الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٠

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٠

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-202-1
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥١

العمل بالإستناد إلى الغيب ، الذي يحتم تعريف الناس بمآل الأمور ، فقد لا نجد أحدا يقدم على ذلك باختياره ، وسيظهر الفشل ، وتحل الكارثة ، إما بسقوط الهكيل على رؤوس الجميع ، وإما بالخسران في الآخرة.

رابعا : إن ذلك قد يختزن في داخله نزاعات ، واعتراضات ، وانقسامات ، وعداوات ، وتشكيكات في المعصوم ، تخرج الناس من الدين ، وتؤدي بهم إلى الردة ، وإلى تركه ليواجه وحده المحنة والشدة.

بقي أن نشير إلى أن ذلك الذي تبرع بحمل الرسالة طمعا بالجنة ، كأنه تخيل أنه لا يكون له ما وعد به رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلا إذا استجاب هرقل إلى دعوة النبي «صلى الله عليه وآله» وقبل الإسلام ..

فجاءه الجواب : أن المطلوب منه هو مجرد إيصال الرسالة ، وأن ذلك يكفي لاستحقاق ما وعده به رسول الله «صلى الله عليه وآله».

إذا جاء الليل أين يكون النهار؟! :

وقد أجاب «صلى الله عليه وآله» على السؤال عن مكان النار بقوله : إذا جاء الليل فأين يكون النهار؟!

وهو كلام في غاية الدقة والأهمية ، حيث إنه يتضمن حقيقة علمية لم تكتشفها الأمم إلا في العصور المتأخرة ، حيث أشار «صلى الله عليه وآله» إلى كروية الأرض ، لأن الليل إذا كان من جهة الأرض ، فإن الجانب الآخر يكون هو المقابل للشمس ، ويكون النهار في ذلك الجانب ..

بل هو يترقى إلى ما هو أهم من ذلك ، حيث يقرر أيضا : أن هذه المجرة السابحة ، أو حتى منظومة المجرات نفسها السابحة في الكون ربما تكون

٦١

جميعها ككومة من حبات عنب ، منظومة في عنقود أو بدونه ، إن هذه المجرات التي ربما تكون في حالة اتساع مستمر على قاعدة : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)(١). فإن الجنة إذا كانت في جهة من هذه المجرة ، أو منظومة المجرات ، فلتكن النار في الجهة الأخرى ، فإن ما يسبح في الفضاء أي جهة من جهاته توازي الجهة الأخرى ، وتقابلها تماما كما يكون الليل في جهة من الأرض السابحة في الفضاء والنهار في الجهة الأخرى.

توضيحات لا بد منها :

إن الألفاظ إنما وضعت لمعان يدركها الإنسان وهي بالدرجة الأولى المعاني المحسوسة ، بالبصر أو السمع أو اللمس .. ثم المعاني القريبة من الحس ، كالكرم ، والشجاعة ، والعدالة والغضب وغير ذلك مما يرى دلائله ، ويحس بآثاره. ثم هو يركّب من هذه وتلك معاني جديدة ، ويستفيد منها في الإنتقال إلى ما هو أدق وأغرب.

ولكن القرآن يريد أن يوصل للإنسان معاني أسمى وأعظم مما يخطر على باله ، أو يمر في خياله.

وقد احتاج إلى أن يضعها في قوالب لفظية ، كانت قد وضعت لمعان مبتذلة وعادية ، وقريبة ومحدودة ؛ فكان عليه أن يتوسل لإيصال الإنسان إلى تلك المعاني العالية بالمجازات والكنايات ، والإستعارات ، واستعمال تراكيب مختلفة ، وإشارات وتلميحات ، ومختلف أنواع الدلالات.

__________________

(١) الآية ٤٧ من سورة الذاريات.

٦٢

فحين أراد مثلا بيان حجم الكون ..

قال أولا : هناك سماء وأرض ، والسماء مأخوذة من السمو ، وهو العلو ..

ثم قال : هناك سماء دنيا ، وهي القريبة الدانية ، وهناك سماوات على.

ثم ذكر : أن السماوات سبع.

ثم قال : إن جميع ما نراه من نجوم يسطع نورها ، فإنما هو في السماء الدنيا ، فقال تعالى : (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ)(١).

وحيث إنه قد يفهم من ذلك : أن هذا يختص بالنجوم التي تظهر في الليل ، لأن المصابيح تكون في الظلمة ، عاد فذكر في آية ثانية ما يفيد التعميم لكل كوكب حتى للشمس التي تطلع في النهار ، فقال : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ)(٢).

أو لعل كلمة «المصابيح» توهم الاختصاص بما يكون نوره نابعا من ذاته ، كما هو الحال في المصباح ، فلا يشمل ما كان نوره مكتسبا من غيره ، فجاءت الآية الثانية لتفيد الشمول إلى كل ما يضيء ، سواء أكان في الليل أم في النهار ، حيث عبرت بكلمة «الكواكب» ثم جاء التعبير ب «الزينة» ليشير إلى أن هناك رؤية وتلذذا ، وإدراكا لهذه الحالة الجمالية «الزينة».

وإذا رجعنا إلى ما لدينا من معلومات ، فسنجد : أنهم يقولون : إن هناك كواكب لم يصل نورها حتى الآن إلينا. وإن هناك كواكب يحتاج نورها إلى ملايين السنين الضوئية ليصل إلينا ، ثم هم يقولون : إن الضوء يقطع ما

__________________

(١) الآية ١٢ من سورة فصلت والآية ٥ من سورة الملك.

(٢) الآية ٦ سورة الصافات.

٦٣

يقارب الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية.

فإذا ضممنا ذلك كله بعضه إلى بعض ، وعلمنا : أنه كله في السماء الدنيا ، فسندرك : أن حجم هذه السماء لا يمكن أن يناله وهم أو خيال ..

فكيف إذا جاء الحديث ليقول لنا : إن السماء الدنيا بالنسبة للثانية كحلقة ملقاة في فلاة. وإن السماء الثانية بالنسبة للثالثة كذلك .. وهكذا السماوات السبع في الكرسي كذلك ، والكرسي بالنسبة للعرش كذلك ..

كما أن الله تعالى قد قال : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)(١).

وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)(٢).

وصرح أيضا بقوله : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)(٣).

وقال تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)(٤).

وذلك كله يظهر لنا : أن القمر الذي يبعد عن الأرض أقل من ثانية ونصف بحسب مسيرة الضوء ، لا يعد بعيدا ، بل هو أقرب من قريب .. وكذلك سائر الكواكب التي يفكر الإنسان بالوصول إليها كالمريخ والزهرة ونحوها ، ولا يعد هذا البعد شيئا ذا بال في حساب مسافات السماء الدنيا ، فضلا عن السماوات العلى ..

هذا وقد ذكرت الآية الشريفة : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ

__________________

(١) الآية ٣ من سورة الملك.

(٢) الآية ١٥ من سورة نوح.

(٣) الآية ٤ من سورة المعارج.

(٤) الآية ٤٧ من سورة الذاريات.

٦٤

أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ)(١) ، أن الإنسان قادر على اختراق أقطار السماوات والأرض كلها ، والخروج من دائرتها إلى عالم جديد ، لأنه تعالى قد حدد للإنسان طبيعة المانع ، وسماه له ، وأخبره أنه إن تغلّب عليه فسيتمكن من الخروج من جميع جهات السماوات والأرض ، لا من جهة واحدة وحسب ، ولذلك قال «من أقطار».

فمن وصل إلى القمر لا يكون قد خرج من دائرة السماوات ، أو اخترقها من أقطارها وجوانبها المختلفة ، بل يكون في بداية انطلاقته إلى مسافات تحتاج إلى مليارات المليارات التي لا تنتهي من السنين الضوئية ، ليقترب حتى من بعض الكواكب البعيدة نسبيا في السماء الدنيا ، فضلا عن غيرها من السماوات ..

وبعد كل هذا الذي ذكرناه من حقائق مثيرة وعظيمة وهائلة نقول :

لا شك في أن الأرض واقعة في محيط السماء الدنيا ، في هذه المجرة ، ولكن أين هي السماوات السبع ، والكرسي ، والعرش ، وسدرة المنتهى؟!

وكيف يكون موقعها بالقياس إلى الأرض؟!

هل تكون مثل طبقات البصلة التي يحيط بعضها ببعض؟!

أم هي منظومات هائلة من المجرات المختلفة .. يقع بعضها إلى جانب البعض الآخر ، على نحو الاستطالة ، أو الاجتماع المنتظم في صعيد واحد .. أو التفرق غير المنتظم؟! ..

إن تحديد ذلك كله لا يدخل في نطاق قدراتي شخصيا ، ولا أدري إن

__________________

(١) الآية ٣٣ من سورة الرحمن.

٦٥

كان ثمة من يستطيع أن يعطي تصورا حاسما في هذا المجال ، سوى الإمام المهدي المعصوم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطيبين الطاهرين ..

غير أن من المقطوع به : أن السماء الدنيا محيطة بالأرض ، وبكل ما يقع في داخلها .. ولكن إحاطتها لا تعني استدارتها في مجموع تكوينها .. كما أن موقعها بالنسبة إلى سائر السماوات لا يمكن تحديده كم أسلفنا.

وقد ظهر من جميع ما تقدم : أن مجموع السماوات والأرض وكل ما تحويه من مجرات إن هي إلا سابحة في الفضاء ، وهو محيط بها من كل جانب.

لم تحدثه نفسه بشيء :

تقدم : قولهم إن هرقل لم يكن يهمّ بالذي بلغ النبي «صلى الله عليه وآله» عنه ، ولا حدثته نفسه بذلك .. ونقول :

إننا قد نقبل من هؤلاء أن يقولوا : إن فلانا لم يفعل الشيء الفلاني ، لأن المعرفة بصدور ذلك منه أو عدم صدوره قد تكون متيسرة في كثير من الأحيان ، ولا سيما إذا كان ذلك الأمر جمع الجيوش ، والتهيؤ للحرب ، وغير ذلك من الأمور التي لا تخفى عادة.

ولكننا لا نقبل من أحد أن يقول لنا : إن فلانا لم يهم بالأمر الفلاني ، لأن الهمّ بالشيء فعل قلبي قد تصاحبه بعض الحركات باتجاه ما يهم به ، وقد يخلو عنها.

وأما أن يقول قائل لنا : إن فلانا لم تحدثه نفسه بالشيء الفلاني ، فذلك ما لا يمكن قبوله من أحد إلا من نبي ، أو وصي نبي ، لأنه قول يستبطن العبث بنا ، والإستخفاف بعقولنا ، وهذا ما لا نرضاه لأنفسنا ، لأنه من إنسان لم

٦٦

يطلعه الله على غيبه ، ولا أوقفه على ما يكنه ضمائر عباده.

صاحب الروم .. وعظيم الروم :

وقد عرفنا فيما سبق حين الكلام حول مراسلات النبي «صلى الله عليه وآله» لملوك الأرض في سنة ست : أنه «صلى الله عليه وآله» كتب إلى ملك الروم بعنوان : «إلى عظيم الروم» وكتب إليه في تبوك بعنوان : «صاحب الروم».

ولا ندري هل هذا هو نفس الملك السابق ، أم أن ذاك قد مات أو عزل ، وحل محله ملك آخر احتاج النبي «صلى الله عليه وآله» إلى الكتابة إليه ، كما كان الحال بالنسبة للنبي «صلى الله عليه وآله» مع ملك الحبشة؟

غير أن ما رأيناه في الحالتين : أنه «صلى الله عليه وآله» لم يخاطبه بصفة «ملك» ، ربما لكي لا يتوهم أحد أن ذلك يمثل إقرارا من نبي لا ينطق عن الهوى بالملك له ، ثم يشيعون : أن هذا يثبت له حقا منحه الله تعالى إياه ، ويتخذ ذلك ذريعة لخداع السذّج والبسطاء من الناس.

بين هرقل وفرعون :

ولا شك في أن رسالة النبي «صلى الله عليه وآله» إلى هرقل كانت في غاية الدقة. وهي رسالة هادئة وحازمة ، وقد راعت أهداف الإسلام ، من دون أن تعطي ذلك الطاغية أية ذريعة للتمرد ، أو اللامبالاة ، كما أنها لم تخلّ بشرط الإختيار ، والحرية لطاغية الروم ، فقد خيره بين أمور لم يذكر له الحرب ، ولا إبرام العهد ..

ولكن هرقل تخلص أولا من دحية الكلبي بكذبة كان يعرف أنها لا

٦٧

تنفع مع النبي «صلى الله عليه وآله» ، حين زعم له أنه قد أسلم.

ثم هيأ رسولا آخر ، يستطيع أن يأتيه بالمعلومات التي يحتاج إليها ، ولكنه على ما يظهر أراد أن يطمئن إلى ولاء قومه ، وطاعتهم له .. فعقد جلسة مع قسيسي الروم وبطارقتها وأخبرهم بالخيارات التي كتب بها إليه رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وقد بهرج الكلام بحيث أثار حفيظتهم ، وأيقظ عنجهيتهم الدينية أولا ، حين وضعهم وهم بطارقة وقسيسون أمام خيار قبول الإسلام ، والحال أنهم يرون أن كل ما لديهم هو نتيجة الإلتزام بالنصرانية ، والتسويق لها ، فالتخلي عنها معناه الخسارة لكل شيء.

فلم يبق أمامهم إلا خيار قبول الجزية أو والسيف ، وقد عرض عليهم إعطاء الجزية بصورة تحريضية على الرفض ، من خلال ما يثيره فيهم من شعور بالمظلومية .. حيث قال لهم : «أو أن أعطيه مالنا ، والأرض أرضنا».

ثم إنه قد صعّد من لهجته التحريضية ، التي تسوقهم إلى المقاومة بشراسة وبقسوة حين قال لهم مرة أخرى : «ليأخذن أرضنا».

ثم قال لهم ثالثة : «فلنتبعه على دينه ، أو نعطه مالنا على أرضنا» ..

ويذكرنا هذا الأسلوب بما فعله فرعون «لعنه الله» في مواجهة موسى «عليه السلام» ، وذلك حين كان الحوار يجري بينهما لإبطال ادّعاء فرعون للألوهية ، فأظهر الله تعالى المعجزة على يد موسى «عليه وعلى نبينا وآله السلام» ، بانقلاب العصا إلى ثعبان ، وظهور يده البيضاء ، لكن فرعون (قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ : إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ ..)(١).

__________________

(١) الآيتان ٣٤ و ٣٥ من سورة الشعراء.

٦٨

ثم أكد لهم ذلك بإعلانه خروجه عن دائرة الصراع ، وإيكال أمر اتخاذ القرار في حق موسى «عليه السلام» إليهم ، لأن الأمر يعنيهم ، والقضية قضيتهم ، وهو إنما كان يساعدهم على درء الخطر فقال لهم : (فَما ذا تَأْمُرُونَ)؟ (١).

وقد جاءت النتائج وفق ما خطط له قيصر ، فقد «نخروا نخرة رجل واحد ، حتى خرجوا من برانسهم ، وقالوا : تدعونا أن نذر النصرانية ، أو نكون عبيدا لأعرابي جاء من الحجاز»؟

فلما اطمأن إلى أنه قد نال ما أراد بادر إلى استيعابهم من جديد ، فطمأنهم إلى أنه إنما أراد أن يختبرهم ، ويقف على مدى صلابتهم.

ذهاب ملك النجاشي :

قد يعترض على النصوص المتقدمة بأنها تقول : إنه «صلى الله عليه وآله» قال لرسول ملك الروم : «وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فمزقها ، والله ممزقه وممزق ملكه».

مع أن الروايات تقول : إن النجاشي أسلم على يد جعفر بن أبي طالب ، وإنه قد مات في حياة النبي «صلى الله عليه وآله». فصلى عليه النبي «صلى الله عليه وآله» ، بعد أن رفع الله له كل خفض ، وخفض له كل رفع ، حتى رأى جنازته أمامه ..

والجواب : أن هذا الذي مات اسمه أصحمة ، وليس هو المقصود بكلام رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، بل المقصود هو الذي تولى بعده ،

__________________

(١) الآية ٣٥ من سورة الشعراء.

٦٩

ويقال له «النجاشي» أيضا ، لأن هذه الكلمة هي لقب ملك تلك البلاد كما يقال : كسرى وقيصر لملكي الروم والفرس ..

مؤتة هي القوة الرادعة :

ونعتقد : أن ما جرى في مؤتة على يد القادة الثلاثة الذين استشهدوا كان له أكبر الأثر في قرارات هرقل ، وكل بطارقته وأعوانه ، فقد رأيناه مذبذبا يسعى إلى التملص ، والتخلص من المواجهة ، فيزعم للنبي «صلى الله عليه وآله» في بادئ الأمر أنه على دينه ، ويرسل إليه هدية ..

ثم يرسل له رسالة أخرى ، يحاول فيها أن يطرح بعض الأسئلة ، ربما بهدف تسويف الوقت ، وعدم إفساح المجال لإلزامه بشيء ..

ولكن ما لا بد من الوقوف عنده مليا هو : أن قيصر كان لا يزال يعيش نشوة النصر على كسرى قبل نحو سنتين ، ويرى نفسه أنه يملك نصف الدنيا ، وكانت حتى بلاد الشام ، وفلسطين والأردن ، وسواها من بلاد العرب خاضعة لسلطانه ، وتدين بالولاء له.

وكان يستطيع أن يزحف بمئات الألوف من الجيوش المجهزة بأفضل الأسلحة ، ليواجه بها عربيا يعيش في صحراء الحجاز ، لا يملك من المال ما يهيء به نعالا لجيشه الذي يريد أن يخترق به تلك الصحراء الشاسعة ليتقي بها ذلك الجيش حر الرمضاء ، فيضطر الكثيرون منه إلى قطع تلك المسافات مشاة وحفاة.

إن هرقل هذا لا يجرؤ على التفوه بكلمة «لا» أمام دعوة رسول الله «صلى الله عليه وآله» له ، رغم أنه يدعوه وقومه إلى إعطاء الجزية عن يد

٧٠

وهم صاغرون ..

ولم يحدث في تاريخ طواغيت الأرض وعتاتها أن تأتي عساكر أعدائهم لتقف على تخوم بلادهم ، وهي ثلة قليلة العدد ضعيفة العدة ، ثم يسكتون ولا يحركون ساكنا ، وكأن شيئا لم يكن ، مع قدرتهم على تجنيد عشرة أضعاف ذلك العدو بأفضل عدة ، وأتم وأوفى عدد!!

بل تراه يتحايل على ذلك العدو ، ويرسل له بالهدايا ، وبالكلمات المعسولة ، حتى إنه ليدّعي ـ كاذبا ـ الإنقياد له ، والقبول به ، والتبعية والطاعة لكل ما يأمر به وينهى عنه.

ثم يتبع ذلك بما يشير إلى أنه بصدد التأكد من أمر النبوة ، وأنه يبحث عن الحقيقة ، لكي يسلب منه القدرة على التصميم على مهاجمته ، وليحرجه في قرار المضي بالحرب معه ، أو في التوغل في بلاده ، لو أنه فكر في ذلك ، لأنه كان يعلم أنه لا يمكن للنبي «صلى الله عليه وآله» أن يتخذ قرارا كهذا في حق من يظهر أنه يبحث عن الحق ، ويتلمس دلائله ..

والذي يبدو لنا : هو أن سبب هذا الإستخذاء من هرقل ، ومن أصحاب القرار في مملكة الروم هو ما جرى في مؤتة ..

فهي قد عرّفت قيصر ، ومن معه : أن الأمر في أية مواجهة مع هذا النبي الكريم «صلى الله عليه وآله» ، سيكون بالغ الخطورة ، إن لم نقل : إنهم كانوا على يقين من أنه لن يأتي لهم بغير الخزي والعار ، والذل والصّغار ، والهزيمة النكراء ، والفضيحة الصلعاء ..

إذ إن مئات الأولوف التي جاء بها قيصر إلى حرب مؤتة قد واجهت ثلاثة آلاف فقط من المسلمين ، وكان من المتوقع : أن يسقط أكثر المسلمين

٧١

صرعى في أول ساعة بل في الدقائق الأولى من المعركة ، حيث لا بد أن تتناهبهم سيوف ورماح مئات الألوف من الرجال ، إن لم نقل : إن الحجارة كانت تكفيهم ، لتبيد جميع أعدائهم وتفنيهم ..

ولكن ما حصل كان نقيض ذلك ، فإن الحرب لم تنته في اللحظات الأولى ، بل طالت ربما لأيام ، ولم يسقط فيها من الشهداء سوى عدد ضئيل جدا ، لا يتجاوز السبعة أشخاص ، كان القادة الثلاثة منهم ، ولو لا الهزيمة التي فرضها عليهم خالد بن الوليد ، فلربما بلغ السيل الزبى ، والحزام الطبيين .. والذين قتلوا من غير القادة لعلهم قتلوا بعد فرار خالد بالمسلمين ، أو على الأقل لا يمكن تأكيد قتلهم في ساحة المعركة قبل ذلك .. وقد كان هذا ، والحال أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن معهم .. فلو كان «صلى الله عليه وآله» معهم ، فكيف ستكون عليه الحال والمآل ..

ولعل قيصر وأهل الروم قد سمعوا بمعاقبة النبي «صلى الله عليه وآله» والمسلمين للعائدين من مؤتة ، حتى لقد حثوا في وجوههم التراب ، واستقبلوهم بما يكرهون ، وقد قاطعهم وعاداهم أهلهم وذووهم وإخوانهم ، وحتى نساؤهم ومحبوهم .. ولم يقل لهم أحد : «الحمد لله على سلامتكم» ..

وها هو قيصر يرى عشرة أضعاف الثلاثة آلاف ، ومعهم قائدهم ، ورائدهم وسيدهم الذي يقدسونه ، ويفدونه بأنفسهم ، فأي جيش يمكن أن يواجه هؤلاء وينتصر عليهم ، ولذلك اتخذ قرار الخداع دون الإنصياع ، والمخاتلة والمماطلة ، بديلا عن المواجهة والمقابلة ..

ولا يبعد أن حصول هرقل على أخبار إلهية من كتب سماوية وصلت إليه تتحدث عن شأن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي اضطره لاتخاذ

٧٢

الإجراءات التي اتخذها ، أو كان عاملا مؤثرا في ذلك.

الإستكبار الغبي :

وإن أقبح أنواع الإستكبار هو ذلك الذي ينضح بالغباء البغيض المهلك ، ويضج بالسماجة المقيتة والمميتة ، ولعل استكبار أولئك الأساقفة والبطارقة ، والذي وافقهم عليه ملكهم أوضح مثال على ما نقول .. إذ لا معنى لأن يستكبر هؤلاء على نبي يجدونه مكتوبا عندهم في إنجيلهم وتوراتهم ، وعلى رجل لا يريد أن يستعبدهم ، بل يريد أن يحررهم من عبادة الشيطان ، ومن العبودية للأكاسرة والقياصرة ، والطواغيت والجبابرة .. ومن أسر الشهوات ، وحب الدنيا ، وينطلق بهم نحو الله ، ليكونوا أحرارا في دنياهم ، سعداء في آخرتهم ..

ويا ليتهم يقدمون التبرير المقبول والمعقول لذلك ، بل ذكروا : أن سبب رفضهم للإنقياد له هو كونه قد جاءهم من الحجاز ، معتبريه أعرابيا ، والحال أنهم لم يروه ، ولم يسمعوا كلامه ، ولا شاهدوا معجزته .. وذلك هو الإستكبار السمج والغبي بكل تأكيد ، وأغبى منهم من قبل منهم ، ورضي عنهم ، وانقاد لمشورتهم ، مع علمه ببوار حجتهم ، وفيال رأيهم .. وهو قيصر بالذات لأن هذا الرجل قد أعلمهم مسبقا أن هذا الحجازي هو الذي أخبرتهم به كتبهم ، وعرفتهم أنه سوف ينتصر عليهم ، إن عاجلا ، وإن آجلا ، فما هذه المكابرة ، ولماذا المخاطرة؟!. إذن ..

كذب عدو الله ، وليس بمسلم :

وقد أتم الله الحجة على قيصر ، وأظهر الله تعالى كذبه وخداعه ، وأنه

٧٣

يماطل ويخاتل حين أرسل ذلك التنوخي برسالته إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، لأنها قد دلت على أنه قد كذب فيما قاله لدحية من أنه متبع للنبي «صلى الله عليه وآله» ، ولكن لا يريد أن يدع ملكه ، وقد تمت الحجة عليه بما عرفه من كتبهم التي أخبرتهم عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وبما بلغه عنه «صلى الله عليه وآله» من معجزات وكرامات وحالات ، ثم بما عاينه من صنع الله لنبيه «صلى الله عليه وآله» في غزوة تبوك .. ثم بما عاينه مبعوثه ، وأخبره به ، حيث وجد ذلك المبعوث صحة كل ما أوصاه باستكناهه ، وكشف حقيقته ، بدءا من :

١ ـ ذكره «صلى الله عليه وآله» لصحيفته ، وإخباره بما يجري على كسرى ، والنجاشي ، وبما يؤول إليه أمر قيصر .. وصولا إلى :

٢ ـ إجابته «صلى الله عليه وآله» على سؤاله عن مكان النار والجنة ، وانتهاء ب :

٣ ـ مشاهدة مبعوثه خاتم النبوة ، بعد أن ذكّره النبي «صلى الله عليه وآله» به ، إذ قد يظهر أنه كان قد نسيه ..

وقد صرح النبي «صلى الله عليه وآله» : بأن قيصرا يكذب فيما يدعيه ، فقد قال حين أخبره دحية بما قاله له : «كذب».

ولما قرأ كتابه أيضا قال : «كذب» «عدو الله» «وليس بمسلم» «بل هو على نصرانيته» ..

ورغم ذلك كله ، تجد أن المؤرخين يوردون قضية هرقل في سياق يظهر نفس ما كان يريد هرقل أن يخدع به رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وتصوير أنه مغلوب على أمره ، وأنه .. وأنه .. فهل هذا غباء؟!. أم أنهم ممن

٧٤

أضلهم الله تعالى على علم؟!. أم الإثنان معا؟!

رفض التنوخي للإسلام غير منطقي :

وقد تقدم : أن النبي «صلى الله عليه وآله» دعا ذلك التنوخي للإسلام ، فلم يقبل بحجة أنه رسول قوم ، وعلى دينهم ، ولا يرجع عن دينه حتى يرجع إليهم ..

وهي حجة واهية ، وغير منطقية ، فإن كونه رسولا لا يمنع من قبول الحق ، والإلتزام بالهدى الإلهي ، ولا سيما بعد أن رأى البينات بأم عينيه ، فقد رأى خاتم النبوة ، وسمع إخباره عما فعله قيصر بالصحيفة التي أرسلها إليه ، وعما يجري للنجاشي ، وكسرى ، وسمع وسجل إجابته على السؤال حيث طابقت تلك الإجابة ما أخبره به قيصر الذي أرسله ..

وعاين سلوك النبي «صلى الله عليه وآله» وأخلاقه مع الناس عن قرب ، حتى إنه لم يستطع أن يميزه من بينهم ، حتى احتاج للسؤال عنه ، فقال : أين صاحبكم؟ ولم يقل : من هو صاحبكم؟ وكأنه قد ظن أنه غائب ، مع أنه يأتي من قبل أحد الملوك ، ويعرف كيف يعامل الملوك رعاياهم ، وما هي حقيقة تعامل رعاياهم معهم ..

هرقل يمنع الفلاحين من الإسلام ، ومن الجزية :

وقد ورد في كتاب النبي «صلى الله عليه وآله» قوله لهرقل : «.. وإلا ..» ، أي إن لم تدخل في الإسلام ، ولم تعط الجزية ، «فلا تحل بين الفلاحين وبين الإسلام أن يدخلوا فيه ، أو يعطوا الجزية ..».

قال أبو عبيد : «لم يرد الفلاحين خاصة ، ولكنه أراد أهل مملكته جميعا ،

٧٥

وذلك أن العجم عند العرب كلهم فلاحون ، لأنهم أهل حرث وزرع ، لأن كل من كان يزرع ، فهو عند العرب فلاح ، إن ولي ذلك بنفسه ، أو وليه له غيره» (١).

فهذا الشرط من جهة يتيح للنبي «صلى الله عليه وآله» أن يتعامل مع الناس مباشرة ، من دون تدخل من قبل هرقل.

ومن جهة أخرى فإن النبي «صلى الله عليه وآله» في مقابل ذلك يعفي هرقل من الجزية ، ومن الحرب ..

وذلك من شأنه : أن يمكن النبي الكريم والعظيم «صلى الله عليه وآله» من مخاطبة الناس ، وعرض دعوته عليهم ، ويكونون هم الذين يقررون الدخول في دينه ، أو إعطاء الجزية. إذ إن خيار الحرب ليس هو الخيار المفضل عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، بل هو خيار يأتي على قاعدة : آخر الدواء الكي ، والأمر الأهم بالنسبة لرسول الله «صلى الله عليه وآله» هو استعادة حرمة الناس ، وكرامتهم ، وخياراتهم من سالبيها ، حيث إنهم يمنعون الناس حتى من أن يفكروا ، ومن أن يعتقدوا ، ومن أن يخاطبوا هذا الفريق أو ذاك.

فإذا أراد هرقل أن يميز نفسه عنهم ، ويرفض أن يختار لنفسه ما يختارونه لأنفسهم ، فذلك شأنه ، فإذا كف عن ظلمهم المتمثل بمنعهم من ممارسة حريتهم الفكرية والإعتقادية ، فإنه وإن كان الكف عن الظلم واجبا عليه ، ولكن النبي «صلى الله عليه وآله» أراد أن يزيد في إحسانه له

__________________

(١) الأموال لأبي عبيد ص ٣٢.

٧٦

بالسكوت عن مطالبته بالجزية ، والإمتناع عن مواجهته بالحرب ..

فظهر مما ذكرناه : أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أظهر أنه سيكون رفيقا بقيصر محسنا إليه ، إذا كف قيصر عن ممارسة القهر والظلم لشعبه ، وتخلى عن مصادرة حرياتهم ..

حكم الإسلام واحد :

وقد كان الملوك ولا يزالون يميزون أنفسهم عن رعاياهم ، ويرون أنه يحق لهم ما لا يحق لغيرهم .. ولكن حكم الإسلام هو أنه لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، ولا فرق بينهم في العبادات ، ولا في المعاملات ، ولا في الحقوق ، ولا في الحدود ..

وعلى هذا الأساس جاء قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» في رسالته إلى هرقل : «فإن أسلمت فلك ما للمسلمين ، وعليك ما عليهم» ، ولم يقل له : إن أسلمت فلك كذا وكذا من المال ، أو أنني أجعلك وزيرا لي ، أو أوليك على البلد الفلاني ، أو ما شاكل ذلك ..

الخطاب لهرقل دون سواه :

واللافت في هذه الرسالة ، وسائر رسائله إلى الملوك : أنه «صلى الله عليه وآله» يخاطب أولئك الملوك بما هم أفراد ، فيميزهم بذلك عن غيرهم من الناس ، فهو لم يكتب لقيصر مثلا عبارة : أسلموا تسلموا ، أو إن أسلمتم فلكم كذا ، وإن امتنعتم ، فعليكم كذا ، بل قال له هو : أسلم تسلم ، وقال : فإن أسلمت الخ ..

وذلك أولا : لأنه لا يريد أن يعترف له بأنه يمثل أحدا من الناس ، حتى

٧٧

لو كانوا قومه ، ومن يعتبرهم هرقل رعية له.

وثانيا : لأنه إن أسلم ، فسيلتزم بتعاليم الشريعة التي منها ترك الحرية للناس في أن يختاروا دينهم ، وسيتعامل معهم وفق ما يختارونه ، وسيطبق عليهم أحكام الله ، لأن الإيمان والإلتزام به ، والعمل بمقتضاه ، والكفر والجحود هو فعل ومسؤولية الأشخاص ، وهم الذين يواجهون آثار وتبعات ما يختارونه من ذلك ..

ولكن الملوك يمثلون ـ في العادة ـ العقبة الكأداء أمام ممارسة الناس لحقهم ، فيحتاج الأمر إلى مخاطبتهم أولا ، من دون أن يكون لهذا الخطاب أي تأثير على حق الرعية .. حسبما أوضحناه ..

ملك أيلة ، وجربا ، ومقنا :

وكان أهل أيلة يهودا ، فلما بعث رسول الله «صلى الله عليه وآله» خالد بن الوليد إلى أكيدر بدومة ـ كما بيناه في السرايا ـ أشفق ملك أيلة ، يحنة بن رؤبة أن يبعث إليه رسول الله «صلى الله عليه وآله» كما بعث إلى أكيدر ، فقدم على النبي «صلى الله عليه وآله» ، وقدم معه أهل جربا وأذرح ومقنا ، وأهدى لرسول الله «صلى الله عليه وآله» بغلة (١).

وعرض عليه «صلى الله عليه وآله» الإسلام ، فلم يسلم (٢).

قال أبو حميد الساعدي : قدم على رسول الله «صلى الله عليه وآله» ابن العلماء ، صاحب أيلة بكتاب ، فأهدى إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٦٠.

(٢) المغازي للواقدي ج ٣ ص ١٠٣١ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٤٨٠ عنه.

٧٨

بغلة بيضاء ، وكساه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بردا ، وكتب له رسول الله «صلى الله عليه وآله» ببحرهم (١).

وعن الواقدي قال : رأيت يحنّة بن رؤبة يوم أتي به رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعليه صليب من ذهب ، وهو معقود الناصية ، فلما رأى رسول الله «صلى الله عليه وآله» كفّر (أي وضع إحدى يديه على الأخرى) ، وأومأ برأسه ، فأومأ إليه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بيده أن ارفع رأسك.

وصالح النبي «صلى الله عليه وآله» يحنة يومئذ ، وكساه بردا يمنية ، فاشتراه بعد ذلك أبو العباس عبد الله بن محمد بثلاثمائة دينار ، وأمر له بمنزل عند بلال انتهى (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٦٠ و ٤٦١ عن البخاري ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، ومسلم ، وقال في هامشه : أخرجه مسلم ج ٣ ص ١٠١١ (٥٠٣ / ١٣٩٢).

وراجع : المغازي للواقدي ج ٣ ص ١٠٣١ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ١١٤ عنه ، وراجع : صحيح البخاري ج ٢ ص ١٣٢ وج ٣ ص ١٤١ وج ٤ ص ٦٤ وعمدة القاري ج ٩ ص ٦٤ وج ١٣ ص ١٦٨ وج ١٣ ص ١٧٠ وج ١٥ ص ٨٥ وتحفة الأحوذي ج ٥ ص ١٦٥.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٦٠ و ٤٦١ عن الواقدي ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ١١٤ عن المصادر التالية : البداية والنهاية ج ٥ ص ١٦ و ١٧ (واللفظ له) والطبقات الكبرى ج ١ ص ٢٩٠ وفي (ط أخرى) ج ١ ق ٢ ص ٣٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٦٠ وزيني دحلان (بهامش الحلبية) ج ٢ ص ٣٧٥ ورسالات نبوية ص ٨٩ وجمهرة رسائل العرب ج ١ ص ٤٩ عن شرح الزرقاني للمواهب اللدنية ج ٣ ص ٤١٣ ومدينة البلاغة ج ٢ ص ٣٤٩. ومجموعة الوثائق السياسية ص ١١٨ / ٣٢ عن جمع ممن تقدم ، وعن إمتاع الأسماع للمقريزي ج ١ ص ٤٦٨

٧٩

كتابه صلّى الله عليه وآله ليحنّة :

قالوا : وقطع رسول الله «صلى الله عليه وآله» الجزية ، جزية معلومة ، ثلاثمائة دينار كل سنة ، وكانوا ثلاثمائة رجل ، وكتب لهم بذلك كتابا فيه :

«بسم الله الرحمن الرحيم :

هذا كتاب أمنة من الله تعالى ، ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة ، لسفنهم وسائرهم ، السارح في البر والبحر ، لهم ذمة الله وذمة رسوله «صلى الله عليه وآله» ، ولمن كان معهم من أهل الشام ، وأهل اليمن ، وأهل البحر. ومن أحدث حدثا فإنه لا يحول ماله دون نفسه ، وإنه طيب لمن أخذه من الناس ، وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ، ولا طريقا يردونه من بر أو بحر».

هذا كتاب جهيم بن الصلت ، وشرحبيل بن حسنة ، بإذن رسول الله

__________________

و ٤٦٩ وأخرى في القسم الغير المطبوع (خطية كوپرلو) ص ١٠٤٠ والمواهب اللدنية ج ١ ص ٢٩٧ ومنشئات السلاطين ج ١ ص ٣٤ وشرح الزرقاني ج ٣ ص ٣٦٠ ودلائل النبوة للبيهقي (خطية كوپرولو) ج ١ ورقة ٢٣ ـ ب. ثم قال :

قابل الطبقات ج ١ ق ٢ ص ٣٧ و ٣٨ وشرح السيرة لإبراهيم الحلبي ورقة ١١٥ ـ ب ، وفتوح البلدان ص ٥٩ والخراج لقدامة ورقة ١٢٤ ، مخطوطة باريس ، ولسان العرب ، والمواهب اللدنية ج ٣ ص ١٦٠ والتنبيه والإشراف ص ٢٨٢ والنهاية لابن الأثير مادة جرب ، وانظر مجلة تحقيقات علمية في مراجع المكتوب ص ٢٦ (كايتاني) ج ٩ ص ٢٣٩ التعليقة الثانية و (اشپرنكر) ج ٣ ص ٤٢٢ و ٤٢٤ و (اشپربر) ص ٤٤ و ٤٥.

٨٠