الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣١

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣١

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-203-x
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٦

غدير خم لتبرئة علي عليه‌السلام :

قال ابن كثير : «فصل في إيراد الحديث الدال على أنه «عليه‌السلام» خطب بمكان بين مكة والمدينة ، مرجعه من حجة الوداع ، قريب من الجحفة ـ يقال له غدير خم ـ فبين فيها فضل علي بن أبي طالب ، وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن ، بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا ، وتضييقا وبخلا ، والصواب كان معه في ذلك.

ولهذا لما تفرغ «عليه‌السلام» من بيان المناسك ، ورجع إلى المدينة بين ذلك في أثناء الطريق. فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ ، وكان يوم الأحد بغدير خم ، تحت شجرة هناك ، فبين فيها أشياء. وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه» (١).

إلى أن قال : «قال محمد بن إسحاق ـ في سياق حجة الوداع ـ : حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن يزيد بن طلحة بن يزيد

__________________

(١) البداية والنهاية ج ٥ ص ٢٢٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٤١٤.

٢٢١

بن ركانة ، قال : لما أقبل علي من اليمن ، ليلقى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمكة ، تعجل إلى رسول الله ، واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه ، فعمد ذلك الرجل ، فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي.

فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم ، فإذا عليهم الحلل ، قال : ويلك! ما هذا؟

قال : كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس.

قال : ويلك! انزع قبل أن تنتهي به إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

قال : فانتزع الحلل من الناس ، فردها في البز.

قال : وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم (١).

ثم روى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قال : اشتكى الناس عليا ، فقام رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فينا خطيبا ، فسمعته يقول : «أيها الناس لا تشكوا عليا ، فوالله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله من أن يشكى» (٢).

__________________

(١) والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٢٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٤١٥ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٦٠٣ و (ونشر مكتبة محمد علي صبيح) ج ٤ ص ١٠٢١ والبحار ج ٤١ ص ١١٥ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٤٠٢ والمناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ٣٧٧ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٩ ص ٣٠٤ وتفسير الآلوسي ج ٦ ص ١٩٤.

(٢) والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٢٨ وج ٧ ص ٣٨١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٤١٥ وتفسير الآلوسي ج ٦ ص ١٩٤ ومسند أحمد ج ٣ ص ٨٦ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٢٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٦٠٣ و (ونشر مكتبة

٢٢٢

ونقول :

إن ما زعمه ابن كثير ، ليس له أية قيمة علمية ، فإنه مجرد اجتهاد منه في مقابل النصوص التي صرحت : بأن ما فعله رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إنما هو نصب منه ، بل من الله لعلي «عليه‌السلام» لمقام بعينه ، وكلمات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في يوم الغدير صريحة في ذلك ..

ونزول آية كمال الدين في مناسبة الغدير كما ورد في النصوص ، يبطل هذا الإجتهاد الذي أتحفنا به ابن كثير ..

وحتى لو كانت آية الإكمال قد نزلت يوم عرفة ، فإنها قد دلت على أنه لم يكن إكمال الدين بإضافة أمر جديد ، إذ لم نجد في الآية الشريفة المذكورة إلا التأكيد على أحكام سبق تشريعها في آيات أخرى.

فالجديد إذن هو ولاية علي «عليه‌السلام» ، وقد حاول أن يبلغها يوم عرفة ، فمنعته قريش ، والطامعون في الأمر بعد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله». فأنزل الله عليه العصمة من الناس ، وأمره بالتبليغ مرة أخرى في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (١).

فجمع الناس في غدير خم ، وأبلغهم ولاية علي «عليه‌السلام» ، ثم نزل

__________________

محمد علي صبيح) ج ٤ ص ١٠٢٢ وينابيع المودة ج ٢ ص ٣٩٨ والإستيعاب (ط دار الجيل) ج ٤ ص ١٨٥٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ١٩٩ وتهذيب الكمال ج ٣٥ ص ١٨٧ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٤ ص ٢٤٠ و ٢٣٤ و ٤٤٠ و ٤٤١ و ٤٤٢ وج ٢٠ ص ٣٠٠ و ٣٠٢ وج ٢٣ ص ٦٠٦ وج ٣١ ص ٤٨.

(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.

٢٢٣

جبرئيل عليه يأمره بقراءة آية إكمال الدين وإتمام النعمة عليهم ، ففعل «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وإن نفس اعتبار هذا الأمر الذي أمر بإبلاغه موازيا للرسالة كلها ، يكفي لدحض ما زعمه ابن كثير ..

وسيأتي إن شاء الله المزيد مما يدل على سقوط اجتهاد هذا الرجل ..

بل ما رواه ابن إسحاق أخيرا من خطبة للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في حق علي «عليه‌السلام» يشير إلى أنها خطبة أخرى لا ربط لها بما جرى في الغدير. ولكن ابن كثير اجتهد في تطبيق هذه على تلك .. ولم يكن موفقا في ذلك أبدا .. كما سنرى.

يوم الغدير يوم الله الأكبر :

إن ما جرى في يوم الغدير قد جعل هذا اليوم من أكثر الأيام حساسية وأهمية للإسلام ولأهله. وقد أصبح هذا اليوم عيدا لدى طائفة كبيرة من المسلمين المؤمنين. واعتبرته طائفة أخرى يوم بلاء وعناء ، تتعامل مع كل ما يجري فيه بالحقد والضغينة ، والشنآن.

بل قد يبلغ الأمر ببعض هؤلاء حد استحلال دماء من يظهر الفرح في هذا اليوم ، فكانوا وما زالوا يرتكبون أعظم المجازر في حقهم. وأحداث التاريخ تشهد على ما نقول كما ربما يمر معنا.

ومن جهة أخرى ، فإن هذا اليوم قد حظي بعناية بالغة ، من حيث البحث والتقصي لما قيل فيه وجرى ، ومن نقل وروى .. فألفت الكتب الكثيرة ، وكتبت البحوث الغزيرة منذ عهود الإسلام الأولى ، وإلى يومنا هذا.

٢٢٤

ونحن لا نريد استقصاء ذلك كله ، بل نريد عرض ما جرى ، مع مراعاة الإختصار الشديد ، وتوخي الوضوح الأكيد ، وربما نتناول بعض الجوانب التي نرى أن تناولها راجح ومفيد.

غير أننا نود أن نعلم القارئ بأننا سوف نكثر من الإحالة على كتاب الغدير للعلامة الأميني ، فإنه من أجلّ الكتب وأكثرها استيفاء للنصوص والمصادر.

خلاصة ما جرى يوم الغدير :

ونبدأ بذكر ملخص لما جرى وفق ما أورده صاحب كتاب الغدير في أول كتابه كما يلي :

قال «رحمه‌الله» :

«فلما قضى مناسكه ، وانصرف راجعا إلى المدينة ، ومعه من كان من الجموع المذكورات ، وصل إلى غدير خم من الجحفة التي تتشعب فيها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين ، وذلك يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة ، نزل إليه جبرئيل الأمين عن الله بقوله : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (١). وأمره أن يقيم عليا علما للناس ، ويبلغهم ما نزل فيه من الولاية ، وفرض الطاعة على كل أحد.

وكان أوائل القوم قريبا من الجحفة ، فأمر رسول الله «صلى الله عليه

__________________

(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.

٢٢٥

وآله» أن يرد من تقدم منهم ، ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان ، ونهى عن سمرات خمس متقاربات ، دوحات عظام ، أن لا ينزل تحتهن أحد ، حتى إذا أخذ القوم منازلهم ، فقمّ ما تحتهن.

حتى إذا نودي بالصلاة ـ صلاة الظهر ـ عمد إليهن فصلى بالناس تحتهن ، وكان يوما هاجرا يضع الرجل بعض رداءه على رأسه ، وبعضه تحت قدميه ، من شدة الرمضاء ، وظلّل لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بثوب على شجرة سمرة من الشمس.

فلما انصرف «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من صلاته ، قام خطيبا وسط القوم (١)

__________________

(١) راجع : الغدير ج ١ ص ٢١٠ ـ ٢٢٣ وقد صرح بنزول الآية في هذه المناسبة كثيرون ، فراجع ما عن المصادر التالية : ابن جرير الطبري في كتاب الولاية في طرق حديث الغدير كما في ضياء العالمين ، والدر المنثور ج ٢ ص ٢٩٨ وفتح القدير ج ٢ ص ٥٧ و ٦٠ عن ابن أبي حاتم ، وكنز العمال ج ١١ ص ٦٠٣ وعن أبي بكر الشيرازي وابن مردويه ، وكشف الغمة للأربلي ص ٣٢٤ و ٣٢٥ وعن تفسير الثعلبي ، والعمدة لابن البطريق ص ١٠٠ والطرائف لابن طاووس ج ١ ص ١٥٢ و ١٢١ ومجمع البيان ج ٣ ص ٣٤٤ والمناقب لابن شهرآشوب ج ٣ ص ٢٩ وأبي نعيم في كتابه ما نزل من القرآن في علي «عليه‌السلام» ص ٨٦ وخصائص الوحي المبين ص ٥٣ وأسباب النزول ص ١٣٥ وشواهد التنزيل ج ١ ص ٢٥٥ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٢ ص ٢٣٧ والتفسير الكبير للرازي ج ١٢ ص ٤٩ ومفتاح النجا في مناقب آل العبا ص ٣٤ ومودة القربى (المودة الخامسة) وفرائد السمطين ج ١ ص ١٥٨ والفصول المهمة لابن الصباغ ص ٤٢ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٢٠٦ وغرائب القرآن للنيسابوري ج ٦ ص ١٧٠ وشرح ديوان أمير المؤمنين للميبذي ص ٤٠٦ وعن أبي الشيخ ، وابن أبي حاتم ، وعبد بن

٢٢٦

على أقتاب الإبل ، وأسمع الجميع رافعا عقيرته (١) ، فقال :

«الحمد لله ونستعينه ونؤمن به ، ونتوكل عليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، الذي لا هادي لمن أضل ، ولا مضل لمن هدى ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد .. أيها الناس ، قد نبأني اللطيف الخبير : أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله ، وإني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني مسؤول ، وأنتم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون؟

قالوا : نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت ، فجزاك الله خيرا.

قال : ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن جنته حق ، وناره حق ، وأن الموت حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور؟

قالوا : بلى نشهد بذلك.

قال : اللهم اشهد.

ثم قال : أيها الناس ألا تسمعون؟

__________________

حميد ، وابن مردويه ، وثمار القلوب للثعالبي ص ٦٣٦ وراجع : روح المعاني ج ٦ ص ١٩٢ وينابيع المودة ج ١ ص ١١٩ وراجع : تفسير المنار ج ٦ ص ٤٦٣ والبحار ج ٣٧ ص ١١٥ وتفسير نور الثقلين ج ١ ص ٦٥٧ وإعلام الورى ج ١ ص ٢٦١ وقصص الأنبياء للراوندي ص ٣٥٣ وكشف اليقين ص ٢٤٠ وتفسير القمي ج ١ ص ١٧٣ والتفسير الصافي ج ٢ ص ٦٩.

(١) راجع : الغدير ج ١ ص ١٠ وراجع : البحار ج ٣٧ ص ١٦٦ ومستدرك سفينة البحار ج ٧ ص ٥٤٤.

٢٢٧

قالوا : نعم.

قال : فإني فرط على الحوض ، وأنتم واردون علي الحوض ، وإن عرضه ما بين صنعاء وبصرى (١) ، فيه أقداح عدد النجوم من فضة ، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين (٢).

فنادى مناد : وما الثقلان يا رسول الله؟

قال : الثقل الأكبر كتاب الله ، طرف بيد الله عزوجل ، وطرف بأيديكم ، فتمسكوا به لا تضلوا ، والآخر الأصغر عترتي ، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ، فسألت ذلك لهما ربي ، فلا تقدّموهما فتهلكوا ، ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا.

ثم أخذ بيد علي فرفعها حتى رؤي بياض آباطهما ، وعرفه القوم أجمعون ، فقال : أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟

قالوا : الله ورسوله أعلم.

قال : إن الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، يقولها ثلاث مرات ـ وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة :

أربع مرات ـ ثم قال : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب.

ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ

__________________

(١) صنعاء : عاصمة اليمن اليوم. وبصارى : قصبة كورة حوران من أعمال دمشق.

(٢) الثقل ، بفتح المثلاثة والمثناة : كل شيء خطير نفيس.

٢٢٨

دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) الآية (١)» (٢).

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : الله أكبر على إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتي ، والولاية لعلي من بعدي.

ثم طفق القوم يهنئون أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

وممن هنأه في مقدم الصحابة : الشيخان أبو بكر وعمر ، كلّ يقول : بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.

__________________

(١) الآية ٣ من سورة المائدة.

(٢) وقد روي نزول الآية في يوم الغدير في المصادر التالية : الغدير ج ١ ص ١١ و ٢٣٠ ـ ٢٣٧ و ٢٩٦ وروى ذلك الطبري في كتاب الولاية في طرق حديث الغدير ، كما في ضياء العالمين. وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ١٤ عن ابن مردويه ، والدر المنثور ج ٢ ص ٢٥٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٢ ص ٢٣٧ والإتقان ج ١ ص ٣١ وكشف الغمة ج ١ ص ٣٣٠ وعن مفتاح النجا ، وعن الفرقة الناجية وما نزل من القرآن في علي «عليه‌السلام» لأبي نعيم ص ٥٦ وكتاب سليم بن قيس ج ٢ ص ٨٢٨ وتاريخ بغداد ج ٨ ص ٢٩٠ ومناقب الإمام علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ١٨ والعمدة لابن البطريق ص ١٠٦ وشواهد التنزيل للحسكاني ج ١ ص ٢٠١ والمناقب للخوارزمي ص ١٣٥ و ١٥٦ وفرائد السمطين ج ١ ص ٧٤ و ٧٢ وعن النطنزي في كتابه الخصائص العلوية ، وتوضيح الدلائل للصالحاني ، وتذكرة الخواص ص ٣٠ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢١٠. وراجع : البحار ج ٢١ ص ٣٩٠ وج ٣٧ ص ١٣٤ و ١٦٦ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٨ ص ٣٠١ ومستدرك سفينة البحار ج ٧ ص ٥٤٤ وإعلام الورى ج ١ ص ٢٦١ ـ ٣٦٣ قصص الأنبياء للراوندي ص ٣٥٣ ـ ٣٥٤ وتنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين لابن كرامة ص ٢٠ وكشف اليقين ص ٢٥٣.

٢٢٩

وقال ابن عباس : وجبت والله في أعناق القوم (١).

الخطبة برواية الطبري :

وعن زيد بن أرقم : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خطب في يوم الغدير خطبة بالغة ، ثم قال : إن الله تعالى أنزل إلىّ : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (٢) ، وقد أمرني جبرئيل عن ربي أن أقوم في هذا المشهد ، وأعلم كل أبيض وأسود : أن علي بن أبي طالب أخي ، ووصيي ، وخليفتي ، والإمام بعدي.

فسألت جبرئيل أن يستعفي لي ربي ، لعلمي بقلة المتقين ، وكثرة المؤذين لي ، واللائمين لكثرة ملازمتي لعلي ، وشدة إقبالي عليه ، حتى سموني أذنا ، فقال تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) (٣). ولو شئت أن أسميهم وأدل عليهم لفعلت ، ولكني بسترهم قد تكرمت.

فلم يرض الله إلا بتبليغي فيه. فاعلموا معاشر الناس ذلك ، فإن الله قد نصبه لكم وليا وإماما ، وفرض طاعته على كل أحد ، ماض حكمه ، جائز

__________________

(١) الغدير ج ١ ص ١٠ و ١١. وراجع : العمدة لابن البطريق ص ١٠٤ ـ ١٠٦ والبحار ج ٣٧ ص ١٨٤ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٣٢ وج ٨ ص ١٢٢ عن المناقب لابن المغازلي ١٦ ـ ١٨ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ ج ٢ ص ٢٥٥ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٦ ص ٣٤١ و ٣٤٢ عن ابن المغازلي.

(٢) الآية ٦٧ من سورة المائدة.

(٣) الآية ٦٧ من سورة المائدة.

٢٣٠

قوله ، ملعون من خالفه ، مرحوم من صدقه ، اسمعوا وأطيعوا ، فإن الله مولاكم ، وعلي إمامكم.

ثم الإمامة في ولدي من صلبه إلى القيامة ، لا حلال إلا ما أحله الله ورسوله ، ولا حرام إلا ما حرم الله ورسوله وهم.

فما من علم إلا وقد أحصاه الله فيّ ، ونقلته إليه ؛ فلا تضلوا عنه ، ولا تستنكفوا منه ، فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به ، لن يتوب الله على أحد أنكره ، ولن يغفر له ، حتما على الله أن يفعل ذلك ، أن يعذبه عذابا نكرا أبد الآبدين.

فهو أفضل الناس بعدي ، ما نزل الرزق ، وبقي الخلق ، ملعون من خالفه ، قولي عن جبرئيل عن الله ، فلتنظر نفس ما قدمت لغد.

إفهموا محكم القرآن ، ولا تتبعوا متشابهه ، ولن يفسر ذلك لكم إلا من أنا آخذ بيده ، وشائل بعضده ، ومعلمكم : أن من كنت مولاه فهذا (فعلي) مولاه ، وموالاته من الله عزوجل أنزلها عليّ.

ألا وقد أديت ، ألا وقد بلغت ، ألا وقد أسمعت ، ألا وقد أوضحت ، لا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره.

ثم رفعه إلى السماء حتى صارت رجله مع ركبة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وقال :

معاشر الناس! هذا أخي ، ووصيي ، وواعي علمي ، وخليفتي على من آمن بي ، وعلى تفسير كتاب ربي.

وفي رواية : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، والعن من أنكره ، وأغضب على من جحد حقه.

اللهم إنك أنزلت عند تبيين ذلك في علي : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ

٢٣١

دِينَكُمْ) (١) بإمامته ، فمن لم يأتم به ، وبمن كان من ولدي من صلبه إلى القيامة ، فأولئك حبطت أعمالهم ، وفي النار هم خالدون.

إن إبليس أخرج آدم «عليه‌السلام» من الجنة ، مع كونه صفوة الله ، بالحسد (٢) ، فلا تحسدوا فتحبط أعمالكم ، وتزل أقدامكم.

في علي نزلت سورة (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (٣).

معاشر الناس! آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل معه (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ) (٤). النور من الله فيّ ، ثم في عليّ ، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي.

معاشر الناس! سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار ، ويوم القيامة لا ينصرون ، وإن الله وأنا بريئان منهم ، إنهم وأنصارهم وأتباعهم في الدرك الأسفل من النار. وسيجعلونها ملكا اغتصابا ، فعندها يفرغ لكم أيها الثقلان و (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ) (٥)» (٦).

__________________

(١) الآية ٣ من سورة المائدة.

(٢) لنا كتاب مستقل حول هذا الموضوع أسميناه «براءة آدم» ، فلا بأس بالرجوع إليه في هذا الموضوع.

(٣) الآيتان ١ و ٢ من سورة العصر.

(٤) الآية ٤٧ من سورة النساء.

(٥) الآية ٣٥ من سورة الرحمن.

(٦) الغدير للعلامة الأميني ج ١ ص ٢١٥ و ٢١٦ عن ضياء العالمين للفتوني عن كتاب الولاية للطبري.

وراجع : كتاب الإحتجاج ج ١ ص ١٣٣ ـ ١٦٢ والتحصين لابن طاووس ص ٥٧٩

٢٣٢

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يعلمهم التهنئة والبيعة :

وتذكر الروايات أيضا : أنه قال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» :

«معاشر الناس! قولوا أعطيناك على ذلك عهدا من أنفسنا ، وميثاقا بألسنتنا ، وصفقة بأيدينا ، نؤديه إلى من رأينا من أولادنا وأهالينا ، لا نبغي بذلك بدلا ، وأنت شهيد علينا ، وكفى بالله شهيدا.

قولوا ما قلت لكم ، وسلموا على عليّ بإمرة المؤمنين ، وقولوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) (١) ، فإن الله يعلم كل صوت ، وخائنة كل عين ، (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (٢). قولوا ما يرضي الله عنكم ، ف (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) (٣)» (٤).

__________________

٥٩٠ ونهج الإيمان لابن جبر ص ٩١ ـ ١١٢ والعدد القوية للحلي ص ١٦٩ ـ ١٨٣ والتفسير الصافي ج ٢ ص ٥٦ ـ ٦٧ وفيها زيادات هامة ، والبحار ج ٣٧ ص ٢٠١ ـ ٢١٩ وروضة الواعظين ص ١٠٠ ـ ١١٣ و (ط منشورات الشريف المرتضى) ص ٩١ ـ ٩٩ وغاية المرام ج ١ ص ٤٠٢ ـ ٤١٩ وراجع : الصراط المستقيم ج ١ ص ٣٠١ ـ ٣٠٤.

(١) الآية ٤٣ من سورة الأعراف.

(٢) الآية ١٠ من سورة الفتح.

(٣) الآية ٧ من سورة الزمر.

(٤) الغدير للعلامة الأميني ج ١ ص ٥٠٨ و ٥٠٩ و (ط دار الكتاب العربي) ص ٢٧٠ عن الطبري في كتاب الولاية ، وعن الخليلي في مناقب علي بن أبي طالب. وعن كتاب النشر والطي. وراجع : الصراط المستقيم ج ١ ص ٣٠٣ والبحار ج ٣٧ ص ٢١٧.

٢٣٣

قال زيد بن أرقم : فعند ذلك بادر الناس بقولهم : نعم ، سمعنا وأطعنا لما أمرنا الله ورسوله ، بقلوبنا ، وأنفسنا ، وألسنتنا ، وجميع جوارحنا.

ثم انكبوا على رسول الله ، وعلى عليّ بأيديهم

وكان أول من صافق رسول الله أبو بكر وعمر ، وطلحة والزبير ، ثم باقي المهاجرين [والأنصار وباقي] الناس على طبقاتهم ، ومقدار منازلهم ، إلى أن صليت الظهر والعصر في وقت واحد ، والمغرب والعشاء الآخرة في وقت واحد ، ولم يزالوا يتواصلون البيعة والمصافقة ثلاثا ، ورسول الله كلما بايعه فوج بعد فوج يقول : «الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين».

وصارت المصافقة سنة ورسما ، واستعملها من ليس له حق فيها (١).

ثم جلس رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في خيمة تختص به ، وأمر أمير المؤمنين عليا «عليه‌السلام» أن يجلس في خيمة أخرى ، وأمر أطباق الناس بأن يهنئوا عليا في خيمته.

ولما فرغ الناس عن التهنئة له أمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمهات المؤمنين بأن يسرن إليه ويهنئنه ، ففعلن.

وممن هنأه من الصحابة : عمر بن الخطاب ، فقال : هنيئا لك (أو بخ بخ

__________________

(١) الغدير للعلامة الأميني ج ١ ص ٥٠٨ و ٥٠٩ و (ط دار الكتاب العربي) ص ٢٧٠ وعن الطبري في كتاب الولاية ، وعن الخليلي في مناقب علي بن أبي طالب. وعن كتاب النشر والطي. وراجع : الصراط المستقيم ج ١ ص ٣٠٣ والإحتجاج ج ١ ص ٨٤ واليقين لابن طاووس ص ٣٦٠ والبحار ج ٣٧ ص ٢١٧ والتفسير الصافي ج ٢ ص ٦٧ ونهج الإيمان لابن جبر ص ١١٢ والعدد القوية للحلي ص ١١٨٣.

٢٣٤

لك) يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى جميع المؤمنين والمؤمنات (١).

وفي نص آخر : قال أبو بكر وعمر : أمسيت يابن أبي طالب مولى كل

__________________

(١) راجع : تاريخ روضة الصفا لابن خاوند شاه ج ٢ ص ٥٤١ وحبيب السير ج ١ ص ٤١١. وحول تهنئة عمر له راجع : المصنف لابن أبي شيبة ج ١٢ ص ٧٨ ومسند أحمد ج ٤ ص ٢٨١ وجامع البيان ج ٣ ص ٤٢٨ والغدير ج ١ ص ٢٧٣ و ٢٧٤ عن الحسن بن سفيان الشيباني النسوي وعن شرف المصطفى للخركوشي ، وابن مردويه ، وعن الكشف والبيان ، وعن العاصمي في زين الفتى ، وعن فضائل الصحابة للسمعاني ، والمناقب لابن الجوزي والخصائص العلوية للنطنزي ، وعن مودة القربى ، وعن الصراط السوي للقادري ، وعن السهارنپوري ، وعن ولي الله الدلهوي ، وعن مفتاح النجا ومعارج العلى ، وعن تفسير شاهي والرياض النضرة ج ٣ ص ١١٣ وعن حياة علي بن أبي طالب للشنقيطي ص ٢٨ ونظم درر السمطين ص ١٠٩ والفصول المهمة لابن الصباغ ص ٤٠ ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ١٨ وسر العالمين ص ٢١ والملل والنحل ج ١ ص ١٤٥ والمناقب للخوارزمي ص ٩٤ والتفسير الكبير ج ١٢ ص ٤٩ والنهاية في اللغة ج ٥ ص ٢٢٨ وعن أسد الغابة ج ٤ ص ١٠٨ وتذكرة الخواص ص ٢٩ ووسيلة المتعبدين ج ٥ ق ٢ ص ١٦٢ وفرائد السمطين ج ١ ص ٧٧ ومشكاة المصابيح ج ٣ ص ٣٦٠ وبديع المعاني ص ٧٥ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٠٩ و ٢١٠ والخطط للمقريزي ج ١ ص ٣٨٨ وكنز العمال ج ١٣ ص ١٣٣ وشرح ديوان أمير المؤمنين للميبذي ص ٤٠٦ ووفاء الوفاء ج ٣ ص ١٠١٨ والمواهب اللدنية ج ٣ ص ٣٦٥ ووسيلة المآل ص ١١٧ ونزل الأبرار ص ٥٢ والروضة الندية ص ١٥٥ ووسيلة النجاة ص ١٠٢ ومرآة المؤمنين ص ٤١ وتاريخ بغداد ج ٨ ص ٢٩٠ ومصادر أخرى تقدمت.

٢٣٥

مؤمن ومؤمنة (١).

فقال حسان : إئذن لي يا رسول الله أن أقول في عليّ أبياتا تسمعهن.

فقال : قل على بركة الله.

فقام حسان ، فقال : يا معشر مشيخة قريش ، أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية ، ثم قال (٢) :

__________________

(١) راجع : الغدير ج ١ ص ٢٧٣ عن كتاب الولاية لابن عقدة ، وعن المرزباني في كتابه سرقات الشعر ، وعن الدارقطني ، وعن الإبانة لابن بطة ، وعن التمهيد للباقلاني ، وعن العاصمي في زين الفتى ، والصواعق المحرقة ص ٤٤ وكفاية الطالب ص ٦٢ ـ ٦٤ وفيض القدير للمناوي ج ٦ ص ٢١٨ و (دار الكتب العلمية) ج ٦ ص ٢٩٢ وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٧ ص ١٣ والفتوحات الإسلامية ج ٢ ص ٣٠٦. والفضائل لابن شاذان ص ١٣٣ وكتاب الولاية لابن عقدة ص ١٥٥ والبحار ج ١٠٤ ص ١١٧ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ٢١١ و ٢٦٣ و ٣٦٤ و ٤٠٥ و ٤١٢ وج ٨ ص ٨٢ وج ٩ ص ٩٧ و ١٤٣ والمراجعات للسيد شرف الدين ص ٢٨٢ والغدير ج ١ ص ١١ و ٢٧٣ و ٢٨١ و ٢٨٢ و ٣٠٣ و ٣٠٩ و ٣٥٤ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٣٦٦ وج ٢٠ ص ٥٨١ و ٥٩٩ وج ٢١ ص ٥٠ و ٥٢ و ٥٦ وج ٣١ ص ٥٠٠ وراجع : نهج الإيمان لابن جبر ص ١٢٧.

(٢) الغدير للعلامة الأميني ج ١ ص ١١ و ٢٣٢ ورسائل المرتضى ج ٤ ص ١٣١ ومناقب الإمام أمير المؤمنين «عليه‌السلام» للكوفي ج ١ ص ١١٩ و ٣٦٣ والمسترشد للطبري (الشيعي) ص ٤٦٩ وخصائص الوحي المبين لابن البطريق ص ٩٤ والطرائف ص ١٤٦ وتنبيه الغافلين لابن كرامة ص ٦٤ والجمل للمفيد ص ١١٧ ومناقب علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» وما نزل من القرآن في علي

٢٣٦

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخم فاسمع بالرسول مناديا

يقول : فمن مولاكم ووليكم؟

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت ولينا

ولم تر منا في الولاية عاصيا

فقال له : قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليه

فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا : اللهم وال وليه

وكن للذي عادا عليا معاديا

وحسب رواية سليم بن قيس :

ألم تعلموا أن النبي محمدا

لدى دوح خم حين قام مناديا

وقد جاءه جبريل من عند ربه

بأنك معصوم فلا تك وانيا

__________________

«عليه‌السلام» لابن مردويه ص ٢٣٣ والمناقب للخوارزمي ص ١٣٦ والبحار ج ٢١ ص ٣٨٨ وج ٣٧ ص ١١٢ و ١٦٦ و ١٧٨ و ١٧٩ وكتاب الأربعين للماحوزي ص ١٤٧ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٨ ص ٣٠٩ و ٣١٠ و ٣١٦ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٦ ص ٣٥٦ وج ٢٠ ص ١٩٩ والأمالي للصدوق ص ٦٧٠ ونهج الإيمان لابن جبر ص ١١٦ وخصائص الأئمة للشريف الرضي ص ٤٢ وروضة الواعظين ص ١٠٣ وشرح أصول الكافي ج ٦ ص ١٢٠ ونظم درر السمطين ص ١١٢ والفصول المختارة للشريف المرتضى ص ٢٩٠ والإرشاد ج ١ ص ١٧٧ وأقسام المولى للشيخ المفيد ص ٣٥ والصراط المستقيم ج ١ ص ٣٠٥ والمناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ٢٣٠ وكنز الفوائد ص ١٢٣ ومسار الشيعة للشيخ المفيد ص ٣٩ وإعلام الورى ج ١ ص ٢٦٢ والدر النظيم ص ٢٥٣ و ٣٩٦ وكشف الغمة ج ١ ص ٣٢٥.

٢٣٧

وبلغهم ما أنزل الله ربهم

وإن أنت لم تفعل وحاذرت باغيا

عليك فما بلغتهم عن إلههم

رسالته إن كنت تخشى الأعاديا

فقام به إذ ذاك رافع كفه

بيمنى يديه معلن الصوت عاليا

فقال لهم : من كنت مولاه منكم

وكان لقولي حافظا ليس ناسيا

فمولاه من بعدي علي وإنني

به لكم دون البرية راضيا

فيا رب من والى عليا فواله

وكن للذي عادى عليا معاديا

ويا رب فانصر ناصريه لنصرهم

إمام الهدى كالبدر يجلو الدياجيا

ويا رب فاخذل خاذليه وكن لهم

إذا وقفوا يوم الحساب مكافيا (١)

وعن عمر بن الخطاب قال :

نصب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عليا علما ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، وانصر من نصره ، اللهم أنت شهيدي عليهم.

قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله! وكان في جنبي شاب حسن الوجه طيب الريح ، قال لي : يا عمر لقد عقد رسول الله عقدا لا يحله إلا منافق.

فأخذ رسول الله بيدي فقال : يا عمر ، إنه ليس من ولد آدم ، لكنه جبرائيل أراد أن يؤكد عليكم ما قلته في علي (٢).

__________________

(١) كتاب سليم بن قيس ج ٢ ص ٨٢٨ و ٨٢٩ و (بتحقيق الأنصاري) ص ٣٥٦ والبحار الأنوار ج ٣٧ ص ١٩٥.

(٢) الغدير للعلامة الأميني ج ١ ص ٥٧ عن مودة القربى لشهاب الدين الهمداني ، المودة الخامسة ، وينابيع المودة ج ٢ ص ٧٣ و (ط دار الأسوة) ص ٢٨٤ عنه.

٢٣٨

قضية الغدير ليست واقعة حرب معروفة :

كانت تلك خلاصة لواقعة الغدير. وقد ظهر أنها ليست واقعة حرب معروفة ، كما زعمه الدكتور ملحم إبراهيم الأسود في تعليقته على ديوان أبي تمام (١) ، إذ ليس في غزوات النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ولا في سراياه أية واقعة حرب أخرى معروفة بهذا الاسم.

وما عرف في الجاهلية بهذا الاسم (٢) لم يكن للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ولا لعلي «عليه‌السلام» أي ارتباط به ..

كما أنها لم تكن لأجل تبرئة علي «عليه‌السلام» مما نسب إليه من الجور على من كان معه في اليمن ، كما زعمه ابن كثير ، ومن هم على شاكلته ..

عيد الغدير عبر القرون والأحقاب :

هذا .. ولا حاجة بنا إلى إثبات أن عيد الغدير عيد إسلامي أصيل ، وأنه لم يزل معروفا بهذه الصفة منذ القرون الثلاثة الأولى.

وبذلك يظهر عدم صحة قول المقريزي عن عيد الغدير : «أول ما عرف في الإسلام بالعراق ، أيام معز الدولة علي بن بويه ، فإنه أحدثه في سنة اثنتين

__________________

وراجع : خلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٨٧ وج ٩ ص ٢٧٣ والعقد النضيد والدر الفريد للقمي ص ١٧٨ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٢٥٢ عن أرجح المطالب (ط لاهور) ص ٥٦٥ ، وج ٢١ ص ٦٥ عن آل محمد (نسخة مكتبة السيد الأشكوري) ص ٤٥٣ وراجع : الدر النظيم ص ٢٥٣.

(١) الغدير للعلامة الأميني ج ٢ ص ٣٣١ عن شرح ديوان أبي تمام ص ٣٨١.

(٢) راجع : الأغاني ج ١٠ ص ١٤ و ١٥ والعقد الفريد لابن عبد ربه ج ٥ ص ٩٩.

٢٣٩

وخمسين وثلاث مائة ، فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا» (١).

فإن هذا القول لا يصح ، ولا مجال لقبوله ، فقد قال المسعودي : «وولد علي رضي‌الله‌عنه ، وشيعته يعظمون هذا اليوم» (٢).

والمسعودي قد توفي قبل التاريخ المذكور ، أي في سنة ٣٤٦ ه‍.

وروى فرات بن إبراهيم ، وهو من علماء القرن الثالث عن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائهم «عليهم‌السلام» ، قال : قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي الخ ..» (٣).

وقد اعتبره أمير المؤمنين علي «عليه‌السلام» عيدا أيضا ، حيث إنه «عليه‌السلام» خطب في سنة اتفق فيها الجمعة والغدير ، فقال : «إن الله عزوجل جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين ..».

والخطبة طويلة يأمرهم فيها تفصيلا بفعل ما ينبغي فعله في الأعياد ، وبإظهار البشر والسرور ، فمن أراد فليراجع (٤).

__________________

(١) الخطط للمقريزي ج ١ ص ٢٨٨.

(٢) التنبيه والإشراف ص ٢٢١ و ٢٢٢.

(٣) راجع : الغدير ج ١ ص ٢٨٣ والأمالي للصدوق ص ١٨٨ وإقبال الأعمال لابن طاووس ج ٢ ص ٢٦٤ والبحار ج ٣٧ ص ١٠٩ وج ٩٤ ص ١١٠ وتفسير نور الثقلين ج ١ ص ٥٨٩ وبشارة المصطفى للطبري ص ٤٩ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ ج ٢ ص ٣٣٩ وروضة الواعظين ص ١٠٢.

(٤) مصباح المتهجد ص ٦٩٨ و (ط مؤسسة فقه الشيعة) ص ٧٥٤ والغدير ج ١ ص ٢٨٤ عنه ، والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٠ ص ٤٤٥ و (ط دار ـ

٢٤٠