الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٣

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٣

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-225-0
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٩٢

من قميصه فإن الله لم يجرده ، فغسله في قميصه (١).

٢ ـ وفي حديث المناشدة : هل فيكم أحد غسل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» غيري؟

قالوا : اللهم لا.

قال : هل فيكم أحد أقرب عهدا برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مني.

قالوا : اللهم لا.

قال فأنشدكم الله : هل فيكم أحد نزل في حفرة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» غيري؟!

قالوا : اللهم لا (٢).

٣ ـ روي عن علي «عليه‌السلام» قوله : «إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أوصى إليّ وقال : يا علي ، لا يلي غسلي غيرك ، أو لا يواري عورتي غيرك ، فإنه إن رأى أحد عورتي غيرك تفقأت عيناه ..

فقلت له : كيف؟ فكيف لي بتقليبك يا رسول الله.

فقال : إنك ستعان.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ٢ ص ١٩٨ والبحار ج ٢٢ ص ٥٤٤ و ٥٤٦ وج ٧٨ ص ٣٠٥ عن أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٧ و ٨ وعن الطرائف ص ٤٤ و ٤٥ و ٤٨ وراجع : شرح الأخبار ج ٢ ص ٤١٨ وجامع أحاديث الشيعة ج ٣ ص ١٥٥ ومستند الشيعة للنراقي ج ٣ ص ١٥٠.

(٢) الأمالي للشيخ الطوسي ص ٧ و ٨ و (ط دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع ـ قم) ص ٥٥٥ والبحار ج ٢٢ ص ٥٤٤ وج ٣١ ص ٣٦٨ عنه ، وكتاب الولاية لابن عقدة ص ١٦٥.

٢١

فو الله ما أردت أن أقلب عضوا من أعضائه إلا قلب لي (١).

٤ ـ وعن علي «عليه‌السلام» : «أوصاني النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يغسله غيري ، فإنه لا يرى عورتي إلا طمست عيناه» (٢).

__________________

(١) البحار ج ٣١ ص ٤٣٤ وراجع ج ٢٢ ص ٥٠٦ والخصال ج ٢ ص ٥٧٣ و ٥٧٤ ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) للمير جهاني ج ٣ ص ١٦٧.

(٢) المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ٢٠٥ وإحقاق الحق (الملحقات) ج ٧ ص ٢٩ ـ ٣٢ عن الشفاء لعياض (ط العثمانية بإسلامبول) ج ١ ص ٥٤ ونهاية الإرب ج ١٨ ص ٣٨٩ وميزان الإعتدال (ط القاهرة) ج ١ ص ٣٥٩ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٦١ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج ٥ ص ٢٨٢ عن البيهقي ومسند البزار ، وعن السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٥٥ و (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٤٧٦ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٧٤ وأخبار الدول (ط بغداد) ص ٩٠ وكنز العمال (ط الهند) ج ٧ ص ١٧٦ و (ط مؤسسة الرسالة) ج ٧ ص ٢٥٠ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٦ والضعفاء للعقيلي ج ٤ ص ١٣ والخصائص للسيوطي (ط الهند) ج ٢ ص ٢٧٦ وعن المواهب اللدنية (ط بولاق) ص ٣١١ وشرح مسند أبي حنيفة ص ٣٠٦ وميزان الاعتدال للذهبي ج ٣ ص ٤١٧ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٦٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥٢٠ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢٧٨ وينابيع المودة (ط إسلامبول) ص ١٧ ومشارق الأنوار للحمزاوي (ط الشرقية بمصر) ص ٦٥ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٢ عن ابن سعد ، والبزار ، والبيهقي ، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٧٠ عن مغلطاي ، والشفاء لعياض ، وشامل الأصل والفرع للأباضي الجزائري ص ٢٧٨ والإتحاف للزبيدي ج ١٠ ص ٣٠٣ والأنوار المحمدية للنبهاني (ط الأدبية ببيروت) ص ٥٩١ وفقه الرضا ص ١٨٨ والبحار ج ٢٢ ص ٥٢٤ عن الإبانة لابن بطة ، وحواشي الشرواني ج ٣ ص ١٠٠.

٢٢

٥ ـ وحينما اعترض أبو بكر وعمر على أمير المؤمنين «عليه‌السلام» بأنه لم يشهد هما أمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» رد عليهما بقوله : «أما ما ذكرتما أني لم أشهدكما أمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فإنه قال : لا يرى عورتي أحد غيرك إلا ذهب بصره» فلم أكن لأؤذيكما به.

وأما كبي عليه فإنه علمني ألف حرف ، كل حرف يفتح ألف حرف ، فلم أكن لأطلعكما على سر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

٦ ـ روي عن ابن عباس ، وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم : أن العباس لم يحضر غسل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : لأني كنت أراه يستحي أن أراه حاسرا (٢).

٧ ـ عن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : يا علي ، تغسلني ، ولا يغسلني غيرك ، فيعمى بصره.

قال علي «عليه‌السلام» : ولم يا رسول الله؟.

قال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : كذلك قال جبرئيل عن ربي : إنه لا يرى عورتي غيرك إلا عمي بصره.

إلى أن تقول الرواية : قلت : فمن يناولني الماء؟

قال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : الفضل بن العباس ، من غير أن ينظر إلى

__________________

(١) بصائر الدرجات ص ٣٢٨ والبحار ج ٢٢ ص ٤٦٤ و ٥٠٦ وج ٤٠ ص ١٤٠ والخصال ج ٢ ص ١٧٧ وعن الإحتجاج.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٣ عن ابن سعد ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢٧٩ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ١٣٦ وج ١٤ ص ٥٦٦ و ٥٧١ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٧١.

٢٣

شيء مني ، فإنه لا يحل له ولا لغيره من الرجال والنساء النظر إلى عورتي ، وهي حرام عليهم.

إلى أن قال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : وأحضر معك فاطمة ، والحسن والحسين «عليهم‌السلام» ، من غير أن ينظروا إلى شيء من عورتي (١).

٨ ـ قد ذكرت الروايات : أنه لما أراد «عليه‌السلام» غسله استدعى الفضل بن عباس ، فأمره أن يناوله الماء بعد أن عصب عينيه (٢) إشفاقا عليه من العمى.

٩ ـ وفي نص آخر : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال لعلي «عليه‌السلام» : «جبرئيل معك يعاونك ، ويناولك الفضل الماء. وقل له : فليغطّ عينيه ، فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك ، إلا انفقأت عيناه» (٣).

__________________

(١) البحار ج ٢٢ ص ٤٩٢ و ٤٩٣ وج ٧٨ ص ٣٠٤ عن الطرائف لابن طاووس ص ٤٢ وعن مصباح الأنوار ص ٢٧٠ وراجع : الصراط المستقيم ج ٢ ص ٩٤.

(٢) مستدرك الوسائل ج ٢ ص ١٦٦ و ٢٠٠ وإعلام الورى ص ١٣٧ و (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ٢٦٩ والبحار ج ٢٢ ص ١٨ و ٥٢٩ وج ٧٨ ص ٣٠٧ وعن الإرشاد للمفيد ص ٥٢٤ و ٥٢٩ و (ط دار المفيد) ج ١ ص ١٨٧ وعن المناقب لابن شهرآشوب ص ٢٠٣ ـ ٢٠٦ وعن إعلام الورى ص ١٤٣ و ١٤٤ ودعائم الإسلام ج ١ ص ٢٢٨ وجامع أحاديث الشيعة ج ٣ ص ١٥٥ و ١٨١.

(٣) البحار ج ٢٢ ص ٥١٧ و ٥٣٦ و ٥٤٤ وراجع ص ٥٠٦ وج ٧٨ ص ٣٠٢ وفقه الرضا ص ٢٠ و ٢١ و (بتحقيق مؤسسة آل البيت) ١٨٨ والأمالي للشيخ الطوسي ج ٢ ص ٧ و ٨ و (نشر دار الثقافة ـ قم) ص ٦٦٠ وكفاية الأثر ص ٣٠٤ و (ط سنة ١٤٠١ ه‍) ص ١٢٥ وراجع : شرح الأخبار ج ٢ ص ٤١٩.

٢٤

فاتضح مما تقدم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد غسّل في قميصه ، وأن عليا «عليه‌السلام» قد عصب عيني الفضل بن العباس. وأن عليا «عليه‌السلام» هو الذي غسل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من وراء الثياب. وأنه لم ير عورة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

واتضح أيضا : أن ما زعموه من أن العباس وابنيه كانوا يساعدون عليا «عليه‌السلام» في تقليب النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» غير ظاهر ، ولا سيما مع وجود روايات تقول : إن الملائكة هي التي كانت تساعد عليا «عليه‌السلام» على تغسيله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وتقلّبه له.

يضاف إلى ذلك : اختلاف الروايات في المهمات التي أو كلت إلى هؤلاء الأشخاص ، فهل كان الفضل يساعد عليا «عليه‌السلام» في تقليب النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟

أم أنه كان يناوله الماء من وراء الستر وهو معصوب العينين؟

أم أنه كان يمسك الثوب عنه؟

وهل شارك العباس في تغسيله؟

أم في صب الماء؟

وهل كان أسامة يصب الماء؟

أم كان يناوله عليا «عليه‌السلام»؟

المقصود برؤية عورة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

قد ذكرت بعض الروايات : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : لا يحل لمسلم أن يرى عورتي إلا علي «عليه‌السلام» ، أو نحو ذلك.

٢٥

وليس المقصود بالعورة معناها المعروف.

بل المقصود بالعورة التي يجوز لعلي «عليه‌السلام» أن يراها منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، هو ما يواريه القميص من جسد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وهو الذي صرح العباس بأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان يستحي أن يراه حاسرا عنه.

وهذا كله يعطينا : أن عصب عيني الفضل ـ مع كون التغسيل مع وجود القميص ـ إنما هو لكي لا يرى شيئا من جسد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، مما لم يكن كشفه مألوفا ، فإن هذا المقدار أيضا لا يجوز أن يراه أحد ، ولا بد أن يبقى مخفيا ، لأن حكمه حكم العورة من جهة حرمة رؤيته ، كما أن رؤيته توجب إصابة الرائي بالعمى ..

ولكن كان يجوز لعلي «عليه‌السلام» أن يرى هذا المقدار .. لأن ذلك من خصائص النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وعلي «عليه‌السلام» : أن لا ينظر أحد إلى بدن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» غير علي ، ولذلك لم يعصب علي «عليه‌السلام» عينيه عنه.

أما العورة الحقيقية نفسها ، فلم يرها علي «عليه‌السلام» ، لأن رؤيتها محرمة عليه وعلى غيره. ويشهد على ما ذكرناه أن عليا «عليه‌السلام» قد غسل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في قميصه.

تغسيل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قميصه :

قد ورد في الروايات ما يدل على أنه لا يحل لأحد رؤية جسد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلا علي «عليه‌السلام» ، وذلك مثل :

٢٦

ألف : عن جابر : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : لا يحل لرجل أن يرى مجردي إلا علي (١).

ب : عن السائب بن يزيد أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : لا يحل لمسلم يرى مجردي (أو عورتي) إلا علي (٢).

ج : وفي نص آخر : فكان العباس وأسامة يناولان الماء من وراء الستر وهما معصوبا العين ، قال علي : فما تناولت عضوا إلا كأنما يقلّبه معي ثلاثون رجلا ، حتى فرغت من غسله (٣).

فلا بد أن يراد بهذه الروايات وأمثالها .. ما ينسجم مع روايات تغسيله

__________________

(١) مناقب الإمام علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ٩٤ والعمدة لابن البطريق ص ٢٩٦ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٧ ص ٣٣ والإيضاح لابن شاذان ص ٥٣٤.

(٢) كنوز الحقائق للمناوي (ط بولاق) ص ١٩٣ ومناقب الإمام علي أبي طالب لابن المغازلي ص ٩٣ والعمدة لابن البطريق ص ٢٩٦ والطرائف لابن طاووس ص ١٥٧ والبحار ج ٣٨ ص ٣١٣ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ١٧ ص ٣٤١ والموضوعات لابن الجوزي ج ١ ص ٣٩٣.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٢ عن البزار والبيهقي ، وابن سعد ، والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٦١ عن البيهقي والبزار ، ودلائل النبوة ج ٧ ص ٢٤٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢١٣ و (ط دار صادر) ج ٢ ص ٢٧٨ وراجع : كنز العمال ج ٧ ص ٢٥٠ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٢٣ ص ٥٠٧ و ٥١٣ والمناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ٢٠٥ والبداية والنهاية لابن كثير ج ٥ ص ٢٨٢ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٧٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥٢٠ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٤٧٦.

٢٧

«صلى‌الله‌عليه‌وآله» وهو في قميصه ، أو ثيابه ، وهي كثيرة ، فلاحظ ما يلي :

١ ـ الرواية المتقدمة عن الإمام الكاظم «عليه‌السلام» وقد تضمنت قول جبرئيل لعلي «عليه‌السلام» : يا علي ، لا تجرد أخاك من قميصه ، فإن الله لم يجرده (١) ، فغسله في قميصه.

٢ ـ عن بريدة : ناداهم مناد من الداخل : أن لا تنزعوا عن رسول الله قميصه (٢).

٣ ـ إن العباس «رحمه‌الله» قد علل عدم حضوره غسل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بقوله : «لأني كنت أراه يستحي أن أراه حاسرا».

٤ ـ قد ورد أنه نادى مناد : يا علي بن أبي طالب ، استر عورة نبيك ، ولا تنزع القميص.

٥ ـ في حديث المناشدة : أنه «عليه‌السلام» غسله مع الملائكة ، وهم

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ٢ ص ١٩٨ عن الطرف ، والمصباح ، والبحار ج ٢٢ ص ٥٤٤ و ٥٤٦ وج ٧٨ ص ٣٠٥ عن أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٧ و ٨ وعن الطرائف ص ٤٤ و ٤٥ و ٤٨ وراجع : شرح الأخبار ج ٢ ص ٤١٨ وجامع أحاديث الشيعة ج ٣ ص ١٥٥ ومستند الشيعة للنراقي ج ٣ ص ١٥٠.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٢ عن ابن ماجة ، وتلخيص الحبير ج ٥ ص ١١٧ ونيل الأوطار ج ٤ ص ٦٦ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٤٧١ والمستدرك للحاكم ج ١ ص ٣٦٢ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ٣٨٧ وعون المعبود ج ٨ ص ٢٨٨ وتهذيب الكمال ج ٢٢ ص ٣٠٠ وميزان الإعتدال للذهبي ج ٣ ص ٢٩٤ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٨٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥١٧.

٢٨

يقولون : استروا عورة نبيكم ستركم الله (١).

٦ ـ ذكروا : أنه لما غسل النبيّ «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عليّ «عليه‌السلام» أسنده على صدره ، وعليه قمصيه يدلكه به من ورائه ، ولا يفضي بيده إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ويقول : بأبي وأمي ، ما أطيبك حيا وميتا. ولم ير من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» شيء يرى من الميت (٢).

٧ ـ في حديث عن علي «عليه‌السلام» : «وأما السادسة عشرة ، فإني أردت أن أجرده ، فنوديت : يا وصي محمد! لا تجرده ، فغسلته والقميص عليه ، فلا والله الذي أكرمه بالنبوة ، وخصه بالرسالة ، ما رأيت له عورة» (٣).

٨ ـ عن ابن عباس في حديث : «فغسله علي يدخل يده تحت القميص» (٤).

٩ ـ في نص آخر : «غسله علي ، والعباس وابناه : الفضل ، وقثم. وغسلوه وعليه قميصه لم ينزع» (٥).

__________________

(١) البحار ج ٢٢ ص ٥٤٣ عن أمالي الطوسي ج ٢ ص ٤ و ٦.

(٢) راجع : الثقات (ط حيدرآباد) ج ٢ ص ١٥٨ وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام للفاسي الحسيني (ط دار أحياء الكتب العربية بمصر) ج ٢ ص ٣٨٦ ومختصر سيرة الرسول لعبد الله بن عبد الله الحنبلي (المطبعة السلفية بالقاهرة) ص ٤٧٠ والرياض النضرة (ط الخانجي بمصر) ج ٢ ص ١٧٩ وإحقاق الحق (الملحقات) ج ٨ ص ٧٠٢ و ٧٠٣ عمن تقدم.

(٣) البحار ج ٣١ ص ٤٣٤ والخصال ج ٢ ص ٥٧٣ و ٥٧٤ والأمالي للطوسي ص ٥٤٧ والبحار ج ٢٢ ص ٥٤٣ وج ٣١ ص ٣٧٥.

(٤) مجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٦.

(٥) الأنس الجليل (ط القاهرة) ص ١٩٤ وراجع : فقه الرضا ص ٢٠ ومستدرك ـ

٢٩

١٠ ـ عن علي «عليه‌السلام» : أوصى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن لا يغسله أحد غيره ، فإنه لا يرى أحد عورتي إلا طمست عيناه.

قال علي «عليه‌السلام» : فكان العباس وأسامة يناولان الماء من وراء الستر.

١١ ـ عن محمد بن قيس مرسلا وفيه ضعف قال : قال علي : وما كنا نريد أن نرفع منه عضوا لنغسله إلا رفع لنا حتى انتهينا إلى عورته ، فسمعنا من جانب البيت صوتا : لا تكشفوا عن عورة نبيكم (١).

١٢ ـ في حديث آخر : أنهم «سمعوا صوتا في البيت : لا تجردوا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، واغسلوا كما هو في قميصه.

فغسله علي «عليه‌السلام» يدخل يده تحت القميص ، والفضل يمسك الثوب عنه ، والأنصاري يدخل الماء ، وعلى يد علي «عليه‌السلام» خرقة ، ويدخل يده» (٢).

١٣ ـ تقدم قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن الفضل بن العباس : «من غير أن ينظر إلى شيء مني».

__________________

الوسائل ج ٢ ص ٢٠٠ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٨ ص ٦٩٧.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٢ عن البيهقي ، وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٧٤ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٢٣ ص ٥١١.

(٢) إحقاق الحق ج ١٨ ص ١٨٧ و ١٨٨ عن المعجم الكبير ، وحياة الصحابة للكاندهلوي (ط دار القلم بدمشق) ج ٢ ص ٦٠٣ ونهج السعادة للمحمودي ج ١ ص ٣٦ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٦ والمعجم الأوسط ج ٣ ص ١٩٦ والمعجم الكبير ج ١ ص ٢٣٠ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ١٨ ص ١٨٧.

٣٠

فاتضح أن المراد من قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «لا يرى عورتي غير علي إلا كافر» (١). هو ما لم تجر العادة على كشفه ، لا العورة بمعناها المعروف.

وكذلك الحال بالنسبة إلى سائر الروايات التي ذكرت أو أشارت إلى هذا المعنى بنحو أو بآخر.

إفتراؤهم على علي عليه‌السلام :

ولكننا نجد في مقابل ذلك ، أنهم رووا عن علي «عليه‌السلام» أنه قال : غسلت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فذهبت أنظر ما يكون من الميت ، فلم أر شيئا ، فكان طيبا حيا وميتا (٢) ، أو نحو ذلك.

وعن سعيد بن المسيب قال : التمس علي من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عند غسله ما يلتمس من الميت ، فلم يجد شيئا ، فقال : بأبي أنت وأمي طبت

__________________

(١) عن عيون أخبار الرضا ص ٦٥ ومستدرك سفينة البحار ج ٧ ص ٤٨١ ومسند الإمام الرضا «عليه‌السلام» ج ١ ص ١٣١.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٢ عن ابن سعد ، وأبي داود ، والبيهقي ، والحاكم وصححه ، ودلائل النبوة للبيهقي ج ٧ ص ٢٤٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢١٤. والمستدرك للحاكم ج ١ ص ٣٦٢ وج ٣ ص ٥٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ٥٣ وكنز العمال ج ٧ ص ٢٤٩ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٨٢ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٧٢ و ٥٧٣ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٨ ص ٦٩٩ وج ١٨ ص ١٩١ وج ٢٣ ص ٥١١ و ٥١٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥١٩ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٦٤ وعلل الدار قطني ج ٣ ص ٢١٩ وراجع : تلخيص الحبير ج ٥ ص ١١٦ ونصب الراية ج ٢ ص ٣٥٦.

٣١

حيا وميتا (١).

وعن علباء بن أحمر قال : كان علي والفضل يغسلان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فنودي علي : ارفع طرفك إلى السماء (٢).

وعن عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال : غسل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» علي ، والفضل ، وأسامة بن زيد وشقران ، وولي غسل سفلته علي ، والفضل محتضنه ، وكان العباس وأسامة بن زيد وشقران يصبون الماء (٣).

ونقول :

إننا لا نشك في أن المقصود بهذه التعابير الإساءة إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وإلى علي «عليه‌السلام» على حد سواء.

فأولا : إن الروايات الكثيرة المتقدمة قد تحدثت عن أنه قد غسل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من وراء الثوب ، أو القميص وفق التوجيه الإلهي ، فهل يطلب شيئا وراء ذلك أيضا؟! ولما ذا؟!

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٣ وفي هامشه عن : ابن سعد ج ٢ ص ٢١٥ و (ط دار صادر) ج ٢ ص ٢٨١ وعن ابن ماجة [ج ١ ص ٤٧١] (١٤٦٧) بسند صحيح ورجاله ثقات ، وراجع : المصنف لابن أبي شيبة ج ٣ ص ١٣٣ وج ٨ ص ٥٧٦ والتمهيد لابن عبد البر ج ٢ ص ١٦١ وكنز العمال ج ٧ ص ٢٤٨ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٧٢ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٢٣ ص ٥٠٩.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٣ عن البيهقي ، والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٨١ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٧٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥١٩.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٣ عن الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢١٣ و (ط دار صادر) ج ٢ ص ٢٧٩ وراجع : إمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٧٠.

٣٢

ثانيا : إن عليا «عليه‌السلام» كان أعرف الناس بالأنبياء وبكراماتهم ، ومقاماتهم عند الله تبارك وتعالى ، ولا يمكن أن يرد في وهمه ، أو أن يحتمل ولو احتمالا ضئيلا جدا بأن يكون ثمة ما يستكره ، فضلا عن أن يلتمس رؤية شيء من ذلك ..

ثالثا : إن ذكر أسامة بن زيد ، وشقران في جملة من شارك في تغسيل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من موجبات زيادة الشك في الرواية ، فقد عرفنا أن الذين تولوا ذلك منه هم أهله ، وهذان الرجلان ليسا من أهل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليشاركا في غسله ..

ولو عدّ هذان الرجلان من أهله للزم عدّ كثيرين آخرين من أهل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أيضا ، فقد كان له من الموالي ما يعد بالعشرات ، فلما ذا لم يشاركوا في تجهيز النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!

رابعا : روي عن الإمام الكاظم من قوله «عليه‌السلام» : أنه أراد أن ينزع القميص ، فقال له جبرئيل : يا علي ، لا تجرد أخاك من قميصه ، فإن الله لم يجرده.

خامسا : تقدم أن العباس لم يشارك في الغسل ، لأنه رأى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يستحي أن يراه حاسرا في حال الحياة ، فهل يمكن أن يسعى علي «عليه‌السلام» لرؤية ما وراء ذلك؟! وعلي أعلم ، وأعرف برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأشد مراعاة لشأنه من العباس.

سادسا : دلت الروايات على أنه «عليه‌السلام» أسند النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى صدره وعليه قميصه يدلكه به من ورائه ، ولا يفضي بيده إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

٣٣

هل تجريد الميت سنة :

وعن تجريد الميت عند تغسيله قال الباجي : يحتمل أن يكون ذلك خاصا به ، لأن السنة عند مالك وأبي حنيفة والجمهور : أن يجرد الميت ولا يغسل في قميصه انتهى (١).

ونقول :

قد ورد عن أهل البيت «عليهم‌السلام» ما دل على استحباب تغسيل الميت من تحت القميص (٢) ، فيدل ذلك على أن عدم تجريد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من قميصه ليس من مختصات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

الوصي يغسل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وعن عبد الله بن مسعود : قال : قلت للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يا رسول الله ، من يغسلك إذا مت؟!

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٥ وتنوير الحوالك ص ٢٣٠.

(٢) الكافي ج ٣ ص ١٣٩ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ٢ ص ٤٧٩ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ٢ ص ٦٨٠ و ٦٨٣ وتهذيب الأحكام ج ١ ص ٣٠ و ٨٥ و ١٢٦ و (ط دار الكتب الإسلامية ـ طهران) ج ١ ص ١٠٨ و ٣٠٠ و ٤٤٦ والمعتبر للمحقق الحلي ج ١ ص ٢٧١ وتذكرة الفقهاء (ط. ج) ج ١ ص ٣٤٧ و (ط. ق) ج ١ ص ٣٨ ومختلف الشيعة ج ١ ص ٣٩٢ والحبل المتين (ط. ق) للبهائي العاملي ص ٥٩ و ٦٠ والحدائق الناضرة ج ٣ ص ٤٤١ و ٤٤٨ ورياض المسائل للطباطبائي ج ٢ ص ١٥٧ ومستند الشيعة للمحقق النراقي ج ٣ ص ١٤٨ وجواهر الكلام للشيخ الجواهري ج ٤ ص ١٤٨.

٣٤

فقال : يغسل كل نبي وصيه.

قلت : فمن وصيك يا رسول الله؟!

قال : علي بن أبي طالب.

فقلت : كم يعيش بعدك يا رسول الله؟!

قال : ثلاثين سنة الخ .. (١).

وفي رواية أخرى : قال جبريل : يا محمد ، قل لعلي «عليه‌السلام» : إن ربك يأمرك أن تغسل ابن عمك ، فإن هذه السنّة ، لا يغسّل الأنبياء غير الأوصياء ، وإنما يغسل كل نبي وصيه من بعده (٢).

نصوص حول التجهيز والدفن :

عن عبد الله بن الحارث وابن عباس : أن عليا غسل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فجعل يقول : طبت حيا وميتا ، وقال : وسطعت ريح طيبة لم يجدوا مثلها قط (٣).

__________________

(١) البحار ج ١٣ ص ١٧ و ١٨ و ٣٦٧ وج ٢٢ ص ٥١٢ وج ٣٢ ص ٢٨٠ عن إكمال الدين ص ١٧ و ١٨ و (نشر مؤسسة النشر الإسلامي) ص ٢٧ وبشارة المصطفى للطبري ص ٤٢٨.

(٢) البحار ج ٢٢ ص ٥٤٦ وج ٧٨ ص ٣٠٤ عن الطرائف ص ٤٤ و ٤٥ ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ١٩٨ وجامع أحاديث الشيعة ج ٣ ص ١٥٤.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٢ عن الطبراني ، وعن ابن سعد ج ٢ ص ٢١٤ و ٢١٥ و (ط دار صادر) ج ٢ ص ٢٨٠ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٧٢ ونهج السعادة للمحمودي ج ١ ص ٣٦ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٦ والمعجم الكبير ـ

٣٥

ورووا : أن جبرئيل نزل على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بحنوط ، وكان وزنه أربعين درهما ، فقسمه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ثلاثة أجزاء : جزء له ، وجزء لعلي ، وجزء لفاطمة صلوات الله عليهم (١).

وعن هارون بن سعد قال : كان عند علي مسك فأوصى أن يحنط به ، وكان علي يقول : هو فضل حنوط رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢).

وعن علي «عليه‌السلام» قال : قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» :

__________________

ج ١ ص ٢٣٠ وكنز العمال ج ٧ ص ٢٥٥ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٨ ص ٦٩٦ وج ١٨ ص ١٨٧.

(١) البحار ج ٢٢ ص ٥٤٤ و ٥٤٥ و ٥٠٤ وج ٧٨ ص ٣١٢ وعلل الشرائع ص ١٠٩ و (منشورات المكتبة الحيدرية) ج ١ ص ٣٠٢ وتهذيب الأحكام ج ١ ص ٢٩٠ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ٣ ص ١٣ و ١٤ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ٢ ص ٧٣٠ و ٧٣١ والكافي (الفروع) ج ١ ص ٤٢ و (ط دار الكتب الإسلامية) ج ٣ ص ١٥١ وعن أمالي الشيخ ج ٢ ص ٤ و ٦ وعن الإحتجاج ص ٧٢ ـ ٧٥ ومختلف الشيعة ج ١ ص ٣٩٠ والحدائق الناضرة ج ٤ ص ٢٤ وجامع أحاديث الشيعة ج ٣ ص ٢١٨ وسنن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للطباطبائي ص ٢٥١.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٤ عن ابن سعد ، والحاكم في الإكليل ، وفي هامشه عن دلائل النبوة للبيهقي ج ٧ ص ٢٤٩ ، وفقه السنة ج ١ ص ٥١٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ٤٠٦ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٦٠ ومعرفة السنن والآثار ج ٣ ص ١٣٨ ونصب الراية ج ٢ ص ٣٠٧ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ١ ص ٢٣٠ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢٨٨ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٨٠.

٣٦

«إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئر غرس» (١).

وعن أبي جعفر محمد بن علي «عليهما‌السلام» قال : غسل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ثلاثا بالسدر ، وغسل وعليه قميص ، وغسل من بئر يقال لها : الغرس [لسعد بن خيثمة بقباء] ، وكان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يشرب منها (٢).

ونقول :

لا بأس بملاحظة ما يلي :

إحتضان فضل بن عباس للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

قد ذكرت روايات هؤلاء : أن عليا «عليه‌السلام» كان يغسل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، والفضل بن العباس آخذ بحضنه ، يقول : اعجل يا علي ، انقطع ظهري أو نحو ذلك.

ونقول :

١ ـ إن تغسيل الميت لا يحتاج إلى أن يأخذه أحد الناس بحضنه!! أو أن

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٣ عن ابن ماجة [ج ١ ص ٤٧١] (١٤٦٨) وانظر الكامل لابن عدي ج ٢ ص ٧٦٢ وكنز العمال [ج ١٥ ص ٥٧٣] (٤٢٢٩) ، وفتح الباري ج ٥ ص ٢٧٠ وتهذيب الكمال ج ٣ ص ١١٢.

(٢) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٣ وفي هامشه عن ابن سعد ج ٢ ص ٢١٤ و (ط دار صادر) ج ٢ ص ٢٨٠ وعن دلائل النبوة للبيهقي ج ٧ ص ٢٤٥ وراجع : تلخيص الحبير ج ٥ ص ١١٦ ونيل الأوطار ج ٤ ص ٦٦ وعون المعبود ج ٨ ص ٢٨٨ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٧١.

٣٧

يأخذ بحضنه أحد من الناس!!

٢ ـ إن الملائكة هي التي كانت تساعد عليا «عليه‌السلام» على تقليب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كما ورد في الروايات.

وفي بعضها قال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لعلي «عليه‌السلام» : جبرئيل معك يعاونك. فراجع ما قدمناه حين الحديث عن انفراد علي «عليه‌السلام» بغسل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وقد أخبره النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأنه سيعان ، وروى ابن سعد عن عبد الواحد بن أبي عون قال : قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لعلي : «اغسلني إذا مت».

فقال : يا رسول الله ، ما غسلت ميتا قط!

قال : إنك ستهيأ أو تيسر.

قال علي : فغسلته ، فما آخذ عضوا إلا تبعني ، والفضل آخذ بحضنه يقول : أعجل يا علي انقطع ظهري (١).

غير أن هذه الرواية قد عادت لتناقض نفسها وتقول : إن الفضل كان آخذا بحضن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فالصحيح هو الرواية التي رواها الصدوق «رحمه‌الله» ، وهي لم تذكر الفضل أصلا ، بل قالت : «فو الله ، ما أردت أن أقلب عضوا من أعضائه إلا قلب لي» (٢). ولم تزد على ذلك.

__________________

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٢٢ و ٣٢٣ وفي هامشه عن ابن سعد ج ٢ ص ٢١٥ و (ط دار صادر) ج ٢ ص ٢٨١ وكنز العمال ج ٧ ص ٢٥٦ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٧٢ وشرح إحقاق الحق ج ٧ ص ٣٥ وج ٢٣ ص ٥٠٧.

(٢) الخصال ج ٢ ص ٥٧٣ و ٥٧٤ والبحار ج ٣١ ص ٤٣٤ وراجع ج ٢٢ ص ٥٠٦ ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) للمير جهاني ج ٣ ص ١٦٧ وذخائر ـ

٣٨

٣ ـ ذكرت الروايات المتقدمة حين ذكر انفراد علي «عليه‌السلام» بغسله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حدد مهمة الفضل بن العباس بمناولة الماء.

٤ ـ قد صرحت بعض النصوص : بأن عليا «عليه‌السلام» قد أسند النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على صدره ، وعليه قميصه يدلكه به (١). ولم تذكر الفضل.

٥ ـ إن ثمة رواية تقول : إن عليا «عليه‌السلام» كان يغسل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وكان الفضل يمسك الثوب عنه (٢).

فكأن هؤلاء القوم متحيرون في الدور الذي يريدون إسناده للفضل بن العباس في قضية تغسيل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

__________________

العقبى ص ٧١ والبحار ج ٣١ ص ٤٣٤ وكنز العمال ج ٧ ص ٢٤٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٣ ص ١٢٩ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي «عليه‌السلام» لابن الدمشقي ج ١ ص ١٠٨ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٧ ص ٣٦ وج ١٨ ص ١٩٣ وج ٢٣ ص ٥٠٥ وراجع : مناقب الإمام أمير المؤمنين «عليه‌السلام» للكوفي ج ١ ص ٣٣٧.

(١) قد ذكرنا هذه الرواية ومصادرها حين الحديث عن انفراد علي «عليه‌السلام» بغسل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

(٢) إحقاق الحق ج ١٨ ص ١٨٧ و ١٨٨ عن المعجم الكبير ، وحياة الصحابة للكاند هلوي (ط دار القلم بدمشق) ج ٢ ص ٦٠٣ ونهج السعادة للمحمودي ج ١ ص ٣٦ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٦ والمعجم الأوسط ج ٣ ص ١٩٦ والمعجم الكبير ج ١ ص ٢٣٠ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ١٨ ص ١٨٧.

٣٩

غسّل ثلاثا بالسدر :

وقد ذكرت الرواية آنفا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» غسّل ثلاثا بالسدر.

ومن الواضح : أن الميت يغسل بالماء القراح مرة ، وبالكافور مرة ، وبالسدر مرة ، فلما ذا اقتصر هؤلاء على ذكر السدر؟

ولا مجال للاعتذار عن ذلك بأن الكافور ربما لم يكن متوفرا ، فإن جبرئيل الذي جاء بالحنوط للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، سوف يكرمه بإحضار الكافور أيضا ، لو صح أنه كان مفقودا.

وسو سلم أن الكافور كان مفقودا فلما ذا أهمل الراوي ذكر الغسل بالماء القراح أيضا. فإن الماء كان متوفرا بلا شك ، وقد أرشدهم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وحدده لهم في بئر غرس.

علي عليه‌السلام يمسح عين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بلسانه :

وذكروا : أن عليا «عليه‌السلام» لما غسل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وفرغ من غسله نظر في عينيه ، فرأى فيهما شيئا ، فانكب عليه ، فأدخل لسانه ، فمسح ما كان فيهما ، فقال : بأبي وأمي يا رسول الله صلى الله عليك ، طبت حيا ، وطبت ميتا. قاله العالم «عليه‌السلام» (١).

وهذا هو الإيمان الخالص الذي يقدم للناس الأسوة والقدوة في التبرك

__________________

(١) البحار ج ٢٢ ص ٥١٧ وج ٧٨ ص ٣١٨ وفقه الرضا ص ٢٠ و ٢١ و (تحقيق مؤسسة آل البيت) ص ١٨٣ وجامع أحاديث الشيعة ج ٣ ص ١٥٥.

٤٠