ، وطبقات الحفاظ ص ٥٩].

(٤) الزّود : القطيع من الإبل بين الثلاث إلى العشر (مؤنث).

(٥) «السوداء» عن «ص».

١٤٨

وعبد الله (١) آخر من دخل مصر من الصحابة ، وآخر من مات بها .. وعمر عمرا طويلا .. قال الإمام أبو حنيفة ، رضى الله عنه : حججت مع أبى سنة من السنين ، فرأيت الناس يزدحمون ، فسألت عن ذلك ، فقيل لى : هذا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم ، فأخذ أبى بيدى ثم أجلسنى أمامه وقال : يا بنىّ ، سله أن يمرّ بيده على رأسك .. فمر بها ، ودعا لى ، فأنا أجد بركة دعائه.

وقال القضاعىّ فى خططه : قال الكندى : مات عبد الله بن الحارث بقرية يقال لها «قرنفيل» (٢) ، ذكر ذلك الجند العربى ، فلعلّه حمل ودفن فى مقبرة الفسطاط .. وقيل : بل (٣) مات بمصر ، ولا يعرف قبره.

عبد الله بن حذافة السّهميّ (٤) :

صاحب رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، يكنى أبا حذافة ـ أسلم قديما ، وكان من المهاجرين الأولين .. دفن بمصر .. هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية مع أخيه قيس بن حذافة .. وهو أخو أبى الأخنس بن حذافة ، وخنيس بن حذافة زوج حفصة بنت عمر قبل النبي ، صلّى الله عليه وسلم .. وهو من أصحاب بدر .. روى ذلك عمر بن الحكم عن [أبى] سعيد الخدرى (٥). وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعثه

__________________

(١) من هنا إلى نهاية الترجمة عن «م» وساقط من «ص» .. وفى «ص» ختم الترجمة بقوله : «مات عبد الله بن الحارث بمصر ، ولا يعرف قبره» وستأتى.

(٢) قرنفيل : قرية بمصر ، جاء ذكرها فى معجم البلدان ج ٤ ص ٣٣١.

(٣) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص».

(٤) هو عبد الله بن حذافة بن قيس السّهميّ القرشىّ ، أبو حذافة ، صحابى ، أسلم قديما ، وبعثه النبي صلّى الله عليه وسلم إلى كسرى .. وهاجر إلى الحبشة ، وقيل : شهد بدرا ـ ولم يصح ـ وأسره الروم فى أيام عمر ، ثم أطلقوه .. شهد فتح مصر ، وتوفى بها سنة ٣٣ ه‍ فى أيام عثمان. وكانت فيه دعابة ، وعدّه الجمحى من شعراء مكة.

[انظر ترجمته فى الأعلام ج ٤ ص ٧٨ ، وأسد الغابة ج ٣ ص ٢١١ ـ ٢١٣ ، وحسن المحاضرة ج ١ ص ٢١٢ ، وطبقات ابن سعد ج ١ ص ٢٥٩ و ٢٦٠ ، والمحبر ص ٧٧ ، وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ١١ ـ ١٦] وقد وردت ترجمته فى «ص» مختصرة ، وما أثبتناه هنا عن «م».

(٥) ما بين المعقوفتين من عندنا ، وقد سقطت سهوا من الناسخ. وقد ورد فى أسد الغابة ، قال

١٤٩

إلى كسرى عظيم الفرس يدعوه إلى الإسلام ، وكتب معه الكتاب ، قال عبد الله : فرفعت إليه كتاب رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، فقرىء عليه ، ثم أخذه فمزّقه ، فلما بلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «اللهمّ مزّق ملكه».

وكتب «كسرى» إلى «باذان» عامله باليمن أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا الرّجل الذي بالحجاز فليأتيانى (١) بخبره. فبعث «باذان» قهرمانه (٢) ورجلا آخر ، وكتب معهما كتابا ، فقدما المدينة ، فدفعا إليه كتاب «باذان» ، فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، ودعاهما إلى الإسلام وفرائصهما ترعد (٣) ، وقال : ارجعا عنى يومكما هذا فأتيانى الغد فأخبركما (٤) بما أريد .. فجاء الغد ، فقال لهما : أبلغا صاحبكما أنّ الله قتل كسرى (٥) فى هذه الليلة ، لسبع ساعات (٦) مضت منها ، وهى ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى (٧) ، سنة سبع من الهجرة النبوية ، وأنّ الله تعالى سلّط عليه ابنه «شيرويه» .. فرجعا إلى «باذان» بذلك ، فأسلم هو والأبناء الذين باليمن (٨).

وفى رواية أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم بعثه (٩) بكتاب إلى كسرى ، فمزّق كسرى

__________________

ابن الأثير : «... ولم يصح ـ أى شهوده بدرا ـ ولم يذكره موسى بن عقبة ، ولا ابن شهاب ، ولا ابن إسحاق فى البدريين».

(١) فى «م» : «فليأتنا». وما أثبتناه هو الموافق لقواعد اللغة ، وقد أورده الطبرى هكذا فى تاريخه [انظر تاريخ الطبرى ج ٢ ص ٦٥٥].

(٢) فى «م» : «قهرمان» خطأ ، والتصويب من المرجع السابق. والقهرمان : من أمناء الملك وخاصته.

(٣) الفرائص : جمع فريصة ، وهى لحمة بين الكتف والصدر ترتعد عند الفزع ، وهما فريصتان.

(٤) فى «م» : «فأخبرهما» ، تصحيف.

(٥) فى «م» : «قتل ربه كسرى». وما أثبتناه هنا عن الطبرى.

(٦) فى الطبرى : «لستّ ساعات».

(٧) فى «م» : «الأول». وما أثبتناه هو الصحيح.

(٨) يعنى : الأبناء الذين معه من الفرس المقيمين باليمن.

(٩) الضمير فى «بعثه» يعود إلى عبد الله بن حذافة.

١٥٠

الكتاب ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «مزّق الله ملكه ، إن مات كسرى فلا كسرى بعده» قال الواقدى : فتسلط على كسرى شيرويه فقتله.

وروى عبد الله بن حذافة أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمره أن ينادى فى أيام التشريق (١) أنّها أيام أكل وشرب .. وكانت فيه دعابة [فحين قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : من أحبّ أن يسأل عن شىء فليسأل عنه ، فو الله لا تسألونى عن شىء إلّا أخبرتكم به ما دمت فى مقامى هذا. فسأله عبد الله بن حذافة فقال](٢) : من أبى يا رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم؟ فقال : أبوك حذافة بن قيس .. فقالت أمّه : ما سمعت بابن أعقّ منك ، أمنت أن تكون أمك فارقت ما يفارق أهل الجاهلية فتفضحها على أعين الناس؟! فقال : والله لو ألحقنى بعبد أسود للحقت به.

وهو الذي أسره الروم فى زمن عمر بن الخطاب ، فأرادوه (٣) على الكفر ، فأبى ، فقال له ملك الروم : قبل رأسى وأطلقك .. قال : لا .. قال : قبل رأسى وأطلقك ومن معك من أسرى المسلمين .. فقبّل رأسه ، فأطلق معه ثمانين أسيرا.

روى له مسلم حديثا واحدا ، وروى له النسائى ، والله أعلم ..

ومات (٤) فى خلافة عثمان بن عفان بمصر ، ودفن بها فى سنة تسع عشرة (٥).

__________________

(١) أيام التشريق : ثلاثة أيام بعد يوم النحر ، قيل : سمّيت بذلك لأن لحوم الأضاحى «تشرّق» فيها ، أى تقدّد فى الشّرقة ، وهى الشمس. وقيل : تشريقها : تقطيعها وتشريحها.

(٢) هذا الحديث ورد فى «م» وبه اضطراب فى السياق ، ولم يرد فى «ص» .. والتصويب من أسد الغابة ج ٣ ص ٢١٢ نقلا عن مسند أحمد.

(٣) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «فراودوه» وكلاهما صحيح.

(٤) فى «م» : «إنه مات».

(٥) هكذا فى «م» و «ص» .. وهذا التاريخ لا يصح ، فالمعروف أن عثمان ـ رضى الله عنه ـ ولى الخلافة بعد مقتل عمر ـ رضى الله عنه ـ سنة ٢٣ ه‍ ، وكانت وفاته ـ أى عثمان ـ سنة ٣٥ ه‍ ، فقوله : «مات سنة تسع عشرة» غير صحيح. والذي ذكرته المراجع المعتمدة أنه توفى سنة ٣٣ ه‍ ، وهو الأرجح والصواب. والله أعلم.

١٥١

أبو بصرة الغفارىّ (١) :

صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، واختلف فى اسمه فقيل : حميل ، وقيل : جميل ، غير مضبوط ، وأصحه : حميل بالضم (٢). وقيل : إنّ «عزّة» التى ينسب إليها «كثّير» هى بنت ابنه (٣).

روى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم اثنى (٤) عشر حديثا .. وروى له مسلم حديثا واحدا .. روى عنه عمرو بن العاص ، وأبو هريرة ، وأبو تميم الجيشانى (٥) ، وغنم بن فرع المهدى ، وأبو الخير مرثد بن عبد الله اليزنّى (٦) المصرى ، نزيل مصر .. وروى له البخارى فى الأدب ، ومسلم وأبو داود (٧).

__________________

(١) سبق التعريف به ـ انظر ص ١٤١ ـ الهامش رقم (١) من هذا الفصل.

(٢) جاء السياق هنا فى «م» مضطربا ، وبه جمل مقحمة من الناسخ ، وبه تكرار. وقمنا بتصويب ذلك وضبطه بالاعتماد على «ص» والمراجع المعتمدة التى ترجمت له.

(٣) هكذا فى «ص». وربما يريد : ينسب بها» أى : يعرّض بهواها وحبّها ، وهو الأنسب للمقام هنا .. وقد نفى ابن الأثير هذا فقال : «وهذا عندى غير صحيح ، لأن نسبها ـ أى ـ عزّة ـ مشهور ، وليس لأبى بصرة فيه ذكر» والله أعلم.

[انظر أسد الغابة ج ٦ ص ٣٥].

(٤) فى «م» : «اثنا» خطأ ، والصواب ما أثبتناه. ولم يرد هذا فى «ص» إلى قوله : «وأبو داود».

(٥) فى «م» : «أبو شيم الحلشانى» تصحيف ، والصواب ما أثبتناه ، وهو : أبو تميم الجيشانى الرعينى المصرى ، وأصله من اليمن ، ولد فى حياة النبي صلّى الله عليه وسلم. واسمه : عبد الله بن مالك بن أبى الأسحم.

(٦) من كبار التابعين ، تفقه على عقبة بن عامر ، وكان مفتى أهل مصر فى وقته ، وكان عبد العزيز ابن مروان يحضره فيجلسه للفتيا. وكانت وفاته سنة ٩٠ ه‍.

[انظر ميزان الاعتدال ج ٤ ص ٨٧ ، وحسن المحاضرة ج ١ ص ٢٩٦ ، ورجال صحيح مسلم ج ٢ ص ٢٧٤ و ٢٧٥ ، ورجال صحيح البخارى ج ٢ ص ٧٣٣].

(٧) وروى له أيضا النسائى وابن حنبل. وإلى هنا ينتهى الساقط من «ص».

١٥٢

روى أبو بصرة قال : «صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلاة العصر ، فلما انصرف قال : إنّ هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فتراخوا (١) فيها وتركوها ، فمن صلّاها منكم ضعّف له أجره ضعفين .. ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد .. وهو النجم» (٢).

سكن أبو بصرة الحجاز ، ثم تحول إلى مصر ، فمات بها ودفن بالمقطم.

قال ، رضى الله عنه : «أتيت (٣) رسول الله صلّى الله عليه وسلم لمّا (٤) هاجرت ـ وذلك قبل أن أسلم ـ فحلب لى شويهة (٥) كان لا يحلبها لأهله ، فشربتها (٦) فلما أصبحت أسلمت».

قال أبو بصرة : «لقيت أبا هريرة وهو يسير إلى مسجد الطّور ليصلّى فيه ، قال : فقلت له : لو أدركتك قبل أن ترحل ما ارتحلت .. قال : ولم؟

قلت (٧) : إنّى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : «لا تشد الرّحال إلّا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدى هذا».

__________________

(١) فى «ص» : «فتوانوا» وهى بمعناها.

(٢) الحديث رواه النسائى فى سننه فى كتاب المواقيت ج ١ ص ٢٥٩ و ٢٦٠ بشرح جلال الدين السيوطى ، باختلاف يسير فى بعض ألفاظه ... وقوله : «حتى يرى الشاهد» كناية عن غروب الشمس ، لأن بغروبها يظهر الشاهد.

(٣) فى «م» و «ص» : «سمعت» وليس هاهنا سماع ، وما أثبتناه عن المعجم المفهرس لألفاظ الحديث نقلا عن رواية أحمد فى مسنده.

(٤) هكذا فى «ص» ... وفى «م» : «يقول : لمّا ..».

(٥) فى «م» : «شويهية» تصحيف. وشويهة : تصغير «شاة».

(٦) أى : شربت الحلبة.

(٧) فى «م» : «قال».

١٥٣

ذكر الأشراف الذين قدموا مصر

ومن دفن بها منهم

السيدة سكينة بنت الحسين (*) :

قال ابن زولاق (١) : أول من دخل مصر [من](٢) ولد علىّ بن أبى طالب ، رضى الله عنه ، سكينة بنت الحسين بن على بن أبى طالب (٣) ، حملت إلى الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان (٤) ليدخل بها ، فوجدته قد نعى (٥)

__________________

(*) العنوان من عندنا.

(١) هو الحسن بن إبراهيم بن الحسين بن الحسن ، من ولد سليمان بن زولاق ، الليثى بالولاء ، مؤرخ مصرى ، ولد سنة ٣٠٦ ه‍ ، وزار دمشق سنة ٣٣٠ ه‍ ، وولى المظالم فى أيام الفاطميين بمصر ، وكان يظهر التشيع لهم. له عدة كتب ، منها : خطط مصر ، وأخبار قضاة مصر ، ومختصر تاريخ مصر ، وغيرها. وكانت وفاته سنة ٣٨٧ ه‍.

[انظر ترجمته فى الأعلام ج ٢ ص ١٧٨ ، وسير أعلام النبلاء ج ١٦ ص ٤٦٢ و ٤٦٣ ، ومعجم الأدباء لياقوت الحموى ج ٧ ص ٢٢٥ ـ ٢٣٠ ، ووفيات الأعيان ج ٢ ص ٩١ و ٩٢ ، وحسن المحاضرة ج ١ ص ٥٥٣ و ٥٥٤].

(٢) ما بين المعقوفتين عن «ص» ولم يرد فى «م».

(٣) هى : آمنة (أو أمينة ، أو أميمة) وسكينة لقب لقّبتها به أمها الرباب بنت امرئ القيس ابن عدى .. كان سيدة نساء عصرها وأجملهن ، وأحسنهن أخلاقا ، وكانت تجالس الأجلّة من قريش ، وتجمع إليها الشعراء ، فتجلس بحيث تراهم ولا يرونها ، فتسمع كلامهم وتفاضل بينهم ، وتناقشهم ، وتجيزهم ، ولها معهم ـ ومع غيرهم ـ حكايات ونوادر ظريفة .. وكانت شهمة مهيبة ، ولها نظم جيد. وكانت وفاتها بالمدينة سنة ١١٧ ه‍.

[انظر ترجمتها فى الأعلام ج ٣ ص ١٠٦ ، وسير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٦٢ و ٢٦٣ ، ووفيات الأعيان ج ٢ ص ٣٩٤ ـ ٣٩٧ ، وطبقات ابن سعد ج ٨ ص ٤٧٥ ، والمحبر ص ٤٣٨ ، وشذرات الذهب ج ١ ص ١٥٤ ، ونسب قريش ص ٥٩].

(٤) كانت لأبيه إمرة مصر ، واستخلفه عليها مدّة ، وتوفى شابّا بالإسكندرية قبل وفاة أبيه.

(٥) أى : مات .. وفى «م» والكواكب السيارة : «بغى» ، تصحيف. وفى «المحبر» : «تزوجها الأصبغ فلم يصل إليها ، فارقها قبل ذلك» أى : قبل الدخول بها. وما ورد هنا موافق لما جاء فى نسب قريش (ص ٥٩) حيث ذكر أنها حملت إليه ـ إلى الأصبغ ـ بمصر فوجدته قد مات.

١٥٤

فرجعت إلى المدينة .. وقيل إنها قالت لأخيها : والله لا يكون لى بعل ، فماتت وهى بكر ـ رضى الله عنها (١).

مشهد السيدة سكينة ومن به من الأشراف : (*)

وبهذا المشهد ـ أى مشهد سكينة ـ (٢) السيد الشريف إبراهيم بن يحيى ابن بللوه (٣) النّسّابة ، والسيد الشريف حيدرة (٤). وبه جماعة من الأشراف ـ وهو مشهد معروف مشهور ، به قبر السيدة الشريفة زينب (٥) بنت الحسن ابن إبراهيم بن يحيى بن بللوه النسابة ، رضى الله عنهم (٦).

__________________

(١) من قوله : «وقيل إنها قالت لأخيها ..» إلى قوله : «وبجوار جامع ابن طولون ..) عن «م» وساقط من «ص». وقوله : «فماتت وهى بكر» غير صحيح ، فمن المعروف أنها تزوجت مصعب بن الزبير فهلك عنها ، ثم تزوّجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام ، ثم تزوجها عمرو بن عثمان بن عفان ، رضى الله عنه ، فأمره سليمان بن عبد الملك بطلاقها ، ففعل ، وذكرت المراجع التى ترجمت لها ذلك ، ومع اختلاف الرواة والمؤرخين فى عدد أزواج السيدة سكينة ، فقد قصرت المراجع الشيعية زواجها على ابن عمها عبد الله بن الحسن.

(*) العنوان من عندنا.

(٢) يقع ضريح السيد سكينة بحى الخليفة بالقاهرة ، بالشارع المسمى باسمها ، وقد اختلف المؤرخون فى صحة وجودها به ، وأنها مدفونة بالمدينة ـ وهو قول الأكثرين ـ وكلّ منهم يدل على صحة رأيه .. وعلى أى حال كان موضع هذا الجسد الطاهر فإنه أهل للتعظيم والتشريف.

[لمزيد من الاطلاع انظر : مساجد مصر لسعاد ماهر ج ١ ص ٩٨ ـ ١٠٣ ، والخطط التوفيقية ج ٥ ص ٤٢ ـ ٤٥ ، وتحفة الأحباب للسخاوى ص ٩٤ و ٩٥ ، والكواكب السيارة ص ٣٠ و ٣١].

(٣) فى «م» : «بللومى» فى الموضعين ، تصحيف ، والتصويب من تحفة الأحباب ص ٩٤ و ٩٥ ، والكواكب السيارة ص ٣٠.

(٤) فى «م» : «وهو السيد الشريف حيدمرة» تصحيف من الناسخ ، والتصويب من المصدرين السابقين ، وهو الشريف الطاهر الفاطمى حيدرة بن ناصر بن حمزة ، أبى الحسن بن سليمان المثنى بن سليمان الأول بن الحسن الأصغر بن على زين العابدين بن الإمام الحسين ، رضى الله عنه ، وهو من الأشراف الفواطم.

(٥) فى «م» : «ذينة» تصحيف. والتصويب من تحفة الأحباب ص ٩٥ ، وفيه أن وفاتها كانت فى ١٧ من شوال سنة ٦٤٦ ه‍.

(٦) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص».

١٥٥

وبجوار جامع ابن طولون مشهد على يسار السّالك (١) ، مكتوب عليه «سكينة» يذكر أنها من أهل البيت ..

ثم دخلها على بن محمد (٢) بن عبد الله بن الحسن بن علّى بن أبى طالب ، دخل إلى مصر ، ويقال إنه توفى فى ريفها ، وقيل ذهب إلى الديلم ، والله أعلم.

الحسن بن زيد (والد السيدة نفيسة) (٣) :

وممّن دخلها أيضا الحسن بن زيد بن الحسن (٤) بن على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وابنته نفيسة ، وكان إماما ، شيخا ، عالما ، من كبار أهل البيت ، معدودا (٥) من التابعين .. ولى المدينة من قبل عبد الله أبى جعفر المنصور الخليفة العباسى (٦) .. وكانت له دعوة مجابة (٧) وكان يسمّى شيخ الأشياخ ، ومدح بقصائد كثيرة لكرمه وحلمه ، وهو ممّن قد انتهت إليه الرياسة فى زمنه من بنى الحسن.

__________________

(١) فى «ص» : «على يسار سالك المحجة إلى مصر». وفى الكواكب السيارة : «على يسار السالك إلى المحجر فى طريق مصر».

(٢) هكذا فى «م» و «ص» .. وفى الكواكب السيارة : «محمد بن على ..» وما أثبتناه هو الصواب [انظر نسب قريش ـ ولد الحسن بن الحسن بن على ص ٥٣].

(٣) هذا العنوان من عندنا.

(٤) فى «م» : «زيد بن على بن أبى طالب». وما أثبتنا عن «ص» والكواكب السيارة ص ٣١ ، وهو الصحيح [انظر نسب قريش ، ص ٤٩].

(٥) فى «م» : «معدود» ولها وجه فى اللغة ، خبر لمبتدأ محذوف ، أى : «وهو معدود».

(٦) فى «م» : «المنصور بن أبى عامر العباسى الخليفة» خطأ ، والصواب ما أثبتناه عن «ص» والكواكب السيارة. أما المنصور بن أبى عامر فهو أمير أندلسى كانت وفاته سنة ٣٩٢ ه‍.

(٧) من قوله : «وكانت له دعوة مجابة» إلى نهاية الترجمة عن «م» وساقط من «ص» (ما عدا الفقرة التى تحكى عن أبيه حينما مات وترك دينا عليه يزيد على خمسة آلاف دينار ... الخ ، فقد وردت خاتمة للترجمة فى «ص»).

١٥٦

والأشراف أنواع ، وأجلّ الأشراف الحسينيّون والحسنيّون (١).

والجعافرة قد نسبوا إلى جعفر الطيّار ابن أبى طالب ، وله ذرّيّة بالقرافة.

وأمّا من يسمّون بالزّينبيين (٢) فنسبوا إلى عبد الله الجواد ابن جعفر الطيّار ، وذلك أنه تزوج بفاطمة بنت زينب ، أو زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ـ على إحدى (٣) الرّوايتين ـ فولدت له محمد بن عبد الله بن جعفر الطيار.

وأما الأشراف الحنفية الذين عرفوا بالمحمديين فينسبون (٤) إلى محمد المعروف بابن الحنفية ابن على بن أبى طالب .. وله عقب بالقرافة منهم.

وأمّا الذين ينسبون (٥) إلى العباسيين فهم من نسل عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، وأخيه الفضل بن العباس .. وأجلّ أولاد العباس عبد الله ، ومن أولاده الخلفاء .. وأولاد العباس أربعة (٦) : عبد الله ، والفضل ، وقثم ، ومعبد (٧).

وأمّا الأشراف الذين يعرفون (٨) بالميمونيين فينسبون (٩) إلى الميمون بن

__________________

(١) فى «م» : «الحسينيين والحسنيين» خطأ ، والصواب ما أثبتناه بالرفع ـ وهم الذين ينتسبون إلى الحسين والحسن ابنى علىّ من فاطمة بنت رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم.

(٢) فى «م» : «يسموا بالنونيين» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.

(٣) فى «م» : «أحد» خطأ فى اللغة ، والصواب ما أثبتناه.

(٤) فى «م» : «ينسبوا» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.

(٥) فى «م» : «ينسبوا» خطأ.

(٦) فى أسد الغابة (ج ٣ ص ١٦٧): «له ـ أى للعباس ـ من الولد عشرة ذكور ، سوى الإناث ، وهم : الفضل ، وعبد الله ، وعبيد الله ، وقثم ، وعبد الرحمن ، ومعبد ، والحارث ، وكثير ، وعون ، وتمّام». وفى نسب قريش (ص ٢٥ ـ ٢٧) لم يذكر عبد الرحمن وعون ، وذكر الإناث ، أم حبيب ، وآمنة ، وصفية بنات العباس.

(٧) فى «م» : «وسعيد» تحريف. وقد مات «معبد» هذا شهيدا بإفريقية.

[انظر نسب قريش ص ٢٧]

(٨) فى «م» : «يعرفوا» خطأ فى اللغة ، والصواب بثبوت النون.

(٩) فى «م» : «ينسبون» وأثبتنا الفاء فى جواب «أمّا».

١٥٧

حمزة بن عبد المطلب الهاشمى (١) .. ومنهم طائفة بالقرافة.

ولمّا ولى الحسن بن زيد المذكور ـ والد السيدة نفيسة ، رضى الله عنها ـ المدينة كان بها رجل فقير يقال له ابن أبى ذؤيب ، فقرّبه الحسن ، وأحسن إليه ، وكثر مال الرجل وترأس ، وقرّبه المنصور (٢) ، فلما عظم عند المنصور شرع يتكلم فى حق الحسن وينمّ عليه بما ليس فيه ، حتى إنه قال للمنصور عنه إنه يريد الخلافة ، فأحضره المنصور وسلب نعمته ، وبعد قليل (٣) ظهر للمنصور الكذب من القائل المذكور ، فردّ على الحسن أمواله ، وأنعم عليه إنعاما بليغا ، وأرسله (٤) إلى المدينة على عادته ، فلما قدم المدينة أرسل إلى ابن أبى ذؤيب هدية عظيمة ، وأمر له بمال جزيل ، ولم يعتبه (٥) فى ذلك ، ولم يقل له فى يوم من الأيام فعلت كيت وكيت.

وحكى عنه أنه كان يصلى بالأبطح (٦) فى يوم من الأيام ، وإذا بامرأة مارّة وعلى يديها طفل ، فاختطفه عقاب منها ، فحصل لها عليه وجد (٧) عظيم ، والتهبت بالنار ، وجاءت إلى الحسن وتعلقت به ، وسألته الدعاء أن يردّ لها ولدها ، فدعا لها ، فمن ساعته نزل العقاب به إلى الأرض ، وردّه الله عليها ببركته وبركة دعائه.

__________________

(١) فى جمهرة أنساب العرب (ص ١٧) أن حمزة بن عبد المطلب له من الأولاد : عمارة ، ويعلى ، وعامر ، وابنة تزوجها سلمة بن أبى سلمة. وقد انقرض عقب حمزة ، رضى الله عنه.

(٢) فى «م» : «وقربه إلى المنصور».

(٣) فى «م» : «فعمّا قليل».

(٤) فى «م» : «إنعاما وأسلمه» وما أثبتناه عن الكواكب السيارة ص ٣١.

(٥) يعتبه : يلومه ـ من الفعل «عتب» الثلاثى.

(٦) الأبطح : مكان بمكة ، هو المحصّب. ويطلق أيضا على كل مكان متسع.

(٧) وجد : حزن.

١٥٨

قال الطبرى : لمّا مات أبو الحسن ، رضى الله عنه ، ترك عليه ما يزيد على خمسة آلاف دينار (١) دينا للناس ، فحلف الحسن أنه لا يستظلّ بسقف حتى يقضى دين أبيه ، فلم يزل كذلك حتى قضى دينه ، رضى الله عنه.

وكانت له دعوة مجابة ، وسمّى فى زمانه بصفى الأسخياء .. قال عبد الله بن يعيش : كان الحسن بن زيد يعدّ بألف من الكرام .. وإليه انتهت الرياسة فى بنى الحسن وجىء له بشابّ شارب متأدّب ، فقال له : يا بن بنت رسول الله ، أطلقنى وأنا لا أعود ، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «أقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم» ، وأنا ابن [أبى] أمامة بن سهل بن حنيف (٢) ، وقد كان أبى مع أبيك كما علمت .. قال : صدقت ، فهل أنت عائد؟ قال : لا والله .. فأقاله ، وأمر له بخمسين دينارا وقال : تزوّج بها وعد إلىّ .. فتاب الشابّ ، فكان الحسن بن زيد المذكور يجرى عليه النفقة. نفع الله تعالى به فى الدنيا والآخرة (آمين).

السيدة نفيسة ، رضى الله عنها ، ونفع ببركاتها (٣) :

هى السيدة العابدة ، الزاهدة ، المجتهدة ، الورعة ، صاحبة الكرامات المتنوعة ، نجيبة دهرها ، وفريدة عصرها ، المرتقية بجدّها (٤) المفتخرة بأبيها

__________________

(١) هكذا فى «م» وفى الكواكب السيارة .. وفى «ص» : «أربعة آلاف دينار».

(٢) ما بين المعقوفتين من «المعارف» لابن قتيبة ، ولم ترد فى «م» أو «ص» أو الكواكب السيارة .. وأبو أمامة بن سهل محدّث ، وأبوه سهل بن حنيف صحابىّ من الأنصار من بنى عمرو بن عوف ، شهد مع على بن أبى طالب «صفّين» ، وكان يسكن الكوفة ، ومات بها سنة ٣٨ ه‍ ، وصلّى عليه على ابن أبى طالب ، رضى الله عنه ، وكبّر عليه ستّا ، وقال : إنّه بدرىّ. [انظر المرجع المذكور ص ٢٩١].

(٣) فى «م» : «ابنته نفيسة» أى : ابنة الحسن بن زيد ، رضى الله عنهما. وقد وردت ترجمتها فى «ص» مختصرة ، وأهمل فيها الكثير مما ورد فى «م» ، لذا اقتصرنا فى هذه الترجمة على ما جاء فى «م» مع مقارنته بما جاء فى «ص» ـ إن وجد ـ وبما ورد فى الكواكب السيارة ، وتحفة الأحباب.

[انظر ما كتب عنها فى الخطط المقريزية ج ٢ ص ٤٤٠ ـ ٤٤٢ ، والخطط التوفيقية ج ٥ ص ٣٠٣ ـ ٣١٢ ، ومساجد مصر ج ١ ص ١٢٢ ـ ١٢٨ لسعاد ماهر ، وانظر الكواكب السيارة ص ٣١ ـ ٣٤ ، وتحفة الأحباب ص ١٠٤ ـ ١١٤].

(٤) أى : باجتهادها وبعملها الذي وفقها الله تعالى له.

١٥٩

وجدّها ، السيدة الرئيسة ، السيدة نفيسة ابنة الحسن الأنور ، المذكور آنفا ، ابن زيد الأبلج ، ابن حسن السبط ، ابن الإمام الأنزع (١) على بن أبى طالب [ابن عبد المطلب](٢) بن هاشم بن عبد مناف ، وبقية النسبة معروفة.

ولدت هذه السيدة فى سنة ١٤٥ من الهجرة النبوية فى خلافة أبى جعفر عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس ، المعروف بالمنصور بالله تعالى ، وذلك بعد ولادة الإمام الليث بن سعد بإحدى (٣) وخمسين سنة ، تقريبا ، وقبل ولادة الشافعى بخمس سنين .. [وعند](٤) ولادتها أمر المنصور بعمارة بغداد ، وكانت تحب العبادة من صغرها ، ونشأت بالمدينة النبوية ، وصحبت كثيرا من نساء الصحابة ، وكانت تلازم حرم النّبيّ ، صلّى الله عليه وسلم.

وحكى الحافظ أبو محمد عبد الله بن برغش النّسّابة فى كتابه «تحفة الأشراف» أنّ الإمام زيد الأبلج ، رضى الله عنه ، كان يأخذ بيد ولده الحسن الأنور ، والد السيدة نفيسة ، رضى الله عنها ، ويدخل إلى قبر النبي صلّى الله عليه وسلم ويقول : يا سيدى يا رسول الله ، هذا ولدى الحسن ، أنا راض عنه ، ثم يرجع وينصرف ، فلمّا كان فى بعض الليالى نام فرأى النبي صلّى الله عليه وسلم فى المنام وهو يقول : يا زيد ، إنّى راض عن ولدك الحسن برضاك عنه ، والحق ـ سبحانه وتعالى ـ راض عنه برضاى عنه .. فلما نشأ الحسن وجاء بالسيدة نفيسة إلى المدينة الشريفة ، كان يأخذ بيدها ويدخل بها إلى القبر الشريف ويقول : يا رسول الله ، إنّى راض عن ابنتى نفيسة ، ويرجع ، فما زال يقول ذلك حتى رأى النبي صلّى الله عليه وسلم فى المنام وهو يقول : يا حسن ، إنى راض عن ابنتك نفيسة برضاك عنها ، والحق ـ سبحانه وتعالى ـ راض عنها برضاى.

__________________

(١) الأنزع والنزيع : الشريف من القوم ، الذي نزع إلى عرق كريم.

(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من «م».

(٣) فى «م» : «بأحد» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة يتطلبها السياق. وجاء فى «م» أنها ولدت قبل ولادة الشافعى بخمسين سنة ، وهذا وهم وتحريف من الناسخ ، والصواب ما أثبتناه ، إذ أن «الشافعى» ولد سنة ١٥٠ ه‍.

١٦٠