الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٨

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٨

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-200-5
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٩

١
٢

٣
٤

الفصل الثالث :

وفادة الملوك سنة تسع ووفد همدان

٥
٦

ملوك حمير قبل الإسلام :

كان ملوك حمير يعتنقون اليهودية ، وهم الذين قتلوا نصارى نجران قتلا ذريعا ، فتسلط الأحباش عليهم ، وذهب ملكهم (١) ، إلا عبد كلال ، فإنه آمن بعيسى «عليه‌السلام» ، وبالنبي محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قبل مبعثه (٢).

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وملوك حمير :

وكانت عساكر المسلمين تضرب في كل وجه يدعون إلى الله سبحانه ، وإلى الإسلام ، فمن آمن يكون له ما للمسلم ، ومن كفر جوزي بعمله ، فعندئذ وفدت قبائل العرب على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، لكي يأمنوا العساكر المتفرقة في مخاليف اليمن (٣).

وذكروا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعث مهاجر بن أبي أمية إلى

__________________

(١) السيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ١٢ ـ ٢٣ ، ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٣٣٩.

(٢) منتخب أخبار اليمن ص ٩٣ لنشوان الحميري ، وتاريخ الحسين «عليه‌السلام» لعبد الله العلايلي ص ١٠١ ، ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٣٣٩ نقلا عن منتخب أخبار اليمن.

(٣) راجع : مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٥٨٦ ـ ٥٩٠

٧

ملوك حمير (١).

وقال بعضهم (٢) : بعث الأقرع بن عبد الله الحميري إلى عمير ذي مران ، وزاد في الإصابة ذي رود. وبعث إلى زرعة بن سيف بن ذي يزن ، وفهد ، والبسي ، والبحيري ، وربيعة ، وهجر ، وعبد كلال ، وغيرهم (٣).

وبعث خالد بن الوليد إلى همدان ، فبقي فيهم ستة أشهر ، فلم يجيبوه ، ثم أرسل عليا «عليه‌السلام» فأسلمت على يديه همدان كلها في يوم واحد ، حسبما تقدم.

والذي يظهر بعد التتبع أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كتب في سنة تسع كتبا ، وأرسل رسلا إلى جميع أذواء اليمن وأقيالها ، وبعث دعاته إلى تلك البلاد : معاذ بن جبل ، وعبد الله بن زيد (لا ابن رواحة (٤) ، فإنه استشهد في مؤتة سنة ثمان) وأبا موسى الأشعري ، ومالك بن عبادة (مرارة) ، وعتبة بن نيار ، ليفقّهوا الناس ، ويعلموهم معالم الإسلام ، فأجابوا إلى الإسلام ،

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٢ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٢٧٩ وأسد الغابة ج ٤ ص ٤٢٢ والإصابة ج ١ ترجمة الحارث وج ٤ ترجمة شرح بن عبد كلال.

(٢) أسد الغابة ج ١ ص ١١٠ وراجع : مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٥٨٦.

(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٢٨٣ ، ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٠٠ نقلا عن : الإصابة ج ٣ ص ٢١٥ (٧٠٢٩) في «فهد» وج ٣ ص ٤٩٥ (٨٤٢٥) في «مشرح» والطبقات الكبرى ج ١ ق ٢ ص ٣٣ وراجع الوثائق السياسية ص ٢٢٦ / ١١٠ ـ ألف وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٧ والتراتيب الإدارية ج ١ ص ١٨٥ وراجع الإشتقاق ص ٥٢٦.

(٤) كما زعمه في أسد الغابة ج ٣ ص ٣٦٨ والأموال لأبي عبيد ص ٢١ و ٣١.

٨

ووفدت إليه وفودهم ، وكتب لكل الوافدين كتبا ، وأمنهم على دورهم ، وزروعهم وأموالهم وأنفسهم.

وممن كتب إليهم ابنا عبد كلال ، وهم : مسروح ، ونعيم.

وزاد ابن سعد وابن الأثير : الحارث.

وعند الهمداني في الإنساب : كتب إلى الحارث وأخيه نعيم (١).

ومن أبناء عبد كلال أيضا : أيفع ، وعريب ، وشرحبيل ، وكان الملك منهم يومئذ الحارث وعريب (٢).

كتابه صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ملوك حمير ، وأذواء اليمن :

ونصوص الكتب التي يقال : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أرسلها إلى أهل اليمن متعددة ، ومنها : نص الكتاب الذي أرسله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى أبناء عبد كلال ، وغيرهم ، وهو كما يلي :

«سلم أنتم ، ما آمنتم بالله ورسوله ، وأن الله وحده لا شريك له ، بعث موسى بآياته ، وخلق عيسى بكلماته. قالت اليهود : عزير ابن الله ، وقالت النصارى : الله ثالث ثلاثة ، عيسى ابن الله» (٣).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٢٣.

(٢) أسد الغابة ج ٣ ص ٤٠٧ ترجمة عريب ، والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٢٧٩.

(٣) مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٣٣٧ عن المصادر التالية : الطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ق ٢ ص ٣٢ ورسالات نبوية ص ١٣٨ عن المصباح المضيء ج ١ ص ٣١٦ عن الطبقات ، وراجع : نشأة الدولة الإسلامية ص ١٤٥ ومدينة البلاغة ج ٢ ص ٢٨٢ ومجموعة الوثائق السياسية ص ٢١٨ / ١٠٧ عن ابن سعد ، وعبد المنعم ، وعن ـ

٩

ومن الواضح : أن أهل اليمن الذين كان كثير منهم على دين اليهودية ، وبعض منهم كان على دين النصرانية .. فهذا الكتاب قد لا حظ ذلك ، فتعرض لمزاعم اليهود والنصارى ، وأعلن بطلانها.

قال ابن سعد : بعث بالكتاب مع عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، وقال : إذا أصبت أرضهم ، فلا تدخل ليلا حتى تصبح ، ثم تطهّر ، فأحسن طهورك ، وصل ركعتين ، وسل الله النجاح والقبول ، واستعد لذلك. وخذ كتابي بيمينك ، وادفعه بيمينك في أيمانهم ، فإنهم قابلون.

واقرأ عليهم : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) (١) ، فإذا فرغت منها فقل : آمن محمد ، وأنا أول المؤمنين. فلن تأتيك حجة إلا دحضت ، ولا كتاب زخرف إلا ذهب نوره.

وهم قارئون عليك ، فإذا رطنوا ، فقل : ترجموا.

قل : حسبي الله (آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا

__________________

ـ نثر الدر المكنون في فضائل اليمن الباب السابع ص ٦٢ والمطالب العالية لابن حجر ص ٢٦٣١ والأكوع الحوالي ص ١٣٠ والعقد الفريد ج ١ ص ٤٥٦ والإكليل ج ٢ ص ٣٦٤. وأوعز إليه في الإصابة ج ٣ ص ٤٩٥ / ٨٤٢٥ في ترجمة شرح بن عبد كلال ، ونقل شطرا منه ، وكذا ج ١ ص ٢٨٣ في ترجمة الحارث ، وأوعز إليه في نهاية الإرب للقلقشندي ص ٢٦٠ والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٤٧.

(١) الآية ١ من سورة البينة.

١٠

وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (١) فإذا أسلموا فسلهم تصبهم الخ .. (٢).

فلما وصلت كتبه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أسلم أبناء عبد كلال ، وزرعة بن سيف بن ذي بزن ، وعمير ذو مران ، والنعمان قيل ذي رعين ، ومعافر ، وكتبوا بإسلامهم ، وأرسلوا الكتاب مع وافدهم مالك. فأتى المدينة مع وفد همدان ، مالك بن نمط وغيره ، فلقوا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مقدمه من تبوك ، فأخبروه بإسلامهم وكتابهم ، فأكرم رسولهم (٣).

من هو وافد حمير :

وكان وافد ملوك حمير : مالك بن مرارة (٤).

وقيل : هو الحارث بن عبد كلال ، وأنه حين قدم اعتنقه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وأفرشه رداءه ، وقال قبل أن يدخل عليه : «يدخل عليكم من هذا الفج رجل كريم الجدين ، صبيح الخدين فكأنه ..» (٥).

وأضافوا إلى الوافدين أيضا : نعيم بن عبد كلال ، والنعمان قيل ذي

__________________

(١) الآية ١٥ من سورة الشورى.

(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ق ٢ ص ٣٢ والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٤٧ ، والإصابة ج ٣ ص ٤٩٥ / ٨٤٢٥.

(٣) السيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٢٥٨ والكامل ج ٢ ص ١١١ والسيرة الحلبية ، والسيرة النبوية لزيني دحلان ، ومجموعة الوثائق السياسية ص ٢١٩.

(٤) راجع المصادر في الهامش السابق وأسد الغابة ج ٢ ص ١٤٦.

(٥) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٢٣ والإكليل للهمداني ج ٢ ص ٣٢٠ ، والإصابة ج ١ ص ٦٧٧.

١١

رعين ، ومعافر وهمدان (١). ولعل ذلك غير دقيق ، فإن هؤلاء هم ملوكهم ـ على الظاهر (٢) ـ وكان النعمان من الأقيال ، ومن البعيد أن يكون الملك هو الرسول ، فلعلهم وفدوا على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وفادة الملوك.

وقال ابن حجر عن الحارث : تظافرت الروايات أنه أرسل بإسلامه ، وأقام باليمن (٣).

ويدل على ذلك أيضا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كتب في كتابهم : «من محمد النبي إلى الحارث بن عبد كلال. ولو كان هو الوافد لكان الكتاب له لا إليه» (٤).

__________________

(١) عن الكامل في التاريخ ج ٢ ص ١١١ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٨١ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٣ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٢٥٨.

(٢) أسد الغابة ج ٥ ص ٢٩ ترجمة نعمان قيل ذي رعين ، وراجع : منتخب أخبار اليمن لنشوان الحميري ص ٩٣.

(٣) الإصابة ج ١ ص ٦٧٧ ترجمة الحارث بن عبد كلال ، وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٢٣.

(٤) مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٥٨٨ ، والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ١٣٠ ، والمصنف للصنعاني ج ٤ ص ١٣٦ ، والمصنف لابن أبي شيبة الكوفي ج ٣ ص ٣٧ ، وسنن الدار قطني ج ٢ ص ١١٣ ، والإستيعاب ج ٤ ص ١٤٥٢ ، وكنز العمال ج ٦ ص ٥٦٢ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٣٥٦ ، وأسد الغابة ج ٢ ص ٢٠٣ ، والإصابة ج ١ ص ٦٧٨ وج ٢ ص ٥٢٣ ، وفتوح البلدان للبلاذري ج ١ ص ٨٥ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ٣٨١ ، والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ١٠٠٩ ، وعيون الأثر ج ٢ ص ٢٩٥ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٤٥ ، وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٢٣ ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٦٢.

١٢

وصرح ابن الأثير : بأن مالك بن مرارة الرهاوي قدم على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بكتاب ملوك حمير مقدمه من تبوك ، بإسلام الحارث بن عبد كلال (١).

أى أن ملوك حمير كتبوا إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يخبرونه بإسلام الحارث الذي كان ملكهم.

كتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل اليمن :

ومهما يكن من أمر ، فقد روى ابن سعد عن رجل من حمير ، أدرك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ووفد عليه قال : قدم على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مالك بن مرارة الرهاوي رسول ملوك حمير بكتابهم (وإسلامهم) ، وهم : الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، والنعمان قيل ذي رعين ، ومعافر وهمدان ، وذلك في شهر رمضان سنة تسع (٢).

وقال ابن إسحاق : مقدم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من تبوك.

فأمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بلالا أن ينزله ويكرمه ويضيفه. وكتب إليهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» :

«أما بعد .. فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو.

أما بعد .. فإنه قد وقع بنا رسولكم مقفلنا من أرض الروم ، فبلغ ما أرسلتم به ، وخبّر عما قبلكم ، وأنبأنا بإسلامكم ، وقتلكم المشركين ، فإن الله تبارك وتعالى قد هداكم بهداه ، إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله ، وأقمتم

__________________

(١) أسد الغابة ج ٢ ص ١٤٦.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٢٣ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٣٥٦.

١٣

الصلاة ، وآتيتم الزكاة ، وأعطيتم من المغنم خمس الله ، وخمس نبيه وصفيّه ، وما كتب على المؤمنين من الصدقة ، من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء ، وعلى ما سقى الغرب نصف العشر. إن في الإبل الأربعين ابنة لبون ، وفي ثلاثين من الإبل ابن لبون ذكر ، وفي كل خمس من الإبل شاة ، وفي كل عشر من الإبل شاتان ، وفي كل أربعين من البقر بقرة ، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع ، جذع أو جذعة ، وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة ، وإنها فريضة الله التي فرض على المؤمنين في الصدقة ، فمن زاد خيرا فهو خير له ، ومن أدى ذلك ، وأشهد على إسلامه ، وظاهر المؤمنين على المشركين فإنه من المؤمنين ، له ما لهم ، وعليه ما عليهم ، وله ذمة الله وذمة رسوله.

وإنه من أسلم من يهودي أو نصراني فإنه من المؤمنين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يرد عنها ، وعليه الجزية على كل حالم ـ ذكر أو أنثى ، حر أو عبد ـ دينار واف من قيمة المعافر ، أو عوضه ثيابا. فمن أدى ذلك إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فإن له ذمة الله وذمة رسوله ، ومن منعه فإنه عدو لله ولرسوله.

أما بعد .. فإن رسول الله محمدا أرسل إلى زرعة ذي يزن أن إذا أتاكم رسلي فأوصيكم بهم خيرا : معاذ بن جبل ، وعبد الله بن زيد ، ومالك بن عبادة ، وعقبة بن نمر ، ومالك بن مرارة ، وأصحابهم. وأن اجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية من مخاليفكم ، وأبلغوها رسلي ، وأن أميرهم معاذ بن جبل فلا ينقلبن إلا راضيا.

أما بعد .. فإن محمدا يشهد ألا إله إلا الله وأنه عبده ورسوله ، ثم إن مالك بن مرارة الرهاوي قد حدثني أنك أسلمت من أول حمير ، وقتلت

١٤

المشركين ، فأبشر بخير ، وآمرك بحمير خيرا ، ولا تخونوا ، ولا تخاذلوا ، فإن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو مولى غنيكم وفقيركم ، وإن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته ، إنما هي زكاة يتزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل ، وإن مالكا قد بلغ الخبر ، وحفظ الغيب ، وآمركم به خيرا ، وإني قد أرسلت إليكم من صالحي أهلي ، وأولي دينهم ، وأولي علمهم ، وآمركم بهم خيرا ، فإنهم منظور إليهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته» (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٢٤ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٥٤٩ و ٥٥٠ وأشار في المتن وفي الهامش أيضا إلى المصادر التالية : تاريخ الأمم والملوك للطبري ج ٢ ص ٣٨١ وفي (ط أخرى) ج ٣ ص ١٢٠ واللفظ له ، والبداية والنهاية ج ٥ ص ٧٥ وفتوح البلدان للبلاذري ص ٨٢ وفي (ط أخرى) ص ٩٥ و ٩٦ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٥٨ والسيرة النبوية لزيني دحلان (بهامش الحلبية) ج ٣ ص ٣٠ وجمهرة رسائل العرب ج ١ ص ٥٥ و ٨٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٢٥٨ وفي (ط أخرى) ص ٢٣٥ وإعلام السائلين ص ٣٧ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٣٥٤ وفي (ط ليدن) ج ١ ق ٢ ص ٨٤ و ٨٣ و ٢٠ وج ٥ ص ٣٨٦ و ٣٨٧ وج ٣ ق ٢ ص ١٢١ والأموال لأبي عبيد ص ٢١ و ٣١ وكنز العمال ج ٣ ص ٣٠٨ وفي (ط أخرى) ج ٥ ص ٥١٨ وج ٦ ص ١٦٥ و ٣١٧ وج ٤ ص ٢٧٥ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٩ والمفصل ج ٥ ص ٣٠٩ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٣٨ ورسالات نبوية ص ١٣٦ و ١٥٥ والمعجم الكبير للطبراني ج ٢٥ ص ٣١٠ و ٣١١ وثقات ابن حبان ج ٢ ص ١٠٦ والمستدرك للحاكم ج ١ ص ٣٩٥ وسنن النسائي ج ٨ ص ٥٨ والدر المنثور ج ١ ص ٣٤٣ وج ١ ص ١٩٣ وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج ٦ ص ٢٧٤ و ٢٧٥ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٣ ص ١٤٤ و ١٤٥ والأموال لابن زنجويه ج ١ ص ١٠٥ ومجمع الزوائد ج ٣ ـ

١٥

__________________

ـ ص ٧١ و ٧٢ عن النسائي ، والمعجم الكبير ، وأحمد ، ومدينة البلاغة ج ٢ ص ٢٦٩ وأسد الغابة في ترجمة ذي يزن ج ٢ ص ١٤٦ و ٣٩٢ في ترجمة شرحبيل بن عبد كلال و ٢٠٣ في ترجمة زرعة وج ١ ص ٣٣٩ في ترجمة الحارث بن كلال ، وتلخيص المستدرك للذهبي (بهامشه) ج ١ ص ٣٩٥ ونشأة الدولة الإسلامية ص ٣١٨ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٤٠٨ والخراج للقرشي ص ١١٣ وفي (ط أخرى) ص ٥٢١ و ٥١٨ و ٥٥٩ ، والسيرة النبوية لإسحاق بن محمد الهمداني قاضي أبرقو ص ١٠٤٤ وموارد الظمآن لزوائد ابن حبان ص ٢٠٢ ومجموعة الوثائق السياسية ص ٢٢٠ / ١٠٩ عن جمع ممن تقدم ، وعن : وسيلة المتعبدين ج ٨ الورقة ٢٨ ـ ب وص ٢٩ ـ ألف ، وسيرة ابن إسحاق (ترجمتها الفارسية) ورقة ٢١٤ ، وإمتاع الأسماع للمقريزي خطية ص ١٠٢٧ والمواهب اللدنية ج ١ ص ٢٧٩ وجمع الجوامع للسيوطي في مسند عمرو بن حزم ونشر الدر المكنون في فضائل اليمن ص ٦٣ عن ابن مندة ، وابن عساكر ، وسنن الدارقطني ج ١ ص ٢١٥ والوفاء لابن الجوزي ص ٧٤٢ والوثائق السياسية اليمنية للأكوع الحوالي ص ١٠٧ وعن مقال لبعض الفرنسيين «لدافيد كهن» وروي هذا الحديث عن سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم كما في كثير من طرق البيهقي وأسانيده ج ١ ص ٨٨ و ٣٠٩ وج ٤ ص ٨٩ و ١١٦ و ١١٨ و ١٣٠ وج ٨ ص ٢٥ و ٢٨ و ٧٢ و ٧٣ و ٧٩ و ٨٨ و ٨٩ و ٩٥ و ٩٧ و ١٨٨ وج ١٠ ص ١٢٨ والدارمي ج ١ ص ٣٨١ و ٣٨٣ و ٣٨٥ وج ٢ ص ١٦١ و ١٨٨ و ١٨٩ و ١٩٢ و ١٩٣ و ١٩٥ ، وراجع : نصب الراية للزيلعي ج ٤ ص ٣٦٩ وج ٢ ص ٣٤٠ عن النسائي في الديات ، وأبي داود في المراسيل ، وعبد الرزاق في مصنفه ، والدار قطني في سننه ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم في مستدركه ، وابن الجوزي في التحقيقات ، وأحمد بن حنبل في مسنده ، والبيهقي في سننه والطحاوي في شرح الآثار.

١٦

وقد أرسل الكتاب إليهم مع عمرو بن حزم.

وهناك كتاب آخر أرسله لزرعة بن ذي يزن ، وكتاب ثالث لأهل اليمن (١) أرسله مع معاذ ، يشبهان هذا الكتاب ، فراجع وقارن في المصادر

__________________

وراجع : نيل الأوطار ج ٧ ص ٢١٢ عن النسائي ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، وابن الجارود ، والحاكم ، والبيهقي موصولا ، وأبي داود في المراسيل وقد صححه جماعة من أئمة الحديث منهم : أحمد ، والحاكم ، وابن حبان ، والبيهقي. والإصابة ج ٣ ص ١٠٥ في ترجمة «عريب» و ٥٨٦ في النعمان وج ١ ص ٢٨٣ في ترجمة الحارث و ٥٧٧ في زرعة وج ٢ ص ١٦٦ في ترجمة شرحبيل ، والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج ٢ ص ٨٢٥ والبحار ج ٢١ ص ٣٦٦ والمصنف لعبد الرزاق ج ٤ ص ١٣٦ والفائق ج ٢ ص ١٠٥ وزاد المعاد ج ١ ص ٤٥ وفي (ط أخرى) ص ٣٠ والقرطبي في تفسيره ج ١٧ ص ٢٢٥ والمحلى ج ٦ ص ١٦ وج ١٠ ص ٤١١ و ٤١٢ والموطأ (تنوير الحوالك ج ٣ ص ٥٨ وفي (ط أرى) ج ٢ ص ١٨١ ، والمنتظم لابن الجوزي ج ٣ ص ٣٧٢ والإشتقاق لابن دريد ص ٥٢٦ قال : وعريب والحارث ابنا عبد كلال كتب إليهما النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، والإكليل للهمداني ج ٢ ص ٣٢١.

(١) مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٥٩٢ و ٥٩٣ عن المصادر التالية : تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٤ وفي (ط أخرى) ص ٦٩ وقال : وكان الرسول بالكتاب معاذ بن جبل. قال ابن سعد في الطبقات ج ١ ص ٢٦٤ وفي (ط ليدن) ج ١ ق ٢ ص ٢٠ : «وكتب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى أهل اليمن كتابا يخبرهم فيه بشرائع الإسلام وفرائض الصدقة في المواشي والأموال ويوصيهم بأصحابه ورسله خيرا ، وكان رسوله إليهم معاذ بن جبل ومالك بن مرارة ويخبرهم بوصول رسولهم إليه وما بلغ عنهم» ، ثم نقل كتابه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى أبناء عبد كلال فلا يحتمل ـ

١٧

الآتية (١).

ونقول :

إنه عدا عن أن بعض النصوص لهذا الكتاب تخالف ما ثبت عن أئمة أهل البيت المعصومين «عليهم‌السلام» (٢) فإننا نشير إلى ما يلي :

__________________

اتحادهما وإن كان بين الكتابين اشتراك في الألفاظ والوصية برسله وذكر مالك بن مرارة ونحوه ما في الأموال لأبي عبيد ص ٣١.

وراجع : الطبقات الكبرى ج ٣ ق ٢ ص ١٢١ وفتوح البلاذري ص ٩٦ و ٩٨ والإصابة ج ٣ ص ٤٢٧ في ترجمته ، والمصنف لابن أبي شيبة ج ٣ ص ١٢٨ و ١٤٤ و ١٤٥ والمعرفة والتاريخ ج ٣ ص ٤٠٩ وترتيب مسند الشافعي ج ١ ص ١٥٢ وج ٢ ص ١٢٩ والخلاف ج ٢ ص ١٨ والخراج لأبي يوسف ص ٥٩ والخراج للقرشي ص ٦٨ و ١١٢ و ١١٣ وغريب الحديث لأبي عبيد ج ١ ص ٧٠ والأموال لأبي عبيد ص ٣٨ و ٥٤ و ٦٣ و ٥٨٤ و ٦٣٨ والدر المنثور ج ١ ص ١٦٢ وكنز العمال ج ١٠ ص ٣٩٢ والمصنف لعبد الرزاق ج ٤ ص ١١٩ / ٧١٨٦ و ٧١٨٧ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ١٢٨ وابن ماجة ج ١ ص ٥٨٠ / ١٨١٤ والوثائق السياسية ص ٢١٥ و ٢١٦ وراجع : الأموال لابن زنجويه ج ١ ص ١٢٦ و ١٢٨ وج ٢ ص ٨٣٧ و ٨٤١ وج ٣ ص ٩٤٨ و ١٠٢٧ و ٢٠٦١ وجمهرة رسائل العرب ج ١ ص ٦٥.

(١) الأموال لأبي عبيد ص ٢٨٩ و ٢٩٠ والأموال لابن زنجويه ج ٢ ص ٤٦٥ وفتوح البلدان للبلاذري ص ٩٤ وكنز العمال ج ٤ ص ٣١٩ وج ١٠ ص ٤١٧ و ٤١٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٥ ص ٣٨٦.

(٢) راجع : مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٥٦٧ و ٥٦٩ وراجع ص ٥٧٠.

١٨

تكرار كلمة «أما بعد» :

بالنسبة لهذا الكتاب الأخير نلاحظ : أن كلمة «أما بعد» قد تكررت فيه أربع مرات ، بالإضافة إلى تكرار فقرات ومطالب أخرى ، مثل الحديث عن الصدقة مرتين ، كما أن الإشارة إلى الأشخاص قد تكررت أيضا.

وهو أمر غير مألوف في الرسائل ، فقد يثير هذا احتمال أن تكون رسائل مختلفة أرسلت لعدة فئات أو جهات أو أشخاص في اليمن ، فمزجها الرواة عمدا وسهوا. وقد ظهر نتيجة لذلك ضعف في التركيب ، وتفكك وعدم انسجام ، فهو تارة يكلمهم بصيغة الجمع ، وأخرى بصيغة المفرد.

الإعلان والإشهاد على الإسلام :

وقد ذكر في الكتاب : أن من أدى زكاة ماله ، وأشهد على إسلامه ، وظاهر المسلمين على المشركين فهو من المؤمنين ..

ولعل المقصود بالإشهاد على الإسلام هو : إشهار إسلامه وإعلانه حتى لا يتعرض لمعرة جيوش المسلمين ، فإنه إذا تكتم على ذلك ، وستره ، وكانت المنطقة في أجواء حرب وقتال ، فقد يظن به من لا يعرفه الكفر والشرك ، وأنه محارب فيوقعون به.

الإيمان قول وعمل :

قد ذكر في الكتاب : أن هدايتهم متوقفة على إصلاحهم ، وطاعتهم لله ورسوله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وإعطاء الحق الشرعي من المغانم ..

وهذا يدل على : أن الإقرار باللسان لا يوجب نجاتهم من العذاب ، ولا

١٩

أمنهم من القتل ، بل لا بد أن يعملوا بالمذكورات. كما أن من يعمل بها فله ذمة الله ورسوله ، أي أن من لم يعمل فليس له ذلك ..

قتال المشركين دون غيرهم :

ثم إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد شرط عليهم قتل المشركين ، وعدم الإكتفاء بقطع الصلة معهم ..

ولعل المراد : أن لا يتحرجوا من قتلهم حين وقوع الواقعة بين المسلمين والمشركين.

ومن المعلوم : أنه لا يقبل من المشركين إلا الإسلام أو الحرب ، ويخيّر اليهود والنصارى ، بين الجزية ، والإسلام ، والحرب. ربما لأن الشرك يتناقض مع التوحيد ، أما اليهودية والنصرانية فليستا بهذه المثابة ، فلأجل ذلك لا يجبر النصارى واليهود على ترك دينهم ، إذا أعطوا الجزية ، وقد تحدثنا عن ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب ..

من يأخذ الصدقات من الناس؟! :

وقد ذكر الكتاب المتقدم : أن زرعة ، وسائر ملوك حمير ، وهمدان ، وغيرهم ، هم الذين يجمعون صدقاتهم. ويأخذون الجزية ممن لم يسلم من اليهود والنصارى من قومهم ، ثم يسلمونها إلى مبعوثي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

وهذا غاية في الإرفاق بهم ، ورعاية حالهم ، فإن بعضهم أعرف بأحوال بعض من غيرهم ، وبذلك يتحقق الإجراء الصحيح لما هو مطلوب ، ويطمئن قومهم إلى إجراء سنة العدل فيهم.

٢٠