دروس في علم الأصول - ج ١

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر

دروس في علم الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر


المحقق: لجنة التحقيق التابعة للمؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

عرفنا في ما سبق (١) أنّ الأدلّة على قسمين وهما : الأدلّة المحرزة ، والأدلّة العمليّة أو الاصول العمليّة ، ومن هنا يقع البحث :

تارةً في التعارض بين دليلين من الأدلّة المحرزة.

واخرى في التعارض بين دليلين عمليّين.

وثالثةً في التعارض بين دليلٍ محرزٍ ودليلٍ عملي.

فالكلام في ثلاثة فصولٍ نذكرها في ما يلي تباعاً إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) راجع موضوع : «تنويع البحث»

٤٤١

١ ـ التعارض بين الأدّلةِ المحرزة

الدليل المحرز ـ كما تقدّم ـ إمّا دليل شرعيّ لفظي ، أو دليل شرعيّ غير لفظي ، أو دليل عقلي. والدليل العقليّ لا يكون حجّةً إلاّإذا كان قطعيّاً ، وأمّا الدليل الشرعيّ بقسميه فقد يكون قطعيّاً ، وقد لا يكون قطعيّاً مع كونه حجّة.

فإذا تعارض الدليل العقليّ مع دليلٍ مّا : فإن كان الدليل العقليّ قطعيّاً قُدّم على معارضه على أيّ حال ؛ لأنّه يقتضي القطع بخطأ المعارض ، وكلّ دليلٍ يقطع بخطئه يسقط عن الحجّيّة.

وإن كان الدليل العقليّ غير قطعيٍّ فهو ليس حجّةً في نفسه لكي يُعارض ما هو حجّة من الأدلّة الاخرى.

وإذا تعارض دليلان شرعيّان : فتارةً يكونان لفظيّين معاً ، واخرى يكون أحدهما لفظيّاً دون الآخر ، وثالثةً يكونان معاً من الأدلّة الشرعيّة غير اللفظيّة.

والمهمّ في المقام الحالة الاولى ؛ لأنّها الحالة التي يدخل ضمنها جلّ موارد التعارض التي يواجهها الفقيه في الفقه ، وسنقصر حديثنا عليها.

فنقول : إنّ التعارض بين دليلين شرعيّين لفظيّين عبارة عن التنافي بين مدلولي الدليلين على نحوٍ يُعلم بأنّ المدلولين لا يمكن أن يكونا ثابتين في الواقع معاً. ولأجل تحديد مركز هذا التنافي نقدّم مقدّمتين :

الاولى : يجب أن نستذكر فيها ما تقدّم من أنّ الحكم ينحلّ إلى جعلٍ ومجعول ، وأنّ الجعل ثابت بتشريع المولى للحكم ، وأنّ المجعول لا يثبت إلاّعند تحقّق موضوعه وقيوده خارجاً. ومن الواضح أنّ الدليل الشرعيّ اللفظيّ متكفّل لبيان الجعل ، لا لبيان المجعول ؛ لأنّ المجعول يختلف من فردٍ إلى آخر ، فهو

٤٤٢

موجود في حقّ هذا وغير موجودٍ في حقّ ذاك تبعاً لتواجد القيود ، فقوله مثلاً : (للهِ عَلى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبيلاً) (١) مدلوله جعل وجوب الحجّ على المستطيع ، لا تحقّق الوجوب المجعول ؛ لأنّ هذا تابع لوجود الاستطاعة ، ولا نظر للمولى إلى ذلك ، فمدلول الدليل دائماً هوالجعل لا المجعول.

والثانية : أنّ التنافي قد يكون بين جعلين ، وقد يكون بين مجعولين مع عدم التنافي بين الجعلين.

ومثال الأوّل : جعل وجوب الحجّ على المستطيع وجعل حرمة الحجّ على المستطيع ، فإنّ التنافي هنا بين الجعلين ؛ لأنّ الأحكام التكليفيّة متضادّة ، كما تقدّم.

ومثال الثاني : جعل وجوب الوضوء على الواجد للماء وجعل وجوب التيمّم على الفاقد له ، فإنّ الجعلين هنا لا تنافي بينهما ؛ إذ يمكن صدورهما معاً من الشارع ، ولكنّ المجعولين لا يمكن فعليّتهما معاً ؛ لأنّ المكلّف إن كان واجداً للماء ثبت المجعول الأوّل عليه ، وإلاّ ثبت المجعول الثاني ، ولا يمكن ثبوت المجعولين معاً على مكلّفٍ واحدٍ في حالةٍ واحدة.

وقد لا يوجد تنافٍ بين الجعلين ولا بين المجعولين ، ولكنّ التنافي في مرحلة امتثال الحكمين المجعولين ، بمعنى أنّه لا يمكن امتثالهما معاً ، وذلك كما في حالات الأمرين بالضدّين على وجه الترتّب بنحوٍ يكون الأمر بكلٍّ من الضدّين ـ مثلاً ـ مقيَّداً بترك الضدّ الآخر ، فإنّ بالإمكان صدور جعلين لهذين الأمرين معاً ، كما أنّ بالإمكان أن يصبح مجعولاهما فعليّين معاً ، وذلك فيما إذا ترك المكلّف كلا الضدّين فيكون كلّ من المجعولين ثابتاً ، لتحقّق قيده ، ولكنّ

__________________

(١) آل عمران : ٩٧

٤٤٣

التنافي واقع بين امتثاليهما ، إذ لا يمكن للمكلّف أن يمتثلهما معاً.

ويتلخّص من ذلك : أنّ التنافي وعدم إمكان الاجتماع : تارةً بين نفس الجعلين ، واخرى بين المجعولين ، وثالثةً بين الامتثالين.

وإذا اتّضحت هاتان المقدّمتان فنقول : إذا ورد دليلان على حكمين وحصل التنافي : فإن كان التنافي بين الجعلين لهذين الحكمين فهو تنافٍ بين مدلولي الدليلين ؛ لِمَا عرفت في المقدّمة الاولى من أنّ مدلول الدليل هو الجعل ، ويتحقّق التعارض بين الدليلين حينئذٍ ؛ لأنّ كلاًّ منهما ينفي مدلول الدليل الآخر.

وإن لم يكن هناك تنافٍ بين الجعلين ، بل كان بين المجعولين أو بين الامتثالين فلا يرتبط هذا التنافي بمدلول الدليل ؛ لِمَا عرفت من أنّ فعليّة المجعول ـ فضلاً عن مقام امتثاله ـ ليست مدلولةً للدليل ، فلا يحصل التعارض بين الدليلين لعدم التنافي بين مدلوليهما.

وتسمّى حالات التنافي بين المجعولين مع عدم التنافي بين الجعلين بالورود ، ويعبّر عن الدليل الذي يكون المجعول فيه نافياً لموضوع المجعول في الدليل الآخر بالدليل الوارد ، ويُعبّر عن الدليل الآخر بالمورود.

وينبغي أن يُعلم : أنّ مصطلح «الورود» لا يختصّ بما إذا كان أحد الدليلين نافياً لموضوع الحكم في الآخر ، بل ينطبق على ما إذا كان موجداً لفردٍ من موضوع الحكم في الدليل الآخر. ومثاله : دليل حجّيّة الأمارة بالنسبة إلى دليل جواز الإفتاء بحجّة ، فإنّ الأوّل يحقّق فرداً من موضوع الدليل الثاني.

وتسمّى حالات التنافي بين الامتثالين مع عدم التنافي بين الجعلين والمجعولين بالتزاحم ، ومن هنا نعرف أنّ حالات الورود وحالات التزاحم خارجة عن نطاق التعارض بين الأدلّة ، ولا ينطبق عليها أحكام هذا التعارض ، بل حالات الورود يتقدّم فيها الوارد على المورود دائماً ، وحالات التزاحم يتقدّم فيها

٤٤٤

الأهمّ على الأقلّ أهمّيّةً ، كما تقدّم في مباحث الدليل العقليّ (١).

ويتلخّص من ذلك كلّه أنّ التعارض بين الدليلين هو التنافي بين مدلولي هذين الدليلين الحاصل من أجل التضادّ بين الجعلين المفادَين بهما.

وهذا التنافي على قسمين ؛ لأنّه تارةً يكون ذاتيّاً كما في «صلِّ» و «لا تصلِّ». واخرى يكون عرضيّاً حصل بسبب العلم الإجماليّ من الخارج بأنّ المدلولين غير ثابتين معاً ، كما في «صلِّ الجمعة» و «صلِّ الظهر» ، حيث إنّنا نعلم بعدم وجوب الصلاتين معاً ، فإنّه لولا هذا العلم لأمكن ثبوت المفادَين معاً ، وأمّا مع هذا العلم فلا يمكن ثبوتهما معاً ، بل يكون كلّ من الدليلين مكذّباً للآخر ونافياً له بالدلالة الالتزاميّة ، ولا فرق بين هذين القسمين في الأحكام التالية :

الحكم الأوّل : قاعدة الجمع العُرفي :

والحكم الأوّل من أحكام تعارض الأدلّة اللفظيّة ما تقرّره قاعدة الجمع العرفيّ ، وحاصلها : أنّ التعارض إذا لم يكن مستقرّاً في نظر العرف ، بل كان أحد الدليلين قرينةً على تفسير مقصود الشارع من الدليل الآخر وجب الجمع بينهما بتأويل الدليل الآخر وفقاً للقرينة.

ونقصد بالقرينة : الكلام المعدّ من قبل المتكلّم لأجل تفسير الكلام الآخر.

والوجه في هذه القاعدة واضح ، فإنّ المتكلّم إذا صدر منه كلامان وكان الظاهر من أحدهما ينافي الظاهر من الآخر ، ولكنّ أحد الكلامين كان قد اعدّ من قبل المتكلّم لتفسير مقصوده من الكلام المقابل له ، فلابدّ أن يقدّم ظاهر ما أعدّه المتكلّم كذلك على الآخر ؛ لأنّنا يجب أن نفهم مقصود المتكلّم من مجموع كلاميه

__________________

(١) مضى في بحث : اشتراط التكليف بالقدرة بمعنى آخر

٤٤٥

وفقاً للطريقة التي يقرّرها.

وإعداد المتكلّم أحد الكلامين لتفسير مقصوده من الكلام الآخر على نحوين :

النحو الأوّل : الإعداد الشخصيّ ، أي الإعداد من قبل شخص المتكلّم. وهذا الإعداد قد يفهم بعبارةٍ صريحة ، كما إذا قال في أحد كلاميه : أقصد بكلامي السابق كذا. وقد يفهم بظهور الكلام في كونه ناظراً إلى مفاد الكلام الآخر وإن لم تكن العبارة صريحةً في ذلك.

والنظر تارةً يكون بلسان التصرّف في موضوع القضيّة التي تكفّلها الكلام الآخر ، واخرى بلسان التصرّف في محمولها.

ومثال الأوّل أن يقول : «الربا حرام» ، ثمّ يقول : «لا ربا بين الوالد وولده» ، فإنّ الكلام الثاني ناظر إلى مدلول الكلام الأوّل بلسان التصرّف في موضوع الحرمة ، إذ ينفي انطباقه على الربا بين الوالد وولده ، وليس المقصود نفيه حقيقةً ، وإنّما هو مجرّد لسانٍ وادّعاء للتنبيه على أنّ الكلام الثاني ناظر إلى مفاد الكلام الأوّل ليكون قرينةً على تحديد مدلوله.

ومثال الثاني أن يقول : «لا ضرر في الإسلام» ، أي لا حكم يؤدّي إلى الضرر ، فإنّ هذا ناظر إجمالاً إلى الأحكام الثابتة في الشريعة وينفي وجودها في حالة الضرر ، فيكون قرينةً على أنّ المراد بأدلّة سائر الأحكام تشريعها في غير حالة الضرر.

وكلّ دليلٍ ثبت إعداده الشخصيّ للقرينيّة على مفاد الآخر بسوقه مساق التفسير صريحاً ، أو بظهوره في النظر إلى الموضوع أو المحمول يُسمّى بالدليل الحاكم ، ويُسمّى الآخر بالدليل المحكوم ، ويقدّم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم بالقرينيّة. ونتيجة تقديم الحاكم في الأمثلة المذكورة تضييق دائرة الدليل

٤٤٦

المحكوم وإخراج بعض الحالات عن إطلاقه.

ولا يختصّ الحاكم بالتضييق ، بل قد يكون موسّعاً ، كما في حالات التنزيل نظير قولهم : «الطواف بالبيت صلاة» ، فإنّه حاكم على أدلّة أحكام الصلاة ، من قبيل : «لا صلاة إلاّبطهور» ؛ لأنّه ناظر إلى تلك الأحكام وموسّع لموضوعها بالتنزيل ، إذ يُنزّل الطواف منزلة الصلاة.

ويُلاحظ من خلال ما ذكرناه : التشابه بين الدليل الوارد النافي لموضوع الحكم في الدليل المورود وبين الدليل الحاكم الناظر إلى موضوع القضيّة في الدليل المحكوم ، ولكنّهما يختلفان اختلافاً أساسيّاً ؛ لأنّ الدليل الوارد نافٍ لموضوع الحكم في الدليل المورود حقيقةً ، وأمّا الدليل الحاكم المذكور فهو يستعمل النفي كمجرّدِ لسانٍ لأجل التنبيه على أنّه ناظر إلى الدليل المحكوم وقرينة عليه.

ويترتّب على هذا الاختلاف الأساسيّ بين الدليل الوارد والدليل الحاكم المذكور أنّ تقدّم الدليل الوارد بالورود لا يتوقّف على أن يكون فيه ما يُشعر أو يُدلّ على نظره إلى الدليل المورود ولحاظه له ؛ لأنّه ينفي موضوع الدليل المورود ، ومع نفيه لموضوعه ينتفي حكمه حتماً ، سواء كان ناظراً إليه أوْ لا.

وأمّا الدليل الحاكم فهو حتّى لو كان لسانه لسان نفي الموضوع لا ينفي موضوع الدليل المحكوم حقيقةً ، وإنّما يُستعمل هذا اللسان لكي ينفي الحكم ، فمفاد الدليل الحاكم لبّاً وحقيقةً نفي الحكم ولكن بلسان نفي الموضوع ، وهذا اللسان يُؤتى به لكي يثبت نظر الدليل الحاكم إلى مفاد الدليل المحكوم وتقدّمه عليه بالقرينيّة ، وكلّما انتفى ظهوره في النظر انتفت قرينيّته ، وبالتالي زال السبب الموجب لتقديمه.

النحو الثاني : الإعداد العرفيّ النوعيّ ، بمعنى أنّ المتكلّم العرفيّ استقرّ

٤٤٧

بناؤه عموماً كلّما تكلّم بكلامين من هذا القبيل أن يجعل من أحدهما المعيَّن قرينةً على الآخر ، وحيث إنّ الأصل في كلّ متكلّم أنّه يجري وفق المواصفات العرفيّة العامّة للمحاورة فيكون ظاهر حاله هو ذلك.

ومن حالات الإعداد العرفيّ النوعيّ : إعداد الكلام الأخصّ موضوعاً ليكون قرينةً ومحدّداً لمفاد الكلام الأعمّ موضوعاً ، ومن هنا تعيّن تخصيص العامّ بالخاص ، وتقييد المطلق بالمقيّد ، بل تقديم كلّ ظاهرٍ على ما هو أقلّ منه ظهوراً بدرجةٍ ملحوظةٍ وواضحةٍ عرفاً ؛ لوجود بناءاتٍ عرفيّةٍ عامّةٍ على أنّ المتكلّم يُعوِّل على الأخصّ والأظهر في تفسير العامّ والظاهر.

وتسمّى جميع حالات القرينيّة بموارد الجمع العرفيّ ، ويسمّى التعارض في موارده بالتعارض غير المستقرّ ؛ لأنّه يحلّ بالجمع العرفيّ تمييزاً له عن التعارض المستقرّ ، وهو التعارض الذي لا يتيسّر فيه الجمع العرفيّ.

الحكم الثاني : قاعدة تساقط المتعارضَين :

وإذا لم يكن أحد الدليلين قرينةً بالنسبة إلى الدليل الآخر فالتعارض مستقرّ في نظر العرف ، وحينئذٍ نتكلّم عن القاعدة بلحاظ دليل الحجّيّة ، بمعنى أنّنا إذا لم يوجد أمامنا سوى دليل الحجّيّة العامِّ الذي ينتسب إليه المتعارضان فما هو مقتضى هذا الدليل بالنسبة إلى هذه الحالة؟

وقبل أن نشخِّص ما هو مقتضى دليل الحجّيّة نستعرض الممكنات ثبوتاً ، ثمّ نعرض دليل الحجّيّة على هذه الممكنات لنرى وفاءه بأيّ واحدٍ منها.

ولاستعراض الممكنات ثبوتاً نذكر عدداً من الفروض ؛ لنميِّز بين ما هو ممكن منها وما هو مستحيل ثبوتاً وواقعاً :

الافتراض الأوّل : أن يكون الشارع قد جعل الحجّيّة لكلٍّ من الدليلين

٤٤٨

المتعارضين ، وهذا مستحيل ؛ لأنّ هذين الدليلين كلّ واحدٍ منهما يكذّب الآخر فكيف يطلب الشارع منّا أن نصدّق المكذِّب (بالكسر) والمكذَّب (بالفتح) معاً؟!

فإن قلت : إنّ الحجّيّة لاتطلب منّا تصديق الدليل بمعنى الاقتناع الوجداني به ، بل تصديقه بمعنى العمل على طبقه وجعله منجّزاً ومعذّراً.

قلت : نعم ، الأمر كذلك ، غير أنّ التصديق العمليّ بالمتكاذبَين غير ممكنٍ أيضاً ، فدليل الحرمة معنى حجّيّته الجري على أساس أنّ هذا حرام وتنجّز الحرمة علينا ، والدليل المعارض يكذّبه وينفي الحرمة ، ومعنى حجّيّته الجري على أساس أنّ هذا ليس بحرامٍ وإطلاق العنان والتأمين من ناحية الحرمة ، ولا يمكن أن تجتمع هاتان الحجّيّتان.

الافتراض الثاني : أن يكون الشارع قد جعل الحجّيّة لكلٍّ منهما ، ولكنّها حجّيّة مشروطة بعدم الالتزام بالآخر ، فهناك حجّيّتان مشروطتان ، فإذا التزم المكلّف بأحد الدليلين لم يكن الآخر حجّةً عليه ، بل الحجّة عليه ما التزم به خاصّة.

وهذا غير معقولٍ أيضاً ، إذ في حالة عدم التزام المكلّف بكلٍّ من الدليلين يكون كلّ منهما حجّةً عليه ، فيعود محذور الافتراض الأوّل وهو ثبوت الحجّيّة للمكذَّب والمكذِّب ـ بالفتح وبالكسر ـ في وقتٍ واحد.

الافتراض الثالث : أن يكون الشارع قد جعل الحجّيّة لأحدهما المعيّن ، بأن اختار أحد المتعارضين لميزةٍ في نظره فجعله حجّةً دون الآخر ، وهذا افتراض معقول.

الافتراض الرابع : أن يكون قد جعل حجّيّةً واحدةً تخييريّة ، بمعنى أنّه أوجب العمل والالتزام بمؤدّى أحد الدليلين ، فلابدّ للمكلّف : إمّا أن يلتزم بمفاد دليل الحرمة ـ مثلاً ـ فيبني على حرمة الفعل وتكون الحرمة منجّزةً عليه ، وإمّا أن

٤٤٩

يلتزم بالدليل المعارض الدالّ على الإباحة ـ مثلاً ـ فيلتزم بالإباحة وتكون الحرمة مؤمّناً عنها حينئذٍ ، وهذا الافتراض معقول أيضاً ، وأثره أنّه لا يسمح للمكلّف بإهمال الدليلين المتعارضين والرجوع إلى أصلٍ عمليٍّ أو دليلٍ عامٍّ قد يثبت به حكم ثالث غير ما دلّ عليه كلا الدليلين المتعارضين.

الافتراض الخامس : أن يكون الشارع قد أسقط كلا الدليلين عن الحجّيّة وافترض وجودهما كعدمهما ، وهذا أمر معقول أيضاً.

وبهذا يتّضح أنّ المعقول من الافتراضات : الافتراضات الثلاثة الأخيرة ، وإذا عرضنا هذه الافتراضات الثلاثة (الثالث والرابع والخامس) على دليل الحجّيّة وجدنا أنّه لا يصلح لإثبات الافتراض الثالث ؛ لأنّ نسبته إلى كلٍّ من الدليلين نسبة واحدة ، فإثبات حجّيّة أحدهما خاصّةً به دون الآخر جزاف لا مبرّر له.

كما لا يصلح دليل الحجّيّة لإثبات الافتراض الرابع ؛ لأنّ مفاده الحجّيّة التعيينيّة لا التخييريّة ، أي وجوب الأخذ بكلٍّ من الدليلين تعييناً ، فإثبات الوجوب التخييريّ والحجّيّة الواحدة التخييريّة بحاجةٍ إلى لسانٍ آخر في الدليل ، وهذا يعني أنّ دليل الحجية لا يصلح لإثبات حجّيّة الدليلين المتعارضين بوجهٍ من الوجوه ، وذلك يتطابق مع الافتراض الخامس ، ومن هنا كان الحكم الثاني في باب التعارض قاعدة تساقط المتعارضين بلحاظ دليل الحجّيّة.

ولكن هل يتساقط المتعارضان بحيث يُفترض كأ نّهما غير موجودين ، أو يتساقطان في حدود تعارضهما في المدلول المطابقيّ ، فإذا كانا متَّفقين في مدلولٍ التزاميٍّ مشتركٍ بينهما كانا حجّةً في إثباته ، لعدم التعارض بالنسبة إليه؟ وجهان ، بل قولان مبنيّان على أنّ الدلالة الالتزاميّة هل هي تابعة للدلالة المطابقيّة في الحجّيّة ، أوْ لا؟

٤٥٠

فإن قلنا بالتبعيّة تعيّن الوجه الأوّل ، وإن أنكرناها أمكن المصير إلى الوجه الثاني ، وعلى أساسه تقوم قاعدة نفي الثالث في باب التعارض ، ويُراد بنفي الثالث : نفي حكمٍ آخر غير ما دلّ عليه المتعارضان معاً ؛ لأنّ هذا الحكم ينفيه كلا الدليلين التزاماً ولا تعارض بينهما في نفيه. وقد سبق الكلام عن تبعيّة الدلالة الالتزاميّة للدلالة المطابقيّة في الحجّية.

الحكم الثالث : قاعدة الترجيح للروايات الخاصّة :

وقاعدة تساقط المتعارضين متَّبعة في كلّ حالات التعارض بين الأدلّة ، ولكن قد يُستثنى من ذلك حالة [من حالات] التعارض بين الروايات الواردة عن المعصومين عليهم‌السلام ، إذ يقال بوجود دليلٍ خاصٍّ في هذه الحالة على ثبوت الحجّيّة لأحد الخبرين ، وهو ما كان واجداً لمزيّةٍ معيّنةٍ فيرجَّح على الآخر ، ونخرج بهذا الدليل الخاصّ عن قاعدة التساقط.

وهذا الدليل الخاصّ يتمثّل في رواياتٍ تسمّى بأخبار الترجيح ، ولعلّ أهمّها رواية عبدالرحمان ابن أبي عبدالله ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه» (١).

وهذه الرواية تشتمل على مرجّحين مترتّبَين ، ففي المرتبة الاولى يرجَّح ما وافق الكتاب على ما خالفه ، وفي المرتبة الثانية وفي حالة عدم تواجد المرجّح الأوّل يرجَّح ما خالف العامّة على ما وافقهم.

__________________

(١) الوسائل ٢٧ : ١١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩

٤٥١

وإذا لاحظنا المرجّح الأوّل وجدنا أنّه مرتبط بصفتين :

إحداهما : مخالفة الخبر المرجوح للكتاب الكريم.

والاخرى : موافقة الخبر الراجح له.

أمّا الصفة الاولى فمن الواضح أنّ المخالفة على قسمين :

أحدهما : المخالفة والمعارضة في حالات التعارض غير المستقرّ ، كمخالفة الحاكم للمحكوم ، والخاصّ للعام.

والآخر : المخالفة والمعارضة في حالات التعارض المستقرّ ، كالمخالفة بين عامّين متساويَين أو خاصَّين كذلك.

وخبر الواحد إذا كان مخالفاً للكتاب من القسم الثاني فهو ساقط عن الحجّيّة في نفسه ، حتّى إذا لم يعارضه خبر آخر ؛ لِمَا تقدّم (١) في مباحث الدليل اللفظيّ من أنّ حجّيّة خبر الواحد مشروطة بعدم معارضته ومخالفته لدليلٍ قطعيّ ، وكنّا نقصد بالمخالفة هناك المخالفة على نحو التعارض المستقرّ.

وأمّا إذا كان خبر الواحد مخالفاً من القسم الأوّل فهو المقصود في رواية عبدالرحمان.

وأمّا الصفة الثانية ـ وهي موافقة الخبر الراجح للكتاب الكريم ـ فلا يبعد أن يُراد بها مجرّد عدم المخالفة لا أكثر من ذلك ، بقرينة وضوح عدم مجيء جميع التفاصيل وجزئيات الأحكام الشرعيّة في الكتاب الكريم.

وعلى هذا فالمرجّح الأوّل هو : أن يكون أحد الخبرين مخالفاً للكتاب الكريم مخالفة القرينة لِمَا يقابلها ، فإنّ الخبر المتّصف بهذه المخالفة لو انفرد لكان قرينةً على تفسير المقصود من الكتاب الكريم وحجّةً في ذلك ، ولكن حين

__________________

(١) مضى البحث عنه تحت عنوان : تحديد دائرة الحجيّة

٤٥٢

يعارضه خبر مثله ليس متّصفاً بهذه المخالفة يقدَّم عليه ذلك الخبر.

وإذا لاحظنا المرجّح الثاني وجدنا أنّه يأتي بعد افتراض عدم إمكان علاج التعارض على أساس المرجّح الأوّل ، وقد نصّت الرواية في المرجّح الثاني على الأخذ بما خالف أخبار العامّة ، وتقديمه على ما وافق أخبارهم ، ومن هنا قد يقال باختصاص هذا الترجيح بما إذا كانت المخالفة والموافقة لأخبارهم ، ولا يكفي للترجيح المخالفة والموافقة لِمَا هو المعروف من فتاواهم وآرائهم إذا لم تكن مستندةً إلى الأخبار.

ولكنّ الصحيح التعدّي إلى المخالفة والموافقة مع الفتاوى والآراء أيضاً وإن كانت على أساس غير الأخبار من أدلّة الاستنباط عندهم ؛ لأنّ الترجيح ليس حكماً تعبّديّاً صرفاً ، بل هو حكم له مناسبات عرفيّة مركوزة بلحاظ أنّ ما اكتنف الأئمّة عليهم‌السلام من ظروف التقيّة أوجب تطرّق احتمال التقيّة إلى الخبر الموافق دون المخالف ، وهذا كما يجري في موارد الموافقة والمخالفة لأخبارهم كذلك في موارد الموافقة والمخالفة لآرائهم المستندة إلى مدركٍ آخر.

الحكم الرابع : قاعدة التخيير للروايات الخاصّة :

وإذا لم يوجد مرجّح في مجال الخبرين المتعارضين فقد يقال بوجود دليلٍ خاصٍّ أيضاً يقتضي الحجّيّة التخييريّة ، فلا تصل النوبة إلى إعمال قاعدة التساقط ، وهذا يعني أنّ الافتراض الرابع مع الافتراضات الخمسة الذي عجز دليل الحجّيّة العامّ عن إثباته تَوفَّرَ لدينا دليل خاصّ عليه يُسمّى بأخبار التخيير.

ولعلّ من أهمّ أخبار التخيير رواية سماعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمرٍ كلاهما يرويه ، أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع؟ فقال : «يُرجِئه حتّى يلقى من يخبره ، فهو

٤٥٣

في سعةٍ حتّى يلقاه» (١).

والاستدلال بالرواية يقوم على دعوى أنّ قوله : «فهو في سعةٍ حتّى يلقاه» بمعنى أنّه مخيَّر في العمل بأيٍّ من الخبرين حتّى يلقى الإمام ، فيكون مفاده جعل الحجّيّة التخييريّة ، مع أنّ بالإمكان أن يراد بالسعة هنا عدم كونه ملزماً بالفحص السريع وشدّ الرّحال إلى الإمام فوراً ، وأ نّه لا يطالَب بتعيين الواقع حتّى يلقى الإمام حسب ما تقتضيه الظروف والمناسبات ، وأمّا ماذا يعمل خلال هذه الفترة؟

فلا تكون الرواية متعرّضةً له مباشرةً ، ولكنّ مقتضى إطلاقها المقاميّ أنّه يعمل نفس ما كان يعمله قبل مجيء الحديثين المتعارضين ، وعلى هذا الاحتمال لا تدلّ الرواية على الحجّيّة التخييريّة.

__________________

(١) الوسائل ٢٧ : ١٠٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥

٤٥٤

٢ ـ التعارض بين الاصول العمليّة

إذا لاحظنا الاصول العمليّة المتقدّمة وجدنا أنّ بعضها وارد على بعض ، مثلاً : دليل البراءة الشرعيّة وارد على أصالة الاشتغال الثابتة بحكم العقل على مسلك حقّ الطاعة ، ولكن في حالاتٍ اخرى لا يوجد ورود.

فمنها : حالة التعارض بين البراءة والاستصحاب ، كما إذا علم بحرمة مقاربة الحائض وشكّ في بقاء الحرمة بعد النقاء ، فإنّ الاستصحاب يقتضي بقاء الحرمة ، والبراءة تقتضي التأمين عنها ، فيتعارض دليل الاستصحاب مع دليل البراءة.

والمعروف تقديم دليل الاستصحاب على دليل البراءة لوجهين :

الأوّل : أنّ دليل الاستصحاب حاكم على دليل البراءة ؛ لأنّ دليل البراءة اخذ في موضوعه عدم اليقين بالحرمة ، ودليل الاستصحاب لسانه لسان إبقاء اليقين والمنع عن انتقاضه ، فيكون ناظراً إلى إلغاء موضوع البراءة وحاكماً على دليلها ، وهذا بخلاف العكس فإنّ دليل البراءة ليس لسانه افتراض المكلّف متيقّناً بعدم الحرمة ، بل مجرّد التأمين عن المشكوك.

الثاني : أنّ دليل الاستصحاب أظهر عرفاً في الشمول من دليل البراءة ؛ باعتبار أنّ في بعض رواياته ورد أنّه «لا ينقض اليقين أبداً بالشكّ» (١) ، والتأبيد يجعله أقوى دلالةً على الشمول والعموم من دليل البراءة.

ومنها : حالة التعارض بين الأصل السببيّ والأصل المسبّبيّ ، وقد سبق الكلام عن ذلك في الاستصحاب ، وتقدّم أنّ الأصل السببيّ مقدّم ، وقد فسرّ الشيخ الأنصاريّ ذلك على أساس حكومته على الأصل المسبّبيّ ، فلاحظ (٢).

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢٤٥ ، الباب الأوّل من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث الأوّل

(٢) مضى في بحث الاستصحاب : في حالات الشكّ السببي والمسبّبي

٤٥٥

٣ ـ التعارض بين الأدّلة المحرزة والاصول العمليّة

إذا قام دليل محرز على حكم فلا شكّ في أنّه لا تجري الاصول العمليّة المخالفة له ، وهذا واضح إذا كان الدليل المحرز قطعيّاً ، إذ يكون حينئذٍ وارداً ؛ لأنّ الاصول العمليّة اخذ في موضوع دليلها الشكّ ، وهو ينتفي حقيقةً بورود الدليل المحرز القطعيّ.

وأمّا إذا كان الدليل المحرز أمارةً ظنّيّةً ـ كخبر الثقة ـ فيتقدّم أيضاً بدون شكّ ، وإنّما البحث في تكييف هذا التقديم وتفسيره ، إذ قد يستشكل فيه بأنّ الأمارة لمّا كانت ظنّيةً فهي لا تنفي الشكّ حقيقةً ، وعلى هذا فموضوع دليل الأصل ـ وهو الشكّ ـ محقّق ، فما الموجب لطرح دليل الأصل والأخذ بالأمارة؟ ولماذا لا نفترض التعارض بين دليل الأصل ودليل حجّية تلك الأمارة فلا نعمل بأيّ واحدٍ منهما؟

وهناك محاولات لدفع هذا الاستشكال وتبرير تقديم الأمارة على الأصل ؛ نذكر منها محاولتين :

إحداهما : أنّ دليل الأصل وإن اخذ في موضوعه عدم العلم لكنّ العلم هنا لوحظ كمثال ، والمقصود عدم الدليل الذي تقوم به الحجّة في إثبات الحكم الواقعيّ ؛ سواء كان قطعاً أو أمارةً ، وعليه فدليل حجّيّة الأمارة بجعله الحجّيّة والدليليّة لها يكون نافياً لموضوع دليل الأصل حقيقةً ووارداً عليه ، والوارد يتقدّم على المورود.

والمحاولة الاخرى مبنيّة على التسليم بأنّ دليل الأصل ظاهر في نفسه في أخذ عدم العلم في موضوعه بما هو عدم العلم ؛ لابما هو عدم الحجّة ، وهذا يعني

٤٥٦

أنّ دليل حجّيّة الأمارة ليس وارداً على دليل الأصل ؛ لأنّه لا ينفي الشكّ ، ولا يوجِد العلم حقيقةً ، ولكن مع هذا تُقدَّم الأمارة على الأصل ، وهذا التقديم من نتائج قيام الأمارة مقام القطع الموضوعيّ ، حيث إنّ أدلّة الاصول اخذ في موضوعها الشكّ وعدم القطع ، فالقطع بالنسبة إليها قطع موضوعيّ بمعنى أنّ عدمه دخيل في موضوعها ، فإذا استُفيد من دليل الحجّيّة أنّ الأمارة تقوم مقام القطع الموضوعيّ فهذا يعني أنّه كما ينتفي الأصل بالقطع ينتفي بالأمارة أيضاً ، وقيام الأمارة مقام القطع الموضوعيّ عبارة اخرى عن دعوى أنّ دليل حجّيّة الأمارة حاكم على دليل الأصل ؛ لأنَّ لسانه إلغاء الشكّ وتنزيل الأمارة منزلة العلم ، فهو بهذا يتصرّف في موضوع دليل الأصل ويحكم عليه ، كما يحكم قولهم : «لا ربا بين الوالد وولده» على دليل حرمة الربا.

هذا آخر ما أردنا تحريره في هذه الحلقة ، وقد بدأنا بكتابتها في النجف الأشرف في اليوم الرابع عشر من جمادى الاولى (١٣٩٧ ه‍) ، وفرغنا منها ـ بحول الله وتوفيقه ـ في اليوم السابع من جمادى الثانية في نفس السنة ، والحمد لله بعدد علمه ، وهو وليّ التوفيق.

٤٥٧
٤٥٨

كلمة المؤتمر................................................................ ٧

الحَلقَة الاولى

١١ ـ ١٦٦

إهداء.................................................................... ١٣

مُقدّمَة

[للحلقات الثلاث]

[مناهج الحوزة العلميّة في دراسة هذا العلم].................................... ١٧

[مبرّرات استبدال الكتب الدراسيّة في هذا العلم].............................. ١٩

[عدّة محاولات للاستبدال]................................................. ٢٩

[الخصائص الملحوظة في هذه الحلقات]....................................... ٣١

[إرشادات في مجال دراسة هذا الكتاب]...................................... ٣٩

مُقَدّمَة للحلقة الاولى

٤١

٤٥٩

التمهيد

٤٣ ـ ٦٥

التعريف بعلمِ الاصول........................................................ ٤٥

كلمة تمهيدية............................................................. ٤٥

تعريف علم الاصول....................................................... ٤٦

موضوع علم الاصول...................................................... ٤٩

علم الاصول منطق الفقه................................................... ٥٠

أهمّية علم الاصول في عملية الاستنباط....................................... ٥١

الاصول والفقه يمثِّلان النظرية والتطبيق........................................ ٥٢

التفاعل بين الفكر الاصوليِّ والفكر الفقهي................................... ٥٣

جوازُ عمليّةِ الاستنباط........................................................ ٥٦

[تطوّر معنى (الاجتهاد)]................................................... ٥٧

[تفسير موقف المعارضين للاجتهاد].......................................... ٦٢

الحكم الشرعيّ وتقسيمه...................................................... ٦٣

[تعريف الحكم الشرعي]................................................... ٦٣

تقسيم الحكم إلى تكليفيٍّ ووضعي........................................... ٦٤

أقسام الحكم التكليفي..................................................... ٦٥

بحوث عِلم الاصول

٦٧ ـ ١٦٦

تنويع البحث............................................................. ٦٩

العنصر المشترك بين النوعين................................................ ٧٠

٤٦٠