الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٢

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٢

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-204-8
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٦٨

الغدير (١).

١٣ ـ واحتج به عمرو بن العاص على معاوية (٢).

١٤ ـ واحتج به عمار بن ياسر على عمرو بن العاص (٣).

١٥ ـ واحتج به أصبغ بن نباتة في مجلس معاوية أيضا (٤).

١٦ ـ وناشد شاب أبا هريرة بحديث الغدير في مسجد الكوفة (٥).

__________________

(١) راجع : الامامة والسياسة (بتحقيق الزيني) ج ١ ص ٩٧ و (بتحقيق الشيري) ج ١ ص ١٢٩ والحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب للسيد فخار بن معد ص ٢٣٢ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ٨٢ والغدير ج ١ ص ٢٠١ وج ٩ ص ١٣٧ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٢٨٥ وج ٣١ ص ٣٨٢ وج ٣٢ ص ٣٨٢.

(٢) راجع : المناقب للخوارزمي ص ١٩٩ وكشف الغمة ج ١ ص ٢٥٨ والبحار ج ٣٣ ص ٥٢ والعقد النضيد والدر الفريد لمحمد بن الحسن القمي ص و ٨٨ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٤٨ والغدير ج ١ ص ٢٠١ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٥ ص ٥١.

(٣) راجع : كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي ج ٣ ص ٧٧ وشرح النهج للمعتزلي ج ٨ ص ٢١ ووقعة صفين للمنقري ص ٣٣٨ والبحار ج ٣٣ ص ٣٠ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٦٣٠ والغدير ج ١ ص ٢٠٢ وج ٢ ص ١٤٥.

(٤) راجع : المناقب للخوارزمي ص ٢٠٥ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٦ ص ٢٥٧ والغدير ج ١ ص ٢٠٢.

(٥) راجع : الإيضاح لابن شاذان ص ٥٣٥ والغارات للثقفي ج ٢ ص ٦٥٨ ومناقب الإمام أمير المؤمنين «عليه‌السلام» للكوفي ج ٢ ص ٣٩٤ والسيرة النبوية ج ٤ ص ٤٢٥ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٣٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٢٣٢ ومسند أبي يعلى ج ١١ ص ٣٠٦ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٤٩٩ ومجمع ـ

٨١

١٧ ـ ناشد رجل زيد بن أرقم بحديث الغدير (١).

١٨ ـ ناشد عراقي جابر الأنصاري بحديث الغدير (٢).

قال الذهبي : هذا حديث حسن عال جدا ، ومتنه متواتر (٣).

١٩ ـ واحتج به قيس بن سعد على معاوية (٤).

__________________

الزوائد ج ٩ ص ١٠٥ والبحار ج ٣٤ ص ٣٢٥ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٨٥ و ٢٣٧ و ٣١٥ والغدير ج ١ ص ٢٠٣ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٢٥٨ وج ٢١ ص ٦٢ و ٦٣.

(١) راجع : المعجم الكبير ج ٥ ص ١٩٤ وينابيع المودة ج ٢ ص ٢٨٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٢١٦ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١١١ و ١٧٨ والغدير ج ١ ص ٢٠٤ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٦ ص ٢٣٢ وج ٢١ ص ٤٣.

(٢) راجع : سير أعلام النبلاء ج ٨ ص ٣٣٤ وقال في هامشه : حديث صحيح ، أخرجه ابن ماجة (١٢١) من حديث سعد بن أبي وقاص ، وأخرجه أحمد ج ٤ ص ٣٦٨ والترمذي (٧١٣) من حديث زيد بن أرقم ، وأخرجه أحمد ج ١ ص ٨٤ و ١١٨ و ١١٩ و ١٥٢ من حديث علي ، و ٣٣١ من حديث ابن عباس ، وج ٤ ص ٢٨١ من حديث البراء ، وج ٤ ص ٣٦٨ و ٣٧٠ و ٣٧٢ من حديث زيد بن أرقم ، وج ٥ ص ٣٤٧ من حديث بريدة ، و ٤١٩ من حديث أبي أيوب الأنصاري.

وراجع : تاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٢٢٥ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ٢٦٠ والغدير ج ١ ص ٢٠٥ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٢٥٤ وج ٢١ ص ٦٧ وج ٣٠ ص ٤١٠ و ٤١١ والجوهرة في نسب الإمام علي وآله للبري التلمساني ص ٦٧.

(٣) راجع : سير أعلام النبلاء ج ٨ ص ٣٣٤.

(٤) راجع : البحار ج ٣٣ ص ١٧٣ ـ ١٧٥ والغدير ج ١ ص ١٠٦ ـ ١٠٨ وكتاب سليم بن قيس ج ٢ ص ٧٧٧ ح ٢٦ و (بتحقيق الأنصاري) ص ٣١١.

٨٢

٢٠ ـ واحتجت به دارمية الحجونية على معاوية (١).

٢١ ـ احتج به عمرو الأودي على قوم كانوا ينالون من أمير المؤمنين «عليه‌السلام» (٢).

٢٢ ـ استشهد عمر بن عبد العزيز بحديث الغدير أيضا (٣).

٢٣ ـ استشهد زريق مولى علي بن أبي طالب على عمر بن عبد العزيز بحديث الغدير (٤).

٢٤ ـ احتج المأمون بحديث الغدير على الفقهاء ، وفيهم إسحاق بن

__________________

(١) راجع : بلاغات النساء لابن طيفور ص ٧٢ والطرائف ص ٢٧ عن العقد الفريد (ط مصر ١٣١٦ ه‍) ج ١ ص ١١٥ والبحار ج ٣٣ ص ٢٦٠ والغدير ج ١ ص ٢٠٨ و ٣٤٤ ومستدرك سفينة البحار ج ٣ ص ٢٧٣ والإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» للرحماني ص ٧٦٧ ومستدركات علم رجال الحديث ج ٨ ص ٥٧٣ وقاموس الرجال ج ١٢ ص ٢٥٤.

(٢) راجع : الأمالي للطوسي ص ٥٥٨ والبحار ج ٤٠ ص ٦٩ والغدير ج ١ ص ٢٠٩.

(٣) راجع : بشارة المصطفى ص ٣٧٨ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٧٧ والإمام علي «عليه‌السلام» في آراء الخلفاء للشيخ مهدي فقيه إيماني ص ١٧٣ وفي هامشه عن : حلية الأولياء ج ٥ ص ٣٦٤ وأسد الغابة ج ٥ ص ٣٨٣ ترجمة عمر بن عبد العزيز ، وتاريخ مدينة دمشق ج ٥ ص ٣٢٠ [و (ط دار الفكر) ج ٦٥ ص ٣٢٤] رواية زريق القرشي المدني ، وفرائد السمطين ج ١ ص ٦٦ باب (١٠) ح ٣٢ ونظم درر السمطين ص ١١٢. وراجع : شرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٦ ص ٢٨٥ وج ٢١ ص ٩٢ وج ٢٢ ص ١١٨.

(٤) راجع : تاريخ مدينة دمشق ج ١٨ ص ١٣٨ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٢١ ص ٥١.

٨٣

إبراهيم ، ويحيى بن أكثم (١).

تحريف كتاب المعارف :

قال المعتزلي : «وروى سفيان الثوري ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن عمر بن عبد الغفار : أن أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية ، كان يجلس بالعشيات بباب كندة ، ويجلس الناس إليه ، فجاء شاب من الكوفة ، فجلس إليه ، فقال : يا أبا هريرة ، أنشدك الله ، أسمعت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقول لعلي بن أبي طالب : «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»!

فقال : اللهم نعم.

قال : فأشهد بالله ، لقد واليت عدوه ، وعاديت وليه! ثم قام عنه» (٢).

__________________

(١) راجع : قاموس الرجال ج ١٢ ص ١٥٥ والغدير ج ١ ص ٢١٠ والإمام علي «عليه‌السلام» في آراء الخلفاء للشيخ مهدي فقيه إيماني ص ١٨٢ ـ ١٩٧ وفي هامشه عن : العقد الفريد ج ٥ ص ٩٢ ـ ١٠١ وعيون أخبار الرضا للصدوق ج ٢ ص ١٨٥ ـ ٢٠٠ باختلاف يسير.

(٢) شرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ٦٨ الخطبة رقم ٥٦ وكشف الأستار عن مسند البزار الحديث رقم ٢٥٣١ والمصنف لابن أبي شيبة حديث رقم ١٢١٤١ والمطالب العالية حديث ٣٩٥٨ وراجع : أضواء على السنة المحمدية ص ٢١٧ وشيخ المضيرة أبا هريرة لأبي رية ص ٢٣٧ والنص والإجتهاد ص ٥١٥ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ٢٣٠ والغدير ج ١ ص ٢٠٤ ومناقب الإمام أمير المؤمنين «عليه‌السلام» للكوفي ج ٢ ص ٤٠٣ والإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» لأحمد الرحماني ص ٥٦٢ والبحار ج ٣٧ ص ١٩٩ ومواقف الشيعة ج ٢ ص ٣١١ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب ـ

٨٤

ثم يواصل كلامه عن أبي هريرة ، وأنه كان يؤاكل الصبيان في الطريق ، ويلعب معهم. ويخطب الناس بالمدينة .. ثم يقول :

«قلت : قد ذكر ابن قتيبة هذا كله في كتاب ، المعارف ، في ترجمة أبي هريرة ، وقوله فيه حجة ، لأنه غير متهم عليه».

قال الأميني «رحمه‌الله» : «هذا كله قد أسقطته عن كتاب المعارف (ط مصر سنة ١٣٥٣ ه‍) يد التحريف اللاعبة به ، وكم فعلت هذه اليد الأمينة لدة هذه في عدة موارد منه ، كما أنها أدخلت فيه ما ليس منه ، وقد مر الإيعاز إليه ص ١٩٢» (١).

ويبدو أن هناك طبعات أخرى قد أهملت ذلك أيضا ، فراجع طبعة سنة ١٣٩٠ ه‍.

وقد ذكرنا : أن هذا الكتاب قد حرف في موارد أخرى ، منها ما يرتبط بإسقاط الزهراء «عليها‌السلام» لجنينها المحسن بضرب عمر بن الخطاب لها ..

تحريف كتاب تاريخ اليعقوبي :

قال اليعقوبي في تاريخه ج ٢ ص ٣٧ (ط النجف الأشرف سنة ١٣٥٨) : «وقد قيل : إن آخر ما نزل عليه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ

__________________

والسنة والتاريخ ج ١١ ص ٣٥١ وغاية المرام ج ١ ص ٣٠٠ وكشف المهم في طريق خبر غدير خم ص ١٥٠ والمناشدة والإحتجاج بحديث الغدير ص ٨٣ وراجع : مناقب الإمام أمير المؤمنين «عليه‌السلام» للكوفي ج ٢ ص ٤٠٣.

(١) الغدير ج ١ ص ٢٠٤.

٨٥

نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (١).

وهي الرواية الصحيحة ، الثابتة الصريحة. وكان نزولها يوم النص على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، بغدير خم».

لكن تاريخ اليعقوبي المطبوع في بيروت سنة (مطبوع في دار صادر ـ بيروت سنة ١٣٧٩ ه‍ ـ و ١٩٦٠ م) ج ٢ ص ٤٣ قد جاء محرفا كما يلي : «وكان نزولها يوم النفر على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بعد ترحم».

وقد ذكرنا طائفة أخرى من الكتب المحرفة في كتابنا : «دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام» فراجع.

وعلى كل حال ، فليس هذا بالغريب على هؤلاء ، وإنما هي «شنشنة أعرفها من أخزم».

ب ـ إحتجاج الزهراء عليها‌السلام :

روى شمس الدين أبو الخير الجزري الدمشقي المقري الشافعي في كتابه أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب ص ٤٩ ـ ٥١ قال عن حديث الغدير :

فألطف طريق وقع بهذا الحديث وأغربه ما حدثنا به شيخنا خاتمة الحفاظ ، أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب المقدسي مشافهة : أخبرتنا الشيخة أم محمد زينب ابنة أحمد عبد الرحيم المقدسية ، عن أبي المظفر محمد

__________________

(١) الآية ٣ من سورة المائدة.

٨٦

بن فتيان بن المثنى ، أخبرنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ ، أخبرنا ابن عمة والدي القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد المدني بقراءتي عليه ، أخبرنا ظفر بن داعي العلوي باستراباد ، أخبرنا والدي وأبو أحمد ابن مطرف المطرفي قالا : حدثنا أبو سعيد الإدريسي إجازة فيما أخرجه في تاريخ استراباد ، حدثني محمد بن محمد بن الحسن أبو العباس الرشيدي من ولد هارون الرشيد بسمرقند وما كتبناه إلا عنه ، حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الحلواني ، حدثنا علي بن محمد بن جعفر الأهوازي مولى الرشيد ، حدثنا بكر بن أحمد القسري.

حدثتنا فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر «عليه‌السلام» ، قلن حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق ، حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي ، حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين ، حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي عن أم كلثوم بنت فاطمة عن فاطمة بنت النبي ، رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ورضي عنها ، قالت :

أنسيتم قول رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم غدير خم ، من كنت مولاه فعلي مولاه؟

وقوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أنت مني بمنزلة هارون من موسى «عليهما‌السلام»؟

وهكذا أخرجه الحافظ أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء ، وقال :

هذا الحديث مسلسل من وجه ، وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي

٨٧

عن عمة لها ، فهو رواية خمس بنات أخ كل واحدة منهن عن عمتها (١).

حديث الولاية إخبار أم إنشاء؟! :

ومن الأسئلة التي تطرح هنا السؤال التالي :

هل جملة : «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» خبرية محضة ، أو أنها خبرية يراد بها الإنشاء؟!.

ويجاب بما يلي :

إنه سواء أكانت جملة «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» خبرية محضة ، أم خبرية يراد بها الإنشاء ، فإن النتيجة واحدة ، ولا يلحق ذلك أي ضرر في الاستدلال بها على ولاية أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ..

غير أننا نقول : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان قد أخبرهم وبيّن لهم طيلة أكثر من عشرين سنة أن عليا «عليه‌السلام» هو الإمام من بعده ، وكان ذلك منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأمر من الله سبحانه ..

وقد يعترض على ذلك : بأنه إذا كانت ولاية أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ثابتة من أول بعثة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فما معنى إعادة إنشائها في يوم الغدير؟ فإن إنشاء الولاية فيه معناه : أنها لم تكن ثابتة قبل ذلك ، وأنها إنما توجد بهذا الإنشاء ..

وهذه شبهة في دلالة حديث الغدير ، من شأنها أن تجعل الناس كلهم معذورين في عدم الإلتزام بولايته «عليه‌السلام» ..

__________________

(١) راجع الغدير ج ١ ص ١٩٧.

٨٨

والجواب : إنه لا مانع من إنشاء الولاية مرة بعد أخرى ، فيأتي اللاحق ليؤكد السابق ، خصوصا إذا كان هناك من يفكر في الإنقلاب على الأعقاب ، ويسعى للتشكيك في جدية الأوامر الصادرة ، أو في الإلتفاف عليها بطريقة أو بأخرى ، أو تجاهلها. وهذا نظير تأكيدات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على الناس مرة بعد أخرى بأن جهزوا جيش أسامة.

وتتأكد صحة هذا المعنى إذا كان في الحشد المجتمع يوم الغدير من لم تبلغه الإنشاءات السابقة ، أو أنه قد طرحت عليه بعض الشبهات ، والتشكيكات ، من قبل الطامعين ، والطامحين ..

لا دليل على إمامة علي عليه‌السلام بلا فصل :

وقد يقول بعضهم : لو سلم دلالة الحديث على إمامة علي «عليه‌السلام» ، فلا نسلم دلالته على كونها بعد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بلا فصل ، لكي تنتفي إمامة الثلاثة : أبي بكر ، وعمر ، وعثمان.

ويرد عليه :

أولا : كيف يترك النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في حال تصديه لنصب إمام المسلمين من بعده ، حذرا من حضور أجله ـ كيف يترك ـ ذكر ثلاثة من خلفائه ، وينص على الرابع منهم ، والذي سيكون إماما بعد خمس وعشرين سنة من وفاته «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!.

ولو جاز ذلك ، لكان جميع ولاة العهد محل كلام ، إذ لا يقول السلطان عادة : هذا ولي عهدي بلا فصل.

ثانيا : لو أخذنا هؤلاء ، فإنه حتى لو قال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : من

٨٩

كنت مولاه فعلي مولاه بعدي ، لقالوا : لا منافاة بين البعدية وبين الفصل بغيره ، كما صنع القوشجي في قوله : أنت وصيي وخليفتي من بعدي.

بل لو قال : فعلي مولاه بعدي بلا فصل ، لقالوا : يحتمل أن يكون المعنى بلا فصل من غير الثلاثة!! (١).

ثالثا : إن حديث الغدير يدل على جعل الولاية لعلي «عليه‌السلام» فعلا. ومن حين صدور الكلام .. لا أنه يجعلها له بعد وفاته «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

رابعا : إن الخلفاء الثلاثة لم يجعل لهم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ولاية ، بل هم الذين استأثروا بالأمر لأنفسهم ، فتبقى الولاية المجعولة له بحديث الغدير بلا مزاحم.

هل الإمامة لتكميل الخطة العملية للدين؟! :

ويحاول بعض الناس أن يزعم : أن الإمامة تدخل في نطاق إكمال البرنامج العملي ، الذي لم يكمله النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فاحتاج إلى من يكمله بعده.

وعلى أساس ذلك تم التفتيش بين المسلمين عن هذه الشخصية التي تستطيع ملء الفراغ بعد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فلم يكن غير الإمام علي «عليه‌السلام».

ونقول في الجواب :

إنه لا ريب في أن ولاية أمير المؤمنين «عليه‌السلام» التي أمر الله سبحانه نبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأن يبلغها في يوم الغدير وغيره ، جزء من دين

__________________

(١) راجع : دلائل الصدق ج ٢ ص ٦٢ و ٦٣.

٩٠

الإسلام الحنيف ، وقد دلت نفس الآيات القرآنية التي نزلت في مناسبة الغدير على ذلك .. فلا حظ :

١ ـ قوله تعالى لنبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (١).

حيث يستفاد من هذه الآية :

أولا : إن عدم تبليغ ولاية أمير المؤمنين علي «عليه‌السلام» يوازي عدم تبليغ الدين كله. فلو كانت الحاجة إلى الإمام علي «عليه‌السلام» هي مجرد حاجة إلى مساعد في إكمال البرنامج العملي ، فإن ذلك يتم عبر الاستعانة به ، وتمهيد الأمور له ليمسك بزمامها ، ولا يحتاج ذلك إلى نص عليه من الله ، وتسجيل ذلك في آيات قرآنية تتلى إلى يوم القيامة ، ولا إلى تبليغ ما أنزل إليه من الله تعالى ، ولا يكون ترك ذلك التبليغ بمثابة ترك تبليغ الرسالة كلها ..

إذ إن الحديث في الآية إنما هو عن قيمة مجرد الإبلاغ ، وليس الحديث عن نفس الاستعانة بالإمام علي «عليه‌السلام» في إكمال البرنامج العملي ، في حركة الرسالة في الواقع!!

ثانيا : إنه تعالى قد جعل الآخرين الذين لا يرضون بولاية الإمام علي «عليه‌السلام» من القوم الكافرين ، وهم إنما يكفرون بإنكار حقائق الدين ، لا بمجرد الاعتراض على أن يكون الإمام علي «عليه‌السلام» هو المكمل للبرنامج العملي ، إذا كان ذلك ناشئا عن حسد ، أو هوى ، لا عن تكذيب

__________________

(١) الآية ٦٧ سورة المائدة.

٩١

للرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وإنكار لصدقه فيما يبلغهم إياه ..

ثالثا : إن الظاهر هو أن السبب في اعتبار عدم إبلاغ ولايته «عليه‌السلام» مساويا لعدم إبلاغ الرسالة كلها ، هو أن أعمال العباد لا تقبل بدون ولاية الإمام علي «عليه‌السلام» ، فلو أن أحدا قام ليله ، وصام نهاره ، وحج دهره ، ولم يأت بولاية الإمام علي «عليه‌السلام» لم بنفعه ذلك كله شيئا ..

كما أن ولايته صلوات الله وسلامه عليه شرط لاكتمال التوحيد ، وفقا لما روي عن الإمام الرضا «عليه‌السلام» ، عن آبائه «عليهم‌السلام» ، عن جبرئيل «عليه‌السلام» ، عن الله سبحانه وتعالى : «كلمة لا إله إلا الله حصني ، فمن دخل حصني أمن من عذابي».

ثم قال الإمام الرضا «عليه‌السلام» : «بشروطها ، وأنا من شروطها» (١).

__________________

(١) راجع : نقله في مجلة مدينة العلم ، (السنة الأولى) ص ٤١٥ عن صاحب تاريخ نيسابور ، وعن المناوي في شرح الجامع الصغير ، وهي أيضا في الصواعق المحرقة ص ١٢٢ ، وحلية الأولياء ٣ ص ١٩٢ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٣٥ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج ١ ص ١٤٥ وأمالي الصدوق ص ٢٠٨ ، وينابيع المودة ص ٣٦٤ و ٣٨٥ وقد ذكر قوله «عليه‌السلام» : وأنا من شروطها ، في الموضع الثاني فقط. والبحار ج ٤٩ ص ١٢٣ و ١٢٦ و ١٢٧ ج ٣ ص ٧ عن ثواب الأعمال ، ومعاني الأخبار ، وعيون أخبار الرضا «عليه‌السلام» ، والتوحيد ، والفصول المهمة لابن الصباغ ص ٢٤٠ ونور الأبصار ص ١٤١ ونقلها في مسند الإمام الرضا ج ١ ص ٤٣ و ٤٤ عن التوحيد ، ومعاني الأخبار ، وكشف الغمة ج ٣ ص ٩٨. وهي موجودة في مراجع كثيرة أخرى. لكن يلاحظ : أن بعض هؤلاء قد حذف قوله «عليه‌السلام» : «بشروطها ، وأنا من شروطها» ، ولا يخفى السبب في ذلك.

وراجع : التوحيد ص ٢٥ وثواب الأعمال للصدوق ص ٧ ومعاني الأخبار للصدوق

٩٢

وفي نص آخر : «ولاية علي بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي».

ومعنى ذلك أنه لا فرق بينهما لجهة : أن كلا منهما ـ أي التوحيد ، وولاية الإمام علي «عليه‌السلام» ـ حصن الله سبحانه.

فقوله تعالى : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (١) يعطينا : أن حقائق الإسلام وشرائعه وأحكامه بمثابة الجسد ، المكتمل في تكوينه ، والجامع لكل الميزات ، والحائز على جميع الإمكانات والطاقات .. ولكنه يبقى خامدا هامدا ، لا فائدة فيه إلا إذا نفخت فيه الروح ، فتبدأ اليد بالحركة ، وتدب فيها القوة ، وتصبح العين قادرة على الرؤية ، والأذن متمكنة من السمع ، وتعطيه اليقظة في العقل وفي المشاعر والأحاسيس و.. و.. الخ ..

فولاية الإمام علي «عليه‌السلام» إذن بمثابة هذه الروح التي تجعل كل أحكام الدين وشرائعه ، وحقائقه وقضاياه مؤثرة في الغايات المتوخاة منها ، موصلة إلى الله تعالى ، هادية إليه ..

فإذا لم يبلّغ الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هذه الولاية ، فإنه لم يبلغ أي شيء من رسالة الله سبحانه .. لأن جميع ما بلغه يكون ناقصا ، وبلا فائدة ولا عائدة ، إذ ليس فيه روح وحركة وحياة ، ولا يثمر ثمرة ، ولا يؤدي إلى نتيجة ..

__________________

ص ٣٧١ وروضة الواعظين للفتال النيسابوري ص ٤٢ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٢٩٦ وعوالي اللآلي ج ٤ ص ٩٤ ونور البراهين للجزائري ج ١ ص ٧٦ ومستدرك سفينة البحار ج ٢ ص ٢٣٥ ومسند الإمام الرضا «عليه‌السلام» للعطاردي ج ١ ص ٤٤ وراجع : ينابيع المودة ج ٣ ص ١٢٣.

(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.

٩٣

٢ ـ الآية الثانية : وهي قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (١) .. أفادت بملاحظة نزولها بمناسبة تبليغ ولاية الإمام علي «عليه‌السلام» يوم الغدير :

أولا : إن ولاية الإمام علي «عليه‌السلام» جزء من الدين ، ولا يكمل الدين إلا بها ..

ثانيا : إن الإسلام كله لا يكون دينا مرضيا لله سبحانه بدون هذه الولاية .. فلو كانت الحاجة إلى الإمام علي «عليه‌السلام» هي لمجرد المساعدة في إكمال البرنامج العملي في حركة الرسالة في الواقع ، فلا معنى لربط رضا الله لدينه بها ، فإن الدين إذا اكتمل ، فإنه يصبح مرضيا ، سواء طبّقه الناس ، أم عصوا الله فيه ..

أضف إلى ذلك أن الكل يعلم : أن الإمام عليا «عليه‌السلام» قد أقصي عن مركزه الذي جعله الله تعالى له .. فهل بقي هذا الرضا الإلهي لدين الإسلام ، أم أنه قد ذهب وزال بسبب ذلك الإقصاء أيضا .. فإذا كنا لا نشك في أن رضاه تعلى للإسلام قد بقي ، فذلك يعني أن نفس إبلاغ الولاية هو الذي يكمل به الدين ، وليس لطاعة الناس ومعصيتهم أثر في ذلك ..

ثالثا : إن رضاه تعالى للإسلام دينا قد حصل بمجرد حصول ذلك الإبلاغ. وقد نزلت الآية الدالة على ذلك بمجرد حصول ذلك الإبلاغ ، ولم يكن البرنامج العملي قد أكمل بعد. وذلك يعني أن الذي حصل بالإبلاغ هو إكمال الدين به فقط .. وذلك ظاهر لا يخفى.

__________________

(١) الآية ٣ من سورة المائدة.

٩٤

وبذلك يتضح : أن ما ذكره ذلك البعض من أن آية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) قد نزلت قبل نصب علي «عليه‌السلام» يوم الغدير وأن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد بلغ الرسالة للناس (١) ، ينافي الآيتين المتقدمتين منافاة ظاهرة ، ولا أقل من أنه ينافي صريح الآية الثانية ..

على أن مقتضى كلامه هو أن الإمام عليا «عليه‌السلام» لم يكن هو الإنسان الذي اصطفاه الله قبل خلق الخلق ، إذ مقتضاه : أن الأمر لا ينحصر بالإمام علي «عليه‌السلام» ، فأي إنسان سواه كان يمكنه أن يساعد في إكمال البرنامج العملي ، يمكن الاستعانة به ، وقد يكون هناك اثنان أو أكثر كان بإمكانهم ـ لو اجتمعوا ـ أن يقوموا مقام الإمام علي «عليه‌السلام» في ذلك ..

ويشير إلى ذلك قول ذلك البعض نفسه : «فلا بد أن يتم التفتيش بين المسلمين عن الشخصية التي تستطيع ملء الفراغ بعد رسول الله الخ ..» (٢).

وهذا يخالف ما عليه مذهب شيعة أهل البيت «عليهم‌السلام» ، وما هو الثابت لهم بالأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة من القرآن ومن السنة الشريفة ..

ويبقى أن نشير إلى أن ما ورد في السؤال من طلب معرفة الفرق بين الدين ، وبين البرنامج العملي .. فنقول :

إن ذلك من أوضح الواضحات ، وأبده البديهيات ، فإن الدين هو مجموعة الأحكام والشرائع ، والحقائق الإيمانية ، الثابتة ، التي يطلب من

__________________

(١) نظرة إسلامية حول الغدير ص ١٦ من ١٨.

(٢) المصدر السابق ص ١٩.

٩٥

الناس الإيمان والعمل بها ، إلى يوم القيامة ..

وأما البرنامج العملي ، فهو ما يطلب من خلاله تهيئة الظروف والمناخات لحمل الناس على قبول تلك الحقائق والإيمان بها ، وعلى الالتزام العملي بتلك الشرائع والأحكام ..

وهذا الأمر لا يحتاج إلى جعل ، ولا إلى تشريع ، بل هو نتيجة جهد بشري ، سواء في مجال التخطيط ، أو في مجال التنفيذ. والتدخل الإلهي في هذه الصورة إن كان ، فهو إنما يأتي على سبيل المعونة والتسديد ، وليس على سبيل الجعل والتشريع ..

وأين هذا من الدين الذي لا بد من الرجوع فيه إلى الله سبحانه ، والانتهاء إليه فيه ..

وعلى كل حال نقول :

لو كانت القضية قضية إكمال برنامج عملي لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، يرتبط بتعميق الإسلام لدى أناس كانوا حديثي عهد بالجاهلية .. لم يكن الناس في الأجيال اللاحقة بحاجة إلى ولاية الإمام علي «عليه‌السلام» ، لا من حيث الاعتقاد ، ولا في دائرة العمل والممارسة .. ولكانت قضية ولايته محصورة بذلك الجيل من الناس دون سواهم ..

كان الغدير ردا على زيد بن حارثة!! :

وجاء في حديث احتجاج المأمون على الفقهاء ، وفيهم إسحاق بن إبراهيم قول المأمون لإسحاق : يا إسحاق ، هل تروي حديث الولاية؟

قلت : نعم يا أمير المؤمنين.

٩٦

قال : إروه.

ففعلت.

قال : يا إسحاق ، أرأيت هذا الحديث ، هل أوجب على أبي بكر وعمر ما لم يوجب لهما عليه؟

قلت : إن الناس ذكروا : أن الحديث إنما كان بسبب زيد بن حارثة ، لشيء جرى بينه وبين علي ، وأنكر ولاء علي ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.

قال : في أي موضع قال هذا؟ أليس بعد منصرفه من حجة الوداع؟

قلت : أجل.

قال : فإن قتل زيد بن حارثة قبل الغدير!

كيف رضيت لنفسك بهذا؟

أخبرني لو رأيت ابنا لك قد أتت عليه خمسة عشر سنة يقول : مولاي مولى ابن عمي أيها الناس؟ فاعلموا ذلك. أكنت منكرا ذلك عليه تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟

فقلت : اللهم نعم.

قال : يا إسحاق أفتنزه ابنك عما لا تنزه عنه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟

ويحكم لا تجعلوا فقهاءكم أربابكم إن الله جل ذكره قال في كتابه : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) (١). ولم يصلّوا لهم ، ولا

__________________

(١) الآية ٣١ من سورة التوبة.

٩٧

صاموا ، ولا زعموا أنهم أرباب ، ولكن أمروهم فأطاعوا أمرهم (١).

والظاهر : أن إشكال المأمون هذا قد آتى ثماره ، حيث جاء المصلحون بعد ذلك ليقولوا : إن هذه الحادثة قد جرت بين أسامة بن زيد بن حارثة وبين علي .. وقد كان أسامة حيا آنئذ ، والذي قتل في مؤتة هو أبوه .. فذكروا : أن أسامة قال لعلي «عليه‌السلام» : لست مولاي ، إنما مولاي رسول الله.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «من كنت مولاه فعلي مولاه» (٢).

ومن الواضح : أن إشكال المأمون باستشهاد زيد في مؤتة يدل على أن إقحام اسم أسامة قد جاء متأخرا بهدف حل هذا الإشكال.

لكن لو سلمنا باستبدال زيد بأسامة ، فإن إشكال المأمون بعدم معقولية أن يقول الرجل : مولاي مولى ابن عمي .. يبقى على حاله ..

يضاف إلى ذلك : أنه لو صحت رواياتهم ، فلا معنى لأن يوقف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عشرات الآلاف في حر الرمضاء ، ولا معنى لأخذ

__________________

(١) قاموس الرجال ج ١٢ ص ١٥٥ والغدير ج ١ ص ٢١١ ـ ٢١٢ والإمام علي «عليه‌السلام» في آراء الخلفاء للشيخ مهدي فقيه إيماني ص ١٨٢ ـ ١٩٧ وفي هامشه عن : العقد الفريد ج ٥ ص ٩٢ ـ ١٠١ و (ط أخرى) ج ٥ ص ٥٦ ـ ٦١ وعيون أخبار الرضا للصدوق ج ٢ ص ١٨٥ ـ ٢٠٠ باختلاف يسير.

(٢) تحفة الأحوذي ج ١٠ ص ١٤٨ والنهاية لابن الأثير ج ٥ ص ٢٢٨ وعن السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٧٧ وفيض القدير شرح الجامع الصغير ج ٦ ص ٢٨٢ ومعاني القرآن للنحاس ج ٦ ص ٤١١ وكتاب الأربعين للماحوزي ص ١٦٤ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ٤٢ والغدير ج ١ ص ٣٨٣ ولسان العرب ج ١٥ ص ٤١٠ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٢٤٤ و ٢٩١.

٩٨

البيعة له .. ولا معنى لقول عمر : أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة .. ولا معنى لأن يحتاج إلى العصمة من الناس .. ولا معنى لإكمال الدين وإتمام النعمة ، ولا معنى .. ولا معنى .. إذا كان ينحصر بهذا الخلاف البسيط بين أسامة وبين علي «عليه‌السلام».

علي عليه‌السلام كان باليمن :

وذكر ياقوت الحموي : أن محمد بن جرير الطبري «له كتاب فضائل علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» ، تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خم ، ثم تلاه بالفضائل ، ولم يتم» (١).

وقال : «وكان إذا عرف من إنسان بدعة أبعده واطّرحه. وكان قد قال بعض الشيوخ ببغداد بتكذيب غدير خم ، وقال : إن علي بن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بغدير خم.

وقال هذا الانسان في قصيدة مزدوجة ، يصف فيها بلدا بلدا ومنزلا منزلا ، أبياتا يلوّح فيها إلى معنى حديث غدير خم ، فقال :

ثم مررنا بغدير خم

كم قائل فيه بزور جم

على علي والنبي الأمي

وبلغ أبا جعفر ذلك ، فابتدأ بالكلام في فضائل علي بن أبي طالب ، وذكر طرق حديث غدير خم ، فكثر الناس لاستماع ذلك الخ ..» (٢).

__________________

(١) معجم الأدباء ج ١٨ ص ٨٠ وقاموس الرجال ج ٩ ص ١٥٢.

(٢) معجم الأدباء ج ١٨ ص ٨٤ والغدير ج ١ ص ١٥٢.

٩٩

وقال الطحاوي : «فدفع دافع هذا الحديث ، وزعم أنه مستحيل ، وذكر أن عليا لم يكن مع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في خروجه إلى الحج من المدينة ، الذي مرّ في طريقه بغدير خم بالجحفة ..» (١).

ونقول :

إن عليا «عليه‌السلام» لم يكن باليمن آنئذ ، لأنه عاد منها في أيام الحج ، وشارك في حجة الوداع ، وأشركه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» معه في الهدي ، وبعد انتهاء حجة الوداع توجه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ومعه علي «عليه‌السلام» إلى المدينة ، وجرت قصة الغدير في طريق العودة (٢).

ويفهم من كلام الذهبي : أن الذي تكلّم في حديث الغدير ودفعه وردّه بهذا الزعم الباطل ، هو ابن أبي داود ، فبلغ ذلك محمد بن جرير ، فعمل كتاب الفضائل ، ثم قال : قلت : رأيت مجلدا من طرق الحديث لابن جرير ، فاندهشت له ، ولكثرة تلك الطرق (٣).

وذكر ابن طاووس : أن ابن جرير سمى كتابه المشار إليه : «كتاب الرد

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ج ٢ ص ٧١٣ رقم ٧٢٨ والغدير ج ١ ص ٣١٤ و ٢٩٤.

(٢) إقبال الأعمال ص ٤٥٣ وأشار إلى كتاب ابن جرير في البداية والنهاية ج ١١ ص ١٤٦ وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٣٩ والفهرست للطوسي ص ١٥٠.

(٣) تذكرة الحفاظ ج ٢ ص ٧١٣ ومشكل الآثار ج ٢ ص ٣٠٨ والصواعق المحرقة ص ٤٢ و ٤٣ والمعتصر من المختصر ج ٢ ص ٣٠١ والمرقاة في شرح المشكاة ج ١٠ ص ٤٧٦ والمسترشد للطبري (الشيعي) ص ٤٣ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ٢١٩ والغدير ج ١ ص ١٥٢ و ٣٠٧ والإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» لأحمد للرحماني ص ٨٠٨ وفتح الملك العلي لابن الصديق المغربي ص ١٥.

١٠٠