الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٩

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٩

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-201-3
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٣٥

وأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قال لواحد من هؤلاء فقط ، وهو ذلك المأذون له بالبقاء ، والمنصوب من قبله على المدينة : إنه منه بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده ..

٥ ـ ويلاحظ أيضا : أن الذي جاء يطلب الماء من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو نفس ذلك الذي يتزعم المعارضة لأمير المؤمنين «عليه‌السلام» ، ويخطط لانتزاع الأمر منه فور وفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وهو لّما يدفن .. والناقل لهذا الحديث أيضا هو نصيره ونظيره ، ووزيره ، وخليفته من بعده ..

وهو يطلب ذلك تحت وطأة عطش كان نتيجة لما جرى في الحجر ، حيث أخبر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن أمر الإمام والإمامة حسبما أوضحناه ..

٦ ـ لقد كان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يرى حال أصحابه ، وجهدهم وعطشهم ومعاناتهم ، ولكنه لم يبادر إلى مد يد العون لهم ، ولا اكترث بحالهم ، بل تجاهل هذا الحال ، حتى جاؤوه هم وطلبوا منه ذلك.

ولا شك في أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليس قاسيا عليهم بل كان رحيما بهم عطوفا عليهم كما قال الله تعالى : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١) ، فلما ذا غض النظر حتى كانوا هم المطالبين له بالتدخل ، وكان الوسيط خصوص أبي بكر.

فإن ذلك يدلنا على أن ثمة سياسة إلهية حكيمة وفاضحة لنوايا

__________________

(١) الآية ١٢٨ من سورة التوبة.

٣٠١

مكتومة ، كان لا بد من العمل على فضحها ، والحر تكفيه الإشارة ..

تلميح .. كأنه تصريح :

إن حديث الناقة ، وعقرها ، وصالح وقومه .. ثم تحذير النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لقومه من أن يصيبهم ما أصاب قوم صالح ، ثم ذكره لرجل منهم ، يخبرهم عن الماضي وعما يأتي. وأن سلوكهم معه إن لم يكن على طريق الإستقامة والسداد ، فإن الله تعالى سيعذبهم ، ولا يعبأ بعذابهم شيئا ..

إن هذا الحديث لم يكن مجرد تلويح ، بل هو قد انتهى إلى التصريح ، لمن راجع ذاكرته ، وراقب أقوال الرسول الأكرم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» التي كان يقرن فيها قاتل علي «عليه‌السلام» بعاقر ناقة صالح (١) ..

أبو رغال :

وأما بالنسبة لأبي رغال فقد قدمنا بعض الحديث عنه في الجزء الخامس والعشرين في فصل «قبر أبي رغال» ولا نرى ضرورة للإعادة ..

__________________

(١) راجع : العقد الفريد (ط دار الشرفية بمصر) ج ٢ ص ٢١٠ والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٥٩١ ط مصطفى الحلبي وإحقاق الحق (الملحقات) ج ٤ ص ٣٣٢ عن بحر المناقب لابن حسنويه ، ومقاصد المطالب ص ١١ والبدء والتاريخ ج ٥ ص ٦١ ونهاية الأرب ج ٢ ص ١٩٠ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٣٧ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١١٣ وأسد الغابة ج ٤ ص ٣٣ وتلخيص المستدرك للذهبي ج ٣ ص ١١٣ ونظم درر السمطين ص ١٢٦ والفصول المهمة لابن الصباغ ص ١١٣ والمناقب للخوارزمي ونور الأبصار (ط دار العامرة بمصر) ص ٩٨.

والروايات في ذلك كثيرة جدا لا مجال لاستقصائها ، ولا ضرورة لإحصائها ..

٣٠٢

المعجزة تلو المعجزة :

ولم يقتصر الأمر على هذا الذي جرى في الحجر ، بل استمرت المعجزات والكرامات لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تلح على ضمير الناس ، وتقتحم عليهم خلواتهم التأملية ، لترسخ لديهم اليقين ، ولتؤكد الحجة بالحجة ، ولتكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة أهل المطامع والأهواء ، هي السفلى ، فجاء استسقاء رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليروي الناس من ظمأهم بعد أن منعوا من ماء الحجر ، تأكيدا على أن الله الذي منعهم هو الذي يعوضهم بدعوة من نبيّه ، ليؤكد لهم بذلك صدقه وقداسته ، ويلزمهم بالحق ، ولو كانوا كارهين ..

مواصلة المسير دون ماء :

وقد أمرهم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالإرتحال ، وأن لا يحملوا معهم من ماء الحجر شيئا ..

وطبيعي أن يثير هذا فيهم الهواجس والوساوس ، وأن يتنامى خوفهم ويزداد كلما أوغلوا في تلك الصحراء القاحلة حيث تزداد احتمالات هلاكهم وما معهم من دواب ، من شدة العطش.

ولا بد أن يرتبط ذلك كله بصور العذاب الذي صبه الله تعالى على ثمود ، وآثار هذا الغضب الإلهي التي لم تنته حتى بعد مضي آلاف السنين ، ويقع الأمر الذي طالما أرعبهم ، وأقضّ مضاجعهم ألا وهو العطش الشديد ، المنذر بالموت. ويتعاظم هذا الخطر ويزداد ، وظهر لهم أن لا ملجأ من الله إلا إليه ..

٣٠٣

وتعلقت القلوب ، وانشدّت الأنظار إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وطلبوا منه أن يغيثهم بدعوة منه يرفعها إلى الله تعالى ، ليسقيهم الماء ، تفضلا منه ، وكرامة لرسوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

ولم يصلّ بهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صلاة الإستسقاء ، بل اكتفى برفع يديه نحو السماء ، فلم يرجعها حتى قال له الكريم : خذ ، وأرخت السماء عزاليها ، وسكبت عليهم ما قسمه الله تعالى لهم .. ولم يتجاوز المطر العسكر ..

وطبيعي أن تكون الفرحة عارمة ، وأن يكون الشعور بالإمتنان عظيما .. وذلك كله يحتم عليهم أن لا ينسوا ما بينه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لهم من لزوم الإستقامة ، وتحري الصواب حين يكون معهم من يخبرهم بما كان وبما هو كائن .. وأن لا يتخلوا عنه ، وإلا ، فإن عليهم أن يواجهوا العذاب الأليم ، والغضب الإلهي العظيم ..

لا يدري النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أين ناقته!!

ثم إنهم رؤوا : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سار حتى إذا كان ببعض الطريق متوجها إلى تبوك فأصبح في منزل ، فضلّت ناقة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

قال محمد بن عمر : هي القصواء ..

فخرج أصحابه في طلبها ، وعند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عمارة بن حزم ، وكان عقبيا بدريا ، قتل يوم اليمامة شهيدا ، وكان في رحله زيد بن اللصيت ، أحد بني قينقاع ، كان يهوديا ، فأسلم ، فنافق ، وكان فيه خبث

٣٠٤

اليهود وغشهم ، وكان مظاهرا لأهل النفاق ، فقال زيد وهو في رحل عمارة بن حزم ، وعمارة عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : محمد يزعم أنه نبي ، وهو يخبركم عن خبر السماء ، وهو لا يدري أين ناقته!!

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وعمارة عنده : «إن منافقا قال : هذا محمد يزعم أنه نبي ، ويخبركم بأمر السماء ، ولا يدري أين ناقته ، وإني والله لا أعلم إلا ما علمني الله تعالى ، وقد دلني الله عزوجل عليها ، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا ، لشعب أشار لهم إليه ، حبستها شجرة بزمامها ، فانطلقوا حتى تأتوني بها». فذهبوا ، فجاءوا بها.

فرجع عمارة إلى رحله فقال : والله ، العجب لشيء حدثناه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» آنفا عن مقالة قائل أخبرها الله تعالى عنه ، قال كذا وكذا للذي قال زيد.

فقال رجل ممن كان في رحل عمارة ـ قال محمد بن عمر : وهو عمرو بن حزم أخو عمارة ـ ولم يحضر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : زيد والله قائل هذه المقالة ، قبل أن تطلع علينا.

فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه ، ويقول : يا عباد الله ، إن في رحلي لداهية وما أشعر ، أخرج يا عدو الله من رحلي فلا تصحبني.

قال ابن إسحاق : زعم بعض الناس أن زيدا تاب بعد ذلك ، وقال بعض الناس : لم يزل متهما بشرّ حتى هلك (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٤٨ و ٤٤٩ عن الواقدي وابن اسحاق ، وراجع : تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٧١ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٥٠.

٣٠٥

ونقول :

قد تكرر في الغزوات المختلفة ذكر ضلال ناقة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ودلالة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أصحابه عليها ، وظهور أن الله تعالى مسدّد نبيه بالوحي ، وتأكد بوار كيد المنافقين ، وافتضاح أمرهم ..

وهذا بالذات ، هو ما جرى في غزوة تبوك ، كما قررته الرواية الآنفة الذكر ..

طعن المشككين والمنافقين :

ويلاحظ : أن طعن المنافقين ، واليهود والمشككين في رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يتركز على موضوع علم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالغيب ، فيتّخذ من ضياع ناقته ذريعة للتشكيك بالنبوة ، عن طريق إثارة الشبهة بعلمه بمكان ناقته ، فإن جهله ـ بزعمهم ـ بمكان ناقته دليل عدم نبوته .. وهم يرسلون هذا الأمر إرسال المسلمات .. وكأنه مما تحكم به العقول أو تقضي به فطرة الناس ، كل الناس ، حيث يقدم اليهودي للمشرك ، وللمسلم هذا الأمر على أنه أمر بديهي وأنه دليل قاطع على ذلك.

ولم ينقل لنا أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ناقشهم في هذا الأمر ، أو رده عليهم ، بل هو يستجيب لما يقتضيه هذا التحدي ، ويخبرهم بمكان الناقة ، ويصف لهم حالها ، وما آل إليه أمرها بدقة.

وبظهور صدقه في ذلك كله يظهر الله تعالى للملأكيدهم ، ويفتضح به كذبهم ، ويبور سعيهم ، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا ..

بل إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقرّ ويؤكد اتصاله بالله ، وأنه يتلقى علمه

٣٠٦

منه تبارك وتعالى ، وأن هذا الذي يخبرهم به قد تلقاه منه سبحانه ..

سياسة إظهار نفاق أهل النفاق :

وقد أظهرت قصة الناقة : أن كل الذي يجري ، إنما هو بعين الله تبارك وتعالى ، ولعله كان يهدف :

أولا : إلى ترسيخ إيمان الناس ، ولا سيما الذين دخلوا في الإسلام بعد فتح مكة ، بفتح نوافذ لهم على الغيب الإلهي ، وتقريبهم من حقائقه ، من خلال تجسيده لهم في مفردات حسية وحاضرة ..

ثانيا : إنه يريد أن يبين للناس أن أهل الريب والنفاق لا يزالون يعيشون بينهم ، وأنهم يسعون للكيد لهذا الدين وأهله ، وأن على الناس أن يتنبهوا لذلك ، لكي لا يقعوا في المآزق والمهالك ، التي ربما يكيدهم بها أولئك الحاقدون ، ولا سيما مع اقتراب رحيل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عنهم ، وهو كان يعلم بحقيقة ما يحاك ويدبر للإستئثار بأمر الناس بعده ..

ولعل نداء عمارة بن حزم حين اكتشف الأمر : إن في رحلي لداهية ، وما أشعر ، يصلح للتدليل على أن هذه السياسة قد آتت ثمارها ، وأن هذا من بعض آثارها.

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يأتم بابن عوف :

عن المغيرة بن شعبة قال : لما كنا فيما بين الحجر وتبوك ذهب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لحاجته ، وكان إذا ذهب أبعد ، وتبعه المغيرة بماء بعد الفجر ـ وفي رواية : قبل الفجر ـ فأسفر الناس بصلاتهم ، وهي صلاة الفجر حتى خافوا الشمس ، فقدموا عبد الرحمن بن عوف ، فصلى بهم.

٣٠٧

فحملت مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إداوة فيها ماء ، وعليه جبة رومية من صوف ، فلما فرغ صببت عليه فغسل وجهه ، ثم أراد أن يغسل ذراعيه فضاق كم الجبة ، فأخرج يديه من تحت الجبة فغسلهما ، فأهويت لأنزع خفيه ، فقال : «دعهما فإنني أدخلتهما طاهرتين» ، فمسح عليهما.

فانتهينا إلى عبد الرحمن بن عوف ، وقد ركع ركعة ، فسبح الناس لعبد الرحمن بن عوف حين رأوا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حتى كادوا يفتنون.

فجعل عبد الرحمن يريد أن ينكص وراءه ، فأشار إليه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن اثبت.

فصلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خلف عبد الرحمن بن عوف ركعة ، فلما سلم عبد الرحمن تواثب الناس ، وقام رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقضي الركعة الباقية ، ثم سلم بعد فراغه منها ، ثم قال : «أحسنتم ، أو قد أصبتم ـ فغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها ـ إنه لم يتوف نبي حتى يؤمه رجل صالح من أمته (١).

ونقول :

أولا : إن هذا الخبر وإن كان يراد له أن يسجل فضيلة لعبد الرحمن بن عوف ، من حيث إن من يصلي النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خلفه يكون له

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٣ ص ١٠١٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٤٩ عن ابن سعد ، وعن مسلم. وسيأتي مصادر ذلك في فصل : «عزل أبي بكر عن الصلاة».

٣٠٨

مقام ليس لغيره. ولكنه سيضيّع على أولئك المتحذلقين أنفسهم استدلالا آخر يعز على قلوبهم ، ولطالما حاولوا تشييده وتأكيده وتعضيده .. وهو أنهم قد زعموا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صلى خلف أبي بكر في مرضه الذي توفي فيه (١). وأن ذلك يدل على صحة خلافة أبي بكر بعد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إذ كيف لا نرضى لدنيانا من رضيه الله ورسوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لديننا ..

فإذا كان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد صلى خلف عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك (٢). فإن استدلالهم هذا الأخير يسقط عن الإعتبار ، ويصبح أبو

__________________

(١) راجع : البحار ج ٢٨ ص ١٦٤ و ١٦٥ والشرح الكبير لابن قدامة ج ٢ ص ٤٩ وكشاف القناع ج ١ ص ٥٨٠ ونيل الأوطار ج ٣ ص ١٨٤ ومسند أحمد ج ٣ ص ٢٤٣ وسنن الترمذي ج ١ ص ٢٢٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ٨٣ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٤٦ وفتح الباري ج ٢ ص ١٣٠ و ١٤٦ وعمدة القاري ج ٥ ص ١٨٧ و ١٨٨ و ١٩١ وتحفة الأحوذي ج ٢ ص ٢٩٦ و ٢٩٧ ومسند أبي يعلى ج ٦ ص ٣٩٩ وشرح معاني الآثار ج ١ ص ٤٠٦ والمعجم الصغير ج ١ ص ١٧٨ ومعرفة السنن والآثار ج ٢ ص ٣٦٠ والتمهيد لابن عبد البر ج ٢٢ ص ٣١٧ وكنز العمال ج ٨ ص ٢٠ وفيض القدير ج ٥ ص ٣٧٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢٢٢ و ٢٢٣ وتاريخ بغداد ج ٢ ص ٣٦ وج ٩ ص ٢٩٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢١ ص ٣٧ و ٢٩١ وج ٥١ ص ١٧٣ وذكر أخبار إصبهان ج ١ ص ١٧٦ و ١٧٨ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٥٥ وإمتاع الأسماع للمقريزي ج ١٤ ص ٤٦٠ و ٤٦٤ و ٤٦٥ والسيرة النبوية ج ٤ ص ٤٦٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ١٩٥.

(٢) راجع : المصنف لابن أبي شيبة ج ٢ ص ٢٢٩ والمواقف للإيجي ج ٣ ص ٦٠٩

٣٠٩

بكر ، مثل عبد الرحمن بن عوف ، من هذه الجهة. فلما ذا يقدّم عليه وعلى غيره ، ولا سيما مع وجود النص على الغير في حديث المنزلة وحديث الغدير ، وغير ذلك ..

ولا يختلفون أيضا في أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أمّر عمرو بن العاص

__________________

و ٦١٠ ونصب الراية ج ٢ ص ٣٢٣ وفيض القدير ج ٥ ص ٣٧٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ ص ١٢٩ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٧٩ و ٨٠ وتحفة الأحوذي ج ٢ ص ٢٩٤ وج ١٠ ص ١٧١ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٤٩ وج ٨ ص ١٩٤ وج ١٠ ص ٤٩٠ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٤٦٤ و ٤٦٨ والخصائص الكبرى للسيوطي ج ١ ص ٤٥٨ والمنتظم ج ٥ ص ٣٤ وصفة الصفوة ج ١ ص ٣٤٩ والبحار ج ٢٨ ص ١٦٥ و ١٧٠ ومسند أحمد ج ٤ ص ٢٤٧ ومسند أبي داود الطيالسي ص ٩٥ وتنوير الحوالك للسيوطي ص ٥٩ والمسترشد للطبري ص ١٣٣ والتمهيد لابن عبد البر ج ١١ ص ١٥٩ وج ٢٢ ص ٣٢٢ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٧ ص ١٩٦ وتهذيب الكمال ج ١٤ ص ١٠٢ وأمالي المحاملي ص ٢٥٨ والمعجم الكبير ج ٢٠ ص ٤٢٧ و ٤٣٣ ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج ٢ ص ٢٩٠ و ٤٠١ وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ١ ص ١١٦ وكشف المشكل ج ١ ص ٢١٦ وكتاب الأم للشافعي ج ١ ص ١٨٢ و ٢٠٣ ونيل الوطار ج ٣ ص ٢١١ وفتح الباري ج ٢٣ ص ١٤٦ وكنز العمال ج ٩ ص ٦١٤ وفيض القدير ج ٥ ص ٣٧٨ والأحكام لابن حزم ج ٢ ص ٢١٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٥ ص ٢٥٨ و ٢٥٩ والإصابة ج ٤ ص ٢٠٢ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٨ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٥٧ وج ٦ ص ٣٦١ وج ١٤ ص ٤٥٨ و ٤٥٩ والسيرة والنبوية لابن كثير ج ٤ ص ٤٠ وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي ج ١ ص ٨٣.

٣١٠

على أبي بكر وعمر ، وجماعة من المهاجرين والأنصار ، وكان عمرو يؤمهم طول زمان إمارته في الصلاة عليهم ، ولم يدل ذلك على فضله عليهم في الظاهر ، ولا عند الله تعالى على حال من الأحوال. ولم يوجب تقدمه عليهم بالخلافة.

ثانيا : إن صلاة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خلف أي كان من الناس ، لا تعني أن ذلك الرجل يملك المواصفات التي تؤهله لمقام الإمامة والخلافة ، لأن إمامة الجماعة لا تحتاج إلى علم شامل ، ولا إلى شجاعة ، ولا إلى معرفة بشؤون المسلمين ، ولا إلى تدبير ، ولا إلى فضل ، ولا إلى غير ذلك من شرائط ، ومواصفات معتبرة في من يتولى شؤون الأمة.

ثالثا : إن هؤلاء يقولون : إنه لا تشترط في إمامة الجماعة التقوى ، ولا الإجتناب عن المحرمات والمآثم ، ويزعمون أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : «صلوا خلف كل بر وفاجر» (١) ..

__________________

(١) راجع : جامع الخلاف والوفاق للقمي ص ٨٤ وفتح العزيز للرافعي ج ٤ ص ٣٣١ والمجموع للنووي ج ٥ ص ٢٦٨ ومغني المحتاج للشربيني ج ٣ ص ٧٥ والمبسوط للسرخسي ج ١ ص ٤٠ وتحفة الفقهاء للسمرقندي ج ١ ص ٢٢٩ وبدائع الصنائع للكاشاني ج ١ ص ١٥٦ والجوهر النقي للمارديني ج ٤ ص ١٩ والبحر الرائق ج ١ ص ٦١٠ وتلخيص الحبير لابن حجر ج ٤ ص ٣٣١ ونيل الأوطار ج ١ ص ٤٢٩ وشرح أصول الكافي ج ٥ ص ٢٥٤ والإفصاح للمفيد ص ٢٠٢ والمسائل العكبرية للمفيد ص ٥٤ والطرائف في معرفة مذاهب الطوائف لابن طاووس ص ٢٣٢ وغوالي اللآلي ج ١ ص ٣٧ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ١٩ وعمدة القاري ج ١١ ص ٤٨ وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص ١٤٥ وسنن الدارقطني ج ٢ ص ٤٤ وتنقيح التحقيق في أحاديث ـ

٣١١

ولكنهم يشترطون العدالة والعلم ، و.. و.. في إمامة الأمة ..

رابعا : إن حديث صلاة أبي بكر بالناس ، ثم برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يثبت من الأساس ، فإن بعض الروايات قد صرحت : بأن عائشة هي التي أمرت أباها بالصلاة (١) ، وليس رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لكي يقال : كيف لا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لديننا ..

خامسا : قد صرحت الروايات أيضا : بأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عزل أبا بكر عن الصلاة ، وصلى هو مكانه رغم مرضه الشديد (٢) ..

__________________

التعليق للذهبي ج ١ ص ٢٥٦ و ٢٥٧ ونصب الراية للزيلعي ج ٢ ص ٣٣ و ٣٤ والدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر ج ١ ص ١٦٨ والجامع الصغير للسيوطي ج ٢ ص ٩٧ وكنز العمال ج ٦ ص ٥٤ وكشف الخفاء للعجلوني ج ٢ ص ٢٩ و ٣٢ وشرح السير الكبير للسرخسي ج ١ ص ١٥٦ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ١ ص ١٦٨ وتلخيص الحبير ج ٢ ص ٣٥ وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ج ١ ص ١٥٤ والعلل المتناهية لابن الجوزي ج ١ ص ٤٢٢ و ٤٢٥ والمقاصد الحسنة للسخاوي ج ١ ص ٤٢٦.

(١) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ٩ ص ١٩٧ وج ١٤ ص ٢٣ وكتاب الأربعين للماحوزي ص ٦٢٠ ومناقب أهل البيت «عليهم‌السلام» للشيرواني ص ٣٩٩ ونهج السعادة للمحمودي ج ٥ ص ٢٦٨ والبحار ج ٢٨ ص ١٥٩. وسيأتي مصادر أخرى لهذا الحديث في فصل : «عزل أبي بكر عن الصلاة».

(٢) راجع : البحار ج ٢٧ ص ٣٢٤ وج ٢٨ ص ١١٠ وج ٨٥ ص ٩٦ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٣ والدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ص ٣٠٧ ومناقب أهل البيت «عليهم‌السلام» للشيرواني ص ٣٩٩ ومواقف الشيعة ج ٣ ص ٤٣٨ وقاموس الرجال للتستري ج ١١ ص ٢٣٥.

٣١٢

سادسا : لما ذا قدّم الناس عبد الرحمن بن عوف ، ولم يقدموا أبا بكر ، أو عمر ، فإن هؤلاء يدّعون أنهما أفضل من ابن عوف؟! أو لما ذا لم يقدموا عثمان ، فكذلك أيضا حسب ما هو مقرر عندهم؟! ..

سابعا : قد صرحت رواية المغيرة بأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد تأخر عن صلاته حتى خاف الناس من طلوع الشمس قبل رجوعه ، فقدموا عبد الرحمن بن عوف ..

وهذا غير مقبول ، ولا معقول منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، لأنه يتضمن اتهام النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالتفريط في صلاته الواجبة ، وأنه ليس من الذين هم على صلاتهم يحافظون.

وقد كان قيام الليل واجبا على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وكان يصلي الفجر ، فلما ذا لم يتهيأ لصلاة الصبح قبل أن يحين وقتها ..

ثامنا : إن من غير المقبول ولا المعقول أن يسافر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لحاجته بمقدار مسير أكثر من نصف ساعة ذهابا ، ومثلها إيابا ، فيبدأ سفره من الفجر أو قبله ، وتتأخر عودته إلى الوقت الذي يخشى فيه من طلوع الشمس ، والناس ينتظرونه لصلاة الصبح.

تاسعا : إن الإستعانة في الوضوء للصلاة مكروهة ، فعن أبي عبد الله «عليه‌السلام» : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : خصلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد : وضوئي فإنه من صلاتي ، وصدقتي فإنها من يدي إلى يد السائل ، فإنها تقع في يد الرحمان (١).

__________________

(١) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ٤٧٨ و (ط دار الإسلامية) ج ١ ـ

٣١٣

وروى الحسن بن علي الوشا : أنه دخل الإمام الرضا «عليه‌السلام» وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة ، فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك ، فقال : مه يا حسن.

فقلت له : لم تنهاني أن أصب على يديك؟ تكره أن أؤجر.

قال : تؤجر أنت ، وأؤزر أنا.

فقلت : وكيف ذلك؟

فقال : أما سمعت الله عزوجل يقول : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة ، فأكره أن يشركني فيها أحد (١).

ورووا : أن عمر رأى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يستقي ماء

__________________

ص ٣٣٦ والخصال للصدوق ص ٣٣ والنوادر للراوندي ص ١٩٠ والبحار ج ٢٣ ص ١٢٨ وج ٧٧ ص ٣٢٩ وج ٩٣ ص ١٢٨ و ١٧٨ وكتاب الطهارة للشيخ الأنصاري ج ٢ ص ٤٠١ و (ط ق) ج ١ ص ١٥٠ ومستدرك الوسائل ج ١ ص ٣٤٤ و ٣٤٦ وسنن النبي للطباطبائي ص ٢٧٦ وتفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٢٦١ وجامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٢٧٢ وتفسير العياشي ج ٢ ص ١٠٨ وجواهر الكلام ج ٢ ص ٣٤٣.

(١) الكافي ج ٣ ص ٦٩ وتهذيب الأحكام ج ١ ص ٣٦٥ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ٤٧٧ و (ط دار الإسلامية) ج ١ ص ٣٣٥ والبحار ج ٤٩ ص ١٠٤ وج ٨١ ص ٣٤٩ وجامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٢٧٢ ومسند الإمام الرضا «عليه‌السلام» ج ٢ ص ١٥٣ وتفسير نور الثقلين ج ٣ ص ٣١٦ ومستند الشيعة ج ٢ ص ١٥٧ وجواهر الكلام ج ٢ ص ٣١٢ و ٣٤٣ وكتاب الطهارة للأنصاري ج ٢ ص ٣٩٩ و (ط ق) ج ١ ص ١٤٩.

٣١٤

لوضوئه فبادره يستقي له ، فقال له : «مه يا عمر ، فإني أكره أن يشركني في طهوري أحد».

أو : «لا أحب أن يعينني على وضوئي أحد».

أو : «أنا لا أستعين في وضوئي بأحد» (١).

فلما ذا لا ينزه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نفسه عن هذا المكروه في غزوة تبوك أيضا ، فيخالف طريقته ويستعين بالمغيرة؟! مع أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : ابن سمية (أو عمار) ما عرض عليه أمران قط إلا اختار الأرشد منهما (أو أرشدهما) (٢) فإن كان هذا حال عمار فكيف بالنبي الأعظم

__________________

(١) راجع : مجمع الزوائد ج ١ ص ٢٢٧ ومسند أبي يعلى ج ١ ص ٢٠٠ وعمدة القاري ج ٣ ص ٦١ وكنز العمال ج ٩ ص ١٤٤ و ٢٠٧ و (ط مؤسسة الرسالة) ج ٩ ص ٤٧٢ والمجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين ج ٣ ص ٥٣ وتحفة المحتاج ج ١ ص ١٩٠ والبيان والتعريف ج ٢ ص ٢٧٠ وحاشية ابن عابدين ج ١ ص ١٢٦ والمطالب العالية لابن حجر ج ٢ ص ٣٠٥ والفردوس بمأثور الخطاب لابن شيرويه الديلمي ج ٥ ص ٣١٠ وتلخيص الحبير ج ١ ص ٩٧ وخلاصة البدر المنير في تخريج كتاب الشرح الكبير ج ١ ص ٤٠ ونيل الأوطار ج ١ ص ٢١٩.

(٢) مسند أحمد ج ١ ص ٣٨٩ و ٤٤٥ ج ٦ ص ١١٣ وسنن الترمذي ج ٥ ص ٣٣٢ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٣٨٨ وفتح الباري ج ٧ ص ٧٢ وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ٢٠٣ وج ١٠ ص ٢١٣ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٥٢٣ والجامع الصغير ج ٢ ص ٤٩٥ وكنز العمال ج ١١ ص ٧٢١ و ٧٢٣ وفيض القدير ج ٢ ص ٧٣ وج ٥ ص ٥٦٧ والجامع لأحكام القرآن ج ١٠ ص ١٨١ ومعجم الرجال والحديث لمحمد حياة الأنصاري ج ١ ص ٧٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٣ ص ٤٠٤ و ٤٠٧ وأسد الغابة ج ٤ ص ٤٥ والأعلام للزركلي ج ٥ ص ٣٦ ـ

٣١٥

«صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!

عاشرا : لما ذا يحمل له الأداوة المغيرة بن شعبة ، وهو الرجل المعروف بالغدر ، وقد أسلم بعد أن فتك بثلاثة عشر رجلا ، غدرا ، حسدا ، وأخذ أموالهم ، لكي يأمن من ملاحقة أهلهم وعشائرهم له (١) ..

__________________

وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٣ ص ٥٧٥ والمسانيد لمحمد حياة الأنصاري ج ١ ص ١٣٨ و ٢٠٤ و ٣٢٨ وعلل الدارقطني ج ٥ ص ٢٣٣ والمراجعات ص ٣١٩ و ٣٢٠ والغدير للأميني ج ٩ ص ٢٦ و ٢٥٩ وج ٩ ص ٣٢٥ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٢٩٨ وأعيان الشيعة ج ٨ ص ٣٧٣ ووقعة صفين للمنقري ص ٣٤٣.

(١) راجع : فتح الباري ج ٥ ص ٢٤٩ وعمدة القاري ج ١٤ ص ٣ و ١١ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٠٢ وعيون الأثر ج ٢ ص ١١٧ والغارات للثقفي ج ٢ ص ٨٣٣ و ٨٣٤ وعون المعبود ج ٧ ص ٣١٧ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٦٩٨ والبحار ج ٢٠ ص ٣٦٩ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٦٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٧٧٩ وراجع : نيل الأوطار للشوكاني ج ٨ ص ١٨٥ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٣١٢ ومسند أحمد ج ٤ ص ٣٢٩ وصحيح البخاري ج ٣ ص ١٨٠ وسنن أبي داود ج ١ ص ٦٢٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ١١٣ و ٢١٩ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٣٦٩ و ٣٧٦ وإمتاع الأسماع ج ٩ ص ١٠ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣٣٦ وصحيح ابن حبان ج ١١ ص ٢٢١ والمعجم الكبير ج ٢٠ ص ١٢ وشرح النهج ج ٢٠ ص ٨ وتفسير مجمع البيان ج ٩ ص ١٩٦ وتفسير الميزان ج ١٨ ص ٢٦٦ وجامع البيان ج ٢٦ ص ١٢٨ وتفسير البغوي ج ٤ ص ٢٠٠ وتفسير القرآن العظيم ج ٤ ص ٢١٢ والدر المنثور ج ٦ ص ٧٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٧ ص ٢٢٧ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٧٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٣٢.

٣١٦

وكيف قبل المسلمون أن ينفرد المغيرة المعروف بغدره برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولم يوجد فيهم من يتبرع بالقيام بهذا الأمر دونه ..

حادي عشر : ما معنى قول الرواية : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد غبطهم حيث صلوا الصلاة لوقتها ، وقال لهم : أحسنتم. فإن المفروض : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد صلاها أيضا لوقتها ، بل هو قد صلاها معهم ..

وإن كان المقصود : أنهم قد صلوها في أول وقتها ، فغير صحيح ، لأنهم ما صلوها إلا بعد أن خافوا الشمس أن تطلع ..

على أن هذه الغبطة إنما يصبح لها معنى لو كانوا لم يضيعوا فضيلة أول الوقت ، حيث يكونون قد فازوا بما لم يفز به رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فغبطهم من أجل ذلك كله ، لكن ذلك لم يحصل ..

إلا إن كان المقصود : أنه غبطهم على عدم تفريطهك بصلاتهم ، وإن كان هو «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أدرك هذه الصلاة أيضا.

قضاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قضية :

عن يعلى بن أمية قال : أتي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأجير له قد نازع رجلا من العسكر ، فعضه ذلك الرجل ، فانتزع الأجير يده من فم العاض ، فانتزع ثنيته.

فلزمه العاض ، فبلغ به رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وقمت مع أجيري لأنظر ما يصنع ، فأتي بهما رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقال : «أيعمد أحدكم فيعض أخاه كما يعض الفحل»؟

فأبطل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ما أصاب من ثنيته ، وقال : «أفيدع

٣١٧

يده في فيك تقضمها كأنها في فم فحل يقضمها»؟ (١).

ونلفت النظر هنا إلى قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «يعض أخاه كما يعض الفحل» ، وقوله : «تقضمها كأنها في فم فحل يقضمها» ، حيث إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يجسد بكلامه هذا القسوة البالغة ، لمن يجب أن يعامل بأعلى درجات الرحمة والرفق ، وهو الأخ .. ليظهر للناس أن فعله سمج وقبيح ، تنفر منه النفوس ، وذلك مبالغة منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في زجره عن مثل هذا العمل ..

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يردف سهيل بن بيضاء :

عن سهيل بن بيضاء : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أردفه على رحله في غزوة تبوك ، قال سهيل : ورفع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صوته : «يا سهيل».

كل ذلك يقول سهيل : يا لبيك يا رسول الله ، ثلاث مرات.

حتى عرف الناس أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يريدهم ، فانثنى عليه من أمامه ، ولحقه من خلفه من الناس ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حرمه الله على النار» (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٤٩ و ٤٥٠ عن البخاري ، وغيره وفي هامشه عن البخاري (٤٤١٧) و (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١٣٠. وراجع : كتاب الأم للشافعي ج ٧ ص ١٥٨ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٤٧ والمعجم الكبير ج ٢٢ ص ٢٥٠.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٥٠ عن أحمد ، والطبراني ، والواقدي ، وفي هامشه ـ

٣١٨

ونقول :

إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن يريد ـ فيما يظهر ـ أن يواجه الناس بحقيقة أن ما يكنونه يخالف ما يظهرونه .. وأن عليهم أن يزيلوا جميع رواسب الشرك من عقولهم ، وأن يخلصوا لله سبحانه ، فهو «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يتجنب إظهار أية إشارة من شأنها أن تثير الشبهة في أمرهم ، حتى إنه لا يوجه إليهم خطابه ، بل يتظاهر بأنه يريد بخطابه سهيل بن بيضاء ، متعمدا أن يعرّفهم أنه يريد منهم أن يسمعوا ما سيقوله .. لأنه ينادي برفيع الصوت ، مع أن سهيل بن بيضاء كان أقرب من غيره إليه ، ويجيبه سهيل بن بيضاء ، ولكنه لا يكترث للإجابة بل يكرر النداء ..

وبعد أن تأكد أن الناس قد أدركوا أنه يريد أن يقول شيئا ، وأنه يريد لهم أن يسمعوا ما يقول .. أطلق كلمته ، التي توجههم إلى ضرورة التزام خط التوحيد بمعناه الدقيق والعميق .. لأنه هو الذي يضمن سلامة مسيرهم نحو الله تبارك وتعالى وفق ما رسمه من أحكام وما حدده من شرائع ، حيث لا يبقى لغيره تعالى أي دور في حياتهم ، وأي تأثير في حرف تصرفاتهم ومواقعهم بالإتجاهات الخاطئة ، حيث الهلاك والبوار ، والتعرض لغضب الجبار ، واستحقاق العقاب بالنار ..

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ينام عن الصلاة :

عن عقبة بن عامر قال : خرجنا مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في

__________________

عن : مسند أحمد ج ٥ ص ٣١٨ و ٢٣٦ وابن حبان ، وعن مجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٥٢ والطبقات الكبرى لا سعد ج ٣ ص ٤١٥ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٥٨.

٣١٩

غزوة تبوك ، فلما كان منها على ليلة استرقد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح ، قال : «ألم أقل لك يا بلال : اكلأ لنا الفجر»؟!.

فقال : يا رسول الله ذهب بي النوم ، وذهب بي مثل الذي ذهب بك.

قال : فانتقل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من منزله غير بعيد ، ثم صلى ، وسار مسرعا بقية يومه وليلته ، فأصبح بتبوك (١).

ونقول :

١ ـ إن هؤلاء المخذولين يحاولون التسويق عمدا لأمور محدّدة تجاه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ربما ليبرروا مخالفات من يحبونهم من الحكام والخلفاء ، الذين كانوا لا يهتمون بصلاتهم ، وبعباداتهم ، وبرعاية أحكام الله تبارك وتعالى في مواقفهم ، وسياساتهم ، وسائر تصرفاتهم ..

فأراد أتباعهم ومحبوهم أن يبرروها لهم ويخففوا من وقع الإعتراضات عليهم بنسبة نظائر تلك المخالفات الشنيعة ، والتهاون بأحكام الله تبارك وتعالى إلى النبي المعصوم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ..

ولكي يتم لهم ما يريدون ، يحاولون تكرير نسبة هذه القبائح إليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في المناسبات المختلفة حتى ليحسب الناظر : أن هذا الأمر مشهود ومرصود منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأنه من عاداته التي يتكرر

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٥١ عن البيهقي ، والدر المنثور للسيوطي ج ٢ ص ٢٢٥ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥١ ص ٢٤٠ وراجع : إمتاع الأسماع ج ٢ ص ٥٩ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٢٤ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ١١١.

٣٢٠