الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٣

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٣

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-225-0
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٩٢

الفصل الثالث :

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مات شهيدا

١٤١
١٤٢

محاولات إغتيال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وقد ذكرت عدة محاولات اغتيال إستهدفت حياة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، نذكر منها :

١ ـ تهديدات قريش لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في بدء الدعوة ، وعرضهم على أبي طالب أن يسلمهم إياه ليقتلوه ، مقابل أن يعطوه بعض فتيانهم.

وقد تقدمت هذه القصة ، فراجعها.

٢ ـ تقدم أيضا : أنه حين حصر المشركون المسلمين في شعب أبي طالب ، كان أبو طالب ينيم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في موضع يراه الناس ، حتى إذا هدأت الرجل يقيمه ، وينيم ولده عليا «عليه‌السلام» في مكانه. حتى إذا حدث أمر كان علي «عليه‌السلام» فداء لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

٣ ـ محاولاتهم قتله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في ليلة الهجرة ، على يد عشرة رجال ، كل رجل من قبيلة ، فأنجاه الله منهم بعلي «عليه‌السلام».

١٤٣

٤ ـ محاولة اغتياله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من قبل بني النضير (١).

٥ ـ تنفيرهم الناقة به «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليلة العقبة (٢).

بل لقد قال (ابن حزم) : إن حذيفة لم يصلّ على أبي بكر ، وعمر ، وعثمان .. «وكان لا يصلي على من أخبره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأمرهم» (٣).

٦ ـ محاولة قتله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في خيبر بالسم.

٧ ـ محاولة قتله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في المدينة بالسم أيضا ، وسنذكر النصوص المرتبطة بهذه الحادثة.

وبعد ما تقدم نقول :

إن استيفاء البحث هنا يفرض علينا إستعراض النصوص التي ذكرت هذه الحادثة ، ثم إيراد مواقع النظر فيها ، ولذلك ، فنحن نتابع الحديث على النحو التالي :

__________________

(١) راجع : ما قدمناه في هذا الكتاب. في غزوة بني النضير ج ٨ ص ٤٠ ـ ٥٠.

(٢) راجع : السيرة الحلبية (ط دار إحياء التراث العربي) ج ٣ ص ١٤٣ وأسد الغابة ج ١ ص ٤٦٨ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٢٦٠ ـ ٢٦٢ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ١٠٤٢ ـ ١٠٤٥ وإمتاع الأسماع ص ٤٧٧ ومجمع البيان ج ٣ ص ٤٦ وإرشاد القلوب للديلمي ص ٣٣٠ ـ ٣٣٣ والمحلى ج ١١ ص ٢٢٥ ، وشرح أصول الكافي ج ١٢ ص ١٩٣ ، وكتاب سليم بن قيس ص ٢٧٢ والمسترشد ص ٥٩٣ والهداية الكبرى ص ٧٩ والبحار ج ٢٨ ص ٩٩ و ١٢٨ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٦٠٢ والدرجات الرفيعة ص ٢٩٨ والفوائد الرجالية ج ٢ ص ١٧٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٦٦ والكنى والألقاب ج ٢ ص ٢٣٥.

(٣) راجع : المحلى لابن حزم ج ١١ ص ٢٢٥.

١٤٤

نصوص مأثورة عامة :

إن ثمة نصوصا عديدة تفيد أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد مات شهيدا بالسم ، وهي التالية :

١ ـ عن ابن مسعود أنه قال : لأن أحلف تسعا : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة.

وذلك أن الله سبحانه وتعالى ، اتخذه نبيا ، وجعله شهيدا (١) ..

٢ ـ عن الإمام الصادق «عليه‌السلام» عن آبائه : أن الإمام الحسن «عليه‌السلام» قال لأهل بيته : إني أموت بالسم ، كما مات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

قالوا : ومن يفعل ذلك؟

قال : امرأتي جعدة بنت الأشعث (٢).

__________________

(١) الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج ٢ ص ٢٠١ و (ط دار التحرير بالقاهرة سنة ١٣٨٨ ه‍) ج ٢ ق ٢ ص ٧ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٣ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٧ ص ١٧٢ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٥٨ وصححه على شرط الشيخين ، هو والذهبي في تلخيص المستدرك (مطبوع بهامشه) ، وراجع : فيض القدير للمناوي ج ٥ ص ٤٤٨ ومسند أحمد ج ١ ص ٣٨١ و ٤٠٨ و ٤٣٤ ومسند أبي يعلى ج ٩ ص ١٣٢ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٤ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٢٦٩ والمعجم الكبير ج ١٠ ص ١٠٩ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٤٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٤٤٩ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٤٣٧ وعن أنساب الأشراف ج ١ ص ٥٧٦.

(٢) المناقب لابن شهرآشوب ج ٣ ص ١٧٥ والبحار ج ٤٤ ص ١٥٣ وج ٤٣ ص ٣٢٧ والخرائج والجرائح ج ١ ص ٢٤١.

١٤٥

٣ ـ عن الشعبي قال : لقد سم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وسم أبو بكر الخ .. (١).

٤ ـ الأعمش عن إبراهيم قال : كانوا يقولون : إن اليهود سمت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وسمت أبا بكر (٢).

ومن أقوال العلماء نذكر :

قول الشيخ الطوسي «رحمه‌الله» : قبض «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مسموما يوم الإثنين لليلتين بقيتا من الهجرة سنة عشر الخ .. (٣).

وقال الشيخ المفيد : قبض بالمدينة مسموما (٤).

وراجع ما قاله العلامة الحلي «رحمه‌الله» حول ذلك أيضا (٥).

حديث سم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في خيبر :

ذكر الصالحي الشامي حديث سم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في خيبر ، فقال ما محصله :

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٢٦٠ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٥٩ وج ٣ ص ٦٤ وتلخيص المستدرك للذهبي بهامشه.

(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢٠٠.

(٣) البحار ج ٢٢ ص ٥١٤ وتهذيب الأحكام ج ٦ ص ١ ، وشرح أصول الكافي ج ٧ ص ١٤٣ والأنوار البهية ص ٤١.

(٤) المقنعة ص ٤٥٦ ، الأنوار البهية ص ٤١ ، وكذا في روضة الواعظين ص ٧١.

(٥) منتهى المطلب ج ٢ ص ٨٨٧ والحدائق الناضرة ج ١٧ ص ٤٢٤ وجواهر الكلام ج ٢٠ ص ٧٩.

١٤٦

روى الشيخان عن أنس ، والإمام أحمد ، وابن سعد ، وأبو نعيم عن ابن عباس.

والدارمى ، والبيهقي عن جابر ، والبيهقي ـ بسند صحيح ـ عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك.

والطبراني ، عنه ، عن أبيه.

والبزار ، والحاكم ، وأبو نعيم عن أبي سعيد.

والبيهقي عن أبي هريرة.

والبيهقي عن ابن شهاب : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لما افتتح خيبر ، وقتل من قتل ، واطمأن الناس ، أهدت زينب ابنة الحارث ، امرأة سلام بن مشكم ـ وهي ابنة أخي مرحب ـ لصفية امرأة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» شاة مصلية ، وقد سألت : أي عضو الشاة أحب إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟

فقيل لها : الذراع.

فأكثرت فيها من السم ، ثم سمت سائر الشاة.

فدخل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على صفية ، ومعه بشر بن البراء بن معرور ، فقدمت إليه الشاة المصلية ، فتناول رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الكتف.

وفي لفظ : الذراع ، وانتهس منها ، فلاكها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وتناول بشر بن البراء عظما ، فانتهس منه (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٤ و ١٣٥ وفي هامشه عن : البخاري ج ٥ ـ

١٤٧

وذكر محمد بن عمر : أنه ألقى من لحم تلك الشاة لكلب ، فما تبعت يده رجله حتى مات (١).

وقال الصحابة السابق ذكرهم : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أرسل إلى اليهودية ، فقال : «أسممت هذه الشاة»؟.

فقالت : من أخبرك؟

قال : «أخبرتني هذه التي في يديّ ، وهي الذراع.

قالت : نعم.

قال : «ما حملك على ما صنعت»؟.

قالت : بلغت من قومي ما لم يخف عليك ، فقلت : إن كان ملكا استرحنا

__________________

ص ٢٧٢ (٢٦١٧) ومسلم ج ٤ ص ١٧٢١ (٤٥ / ٢١٩٠) ، وأحمد ج ٢ ص ٤٥١ وأخرجه البيهقي في الدلائل ج ٤ ص ٢٥٩ وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (٣١٦٩ و ٤٢٤٩ و ٥٧٧٧) وأبو داود في الديات (٦) ، وابن ماجة في الطبراني (٤٥) والدارمي في المقدمة ١١ وانظر المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٧٧ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٩٣ و (نشر مكتبة محمد علي صبيح وأولاده) ج ٣ ص ٨٠٠ وشرح المواهب ج ٢ ص ٢٣٩ وابن كثير في البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٠٨ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج ٤ ص ٢٤٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٩٤ و (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٣٩٩ وراجع : تفسير الثعلبي ج ٩ ص ٥٢ والبحار ج ٢١ ص ٦ وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٧٠ وتفسير مجمع البيان للطبرسي ج ٩ ص ٢٠٤ وتفسير الميزان ج ١٨ ص ٢٩٨ وتفسير البغوي ج ٤ ص ١٩٧ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٠٣.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٤ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٢٠٢.

١٤٨

منه ، وإن كان نبيا فسيخبر.

فتجاوز ـ وفي لفظ ـ فعفا عنها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ومات بشر من أكلته التي أكل ، ولم يعاقبها (١).

وذكر محمد بن عمر : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمر بلحم الشاة فأحرق (٢).

ونقول :

إن لدينا شكوكا عديدة في هذا الذي ذكروه من روايات ، وفي بعض ما ذكر حولها أيضا ، ونلخص ذلك فيما يلي :

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٤ وج ١٠ ص ١٥ وراجع : البحار ج ٢١ ص ٧ ومجمع البيان ج ٩ ص ٢٠٤ والميزان ج ١٨ ص ٢٩٨ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٠٣ والتنبيه والإشراف ص ٢٢٣ وإمتاع الأسماع ج ١٣ ص ٣٤٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٣٨ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٠١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٩٧ وراجع : المجموع ج ١٨ ص ٣٨٦ والمحلى ج ١١ ص ٢٦ وفقه السنة ج ٢ ص ٥١٧ وعن سنن الدارمي ج ١ ص ٣٣ وعن سنن أبي داود ج ٢ ص ٣٦٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٤٦ وعون المعبود ج ١٢ ص ١٤٨ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣١٧ وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٧٢ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٦٩.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٤٧ وعون المعبود ج ١٢ ص ١٤٨.

١٤٩

والله يعصمك من الناس :

زعم بعضهم : أن قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (١) يدل على عدم صحة حديث سم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على يد اليهودية ..

ونقول :

هذا الزعم باطل بلا شك ، وذلك لما يلي :

أولا : قد أجيب عن ذلك : بأن حديث السم قد كان في خيبر ، والآية قد نزلت في سورة المائدة بعد ذلك بسنتين ، أي في عام تبوك (٢).

ثانيا : إن الآية قد نزلت سنة عشر يوم عرفة ، أو بعد ذلك ، لكي تمهد لنصب علي «عليه‌السلام» في حجة الوداع إماما للناس ، في يوم الغدير ، في الثامن عشر من ذي الحجة ، قبل وفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بحوالي سبعين يوما.

ومفادها التهديد للذين يحاولون منع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من تبليغ إمامة علي ، ويتصرفون مع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» برعونة وجرأة ، فخبر الله تعالى نبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأنهم سوف لا يتمكنون من منع من ذلك بعد الآن ..

وليس للآية أي ارتباط بمنع الناس من سم رسول الله ، أو اغتياله ، في الظروف العادية الأخرى ..

__________________

(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٥ وراجع ج ١ ص ٤٣٤ والشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ج ١ ص ٣١٧.

١٥٠

أما بالنسبة لقتل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بواسطة السم ، فقد صرحت الآيات : بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليس في مأمن من القتل ، أو الإغتيال بالسم أو بغيره في سائر الظروف ، قال تعالى :

(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) (١).

ويشهد لذلك أيضا : أنه قد بذلت محاولات كثيرة لقتل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأنجاه الله منها ، فلاحظ ما يلي :

الروايات حول سم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وبعد ما تقدم نقول :

أما الروايات التي ذكرت محاولة اغتيال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالسم فهي مروية عند السنة والشيعة على حد سواء ، وهي تنقسم إلى قسمين :

أحدهما يقول : إن يهودية دست السم إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

والآخر يقول : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد استشهد بالسم على يد بعض زوجاته ..

ونحن نذكر هنا : نصوصا من هذا القسم ، ونصوصا من ذاك .. مع بعض المناقشة ، أو التوضيح ، أو التصحيح ، فنقول :

سم اليهودية لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في روايات السنة :

فمن الروايات التي أوردها أهل السنة في مجاميعهم الحديثية والتاريخية ،

__________________

(١) الآية ١٤٤ من سورة آل عمران.

١٥١

وتحدثت عن سم اليهودية له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نذكر ما يلي :

١ ـ عن عائشة وأبي هريرة : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال في مرضه الذي توفي فيه : إني أجد ألم الطعام الذي أكلته بخيبر ، فهذا أوان انقطاع أبهري (١) من ذلك السم.

قال ابن شهاب : فتوفي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» شهيدا (٢).

__________________

(١) الأبهر : عرق مستبطن الصلب. والظاهر : أنه هو ما يعرف بالنخاع الشوكي.

(٢) المستدرك على الصحيحين للحاكم ج ٣ ص ٥٨ ، وتلخيص المستدرك للذهبي ، وصححاه على شرط الشيخين ، وذكر نحوه عن تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص ١٦٩ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٣ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٤٣٢ والدرر لابن عبد البر ص ٢٦٩ وكنز العمال ج ١١ ص ٤٦٦ وراجع ص ٤٦٧ وراجع : المجموع للنووي ج ١٨ ص ٣٨٦ وإمتاع الأسماع ج ١٣ ص ٣٤٨ والطب النبوي لابن القيم الجوزي ص ٩٧ وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٧١ ومجمع البيان ج ٩ ص ١٢١ و ١٢٢ وفيه : ما أزال أجد ألم الطعام .. وفي نص آخر : ما زالت أكلة خيبر تعاودني كل عام ..

وراجع : البحار ج ٢١ ص ٦ و ٧ والمحلى ج ١١ ص ٢٥ و ٢٧ والمصنف للصنعاني ج ١١ ص ٢٩ وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ١ ص ٤٣٤ وج ٥ ص ١٣٤ والبداية والنهاية ج ٣ ص ٤٠٠ وج ٤ ص ٢٣٩ و ٢٤٠ والكامل لابن عدي ج ٣ ص ٤٠٢ والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار التحرير بالقاهرة سنة ١٣٨٨ ه‍) ج ٢ ق ٢ ص ٣٢ و (ط دار صادر) ج ٨ ص ٣١٤ والسيرة النبوية لابن هشام المجلد الثاني ص ٣٣٨ سلسلة تراث الإسلام. وعن سنن أبي داود ج ٢ ص ٣٧٠ وسنن الدارمي ج ١ ص ٣٢ والسنن الكبرى للبيهقي ج ١٠ ص ١١ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٠٣ والتنبيه والإشراف ص ٢٢٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٩٩ و ٤٠٠.

١٥٢

٢ ـ عن أبي هريرة أنه حين فتحت خيبر ، أهديت له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» شاة فيها سم ، فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : إجمعوا من كان ههنا من اليهود ، فجمعوا ، فقال لهم : إني سائلكم عن شيء ..

إلى أن قال : أجعلتم في هذه الشاة سما؟

قالوا : نعم.

قال : فما حملكم على ذلك؟! ..

قالوا : أردنا إن كنت كاذبا أن نستريح منك ، وإن كنت نبيا لم يضرك (١).

٣ ـ عن أنس : أن يهودية أتت النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بشاة مسمومة ، فأكل منها ، فجيء بها إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فسألها عن ذلك ، فقالت : أردت لأقتلك ..

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ما كان الله ليسلطك على ذلك. أو قال : علي ..

قالوا : ألا نقتلها؟

قال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لا.

فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢).

__________________

(١) تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٤٣٥ وسنن الدارمي ج ١ ص ٣٣ ، والمجموع ج ١٨ ص ٣٧٦ ، وعن مسند أحمد ج ٢ ص ٤٥١ وصحيح البخاري ج ٧ ص ٢٠٣ و (ط دار الفكر) ج ٧ ص ٣٢ وعمدة القاري ج ٢١ ص ٢٩٠ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٥ ص ٤٣٥ وعن تفسير القرآن العظيم ج ١ ص ١٢٣ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢٧٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٣٧ و ٢٣٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٩٥ و ٣٩٨ وراجع : المجموع للنووي ج ١٨ ص ٣٨٦ وإمتاع الأسماع ج ٨ ص ٤٥.

(٢) تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٤٣٦ وصحيح البخاري ج ٥ ص ١٧٩ و (ط دار الفكر) ج ٣ ص ١٤١ والمحلى ج ١١ ص ٢٦ و ٤١٦ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٢١٩ وصحيح مسلم ج ٧ ص ١٤ و ١٥ وعن سنن أبي داود ج ٢ ص ٣٦٨ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٤٦ وج ١٠ ص ١١ وشرح مسلم للنووي ج ١٤ ص ١٧٨ وعن فتح الباري ج ١٠ ص ٢٠٩ والأدب المفرد ص ٦١ والمعجم الأوسط ج ٣ ص ٤٣ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٣٨ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ٣١٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٩٦ والأدب المفرد للبخاري ص ٦١ وسبل الهدى والرشاد ج ٩ ص ٢١٥ والنهاية في غريب الحديث ج ٤ ص ٢٨٤ ولسان العرب ج ١٥ ص ٢٦٢ وتاج العروس ج ١٠ ص ٣٣٥ وراجع : الإنتصار للشريف المرتضى ص ٤٨٢ والمجموع للنووي ج ١٨ ص ٣٨٦ وعمدة القاري ج ١٣ ص ١٧١ وج ١٥ ص ٩١ وعون المعبود ج ١٢ ص ١٤٧ وجزء ابن عاصم ص ١٢٢ وإمتاع الأسماع ج ٨ ص ٤٦.

١٥٣

٤ ـ في سيرة ابن هشام : أن التي سمته هي زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم ، وأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لاك من الشاة مضغة فلم يسغها ، فلفظها ، ثم قال : إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ..

وكان معه بشر بن البراء بن معرور ، وقد أخذ منها وأساغها .. فسأل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تلك اليهودية عن ذلك ..

إلى أن قال : فتجاوز عنها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ومات بشر من أكلته التي أكل (١).

__________________

(١) السيرة النبوية لابن هشام (ط تراث الإسلام) ج ٣ ص ٣٣٧ و (نشر مكتبة محمد علي صبيح وأولاده) ج ٣ ص ٨٠١ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٢ والبحار ج ٢١ ص ٧ وعن تفسير مجمع البيان ج ٩ ص ٢٠٤ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٠٣

١٥٤

أضاف في نص آخر قوله : فلما مات بشر أمر بها فقتلت (١).

وقيل : صلبت ، كما في أبي داود.

وروى أبو داود : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قتلها (٢).

وفي كتاب شرف المصطفى : أنه قتلها وصلبها (٣).

وقيل : تركها لأنها أسلمت (٤) ، كما رواه عبد الرزاق.

فلما مات بشر دفعها إلى أوليائه ، فقتلوها به (٥). كما في الإمتاع ، وابن

__________________

والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٢١ والتنبيه والإشراف ص ٢٢٣ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٩٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٥ وراجع : تفسير البغوي ج ٤ ص ١٩٧.

(١) السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٦٩ والشرح الكبير لابن قدامة ج ٩ ص ٣٢٨ ومعرفة السنن والآثار ج ٦ ص ١٦٨ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٤٦ والمغني لابن قدامة ج ٩ ص ٣٢٩ وعمدة القاري ج ١٥ ص ٩١.

(٢) إمتاع الأسماع ج ١ ص ٣١٦ وراجع : البحار ج ٦٨ ص ٤٠٢ وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٧٤.

(٣) إمتاع الأسماع ج ١ ص ٣١٦ وعن مجمع الزوائد ج ٨ ص ٢٩٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٤٧ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٦٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٥ وعمدة القاري ج ١٥ ص ٩١.

(٤) السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٦٩ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٨١ وعمدة القاري ج ١٥ ص ٩١ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٥ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣٩.

(٥) عمدة القاري ج ١٥ ص ٩١ وشرح أصول الكافي ج ٨ ص ٣٢١ والبحار ج ٦٨ ص ٤٠٢ وشرح مسلم للنووي ج ١٤ ص ١٧٩ وعون المعبود ج ١٢ ص ١٤٩ ـ

١٥٥

سعد ، وراجع : البيهقي ، والسهيلي ، والحافظ.

وفي صحيح مسلم : أنه لم يقتلها (١).

وعند ابن إسحاق وابن سخنون : أجمع أهل الحديث على ذلك (٢).

وقال مغلطاي : لم يقتلها (٣).

وعند الدارمي ، عن الزهري : أنه عفا عنها (٤).

٥ ـ زاد في بعض المصادر قوله : «فلما ازدرد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لقمته ازدرد بشر ما كان في فيه ، وأكل القوم.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ارفعوا أيديكم ، فإن هذه الذراع ، أو

__________________

وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٧٤ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٥ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٦٩.

(١) السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٦٩ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣١٦ وشرح مسلم للنووي ج ١٤ ص ١٧٩ وعون المعبود ج ١٢ ص ١٤٩.

(٢) شرح مسلم للنووي ج ١٤ ص ١٧٩ وعون المعبود ج ١٢ ص ١٤٩ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣١٦.

(٣) وراجع فيما تقدم : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٥٥ و ٥٦ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٢ والمحلى ج ١١ ص ٢٦ و ٢٧ والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار التحرير) ج ٢ ق ٢ ص ٧ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٧٨. وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٥ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٠٠ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٢٢٢ وشرح أصول الكافي ج ٨ ص ٣٠٦.

(٤) مغني المحتاج ج ٤ ص ٧ وسنن الدارمي ج ١ ص ٣٣ وفقه السنة ج ٢ ص ٥١٧ والبحار ج ٦٨ ص ٤٠٢ وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٧٤ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣١٦.

١٥٦

الكتف يخبرني : أنها مسمومة (أو إني نعيت فيها).

فقال له بشر : والذي أكرمك ، لقد وجدت ذلك في أكلتي التي أكلت ، فما منعني أن ألفظها إلا أن أنغص عليك طعامك ، فلما أكلت ما في فيك لم أرغب بنفسي عن نفسك ، ورجوت أن لا تكون ازدردتها ..

فلم يقم بشر من مكانه حتى عادلونه كالطيلسان [أي أسود]. وماطله وجعه سنة ، لا يتحول إلا ما حول ، حتى مات.

وطرح منها لكلب فمات (١).

قال الزهري : واحتجم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يومئذ على كاهله ، حجمه أبو هند مولى بني بياضة ، بالقرن والشفرة (٢).

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٥٥ و (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٦٦ وعن سنن أبي داود ج ٤ ص ١٧٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢٠٢ وج ٣ ص ٥٧١ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٧٧ و ٦٧٨ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٢ عن الإكتفاء ، وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٤ وج ١٢ ص ٣٠٣ وراجع : البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٣٨ و ٢٣٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٩٧ و ٣٩٨ وراجع : سنن الدارمي ج ١ ص ٣٣ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٢ ص ٤٦ وإمتاع الأسماع ج ١٣ ص ٣٤٩.

(٢) راجع : الإصابة ج ٧ ص ٣٦٣ وعمدة القاري ج ١٢ ص ١٠٣ وسنن الدارمي ج ١ ص ٣٣ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٣٦٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٤٦ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢٠٢ وأسد الغابة ج ١ ص ٣٤٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٣٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٤ وج ١٢ ص ٣٠٣ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣١٧ وج ١٣ ص ٣٤٦ و ٣٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٩٧ والطب النبوي لابن القيم ص ٩٧.

١٥٧

٦ ـ وفي رواية : أنه بعد أن اعترفت اليهودية بتسميم الشاة ، بسط النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يده إلى الشاة ، وقال : كلوا باسم الله.

فأكلوا وقد سموا بالله ، فلم يضر ذلك أحدا منهم (١).

قال ابن كثير : فيه نكارة وغرابة شديدة (٢).

٧ ـ وفي المنتقى : ولاكها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فلفظها ، فأخذها بشر بن البراء ، فمات من ساعته ، وقيل : بعد سنة (٣).

٨ ـ وعند ابن سعد ، والواقدي : أن اليهودية اعتذرت عن ذلك : بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قتل أباها ، وزوجها ، وعمها ، وأخاها ، ونال من قومها. فأبوها الحارث ، وعمها يسار ، وأخوها مرحب ، وزوجها سلام بن مشكم.

فأرادت الانتقام لهم (٤).

__________________

(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٥٦ و (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٧٠ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٥ عن البزار ، وراجع : البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٠٠ وإمتاع الأسماع ج ١٣ ص ٣٤٥ والمستدرك للحاكم ج ٤ ص ١٠٩.

(٢) راجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٠٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٠.

(٣) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٢.

(٤) فتح الباري ج ١٠ ص ٢٠٨ و ٢١٠ وج ٧ ص ٣٨١ وعمدة القاري ج ١٥ ص ٩١ وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٥ وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٧٣ والبحار ج ١٧ ص ٣١٩ والتفسير المنسوب للإمام العسكري ص ١٧٨ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٢٠٢ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣١٦ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٦٩.

١٥٨

٩ ـ وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أكل من الشاة المسمومة ، هو وأصحابه ، فمات منهم بشر بن البراء ، وأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمر باليهودية فقتلت (١).

نظرة في النصوص المتقدمة :

إننا وإن كنا مطمئنين إلى صحة الحديث الذي يقول : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد استشهد بتأثير سم قد دسه إليه بعضهم.

وإلى أن الراجح هو : أن محاولة دس السم هذه قد تعددت ، وربما يكون قد شارك فيها أكثر من طرف ، غير أننا نقول :

إن ذلك لا يعني صحة ما ورد في الروايات المتقدمة ..

ولا نريد أن نناقش في أسانيد تلك الروايات ، فإن لنا فيه مقالا .. بل نكتفي بتسجيل الملاحظات التالية :

أولا : إن النبي الأعظم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن من السذاجة بحيث يقبل هدية هذه اليهودية الموتورة ، ثم يأكل ، ويأمر أصحابه بالأكل منها .. وهو قد فرغ لتوه من تسديد الضربة القاضية لقومها ..

كما أنه كان قد قتل زوجها ، سلام بن مشكم ، وأخاها كعب بن الأشرف قبل ذلك ، وقتل عمها ، و .. و ..

كما أن كل أحد قد رأى غدر اليهود المتكرر بالمسلمين ، وتآمرهم أكثر من مرة على حياة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فلم يكن النبي «صلى الله

__________________

(١) الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار التحرير بالقاهرة سنة ١٣٨٨ ه‍) ج ٢ ق ٢ ص ٦ و ٧ و (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١٠٧ وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٧٣.

١٥٩

عليه وآله» ليغفل عن هذا الأمر ، ويتصرف بهذا الطريقة.

ولو فرض جدلا أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد سكت عن هذا الأمر ، أو تغافل عنه لمصلحة رآها .. فإن من المتوقع جدا أن يبادر أحد المسلمين إلى الجهر بالاعتراض على الأكل من ذلك الطعام ، وإبداء مخاوفه من أن يكون مسموما.

ثانيا : إن من يقرأ الروايات المتقدمة ، ويقارن بينها ، يلاحظ : أنها غير منسجمة فيما بينها .. فلاحظ ما يلي :

١ ـ بعضها يصرح بأن الله تعالى ما كان ليسلط تلك المرأة عليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

لكن بعضها الآخر يقول : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في مرض موته : قد وجد ألم الطعام الذي أكله في خيبر ، وأخبر أن مطاياه قد قطعت ، أو أن ذلك هو أوان انقطاع أبهره ..

٢ ـ يقول بعضها : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قتل تلك المرأة ، وبعضها الآخر يقول : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عفا عنها .. وبعض ثالث يقول : إنه عفا عنها أولا. ثم قتلت بعد موت بشر بن البراء ..

٣ ـ بعضها يقول : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يسغ ما تناوله من لحم الشاة ..

لكن البعض يقول : إنه قد أساغ ما أكله منها ..

٤ ـ وقالوا : إن الذي مات ، هو بشر بن البراء؟!.

وقيل : هو مبشر بن البراء؟! (١).

__________________

(١) راجع : مغازي الواقدي ج ٢ ص ٦٧٩ وإمتاع الأسماع ج ١٣ ص ٣٥٠.

١٦٠