الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٨

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٨

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-200-5
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٩

الصمود أمام الكثرة التي اختارت طريق الغي ، أو أنها قد عادت إليه بعد أن كانت قد تظاهرت بالتخلي عنه.

ويبدو أن عروة بن مسعود قد ظن أنه قادر على التأثير عليهم ، لمكانته فيهم ، فأخبره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأن الأمر لم يكن على ما يظن ، فلما أصر عليه لم يشأ أن يحرمه من شرف الجهاد والشهادة. وربما يكون لشهادته بعض الأثر في عودة رشدهم إليهم ، وتنبههم إلى الأخطار الجسام التي تنتظرهم لو أصروا على اللجاج والعناد والجحود ، بعد أن رأوا أنهم قد أصبحوا حالة شاذة في محيطهم ، وأن لا مناص لهم من مسايرة هذا الجو بما يحفظ لهم حياة طيبة وهادئة.

فأرسل الثقفيون الذين كانوا قد أبطأوا في الإستجابة لنداء الحق ، أو كانوا قد نكثوا عهدهم ، وعادوا إلى البغي والشرك والجحود ـ أرسلوا ـ وفدهم إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» برئاسة عبد ياليل بن عمرو ..

وقد لاحطنا : أن عبد ياليل لم يرض بالذهاب وحده ، بل اشترط أن يكون معه أناس آخرون من جميع طوائف لا يتمكن أحد من ثقيف أن يقدم على عمل يثير حفيظتها ، ويجعلها في موقع المعادى والمحارب ، فطلب أن يشاركه في الوفد اثنان من الأحلاف وثلاثة من بني مالك.

لكي يسمعهم القرآن ويريهم الصلاة :

وعن جعلهم في المسجد بحيث يرون صلاة المسلمين ، ويسمعون القرآن ، نقول :

إننا لا نريد أن نسهب في تفصيل دلالات ، وغايات هذا الإجراء ، بل

١٢١

نقتصر على الإشارة إلى أن النبي الأكرم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أراد أن يستثير فيهم حب المعرفة ، وتلمس المعاني ، والدلالات القرآنية والصلاتية ، بأنفسهم ، بعيدا عن مظاهر الحجاج والإحتجاج ، وعن الشعور بأن ثمة سعيا لمحاصرتهم ، والهيمنة على طريقة تفكيرهم أو التأثير على قراراتهم ، فتتحرك فيهم نوازع الممانعة ، والسعي نحو التفلت والخروج من دائرة الحصار ، وتحقيق ما يشبه الإنتصار ..

إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يريد لهم ان يرجعوا إلى فطرتهم ، وإلى ما يرضاه لهم وجدانهم وضميرهم ، فيتدبروا هذا القرآن ، ويفكروا في معاني الحركات والأقوال ، والمظاهر الصلاتية ودلالاتها بعفوية وهدؤ وصفاء.

استئثار أبي بكر بالبشارة :

وقد أقسم أبو بكر على المغيرة بن شعبة ، الذي كان يشتد لتبشير رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بوفد ثقيف ، أن لا يسبقه بالبشارة ، حتى يكون أبو بكر هو الذي يبشره ..

ولا ندري لماذا يحرص أبو بكر على إخبار رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بهذا الأمر؟! ألا يعد ذلك شاهدا أو دليلا على أن حبه لنفسه قد تجاوز الحد حتى جعله يستأثر على الآخرين حتى بمثل هذا الأمر العادي جدا والبسيط؟!

ولماذا يحرم غيره حتى من إبلاغ خبر سار لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ويصده عنه بالقسم ، ولا يترك له حرية السعي إلى ما يريد؟! فإن كان له هو رغبة في شيء من ذلك فليبذل جهده أيضا ، فأيهما سبق فقد حصل على مبتغاه ، ويبقى للآخر ثواب سعيه ، إلا أن يكون المقصود هو : لفت

١٢٢

النظر ، وإعلام الناس بأنه قد أدى خدمة ، وقام بعمل وهو الذي لم يعهد منه القيام بشيء ذي بال!!

ويا ليت هذا الحرص على الأجر والثواب لدى أبي بكر يتجلى لنا في ساحات الجهاد ، ومقارعة الأبطال!! التي يغيب عنها غيبة من يكاد يحسب في عداد الأموات ..

أسكنهم في ناحية المسجد :

وعن ضرب القبة للوفد في ناحية المسجد نقول :

إن ذلك لا يعني أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أسكنهم في داخل مسجده ، الذي تكون صلاة المسلمين فيه ، ليقال : إنه قد أدخل المشركين إلى المسجد ، بل أسكنهم في ناحية منه ، فلعلها دار المسجد ، أو بعض الملحقات به ، ولعلها موضع الصفة المعروف أو نحو ذلك ، فليس في هذا النص دلالة على جواز دخول المشركين للمساجد ..

يسيئون الظن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وعن أنهم كانوا لا يأكلون طعاما يأتيهم من عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حتى يأكل منه خالد نقول :

إن الإنسان الغادر يظن أن غيره غادر مثله ، ولذلك لم يقتنع هؤلاء بأن لمحمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» طريقة وخلقا يختلف عما عرفوه وألفوه ، رغم أنهم قد عاينوا أو سمعوا طيلة عشرات السنين الكثير الكثير من المفردات التي تدل على هذه المباينة فيما بينه وبينهم .. والمضحك المبكي أن هؤلاء الغدرة أنفسهم يدّعون للناس أنهم أوفياء ، كما يدّعي الجبناء أنهم شجعان ،

١٢٣

والبخلاء أنهم أسخياء.

تأجيل هدم الطاغية :

ومن السخف الظاهر ، والتفاهة الفاضحة أن يطلب وفد ثقيف من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يدع لهم «اللات» ولا يهدمها ثلاث سنين ، فلم يقبل منهم ، حتى طلبوا منه شهرا ، فأبى عليهم أن يدعها لهم شيئا مسمى ..

فإنه إذا كان لابد من هدمها ، بعد ثلاث سنوات ، أو أقل أو أكثر ، فذلك يعني أنها لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا ، فضلا عن أن يكون لها أي تأثير بالنسبة لغيرها ، فهي إذن فاقدة لما تستحق به العبادة ولو لحظة واحدة. فما معنى أن يتعلقوا بها إلى هذا الحد .. وما الفرق بين اللحظة وبين الألف عام؟!

ومن جهة أخرى : فإنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يمكن أن يرضى بإبقائها إلا إذا رضي بأن تعبد ولو لحظة واحدة ، فإذا كانت أهلا للعبادة في تلك المدة أو اللحظة ، فلا يصح هدمها بعد ذلك أيضا ، لأن حالها لم تختلف ، وأهليتها لا تزال محفوظة ، فإن منعت من هدمها وجوزت عبادتها لحظة ، فهي تمنع من ذلك ، وتجوز عبادتها في اللحظة التي بعدها وهكذا إلى ما لا نهاية.

وقد زعموا : أن هدفهم من تأخير هدم اللات هو : أن لا يستثار سفهاؤهم ، ونساؤهم وذرياتهم ، ولا يروعوا قومهم بهدمها ، حتى يدخلوا الإسلام.

غير أن من البديهي : أن إبقاء رمز الكفر من شأنه أن يبقي الإرتباط القلبي قائما بين أولئك الضعفاء والسفهاء ، ويبين ذلك الرمز .. ويتبلور نتيجة لذلك شعور بإمكان التعايش والإنسجام والمصالحة بين حالتي

١٢٤

الشرك والتوحيد ، والظلمة والنور ، والحق والباطل ، وسيزيد ذلك من صعوبة اقتلاع آثار الشرك وطرد الباطل من العقول والنفوس.

وذلك من شأنه أن يفسد الفطرة ، ويربك ويبطئ حركة العقل ، ويعمّي على كثير من الناس سبل الهداية. فلأجل هذا وذاك أصر «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على هدم الأصنام وأن لا يبقيها ولو لحظة واحدة.

لا يكسرون أصنامهم بأيديهم :

ثم إنهم قد طلبوا منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يعفيهم من كسر أصنامهم بأيديهم ، لا لأجل أن ذلك يمثل إذلالا لهم ، وإنما لأنهم كانوا يخشون أن يصيبهم بسبب ذلك بعض المصائب ..

وقد كان إعفاؤهم من ذلك هو القرار الحكيم والصائب ، إذ لو أصر عليهم بمباشرة هدمها ، فإن أي شيء يعرض لهم بعد ذلك ولو كان صداعا في الرأس أو شوكة تصيب رجل أحدهم سوف يعتبرونه من آثار هدمها ، وبالتالي فإن ذلك سوف يكرس مكانتها في نفوسهم ، وسيعكر ذلك صفاء توحيدهم ، ويخدش في صحة إيمانهم ..

نظرة في كتاب ثقيف :

وبعد .. إننا إذا ألقينا نظرة فاحصة على مضمون الكتاب الذي كتبه لهم فسنجد : أنه قد أطال في التفاصيل ولكنه لم يزد على أمور معلومة الحكم ، ظاهرة لكل أحد ، ولا مجال فيها للمناقشة ، ولا سبيل للأخذ والرد فيها من أي كان.

أي أنه لم يزد على المسلمات الشرعية ، والبديهيات العقلية ، والأمور الوجدانية شيئا ، فهو ينص على منعهم من الظلم والسرقة والإساءة ، ويحرم عليهم الربا ،

١٢٥

ويوجب على المسلمين نصرهم إذا تعرضوا لأي ظلم وحيف من أحد.

ويوجب على الناس الإستئذان منهم إذا أرادوا أن يدخلوا عليهم ، أو أن يعبروا من بلادهم ، وأنهم لهم الحرية في أن يتصرفوا فيما يملكونه كيف يشاؤون ، وليس لأحد أن يفرض عليهم ضريبة كضريبة الجاهلية ، ولا أن يفرض عليهم الإجتماع في مكان بعينه لأداء صدقاتهم.

وأنهم آمنون على أنفسهم وأموالهم أينما كانت ، وأن حلفاءهم إذا أسلموا فإن لهم ما لمسلمي ثقيف ، وكذلك الحال بالنسبة لمن يسلم من تجار ثقيف نفسها.

وذكر : أن الأعناب التي لقريش إذا سقاها أهل الطائف فلهم شطرها ، إلى آخر ما هنالك من أحكام ذكرت في الكتاب ..

والسؤال هو : لماذا يصرح بكل ما ذكرناه وسواه مما هو من البديهيات العقلية ، والشرعية ، والوجدانية؟

قد يكون السبب في ذلك هو شعوره بأنه لا يكفي أن يكلهم إلى إيمانهم ، ووجدانهم ، وإلى حكم عقلهم ، وقضاء فطرتهم؟! بل يحتاجون زيادة على ذلك إلى أخذ العهود والمواثيق الصريحة والواضحة.

ولعله حين رأى حرصهم على الربا وقد فاوضوه فيه ، ثم خلوا بأنفسهم. ثم تظاهروا بقبول ذلك منه لم يثق بصحة نواياهم ، فكان أن شدد عليهم فيه ، وسجله في هذه الوثيقة ، لكي يبطل تدبيرهم ، إن كانوا قد اتفقوا فيما بينهم على التظاهر بالموافقة ، ثم العمل بما يحلو لهم .. فيكون هذا الكتاب قد قطع الطريق عليهم ، وأحرجهم ، وألجأهم إلى التزام طريق الحق ، وأخذهم بعهد صريح لن يسهل عليهم نقضه ، لأنه يجعل له السبيل عليهم.

١٢٦

الفصل السادس :

وفود السنة العاشرة والحادية عشرة

١٢٧
١٢٨

وفود بني تغلب :

عن يعقوب بن زيد بن طلحة قال : قدم على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وفد بني تغلب ستة عشر رجلا مسلمين ونصارى ، عليهم صلب الذهب ، فنزلوا دار رملة بنت الحارث. فصالح رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» النصارى على أن يقرهم على دينهم ، على أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانية ، وأجاز المسلمين منهم بجوائزهم (١).

ونقول :

إن هذا النص قد تضمن أمرا هاما جدا ، نشير إليه فيما يلي :

إستغلال سذاجة الآخرين ممنوع :

إن هذا الذي اشترطه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على نصارى بني تغلب ، وهو : أن يقرهم على دينهم ، على أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانية ، يشير إلى أمرين :

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٨٧ عن ابن سعد ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٣١٦ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٧٨ ، وراجع : البداية والنهاية ج ٥ ص ١٠٨.

١٢٩

الأول : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عامل نصارى تغلب بالرفق والعفو ، حين رضي منهم أن يقرهم على دينهم ، مع أن له كل الحق في معاملتهم بالشدة والعنف ، ما دام أنه قد قهرهم بالحجة ، فلجوا في طغيانهم ، وأصروا على باطلهم وأقاموا على الجحود على ما أصبح واضحا أنهم يعلمون بطلانه وبواره.

الثاني : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» آثر أن يرفق بهم ، ليحفظ حق أبنائهم في الإختيار ، وليضمن لهم حرية الفكر والإعتقاد ، ثم حرية الموقف والممارسة .. فطلب منهم : أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانية.

الثالث : إن هذا الإشتراط يعطينا : أنه ليس من حق أحد أن يستغل سذاجة أي إنسان ، حتى لو كان ولده ، ليفرض عليه عقيدته ، وما يدين به ، بل عليه أن يفسح له المجال ، ليصل إلى قناعاته الدينية واعتقاداته عن طريق الدليل والبرهان .. ولا يجوز له أن يهيمن على فكره وعقله وقلبه من خلال أجواء يثيرها ، أو إيحاءات يمارسها ، ما دام أن الطرف الآخر غير قادر على التمييز بين الحق والباطل ، أو كان ذلك مما يصرفه عن التفكير في هذا وذاك ..

الرابع : إن هذا المبدأ لا يختص بصورة ما لو كان الطرف الآخر لا يدين بالإسلام ، بل هو مما يفرضه الإسلام حتى على المسلمين أنفسهم ، إمعانا منه في إنصافهم ، وفي إجراء سنة العدل فيهم ، ففرض على كل مسلم أن يحصّل قناعاته عن طريق الحجة والدليل ، ولا سيما فيما يختص بالتوحيد والنبوة ، وبعض المعتقدات الأخرى .. حيث لم يرض منه بتقليد الناس جهابذة العلم ، وأساطين الفكر ، فإنه لا يرضى بأن يقلد أحد أحدا من غير العلماء

١٣٠

حتى تقليد الأبناء لآبائهم أو لغيرهم كما هو واضح.

وفود الرهاويين :

عن قتادة الرهاوي قال : «لما عقد لي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على قومي ، أخذت بيده فودعته ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «جعل الله التقوى زادك ، وغفر لك ذنبك ، ووجّهك للخير حيثما تكون» (١).

وروى ابن سعد عن زيد بن طلحة التيمي قال : قدم خمسة عشر رجلا من الرهاويين ، وهم حي من مذحج ، على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سنة عشر ، فنزلوا دار رملة بنت الحدث ، فأتاهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فتحدث عندهم طويلا ، وأهدوا لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هدايا ، منها فرس يقال له : المرواح ، فأمر فشور بين يديه ، فأعجبه. فأسلموا وتعلموا القرآن والفرائض ، وأجازهم كما يجيز الوافد : أرفعهم اثني عشرة أوقية ونشّا ، وأخفضهم خمس أواق ، ثم رجعوا إلى بلادهم.

ثم قدم منهم نفر ، فحجوا مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من المدينة ، وأقاموا حتى توفي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأوصى لهم

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٣٩ عن الطبراني برجال ثقات وقال في هامشه : أخرجه الطبراني في الكبير ج ١٩ ص ١٥ والبخاري في التاريخ ج ٧ ص ١٨٥ وذكره الهيثمي في المجمع ج ١٠ ص ١٣١ والسيوطي في الدر ج ١ ص ٢٢١ ، وكتاب الدعاء للطبراني ص ٢٥٩ ، وطبقات خليفة للعصفري ص ١٣٧ ، والتاريخ الكبير للبخاري ج ٧ ص ١٨٥ ، وأسد الغابة ج ٤ ص ١٩٤ وج ٥ ص ٦٥ ، والإصابة ج ٥ ص ٣١٩.

١٣١

بجادّ مائة بخيبر في الكتيبة جارية عليهم ، وكتب لهم كتابا ، فباعوا ذلك في زمن معاوية (١).

ونقول :

إننا حين نلاحظ مفردات الدعاء الذي دعا به رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لقتادة الرهاوي ، فسنرى : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يدع له بأمر دنيوي بصورة مباشرة ، لكن ما دعا به من شأنه أن يمنحه أعلى درجات السعادة في الدنيا ، بالرغم من أنه دعاء يخص الآخرة .. فإن من كانت التقوى زاده ، وغفر الله تعالى له ذنبه ، ووجهه للخير حيثما يكون ، لا يمكن إلا أن يكون سعيدا مفلحا منجحا في دنياه كما يكون كذلك في آخرته ..

إجازات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله للوفود :

وقد قرأنا في مواضع كثيرة ما يدلنا على أنه كان من عادة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يجيز الوفود ، وأن إجازته لهم كانت تتراوح ما بين خمس أواق إلى اثنتي عشرة أوقية ونشّا من الفضة ..

ولا يمكن اعتبار هذا التفاوت تكريسا لزعامات جاهلية ، كان من الضروري محاربتها وإسقاطها. بل إن هذا التفاوت اعتراف بواقع

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٣٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٣٦٧ ورسالات نبوية ص ٣٩ والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج ١ ق ٢ ص ٧٦ و (ط دار صادر) ج ١ ص ٣٤٤ ومجموعة الوثائق السياسية ص ٩٤ و ٢٣٥ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٥٠٧ والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٢ ص ١٩٤.

١٣٢

موضوعي قائم يريد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يحفظه ، ليحفظ به حياة الناس ووجودهم ، وأمنهم. وهو سعي إلى استصلاح تلك الزعامات ، وإعطائها الفرصة لتغيير أوضاعها بما ينسجم مع الواقع الجديد ، وبما يخدم الأهداف العليا البعيدة المدى ، إذ إن إسقاط تلك الزعامات دفعة واحدة لن ينتج إلا هرجا ومرجا ، ودفع أولئك المتنفذين إلى العبث بأمن الناس ، وبراحتهم ، وربما السعي إلى تضليلهم ، وإخراجهم من دائرة الإيمان ..

مع العلم بأن الذين يمكن أن يأخذوا مكانهم في حفظ الشأن العام لا يملكون تجربة تمكنهم من إنجاز هذا المهم على النحو الأكمل حتى في الظروف العادية ، فكيف إذا كان هذا الإجراء سوف يستتبع وجود مشكلات ووضع عراقيل من قبل أناس يملكون التجربة الطويلة ، ولديهم خبرة عميقة بأحوال الناس الذين يتعاملون معهم ، ويريدون إثارة النزاعات فيما بينهم ..

على أن هؤلاء الناس كانوا لا يملكون من الإمكانات الروحية ما يميزهم عن الزعامات التي يراد إبعادها واستبدالها بهم .. بل الجميع كانوا يشربون من نفس المستنقعات ، ويعيشون في محيط واحد ، ويرفعون نفس الشعارات ، ويمارسون ما كان يمارسه أولئك من سنن وعادات ، ويشاركونهم في انحرافاتهم ، وفي جرائمهم ، وتعدياتهم ..

على أن هذا الإجراء ، بالإضافة إلى أنه سوف يثير الطموح لدى الآخرين ممن يرون انفسهم من أقران هؤلاء ، فإنه لا يحمل معه أية ضمانة لانقياد سائر الناس لهم ، ما دام أن الناس لم يخرجوا بعد بصورة تامة من أجواء الجاهلية ، ولا تخلصوا من وطأة مفاهيمها ، وأعرافها ، بصورة تضمن

١٣٣

سير الأمور بطريقة عفوية وطبيعية ، خصوصا إذا ترافق ذلك بتحريض ظاهر ، أو مبطن من قبل من يرون أنفسهم قد تضرروا ، أو الذين حرموا مما يرون أن العدل يقضي بمشاركتهم فيه ..

أضف إلى ذلك كله : أنه إذا ظهر للناس في المنطقة بأسرها أن السياسة المتبعة هي إسقاط الزعامات واستبدالها بأخرى .. فإنه سيصبح من الصعوبة بمكان إتخاذ قرار بالدخول في هذا الدين ، خصوصا مع سعي تلك الزعامات إلى إبعاد الناس عن كل ما من شأنه أن يزعزع أركان قيادتهم وزعامتهم ، وسوف تثور العصبيات ، وتنطلق المشاحنات ، ولربما يصبح دخول القبائل في الإسلام أمنع من العقاب ، ومن أصعب الصعاب ، حيث تنحصر الوسيلة إليه باستعمال السيف ولا شيء غيره .. ولن يكون من السهل أن تقبل القلوب عليه ، وأن تتشوق الأرواح إليه ، وهذا يتنافى مع المبدأ الذي قرره الإسلام من أنه : لا إكراه في الدين ، وهو نقض للغرض بلا مبرر ظاهر ..

وبذلك يتضح : أن إجازات النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للوفود ، وتفضيل اهل الشأن بالجائزة ، وحفظ شأن أصحاب الشأن الرفيع ، يطمئن الناس إلى أن الإسلام لم يأت لهدم عز أحد ، إذا التزم السير في خط الله تبارك وتعالى ، بل جاء ليزيدهم عزة ، ويمنحهم كرامة ، ويدفع بهم على الخروج من واقعهم ، والشروع في السير على طريق السؤدد والكرامة ، والكمال ، ونيل المقامات السامية ، وفق الهدى الإلهي ، والرعاية الربانية. فالإسلام لله يجعل الجميع في ربح دائم ، وفي تكامل وتقدم مستمر ..

١٣٤

وعن التفضيل بالجائزة نقول :

إنه تفضيل دعت إليه الحاجة والمسؤولية التي لابد لذلك الزعيم ، أو الرئيس أن يضطلع بها ، وليس تفضيلا أهوائيا فرضته العناوين والأسماء ..

واللافت هنا : أننا لم نجد أحدا تذمر من هذا الأمر ، أو اعترض عليه ، إلا من شاذ قصر فهمه عن إدراك وجه الحكمة فيه ، وزينه له شيطان الهوى أو دعاه إليه مرض القلب ، الذي أوقعه في وهاد العمى ..

وفد غامد :

وقدم على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وفد غامد سنة عشر ، وهم عشرة ، فنزلوا ببقيع الغرقد ، وهو يومئذ أثل وطرفاء ، ثم انطلقوا إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله». وخلفوا عند رحلهم أحدثهم سنا. فنام عنه ، وأتى سارق فسرق عيبة لأحدهم فيها أثواب له. وانتهى القوم إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فسلموا عليه ، وأقروا له بالإسلام ، وكتب لهم كتابا فيه شرائع الإسلام ، وقال لهم : «من خلفتم في رحالكم»؟

قالوا : أحدثنا سنا يا رسول الله.

قال : «فإنه قد نام عن متاعكم حتى أتى آت أخذ عيبة أحدكم».

فقال رجل من القوم : يا رسول الله ، ما لأحد من القوم عيبة غيري.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «فقد أخذت وردت إلى موضعها».

فخرج القوم سراعا حتى أتوا رواحلهم ، فوجدوا صاحبهم ، فسألوه عما أخبرهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

١٣٥

قال : فزعت من نومي ففقدت العيبة ، فقمت في طلبها ، فإذا رجل قد كان قاعدا ، فلما رآني صار يعدو مني ، فانتهيت إلى حيث انتهى فإذا أثر حفر ، وإذا هو قد غيب العيبة فاستخرجتها.

فقالوا : نشهد أنه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فإنه قد أخبرنا بأخذها وأنها قد ردت.

فرجعوا إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فأخبروه ، وجاء الغلام الذي خلفوه ، فأسلم ، وأمر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أبي بن كعب ، فعلمهم قرآنا ، وأجازهم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كما كان يجيز الوفود وانصرفوا (١).

ونقول :

إننا لا نرى أننا بحاجة إلى التعليق على هذا النص ، فإنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قدم لهؤلاء القوم الدليل القاطع على نبوته ..

غير أننا نشير إلى ما يلي :

١ ـ إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أراد بمبادأتهم بهذا الخبر أن يسهّل عليهم تحصيل اليقين ، مراعاة منه لحالهم ..

٢ ـ إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكتف منهم بإظهار الإسلام ، لأنه يريد لهم الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة. ولو أنه كان يريد منهم ذلك وحسب ، لأكتفى بإظهارهم الإسلام ، ولم يخبرهم بشيء مما جرى ، لأن مطلوبه يكون قد حصل ، وانتهى الأمر ..

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٩٠ عن زاد المعاد ، عن الواقدي ، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج ٥ ص ٢٢٥ و ٢٢٦ ، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج ٢ ص ٣١٩.

١٣٦

٣ ـ إن هذا يدلنا على : أن هؤلاء الناس كانوا من الناحية الثقافية والفكرية في مستويات متدنية ، حيث لم يعتبروا بكل ما شاع وذاع عنه مما لا يمكن من الناحية الثقافية والفكرية إلا أن يكون بتسديد إلهي ، ومدد رباني ..

كما أن كل ما بيّنه من حقائق ، وأدلة على بطلان الشرك ، وصحة التوحيد ، لم ينفع في تكوين اليقين لديهم ، فضلا عن عدم خضوعهم لمعجزة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

كما أن فطرتهم وعقولهم لم تستطع أن تجد لها دورا في تكوين نظرتهم إلى الأمور ، وتقييمهم لها .. لأنها كانت محكومة بالأهواء ، مقصاة عن دائرة القرار. فكان لابد من تحريك ضمائرهم ووجدانهم من خلال ملامسة واقعهم الذي يعنيهم أكثر من أي شيء آخر. وأي شيء لديهم يكون أهم من أموالهم ، وحفظها ، فجاءهم الخطاب من هذا الطريق فأثر فيهم ، ورسخ يقينهم.

وفود كندة :

عن الزهري قال : قدم الأشعث بن قيس على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في ثمانين ، أو ستين ، أو اثني عشر راكبا من كندة ، فدخلوا عليه مسجده ، قد رجلوا جممهم ، واكتحلوا ، ولبسوا جباب الحبرات ، مكثفة بالحرير.

فلما دخلوا قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «أو لم تسلموا»؟

قالوا : بلى.

قال : «فما هذا الحرير في أعناقكم»؟

١٣٧

فشقوه ونزعوه وألقوه (١).

وكان ذلك في سنة عشر ، وكندة قبيلة من اليمن (٢).

وفي نص آخر : إنهم لما دخلوا عليه قالوا : أبيت اللعن ، وكانت تحيتهم.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لست ملكا ، أنا محمد بن عبد الله.

قالوا : لا نسميك باسمك.

قال : لكن الله سماني ، وأنا أبو القاسم.

فقالوا : يا أبا القاسم ، إنّا قد خبأنا لك خبيئا فما هو؟ إذ كانوا خبأوا لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عين جرادة في ظرف سمن.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : سبحان الله ، إنما يفعل هذا بالكاهن ، وإن الكاهن ، والكهانة والتكهن في النار.

فقالوا : يا رسول الله ، كيف نعلم أنك رسول الله.

فأخذ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كفا من حصى ، فقال : هذا يشهد أني رسول الله.

فسبح الحصى في يده ، فقالوا : نشهد إنك رسول الله.

فقال : إن الله بعثني بالحق ، وأنزل عليّ كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٤٠٢ و ٢٧٦ عن زاد المعاد ، عن ابن إسحاق ، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج ٥ ص ١٦١ و ١٦٢ وعن البداية والنهاية ج ٥ ص ٧٢ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٣٢٨ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٤٠ ، وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٦٨٩ ، والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ١٠٠٦ ، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج ٢ ص ٢٩٣.

(٢) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٥ ص ١٦٠ ، والإصابة ج ١ ص ٥٩٧.

١٣٨

ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، أثقل في الميزان من الجبل العظيم ، وفي الليلة الظلماء مثل نور الشهاب.

قالوا : فأسمعنا منه.

فتلا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا). حتى بلغ (وَرَبُّ الْمَشارِقِ) (١) ، ثم سكت وسكن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وسكن روعه ، فما يتحرك منه شيء ، ودموعه تجري على لحيته.

فقالوا : إنا نراك تبكي ، أفمن مخافة من أرسلك تبكي؟!

قال : إن خشيتي منه أبكتني ، بعثني على صراط مستقيم ، في مثل حد السيف ، إن زغت عنه هلكت ، ثم تلا : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً) (٢)» (٣).

ويتابع نص آخر فيقول :

إن الأشعث بن قيس قال : يا رسول الله ، نحن بنو آكل المرار ، وأنت ابن آكل المرار.

فضحك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ثم قال : «ناسب بهذا النسب ربيعة بن الحارث ، والعباس بن عبد المطلب».

(قال الزهري وابن إسحاق : كانا تاجرين ، وكانا إذا سارا في أرض

__________________

(١) الآيات ١ ـ ٥ من سورة الصافات.

(٢) الآية ٨٦ من سورة الإسراء.

(٣) راجع : الدر المنثور ج ٤ ص ٢٠١ وج ٥ ص ٢٧١ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٦٠ وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٥ ص ١٦١ ، وإمتاع الأسماع ج ٤ ص ٣٥٦ ، وسبل الهدى والرشاد ج ٧ ص ٧٢.

١٣٩

العرب فسئلا : من أنتما؟

قالا : نحن بنو آكل المرار ، يتعززان بذلك في العرب ، ويدفعان به عن نفسيهما ، لأن بني آكل المرار من كندة كانوا ملوكا).

قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «لا ، بل نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نقفوا أمنا ، ولا ننتفي من أبينا» (١).

__________________

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٧٦ و ٤٠٢ ، وراجع : الشرح الكبير لابن قدامه ج ٧ ص ١٠ ، ومسند احمد ج ٥ ص ٢١١ ، وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٧١ ، ومجمع الزوائد ج ١ ص ١٩٥ وج ٨ ص ٢١٨ ، وعمدة القاري ج ١٦ ص ٧٣ ، والآحاد والمثاني ج ٢ ص ١٦٥ وج ٤ ص ٣٨٢ ، والمعجم الصغير للطبراني ج ١ ص ٨١ و ٢٣٦ ، والمعجم الكبير للطبراني ج ٢ ص ٢٨٦ ، والإنباه على قبائل الرواة لابن عبد البر ص ٤٢ ، والإستيعاب ج ١ ص ١٣٣ و ٢٧٧ ، والدرر ص ٢٥٧ ، وكنز العمال ج ١٢ ص ٣٦٩ و ٤٤٢ ، وجامع البيان للطبري ج ١٥ ص ١١٠ ، وتفسير الثعلبي ج ٦ ص ٩٩ وج ١٠ ص ٣٠١ ، وتفسير السمعاني ج ٣ ص ٢٤١ ، والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي ج ٣ ص ٤٥٥ ، وتفسير الرازي ج ٣٢ ص ١٠٦ ، وتفسير القرطبي ج ١٠ ص ٢٥٨ وج ٢٠ ص ٢٠٢ ، وتفسير البحر المحيط ج ٦ ص ٣٢ ، وتفسير الثعالبي ج ٣ ص ٤٧٣ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٢٣ ، والتاريخ الكبير للبخاري ج ٧ ص ٢٧٤ ، وتاريخ بغداد ج ٧ ص ١٣١ ، وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٤ ص ٢١٨ ، وأسد الغابة ج ١ ص ٩٨ و ٢٨٣ و ٢٩٠ ، والإصابة ج ١ ص ٥٩٨ ، والأنساب للسمعاني ج ١ ص ٢٧ ، وتاريخ المدينة ج ٢ ص ٥٤٧ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ٣٩٤ ، والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٩٨ ، والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٥٣ و ٢٥٤ ، وج ٥ ص ٨٦ ، وتاريخ ابن خلدون ج ٢ ق ٢ ص ٥٦ ، وإمتاع ـ

١٤٠