الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٢

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٢

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-204-8
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٦٨

توفي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم الإثنين ، ودفن ليلة الثلاثاء (١).

وروى ابن سعد والبيهقي ، عن عائشة ، قالت : ما علمنا بدفن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حتى سمعنا صوت المساحي ليلة الثلاثاء في السحر (٢).

وعن الزهري قال : دفن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليلا. قال شيوخ من الأنصار في بني غنم : سمعنا صوت المساحي آخر الليل ، ليلة الثلاثاء (٣).

وروى ابن كثير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عروة بن الزبير قال : توفي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم الإثنين ، وغسل يوم الإثنين ، ودفن ليلة الثلاثاء (٤).

__________________

(١) البداية والنهاية ج ٥ ص ٢٩٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣ ص ٦٨ وكنز العمال ج ١٢ ص ٤٤٥ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٨٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥٤٠ و ٥٤١.

(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٣٠٥ وتاريخ الخميس ج ١ ص ١٩١ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ١ ص ٣٢٧ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٣٦ عنه ، وعمدة القاري ج ٨ ص ١٢١ ونصب الراية ج ٢ ص ٣٥٩ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٨٧.

(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٣٠٥ عن الواقدي ، وراجع : الشمائل المحمدية للترمذي ص ٢٠٤.

(٤) البداية والنهاية ج ٥ ص ٢٩٢ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٨٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥٤٠.

٣٤١

وقال المجلسي «رحمه‌الله» :

ووضع خده على الأرض ، موجها إلى القبلة على يمينه ، ثم وضع عليه اللبن ، وأهال عليه التراب ، وكان ذلك في يوم الإثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر من هجرته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وهو ابن ثلاث وستين سنة (١).

وروى ابن سعد عن ابن شهاب قال :

توفي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حين زاغت الشمس يوم الإثنين ، فشغل الناس عن دفنه بشبان الأنصار ، فلم يدفن حتى كانت العتمة ، ولم يله إلا أقاربه ، ولقد سمعت بنو غنم صريف المساحي حين حفر لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وإنهم لفي بيوتهم (٢).

يضاف إلى ما تقدم : سؤال علي «عليه‌السلام» حين فرغ من دفن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن خبر أهل السقيفة (٣).

ويمكن أن نستخلص مما قدمناه :

أننا إذا أخذنا بالرواية التي تقول : بأن وفاة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان آخر يوم الإثنين. وأخذنا بالرواية التي تقول : بأن دفنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان نفس اليوم عند العتمة ، وأنهم لم يعرفوا بدفنه إلا حين سمعوا صوت المساحي ، نخرج بنتيجة مفادها : أن تجهيزه ، وتغسيله ، وتكفينه ، ودفنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» منذ أن قبضه الله لم يستغرق إلا نحو ساعتين ، أو

__________________

(١) البحار ج ٢٢ ص ٥١٩.

(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٣٠٤ والتمهيد لابن عبد البر ج ٢٤ ص ٣٩٦.

(٣) راجع : الأمالي للسيد المرتضى ج ١ ص ١٩٨.

٣٤٢

فقل ساعات قليلة.

وإن كل ما قالوه من بقائه مسجى نحو يوم أو يومين ، أو ثلاثة أيام غير صحيح ، بل يتبين من مجموع ما ذكر أن ادّعائهم أن أهل السقيفة قد شاركوا في تجهيزه من تغسيل وتكفين غير صحيح أيضا.

يوم وشهر وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

عن ابن شهاب قال : توفي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول (١).

قال السهيلي وابن كثير والحافظ : لا خلاف أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» توفي يوم الإثنين في ربيع الأول (٢).

وقال الأكثر : في الثاني عشر منه (٣).

وعند ابن عقبة ، والليث والخوارزمي : من هلال ربيع الأول (٤).

__________________

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٥ وتنوير الحوالك ص ٢٣٨ والأمالي للطوسي ص ٢٦٦ ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ١ ص ١٥٢ والبحار ج ٢٢ ص ٥٠٦ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ١٣٤ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٤٥٥ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢٧٣.

(٢) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٥ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٤٤١.

وراجع : البداية والنهاية ج ٥ ص ٢٧٥ وفتح الباري ج ٨ ص ٩٨ والسيرة النبوية ابن كثير ج ٤ ص ٥٠٥ وتنوير الحوالك ص ٢٣٨ والتمهيد لابن عبد البر ج ٢٤ ص ٣٩٥.

(٣) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٥ وفتح الباري ج ٨ ص ٩٨.

(٤) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٥ وفتح الباري ج ٨ ص ٩٨ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ١٢٦.

٣٤٣

وعند أبي مخنف والكلبي : في ثانيه ، وجزم به سليمان بن طرخان في «مغازيه» ، ورواه ابن سعد عن محمد بن قيس ، ورواه ابن عساكر ، عن سعيد بن إبراهيم عن الزهري ، وعن أبي نعيم الفضل بن دكين ، ورجحه السهيلي (١).

أضاف الصالحي الشامي قوله :

وعلى القولين يتنزل ما نقله الرافعي : أنه عاش بعد حجته ثمانين يوما.

وقيل : إحدى وثمانين ، وأما على ما جزم به النووي فيكون عاش بعد حجته تسعين يوما ، أو إحدى وتسعين يوما.

واستشكل السهيلي وتابعه غير واحد ما عليه الأكثر من كونه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مات يوم الإثنين ثاني عشر ربيع الأول ، وذلك أنهم اتفقوا على أن وقفة عرفة في حجة الوداع كانت يوم الجمعة ، وهو التاسع من ذي الحجة ، فدخل ذي الحجة يوم الخميس ، فكان المحرم إما الجمعة وإما السبت ، فإن كان الجمعة فقد كان صفر إما السبت وإما الأحد ، وإن كان السبت فقد كان ربيع الأول الأحد أو الإثنين.

وكيفما دارت الحال على هذا الحساب فلم يكن الثاني عشر من ربيع الأول بوجه.

وقول أبي مخنف والكلبي ، وإن كان خلاف [أهل] الجمهور ، فإنه لا يبعد أن كانت الثلاثة الأشهر التي قبله كلّها تسعة وعشرين فتدبره ، فإنه صحيح.

__________________

(١) راجع كتاب : النص والإجتهاد ص ١٥٦ ـ ١٦٣ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ١٢٦ وفتح الباري ج ٨ ص ٩٨.

٣٤٤

وقول ابن عقبة والخوارزمي أقرب في القياس من قول أبي مخنف ومن تابعه.

قال ابن كثير : وقد حاول جماعة الجواب عنه ، ولا يمكن الجواب عنه إلا بمسلك واحد ، وهو اختلاف المطالع ، بأن يكون أهل مكة رأوا هلال ذي الحجة ليلة الخميس ، وأما أهل المدينة فلم يروه إلا ليلة الجمعة.

ويؤيد هذا قول عائشة وغيرها : خرج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لخمس بقين من ذي القعدة ، يعني : من المدينة إلى حجة الوداع.

[ويتعين بما ذكرناه : أنه خرج يوم السبت ، وليس كما زعم ابن حزم أنه خرج يوم الخميس ، لأنه قد بقي أكثر من خمس بلا شك ، ولا جائز أن يكون خرج يوم الجمعة لأن أنسا قال : صلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الظهر بالمدينة أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين ، فتعين أنه خرج يوم السبت لخمس بقين].

فعلى هذا إنما رأى أهل المدينة هلال ذي الحجة ليلة الجمعة ، وإذا كان هلال ذي الحجة عند أهل المدينة الجمعة ، وحسبت الشهور بعده كوامل يكون أول ربيع الأول يوم الخميس ، فيكون ثاني عشر يوم الإثنين (١).

ونقول :

إننا نشير هنا إلى الأمور التالية :

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٦.

٣٤٥

ما يقوله الشيعة هو الأصح :

لقد ذكر أكثر الإمامية : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قبض يوم الإثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وهو قول الشيخ الطوسي وغيره (١).

لكن الكليني يقول : قبض لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول (٢).

وما ذكروه آنفا : من أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد توفي بعد حجه بثمانين ، أو بإحدى وثمانين يوما يتوافق مع ما عليه أكثر الإمامية ، من أنه توفي في الثامن والعشرين من صفر ، إذا كان مبدأ حساب الثمانين من يوم عرفة «فإن الحج عرفة» كما رووا (٣).

__________________

(١) الإرشاد للمفيد ج ١ ص ١٨٩ وتاج المواليد (المجموعة) للطبرسي ص ٧ ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار لوالد البهائي العاملي ص ٤١ والأنوار البهية ص ٤١ والبحار ج ٢٢ ص ٥١٤ و ٥٣١ وتفسير مجمع البيان للطبرسي ج ٢ ص ٢١٤ والدروس للشهيد الأول ج ٢ ص ٦ وجواهر الكلام ج ٢٠ ص ٧٩ وراجع : تهذيب الأحكام ج ٦ ص ٢ وتحرير الأحكام ج ٢ ص ١١٨ والمقنعة للمفيد ص ٤٥٦ وروضة الواعظين ص ٧١ والصراط المستقيم ج ٣ ص ١٤٧ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٢٧٧.

(٢) الكافي ج ١ ص ٤٣٩ والبحار ج ٢٢ ص ٥١٤ و ٥٢١.

(٣) راجع : مسند أحمد ج ٤ ص ٣٠٩ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٠٠٣ وسنن الترمذي ج ٢ ص ١٨٨ وج ٥ ص ٤١٦ وسنن النسائي ج ٥ ص ٢٥٦ والمستدرك للحاكم ج ١ ص ٤٦٤ وج ٢ ص ٢٧٨ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ١٧٣ والمجموع للنووي ج ٧ ص ٤١٤ وج ٨ ص ٩٥ و ٢٢٤ وفتح الوهاب ج ١ ص ٢٥١

٣٤٦

فإذا فرضنا : أن الأشهر كانت تامة ، أو كان اثنان منهما تامين فالباقي من شهر ذي الحجة هو واحد وعشرون يوما تضاف إلى تسعة وخمسين يوما ، فيصير المجموع ثمانين يوما ، وإذا حسبت الشهور كوامل كان المجموع إحدى وثمانين يوما ..

وأما بالنسبة لتطابق الأيام على يوم الإثنين ، فليس بالأمر المهم ، لأن ما ذكروه في تحديد يوم عرفة غير دقيق ، كما ذكرناه حين الحديث عن يوم الغدير فراجع.

ملاحظة :

ما ورد في بعض النصوص من أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد استشهد في سنة عشر ، وفي البعض الآخر في سنة إحدى عشر ، لعله يرجع

__________________

و ٢٥٨ ومغني المحتاج ج ١ ص ٤٩٣ و ٤٩٨ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥٤٣ وإعانة الطالبين ج ٢ ص ٣٢٥ والمبسوط للسرخسي ج ٤ ص ١٨ وتحفة الأحوذي ج ١ ص ٤٠٦ والمغني لابن قدامة ج ٣ ص ٤٢٨ و ٤٤١ وج ٣ ص ٥٤٩ والشرح الكبير لابن قدامة ج ٣ ص ٤٣٥ و ٤٤١ و ٥٠٧ وكشاف القناع ج ٢ ص ٦٠٤ و ٦٠٧ والمحلى لابن حزم ج ٧ ص ١٢١ وتلخيص الحبير ج ٧ ص ٣٦١ وج ٨ ص ٤٨ وسبل السلام ج ٢ ص ٢٠٩ ونيل الأوطار ج ٥ ص ١٣٦ وفتح الباري ج ٧ ص ٩٩ وج ٨ ص ٨٣ وعمدة القاري ج ١٦ ص ٢٨٢ وج ١٨ ص ٤١ والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج ٥ ص ٥٣٣ وتفسير العز بن عبد السلام ج ٣ ص ٥٠١ والجامع لأحكام القرآن ج ٢٠ ص ٢٣٣ وتفسير القرآن العظيم ج ٢٠ ص ٢٣٣ والتسهيل لعلوم التنزيل ج ٤ ص ٢٢١ وتفسير البحر المحيط ج ٨ ص ٥٢٤ وتفسير الثعالبي ج ٥ ص ٦٣٥.

٣٤٧

إلى أن أحد الفريقين قد لا حظ السنة الهجرية بمعناها الواقعي. أي التي مبدؤها ربيع الأول والآخرون جروا على ما ستجد من التغيير الذي قام به عمر ابن الخطاب حيث أبطل ما كان رسول الله صنعه ، واعتبر أول السنة هو شهر المحرم حسبما ذكرناه في الأجزاء الأولى من هذا الكتاب.

كم عاش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

إن المشهور والمعتمد لدى العلماء أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد استشهد وعمره ثلاث وستون سنة. وصرحوا : بأن هذا هو الصحيح ، أو هو الأصح والأشهر (١).

بل قال بعضهم : اتفق العلماء على أن أصح الروايات ثلاث وستون سنة (٢).

وحكى بعضهم عن ابن عباس قوله : بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عاش

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٢٧٥ وج ١٢ ص ٣٠٧ عن ابن عساكر والنووي ، وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ٩٣ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٤٥٣ والهداية الكبرى للخصيبي ص ٣٨ والوفيات لابن الخطيب ص ٢٣ والمجدي في أنساب الطالبيين ص ٥ والبحار ج ٥٥ ص ٣٦٢ و ٣٦٤ والغدير ج ٧ ص ٢٧١ عن المعارف لابن قتيبة ص ٧٥ و (ط دار المعارف) ص ١٧٢ ومقدمة ابن الصلاح ص ٢١٦ وشرح مسلم ج ١٥ ص ٩٩ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٧٦ وشرح مسند أبي حنيفة ص ٢٢٣.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٨ عن الحاكم في الإكليل ، والنووي ، والغدير ج ٧ ص ٢٧١ عن المعارف لابن قتيبة ص ٧٥ وشرح مسلم ج ١٥ ص ٩٩ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٧٦.

٣٤٨

خمسا وستين سنة (١).

لكن أكثر الروايات عن ابن عباس تذكر : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عاش ثلاثا وستين سنة.

وعن أنس : أنه عاش ستين سنة فقط (٢).

وروي عنه أيضا : أنه عاش ثلاثا وستين سنة.

عاش أبو بكر وعمر ثلاثا وستين :

وقد حاول البعض أن يزعم : أن أبا بكر وعمر ، قد عاشا أيضا ثلاثا وستين سنة ، للإيهام بأن ثمة توافقا فيما بينهما وبين رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، حتى في العمر ، فضلا عما سوى ذلك ، فعن أنس أنه قال : «قبض رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وهو ابن ثلاث وستين سنة ، وقبض أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين سنة ، وقبض عمر وهو ابن ثلاث وستين سنة» (٣).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٧ و ٣٠٨ عن أحمد ومسلم والحاكم في الإكليل ، وفي هامشه عن مسلم ج ٤ ص ١٨٢٧ (١٢١ / ٢٣٥٣) وشرح مسند أبي حنيفة ص ٢٢٣ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٧٦ وراجع : الغدير ج ٧ ص ٢٧١ عن : تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ١٢٥ وج ٤ ص ٤٧ والإستيعاب ج ١ ص ٣٣٥ وشرح مسلم ج ١٥ ص ٩٩ والمجدي في أنساب الطالبيين ص ١٠.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٧ عن ابن سعد ، والحاكم في الإكليل ، وابن شبة ، وشرح مسلم للنووي ج ١٥ ص ٩٩ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٧٦ وشرح مسند أبي حنيفة ص ٢٢٣.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٢٧٥ وج ١٢ ص ٣٠٧ عن مسلم ، وقال في هامشه : أخرجه مسلم ج ٤ ص ١٨٢٥ في الفضائل (١١٤ / ٢٣٤٨) وراجع ـ

٣٤٩

عن ابن عباس : «أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أنزل عليه وهو ابن أربعين سنة ، فمكث بمكة ثلاث عشرة يوحى إليه ، ثم أمر بالهجرة ، فهاجر إلى المدينة ، فمكث بها عشر سنين ، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة» (١).

وعن معاوية بن أبي سفيان قال : قبض رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»

__________________

حول سن أبي بكر : الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ١ ص ٣٣٥ والمعارف لابن قتيبة ص ٧٥ وقد ادعيا الإتفاق على ذلك. وراجع : مقدمة ابن الصلاح ص ٢١٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٠ ص ٤٥٦ والوفيات لابن الخطيب ص ٢٦ وأسد الغابة ص ٢٢٣ ومرآة الجنان ج ١ ص ٦٥ و ٦٩ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٦٠ والإصابة ج ٢ ص ٣٤١ ـ ٣٤٤ والغدير ج ٧ ص ١٧٦ عمن تقدم ، وعن المصادر التالية : الكامل لابن الأثير ج ١ ص ١٨٥ وج ٢ ص ١٧٦ وعيون الأثر ج ١ ص ٤٣ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٩٦ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ١٢٥ وج ٤ ص ٤٧ والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٢٠٥ وراجع : شرح مسند أبي حنيفة ص ١٩٧ والمعارف لابن قتيبة ص ١٧١.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٧ عن أحمد ، والبخاري ، ومسلم. وقال في هامشه : أخرجه البخاري ج ٧ ص ١٦٢ (٣٨٥١) (٣٩٠٢ و ٣٩٠٣) و (ط دار الفكر) ج ٤ ص ٢٥٣ ومسلم ج ٤ ص ١٨٢٦ في الفضائل (١١٧ ـ ١١٨ / ٢٣٥١). و (ط دار الفكر) ج ٧ ص ٨٨ وراجع : مسند أحمد ج ١ ص ٣٧١ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٣٨ والدر المنثور ج ٣ ص ٣٠٢ وفتح القدير ج ٢ ص ٤٣٢ والتاريخ الصغير للبخاري ج ١ ص ٥٤ والتاريخ الكبير للبخاري ج ١ ص ١٠ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ١ ص ١٢٠ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٧٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥١٣ والآحاد والمثاني ج ١ ص ٨٦.

٣٥٠

وهو ابن ثلاث وستين ، وأبو بكر ، وعمر ، وأنا ابن ثلاث وستين» (١).

ونقول :

أولا : إن ما ذكروه عن معاوية لا ينفعه شيئا ، فإنه قد مات وهو ابن سبع وسبعين سنة ، ويقال : ثمان وسبعون ، وقيل : ثمانون سنة (٢).

وأما بالنسبة لعمر ، فإنه وإن قيل : إنه عاش ثلاثا وستين سنة ، ولكننا نجد في المقابل من يقول : إنه عاش أربعا وخمسين سنة (٣).

وقال ابن إسحاق وابن عمر وغيرهما : خمسا وخمسين (٤).

وعن الحاكم : توفي عمر بن الخطاب وهو ابن ستين سنة في أكثر الأقاويل (٥).

وذكر الواقدي عن قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٠٧ عن مسلم ، والطيالسي ، وقال في هامشه : أخرجه مسلم ج ٤ ص ١٨٢٦ (١١٩ و ١٢٠ / ٢٣٥٢) و (ط دار الفكر) ج ٧ ص ٨٨ وقوله (وأنا) أي وأنا متوقع موافقتهم ، وأني أموت في سنتي هذه.

وراجع : سنن الترمذي ج ٥ ص ٢٦٦ وشرح مسلم للنووي ج ١٥ ص ١٠٣ والمعجم الكبير ج ١٩ ص ٣٠٥ وأسد الغابة ج ٤ ص ٧٨.

(٢) تاريخ اليعقوبي (ط مؤسسة الأعلمي) ج ٢ ص ١٥٠ والإختصاص للمفيد ص ١٣١ وتوضيح المقاصد (المجموعة) للبهائي العاملي ص ١٠ والبحار ج ٣٣ ص ١٧٢ والآحاد والمثاني ج ١ ص ٣٧٣.

(٣) تاريخ اليعقوبي (ط مؤسسة الأعلمي) ج ٢ ص ٥٢ ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص ٢٠٢.

(٤) المعارف لابن قتيبة ص ١٨٤ وأسد الغابة ج ٤ ص ٧٧ وتاريخ المدينة لابن شبة ج ٣ ص ٩٤٤.

(٥) معرفة علوم الحديث للحاكم ص ٢٠٢.

٣٥١

سعد قال : توفي عمر بن الخطاب وهو ابن ثلاث وستين سنة ، ولا أرى هذا إلا غلطا ، والقول الصحيح هو الأول.

وقال المعتزلي : إنه عاش ثلاثا وستين على أظهر الأقوال (١) ، وهذا يشير أيضا إلى وجود أقوال متكثرة في مقدار عمره.

وأما بالنسبة لأبي بكر ، فما ذكروه يتنافى أولا : مع ما رووه من أنه حين الهجرة ورد إلى المدينة وكان أبو بكر رديف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأبو بكر شيخ يعرف ، والنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» شاب لا يعرف ، فيلقى الرجل أبا بكر ، فيقول : يا أبا بكر من هذا الغلام بين يديك؟!

فيقول : يهديني السبيل (٢).

ثانيا : إنه ينافي ما رروه عن يزيد بن الأصم المتوفى بعد المائة عن ثلاث

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٢ ص ١٨٤.

(٢) راجع المصادر التالية : وصحيح البخاري (ط مشكول) باب الهجرة ج ٦ ص ٥٣ و (ط دار الفكر) ج ٤ ص ٢٥٩ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٤١ ومسند أحمد ج ٣ ص ٢٨٧ ونيل الأوطار ج ٩ ص ١١١ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٥١ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٤٦٠ وكنز العمال ج ٧ ص ٢٦٠ والمعارف لابن قتيبة ص ١٧٢ والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٤٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٢٧٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٣ ص ٢٥١ وإمتاع الأسماع ج ١٢ ص ١٢٢ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٢٣٤ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٤٥ وإرشاد الساري ج ٦ ص ٢١٤ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ١٣٧ والمواهب اللدنية ج ١ ص ٨٦ وعيون الأخبار لابن قتيبة ج ٢ ص ٢٠٢ والمعارف له ص ٧٥ والندير ج ٧ ص ٢٥٨ وعن الرياض النضرة ج ١ ص ٧٨ و ٧٩ و ٨٠.

٣٥٢

وسبعين سنة ، من أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال لأبي بكر : أنا أكبر أو أنت؟!

قال : لا بل أنت أكبر مني وأكرم ، وخير مني ، وأنا أسن منك (١).

ثالثا : زهير عن إسحاق قال : تمارى عبد الله بن عتبة ورجل من همدان ، فقال الهمداني : أبو بكر أكبر من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وقال عبد الله : لا بل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أكبر من أبي بكر ، توفي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وهو ابن ثلاث وستين ، وتوفى أبو بكر وهو ابن ستين ، وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين ، وأنا ابن سبع وخمسين (٢).

ولكن ابن أبي عاصم طوّر هذه الرواية وقلب معناها رأسا على عقب فيما يبدو. فراجع (٣).

رابعا : لقد زعموا في قصة سفر النبي إلى الشام : أن أبا طالب أرجع النبي إلى مكة ، وأرسل معه أبو بكر غلامه بلالا (٤).

__________________

(١) راجع : الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ٢ ص ٢٢٦ والغدير ج ٧ ص ٢٧٠ عنه وعن الرياض النضرة ج ١ ص ١٦ وعن تاريخ الخلفاء ص ٩٩ عن خليفة بن خياط ، وأحمد بن حنبل ، وابن عساكر ، وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٠ ص ٢٥ وقد روي نحو هذا الحديث عن العباس بن عبد المطلب أيضا. وراجع : تاريخ مدينة دمشق ج ٣٠ ص ٢٥ والآحاد والمثاني ج ١ ص ٨٧ وتاريخ خليفة بن خياط ص ٨١ وكنز العمال ج ١٢ ص ٥١٤ وأسد الغابة ج ٥ ص ١٥٠.

(٢) راجع : المصنف لابن أبي شيبة الكوفي ج ٨ ص ٤٤.

(٣) راجع : الآحاد والمثاني ج ١ ص ٨٦.

(٤) راجع : الثقات لابن حبان ج ١ ص ٤٤ والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٨٥ وتاريخ ـ

٣٥٣

ونحن وإن كنا أثبتنا عدم صحة هذا الكلام سابقا ، ولكننا نلزم به هنا من يلزم به نفسه.

وأما ما يقال من أن بعضهم سأل العباس : أنت أكبر أم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟

فقال : هو أكبر مني ، وأنا أسنّ منه ، مولده أبعد عقلي ، أتي إلى أمي ، فقيل لها : ولدت آمنة غلاما ، فخرجت بي حين أصبحت ، آخذة بيدي حتى دخلنا عليهما ، وكأني أنظر إليه يمصع (أي يتحرك) برجليه في عرصته ، وجعل النساء يجبذنني عليه ويقلن : قبّل أخاك (١).

فهو موضع شك ، فإن الجواب لا يتطابق مع السؤال ، لأنه سأله عن عدد السنين الذي يزيد بها عمره عن عمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، مع علمه بأن العباس هو الأكبر سنا ، فما معنى أن يجيبه بأنه أسنّ من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

ويلاحظ : أن هذه الرواية تظهر : أن عمره يزيد عن عمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مقدارا معتدا به من السنين.

وأماما رواه ابن أبي شيبة عن نبيط قال : قال رسول الله «صلى الله عليه

__________________

الأمم والملوك (ط الإستقامة) ج ٢ ص ٣٤ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٥٨ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٢٠ ومستدرك الحاكم ، والبيهقي ، وابن عساكر ، والترمذي ، وقال : حسن غريب. وفي السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٤٩ أنه رجع إلى مكة ، ومعه أبو بكر وبلال.

(١) راجع : تهذيب الكمال للمزي ج ١٤ ص ٢٢٧ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٩٧ وراجع : تاريخ مدينة دمشق ج ٢٦ ص ٢٨٢.

٣٥٤

وآله» للعباس : يا عماه! أنت أكبر مني؟!

قال العباس : أنا أسن ورسول الله أكبر (١). فهو أيضا مشكوك فيه لأن من البعيد جدا أن لا يعرف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن عمه أكبر منه.

لماذا لا يذكرون عليا عليه‌السلام :

هذا .. ولا ندري لماذا لا يذكرون أن الذي طابق عمره عمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على الحقيقة هو أخوه ووصيه علي بن أبي طالب «عليه‌السلام».

وهو الذي يتوقع أن يكون لتوافق عمره مع عمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دلالات وإيحاءات لها ارتباط بوصايته وبأخوته له ، بل وبكونه نفس رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، كما نطقت به آية المباهلة كما لا يخفى ..

وإن هذا الإهمال المتعمد لذكر علي «عليه‌السلام» ، وتعمد ذكر من لم تثبت له هذه الخصوصية من الأساس ، يثير لدينا أكثر من سؤال واحتمال حول صحة وواقعية ما زعموه لأبي بكر وعمر .. والحر تكفيه الإشارة.

__________________

(١) راجع : كنز العمال ج ١٣ ص ٥١٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٦ ص ٢٨٢.

٣٥٥
٣٥٦

الفهارس

١ ـ الفهرس الإجمالي

٢ ـ الفهرس التفصيلي

٣٥٧
٣٥٨

١ ـ الفهرس الإجمالي

الفصل السابع : سورة المائدة متى نزلت وكيف؟!.............................. ٥ ـ ٦٢

الفصل الثامن : شبهات .. وأجوبتها.................................... ٦٣ ـ ١٠٦

الفصل التاسع : الغدير في ظل التهديدات الإلهية........................ ١٠٧ ـ ١٢٤

الباب الثاني عشر :

مرض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإستشهاده .. أحداث وسياسات

الفصل الأول : مرض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ووصاياه.............................. ١٢٧ ـ ١٦٢

الفصل الثاني : سرية أسامة بن زيد..................................... ١٦٣ ـ ٢١٠

الفصل الثالث : الكتاب الذي لم يكتب............................... ٢١١ ـ ٢٥٤

الفصل الرابع : تمحلات بالية واعذار واهية.............................. ٢٥٥ ـ ٢٧٨

الفصل الخامس : عزل أبي بكر عن الصلاة............................. ٢٧٩ ـ ٣٢٨

الفصل السادس : أحداث الوفاة في النصوص والآثار..................... ٣٢٩ ـ ٣٥٦

الفهارس :.......................................................... ٣٥٧ ـ ٣٦٨

٣٥٩
٣٦٠