الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٨

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٨

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-200-5
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٩

رجل من أهل نجران يقال له : شرحبيل بن وداعة ، وكان من همدان. ولم يكن أحد يدعى إذا نزلت معضلة إلا الأيهم ـ وهو السيد ـ والعاقب. فدفع الأسقف كتاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى شرحبيل وقرأه ، فقال الأسقف : يا أبا مريم ما رأيك؟

فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة ، فما تؤمن أن يكون هذا هو ذاك الرجل ، ليس لي في النبوة رأي ، ولو كان أمرا من أمور الدنيا لأشرت عليك فيه برأي ، وجهدت لك.

فقال له الأسقف : تنح فاجلس ناحية. فتنحى شرحبيل فجلس ناحية.

فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له : عبد الله بن شرحبيل ، وهو من ذي أصبح من حمير ، فأقرأه الكتاب وسأله ما الرأي؟

فقال نحوا من قول شرحبيل بن وداعة.

فقال له الأسقف : تنح فاجلس ، فتنحى فجلس ناحية.

ثم بعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران ، يدعى جبار بن فيض من بني الحارث بن كعب أحد بني الحماس ، فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه ، فقال مثل قول شرحبيل بن وداعة ، وعبد الله بن شرحبيل ، فأمره الأسقف فجلس ناحية.

فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعا أمر الأسقف بالناقوس فضرب به ، ورفعت النيران السرج في الصوامع ، وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا نهارا ، فإن فزعوا بالليل ضربوا بالناقوس ، ورفعوا النيران في الصوامع.

فاجتمع حين ضرب بالناقوس ورفعت السرج أهل الوادي أعلاه وأسفله ، وطول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع ، وفيه ثلاث وسبعون

٣٠١

قرية ، ومائة ألف مقاتل ، فقرأ عليهم الأسقف كتاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وسألهم عن الرأي فيه.

فاجتمع رأي أهل الرأي منهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة الهمداني ، وعبد الله بن شرحبيل الأصبحي ، وجبار بن فيض الحارثي ، فيأتوهم بخبر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

وفد النجرانيين إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

قال ابن إسحاق : وقدم على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وفد نصارى نجران ، ستون راكبا ، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، منهم العاقب وهو عبد المسيح ، والسيد وهو الأيهم ، وأبو حارثة بن علقمة أحد بني بكر بن وائل ، وأوس ، والحارث ، وزيد ، وقيس ، ويزيد ، وخويلد ، وعمرو ، وخالد ، وعبد الله ، ويحنس ، منهم ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم : العاقب أمير القوم ، وذو رأيهم ، وصاحب مشورتهم ، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه. واسمه عبد المسيح ، والسيد ثمالهم وصاحب رحلهم ، ومجتمعهم ، واسمه الأيهم.

وأبو حارثة بن علقمة ، أحد بني بكر بن وائل أسقفهم ، وحبرهم وإمامهم ، وصاحب مدراسهم ، وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ، ودرس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم ، فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤١٥ و ٤١٦ عن البيهقي وتفسير الميزان ج ٣ ص ٢٣٤ وتفسير ابن كثير ج ١ ص ٣٧٨ والدر المنثور للسيوطي ج ٢ ص ٣٨ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٦٥ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٦٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٠٢.

٣٠٢

قد شرفوه ، ومولوه وأخدموه ، وبنوا له الكنائس ، وبسطوا عليه الكرامات ، لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم.

فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم ، ولبسوا حللا لهم يجرونها من حبرة ، وتختموا بالذهب.

وفي لفظ : دخلوا على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في مسجده [في المدينة] حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحبرات : جبب وأردية ، في جمال رجال بني الحارث بن كعب.

فقال بعض من رآهم من أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يومئذ : ما رأينا وفدا مثلهم. وقد حانت صلاتهم. فقاموا في مسجد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يصلون نحو المشرق (فأراد الناس منعهم).

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «دعوهم».

ثم أتوا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فسلموا عليه ، فلم يرد عليهم‌السلام ، وتصدوا لكلامه نهارا طويلا ، فلم يكلمهم ، وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب.

فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وكانوا يعرفونهما ، فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس فقالوا لهما : يا عثمان ، ويا عبد الرحمن ، إن نبيكما كتب إلينا كتابا فأقبلنا مجيبين له ، فأتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا ، وتصدينا لكلامه نهارا طويلا فأعيانا أن يكلمنا فما الرأي منكما؟ أنعود إليه ، أم نرجع إلى بلادنا؟

فقالا لعلي بن أبي طالب «عليه‌السلام» وهو في القوم : ما الرأي في هؤلاء القوم يا أبا الحسن؟

٣٠٣

فقال لهما : أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ، ويلبسوا ثياب سفرهم ، ثم يعودوا إليه.

ففعل وفد نجران ذلك ورجعوا إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فسلموا عليه فرد عليهم سلامهم ثم قال : «والذي بعثني بالحق ، لقد أتوني المرة الأولى وإن إبليس لمعهم» (١).

وفد نجران يحاور رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وعن ابن عباس ، والأزرق بن قيس : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دعا وفد نجران إلى الإسلام ، فقال العاقب ، عبد المسيح ، والسيد أبو حارثة بن علقمة : قد أسلمنا يا محمد.

فقال : «إنكما لم تسلما».

قالا : بلى ، وقد أسلمنا قبلك.

قال : «كذبتما ، يمنعكما من الإسلام ثلاث فيكما : عبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير ، وزعمكما أن لله ولدا».

ثم سألهم وسألوه ، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له : ما تقول في عيسى ابن مريم؟ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى ، يسرنا إن كنت نبيا أن نعلم قولك فيه.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤١٦ و ٤١٧ والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج ٥ ص ١٨٧ و ١٨٨ والبحار ج ٢١ ص ٣٣٧ وتفسير ابن كثير ج ١ ص ٣٧٨ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٦٥ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٦٩ وإعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ج ١ ص ٢٥٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٠٣.

٣٠٤

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «ما عندي فيه شيء يومي هذا ، فأقيموا حتى أخبركم بما يقول الله في عيسى» (١).

وعن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي : أنه سمع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقول : «ثبت (ليت) بيني وبين أهل نجران حجاب ، فلا أراهم ولا يروني» ، من شدة ما كانوا يمارون رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢). انتهى.

وروى ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس ، وابن سعد عن الأزرق بن قيس ، وابن جرير عن السدي ، وابن جرير ، وابن المنذر عن أبي جريج : أن نصارى نجران قالوا : يا محمد ، فيم تشتم صاحبنا؟

قال : «من صاحبكم»؟

قالوا : عيسى ابن مريم ، تزعم أنه عبد.

قال : «أجل ، إنه عبد الله وروحه وكلمته ، ألقاها إلى مريم ، وروح منه».

فغضبوا وقالوا : لا ، ولكنه هو الله نزل من ملكه فدخل في جوف مريم ، ثم خرج منها ، فأرانا قدرته وأمره ، فهل رأيت قط إنسانا خلق من غير أب؟

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤١٧ عن الحاكم وصححه ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، وابن سعد ، وعبد بن حميد ، والبداية والنهاية ج ٥ ص ٦٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٠٣.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤١٧ عن ابن جرير وجامع البيان للطبري ج ٣ ص ٤٠٥ والمحرر الوجيز للأندلسي ج ١ ص ٤٤٧ والدر المنثور ج ٢ ص ٣٨ وتفسير الآلوسي ج ٣ ص ١٩٤ وراجع : مجمع الزوائد ج ١ ص ١٥٥.

٣٠٥

فأنزل الله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ..) (١).

وأنزل تبارك وتعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (٢).

فلما أصبحوا عادوا إليه ، فقرأ عليهم الآيات ، فأبوا أن يقرأوا. فأمر تعالى نبيه الكريم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمباهلتهم فقال سبحانه وتعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) (٣). فرضوا بمباهلته «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساؤهم : السيد ، والعاقب ، والأهتم : إن باهلنا بقومه باهلناه ؛ فإنه ليس نبيا ، وإن باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله ، فإنه لا يقدم على أهل بيته إلا وهو صادق.

وعن جابر ، وابن عباس ، وقتادة ، وسلمة بن عبد يسوع عن ابيه عن جده ، وعن حذيفة ، والأزرق بن قيس ، والشعبي : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لما نزلت هذه الآيات دعا وفد نجران إلى المباهلة ، فقال : «إن الله تعالى أمرني إن لم تقبلوا هذا أن أباهلكم».

__________________

(١) الآية ١٧ من سورة المائدة.

(٢) الآيتان ٥٩ و ٦٠ من سورة آل عمران.

(٣) الآيات ٦١ ـ ٦٣ من سورة آل عمران.

٣٠٦

فقالوا : يا أبا القاسم ، بل نرجع فننظر في أمرنا.

وفي حديث آخر فقالوا : أخرنا ثلاثة أيام ، فخلا بعضهم إلى بعض وتصادقوا.

فقال السيد العاقب : والله يا معشر النصارى ، لقد عرفتم أن محمدا لنبي مرسل ، ولئن لاعنتموه ليخسفن بأحد الفريقين ، إنه للاستئصال لكم ، وما لاعن قوم قط نبيا فبقي كبيرهم ، ولا نبت صغيرهم.

وفي رواية : فقال شرحبيل : لئن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلا عنّاه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك.

وفي رواية : لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا.

قالوا : فما الرأي يا أبا مريم؟

فقال : رأيي أن أحكّمه ، فإني أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا.

فقال السيد : فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم ، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم ، فوادعوا الرجل ، ثم انصرفوا إلى بلادكم.

فلما انقضت المدة أقبل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مشتملا على الحسن والحسين في خميلة له ، وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة ، وله يومئذ عدة نسوة. فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «إن أنا دعوت فأمنوا أنتم» (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤١٩ عن الحاكم وصححه ، وابن مردويه ، وأبي نعيم في الدلائل ، والبيهقي ، وابن الشيخ ، والترمذي ، والنسائي ، وابن سعد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي شيبة ، وسعيد بن منصور. وراجع : المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج ٥ ص ١٨٧ ـ ١٩٠. والبحار ج ٣٥ ص ٢٦٤ والدر المنثور ج ٢ ص ٣٩ وتفسير الآلوسي ج ٣ ص ١٨٨.

٣٠٧

وعن سعد بن أبي وقاص ، عن علي بن أحمر قالا : لما نزلت آية المباهلة دعا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عليا وفاطمة ، وحسنا وحسينا ، فقال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي» (١). انتهى.

فتلقى شرحبيل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فقال : إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك.

فقال : «وما هو»؟

فقال : حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح ، فما حكمت فينا فهو جائز. وأبوا أن يلاعنوه.

وعن ابن عباس قال : لو باهل أهل نجران رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤١٩ عن مسلم ، والترمذي ، وابن المنذر ، والحاكم في السنن ، وفي هامشه عن : الحاكم ج ٤ (١٨٧١) ، وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٥ ص ١٩٠ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٦٦ والعمدة لابن البطريق ص ١٣٢ و ١٨٨ والطرائف لابن طاووس ص ٤٥ وص ١٢٩ والصراط المستقيم للعاملي ج ١ ص ١٨٦ والبحار ج ٣٧ ص ٢٦٥ و ٢٧٠.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤١٩ عن عبد الرزاق ، والبخاري ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر. ومجمع البيان للطبرسي ج ١ ص ٣١٠ والدر المنثور للسيوطي ج ٢ ص ٣٩. وراجع : البحار ج ١٧ ص ١٦٩ ومسند احمد ج ١ ص ٢٤٨ ومجمع الزوائد ج ٨ ص ٢٢٨ وفتح الباري ج ٨ ص ٥٥٧ والسنن الكبرى للنسائي ج ٦ ص ٣٠٨ ومسند أبي يعلى ج ٤ ص ٤٧٢ وتفسير القرآن للصنعاني ج ١ ص ٥٢ وجامع البيان للطبري ج ١ ص ٥٩٧ وج ٣ ص ٤٠٩.

٣٠٨

وروي عن الشعبي مرسلا : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : «لقد أراني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر ، لو تموا على الملاعنة».

وروي عن قتادة مرسلا : قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «إن كان العذاب لقد نزل على أهل نجران ، أن لو فعلوا لاستؤصلوا من الأرض» (١).

ولما غدا إليهم أخذ بيد حسن حسين ، وفاطمة تمشي خلفه ، وعلي خلفها ، وهو يقول : «إذا أنا دعوت فأمّنوا».

فقال أسقفهم : إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله. فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. والله ، لقد عرفتم نبوته ، ولقد جاءكم بالفصل في أمر صاحبكم ، أي عيسى. فو الله ، ما باهل قوم نبيا إلا هلكوا ، فإن أبيتم إلا دينكم فوادعوا الرجل ، وانصرفوا.

فقالوا : يا أبا القاسم لا نلاعنك.

فقال : «فأسلموا ، يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم». فأبوا.

قال : «فإني أناجزكم».

فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة. ولكن نصالحك.

فصالحهم ، وقال : «والذي نفسي بيده ، إن العذاب تدلى على أهل نجران ، ولو تلاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي نارا ،

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤١٩ والدر المنثور للسيوطي ج ٢ ص ٣٩.

٣٠٩

ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر» (١).

وفي بعض النصوص أنهم قالوا له : لم لا تباهلنا بأهل الكرامة والكبر ، وأهل الشارة ممن آمن بك واتبعك؟!

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «أجل ، أباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض ، وأفضل الخلق».

ثم تذكر الرواية قول الأسقف لأصحابه : «أرى وجوها لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله ..

إلى أن قال : أفلا ترون الشمس قد تغير لونها ، والأفق تنجع فيه السحب الداكنة ، والريح تهب هائجة سوداء ، حمراء ، وهذه الجبال يتصاعد منها الدخان؟! لقد أطلّ علينا العذاب! انظروا إلى الطير وهي تقيء حواصلها ، وإلى الشجر كيف يتساقط أوراقها ، وإلى هذه الأرض ترجف تحت أقدامنا» (٢).

__________________

(١) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٥ ص ١٩٠ عن ابن أبي شيبة ، وأبي نعيم وغيرهما ، وراجع : المحرر الوجيز للأندلسي ج ١ ص ٤٤٨.

(٢) راجع : تفسير القمي ج ١ ص ١٠٤ وحياة الحسن «عليه‌السلام» للقرشي ج ١ ص ٤٩ ـ ٥١. وقد روى قضية المباهلة بأهل الكساء بالاختصار تارة ، وبالتفصيل أخرى جم غفير من الحفاظ والمفسرين.

ونذكر على سبيل المثال منهم هنا : تفسير العياشي ج ١ ص ١٧٦ و ١٧٧ ومجمع البيان ج ٢ ص ٤٥٢ و ٤٥٣ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ١ ص ٣٧٠ و ٣٧١ وتفسير جامع البيان للطبري ج ٣ ص ٢١١ و ٢١٣ و ٢١٢.

وراجع أيضا : تفسير النيسابوري (بهامش جامع البيان) ج ٣ ص ٢١٣ و ٢١٤ وتفسير ـ

٣١٠

__________________

الرازي ج ٨ ص ٨٠ وبعد ذكره حديث عائشة في المباهلة بأهل البيت «عليهم‌السلام» ، وأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» جعل حينئذ الجميع تحت المرط الأسود ، حيث قرأ آية التطهير قال الرازي : «وهذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث». والتفسير الحديث لمحمد عزت دروزة ج ٨ ص ١٠٨ عن التاج الجامع للأصول ج ٣ ص ٣٩٦ عن مسلم والترمذي. والكشاف للزمخشري ج ١ ص ٣٦٨ ـ ٣٧٠ والإرشاد للمفيد (ط دار المفيد) ص ١٦٦ والصواعق المحرقة ص ١٥٣ و ١٥٤ وأسباب النزول للواحدي ص ٥٨ و ٥٩ وصحيح مسلم ج ٧ ص ١٢٠ و ١٢١ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٥٤ وحياة الصحابة ج ٢ ص ٤٩٢ وج ١ ص ١٣٠ و ١٢١ وصحيح الترمذي ج ٥ ص ٦٣٨ و ٢٢ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ٣٧٠ و ٣٦٨ و ٣٦٩ عن كثيرين جدا وينابيع المودة ص ٥٢ و ٢٣٢ وعن ص ٤٧٩ ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ٢٩٨ و ٢٩٩ وحقائق التأويل للشريف الرضي «رحمه‌الله» ص ١١٠ و ١١٢ وفرائد السمطين ج ١ ص ٣٧٨ وج ٢ ص ٢٣ و ٢٤ وشواهد التنزيل ج ١ ص ١٢٦ و ١٢٧ و ١٢٤ و ١٢٣ وج ٢ ص ٢٠ والمسترشد في الإمامة ص ٦٠ وترجمة الإمام علي «عليه‌السلام» من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي ط ١) ج ١ ص ٢٠٦ و (ط ٢) ص ٢٢٥ والمناقب للخوارزمي ص ٥٩ و ٦٠ كشف الغمة للأربلي ج ١ ص ٢٣٢ و ٢٣٣ والإصابة ج ٢ ص ٥٠٣ و ٥٠٩ ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص ٥٠ وتفسير فرات ص ١٥ و ١٤ و ١٦ و ١١٧ وأمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ١٧٢ وج ١ ص ٢٦٥ والجوهرة في نسب علي «عليه‌السلام» وآله ص ٦٩ وذخائر العقبى ص ٢٥ وروضة الواعظين ص ١٦٤ وما نزل من القرآن في أهل البيت لابن الحكم ص ٥٠ والفصول المهمة لابن الصباغ ص ١١٠ و ٥ و ٧ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٥٠ وأسد الغابة ج ٤ ص ٢٦ وسنن البيهقي ج ٧ ص ٦٣ ومسند أحمد ج ١ ص ١٨٥ ومناقب الإمام علي «عليه‌السلام» لابن المغازلي ص ٢٦٣ وفي هامشه عن نزول القرآن لأبي نعيم (مخطوط)

٣١١

__________________

والدر المنثور ج ٢ ص ٣٨ ـ ٤٠ عن بعض من تقدم وعن البيهقي في الدلائل ، وابن مردويه ، وابن أبي شيبة ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وتفسير البرهان ج ١ ص ٢٨٦ ـ ٢٩٠ عن بعض من تقدم وعن موفق بن أحمد ، في كتاب فضائل الإمام علي ، وأمالي الشيخ ، والإختصاص ، وعن الصدوق وعن الثعلبي ، عن مقاتل ، والكلبي ، وفي تفسير الميزان ج ٢ ص ٢٢٨ ـ ٢٣٥. عن كثير ممن تقدم ، وعن عيون أخبار الرضا ، وإعلام الورى ص ٧٩ والخرائج والجرائح ، وحلية الأولياء ، والطيالسي. وهو أيضا في فتح القدير ج ١ ص ٣٤٧ و ٣٤٨ وتفسير التبيان ج ٢ ص ٤٨٥ وتفسير نور الثقلين ج ١ ص ٢٨٨ ـ ٢٩٠ عن بعض من تقدم وعن الخصال وروضة الكافي وغيرهما ، وعن نور الأبصار ص ١١١ وعن المنتقى باب ٣٨ وفي تفسير الميزان ج ٣ ص ٢٣٥ وقال ابن طاووس في كتاب سعد السعود ص ٩١ : رأيت في كتاب تفسير ما نزل في القرآن في النبي وأهل بيته ، تأليف محمد بن العباس بن مروان : أنه روى خبر المباهلة من أحد وخمسين طريقا عمن سماه من الصحابة وغيرهم ، وعد منهم الحسن بن علي «عليهما‌السلام» وعثمان بن عفان ، وسعد بن أبي وقاص ، وبكر بن سمال ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عباس ، وأبا رافع مولى النبي ، وجابر بن عبد الله ، والبراء بن عازب ، وأنس بن مالك» انتهى.

وروي ذلك أيضا عن : علي «عليه‌السلام» وأم سلمة وعائشة ، وأبي سعيد الخدري وعمرو بن سعيد بن معاذ ، وحذيفة بن اليمان ، (وزاد ابن طاووس نقلا عن الحجام) أبا الطفيل عامر بن واثلة ، وجرير بن عبد الله السجستاني ، وأبا قيس المدني ، وأبا إدريس ، ومحمد بن المنكدر ، وعلي بن الحسين ، وأبا جعفر محمد بن علي بن الحسين ، وأبا عبد الله جعفر بن محمد ، والحسن البصري ، وقتادة ، وعلباء بن الأحمر ، وعامر بن شراحيل الشعبي ، ويحيى بن نعمان ، ومجاهد ، وشهر بن حوشب.

وأضاف ابن شهر آشوب في مناقبه ج ٣ ص ٣٦٨ ـ ٣٦٩ : أبا الفتح محمد بن أحمد بن

٣١٢

__________________

أبي الفوارس ، وابن البيع في معرفة علوم الحديث ، واحمد في الفضائل ، وابن بطة في الإبانة ، والأشفهي في اعتقاد أهل السنة ، والخركوشي في شرف النبي ، ومحمد بن اسحاق ، وقتيبة بن سعيد ، والحسن البصري ، والقاضي أبا يوسف ، والقاضي المعتمد أبا العباس ، وأبا الفرج الأصبهاني في الأغاني عن كثيرين وهامش حقائق التأويل ص ١١٠ عن بعض من تقدم ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٦٥ والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٣٩٢ وعن كنز العمال ج ٦ ص ٤٠٧ وعن تفسير الخازن ، وعن تفسير البغوي بهامشه.

وثمة مصادر كثيرة أخرى ذكرها في مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٥٠٢ و ٥٠٣ و ٥٠٤ مثل : تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٦ وفي (ط أخرى) ص ٧١ وفتوح البلاذري ص ٧٥ وفي (ط أخرى) ص ٨٥ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٤٠ والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج ٣ ص ٦ والشفاء للقاضي عياض ج ٢ ص ١٠٧ ونسيم الرياض ج ٣ ص ٤١١ وشرح القاري (بهامشه) ج ٢ ص ٥٢٢ وج ٣ ص ٤١١ وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ١٤١ والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج ٤ ص ١٠٤ والمنار ج ٣ ص ٣٢٢ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٤١٦ والبحار ج ٣٥ وج ٢١ ص ٢٧٧ و ٢٨٢ و ٣٢١ و ٣٣٨ و ٣٣٩ و ٣٤١ ـ ٣٤٣ و ٣٤٦ و ٣٥٤ ودلائل النبوة للبيهقي ص ٢٩٨ والقاضي البيضاوي في تفسير الآية ، وروح المعاني ج ٣ ص ١٩٠ وروح البيان ج ٢ ص ٤٤ والسراج المنير ج ١ ص ٢٢٢ وتفسير الشريف اللاهيجي ج ١ ص ٣٣٢ وجلاء الأذهان ج ١ ص ٦١ وكنز الدقائق ج ٢ ص ١٠٢ والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج ٢ ق ٢ ص ٥٧ والعمدة لابن بطريق ص ١٨٨ وما بعدها ، وتذكرة الخواص لابن الجوزي ص ١٤ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ١٦ وفي (ط أخرى) ص ٢٩٥ والأغاني ج ١٢ ص ٧ ونهج الحق ص ١٧٧ وغاية المرام المقصد الثاني الباب ٣ و ٤ عن سعد ، وجابر ، وابن عباس ، والشعبي ، والسدي ، وأبي عبد الله والحسن وأبي الحسن موسى وأبي ذر عن علي «عليهما

٣١٣

كتاب مصالحة النجرانيين :

وبعد امتناعهم عن الدخول في الملاعنة ، وتقرر ضرب الجزية على أهل

__________________

السلام» في حديث (المناشدة) ، وعن محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير ، وعن أبي الحسن الرضا «عليه‌السلام».

وقد أخرجه في البحار ج ٢١ عن مصادر جمة ، وكذا أخرجه في ملحقات إحقاق الحق ج ٣ وج ٥ وج ٩ وج ١٤ عن مصادر أهل السنة جمعاء.

وراجع : ملحقات إحقاق الحق ج ٣ ص ٤٦ وما بعدها ، نقله عن جمع ممن قدّمناه ، وعن الثعلبي في تفسيره ، ومعالم التنزيل ج ١ ص ٣٠٢ ومصابيح السنة ج ٢ ص ٢٠٤ وأحكام القرآن لابن العربي ج ١ ص ١١٥ وجامع الأصول ج ٩ ص ٤٧٠ وتلخيص الذهبي ذيل المستدرك ج ٣ ص ١٥٠ ومطالب السؤول ص ٧ والرياض النضرة ص ١٨٨ وتفسير النسفي ج ١ ص ١٣٦ وتبصير الرحمن ج ١ ص ١١٤ ومشكاة المصابيح ج ٢ ص ٣٥٦ والكاف الشاف ص ٢٢٦ والمواهب للكاشفي ج ١ ص ٧١ ومعارج النبوة ج ١ ص ٣١٥ والإكليل ص ٥٣ وتفسير الجلالين ج ١ ص ٣٣ وتفسير أبي السعود ج ٢ ص ١٤٣ ومدارج النبوة ص ٥٠٠ ومناقب مرتضوي ص ٤٤ والإتحاف بحب الأشراف ص ٥٠ والجواهر للطنطاوي ج ٢ ص ١٢٠ ورشفة الصادي ص ٣٥ وكفاية الخصام ص ٣٩. وراجع أيضا ج ٩ ص ٧٠ عن منهاج السنة لابن تيمية ج ٤ ص ٣٤ ومقاصد المطالب ص ١١ والمنتقى ص ١٨٨ ونزول القرآن في أمير المؤمنين «عليه‌السلام» لأبي نعيم (مخطوط) ، وأرجح المطالب ص ٥٥ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٣ ص ١٩٤ ومرآة الجنان ج ١ ص ١٠٩ وشرح المقاصد للتفتازاني ج ٢ ص ٢١٩ وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٣ وإمتاع الأسماع ص ٥٠٢ والمواقف ج ٢ ص ٦١٤ وشرح ديوان أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ص ١٨٤ وراجع أيضا ج ٥ ص ٥٩ و ١٠٢ وج ١٤ ص ١٣١ ـ ١٤٨.

٣١٤

نجران ، انصرفوا حتى إذا كان من الغد كتب لهم هذا الكتاب :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما كتب محمد النبي رسول الله لأهل نجران ـ إذا كان عليهم حكمه ـ في كل ثمرة ، وفي كل صفراء وبيضاء ورقيق فأفضل ذلك عليهم ، وترك ذلك كله [لهم] على ألفي حلة من حلل الأواقي ، في كل رجب ألف حلة ، وفي كل صفر ألف حلة ، مع كل حلة أوقية من الفضة ، فما زادت على الخراج أو نقصت عن الأواقي فبالحساب ، وما قضوا من دروع أو خيل أو ركاب أو عروض أخذ منهم بالحساب ، وعلى نجران مؤنة رسلي ومتعتهم ما بين عشرين يوما فما دون ذلك ، ولا تحبس رسلي فوق شهر.

وعليهم عارية ثلاثين درعا ، وثلاثين فرسا ، وثلاثين بعيرا ، إذا كان كيد ومعرة ، وما هلك مما أعاروا رسلي من دروع ، أو خيل أو ركاب ، [أو عروض] فهو ضمين على رسلي حتى يؤدوه إليهم.

ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم ، وأرضهم وأموالهم ، وغائبهم وشاهدهم ، وعشيرتهم ، وبيعهم [وصلواتهم] ، [وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير] ، وألا يغيروا مما كانوا عليه بغير حق من حقوقهم ولا ملتهم ، ولا يغير أسقف عن أسقفيته ، ولا راهب من رهبانيته.

وليس عليهم دنية ، ولا دم جاهلية ، ولا يحشرون ، ولا يعشرون ، ولا يطأ أرضهم جيش ، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين. [على ألا يأكلوا الربا] فمن أكل الربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة ، ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر ، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار

٣١٥

الله ، وذمة النبي محمد رسول الله أبدا ، حتى يأتي الله بأمره ما نصحوا وأصلحوا ما عليهم ، غير مثقلين بظلم».

شهد أبو سفيان بن حرب ، وغيلان بن عمرو ، ومالك بن عوف النصري ، والأقرع بن حابس الحنظلي ، والمغيرة بن شعبة (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤٢٠ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ١٥٢ فما بعدها إلى ص ١٥٦ و ١٦٥ عن المصادر التالية : البداية والنهاية ج ٥ ص ٥٥ وتاريخ المدينة لابن شبة ج ٢ ص ٥٨٤ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٧ وفي (ط أخرى) ص ٧٢ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ق ٢ ص ٣٥ وفي (ط أخرى) ج ١ ص ٢٨٧ وتفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي (في تفسير الآية ٦١ من آل عمران ـ آية المباهلة) (الطبعة الفهلوية) ج ١ ص ٥٧٦ ومستدرك الوسائل للنوري ج ١١ ص ١٣٣ والإرشاد للمفيد ص ٧٨ وفي (ط أخرى) ص ٧٩ والأموال لأبي عبيد ص ٢٧٢ ـ ٢٧٥ وفي (ط أخرى) ص ١٨٧ وراجع ص ٣٩ ورسالات نبوية ص ٦٢ ـ ٦٦ وجمهرة رسائل العرب ج ١ ص ٧٦ والخراج لأبي يوسف ص ٧٢ وفي (ط أخرى) ص ٧٨ وحياة الصحابة ج ١ ص ١٢١ وزاد المعاد لابن القيم ج ٢ ص ٤٠ و ٤١ ومدينة العلم ج ٢ ص ٢٩٩ وجلاء الأذهان (تفسير گازر) ج ٢ ص ٦٢ وغاية المرام ص ٣٠١ والأموال لابن زنجويه ج ٢ ص ٤٤٩ و ٤٥٠ وج ١ ص ٩٤٨ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٤١٧ ونشأة الدولة الإسلامية ص ٣١٣.

قال البلاذري في الفتوح ص ٧٦ وفي (ط أخرى) ص ٨٧ و ٨٨ بعد نقل الكتاب : «وقال يحيى بن آدم : وقد رأيت كتابا في أيدي النجرانيين ، كانت نسخته شبيهة بهذه النسخة وفي أسفله : وكتب علي أبو طالب ولا أدري ما أقول فيه»!!

وراجع : الوثائق السياسية : ص ١٧٥ / ٩٤ نقله عن جمع ممن تقدم وعن الأصل للشيباني (خطيات مراد ملا وعاطف وفيض وآياصوفيا بإستانبول كتاب السير

٣١٦

كتاب آخر لنصارى نجران :

وفي لفظ : أن الأسقف أبا الحارث أتى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ومعه السيد العاقب ، ووجوه قومه ، وأقاموا عنده يستمعون ما ينزل الله عزوجل ، فكتب للأسقف هذا الكتاب ولأساقفة نجران بعده ، يقول فيه :

__________________

باب ما جاء عن النبي وأصحابه في أهل نجران وبني تغلب) وإمتاع الأسماع للمقريزي خطية كوپرلو ص ١٠٣٧ و ١٠٣٨ و ١٦٥٠ والوثائق السياسية اليمنية لمحمد علي الأكوع الحوالي ص ٩٤ ـ ٩٦ قال : وراجع أيضا مخطوطة التأريخ المجهول وراجع أيضا : ص ٧١٨ من الوثائق.

وأوعز إليه في النهاية لابن الأثير في مادة : «وقه» و «وقف» و «هف» و «وفه» و «ربي» وراجع : الفائق ج ١ ص ١٧٩ ولسان العرب ، وأقرب الموارد في هذه المواد ، وراجع : معجم البلدان ج ٥ ص ٢٦٥ و ٢٦٩ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٥٨ وفتح الباري ج ٨ ص ٧٤ والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٢٩٣ وعون المعبود ج ٣ ص ١٣٣ وأبا داود ج ٣ ص ١٦٧ والمنار ج ٣ ص ٣٢٢ وتذكرة الفقهاء للعلامة الحلي ج ١ ص ٤٤١ وإعلام الورى ص ١٣٠ ومآثر الإنافة ج ٣ ص ٢٣٧ وثقات ابن حبان ج ٢ ص ١٢٣ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢١٢ والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج ٣ ص ٤ والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج ٢ ق ٢ ص ٥٧ وكنز العمال ج ١٤ ص ٢٤٧ وج ٤ ص ٣٢٣ والبحار ج ٢١ ص ٢٧٧ و ٣٣٨ و ٣٧٢ والإصابة ج ٣ ص ١٩٢ في غيلان بن عمرو ، والمنتظم لابن الجوزي ج ٤ ص ٣. والخراج لقدامة بن جعفر (مخطوطة پاريس) ورقة ١٢٥ وزاد المعاد ج ٣ ص ٤١ والفائق مادة «وهف» واللسان مادة «وقف» وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٥٠٢ وغريب الحديث لأبي عبيد (خطية كوپرلو) ورقة ٧٢ ـ ب والنهاية مادة «ثلل» و «ثوي» و «ربي». قال : وانظر كايتاني ج ١٠ ص ٦٠.

٣١٧

«بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد النبي رسول الله للأسقف أبي الحارث ، وأساقفة نجران وكهنتهم ورهبانهم ، وأهل بيعهم ، ورقيقهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير ، لا يغير أسقف من أسقفيته ، وراهب من رهبانيته ، ولا كاهن من كهانته ، ولا يغير حق من حقوقهم ولا سلطانهم ، ولا مما كانوا عليه ، لهم على ذلك جوار الله تعالى ورسوله أبدا ، ما نصحوا وأصلحوا ، غير مثقلين بظلم ولا ظالمين».

وكتب المغيرة بن شعبة.

فلما قبض الأسقف الكتاب استأذن في الانصراف إلى قومه ومن معه ، فأذن لهم فانصرفوا (١).

نص آخر للكتاب :

وثمة كتاب آخر أرسله إليهم ، وهو التالي :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد النبي إلى الأسقف أبي الحارث ، وأساقفة نجران وكهنتهم ، ومن تبعهم ورهبانهم ، أن لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير ، من بيعهم وصلواتهم ، ورهبانيتهم ، وجوار الله ورسوله ، لا يغير أسقف من أسقفيته ، ولا راهب من رهبانيته ، ولا كاهن من كهانته ، ولا يغير حق من حقوقهم ، ولا سلطانهم ، ولا شيء مما كانوا عليه. على ذلك جوار الله ورسوله أبدا ما نصحوا ، وصلحوا ، فما عليهم غير مثقليين

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤٢٠ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ١٤٩ وزاد المعاد لابن القيم ج ٣ ص ٤١ ورسالات نبوية ص ٦٦ ، وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٧٢.

٣١٨

بظلم ولا ظالمين». وكتب المغيرة (١).

وذكروا : أنه يحتمل أن يكون الكتاب السابق لأهل نجران ، وهذا الكتاب للأساقفة ، والشاهد على ذلك أن الكتاب السابق ناظر إلى التأمين في الأموال ، وهذا الكتاب الأخير ناظر إلى التأمين في المناصب الدينية (٢).

الكتاب بخط علي عليه‌السلام :

زعمت بعض المصادر : أن كاتب هذا الكتاب هو المغيرة بن شعبة (٣).

وقيل : هو معيقيب (٤).

وقيل : هو عبد الله بن أبي بكر (٥).

وقال اليعقوبي : إنه علي «عليه‌السلام» (٦).

__________________

(١) مكاتيب الرسول ج ٣ ص ١٤٨ عن المصادر التالية : الطبقات الكبرى ج ١ ص ٢٦٦ وفي (ط أخرى) ج ١ ق ٢ ص ٢١ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٥٥ ورسالات نبوية ص ٦٦ وحياة الصحابة ج ١ ص ١٢٣ وزاد المعاد ج ٣ ص ٤١ وجمهرة رسائل العرب ج ١ ص ٧٦ ومدينة العلم ج ٢ ص ٢٩٧ وإعلام الورى ص ٧٩ ومجموعة الوثائق السياسية ص ١٧٩ / ٩٥ عن جمع ممن قدمناه ، وإمتاع المقريزي (خطية كوپرلو) ص ١٠٣٨ وسبل الهدى للشامي خطية باريس / ١٩٩٢ ورقة ٦٥ ـ ألف وراجع أيضا ص ٧١٨.

(٢) مكاتيب الرسول ج ٣ ص ١٤٨.

(٣) كما ذكره البلاذري ، وابن كثير ، وابن قيم الجوزية.

(٤) ذكر ذلك أبو عبيد ، وابن زنجويه.

(٥) ذكر ذلك أبو يوسف.

(٦) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٨٢.

٣١٩

ويؤيده : ما ذكره يحيى بن آدم (١).

ويؤيده أيضا : ما ذكروه من أن النجرانيين جاؤوا عليا «عليه‌السلام» بكتابه الذي كتبه لهم بيده ، فراجع (٢).

عهد مكذوب على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وقد أظهر نصارى نجران في سنة مائتين وخمس وستين عهدا مطولا زعموا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كتبه لهم ، وقد ذكرهما العلامة الأحمدي في كتابه القيم «مكاتيب الرسول» ج ٣ ص ١٧٢ فما بعدها ..

ثم ذكر قرائن كثيرة على أنهما مفتعلان ، ومكذوبان ، ويكفي أن نذكر منها : أن عددا من الشهود الذين ذكرت أسماؤهم كانوا قد استشهدوا قبل قدوم وفد نجران بعدة سنوات.

فإن وفد نجران إنما قدم على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سنة عشر بالإتفاق ، وفي الشهود سعد بن معاذ ، وقد استشهد في السنة الرابعة أو الخامسة ، في غزوة بني قريظة ، وجعفر بن أبي طالب قد استشهد في سنة

__________________

(١) فتوح البلدان للبلاذري ج ١ ص ٧٨.

(٢) السنن الكبرى ج ١٠ ص ١٢٠ ومعجم البلدان ج ٥ ص ٢٦٩ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ١٧٠ عن المصادر التالية : المصنف لابن أبي شيبة ج ١٤ ص ٥٥٠ و ٥٥١ عن سالم ، وكنز العمال ج ٤ ص ٣٢٣ عن ابن أبي شيبة ، والأموال لأبي عبيد ، والبيهقي وج ١٤ ص ٢٤٧ عن البيهقي عن عبد خير ، والأموال لابن زنجويه ج ١ ص ٢٧٦ و ٤١٨ عن سالم ، والخراج لأبي يوسف ص ٨٠ قال : وكان الكتاب في أديم أحمر ، والأموال لأبي عبيد ص ١٤٣ / ٢٧٣ والمطالب العالية ج ٤ ص ٤١.

٣٢٠