الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣١

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣١

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-203-x
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٦

ممن الخوف يا ترى؟! :

وتقدم : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خاف أن يتهموه ، ويكذبوه ، وأن يقولوا : حابى ابن عمه ، وأن يطعنوا في ذلك ، وخشي أهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ، وأن يرجعوا جاهلية ، وأنه أمسك إشفاقا على الدين ، وخوفا من ارتداد القوم.

وعن الحسن : «ضاق بها ذرعا ، وكان يهاب قريشا. فأزال الله بهذه الآية تلك الهيبة» (١).

يريد : أن الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ضاق ذرعا وخاف قريشا بالنسبة لبلاغ أمر الإمامة ، فأزال الله خوفه بآية : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).

المتآمرون :

هذا غيض من فيض مما يدل على سبب خوف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وعلى دور المتآمرين من قريش ، ومن يدور في فلكها في صرف الأمر عن أمير المؤمنين علي «عليه‌السلام» ، وتصميمهم على ذلك ، لأسباب أشير إلى بعضها في ما نقلناه سابقا من كلمات ونصوص.

وفي مقدمة هذه الأسباب حرص قريش على الوصول إلى السلطة ، وحقدها على أمير المؤمنين «عليه‌السلام» لما قد وترها في سبيل الله والدين.

وكل ما تقدم يوضح لنا السر فيما صدر من هؤلاء الحاقدين من صخب وضجيج ، حينما أراد الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في منى

__________________

(١) مجمع البيان ج ٣ ص ٢٢٣.

١٨١

وعرفات : أن يبلغ الناس أمر الإمامة ، ودورها ، وأهميتها ، وعدد الأئمة ، وأنهم اثنا عشر إماما ، وغير ذلك.

فإنهم تخوفوا من أن يكون قد أراد تنصيب علي «عليه‌السلام» إماما للناس بعده. فكان التصدي منهم. الذي انتهى بالتهديد الإلهي. فاضطر المتآمرون إلى السكوت في الظاهر على مضض ، ولكنهم ظلوا في الباطن يمكرون ، ويتآمرون ، (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (١).

فإلى توضيح ذلك فيما يلي من صفحات ، وما تحويه من مطالب.

ظهور الأحقاد والمصارحة المرة :

وقد تقدمت كلمات أمير المؤمنين «عليه الصلاة والسلام» التي صرح فيها بأن العرب كرهت أمر محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وحسدته على ما آتاه الله من فضله ، واستطالت أيامه ، حتى قذفت زوجته ، ونفرت به ناقته.

ولو لا أن قريشا جعلت اسمه ذريعة للرياسة ، وسلما إلى العز والإمرة ، لما عبدت الله بعد موته يوما واحدا.

وعلى هذا ، فإن من الطبيعي جدا : بعد أن جرى ما جرى منهم معه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في منى وعرفات وبعد أن تأكد لديهم إصرار النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على جعل الأمر في أهل بيته ، ولعلي «عليه‌السلام» على وجه الخصوص ، أن يظهر الحقد والبغض على وجوههم ، وفي حركاتهم وتصرفاتهم ، وعلى مجمل مواقفهم. وصاروا يعاملون رسول الله «صلى الله

__________________

(١) الآية ٣٠ من سورة الأنفال.

١٨٢

عليه وآله» معاملة غريبة ، وبصورة بعيدة حتى عن روح المجاملة الظاهرية.

وقد واجههم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بهذه الحقيقة ، وصارحهم بها ، في تلك اللحظات بالذات. ويتضح ذلك من النص المتقدم في الفصل السابق والذي يقول :

عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نزل بخم فتنحى الناس عنه ، ونزل معه علي بن أبي طالب ، فشق على النبي تأخر الناس ، فأمر عليا ، فجمعهم ، فلما اجتمعوا قام فيهم متوسدا (يد) علي بن أبي طالب ، فحمد الله ، وأثنى عليه .. ثم قال :

«أيها الناس ، إنه قد كرهت تخلفكم عني ، حتى خيّل إلي : أنه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني» (١).

وروى ابن حبان بسند صحيح على شرط البخاري ـ كما رواه آخرون بأسانيد بعضها صحيح أيضا :

أنه حين رجوع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من مكة ، حتى إذا بلغ الكديد أو (قدير) ، جعل ناس من أصحابه يستأذنون ، فجعل «صلى الله

__________________

(١) راجع : تاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٢٢٦ و ٢٢٧ ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ٢٥ والعمدة لابن البطريق ص ١٠٧ وإقبال الأعمال ج ٢ ص ٢٤٨ والطرائف ص ١٤٥ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ١١٥ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٥٩٧ والبحار ج ٣٧ ص ١٣٤ وشرح إحقاق الحق ج ٥ ص ٨٩ وج ٦ ص ٢٥٣ وج ٣٠ ص ٤٠٨ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٧ ص ١٣٨ و ٢٣١ ج ٩ ص ١٦٩ والغدير ج ١ ص ٢٢ عنه ، وعن الثعلبي في تفسيره ، كما في ضياء العالمين.

١٨٣

عليه وآله» يأذن لهم.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» :

«ما بال شق الشجرة التي تلي رسول الله أبغض إليكم من الشق الآخر؟».

قال : فلم نر من القوم إلا باكيا.

قال : يقول أبو بكر : «إن الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه في نفسي الخ ..» (١).

__________________

(١) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج ١ ص ٤٤٤ ومسند أحمد ج ٤ ص ١٦ ومسند الطيالسي ص ١٨٢ ومجمع الزوائد ج ١ ص ٢٠ وج ١٠ ص ٤٠٨ وقال : رواه الطبراني ، والبزاز بأسانيد رجال بعضها عند الطبراني والبزار رجال الصحيح ، وكشف الأستار عن مسند البزار ج ٤ ص ٢٠٦ وقال في هامش (الإحسان) : إنه في الطبراني برقم : ٤٥٥٦ و ٤٥٥٩ و ٤٥٥٧ و ٤٥٥٨ و ٤٥٦٠. وراجع : بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ص ٢١٢ والآحاد والمثاني ج ٥ ص ٢٤ وصحيح ابن حبان ج ١ ص ٤٤٤ والمعجم الكبير للطبراني ج ٥ ص ٥٠ و ٥١ وموارد الظمآن للهيثمي ج ١ ص ١٠٣ وكنز العمال ج ١٠ ص ٤٧٧ وتهذيب الكمال للمزي ج ٩ ص ٢٠٨. وراجع : مسند الحارث ج ٣ ص ١٠٣ والمسند الجامع ج ١٢ ص ٢٢١ وحلية الأولياء ج ٣ ص ٩٣.

١٨٤

الفصل الثالث :

في حدود الزمان والمكان

١٨٥
١٨٦

إلفات النظر إلى أمرين :

وقبل أن نواصل الحديث ، فيما نريد التأكيد عليه ، نلفت النظر إلى أمرين :

الأول : المكان ..

فقد اختلفت الروايات حول المكان الذي أورد فيه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خطبته هذه في حجة الوداع. فذكرت طائفة منها : أن ذلك كان في عرفات.

وفي إحدى الروايات تردد فيها الرواي بين عرفات ومنى.

وهناك طائفة من الروايات عبّرت ب «المسجد» (١).

وسكتت روايات أخرى عن التحديد. مع أنها جميعا قد تحدثت عن حدوث فوضى وضجيج ، لم يستطع معه الراوي أن يسمع بقية كلام الرسول الأكرم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ؛ وتوجد روايات أشارت إلى عدم فهم الراوي ، ولكنها لم تشر إلى الضجيج.

__________________

(١) راجع بالنسبة لخصوص هذه الطائفة من الروايات الخصال ج ٢ ص ٤٦٩ و ٤٧٢ كفاية الأثر ص ٥٠ ومسند أبي عوانة ج ٤ ص ٣٩٨ وإكمال الدين ج ١ ص ٢٧٢ وحلية الأولياء ج ٤ ص ٣٣٣ والبحار ج ٣٦ ص ٢٣٤ ومنتخب الأثر ص ١٩.

١٨٧

فهل كرر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذلك في عدة خطب ، في المواضع المختلفة؟! فكان يواجه بالضجيج والفوضى!! ويكون المقصود بالمسجد ، هو : المسجد الموجود في منى ، أو عرفة؟! إن لم يكن ذكر منى اشتباها من الراوي. أم أنه موقف واحد ، اشتبه أمره على الرواة والمؤرخين؟!

أم أن ثمة يدا تحاول التلاعب والتشويش بهدف طمس الحقيقة ، وإثارة الشبهات حول هذا الموضوع الهام والحساس جدا. ألا وهو موضوع الإمامة بعد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!

قد يمكن ترجيح احتمال تعدد المواقف ، التي أظهرت إصرار فئات الناس على موقف التحدي ، والخلاف. وذلك بسبب تعدد الناقلين ، وتعدد الخصوصيات والحالات المنقولة.

وقد صرحوا بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد خطب في حجته تلك : خمس خطب. واحدة في مكة ، وأخرى في عرفات ، والثالثة يوم النحر بمنى ، ثم يوم النفر بمنى ، ثم يوم النفر الأول.

وحتى إن كان ذلك قد جصل في موقف واحد ، فإن الذي نرجحه هو أن يكون ذلك في عرفات ..

وستأتي بعض الروايات التي صرحت : بأن الله تعالى أمر نبيه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بإبلاغ أمر الإمامة في عرفات ، ولم تنزل العصمة ، ثم في مسجد الخيف ولم تنزل العصمة ، ثم في كراع الغميم ولم تنزل ، ثم نزلت في غدير خم ، ثم نزلت وهو في طريقه إلى المدينة ..

فلعل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان يبادر إلى خطبة الناس في كل مرة ، فإذا أحس الناس انه يريد أن يصرح بالأمر واجهوه بالضجيج المانع له

١٨٨

من أداء مهمته ، فلما نزلت العصمة : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (١) لم يجرؤ أحد على شيء من ذلك.

الثاني : كلهم من قريش ..

قد ذكرت الروايات أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : «كلهم من قريش» ..

والسؤال هو :

هل قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذلك حقا؟!

وإذا كان قد قاله ، فما هو السبب في ذلك؟

ألا يمكن أن يعتبر بعض قاصري النظر أن ذلك نوع من التخفيف من لهجة رفض المنطق القبلي؟

أضف إلى ذلك : أن ما تقدم من حقيقة الموقف الظالم لقريش ، ومن هم على رأيها ، وخططهم التي تستهدف تقويض حاكمية خط الإمامة ، قد يشجع على استبعاد صدور كلمة «كلهم من قريش» منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. وترجيح أن تكون العبارة التي لم يسمعها جابر بن سمرة ، وأنس ، وعمر بن الخطاب ، وعبد الملك بن عمير ، وأبو جحيفة ، بسبب ما أثاره المغرضون من ضجيج ، هي عبارة : «كلهم من بني هاشم». كما ورد في بعض النصوص (٢).

وهي الرواية التي استقر بها القندوزي الحنفي ، على أساس : أنهم «لا

__________________

(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.

(٢) ينابيع المودة ص ٤٤٥ عن مودة القربى ، وراجع : منتخب الأثر ص ١٤ وهامش ص ١٥ عنه.

١٨٩

يحسّنون خلافة بني هاشم» (١).

غير أننا نقول :

إننا نرجح أن يكون «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قال الكلمتين معا ، أي أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : «كلهم من قريش ، كلهم من بني هاشم». ويكون ذكر الفقرة الأولى توطئة وتمهيدا لذكر الثانية.

ولكن قريشا قد عرفت ما يرمي إليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، خصوصا بعد أن ذكر لهم حديث الثقلين ، فثارت ثائرتها هي وأنصارها ، وعجوا وضجوا ، وقاموا وقعدوا!!

وإلا .. فإن قريشا ، ومن يدور في فلكها لم يكن يغضبهم قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «كلهم من قريش» بل ذلك يسرهم ، ويفرحهم ، لأنه هو الأمر الذي ما فتئوا يسعون إليه بكل ما أوتوا من قوة وحول ، ويخططون ويتآمرون ، ويعادون ، ويحالفون من أجله ، وعلى أساسه ، فلماذا الهياج والضجيج؟! ولماذا الصخب والعجيج ، لو كان الأمر هو ذلك؟!.

الموقف ، الفضيحة :

ولا نشك في أن طائفة الأخيار ، والمتقين الأبرار من صحابة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كانت تلتزم بأوامره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وتنتهي بنواهيه ، وتسلم له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في كل ما يحكم ويقضي به.

ولكن هؤلاء كانوا فئة قليلة إذا قيست بالفئة الأخرى ، المتمثلة

__________________

(١) ينابيع المودة ص ٤٤٦.

١٩٠

بأصحاب الأهواء ، وطلاب اللبانات ، وذوي الطموحات ، ممن لم يسلموا ، ولكنهم غلبوا على أمرهم ، فاستسلموا ، وأصبح كثير منهم يتظاهر بالورع ، والدين والتقوى ، والطاعة والتسليم لله ، ولرسوله ، متخذا ذلك ذريعة للوصول إلى مآربه ، وتحقيق أهدافه.

أما هؤلاء ، الذين كانوا يظهرون خلاف ما يبطنون ، ويسرون غير ما يعلنون ، فقد كان لا بد من كشف زيفهم وإظهار خداعهم بصورة أو بأخرى.

وقد رأينا : كيف أن هؤلاء الذين كانوا يتبركون بفضل وضوء رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وحتى ببصاقه ، ونخامته ، ويدّعون الحرص على امتثال أوامر الله سبحانه بتوقيره ، وبعدم رفع أصواتهم فوق صوته (١) ،

__________________

(١) راجع الآيتان ١ و ٢ من سورة الحجرات.

وقد ورد أنّ هذه الأيات نزلت حينما حصل اختلاف فيما بين أبي بكر وبين عمر حول تأمير بعض الأشخاص من قبل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأصر أحدهما على شخص وأصر الآخر على آخر ، حتى ارتفعت أصواتهما. فقد روي أن عبد الله بن الزبير أخبرهم : أنه قدم ركب من بني تميم على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقال أبو بكر : أمر القعقاع معبد بن زرارة.

وقال عمر : بل أمر الأقرع بن حابس.

قال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي.

قال عمر : ما أردت خلافك.

فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما ، فنزلت في ذلك : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) إلى قوله تعالى : (.. أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) [الآيتان ١ و ٢ من سورة الحجرات].

ويلاحظ : أن المراد من الإيمان قوله تعالى في الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) هو الإيمان

١٩١

وبالتأدّب معه ، وبأن لا يقدموا بين يدي الله ورسوله و .. و ..

لقد رأينا أن هؤلاء بمجرد إحساسهم بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يريد الحديث عن الأئمة الاثني عشر ، وبيان مواصفاتهم ـ ويتجه نحو تحديدهم

__________________

بمعناه العام ـ أي إعلان الإسلام ـ لا الخاص. ويدل على ذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ) [الآية ١٣٦ من سورة النساء].

راجع في الحديث الذي ذكرناه : الدر المنثور ج ٦ ص ٨٣ ـ ٨٤ عن البخاري ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، وأسباب النزول ص ٢١٨ وصحيح البخاري ج ٣ ص ١٢٢ و (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١١٦ وج ٦ ص ٤٧ والجامع الصحيح ج ٥ ص ٣٨٧ وتفسير القرآن العظيم ج ٤ ص ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ولباب التأويل ج ٤ ص ١٦٤ وفتح القدير ج ٥ ص ٦١ والجامع لأحكام القرآن ج ١٦ ص ٣٠٠ ـ ٣٠١ وغرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج ٢٦ ص ٧٢. وراجع : البداية والنهاية ج ٥ ص ٥٠ وتاريخ مدينة دمشق ج ٩ ص ١٩١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٧٨ وسنن النسائي ج ٨ ص ٢٢٦ وعمدة القاري ج ١٨ ص ١٩ وج ١٩ ص ١٨١ و ١٨٤ وتحفة الأحوذي ج ٩ ص ١٠٨ والسنن الكبرى للنسائي ج ٣ ص ٤٦٥ وج ٦ ص ٤٦٦ ومسند أبي يعلى ج ١٢ ص ١٩٣ وشرح معاني الآثار ج ٤ ص ١٧٢ وزاد المسير ج ٧ ص ١٧٧ وتفسير الثعلبي ج ٩ ص ٧٠ وتفسير البغوي ج ٤ ص ٢٠٩ وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص ٢٥٧ وأضواء البيان للشنقيطي ج ٧ ص ٤٠١ والإحكام لابن حزم ج ٦ ص ٨٠٤ وتفسير الآلوسي ج ٢٦ ص ١٣٣ وفتح القدير ج ٥ ص ٦١ ولباب النقول ص ١٧٨ وتفسير الثعالبي ج ٥ ص ٢٦٧ والبحار ج ٣٠ ص ٢٧٨ والطرائف ص ٤٠٣ وعين العبرة في غبن العترة ص ٤ والغدير ج ٧ ص ٢٢٣.

١٩٢

بصورة أدق ، وأوفى وأتم ـ كيف ثارت ثائرتهم. وأن خشيتهم من إعلان إمامة من لا يرضون إمامته ، وخلافة من يرون أنه قد وترهم ، وأباد خضراءهم في مواقفه المشهورة ، دفاعا عن الحق والدين ـ ألا وهو علي أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ـ إن ذلك ـ قد أظهر حقدهم ، فعلا ضجيجهم ، وزاد صخبهم ، والتعبيرات التي وردت في الروايات واصفة حالهم ، هي مثل :

«ثم لغط القوم وتكلموا» (١). فلم أفهم قوله بعد «كلهم» ، فقلت لأبي : ماذا قال؟! الخ ..

أو : «وتكلم الناس فلم أفهم» (٢).

أو : «وضج الناس» (٣).

أو : «فقال كلمة أصمّنيها الناس» (٤).

__________________

(١) مسند أحمد ج ٥ ص ٩٩ والمعجم الكبير ج ٢ ص ١٩٦ وكتاب الغيبة للنعماني ص ١٢٣ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ١٣ ص ٣٤.

(٢) الغيبة للنعماني ص ١٢١ عن عوالم العلوم : ١٥٣ / ١٠٦ ح ١٦.

(٣) مسند أحمد ج ٥ ص ٩٣ ومسند أبي عوانة ج ٤ ص ٣٩٤ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ١٣ ص ٣٥.

(٤) راجع : مسند أحمد ج ٥ ص ٩٨ و ١٠١ وصحيح مسلم ج ٦ ص ٤ والخصال ج ٢ ص ٤٧٠ و ٤٧٢ والبحار ج ٣٦ ص ٢٣٥ و ٢٦٦ و ٣٦٢ والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج ٣ ص ٥٤ ولسان العرب ج ١٢ ص ٣٤٣ وإثبات الهداة ج ١ ص ٥٣٥ وإحقاق الحق (ملحقات) ج ١٣ ص ٣٩ وسفينة النجاة للسرابي التنكابني ص ٣٨٦ والعمدة لابن بطريق ص ٤٢١.

١٩٣

أو : «صمّنيها الناس» (١).

وفي نسخة : «صمّتنيها الناس» (٢).

أو : «فصرخ الناس ، فلم أسمع ما قال» (٣).

أو : «فكبر الناس ، وضجوا» (٤).

أو : «فجعل الناس يقومون ، ويقعدون» (٥).

__________________

(١) راجع : العمدة لابن البطريق ص ٤١٨ و ٤٢١ وصحيح مسلم ج ٦ ص ٤ والديباج على مسلم ج ٤ ص ٤٤٠ والإكمال في أسماء الرجال ص ٣٤ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ١٣ ص ١.

(٢) راجع : شرح مسلم للنووي ج ١٢ ص ٢٠٣ والديباج على مسلم ج ٤ ص ٤٤٠ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٢٩ ص ٩٣.

(٣) والخصال ص ٤٧٣ وإكمال الدين ج ١ ص ٢٧٢ و (مؤسسة النشر الإسلامي) ص ٦٨ و ٢٧٣ وإثبات الهداة ج ١ ص ٤٩٤ و ٥٠٧ والبحار ج ٣٦ ص ٢٣٩ عن الخصال.

(٤) مسند أحمد ج ٥ ص ٩٨ وسنن أبي داود ج ٤ ص ١٠٦ و (ط دار الفكر) ج ٢ ص ٣٠٩ وفتح الباري ج ١٣ ص ١٨١ والبحار ج ٣٦ ص ٣٦٥ وإرشاد الساري ج ١ ص ٢٧٣ والكفاية للخطيب البغدادي ص ٩٥ وتاريخ بغداد ج ٢ ص ١٢٤ وإحقاق الحق (الملحقات) ج ١٣ ص ٢٠ وج ٢٩ ص ٩٤.

(٥) مسند أحمد ج ٥ ص ٩٩ وإثبات الهداة ج ١ ص ٥٤٦ والخصال ج ٢ ص ٧٥ والبحار ج ٣٦ ص ٢٣٧ و ٢٩٩ وكتاب الغيبة للنعماني ص ١٠٥ وإعلام الورى ص ٣٨٤ و (ط مؤسسة آل البيت) ج ٢ ص ١٦٢ وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص ٤١٨ والغيبة للطوسي ص ٨٨ و ٨٩ و (ط مؤسسة المعارف الإسلامية) ص ١٢٩ وغاية المرام ص ١٩٤ ومنتخب الأثر ص ٢٠.

١٩٤

نعم ، لقد كان هذا هو موقفهم من الرسول ، وهم الذين يدعي البعض لهم مقام العصمة عن كل ذنب ، ويمنحهم وسام الاجتهاد في الشريعة والدين (!!).

التدبير النبوي :

وتوضيحا لما جرى نقول :

لقد أعلن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في سنة عشر من الهجرة : أنه يريد الحج ، وأرسل إلى الآفاق يخبرهم ويدعوهم إلى ذلك.

ونفر إليه الناس سراعا من كل حدب وصوب واجتمعت في ذلك الموسم عشرات الألوف من كل بلد وحي وقبيلة ، ليحجوا مع أكرم مخلوق ، وأفضل نبي ، ثم يرجعون إلى بلادهم من سفر محفوف بالأخطار ، وبعد طول انتظار ، ويحدثونهم بما جرى لهم وصار.

وسيصغي الناس إليهم بشغف وبتلذذ ، فإن للحجاج أحاديثهم وذكرياتهم ، التي يرغب الناس في سماعها حتى لو كانت لا تعني لهم شيئا في الظروف العادية ، فكيف إذا كانت هذه الأحاديث لها علاقة بأفضل وأكمل ، وأقدس ، وأعزّ ، وأغلى ، وأشرف إنسان في الوجود؟ وسيحدثونهم عن كل لفتة وبسمة ، وعن كل كلمة وحركة ، وغير ذلك مما لا بد أن يبقى محفورا في قلوبهم .. طيلة حياتهم ..

أما إذا حدث أمام أعينهم ما لم يكن في الحسبان ، وكان الحدث قد صنعه أناس يدّعون القرب منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، والإثرة لديه ، فإن ذلك سوف يكون له وقع الصاعقة عليهم ، خصوصا إذا وجدوا فيه مساسا

١٩٥

بقداسته ، وتقويضا لهيبته ، وإبطالا لتدبيره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

نعم .. لقد حج النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، في تلك السنة ، فاجتمع إليه مائة ألف وأربعة عشر ألفا ، أو مائة وعشرون ألفا ، أو تسعون ألفا ، أو سبعون ألفا .. ليحجوا معه ، وقيل غير ذلك .. (١).

وأما قول بعضهم : «إنهم كانوا أربعون ألفا» (٢) ، فلعله نظر إلى من سار مع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من المدينة ، لا من اجتمع معه في مكة وفي المشاعر ممن جاء من مختلف البلاد. كما يشير إليه قولهم : وقد كان هناك من أصحابه نحو من أربعين (٣).

وكان معظم الناس بمن فيهم سكان مكة وما والاها قد أسلموا ، أو أرسلوا وفودا إلى المدينة ليعلموه بإسلامهم بعد فتح مكة ، وبالتحديد في سنة تسع ـ سنة الوفود ـ وسنة عشر.

__________________

(١) راجع : السيرة النبوية لأحمد زيني دحلان ، باب حجة الوداع. وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٣ ص ١٣٠ والمجموع للنووي ج ٧ ص ١٠٤ والبحار ج ٣٧ ص ١٥٠ وج ١٠٩ ص ١٩ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٨ ص ٣٥٠ وج ٩ ص ١٩٦ والنص والإجتهاد للسيد شرف الدين ص ٥٧٧ والغدير ج ١ ص ٢٩٦ و ٣٩٢ والعدد القوية للحلي ص ١٨٣ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٦ ص ٣٠٠.

(٢) راجع : تفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٨٠ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٥٤ وج ٤ ص ٢٧٠ ومقدمة ابن الصلاح لعثمان بن عبد الرحمن ص ١٧٧.

(٣) راجع : تفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٨٠ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٥٤ السيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٢٧٠.

١٩٦

وأما المسلمون عدا هؤلاء ، ومنهم أهل المدينة أنفسهم ، وشراذم قليلة موزعة في محيط المدينة ، أو في غيرها فكانوا قلة قليلة جدا ، حتى إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، قال لهم في سنة ست : «اكتبوا لي كل من تلفظ بالإسلام» فكتب له حذيفة ألفا وخمس مئة رجل .. (١).

وفي رواية أخري : «ونحن ما بين الست مئة إلى السبع مئة» (٢).

ولا شك أن فيهم من كان صحيح الإيمان ، ومنهم من لا يبالي بأمر

__________________

(١) الإحتجاج ج ١ ص ٢٠٠ والبحار ج ٢٨ ص ٢٠٢ والصراط المستقيم ج ٢ ص ٨٢ عن كتاب إبطال الاختيار ، بسنده عن أبان بن عثمان ، عن الإمام الصادق «عليه‌السلام». وعمدة القاري ج ١٤ ص ٣٠٥ وتغليق التعليق ج ٣ ص ٤٥٩ وإمتاع الأسماع ج ٩ ص ٣٤٤ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٦٧ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ١١٠ وقال في هامشه : راجع البخاري ج ٥ ص ٤ و [(ط دار الفكر) ج ٤ ص ٣٤] ومسلم ج ٤ ص ٢١٢١ والمعجم الكبير للطبراني ج ١٩ ص ٤٧ وفتح الباري ج ٨ ص ٢٨ و ٨٧ والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج ٢ ص ٣٧٧ وراجع أيضا : الدر المنثور ج ٣ ص ٢٨٧ عن عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي ، والمنار ج ١١ ص ٦٧ والقرطبي ج ٨ ص ٢٨٢.

(٢) راجع : صحيح البخاري (ط سنة ١٣٠٩ ه‍) ج ٢ ص ١١٦ وصحيح مسلم (مشكول) ج ١ ص ٩١ ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٨٤ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٣٣٧ والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٢٥١ و ٢٥٢ وج ١ ص ٢٢٠ ـ ٢٢٣ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٦١٩ وشرح مسلم للنووي ج ٢ ص ١٧٩ وعمدة القاري ج ١٤ ص ٣٠٦ وصحيح ابن حبان ج ١٤ ص ١٧١ وكنز العمال ج ١١ ص ٢٢٨ وإمتاع الأسماع ج ٩ ص ٣٤٦.

١٩٧

الدين ، بل يهتم بمصالحه الشخصية ، وفيهم الهمج الرعاع الذين يميلون مع كل داع ، وينقادون لكل راع ، وفيهم المدخول والمنافق قال تعالى : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) (١).

ومن الواضح : أن الذين تلفظوا بالإسلام آنئذ كانوا منتشرين في المدينة وحولها ، وفي الحبشة أيضا ، وفي غير ذلك من المناطق.

وقد فرض الإسلام وجوده ، وهيبته في تلك السنين التي كانت زاخرة بالتحديات ، وسمع به القاصي والداني ..

وكان المسلمون في المدينة ، فريقين :

أحدهما : الأنصار ، وهم أهل المدينة أنفسهم.

والآخر : القرشيون المهاجرون من مكة ـ بصورة عامة ـ.

ومن البديهي : أن جميع الناس لم يحجوا مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، إذ لا يعقل أن يتركوا جميعهم مواشيهم ، وزراعاتهم ، وبيوتهم ، وديارهم خاوية من كل أحد ، فإن ذلك يجعلها عرضة للمتربصين للسلب والغارة في ذلك المجتمع الذي يرى أن ذلك من وسائل عيشه.

المحبون والمناوئون :

كما أن من الواضح : أن الناس كانوا بين محبين عرفوا الحق ، والتزموا به ، وبين مناوئين اختاروا طريق النفاق والتآمر الخفي ، وما أكثر هؤلاء ، أي أن أفاضل الصحابة وأماثلهم من أمثال سلمان ، وعمار ، والمقداد ، وأبي ذر ،

__________________

(١) الآية ١٠١ من سورة التوبة.

١٩٨

وأبي الهيثم بن التيهان ، وبني هاشم ، وسواهم ، كانوا من محبي علي ، ومن أنصاره.

وكان المهاجرون هم الذين يناوئون عليا «عليه‌السلام» ، ويسعون في إبطال أمره ، ويدبرون لإبعاد الخلافة عنه بعد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وقد تعاهدوا وتعاقدوا على ذلك ..

وكان المراقب لتصرفاتهم في مختلف الموارد يدرك مدى انحرافهم عن الإمام علي «عليه‌السلام» ، وأنهم تكتل واضح المرامي والأهداف ، ظاهر التباين والاختلاف ، لا مجال لأن يفكر بالإنصياع للتوجيهات النبوية ، ولا حتى للقرارات الإلهية فيما يرتبط بأمر الإمامة والخلافة في أي من الظروف والأحوال ..

وقد حج مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من المهاجرين الذين هم في هذا الإتجاه بضع عشرات ، قد لا يصلون إلى المئات .. ولكن كان فيهم رجال مجربون ، كانوا على درجة كبيرة من الحنكة والدهاء ، وكان ثقلهم الحقيقي في مكة ، التي أظهرت في السنة الثامنة من الهجرة ، الإستسلام للإسلام ، بالإضافة إلى ما حولها من البلاد والعباد ، الذين يخضعون لنفوذها ، ويلتقون في مصالحهم معها ..

ولأجل ذلك وجد المهاجرون الطامحون ، في قريش ، وفي مكة وما والاها ، عضدا قويا ، وسندا لهم ، شجعهم على مواجهة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، بهذه الحدة والشدة التي سلفت الإشارة إليها ..

وبعد أن فعلوا فعلتهم الشنيعة تلك ، وظنوا أنهم قد ربحوا معركتهم ضد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، بمنعهم إياه من الإعلان على الحجيج

١٩٩

تنصيب علي في مقام الإمامة ، بما أثاروه من صخب وضجيج ، كان لا بد لهم من التوجه نحو محاولة غسل هذا العار عنهم ، ولو بادعاء أنها مجرد غلطة صدرت ، وقد ندم مرتكبوها على ما فرط منهم ، وقد يدّعون : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عفا عنهم وسامحهم. ثم قرّبهم إليه حتى جعلهم موضع سره ، وأوقفهم على ما دبره وقرره ..

وقد يدّعون أيضا : أنه أعلمهم بأن ما أراد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بيانه في عرفات وسواها لم يكن هو ولاية وإمامة علي «عليه‌السلام». إلى غير ذلك مما قد يكون سببا في بلبلة الأفكار ، الذي قد يسهم في تضييع الحق ..

فجاء التخطيط النبوي الحكيم ليقضي ، بأن يخرج النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من مكة فور انتهاء مراسم الحج مباشرة ، ومن دون إبطاء أو تفريط ولو بساعة ، بل دقيقة واحدة من الوقت ، فنفر في اليوم الثالث عشر من منى بعد الزوال (١). ولم يطف بالبيت ، ولا زاره كما أسلفناه (٢). وإن كانت بعض

__________________

(١) السيرة الحلبية (ط سنة ١٣٩١ ه‍) ج ٣ ص ٣٠٦ و (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٣٣٣ والمجموع ج ٤ ص ٣٦٣ وج ٨ ص ٢٤٩ وتحفة الأحوذي ج ٣ ص ٩٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ١٤٩.

(٢) راجع : البحار ج ٢١ ص ٣٩٣ والحدائق الناضرة ج ١٤ ص ٣١٩ والكافي ج ٤ ص ٢٤٨ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١١ ص ٢١٧ و (ط دار الإسلامية) ج ٨ ص ١٥٣ وجامع أحاديث الشيعة ج ١٠ ص ٣٥٥ و ٤٥٥ وج ١٢ ص ٢٠٧ وتهذيب الأحكام ج ٥ ص ٤٥٧ ومنتقى الجمان ج ٣ ص ١٢٥.

٢٠٠