الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٠

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٣٠

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-202-1
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥١

أمرها رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن تطوف بالبيت ، وتصلي ، ولم ينقطع عنها الدم ، ففعلت ذلك (١).

قصة الحمار الوحشي والظبي :

قالوا : فلما كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالروحاء رأى حمارا وحشيا عقيرا ، قال : «دعوه يوشك أن يأتي صاحبه» ، فجاء صاحبه إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : «شأنكم بهذا الحمار» ، فأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» أبا بكر فقسمه بين الرفاق.

ثم مضى «صلى الله عليه وآله» حتى كان بالأثاية ، بين الرويثة والعرج ، إذا ظبي حاقف في ظل ، وفيه سهم ، فأمر رجلا ـ قالوا : هو أبو بكر الصديق ـ أن يقف عنده ، لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزوه (٢).

__________________

(١) البحار ج ٢١ ص ٣٧٩ عن الكافي (الفروع) ج ١ ص ٢٨٩ ورسائل الشريف المرتضى ج ١ ص ١٧٣ والمعتبر للمحقق الحلي ج ١ ص ٢٥٤ ومنتهى المطلب (ط. ج) للعلامة الحلي ج ٢ ص ٤٣٨ و (ط. ق) ج ١ ص ١٢٤ ومشرق الشمسين ص ٣٢٦ وكشف اللثام (ط. ج) ج ٥ ص ٤٠٦ و (ط. ق) ج ١ ص ٣٣٣ وذخيرة المعاد (ط. ق) ج ١ ق ٣ ص ٦٤٤ ومستند الشيعة ج ٢ ص ٤٤٢ والكافي ج ٤ ص ٤٤٩ وتهذيب الأحكام ج ١ ص ١٧٩ وتهذيب الأحكام ج ١ ص ١٨٠ وتهذيب الأحكام ج ٥ ص ٣٩٩ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ٢ ص ٣٨٤ و ٣٨٨ و (ط دار الإسلامية) ج ٢ ص ٦١٢ و ٦١٦ وعوالي اللآلي ج ١ ص ٣٠٧.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٤٥٩ وفي هامشه عن : أحمد ج ٣ ص ٤٥٢ والنسائي ج ٥ ص ١٤٣ وراجع : كتاب الموطأ لمالك ج ١ ص ٣٥١ والمغني لابن قدامة

٣٠١

قالوا : والفرق بين قصة الظبي ، وقصة الحمار : أن الذي صاد الحمار كان حلالا ، فلم يمنع من أكله ، وهذا لم يعلم أنه حلال ، وهم محرمون ، فلم يأذن لهم في أكله ، ووكل من يقف عنده لئلا يأخذه أحد حتى يجاوزوه (١).

ونقول :

أولا : لم يظهر لنا من قصة الظبي الحاقف أنه كان ميتا ، فلعله كان لا يزال جريحا وحيا ..

بالنسبة للحمار العقير ، وتوظيف رجل بحراسته ، وحفظه نقول :

١ ـ إنه أراد أن يحفظ حق صاحبه الذي صاده.

٢ ـ إنه أراد أن يفهم من معه أن عليهم أن يراعوا الأحكام الشرعية ، حتى لا يعتدوا على مال الغير ، ولكي لا يرتكبوا مخالفة نهي الشارع المحرمين عنه ..

٣ ـ وربما يكون من الصحيح القول أيضا بأنه فعل ذلك رفقا لذلك الحيوان حتى لا يتعرض لأذى المتطفلين والعابثين ..

ثانيا : حتى لو كان ميتا ، فإنه لا يجوز أكله لأحد إذا لم يذّك بفري الأوداج ، أو كان قد اصطيد بنحو يؤدي إلى ذكاته ، وحلية أكله.

ولو جاز أكله لم يجز ذلك للمحرم ، حتى لو وصاده المحل.

ثالثا : إن قصة حمار الوحش إنما كانت بالروحاء ، وهي على بعد أربعين

__________________

ج ٣ ص ٢٩١ والشرح الكبير لابن قدامة ج ٣ ص ٢٩١ والمحلى لابن حزم ج ٧ ص ٢٥١ ومسند أحمد بن حنبل ج ٣ ص ٤٥٢ وسنن النسائي ج ٥ ص ١٨٣ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٦٢٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٥ ص ١٨٨.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٤٥٩.

٣٠٢

ميلا أو نحوها من المدينة (١) ، ولا شك في أنها بعد الميقات ، وقد كانوا محرمين عندها.

ويدل على ذلك : أنهم يقولون : إنه «صلى الله عليه وآله» لما صار بالأبواء أهدى له الصعب بن جثمامة حمار وحش.

وفي رواية : (عجز حمار وحش).

وفي رواية : (لحم حمار وحش ، يقطر دما).

أو : (شق حمار وحشي).

أو : (رجل حمار وحش ، فرده) ، وقال : إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم (٢).

رابعا : إنه يظهر أن الذي رمى الظبي بسهم لم يحضر ليرخصهم في الإستفادة من لحم ذلك الظبي ، وليؤكد لهم ذكاته أيضا.

مساجد بناها الناس :

قالوا : ومضى «صلى الله عليه وآله» يسير المنازل ، ويؤم أصحابه في الصلوات في مساجد له ، بناها الناس ، وعرفوا مواضعها (٣).

__________________

(١) وفاء الوفاء ج ٤ ص ٩٢٢٢.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٤٦٠ وفي هامشه عن : البخاري ج ٤ ص ٣١ (١٨٢٥ و ٢٥٧٣) ومسلم ج ٢ ص ٨٥٠ (٥٠ / ١١٩٣) وراجع : فتح العزيز ج ٧ ص ٤٩٦ والمجموع للنووي ج ٧ ص ٣٠٦ و ٣٢٥ ومغني المحتاج ج ١ ص ٥٢٥ وكتاب الموطأ لمالك ج ١ ص ٣٥٣ و ٣٢٧ والمغني لابن قدامة ج ٣ ص ٢٩٠ والشرح الكبير لابن قدامة ج ٣ ص ٢٩٠.

(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٧٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٤٥٩ عنه.

٣٠٣

أي أن الناس كانوا يبنون مساجد في المواضع التي كان يصلي فيها رسول الله «صلى الله عليه وآله».

وهذا دليل آخر على صحة التبرك والتأسي برسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وعلى هذا جرت سيرة المسلمين والمؤمنين ، ولم يعترض أحد من الصحابة على ذلك ، بل كان الصحابة أنفسهم يفعلون ما يؤكده ، بمرأى من الناس وبمسمع من النبي نفسه «صلى الله عليه وآله».

فما معنى أن تظهر في آخر الزمان شرذمة تمنع الناس من التبرك بهذه الآثار المباركة وتسعى في هدمها وإبطالها.

ضياع زاملة رسول الله صلّى الله عليه وآله!! :

قالوا : ثم سار «صلى الله عليه وآله» حتى إذا نزل بالعرج ، وكانت زاملته وزاملة أبي بكر واحدة ، وكانت مع غلام لأبي بكر ، فجلس رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأبو بكر إلى جانبه وعائشة إلى جانبه الآخر ، وأسماء بنت أبي بكر إلى جانبه ، وأبو بكر ينتظر الغلام أن يطلع عليه ، فطلع وليس معه البعير ، فقال : أين بعيرك؟

فقال : أضللته البارحة.

فقال أبو بكر ـ وكان فيه حدة ـ : بعير واحد تضله ، فطفق يضرب الغلام بالسوط ، ورسول الله «صلى الله عليه وآله» يتبسم ويقول : «انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع»؟

وما يزيد رسول الله «صلى الله عليه وآله» على أن يقول ذلك

٣٠٤

ويتبسم؟! (١).

قال الصالحي الشامي : سبق أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» حج على رحل ، وكانت زاملة. أي أن الرحل والزاملة شيء واحد ، وكان الرحل والزاملة لرسول الله «صلى الله عليه وآله» وليس لأبي بكر ، فقول الرواية هنا : إن زاد النبي «صلى الله عليه وآله» كان على زاملة أبي بكر ينافي ذلك.

فأجاب عن ذلك بقوله : قال المحب الطبري : يحتمل أن يكون بعض الزاملة عليها (أي على رحله «صلى الله عليه وآله») ، وبعض الزاملة مع زاملة أبي بكر.

ولما بلغ آل فضالة الأسلمي ، أن زاملة رسول الله «صلى الله عليه وآله» ضلت ، حملوا له جفنة من حيس ، فأقبلوا بها حتى وضعوها بين يدي رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فجعل رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول : «هلم يا أبا بكر ، فقد جاء الله تعالى بغذاء أطيب».

وجعل أبو بكر يغتاظ على الغلام.

فقال له رسول الله «صلى الله عليه وآله» : «هون عليك يا أبا بكر ، فإن الأمر ليس إليك ، ولا إلينا معك ، وقد كان الغلام حريصا على ألا يضل بعيره. وهذا خلف مما كان معه».

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٤٦٠ وقال : ترجم أبو داود على هذه القصة في باب «المحرم يؤدب» ، وفقه السنة للسيد سابق ج ١ ص ٦٧٠ ومسند أحمد ج ٦ ص ٣٤٤ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ٩٧٨ وسنن أبي داود ج ١ ص ٤٠٩ والمعجم الكبير للطبراني ج ٢٤ ص ٩٠ وتفسير ابن كثير ج ١ ص ٢٤٦ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٣٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٢٢٠.

٣٠٥

ثم أكل رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأهله ، وأبو بكر ، ومن كان معه يأكل حتى شبعوا.

فأقبل صفوان بن المعطل ، وكان على ساقة الناس ، والبعير معه ، وعليه الزاملة ، فجاء حتى أناخ على باب منزل رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» لأبي بكر : «أنظر هل تفقد شيئا من متاعك»؟.

فقال : ما فقدت شيئا إلا قعبا كنا نشرب فيه.

فقال الغلام : هذا القعب معي.

فقال أبو بكر لصفوان : أدّى الله عنك الأمانة.

وجاء سعد بن عبادة ، وابنه قيس ومعهما زاملة تحمل زادا يؤمان رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فوجدا رسول الله «صلى الله عليه وآله» واقفا بباب منزله ، قد رد الله عز وجل عليه زاملته ، فقال سعد : يا رسول الله ، بلغنا أن زاملتك ضلت الغداة ، وهذه زاملة مكانها.

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : «قد جاء الله بزاملتنا ، فارجعا بزاملتكما بارك الله فيكما» (١).

ونقول :

ويعود الحديث هنا من جديد عن ضياع زاملة رسول الله «صلى الله عليه وآله» وفق ما تعودناه في رواياتهم لأسفار رسول الله «صلى الله عليه وآله» .. ونحن وإن كنا لا نمانع في أن تضيع زاملته أو ناقته «صلى الله عليه

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٤٦٠ وإمتاع الأسماع المقريزي ج ٢ ص ١٠٦ و ٢١٤ وراجع : تاريخ مدينة دمشق ج ٢٠ ص ٢٥٨.

٣٠٦

وآله» أكثر من مرة ، غير أننا نلمح في كثير من الأحيان أن ثمة رغبة في التسويق لأشخاص هم من فريق واحد ، من خلال إظهار خصوصية ، لهم في أنفسهم ، أو الإيحاء ، بأن لهم نحو اختصاص برسول الله «صلى الله عليه وآله» ..

ولم نجد لأي من الفريق الآخر في رواياتهم أي حضور في جميع تلكم المواقع والمواضع ، ولا في سواها إلا عند ما يعجزون عن تغطية دور ذلك الفريق ، أو أحد رموزه الكبار ، أو عن تحريفه وتزييفه ، أو عن نسبته إلى مناوئي علي «عليه السلام» وشانئيه ..

ومهما يكن من أمر ، فإن هناك العديد من النقاط التي تستوقفنا في حديث ضياع الزاملة هنا ، ونذكر منها ما يلي :

زاملة النبي صلّى الله عليه وآله وزاملة أبي بكر واحدة :

وقد ادّعت الرواية السابقة : أن زاملة النبي «صلى الله عليه وآله» وزاملة أبي بكر كانت في حجة الوداع واحدة ، وكانت مع غلام لأبي بكر ..

وتضمنت الرواية : أنه «صلى الله عليه وآله» جلس ، فجلس أبو بكر إلى جانب الرسول «صلى الله عليه وآله» وعائشة إلى جانبه الآخر .. وأسماء إلى جانب أبي بكر الخ ..

ونقول :

أولا : لماذا كانت أسماء بنت أبي بكر حاضرة معهم في بيت الرسول «صلى الله عليه وآله» ، ولم تكن عند الزبير بن العوام زوجها؟!

ثانيا : أين كانت أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر ، فإنها كانت معهم

٣٠٧

في ذلك المسير ، وقد ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة؟!

ولماذا تركها أبو بكر وحدها ، وجاء بابنته أسماء دونها؟!

ولماذا يدخل أبو بكر على رسول الله «صلى الله عليه وآله» النساء الأجانب اللواتي يتحرج «صلى الله عليه وآله» منهن؟!

وأين كان سائر نساء النبي «صلى الله عليه وآله» ، فإنهن كن جميعا برفقته؟ وهل كان جميع طعام النبي «صلى الله عليه وآله» وطعام جميع نسائه محمولا على جمل واحد بالإضافة إلى طعام أبي بكر وطعام من معه من العيال والنساء؟!

ثالثا : بالنسبة للزاملة نقول :

إن ما نعرفه عن النبي «صلى الله عليه وآله» هو أنه لم يرض بركوب ناقة أبي بكر حين الهجرة إلا بعد أن اشتراها منه بالثمن ، فهل كان أبو بكر قد وضع زاده مع زاد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، واستفاد من زاملة النبي «صلى الله عليه وآله»؟!

أم أن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي استفاد من زاملة أبي بكر ، وحين استفاد منها هل أعطاه أجرتها؟!

أم اشتراها منه؟! أم رضي بوضع زاده على زاملة غيره ، دون مقابل؟!

فإن كان الخيار الأخير هو الصحيح ، فلما ذا رضي في حجة الوداع بما لم يرضه يوم الهجرة من مكة. وإن كانت الخيارات الأخرى هي الصحيحة ، فلما ذا لم يبينها لنا الرواة؟!

٣٠٨

أبو بكر يضرب الغلام والنبي صلّى الله عليه وآله يبتسم :

وعن ضرب أبي بكر لغلامه بالسوط نقول :

أولا : لماذا يضرب أبو بكر غلامه بمحضر رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، دون أن يستأذنه «صلى الله عليه وآله»؟! ألا تعد مبادرته إلى ضرب الغلام إساءة أدب تجاه رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!

ثانيا : إذا كان ضرب الغلام مما لا ينبغي للمحرم ، كما ظهر من قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» : «انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع» ، فقد كان ينبغي أن يغضب النبي «صلى الله عليه وآله» ، أو أن يظهر الإنقباض ، وأن يزجره عن فعله هذا ، لا أن يبتسم!!

ثالثا : من أين ثبت لأبي بكر أن الغلام كان مقصرا في مهمته ، وانه يستحق الضرب ، وهو لم يسأله عما جرى ، ولا عرف منه سبب غفلته عنه؟! فلعل الغلام سها أو غلبته عيناه فنام ، فانسل البعير إلى جهة مجهولة ، فانتبه ، فلم يجده.

رابعا : إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» يعلم أن الغلام كان حريصا على البعير كما صرحت به الرواية ، فلما ذا ترك أبا بكر يضربه بالسوط ، ويواصل تغيظه عليه ، ولماذا لا يدفعه أو يردعه عن ضرب ذلك الغلام المسكين؟! أو لماذا لم يقل ذلك لأبي بكر من أول الأمر؟!

خامسا : إذا كان الأمر ليس لأبي بكر ، ولا إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ولا إلى غيره معه كما تقول الرواية ، فلما ذا لم يعاقب أبا بكر على ظلمه لذلك الغلام المسكين.

سادسا : من أين عرف صفوان بن المعطل أن الزاملة لرسول الله «صلى الله

٣٠٩

عليه وآله»؟! والحال أن الجمل لأبي بكر! إذ ما أكثر الجمال في ذلك المسير ..

هود وصالح يحجان :

قالوا : فلما مر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بوادي عسفان ، قال : «يا أبا بكر أي واد هذا»؟

قال : «وادي عسفان».

قال : «لقد مر به هود ، وصالح ، (ونوح) على بكرين أحمرين (بكرات حمر) خطمهما ليف ، وأزرهم العباء ، وأرديتهم النمار ، يلبون ، يحجون البيت العتيق (١).

ونقول :

إن هذا النص يحتاج إلى ما يؤكده ويقويه ، فإن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن يجهل ذلك الموضع ، فقد مر به عدة مرات ، ولا سيما حين الهجرة ، وحين فتح مكة ، فلما ذا يسأل أبا بكر عنه ، في حين أن السائل أعلم بالأمر من المسؤول؟!

وسؤال آخر وهو : أنه هل لم يحج البيت مارا بوادي عسفان سوى هود وصالح؟! أليس قد حج قبلهما إبراهيم وإسماعيل حسبما جاء في القرآن الكريم؟!

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٤٦١ ومسند أحمد ج ١ ص ٢٣٢ والعهود المحمدية للشعراني ص ٢١٩ وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٢٤٠ والدر المنثور ج ٣ ص ٩٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٦٢ ص ٢٧٥ والبداية والنهاية ج ١ ص ١٥٨ وقصص الأنبياء لابن كثير ج ١ ص ١٦٣.

٣١٠

إلا إذا كان «صلى الله عليه وآله» يريد التذكير بما جرى لهذين النبيين العظيمين مع قومهما ، وأنه سيجري من أصحابه على خليفته ما يشبه ذلك ، والله هو العالم بحقيقة الحال.

وما فائدة ذكر البكرين الأحمرين؟! وذكر خطامهما ، وأنهما من ليف؟!

وما فائدة ذكر أزرهما ، وأرديتهما؟!

ولماذا؟! ولماذا؟!

متى حج النبي صلّى الله عليه وآله متمتعا؟! :

ويلاحظ هنا : أن بعض الروايات تقول عن التمتع بالعمرة إلى الحج : أمرنا بها رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، أو فعلناها مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» أو نحو ذلك ، وهو تعبير منسجم مع ما جرى ، وليس فيه ما يريب ، أو ما يدعو إلى التساؤل ..

لكن هناك تعابير وردت ربما تكون مثارا للسؤال ، كقول بعض الروايات : تمتع نبي الله وتمتعنا معه (١).

وفي رواية : أعلم أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» جمع بين حج وعمرة ، ثم لم ينزل فيها كتاب ، ولم ينهنا عنهما الخ ..

__________________

(١) الغدير ج ٦ ص ١٩٩ عن صحيح مسلم ج ٣ ص ٧١ ح ١٦٩ ـ ١٧١ وراجع : تلخيص الحبير ج ٧ ص ١١٣ وصحيح مسلم ج ٤ ص ٤٨ وسنن النسائي ج ٥ ص ١٥٥ و ١٧٩ وشرح مسلم للنووي ج ٨ ص ٢٠٥ والسنن الكبرى للنسائي ج ٢ ص ٣٥٠ و ٣٦٧ والمعجم الكبير للطبراني ج ٧ ص ١٣٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٤٥٦.

٣١١

أو قول عمر عن حج التمتع : قد علمت أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد فعله وأصحابه.

أو قول سعد بن مالك عن المتعة : قد صنعها رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وصنعناها معه.

أو قول ابن عمر : قد فعله رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأمر به وغير ذلك (١).

ويمكن أن يجاب : بأنه بعد أن ثبت أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد حج قارنا لا متمتعا ، فلا بد أن تحمل هذه الروايات على أن ثمة تصرفا تعرض له النص الأصلي ، بأن يكون الرواة قد بدلوا الحديث الذي كان عن متعة النساء ليصبح عن متعة الحج ، أو لا بد من طرح النص وإهماله ، والأخذ بما يتوافق مع الثابت عنه «صلى الله عليه وآله» ، وهو تلك النصوص المتواترة التي صرحت بأنه «صلى الله عليه وآله» قد فرض عليهم فسخ حجهم إلى عمرة ، ليكون حجهم حج تمتع ، وأنه «صلى الله عليه وآله» بقي على حج القران ، لأنه ساق الهدي.

وقد يحمل بعض النصوص على أن قوله : جمع بين حجة وعمرة : أنه أمر بذلك ، وشرعه ، وقرره ..

أما النصوص المطلقة ، فيمكن حملها على إرادة متعة النساء ، أيضا ..

وبعض نصوص قول ابن عمر قد جاء على صورة القضية التعليقية ، التقديرية ، فلا تدل على أنه «صلى الله عليه وآله» قد فعل ذلك على الحقيقة ..

__________________

(١) راجع النصوص في كتاب الغدير ج ٦ ص ١٩٨ وما بعدها.

٣١٢

الطيب للمحرم حرام :

وقد زعمت الروايات المتقدمة : أن النبي «صلى الله عليه وآله» تطيب ، وأن عائشة كانت ترى الطيب في مفرق رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعد أيام ، أو بعد ثالثة وهو محرم.

ونقول :

لا ريب في عدم صحة ذلك ، قال ابن قدامة : «أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الطيب. وقد قال النبي «صلى الله عليه وآله» في المحرم الذي وقصته راحلته (١) : «لا تمسوه بطيب» رواه مسلم.

وفي لفظ : «لا تحنطوه» متفق عليه.

فلما منع الميت من الطيب لإحرامه فالحي أولى. ومتى تطيب فعليه الفدية» (٢) انتهى.

أحرم بعد صلاة الظهر :

ولا نرى تناقضا بين قولهم في النص المتقدم : أنه «صلى الله عليه وآله» لما صلى الصبح أخذ في الإحرام ..

وبين قولهم : إنه «صلى الله عليه وآله» أحرم بعد صلاة الظهر ، فإن

__________________

(١) أي رمت به فدقت عنقه.

(٢) المغني لابن قدامة (ط دار عالم الكتب سنة ١٤١٧ ه‍) ج ٥ ص ١٤٠ و (ط دار الكتاب العربي) ج ٣ ص ٢٩٣ عن مسلم ، وراجع الشرح الكبير لابن قدامة ج ٣ ص ٢٧٩ وكشاف القناع للبهوتي ج ٢ ص ٤٩٨ وتذكرة الفقهاء (ط. ج) للعلامة الحلي ج ٧ ص ٣٠٣.

٣١٣

المقصود بأخذه في الإحرام هو التهيؤ له ، بفعل مقدماته ، مثل الغسل المستحب قبله ، وإزالة الشعر ونحو ذلك ..

الأمر بفسخ الحج إلى العمرة :

وقد تقدم : أن أربعة عشر من الصحابة قد رووا عن النبي «صلى الله عليه وآله» أمره بفسخ الحج إلى العمرة ، فحل الناس كلهم إلا النبي «صلى الله عليه وآله» ومن كان معه هدي ، لأنه كان قد ساق الهدي ، فصار حجهم حج قران.

ثم إنه «صلى الله عليه وآله» أخبرهم : أن حج التمتع الذي نزل الأمر به بعد أن ساق النبي «صلى الله عليه وآله» الهدي أفضل من حج القران ، وأنه بعد حجه هذا سوف يختار الأفضل ، وأنه لو كان استقبل من أمره ما استدبر لما ساق الهدي ولجعلها عمرة ..

وقد ادّعى ابن القيم حسبما تقدم : أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد خير من لم يكن معه هدي بين حج القران وحج التمتع في سرف ، فلما وصل إلى مكة ألزم من ليس معه هدي بجعلها عمرة ، وأن يحج متمتعا ، ومن معه هدي ألزمه بحج القران في مكة.

وهو كلام غير دقيق .. فإن الذين لم يسوقوا الهدي ، وقد احرموا من الميقات لم يكونوا مخيرين بين القران والتمتع. بل كان فرضهم التمتع حصرا ، ولكن ذلك لم يكن يروق لهم ، بل كانوا يعارضونه أشد المعارضة ، وقد عارضه عمر بن الخطاب في مكة. فأحب «صلى الله عليه وآله» أن يتدرج معهم في إبلاغهم هذا الحكم. فقال لهم أولا : من أحب. ثم لما

٣١٤

وصلوا إلى مكة ألزمهم بما فرضه الله تعالى عليهم ، ولم يلتفت إلى كلام عمر ، ولا إلى كلام غيره ..

وسيأتي الحديث عن موقف عمر هذا إن شاء الله ..

دخلت العمرة في الحج إلى الأبد :

وقد فسر البعض قوله «صلى الله عليه وآله» : «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» ، بأن العمرة جزء من حج القران ، فمن ثم قيل : قرن ، أي قرن بين الحج والعمرة وقالوا : إنه «صلى الله عليه وآله» كان مفردا أولا ، ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك ، وأدخلها على الحج فصار قارنا ، واكتفى بطواف الحج وسعيه عنه وعنها ، كما زعم ابن كثير.

ونقول :

إن دعوى وجود عمرة في ضمن حج القران ، من دون أن يكون لها طواف ولا صلاة ، ولا سعي ، ولا تقصير تحتاج إلى إثبات قاطع للعذر .. وما قولهم : إنه اكتفى بطواف الحج وسعيه عن طواف العمرة وسعيها إلا اقتراح وافتراض إلا إن لم يقترن بالدليل والحجة ..

وكلمة : «دخلت العمرة في الحج إلى الأبد» ، قد قيلت في جواب سراقة عن حكمة تحويل وفسخ حج الناس الذين لم يسوقوا الهدي إلى العمرة التي تسبق حج التمتع ، فأجابه «صلى الله عليه وآله» بالتأكيد على أن فرض الذين لا يسكنون داخل المواقيت إلى جهة مكة ما إذا لم يسوقوا الهدي هو التمتع ، ولزوم تقديم العمرة على الحج. وأن هذا الحكم ثابت إلى الأبد.

٣١٥

التلويح ثم التصريح :

وتقدم قولهم : إن النبي «صلى الله عليه وآله» خرج من المدينة لا يسمى حجا ولا عمرة ، ينتظر القضاء ، فنزل عليه القضاء بين الصفا والمروة ، فأمر من لم يكن معه هدي يجعلها عمرة.

ونقول :

إن النبي «صلى الله عليه وآله» كان عالما بالحكم ، وقد صرحت النصوص : بأنه «صلى الله عليه وآله» أهلّ بحج القران كما تقدم ، ولكنه لم يكن يصرح للناس بشيء ، لأنه كان يتصرف وفق خطة إلهية تهدف إلى تكريس حج التمتع الذي كان يلقى معارضة شديدة .. فأشار عليهم بحج التمتع بسرف ، فلم يستجيبوا له ، فلما بلغ مكة أمرهم به بصورة جازمة ، فاعترض عليه عمر ، فلم يلتفت إليه ، وأمضى ذلك عليهم ..

وقد ميز نفسه عنهم بحج القران ، ليؤكد لهم ولكل أحد تحديد ما يرمي إليه ، ولا يفسح المجال لأي تأويل أو افتئات ، فإنه كان يعرف أن هذا الحكم سيلقى معارضة قوية.

وكان لا بد أن يتخذ الإجراءات المناسبة ليكسر حالة اللجاج والعناد التي ظهرت آثارها في اعتراض عمر الذي استمر على المعارضة الشديدة حتى في زمن خلافته ..

دخلت العمرة في الحج :

وعن جوابه «صلى الله عليه وآله» لسراقة بن مالك عن فسخ الحج إلى العمرة بقوله : «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» نقول :

٣١٦

إن فسخ الحج إلى عمرة قد لا يصدق على كثيرين ، فقد قالت عائشة : «خرجنا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» : لا نذكر حجا ولا عمرة» (١) .. فإذا كانت عائشة وأمثالها لا يذكرون شيئا منهما ، فما بالك بالآخرين ، الذين كان أكثرهم بعيدين عن التدقيق في مثل هذا الأمر.

عمر لا يرضى بحكم الله!! :

ورغم أن الآية القرآنية الكريمة تنص على تشريع التمتع بالعمرة إلى الحج ، في قوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)(٢).

ورغم أن الناس قد فعلوا حج التمتع في عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وبالذات في السنة العاشرة من الهجرة ، وذلك قبل استشهاد النبي «صلى الله عليه وآله» بقليل ، الذي كان في الثامن والعشرين من شهر صفر ..

نعم ، رغم ذلك ، فإن عمر بن الخطاب قد أصر على مواصلة إنكاره لحج التمتع ، حتى إذا نال ما تمناه من الإمرة على الناس بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» منعهم عنها بالقوة ، وقد تقدم حديث منعه عن متعة

__________________

(١) صحيح مسلم ج ٤ ص ٣٣ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٥ ص ٦ و ٣٩ وشرح مسلم للنووي ج ٨ ص ١٣٨ معرفة السنن والآثار البيهقي ج ٣ ص ٥١٢ و ٥٥٥ وأضواء البيان للشنقيطي ج ٤ ص ٣٧١ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٦٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٢٨١ و ٢٨٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٤٥٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٣١١.

(٢) الآية ١٩٦ من سورة البقرة.

٣١٧

الحج ومتعة النساء ، وتوعده بعقوبة من يفعل أية واحدة منهما ..

ونشير فيما يلي إلى نصوص أخرى ذكرت منعه عن متعة الحج بالخصوص ، فقد روي عن أبي موسى : أنه سأل عمر عن متعة الحج ، فأجابه بقوله : «قد علمت أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد فعله وأصحابه ، ولكنني كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم» (١).

وقد فسرت بعض الأحاديث الرجل الذي لم يرضى بحكم الله في النسك بعمر (٢).

وقد اعترض الضحاك على سعد بن مالك : بأن عمر قد نهى عن حج التمتع ، فقال له سعد : قد صنعها رسول الله «صلى الله عليه وآله» وصنعناها معه (٣).

__________________

(١) الغدير ج ٦ ص ٢٠٠ عن مسلم في صحيحه ج ٣ ص ٦٧ ح ١٥٧ ، وابن ماجة ج ٢ ص ٩٩٢ ومسند أحمد ج ١ ص ٥٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٥ ص ٢٠ وسنن النسائي ج ٥ ص ١٥٣ وتيسير الوصول ج ١ ص ٣٤٠ وشرح الزرقاني على موطأ مالك ، والبحار ج ٣٠ ص ٦١٧.

(٢) الغدير ج ٦ ص ٢٠٠ وعن صحيح مسلم ج ٣ ص ١٧٠ ح ١٦٥ و ١٦٦ و ١٦٧.

(٣) الغدير ج ٦ ص ٢٠١ عن كتاب الأم للشافعي ج ٧ ص ١٩٩ والموطأ لمالك ج ١ ص ١٤٨ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٥ ص ٧ وسنن النسائي ج ٥ ص ١٥٢ والجامع الصحيح للترمذي ج ٣ ص ١٨٥ والمواهب اللدنية ج ٤ ص ٤١٢ وعن زاد المعاد لابن القيم ج ١ ص ٨٤ وعن الجامع لأحكام القرآن ج ٢ ص ٢٥٨ وأحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ٣٣٥.

٣١٨

وسئل سعد بن مالك أيضا عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال : حسنة جميلة.

فقيل : قد كان عمر ينهى عنها ، فأنت خير من عمر؟! (١).

قال : عمر خير مني ، وقد فعل ذلك النبي «صلى الله عليه وآله» ، وهو خير من عمر.

وعن سالم قال : إني لجالس مع ابن عمر في المسجد ، إذ جاء رجل من أهل الشام ، فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال ابن عمر : حسن جميل.

قال : فإن أباك كان ينهى عنها.

فقال : ويلك! فإن أبي نهى عنها ، وقد فعله رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وأمر به ، أفبقول أبي آخذ؟ أم بأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟! قم عني (٢).

وثمة نصوص أخرى تدل على منع عمر من متعة النساء ، في أيام خلافته فلتراجع في مظانها (٣).

__________________

(١) سنن الدارمي ج ٢ ص ٣٥.

(٢) الغدير ج ٦ ص ٢٠١ و ٢٠٢ عن الجامع لأحكام القرآن ج ٢ ص ٣٦٥ عن الدار قطني ، وعن الجامع الصحيح للترمذي ج ٣ ص ١٨٥ وزاد المعاد ج ١ ص ١٨٩ وعن هامش شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٢ ص ٢٥٢ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٥ ص ٢١ ومجمع الزوائد ج ١ ص ٢٨٥ والتمهيد لابن عبد البر ج ٨ ص ٢٠٩ والجامع لأحكام القرآن ج ٢ ص ٣٨٨ وإمتاع الأسماع للمقريزي ج ٩ ص ٣٢.

(٣) مسند أحمد ج ١ ص ٤٩ وج ٥ ص ١٤٣ والغدير ج ٦ ص ٢٠٢ فما بعدها عن زاد المعاد ج ١ ص ٢١٤ و ٢١٥ و ٢٢٠ ومجمع الزوائد ج ٣ ص ٢٤٦ وكنز العمال

٣١٩

وقد صرح في بعضها : بأنه سوف يعاقب من يحاول أن يخالف أمره الصارم في متعة النساء ومتعة الحج ، ومصادر ذلك تأتي في الفقرة التالية ..

أول من نهي عن حج التمتع :

وزعمت النصوص المتقدمة : أن معاوية هو أول من نهى عن حج التمتع بالعمرة إلى الحج (١).

وفي نصوص أخرى : أن عثمان هو الذي نهى عنها (٢).

ونقول :

أولا : إن هذا الكلام غير صحيح ، فإن عمر بن الخطاب هو أول من نهى عن حج التمتع ، وذلك في قوله المشهور : «متعتان كانتا على عهد رسول «صلى الله عليه وآله» أنا أحرمهما ، وأعاقب عليهما : متعة النساء ، ومتعة الحج» (٣).

__________________

ج ٥ ص ١٦٧ والدر المنثور ج ١ ص ٢١٦ عن أحمد ، وعن مسند ابن راهويه ، وراجع : إرشاد الساري ج ٣ ص ٢٠٤ وعن جامع بيان العلم ج ٢ ص ٢٤٦ ومختصر جامع بيان العلم ص ١٩٩ ح ١٨٠ والآثار لأبي يوسف ص ٩٧.

(١) راجع : بالإضافة إلى ما تقدم : مسند أحمد ج ١ ص ٢٩٢ و ٣١٣ والجامع الصحيح للترمذي ج ٣ ص ١٨٤.

(٢) راجع : الغدير ج ٦ ص ١٩٩ فما بعدها عن شرح مسلم للنووي على صحيح مسلم ج ٨ ص ٢٠٥ وإرشاد الساري ج ٤ ص ٨٨ وعن فتح الباري ج ٣ ص ٤٣٣ وغير ذلك.

(٣) مسند أحمد ج ١ ص ٣٣٧ وج ٣ ص ٣٢٥ و ٣٥٦ و ٣٦٣ والغدير ج ٦ ص ٢٠٨ و ٢٠٩ و ٢١٠ و ٢١١ و ٢١٢ ونقل أيضا عن الجمع بين الصحيحين ، وعن زاد

٣٢٠