الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٣

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٣

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-225-0
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٩٢

٢ ـ ذكر الطبرسي أنه قد جيء بعلي «عليه‌السلام» ملببا يعتل ـ أي يجر بعنف ـ إلى أبي بكر «وعمر قائم بالسيف على رأسه ، ومعه خالد وأبو عبيدة ، وسالم ، والمغيرة ، وأسيد بن حضير ، وبشير بن سعد. وسائر الناس قعود ، ومعهم السلاح».

ثم تذكر الرواية : أنهم مدّوا يد علي «عليه‌السلام» وهو يقبضها ، حتى وضعوها فوق يد أبي بكر ، وصيح في المسجد : بايع بايع (١).

٣ ـ وقد جاء في حديث الإثني عشر ، الذين احتجوا على أبي بكر ، ونصحوه بالتراجع عما أقدم عليه ، ما يلي :

«فنزل أبو بكر من المنبر ، فلما كان يوم الجمعة المقبلة ، سل عمر سيفه ، ثم قال : لا أسمع رجلا يقول مثل مقالته تلك إلا ضربت عنقه ، ثم مضى هو وسالم ، ومعاذ بن جبل ، وأبو عبيدة ، شاهرون سيوفهم حتى أخرجوا أبا بكر وأصعدوه المنبر» (٢).

وقال الصدوق بعد ذكره لاحتجاجات الإثني عشر رجلا المشار إليها :

«فأخبر الثقة من أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أن أبا بكر جلس في بيته ثلاثة أيام ، فلما كان اليوم الثالث أتاه عمر بن الخطاب ، وطلحة ، والزبير ، وعثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبو

__________________

(١) الإحتجاج ج ١ ص ٢١٢ ـ ٢١٣ فما بعدها ، والبحار ج ٢٨ ص ٢٧٠ ـ ٢٧٦ وكتاب سليم بن قيس ج ٢ ص ٥٨٧ وراجع : تخريج الحديث ج ٣ ص ٩٦٥ ـ ٩٦٦ فإنه أشار إلى العديد من المصادر.

(٢) كتاب الرجال للبرقي ص ٦٦ ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج ١٩ ص ٢٠٣.

٣٢١

عبيدة بن الجراح ، مع كل واحد منهم عشرة رجال من عشائرهم ، شاهرين السيوف ، فأخرجوه من منزله ، وعلا المنبر ، وقال قائل منهم :

«والله ، لإن عاد منكم أحد فتكلم بمثل الذي تكلم به لنملأن أسيافنا منه. فجلسوا في منازلهم ، ولم يتكلم أحد بذلك» (١).

وذكر الزبير في هذه الرواية : إما أن يكون سهوا من الرواة ، بسبب الارتكاز والربط الذهني بينه وبين طلحة ، بحيث إذا ذكر أحدهما سبق الذهن إلى الآخر أيضا .. وإما ذكر عمدا ، ويكون قد عاد إلى موالاة القوم بعد أن فرغت يده من علي «عليه‌السلام» ، ونحن نرجح الاحتمال الأول ، لأن الزبير كان في بداية أمره مواليا لعلي «عليه‌السلام» .. ومن البعيد أن ينقلب عليه بهذه السرعة ..

ويشير إلى ذلك : أنه في حديث الشورى التي كونها حينما طعن وأراد تدبير الأمر لعثمان ، جعل الزبير أمره إلى علي «عليه‌السلام».

ومهما يكن من أمر : فإن هذا الحديث مروي بعدة طرق .. وقد رواه ابن طاووس عن أحمد بن محمد الطبري ، المعروف بالخليلي ، وعن محمد بن جرير الطبري ، صاحب التاريخ ، في كتاب مناقب أهل البيت «عليهم‌السلام» (٢) ، وقال : «إعلم أن هذا الحديث روته الشيعة متواترين .. الخ ..» (٣).

__________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٤٦٥ وراجع البحار ج ٢٨ ص ٢١٣ ـ ٢١٩.

(٢) راجع : اليقين ص ١٠٨ وو (ط مؤسسة دار الكتاب ـ الجزائري) ص ٣٣٥ والبحار ج ٢٨ ص ٢١٤.

(٣) اليقين في إمرة أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ص ١٠٨ و ١١٣ و (ط مؤسسة دار الكتاب ـ الجزائري) ص ٣٣٥ وراجع البحار ج ٢٨ ص ٢١٤ و ٢١٥.

٣٢٢

وقد ذكر السيد هذه الرواية لكنه قال : «فجلس أبو بكر في بيته ثلاثة أيام ، فأتاه عمر وعثمان ، و .. و ..

إلى أن قال : فأتاه كل منهم متسلحا في قومه حتى أخرجوه من بيته ، ثم أصعدوه المنبر ، وقد سلوا سيوفهم ، فقال قائل منهم : والله ، لئن عاد أحد منكم بمثل ما تكلم به رعاع منكم بالأمس لنملأن سيوفنا منه ، فأحجم ـ والله ـ القوم ، وكرهوا الموت» (١).

أربعة آلاف مقاتل :

٤ ـ إن نصا آخر للحديث الآنف الذكر نفسه ، يذكر رقما محددا للمقاتلين الذين استفادوا منهم في إرعاب الناس من الأنصار وغيرهم ، وخصوصا في مواجهة علي «عليه‌السلام» ومن معه ..

فقد روى الطبرسي «رحمه‌الله» وغيره ، حديث احتجاج الاثني عشر صحابيا على أبي بكر عن الإمام الصادق «عليه‌السلام» وفيه : أنهم بعد ان تكلموا بما أفحم أبا بكر ، أخذ عمر بيده «وانطلق إلى منزله ، وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون مسجد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

فلما كان في اليوم الرابع جاءهم خالد بن الوليد ومعه ألف رجل ، فخرجوا شاهرين بأسيافهم ، يقدمهم عمر بن الخطاب ، حتى وقفوا بمسجد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فقال عمر : والله يا أصحاب علي ، لئن ذهب منكم رجل يتكلم ، بالذي تكلم بالأمس ، لنأخذن الذي فيه

__________________

(١) اليقين ص ١١٣ و (ط مؤسسة دار الكتاب ـ الجزائري) ص ٣٤٢ والبحار ج ٢٨ ص ٢١٩.

٣٢٣

عيناه» (١).

وعلى كل حال : فإن النصوص الدالة على أن فريق أبي بكر قد استخدم أسلوب القهر والإكراه للناس ، لحملهم على البيعة لأبي بكر ، كثيرة ، ومتنوعة المصادر .. ونذكر نموذجا من ذلك ، خصوصا ما يرتبط منه بدور بني أسلم ، فنقول :

٥ ـ «قال هشام : قال أبو مخنف : فحدثني أبو بكر بن محمد الخزاعي : أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايقت بهم السكك ، فبايعوا أبا بكر ، فكان عمر يقول : ما هو إلا أن رأيت أسلم ، فأيقنت بالنصر» (٢).

٦ ـ قال ابن الأثير : «وجاءت أسلم فبايعت» (٣).

٧ ـ وعند المعتزلي : «جاءت أسلم فبايعت ، فقوي بهم جانب أبي بكر» (٤).

٨ ـ عن أبي مخنف ، عن محمد بن السائب الكلبي ، وأبي صالح ، عن

__________________

(١) الاحتجاج ج ١ ص ٢٠٠ والبحار ج ٢٨ ص ٢٠٢ عنه والصراط المستقيم ج ٢ ص ٨٢ عن كتاب إبطال الإختيار ، بسنده عن أبان بن عثمان ، عن الإمام الصادق «عليه‌السلام» ، وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٢٤٣ والبحار ج ٢٨ ص ٢٠٢ ونهج الإيمان لابن جبر ص ٥٨٦ والفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ج ٢ ص ٣٣٤.

(٢) تاريخ الأمم والملوك (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) ج ٣ ص ٢٢٢ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج ٢ ص ٤٥٨ وتلخيص الشافي ج ٣ ص ٦٦ والبحار ج ٢٨ ص ٣٣٥ والشافي في الإمامة للشريف المرتضى ج ٣ ص ١٩٠.

(٣) الكامل في التاريخ ج ٣ ص ٣٣١ وراجع : البحار ج ٢٨ ص ٣٢٦ وشرح النهج للمعتزلي ج ٢ ص ٤٠.

(٤) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٢ ص ٤٠ والبحار ج ٢٨ ص ٣٢٦ عنه.

٣٢٤

زائدة بن قدامة : أن قوما من الأعراب دخلوا المدينة ليمتاروا منها ، فأنفذ إليهم عمر ، فاستدعاهم وقال لهم :

«خذوا بالحظ والمعونة على بيعة خليفة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فمن امتنع ، فاضربوا رأسه وجبينه.

قال : فو الله ، لقد رأيت الأعراب قد تحزموا ، واتشحوا بالأزر الصنعانية ، وأخذوا بأيديهم الخشب ، وخرجوا حتى خبطوا الناس خبطا ، وجاؤوا بهم مكرهين إلى البيعة» (١).

ومن المعلوم : أن الأعراب الذين كانوا حول المدينة هم أسلم ، وجهينة ، وغفار ، وأشجع.

٩ ـ روى المعتزلي وغيره ، عن البراء بن عازب : أنه فقد أبا بكر وعمر حين وفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، «وإذا قائل يقول : القوم في سقيفة بني ساعدة ، وإذا قائل آخر يقول : قد بويع أبو بكر فلم ألبث ، وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ، ومعه عمر ، وأبو عبيدة ، وجماعة من أصحاب السقيفة ، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية ، لا يمرون بأحد إلا خبطوه ، وقدموه ، ومدوا يده ، ومسحوها على يد أبي بكر ، شاء ذلك أو أبى» (٢).

فهذا النص يقترب جدا إلى سابقه ، إلى حد التطابق ، وهما معا يقتربان ـ بنحو أو بآخر ـ من النصوص المتقدمة حول بني أسلم ..

__________________

(١) الجمل للشيخ المفيد ص ١١٩ و (ط مكتبة الداوري) ص ٥٩.

(٢) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ١ ص ٢١٩ والبحار ج ٢٨ ص ٢٨٦ وكتاب سليم بن قيس (نشر الهادي) ج ٢ ص ٥٧٢ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ١٤٧ والسقيفة وفدك للجوهري ص ٤٨.

٣٢٥

ولنا مع النصوص المتقدمة وقفات هي التالية :

بنو أسلم والإكراه على البيعة :

وقد يثار هنا سؤالان :

أولهما : إن أبا بكر كان حين وفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالسنح ، ولم يعلم بوفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فما معنى اتهامه بأنه كان يجمع الناس ، وخصوصا بني أسلم ، ليستعين بهم على اغتصاب الخلافة من صاحبها الشرعي؟!

الثاني : إن بريدة الأسلمي كان مواليا لعلي «عليه‌السلام» ، ولم يكن ليرضى من قومه بأن يعينوا أبا بكر على علي «عليه‌السلام» ، ولا سيما بعد ما سمعه من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في حقه «عليه‌السلام» ..

بل الرواية عن بريدة تقول : إن بني أسلم قد أبوا البيعة لأبي بكر ، حتى يبايع بريدة بن الخصيب الأسلمي ، وهذه الرواية منقولة في البحار (١) وفي الشافي (٢) وتنقيح المقال (٣) وبهجة الآمال (٤).

ونقول :

إننا نعالج هذا الموضوع ضمن النقاط التالية :

__________________

(١) البحار ج ٢٨ ص ٣٩٢.

(٢) الشافي ج ٣ ص ٢٤٣.

(٣) تنقيح المقال ج ١ ص ١٦٦.

(٤) بهجة الآمال ج ٢ ص ٢٩٤.

٣٢٦

١ ـ بريدة في بني أسلم :

إنه لم يكن لبريدة ـ فيما يظهر ـ نفوذ على جميع بني أسلم ، ويشير إلى ذلك.

ألف : إنه في فتح مكة قد حمل أحد لوائي أسلم (١).

ب : إنه خرج مع عمر إلى الشام ، لما رجع من سرغ «موضع بين المغيثة وتبوك» أميرا على ربع أسلم (٢).

٢ ـ بريدة كان غائبا :

ثم إنهم يذكرون : أن بريدة لم يكن في المدينة ، حينما توفي النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وبويع أبو بكر. بل كان غائبا : إما في الشام (٣) ، أو في بعض طريق الشام (٤).

وقد صرح بغيبته هذه حديث احتجاج بريدة على أبي بكر مع الاثني

__________________

(١) تاريخ دمشق ج ١٠ ص ١٢٣ وج ٢٣ ص ٤٥٢ والبحار ج ٢١ ص ١٠٧ والفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ج ٢ ص ١٢٨ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥١٠ والإصابة ج ١ ص ٦١١ وأمتاع الأسماع ج ١ ص ٣٦٩ وج ٧ ص ١٦٩ و ١٧٠ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢١٩.

(٢) تاريخ دمشق ج ١٠ ص ١٢٣ وتهذيب الكمال ج ٤ ص ٥٤ والوافي بالوفيات ج ١٠ ص ٧٨ وج ١٤ ص ٤٦.

(٣) راجع : بهجة الآمال للعليّاري ج ٢ ص ٣٩٤ وتنقيح المقال ج ١ ص ١٦٦ والصراط المستقيم ج ٢ ص ٥٣ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٩٠.

(٤) راجع : تنقيح المقال ج ١ ص ١٦٦ عن حذيفة ، والبحار ج ٢٨ ص ٩٣.

٣٢٧

عشر صحابيا ، الذين كانوا غائبين أيضا عن المدينة حينما بويع أبو بكر (١).

٣ ـ بريدة في بني سهم :

إن بريدة قد كان من بني سهم الأسلميين .. وكان يعيش معهم ، وحين هاجر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، مرّ به فتلقاه بريدة في سبعين راكبا من أهل بيته من بني سهم ، فقال له : ممن أنت؟!

قال : من أسلم.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : سلمنا.

ثم قال له : من بني من؟!

قال : من بني سهم.

قال : خرج سهمك (٢).

ويذكر نص آخر : أن بريدة أسلم هو ومن معه حينما مرّ بهم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مهاجرا ، وكانوا ثمانين بيتا. فصلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» العشاء الآخرة ، فصلوا خلفه.

__________________

(١) راجع : الإحتجاج ج ١ ص ١٩٠ و (ط دار النعمان) ج ١ ص ١٠١ والبحار ج ٢٨ ص ٩٣ و ٣٧٤ والمناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ٢٥٣ والصراط المستقيم ج ٢ ص ٥٣ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٩٠ و ١٦٣ و ٢٤٨.

(٢) الإستذكار لابن عبد البر ج ٨ ص ٥١٤ أسد الغابة ج ١ ص ١٧٦ وتاريخ دمشق ج ١٠ ص ١٢٣ وبهجة الآمال ج ٢ ص ٣٩٢ وسنن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للطباطبائي ص ١٤٢ والتمهيد لابن عبد البر ج ٢٤ ص ٧٣ والإستيعاب (ط دار الجيل) ج ١ ص ١٨٥ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٢٧٣ وج ٧ ص ١٦٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٩ ص ٣٥٦.

٣٢٨

وبقي بريدة مع قومه ، ولم يهاجر إلى المدينة إلا بعد سنوات (١) ..

وبعد ما تقدم نقول :

قد يمكن الجمع بين ما دل على أن قبيلة أسلم ساعدت أبا بكر ، وبين الرواية التي تقول : إن أسلم أبت أن تبايع أبا بكر حتى يبايعه بريدة ، بأن يقال :

لو صحت رواية امتناع أسلم من البيعة ، وهي رواية يتيمة ، فيكون المقصود بامسلمين الذين أبوا البيعة لأبي بكر حتى يبايع بريدة ، هم خصوص بني سهم ، ولعلهم هم أيضا الذين يقال : إن بريدة قد ركز فيهم رايته ، وقال : لا أبايع حتى يبايع علي ..

واحتمال أن يكون قوله : لا أبايع حتى يبايع علي ، قد جاء على سبيل التحريض لخصومه ، وفتح الباب أمامهم لإكراه علي «عليه‌السلام» على البيعة. لا يلتفت إليه ، لأن ظاهر الأمر أنه كان مواليا لأمير المؤمنين «عليه‌السلام» متابعا له.

أما سائر بني أسلم ، وهم قبيلة كبيرة ، فإنهم أعانوا أبا بكر على خصومه ، وقوي بهم جانبه ، كما يظهر من النصوص ..

التشكيك غير المقبول في رواية الخزاعي :

قد حاول بعضهم التشكيك في صحة نقل الخزاعي فقال :

«إن أسلم بطن من خزاعة ، وليسوا بأكثر العرب فرسانا ، ولا

__________________

(١) راجع : أسد الغابة ج ١ ص ١٧٥ ، والبحار ج ٢٨ هامش ص ١٩٧ وبهجة الآمال ج ٢ ص ٣٩٢ وقاموس الرجال ج ٢ ص ١٧٤ وتاريخ دمشق ج ١٠ ص ١٢٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٧٢.

٣٢٩

بأشجعهم ، وأعزهم.

وكيف أيقن بالنصر عند بيعتهم ، ولم يتيقن حينما صفقت الأنصار بالبيعة لهم؟

نعم قد يكون الراوي ، وهو أبو بكر بن محمد الخزاعي أراد أن يباهي بقومه ، ويكتسب لهم نوالا بذلك» (١).

ونقول :

إن هذا الكلام لا يمكن قبوله ، وذلك لما يلي :

أولا : لم يدّع أحد أن بني أسلم كانوا أكثر العرب فرسانا ، وأشجعهم ، وأعزهم ، بل قالت الرواية : إن حضورهم قد أعطى جانب أبي بكر قوة في الموقف ، حتى أيقن عمر بالنصر على أولئك الممتنعين عن البيعة لأبي بكر ، أو يتوقع امتناعهم عنها ، ممن يعيشون في المدينة من الأنصار ، أو من بني هاشم.

ولم يكن إخضاع المخالفين لأبي بكر في داخل المدينة يحتاج إلى أن تكون القبيلة اكثر العرب فرسانا ، أو أشجعهم ، وأعزهم .. لا سيما مع علم أبي بكر وعمر بوصية النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لعلي «عليه‌السلام» ، بأن لا يقاتل المعتدي على حقه ، إلا إذا وجد أنصارا يقدرون على إنجاز النصر ..

بل كان يكفي أبا بكر بضعة مئات من الرجال لفرض إرادته على المدينة بأسرها .. وهي البلد الصغير ، والمنقسم على نفسه.

علما بأن الكثرة تغلب الشجاعة .. فكيف إذا كان مناصروه من الكثرة

__________________

(١) راجع : البحار ج ٢٨ هامش ص ٣٣٥ و ٣٣٦.

٣٣٠

بحيث تضايقت بهم سكك المدينة؟!

بل سيأتي : أنه استطاع أن يحشد بضعة ألوف من حملة السلاح كما لإكراه الناس على هذا الأمر.

أما السؤال الذي يقول : كيف عرفوا أن عليا «عليه‌السلام» موصى بعدم القتال في ظرف كهذا؟!

فيجاب عنه بما يلي :

الظاهر هو : أن معرفتهم بذلك قد جاءت عن طريق عائشة وحفصة اللتين نبأتا بالسر الذي أسره النبي لهما وقد تظاهرتا عليه .. وكان تظاهر هما خطيرا جدا إلى حد أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» احتاج إلى أن يكون الله مولاه ، وجبريل ، وصالح المؤمنين ، والملائكة بعد ذلك ظهير ..

ولو لا الخطورة البالغة للسر الذي أفشتاه لما احتاج الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للخلاص من الخطر المتوجه إليه منهما إلى هذه المعونة الكاملة ، والشاملة ، والعظيمة.

ولهذا البحث مجال آخر ..

ثانيا : إن إيقان عمر وأبي بكر بالنصر ، عند ما جاءت قبيلة أسلم .. إنما هو لأنه قد أصبح لديه جيش قادر على مواجهة أصحاب سعد بن عبادة ، والهاشميين ، وغيرهم من أصحاب علي «عليه‌السلام». وبهذا يتم حسم الأمر لصالحه.

أما بيعة الأنصار لأبي بكر في السقيفة ، فإنها لم تكن قادرة على حسم الأمور لصالحه .. لأن عليا «عليه‌السلام» ومن معه ، قد يكون لهم تأثير سلبي على الذين بايعوا أبا بكر في السقيفة ، فإن الأنصار ، الذين تخلوا عن

٣٣١

سعد ، هم أنفسهم قد هتفوا في السقيفة بالذات باسم علي «عليه‌السلام» ، وقالوا : لا نبايع إلا عليا .. أو قالوا : إن فيكم لرجلا لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد ..

كما أن من الممكن أن يعرف الناس بأن ما أشاعوه عن علي «عليه‌السلام» من أنه قد انصرف عن هذا الأمر ، كان مكذوبا عليه ، فيكون ذلك سببا في تراجع الكثيرين عن قرارهم بالبيعة لأبي بكر ، وذلك يحمل في طياته أخطارا جساما فيما يرتبط بحسم الأمور لصالح أبي بكر ..

فكان مجيء قبيلة أسلم ضمانة قوية لنجاح مشروع أبي بكر ، ولذلك قال عمر : لما أن رأيت أسلم أيقنت بالنصر.

ثالثا : إن عامة الأنصار لم يبايعوا أبا بكر في السقيفة .. وإنما بايعه عمر وأبو عبيدة من المهاجرين ، وبضعة أفراد من الأنصار ، قد لا يصل عددهم إلى عدد أصابع اليد الواحدة ، وكان منهم مثل : أسيد بن حضير ، وبشير بن سعد ، ثم خرج أبو بكر وفريقه إلى المسجد لحسم الأمر مع علي «عليه‌السلام» وبني هاشم وتركوا بقية الأنصار في سقيفتهم يتلاهون ويتلاومون ، ويتهم بعضهم بعضا ، وكان أبو بكر لا يزال بحاجة إلى حشد التأييد للتقوي على الآخرين .. وليأمن غائلة أي أمر قد يحدث.

وفي رواية سليم بن قيس عن سلمان : أن عليا «عليه‌السلام» قال : يا سلمان ، وهل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟

قلت : لا ، إلا أني رأيته في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار ، وكان أول من بايعه المغيرة بن شعبة ، ثم بشير بن سعيد ، ثم أبو عبيدة

٣٣٢

الجراح ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم سالم مولى أبي حذيفة ، ومعاذ بن جبل (١).

رابعا : أما قوله : إن قبيلة أسلم بطن من خزاعة ، وأن الخزاعي أراد بهذا الخبر أن يباهي بقومه.

فغير ظاهر الوجه .. فإن أسلم ليست بطنا من خزاعة ، وإن كانا يجتمعان في الأزد ، واجتماعهما في الأزد غير مفيد ؛ فإن خزاعة من ربيعة بن حارثة ، وأسلم من أفصى بن حارثة (٢).

المدينة .. وسكانها :

وواضح : أن المدينة على ساكنها وآله [أفضل الصلاة والسلام] ، كانت بلدا صغيرا جدا ، كما أو ضحناه أكثر من مرة ، فقد كان عدد سكانها ممن يقدر على حمل السلاح لا يتجاوز بضع مئات .. أما عدد مجموع سكانها فقد لا يصل إلى ألفي نسمة بمن فيهم النساء والرجال ، والكبار ، والصغار ، ومن السكان الأصليين ، أو من غيرهم من الوافدين ..

ولعل مما يدل على ذلك : ما ذكروه من أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» طلب منهم أن يكتبوا له كل من تلفظ بالإسلام .. فكتب له حذيفة ألفا وخمس مئة رجل.

__________________

(١) راجع : كتاب سليم بن قيس (بتحقيق الأنصاري) ص ١٤٤ والكافي ج ٨ ص ٣٤٣ والإحتجاج ج ١ ص ١٠٦ والبحار ج ٢٨ ص ٢٦٢.

(٢) راجع : تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٨ وقاموس الرجال (ط مركز النشر الإسلامي ١٤١٠ ه‍) ج ٢ ص ٢٨٩. وراجع : الإنباه على قبائل الرواة لابن عبد البر ص ٨٢.

٣٣٣

وفي رواية أخرى : ونحن ما بين الست مئة إلى السبع مئة (١).

مع أن الذين تلفظوا بالإسلام لا ينحصرون بمن هم في المدينة ، بل يشمل ذلك القبائل التي حول المدينة من الأعراب ، وغيرهم من سائر القبائل ، ويشمل مهاجري الحبشة أيضا.

ويشير إلى ذلك أيضا : أن الذين بايعوا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تحت الشجرة كانوا ـ كما قيل ـ ألفا وأربع مئة ، أو ألفا وخمس مئة ، وقيل : كانوا ألفا وثمان مئة رجل.

وكان من بين هؤلاء أيضا جماعات من غير أهل المدينة ممن أسلم من القبائل القريبة منها .. وكان من بينهم المهاجرون ، وهم يعدون بالمئات أيضا ..

وذلك كله يشير إلى أن تجنيد أبي بكر المئات والألوف إلى حد أربعة آلاف مقاتل ، لا يمكن أن يكون من سكان المدينة وحسب .. إذ المدينة لا يمكن أن تجند ، ولو ربع هذا العدد ، كما أن أكثر الأنصار ، وبني هاشم ، وكثيرين غيرهم ، ما كانوا على رأي أبي بكر ، ولا هم من حزبه .. ولا يستطيع أبو بكر أن يجندهم ضد علي ومن معه ، وضد سعد بن عبادة ومن معه ، وضد جماعات من المهاجرين والأنصار الآخرين.

__________________

(١) راجع : صحيح البخاري (ط سنة ١٣٠٩ ه‍) ج ٢ ص ١١٦ وصحيح مسلم (مشكول) ج ١ ص ٩١ ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٨٤ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٣٣٧ والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٢٥١ و ٢٥٢ وج ١ ص ٢٢٠ ـ ٢٢٣ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٦١٩ وشرح مسلم للنووي ج ٢ ص ١٧٩ وعمدة القاري ج ١٤ ص ٣٠٦ وصحيح ابن حبان ج ١٤ ص ١٧١ وكنز العمال ج ١١ ص ٢٢٨ وإمتاع الأسماع ج ٩ ص ٣٤٦.

٣٣٤

وذلك كله يحتم عليه أن يستعين بالأعراب من خارج المدينة ..

فإنهم هم الذين يمكن جمع المئات والألوف منهم ، وهم الذين يمكن أن يبادروا لهتك حرمة أشراف الناس ، طمعا بالمال والنوال. فإن جهلهم وجفاءهم وأعرابيتهم ، تجعلهم يتجاوزون كل الحدود .. وهم الذين قال الله تعالى عنهم : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١).

ولعل هذا الذي كان من هؤلاء الأعراب حين وفاة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو الذي أرادت الآية القرآنية أن تلمح إليه ، حيث صرحت بنفاق الأعراب الذين هم حول المدينة ، ولكي تعرّف الناس بالدور الذي سيضطلعون به في ضرب أساس هذا الإسلام العزيز بعد وفاته «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

كما أنه سيكون هناك دور لمنافقي أهل المدينة أنفسهم في هذا السبيل ، فقد قال تعالى : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (٢).

فإن عذابهم مرتين ربما يشير إلى خيانتهم لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مرة ، وخيانتهم لوصيه أخرى ، فاستحقوا العذاب مرتين بذلك في الدنيا ، ثم يردون إلى عذاب عظيم في الآخرة.

__________________

(١) الآية ٩٧ من سورة التوبة.

(٢) الآية ١٠١ سورة التوبة.

٣٣٥

بنو أسلم في هذه الآية :

وبعد ، فقد قالوا حول الآية المباركة المذكورة آنفا : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ).

قال عكرمة والكلبي : جهينة ، وأشجع ، وأسلم ، وغفار (١). ومزينة (٢) وعصية ولحيان (٣).

ولعل التركيز على خصوص قبيلة أسلم في تقوية موقف أبي بكر وعمر ضد علي «عليه‌السلام» وبني هاشم إنما هو لأن أكثرية ذلك الجيش الذي اقتحم المدينة كان منها ، أو بقيادتها ، وزعامتها.

ثلاثة أشخاص لا يجبرون مائة ألف :

وقد يقال :

كيف يجبر ثلاثة أشخاص من المهاجرين ، هم : أبو عبيدة ، وأبو بكر ، وعمر ، ولنفرض : أن معهم أسيد بن حضير ، وبشير بن سعد ، كيف يجبرون

__________________

(١) وتفسير النسفي ج ٢ ص ١٠٧ والتفسير الكبير الرازي ج ١٦ ص ١٧٣.

(٢) الدر المنثور ج ٣ ص ٢٧١ عن ابن المنذر ، البحار ج ٢٢ ص ٤١ وتفسير مجمع البيان ج ٥ ص ١١٤ وتفسير مقاتل بن سليمان ج ٢ ص ٦٨ وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص ١٧٤ وتفسير البيضاوي ج ٣ ص ١٦٨ وتفسير أبي السعود ج ٤ ص ٩٧ وفتح القدير للشوكاني ج ٢ ص ٤٠١ وتفسير الآلوسي ج ١١ ص ٩.

(٣) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج ٣ ص ٧٥ وتفسير البحر المحيط ج ٥ ص ٩٧ وتفسير الثعالبي ج ٣ ص ٢٠٨.

٣٣٦

من حضر في السقيفة ، وهم رجال الأوس والخزرج على البيعة لأبي بكر؟! ..

بل كيف يجبر هؤلاء الثلاثة ، مئة وعشرين ألفا كانوا قد حضروا الغدير ، وبايعوا الإمام عليا «عليه‌السلام» هناك؟! ..

ونقول في الجواب :

أما بالنسبة إلى المئة وعشرين ألفا الذين بايعوا الإمام عليا «عليه‌السلام» ، في الثامن عشر من ذي الحجة في غدير خم بحضور رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فإنهم لم يكونوا في المدينة حين وفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، بل كانوا قد رجعوا إلى بلادهم المنتشرة في شرق الجزيرة العربية وغربها ..

وقد كان القائمون بالانقلاب لا يحتاجون إلى أكثر من إعلام أهل تلك البلاد ، بأنه قد استجدت أمور فرضت على الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» العدول عما كان قرره .. وسارت الأمور باتجاه جديد ، وفقا لإرادته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وتوجيهاته ..

وأما بالنسبة لأهل المدينة أنفسهم ، الممثلين بمن له رأي وموقع من رجال الأوس والخزرج ، فنقول :

أولا : قلنا : إن المدينة كانت قرية صغيرة قد لا يصل عدد سكانها بجميع أصنافهم وانتماءاتهم الدينية ، وغيرها .. إلى ألفين أو ثلاثة آلاف ، كبارا وصغارا ، شيوخا وشبانا ، ورجالا ونساء ..

والمسلمون البالغون من جميع هذه الأصناف ، قد لا يصلون إلى الألف في أكثر التقديرات تفاؤلا ..

وقد تقدم : أن حذيفة كتب للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كل من تلفظ

٣٣٧

بالإسلام ، فكانوا ألفا وخمس مئة رجل .. وفي رواية أخرى : ونحن ما بين الست مئة إلى السبع مئة.

ولعل هذه الرواية الأخيرة تقصد أهل المدينة ، والرواية الأولى تعم جميع من أسلم ، ولو من غير أهل المدينة ..

كما أن الذين بايعوا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، تحت الشجرة قد كانوا ألفا وأربع مئة أو خمس مئة ، أو ألفا وثمان مئة رجل ، على أبعد التقادير ..

وكان من بينهم المهاجرون ، وهم يعدون بالمئات أيضا ، وكان من بينهم أيضا جماعات من القبائل القريبة أو البعيدة من المدينة ..

ثانيا : إن هؤلاء الثلاثة لم يجبروا أهل السقيفة على البيعة لأبي بكر ، بل ما حصل هو أن أبا بكر قد أوقع الخلاف بين الأوس والخزرج ، بتذكيرهم بإحن الجاهلية ، وخوّف بعضهم من بعض ، ثم بايعه عمر وأبو عبيدة ، وأسيد بن حضير ، وربما بلغ الأمر إلى ثمانية أشخاص ، كما تشير إليه بعض الروايات .. ثم تركوا الأوس والخزرج مختلفين متلاومين ، وخرجوا مسرعين إلى بيت أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ، في المسجد ، ليفرضوا عليه البيعة ، قبل أن يبلغه الخبر ، ويتكلم بما يفسد عليهم أمرهم ..

وجرى لهم معه ومع السيدة الزهراء «عليها‌السلام» ما جرى ، وكانوا قد هيأوا بني أسلم ، ليخرجوا على الناس فجأة في لك الليلة ، ويفرضوا البيعة لأبي بكر بالقوة والقهر ، وصار الناس يسحبون إلى البيعة لأبي بكر في أجواء من الرعب والخوف والإهانة ، لا يحسدون عليها ..

وقد غاب عن هذه البيعة بنو هاشم ، وكثيرون غيرهم .. وقام بها لأبي بكر جماعة من المهاجرين الحاقدين على الإمام علي «عليه‌السلام» ، وأهل بيته ..

٣٣٨

فإجبار الأوس والخزرج على البيعة ، لم يحصل في اجتماع السقيفة ، وإنما حصل ذلك في اليوم التالي ، حينما حضر الألوف من بني أسلم وغيرهم فجأة ، كما ذكرنا.

ولهذا البحث وبيان تفصيلاته المثيرة مجال آخر ..

٣٣٩
٣٤٠