الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣١

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣١

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-203-x
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٦

وقد روى فرات بسنده عن فرات بن أحنف ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال : قلت : جعلت فداك ، للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى ، ويوم الجمعة ، ويوم عرفة؟!

قال : فقال لي : «نعم ، أفضلها ، وأعظمها ، وأشرفها عند الله منزلة ، هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين ، وأنزل على نبيه محمد : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) الآية (١)» (٢).

وفي الكافي : عن الحسن بن راشد ، عن الإمام الصادق «عليه‌السلام» أيضا : أنه اعتبر يوم الغدير عيدا.

وفي آخره قوله : «فإن الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي كان يقام فيه الوصي أن يتخذ عيدا».

قال : قلت : فما لمن صامه؟

__________________

الإسلامية) ج ٧ ص ٣٢٧ وإقبال الأعمال لابن طاووس ج ٢ ص ٢٥٦ والمصباح للكفعمي ص ٦٩٧ والبحار ج ٩٤ ص ١١٤ وجامع أحاديث الشيعة ج ٩ ص ٤٢١ والغدير ج ١ ص ٢٨٤ ومسند الإمام الرضا «عليه‌السلام» للعطاردي ج ٢ ص ٢٣ وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم‌السلام» ج ٨ ص ٧٢.

(١) الآية ٣ من سورة المائدة.

(٢) الغدير ج ١ ص ٢٨٤ و ٢٨٥ وتفسير فرات ص ١١٧ حديث ١٢٣ ومستدرك الوسائل ج ٦ ص ٢٧٨ ومستدرك سفينة البحار ج ٧ ص ٤٧٣ والبحار ج ٣٧ ص ١٦٩ وجامع أحاديث الشيعة ج ٦ ص ١٨٠ و ٣١٣ و ٤١٣.

٢٤١

قال : «صيام ستين شهرا» (١).

ويؤيده : ما رواه الخطيب البغدادي ، بسند رجاله كلهم ثقات ، عن أبي هريرة : من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا ، وهو يوم غدير خم الخ ..» (٢).

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ١٤٨ و ١٤٩ والغدير ج ١ ص ٢٨٥ عنه ، ومصباح المتهجد ص ٦٨٠ و (ط مؤسسة فقه الشيعة) ص ٧٣٧ وذخيرة المعاد (ط. ق) ج ١ ق ٣ ص ٥١٩ ومشارق الشموس (ط. ق) ج ٢ ص ٤٥١ والحدائق الناضرة ج ١٣ ص ٣٦١ وجامع المدارك ج ٢ ص ٢٢٤ وثواب الأعمال للصدوق ص ٧٤ ومن لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ٩٠ وتهذيب الأحكام ج ٤ ص ٣٠٥ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٠ ص ٤٤١ و (ط دار الإسلامية) ج ٧ ص ٣٢٤ والبحار ج ٣٧ ص ١٧٢ وج ٩٤ ص ١١١ وجامع أحاديث الشيعة ج ٩ ص ٤٢٠ وبشارة المصطفى للطبري ص ٣٦٤.

(٢) تاريخ بغداد ج ٨ ص ٢٩٠ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٨ ص ٢٨٤ وأشير إليه في تذكرة الخواص ص ٣٠ والمناقب للخوارزمي ص ٩٤ و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص ١٥٦ وفيه ستين سنة بدل ستين شهرا ، ومناقب الإمام علي لابن المغازلي ص ١٩ وفي فرائد السمطين الباب ١٣ ج ١ ص ٧٧ كما في مناقب الخوارزمي ، والغدير ج ١ ص ٢٣٢ و ٤٠١ و ٤٠٢ عنهم ، وعن زين الفتى للعاصمي. وراجع : كتاب الأربعين للشيرازي ص ١١٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٤٢٥ والأمالي للصدوق ص ٥٠ وشرح أصول الكافي ج ٥ ص ١٩٦ وج ٦ ص ١٢٠ وينابيع المودة ج ٢ ص ٢٨٣ والطرائف ص ١٤٧ وروضة الواعظين ص ٣٥٠ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٣٤ و ١٨٧ و ٢٤٦ و ٢٧٧ و ٣٤٤ و ٣٤٨ و ٣٥٤ وج ٨ ص ٢٧٧ و ٢٨١ و ٢٩٢ و ٢٩٣

٢٤٢

وفي رواية أخرى : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أوصى عليا «عليه‌السلام» أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا (١).

وليراجع ما رواه المفضل بن عمر ، عن الصادق «عليه‌السلام» (٢).

وما روي عن عمار بن حريز العبدي عنه «عليه‌السلام» (٣).

__________________

و ٣٠١ و ٣٠٢ والعمدة لابن البطريق ص ١٠٦ والبحار ج ٣٧ ص ١٠٨ وج ٩٤ ص ١١٠ وج ٩٥ ص ٣٢١ وتفسير الآلوسي ج ٦ ص ١٩٤ وشواهد التنزيل ج ١ ص ٢٠٠ و ٢٠٣ وكتاب الأربعين للماحوزي ص ١٤٨ وراجع :

تاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٢٣٣ و ٢٣٤ وبشارة المصطفى للطبري ص ١٥٨ و ٤٠٢ وكشف الخفاء للعجلوني ج ٢ ص ٢٥٨ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٢٣٤ و ٢٥٥ و ٣٥٣ وج ١٤ ص ٢٨٩ و ٢٩٠ و ٢٩١ وج ٢٠ ص ١٩٧ وج ٢١ ص ٦١ و ٦٤ وج ٣٠ ص ٧٧ و ٧٨ و ٧٩ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٣٣ و ٣٨٦.

(١) الكافي ج ٤ ص ١٤٩ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٠ ص ٤٤٠ و (ط دار الإسلامية) ج ٧ ص ٣٢٣ والبحار ج ٣٧ ص ١٧٢ والغدير ج ١ ص ٢٨٥ و ٢٨٦ وذخيرة المعاد (ط. ق) ج ١ ق ٣ ص ٥١٩ وجامع أحاديث الشيعة ج ٩ ص ٤١٩ والحدائق الناضرة ج ١٣ ص ٣٦٢ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ ج ٢ ص ٣٤٢.

(٢) الخصال ج ١ ص ٢٦٤ والغدير ج ١ ص ٢٨٦ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٠ ص ٤٤٣ و (ط دار الإسلامية) ج ٧ ص ٣٢٥ والبحار ج ٩٤ ص ١١ وجامع أحاديث الشيعة ج ٩ ص ٤٢١ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ ج ٢ ص ٣٤٢.

(٣) مصباح المتهجد ص ٦٨٠ و (ط مؤسسة فقه الشيعة) ص ٧٣٧ والغدير ج ١ ـ

٢٤٣

وعن أبي الحسن الليثي عنه «عليه‌السلام» (١).

وعن زياد بن محمد عن الصادق «عليه‌السلام» (٢).

وعن سالم عن الإمام الصادق «عليه‌السلام» (٣).

__________________

ص ٢٨٦ والبحار ج ٩٥ ص ٢٩٨ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٠ ص ٤٤٤ و (ط دار الإسلامية) ج ٧ ص ٣٢٦ وراجع : مستدركات علم رجال الحديث ج ٨ ص ٤٧٠ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ ج ٢ ص ٣٤٤ والحدائق الناضرة ج ١٠ ص ٥٣٥ وجامع أحاديث الشيعة ج ٧ ص ٤١١ وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم‌السلام» ج ٨ ص ٣٣.

(١) الغدير ج ١ ص ٢٨٧ عن الحميري ، ومستدرك الوسائل ج ٦ ص ٢٧٦ وإقبال الأعمال ج ٢ ص ٢٧٩ والبحار ج ٩٥ ص ٣٠٠ وجامع أحاديث الشيعة ج ٧ ص ٤١١ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ ج ٢ ص ٣٤٣.

(٢) مصباح المتهجد ص ٦٧٩ و (ط مؤسسة فقه الشيعة) ص ٧٣٦ والمصباح للكفعمي ص ٦٨٨ وجامع أحاديث الشيعة ج ٩ ص ٤١٩ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٠ ص ٤٤٣ و (ط دار الإسلامية) ج ٧ ص ٣٢٦ وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم‌السلام» ج ٨ ص ٣٨.

(٣) الكافي ج ٤ ص ١٤٩ والغدير ج ١ ص ٢٨٥ وذخيرة المعاد (ط. ق) ج ١ ق ٣ ص ٥١٩ والحدائق الناضرة ج ١٣ ص ٣٦٢ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٠ ص ٤٤٠ و (ط دار الإسلامية) ج ٧ ص ٣٢٣ وإقبال الأعمال ج ٢ ص ٢٦٣ والبحار ج ٣٧ ص ١٧٢ وجامع أحاديث الشيعة ج ٩ ص ٤١٩ وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم‌السلام» ج ٦ ص ١٩٢ وج ٧ ص ٣٩٢ وج ٨ ص ٣٦.

٢٤٤

وقال الفياض بن عمر الطوسي سنة تسع وخمسين ومائتين ، وقد بلغ التسعين : إنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا «عليه‌السلام» في يوم الغدير ، وبحضرته جماعة من خاصته ، قد احتبسهم للإفطار ، وقد قدم إلى منازلهم الطعام ، والبر والصلات ، والكسوة حتى الخواتيم والنعال ، وقد غير من أحوالهم ، وأحوال حاشيته ، وجددت لهم آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه ، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه (١).

وفي المحتضر ، بالإسناد ، عن محمد بن علاء الهمداني الواسطي ، ويحيى بن جريح البغدادي ، قالا في حديث : قصدنا جميعا أحمد بن إسحاق القمي ، صاحب الإمام أبي محمد العسكري «عليه‌السلام» ، بمدينة قم ، وقرعنا عليه الباب ، فخرجت إلينا من داره صبية عراقية ، فسألناها عنه ، فقالت : هو مشغول بعيده ، فإنه يوم عيد.

فقلنا : سبحان الله ، أعياد الشيعة أربعة : الأضحى ، والفطر ، والغدير ، والجمعة الخ ..» (٢).

__________________

(١) الغدير ج ١ ص ٢٨٧ ومصباح المتهجد ص ٦٩٦ و (ط مؤسسة فقه الشيعة) ص ٧٥٢ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٠ ص ٤٤٤ و (ط دار الإسلامية) ج ٧ ص ٣٢٦ والبحار ج ٩٤ ص ١١٢ وجامع أحاديث الشيعة ج ٩ ص ٤٢١ ومسند الإمام الرضا «عليه‌السلام» عطاردي ج ٢ ص ٢١ وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليه‌السلام» ج ٨ ص ٧٠ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ ج ٢ ص ٣٤٦.

(٢) الغدير ج ١ ص ٢٨٧ والبحار ج ٣١ ص ١٢٠ وج ٩٥ ص ٣٥١ والمحتضر ص ٩٣.

٢٤٥

وبعد .. فقد حشد العلامة الأميني ، في كتابه القيم : «الغدير» عشرات النصوص عن عشرات المصادر الموثوقة عند أهل السنة ، والتي تؤكد على عيدية يوم الغدير في القرون الأولى ، وأنه قد كان شائعا ومعروفا في العصور الإسلامية الأولى ..

وتكفي مراجعة الفصل الذي يذكر فيه تهنئة الشيخين أبي بكر وعمر لأمير المؤمنين «عليه‌السلام» بهذه المناسبة ، فقد ذكر ذلك عن ستين مصدرا ..

هذا .. عدا المصادر الكثيرة التي ذكرت تهنئة الصحابة له «عليه‌السلام» بهذه المناسبة ، وعدا المصادر التي نصت على عيدية يوم الغدير ، فإنها كثيرة أيضا (١).

ومن ذلك كله يعلم : عدم صحة ما ذكره ابن تيمية عن عيد الغدير : «إن اتخاذ هذا اليوم عيدا لا أصل له ، فلم يكن في السلف ، لا من أهل البيت ، ولا من غيرهم ، من اتخذ ذلك عيدا» (٢).

فإنه كلام ساقط عن الإعتبار ، لأنه لا يستند إلى دليل علمي ، ولا تاريخي على الإطلاق .. وإنما الأدلة كلها على خلافه.

__________________

(١) الغدير ج ١ ص ٢٦٧ ـ ٢٨٩ و ٥٠٨ و ٥٠٩ و (ط دار الكتاب العربي) ص ٢٧٠ عن الطبري في كتاب الولاية ، وعن الخليلي في مناقب علي بن أبي طالب. وعن كتاب النشر والطي. وراجع : الصراط المستقيم ج ١ ص ٣٠٣ والبحار ج ٣٧ ص ٢١٧. وراجع : التنبيه والإشراف للمسعودي ص ٢٢٢ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ٣٦٧.

(٢) إقتضاء الصراط المستقيم ص ٢٩٤ و (ط سنة ١٤١٩ ه‍ ـ ١٩٩٩ م) ج ٢ ص ٨٣.

٢٤٦

ماذا يقول شانئو علي عليه‌السلام؟! :

ذكرت بعض النصوص المتقدمة : أن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة يعدل صيام ستين شهرا ، ولكن نفوس شانئي علي «عليه‌السلام» ، والمتحاملين عليه لم تحتمل سماع هذه الفضيلة له ، فبادرت إلى تكذيبها بصورة قاطعة معززة بالأيمان المغلظة ، وكان مستندهم في ذلك غريبا وعجيبا ، فاستمع إلى ابن كثير وهو ينقل لنا ذلك عن الذهبي ، فيقول عن هذا الحديث :

«إنه حديث منكر جدا ، بل كذب ، لمخالفته لما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة ، يوم عرفة. ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واقف بها كما قدمنا.

وكذا قوله : إن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة ، وهو يوم غدير خم ، يعدل صيام ستين شهرا ، لا يصح ، لأنه قد ثبت ما معناه في الصحيح : أن صيام شهر رمضان بعشرة أشهر ، فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهرا ـ هذا باطل.

وقد قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي بعد إيراده هذا الحديث : هذا حديث منكر جدا. ورواه حبشون الخلال ، وأحمد بن عبد الله بن أحمد النيري ، وهما صدوقان ، عن علي بن سعيد الرملي ، عن ضمرة.

قال : ويروى هذا الحديث من حديث عمر بن الخطاب ، ومالك بن الحويرث ، وأنس بن مالك ، وأبي سعيد وغيرهم بأسانيد واهية.

قال : وصدر الحديث متواتر أتيقن أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قاله ، وأما : اللهم وال من والاه ، فزيادة قوية الإسناد. وأما هذا الصوم

٢٤٧

فليس بصحيح ، ولا والله ، ما نزلت هذه الآية إلا يوم عرفة ، قبل غدير خم بأيام ، والله تعالى أعلم» (١).

ونقول :

إن كلام الذهبي مرفوض جملة وتفصيلا ، وذلك لما يلي :

١ ـ قد ذكرنا : أن نزول الآية في يوم عرفة في ضمن سورة المائدة لا يعني عدم نزولها مرة أخرى بعد ثمانية أيام في غدير خم ..

بل قد ذكرنا : أن ثمة آيات وسورا قد نزلت أكثر من مرة لمناسبات اقتضت نزولها ..

٢ ـ إن هؤلاء قد رووا أيضا : أن من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر (٢).

٣ ـ عن يزيد بن هارون ، عن شعبة ، عن أنس بن سيرين ، عن عبد الملك بن المنهال ، عن أبيه ، عن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أنه كان

__________________

(١) البداية والنهاية ج ٥ ص ٢٣٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٤٢٥.

(٢) سنن أبي داود للسجستاني ج ١ ص ٥٤٤ ومجمع الزوائد ج ٣ ص ١٨٣ وفتح الباري ج ٤ ص ١٩٤ ومسند الحميدي ج ١ ص ١٨٨ والسنن الكبرى للنسائي ج ٢ ص ١٦٣ وصحيح ابن خزيمة ج ٣ ص ٢٩٨ والمعجم الأوسط ج ٥ ص ١٧١ والمعجم الكبير ج ٤ ص ١٣٦ وأمالي الحافظ الأصبهاني ص ٢١ و ٣٤ ومعرفة السنن والآثار ج ٣ ص ٤٥٠ والإستذكار ج ٣ ص ٣٧٩ والإنصاف للمرداوي ج ٣ ص ٣٤٣ وأحكام القرآن لابن العربي ج ١ ص ١٠٩ وج ٣٢١ والبرهان للزركشي ج ٢ ص ١٣٦ الدر المنثور ج ٣ ص ٦٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٦ ص ٣٥.

٢٤٨

يأمر بصيام البيض. ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة. ويقول : «هو كصوم الدهر ، أو كهيئة صوم الدهر» (١).

٤ ـ وعن علي «عليه‌السلام» : «في رجب يوم وليلة ، من صام ذلك اليوم ، وقام تلك الليلة ، كان له من الأجر كمن صام مائة سنة ، وقام مائة سنة ، وهي لثلاث ليال بقين من رجب ، في ذلك اليوم بعث الله محمدا نبيا» (٢).

٥ ـ وروي : من صام يوما من رجب كان كصيام سنة (٣).

٦ ـ عن ابن عمر عنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : صوم يوم عرفة صوم سنة (٤).

وفي نص آخر : يعدله بصوم سنتين (٥).

__________________

(١) مسند أحمد ج ٥ ص ٢٧ و ٢٨ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٥٤٤ وعمدة القاري ج ١١ ص ٩٦ والآحاد والمثاني ج ٣ ص ٢٦٨ وج ٤ ص ٢٨٩ والمعجم الكبير ج ١٠ ص ١٣٧ وج ١٩ ص ١٧ وراجع : مسند أبي داود الطيالسي ص ١٧٠ وأسد الغابة ج ٤ ص ١٩٥ و ٤١٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ٢٩٤ وفتح الباري ج ٤ ص ١٩٧ وشرح معاني الآثار ج ٢ ص ٨١.

(٢) تذكرة الموضوعات للفتني ص ١١٦ وفضائل الأوقات للبيهقي ص ٩٦ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٣٥.

(٣) فضائل الأوقات للبيهقي ص ٩٣ وكنز العمال ج ٨ ص ٥٧٨ وج ١٢ ص ٣١١ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٣٥.

(٤) مسند أبي يعلى ج ١٠ ص ١٧ وكنز العمال ج ٥ ص ٧٥ و ١٩٣ وشرح معاني الآثار ج ٢ ص ٧٢.

(٥) مسند أحمد ج ٥ ص ٣٠٧ والسنن الكبرى للنسائي ج ٢ ص ١٥٢.

٢٤٩

٧ ـ عن أبي قتادة قال : صيام يوم عرفة يعدل السنة والتي تليها ، وصيام عاشوراء يعدل سنة (١).

٨ ـ وروي مرسلا : صيام كل يوم من أيام العشر كصيام شهر ، وصيام عرفة كصيام أربعة عشر شهرا (٢).

٩ ـ وعن ابن عباس ، عنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : من صام يوم عرفة كان له كفارة سنتين ، ومن صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثون يوما (٣).

١٠ ـ وروى البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، وابن ماجة وغيرهم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال لعبد الله بن عمرو : صم ثلاثة أيام من الشهر صوم الدهر كله (٤).

فهل يستطيع العجلوني والذهبي ، ومن ينسج على منوالهما أن يحكم بكذب هذه الروايات كلها وسواها مما يدخل في هذا السياق ، مع أن بعضها وارد في صحاحهم ، ولا يكاد يخلو منه كتاب حديث لهم يتعرض لثواب صيام الأيام ..

أم أن وراء الأكمة ما وراءها من التحامل على علي «عليه‌السلام» ،

__________________

(١) كنز العمال ج ٥ ص ٧٥ و ٧٦.

(٢) كنز العمال ج ٥ ص ٧٦.

(٣) مجمع الزوائد ج ٣ ص ١٩٠ والمعجم الصغير ج ٢ ص ٧١ والجامع الصغير ج ٢ ص ٦١٤ والعهود المحمدية ص ١٩١ وكنز العمال ج ٨ ص ٥٧٢ وفيض القدير ج ٦ ص ٢١٠.

(٤) مسند أحمد ج ٢ ص ١٨٩ وسنن النسائي ج ٤ ص ٢١٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ٢٩٩ والسنن الكبرى للنسائي ج ٢ ص ١٣١.

٢٥٠

والتشكيك في كل ما يؤيد إمامته ، ويدين ما جرى عليه وعلى زوجته فاطمة الزهراء «عليهما‌السلام» بعد وفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!

الإبتداع الغبي :

وقالوا عن سنة ٣٨٩ ه‍ : «وفيها أرادت الشيعة أن يصنعوا ما كانوا يصنعونه من الزينة يوم غدير خم ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ، فيما يزعمونه ، فقاتلهم جهلة آخرون من المنتسبين إلى السنّة ؛ فادعوا : أنّ في مثل هذا اليوم حصر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وأبو بكر في الغار ، فامتنعوا من ذلك» (١).

واستمر أهل السنّة يعملون هذا العيد المزعوم دهرا طويلا. وقد أظهروا فيه الزينة ، ونصب القباب ، وإيقاد النيران الخ .. (٢).

ونقول :

لا ندري لماذا قاتل جهلة السنّة الشيعة الذين يريدون إقامة شعائرهم؟

__________________

(١) راجع : البداية والنهاية ج ١١ ص ٣٢٥ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج ١١ ص ٣٧٣ وراجع : المنتظم ج ٧ ص ٢٠٦ ، وشذرات الذهب ج ٣ ص ١٣٠ ، والخطط المقريزية ج ١ ص ٣٨٩ ، والكامل في التاريخ ج ٩ ص ١٥٥ ، وذيل تجارب الأمم لأبي شجاع ج ٣ ص ٣٣٩ ـ ٣٤٠ ، ونهاية الإرب ج ١ ص ١٨٥.

(٢) راجع : البداية والنهاية ج ١١ ص ٣٢٥ ـ ٣٢٦ ، وشذرات الذهب ج ٣ ص ١٣٠ ، والمنتظم ج ٧ ص ٢٠٦ ، والكامل في التاريخ ج ٩ ص ١٥٥ ، وتاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة ٣٨٠ ـ ٤٠٠ ه‍) ص ٢٥ ، وعن تاريخ كزيده ص ١٤٨ ، وذيل تجارب الأمم للوزير أبي شجاع ج ٣ ص ٣٣٩ ـ ٣٤٠.

٢٥١

ولماذا لا يردعهم عقلاؤهم عن أعمال كهذه ، فيها تعدّ وظلم وبغي على الآخرين؟.

والأغرب من ذلك أن يبتدعوا عيدا جديدا لا يعترف لهم به علماؤهم ، وهم من الحنابلة المتشدّدين في أمور كهذه ، ويرونها بدعة ، وخروجا على حدود الشرع والدين!!.

ثمّ نجد هذا العيد يستمر إلى عشرات السنين ، دونما مانع أو رادع!!.

والذي يلفت النظر هو : أنّ المؤرّخين الذين هم على مذهب هؤلاء ، ينسبون ذلك إلى العوام ، ويتحاشون التعبير بكلمة (عيد) قدر الإمكان ؛ فيقولون مثلا : عمل عوام السنّة يوم سرور ، وكأنّ الأسماء تغيّر الواقع وتلغيه!!

ولكن الذي يضحك الثكلى هو : أن التاريخ الذي ألزم هؤلاء أنفسهم به ، وهو أن تكون هجرة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وحصره بالغار ، قد حصل في الثامن عشر من ذي الحجّة!!

فإن الأمة بأسرها مجمعة على أنّ الهجرة قد كانت في شهر ربيع الأوّل ، بلا شك ولا ريب في ذلك.

فكيف استمروا على ذلك عشرات السنين ، ولم يتنبّه علماؤهم إلى خطأ ذلك وفساده؟!.

وإن كانوا قد تنّبهوا إليه ، فلماذا سكتوا على ذلك ، ولم يردعوهم عنه؟ أخوف الفضيحة والعار؟!.

مصادر حديث الغدير :

أما مصادر هذا الحديث الشريف ، وهو نصب علي «عليه‌السلام»

٢٥٢

إماما ، وأخذ البيعة له من الناس في يوم الغدير ، فقد كفانا العلامة الأميني في كتابه «الغدير» مؤونة جمع مصادره ، فإنه قد أورد في كتابه هذا طائفة كبيرة من ذلك ، ولكنه لم يستطيع أن يستوعب أكثرها ، ويمكن الإستدراك عليه بأكثر مما جمعه ، خصوصا إذا استفيد من الأجهزة الآلية الحديثة التي جمعت قسما كبيرا من المؤلفات ، وستبقى مصادر هذا الحديث تتنامى وتزداد تبعا لتنامي رصيدا هذا الجهاز ، بما يضاف إليه من الكتب على امتداد الأيام ..

ولذلك فنحن نكتفي بإرجاع القارئ إلى كتاب الغدير ، ومن أراد المزيد فليراجع ما عداه من المصادر التي تعد بالمئات والآلاف بما في ذلك كتب الحديث ، واللغة ، والتاريخ ، والأدب وما إلى ذلك ..

حديث الغدير متواتر :

ولا شك في أن هذا الحديث متواتر أيضا عن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، رواه الجم الغفير عن الجم الغفير. والروايات الصحاح والحسان كثيرة فيه ، رغم أن تواتر الحديث يغني عن النظر في الأسانيد ، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا اطّلاع ولا بصيرة له في هذا العلم ، فقد ورد مرفوعا ـ كما قالوا ـ عن أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، والعباس بن عبد المطلب ، وزيد بن أرقم ، والبراء بن عازب ، وبريدة بن الحصيب ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عباس ، وحبشي بن جنادة ، وعبد الله بن مسعود ، وعمران بن حصين ، وعبد الله بن عمر ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وأسعد بن زرارة ، وخزيمة بن

٢٥٣

ثابت ، وأبي أيوب الأنصاري ، وسهل بن حنيف ، وحذيفة بن اليمان ، وسمرة بن جندب ، وزيد بن ثابت ، وأنس بن مالك وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم. وصحح عن جماعة منهم ممن يحصل القطع بخبرهم (١).

وقد أحصى العلامة الأميني رواية مائة وعشرة من الصحابة لهذا الحديث ، وربما يمكن إضافة عدد وافر منهم بالإستفادة من الجهاز الآلي (الكمبيوتر) ، تبعا لازدياد المصادر التي تضاف إلى ذاكرته.

وقال جمال الدين الحسيني الشيرازي : أصل هذا الحديث ـ سوى قصة الحارث (٢) ـ تواتر عن أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ، وهو متواتر عن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أيضا ، ورواه جمع كثير ، وجم غفير من الصحابة (٣).

وعن السيوطي أيضا : إنه حديث متواتر (٤).

وعده المقبلي أيضا في جملة الأحاديث المتواترة والمفيدة للعلم (٥).

__________________

(١) الغدير ج ١ ص ٢٩٨ و ٢٩٩ وأسنى المطالب ص ٤٧ و ٤٨ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٩٠ وشرح إحقاق الحق ج ٢١ ص ١٠٣.

(٢) أي التي نزلت آيات سورة المعارج بسببها.

(٣) الغدير ج ١ ص ٣٠١ و ٣٠٢ عن الأربعين للشيرازي ، وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٩٨ وج ٨ ص ٢٦١ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٢٩٤.

(٤) فيض القدير ج ٦ ص ٢١٨ وقطف الزهار ص ٢٧٧ والبيان والتعريف ج ٣ ص ٧٥ و ٢٣٣ والغدير ج ١ ص ٣٠٠ و ٣٠٨ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٦ ص ٢٩١.

(٥) الغدير ج ١ ص ٣٠٦ عن كتاب الأبحاث المسددة في الفنون المتعددة ، وعن هداية العقول إلى غاية السؤول ج ٢ ص ٣٠ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ٢١٣.

٢٥٤

وقال محمد الصنعاني : حديث الغدير متواتر عند أكثر أئمة الحديث (١).

وعده العمادي الحنفي من المتواترات (٢).

وراجع كتاب تشنيف الآذان ص ٧٧ ، فإنه حكم بتواتره وذكر طائفة من طرقه أيضا.

وقد أشار العلامة الأميني إلى طائفة من المؤلفات في حديث الغدير بلغت ستة وعشرين مؤلفا.

كما أن للعلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي «رحمه‌الله» كتابا بعنوان : «الغدير في التراث الإسلامي» صدر عن دار المؤرخ العربي في بيروت سنة ١٤١٤ ه‍. أشار فيه إلى ما لم يذكره العلامة الأميني «رحمه‌الله».

وقد حكي عن الجويني الملقب بإمام الحرمين ، أستاذ الغزالي : أنه كان يتعجب ويقول : «رأيت مجلدا في بغداد في يد صحاف فيه روايات خبر غدير خم ، مكتوبا عليه : المجلدة الثامنة والعشرون من طرق قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «من كنت مولاه فعلي مولاه» ، ويتلوه المجلدة التاسعة والعشرون» (٣).

وقال الذهبي : رأيت مجلدا من طرق الحديث لابن جرير ، فاندهشت

__________________

(١) الروضة الندية ص ١٥٤ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ٢١٨ والغدير ج ١ ص ٣٠٧ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٢٩٦.

(٢) الصلات الفاخرة ص ٤٩ والغدير ج ١ ص ٣١٠.

(٣) البحار ج ٣٧ ص ٢٣٦ والغدير ج ١ ص ١٥٨ ومستدرك سفينة البحار ج ٧ ص ٥٤٥ وقاموس الرجال ج ١١ ص ٥١٧ ونهج الإيمان لابن جبر ص ١٣٤ وينابيع المودة ج ١ ص ١١٣ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٦ ص ٢٩٢.

٢٥٥

له ، ولكثرة تلك الطرق (١).

أغرب وأعجب ما قرأت!! :

ومن غرائب الأمور ما نقرأه عن الفخر الرازي ، الذي يعترف له كل أحد بالفضل ينساق وراء أهوائه ، وينقاد لعصبيته وأحقاده ، فيقول : «ظفرت بأربعمائة طريق إلى حديث الغدير ، ومع ذلك لم يؤثر صحته في قلبي» (٢).

ونحن لا نريد التعليق على هذا الإعتراف البالغ الخطورة ، بل نكل ذلك إلى ضمير القارئ ووجدانه الحي ، ليعرف مع من نتعامل ، وبمن ابتلي علي أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ، وإذا كان هذا حال الخلف ، فليت شعري كيف كان حال السلف معه صلوات الله وسلامه عليه. علما بأن الرازي يتهم بالتشيع أيضا!!!

المنكرون والمشككون :

ولأجل ما قدمناه فلا يلتفت إلى من حاول الطعن العشوائي ، والأهوائي

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ج ٢ ص ٧١٣ ومشكل الآثار ج ٢ ص ٣٠٨ والصواعق المحرقة ص ٤٢ و ٤٣ والمعتصر من المختصر ج ٢ ص ٣٠١ والمرقاة في شرح المشكاة ج ١٠ ص ٤٧٦ والمسترشد للطبري (الشيعي) ص ٤٣ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ٢١٩ والغدير ج ١ ص ١٥٢ و ٣٠٧ والإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» لأحمد الرحماني ص ٨٠٨ وفتح الملك العلي لابن الصديق المغربي ص ١٥.

(٢) رسالة في الإمامة للشيخ عباس ـ نجل الشيخ حسن صاحب كتاب أنوار الفقاهة ـ ص ٩٨.

٢٥٦

في حديث الغدير ، حتى لقد زعم التفتازاني : أن أكثر الذين تنسب إليهم رواية حديث الغدير لم يرووه على الحقيقة (١).

وهو كلام تحكمي ليس له ما يبرره من الناحية العلمية.

وزعم ابن تيمية (٢) : أنه لا ريب في كذب هذا الحديث.

وآخر طعن في حديث الغدير واعترف بصحة الدعاء ، وقال : لم يخرّج غير أحمد إلا الجزء الأخير من قوله : «اللهم وال من والاه الخ ..» (٣).

مع أن أدنى مراجعة للمصادر تظهر زيف هذا الإدعاء ..

وثمة من يقول : «لم يروه علماؤنا» (٤).

أو : لا يصح من طريق الثقات (٥).

أو قال : لم يذكره الثقات من المحدثين (٦).

وآخر يزعم : أنه لم يخرجه إلا أحمد في مسنده (٧).

وكل ذلك تحكم جائر ، وتمحل غبي ، يظهر عواره للعيان ، حتى للعيان من الصبيان ، فضلا عن العوران والحولان ..

__________________

(١) شرح المقاصد ج ٥ ص ٢٧٤.

(٢) منهاج السنة ج ٤ ص ٨٥.

(٣) الغدير ج ١ ص ٣١٥ عن نجاة المؤمنين لمحمد محسن الكشميري.

(٤) الغدير ج ١ ص ٣١٥ عن ابن حزم في المفاضلة بين الصحابة.

(٥) الغدير ج ١ ص ٣١٥ والفصل في الملل والهواء والنحل ج ٤ ص ١٤٨ وعنه في منهاج السنة ج ٤ ص ٨٦.

(٦) الغدير ج ١ ص ٣١٦ عن السهام الثاقبة لسبط ميرزا مخدوم بن عبد الباقي.

(٧) الغدير ج ١ ص ٣١٥ عن نجاة المؤمنين لمحمد محسن الكشميري.

٢٥٧

وقد شحن العلامة الأميني «رحمه‌الله» كتابه الغدير بالنصوص المتضمنة لكثير من تأكيدات كبار علماء أهل السنة على صحة أو تواتر حديث الغدير بجميع فصوله ونصوصه. فراجع الجزء الأول منه ..

نظرة في تواتر حديث الغدير :

نعود إلى التذكير والتأكيد على أن العلامة الأميني «رحمه‌الله» قد أحصى في كتابه النفيس «الغدير» مائة وعشرة من الصحابة رووا حديث الغدير ، ورواه من التابعين أكثر من هذا العدد ،

كما أن السيد عبد العزيز الطباطبائي قد أضاف بعضا آخر إلى من روى حديث الغدير من الصحابة. فراجع كتابه : «على ضفاف الغدير».

ورواية هذا الجم الغفير قد جاءت على الرغم من محاربة الحكام الشرسة لكل من يتفوه بكلمة حول هذا الموضوع ، الذي يرون أن روايته من أخطر الأمور عليهم وعلى مستقبلهم ، وكل وجودهم.

ولذلك فهم لا يتورعون عن إلحاق أي من أنواع الأذى إلى من يرويه ، وبتشويه سمعته ، واضطهاده وملاحقته بشراسة وقسوة للتخلص منه ، بأي نحو كان.

على أن هناك طائفة كبيرة من الناس قد صدتها الأحقاد والضغائن عن رواية هذا الحديث.

قال ابن قتيبة الدينوري عن تعصب أهل السنة على علي «عليه‌السلام» :

«وتحامى كثير من المحدثين أن يحدثوا بفضائله «كرم الله وجهه» ، أو يظهروا ما يجب له .. وأهملوا من ذكره ، أو روى حديثا من فضائله ، حتى

٢٥٨

تحامى كثير من المحدثين ثوابها ، وعنوا بجمع فضائل عمرو بن العاص ، ومعاوية!! كأنهم لا يريدونهما بذلك. بل يريدونه.

فإن قال قائل : أخو رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» علي ، وأبو سبطيه الحسن والحسين ، وأصحاب الكساء : علي ، وفاطمة ، والحسن والحسين ، تمعّرت الوجوه ، وتنكرت العيون ، وطرّت حسائك الصدور.

وإن ذكر ذاكر قول النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «من كنت مولاه فعلي مولاه» ، و «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» واشباه هذا التمسوا لتلك الأحاديث المخارج ليتنقصوه ويبخسوه حقه». انتهى (١).

ثم إن أكثر من حضر يوم الغدير كان من أعراب البوادي ، الذين ذهبوا وذهب ما عندهم ، ولم ينقل شيء عنهم إلى غيرهم إلا ما شذ.

ولنا أن نقول :

إن تواتر هذا الأمر الذي يحاربه الأكثرون ، ويعاقب من يرويه بأشد ما يكون. لا يحتاج إلى كل هذا العدد الهائل ، بل يكفي لإثباته ، وظهور تواتره خمس هذا العدد ، أو أقل من ذلك ، ما دام أن الراوي له إنما يحمل دمه على كفه ، ويخاطر بروحه ونفسه ، ويسير إلى حتفه بظلفه ..

طرق حديث الغدير :

قال العلامة الأميني «رحمه‌الله» : «رواه أحمد بن حنبل من أربعين

__________________

(١) الإختلاف في اللفظ (ط دار القدسي بمصر سنة ١٣٤٩ ه‍) ص ٤٧ وفتح الملك العلي لأحمد بن الصديق المغربي ص ١٥٤ ودفع الإرتياب عن حديث الباب لعلي بن محمد العلوي ص ٣٣.

٢٥٩

طريقا ، وابن جرير الطبري من نيف وسبعين طريقا ، والجزري المقري من ثمانين طريقا ، وابن عقدة من مائة وخمس طرق ، وأبو سعيد السجستاني من مائة وعشرين طريقا ، وأبو بكر الجعابي من مائة وخمس وعشرين طريقا ، وفي تعليق هداية العقول ج ٢ ص ٣٠ عن الأمير محمد اليمني (أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر) : إن له مائة وخمسين طريقا» (١). وكذا في طبق الحلوى ، عن السيد محمد إبراهيم.

وأنهاها أبو العلاء العطار إلى مائتين وخمسين طريقا (٢).

وجمع الدارقطني الحافظ طرقه في جزء (٣).

وجمع الحافظ ابن عقدة الكوفي كتابا مفردا فيه الخ .. (٤). عن سبعين صحابيا وأكثر (٥).

__________________

(١) الغدير ج ١ هامش ص ١٤ وذكر تفاصيل ذلك ص ١٥٢ ـ ١٥٨.

(٢) الغدير ج ١ هامش ص ٣٠٢ و ١٥٨ عن القول الفصل ج ١ ص ٤٤٥ للعلوي الهدار الحداد ، ونهج الإيمان لابن جبر ص ١٣٣ وشرح إحقاق الحق ج ٩ ص ٦٧٨.

(٣) الغدير ج ١ ص ١٥٤ و ٢٩٧ والفصول المهمة في معرفة الأئمة لابن الصباغ ج ١ ص ٥٠ عن كفاية الطالب ص ٦٠.

(٤) كفاية الطالب ص ٥٩ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٠٢ والغدير ج ١ ص ٢٩٧ وكتاب الولاية لابن عقدة الكوفي ص ١٣٩.

(٥) تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٣٩ و (ط دار الفكر للطباعة) ج ٧ ص ٢٩٨ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٩٣ والغدير ج ١ ص ١٥٣ و ٢٩٩ وكتاب الولاية لابن عقدة الكوفي ص ١٤٠ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٢٨٩.

٢٦٠