الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-198-X
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧٢

الفصل الثالث :

أحداث وقضأيا

٨١
٨٢

عتّاب بن أسيد يحج بالناس :

وأقام «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب (١).

قالوا : وحج بالناس في تلك السنة ـ وهي سنة ثمان ـ عتّاب بن أسيد.

وذلك : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لما فتح مكة استعمله عليها للصلاة والحج (٢) ، فحج بالناس تلك السنة على ما كان عليه الناس في

__________________

(١) إعلام الورى ص ١٢٨ و (ط مؤسسة آل البيت لإحياء التراث) ج ١ ص ٢٤٣ والبحار ج ٢١ ص ١٧٤ ومجمع البيان ج ٩ ص ١٩٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ٣٢ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٦٦ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٧٦ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٦ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٤٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٤.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٦٩ و ٧٧ عن الماوردي في حاويه ، في السير والحج ، وراجع : أسد الغابة ج ٣ ص ٣٥٨ وو ج ٥ ص ٥٥ وتهذيب الكمال ج ١٩ ص ٢٨٣ والإصابة ج ٤ ص ٣٥٦ و ٣٥٧ وج ٦ ص ٤١٥ وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٨٢ والوافي بالوفيات ج ١٩ ص ٢٨٩ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٧٨ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٣٦ وإعلام الورى ج ١ ص ٢٤٣ وفتح الباري ج ٨ ص ٦٥ ومعرفة السنن والآثار ج ٣ ص ٤٩١ والإستيعاب ج ٣ ص ١٠٢٣ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٤٥ وج ٥ ص ٤٤٦ وتاريخ خليفة بن خياط ـ

٨٣

الجاهلية (١) ، ثم كانت غزوة تبوك.

ونقول :

قد يقال : لما ذا لم يبق «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في مكة إلى ذي الحجة الذي أصبح على الأبواب ، ولم يكن قد بقي لحلوله سوى أيام قليلة ، ليحج هو بالناس؟!.

مع أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حين عاد إلى المدينة لم يقم بعمل أساسي ، طيلة أكثر من سبعة أشهر.

وقد يمكن أن يكون الجواب : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يريد أن يتلافى ما كان قد جرى في مؤتة ، بإفهام الروم ، وخصوصا بعد فتح مكة ، وامتداد نشاطه إلى مناطق اليمن : أنه بعد مؤتة لم ينكفىء إلى الداخل ، لأنه يشعر بالضعف والعجز عن مواجهتهم ، وأن مؤتة لم تفرز لديه شعورا من هذا القبيل ، بل توجه إلى الداخل ليهييء أسباب القوة ، وليزيل أعتى قوى الشرك في المنطقة ، ثم هو بعد ذلك لم يزل راصدا لتحركات كل من تحدثه نفسه بالعدوان ، أو بالإنتقاص من حقه ، وحق أهل الإسلام ، بل وسائر المستضعفين في الأرض.

صنع المنبر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وقد ذكروا في جملة أحداث السنة الثامنة : صنع المنبر لرسول الله «صلى

__________________

ـ ص ٥٦ والمسترشد للطبري ص ١٢٩ والبحار ج ٢٨ ص ١٦٩ مغني المحتاج ج ٤ ص ٣٧٢ وإعانة الطالبيين ج ٤ ص ٢٤١.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧٠.

٨٤

الله عليه وآله» بعد أن كان يقف حين يخطب عند جذع كان هناك. فلما ترك النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الجذع سمعوا له حنينا ..

وقد تقدمت هذه القضية بشيء من التفصيل في أحداث السنة السابعة للهجرة ، فأغنانا ذلك عن الإعادة هنا.

موت النجاشي :

وذكروا في أحداث السنة التاسعة للهجرة في شهر رجب موت النجاشي ملك الحبشه ، واسمه أصحمة. وأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أخبر المسلمين بموته في نفس اليوم الذي مات فيه. وصفّهم وصلى عليه ، وكبّر عليه أربع تكبيرات ، وقال : استغفروا لأخيكم (١).

ولكننا قد تحدثنا عن هذا الأمر في أحداث السنة السابعة. فراجع فصل : شخصيات .. وأحداث إلى عمرة القضاء.

وقلنا : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد كبر عليه خمسا .. وذكرنا تفاصيل أخرى تحسن مراجعتها.

بيع بعض المسلمين أسلحتهم :

قالوا : وفي السنة التاسعة باع بعض المسلمين أسلحتهم ، وقالوا : انقطع الجهاد.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لا ينقطع الجهاد حتى ينزل عيسى بن مريم (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧١ و ٧٢ عن البخاري ومسلم.

(٢) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧٢.

٨٥

ونقول :

إن في بيع هؤلاء أسلحتهم دلالة واضحة على قصر نظرهم وعدم التزامهم بتوجيهات قيادتهم ، فهم قد باعوا أسلحتهم دون أن يراجعوا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليستجيزوه بذلك ، أو ليعرفوا رأيه فيما يقدمون عليه ..

ثم إن مما يؤكد ضيق أفق تفكيرهم : أنهم ظنوا أن أقصى ما يريده الله ورسوله هو : دخول الإسلام إلى مكة والحجاز ، ولا شيء أكثر من ذلك ، مع أن الله تعالى لم يزل يقول لنبيه الكريم : إنه مرسل للبشرية جمعاء ، فقد قال تعالى : (نَذِيراً لِلْبَشَرِ) (١) ، (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) (٢) ، (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) (٣) ، (وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) (٤) ، (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (٥) وغير ذلك ..

ودخول جزيرة العرب في الإسلام ، وردّ تحديات سكانها ، وسقوط الشرك ، واستسلام رموزه لا يعني شمول دعوة الإسلام للعالم كله ، ولا يمنع من ظهور تحديات أعتى وأقوى من قبل قوى الإستكبار في دولتي الأكاسرة والقياصرة وسواهما ، ممن يمكن أن يجد في نفسه القوة لمواجهة أهل الإيمان.

__________________

(١) الآية ٣٦ من سورة المدثر.

(٢) الآية ١ من سورة الفرقان.

(٣) الآية ٢٧ من سورة التكوير ، والآية ٨٧ من سورة ص ، والآية ١٠٤ من سورة يوسف.

(٤) الآية ٥٢ من سورة القلم.

(٥) الآية ١٠٧ من سورة الأنبياء.

٨٦

كعب بن زهير في محضر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وبعد انصراف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من الطائف قدم كعب بن زهير على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فأنشده قصيدته التي أولها :

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيم إثرها لم يفد مكبول

وأسلم بعد أن كان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أهدر دمه (١).

وقد روى البيهقي ، وأبو بكر محمد بن القاسم بن بشار ، وأبو البركات عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي الأسعد الأنباريان ، قال : خرج كعب وبجير ابنا زهير حتى أتيا أبرق العراف (العراق) ، فقال بجير لكعب : أثبت في عجل هذا المكان ، حتى آتي هذا الرجل ، يعني رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأسمع ما يقول.

فثبت كعب ، وخرج بجير ، فجاء رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فسمع كلامه فآمن به.

وذلك : أن زهير بن أبي سلمى ـ فيما يزعمون ـ كان يجالس أهل الكتاب ، فسمع منهم أنه قد آن مبعث نبي.

ورأى زهير في منامه : أنه قد مد سببا من السماء ، وأنه قد مد يده ليتناوله ففاته ، فأوله بالنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يبعث ، وأنه في آخر الزمان لا يدركه ، وخبّر بنيه بذلك ، وأوصاهم إن أدركوا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يسلموا.

ولما اتصل خبر إسلام بجير لأخيه أغضبه ذلك ، فقال :

__________________

(١) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٣ ص ٢٩٧ و ٢٩٨.

٨٧

ألا أبلغن عني بجيرا رسالة

فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا

فبين لنا إن كنت لست بفاعل

على أي شيء غير ذلك دلكا

على خلق لم تلق (تلف) أما ولا أبا

عليه ولم تدرك عليه أخا لكا

فإن أنت لم تفعل فلست بآسف

ولا قائل إما عثرت لعا لكا

سقاك بها المأمون كأسا روية

فانهلك المأمون منها وعلكا (١)

وفي الإستيعاب :

شربت بكأس عند آل محمد

وانهلك المأمور فيها وعلكا (٢)

وبعث بها إلى بجير ، فلما أتت بجيرا كره أن يكتمها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأنشده إياها ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «سقاك بها المأمون! صدق ، وإنه لكذوب ، وأنا المأمون».

وأهدر دمه ، وقال : من لقي كعبا فليقتله ، فكتب بجير إلى أخيه يذكر أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أهدر دمه ، وقال : من لقي كعبا فليقتله ، وليقول له : النجاء ، وما أراك تنفلت.

ثم كتب إليه بعد ذلك : اعلم أن رسول الله لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله إلا قبل ذلك منه ، وأسقط ما كان قبل ذلك ، فإذا جاءك كتابي هذا فأسلم ، وأقبل (٣).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧٠ والإصابة ج ٣ ص ٢٩٥.

(٢) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٣ ص ٢٩٨.

(٣) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٣ ص ٢٩٨ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧٠ والإصابة ج ٣ ص ٢٩٥.

٨٨

وذكر ابن إسحاق : أن بجيرا كتب إليه :

فمن مبلغ كعبا فهل لك في التي

تلوم عليها باطلا وهي أحزم

إلى الله لا العزى ولا اللات وحده

فتنجو إذا كان النجاء وتسلم

لدى يوم لا تنجو ولست بمفلت

من الناس إلا طاهر القلب مسلم

فدين زهير وهو لا شيء دينه

ودين أبي سلمي عليّ محرم

فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت به الأرض ، وأشفق على نفسه. وأرجف به من كان في حاضره من عدوه ، فقالوا : هو مقتول ، فلما لم يجد من شيء بدا قال قصيدته التي مطلعها :

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيم إثرها لم يفد مكبول (١)

قال العسقلاني : وأسلم كعب ، وقدم حتى أناخ بباب المسجد ، قال : فعرفت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالصفة ، فتخطيت حتى جلست إليه فأسلمت ، ثم قلت : الأمان يا رسول الله ، أنا كعب بن زهير.

قال : أنت الذي تقول ، والتفت إلى أبي بكر ، فقال : كيف قال.

فذكر الأبيات الثلاثة ، فلما قال : فانهلك المأمور ، قلت : يا رسول الله ، ما هكذا قلت ، وإنما قلت : المأمون.

قال مأمون والله ، وأنشده القصيدة (٢) ..

إلى أن يقول فيها :

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧١ وراجع : الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٣ ص ٢٩٧ ـ ٢٩٩.

(٢) الإصابة ج ٣ ص ٢٩٥.

٨٩

نبئت أن رسول الله أوعدني

والعفو عند رسول الله مأمول

وفيها :

إن الرسول لنور يستضاء به

مهند من سيوف الله مسلول

فكساه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بردة له ، فاشتراها معاوية من ولده ، فهي التي يلبسها الخلفاء في الأعياد.

وقد مدح فيها المهاجرين ، ولم يذكر الأنصار ، وفيها :

في فتية من قريش قال قائلهم

ببطن مكة لما أسلموا زولوا

فكلمته الأنصار ، فصنع فيهم شعرا (١).

ونقول :

إن لنا هنا بعض الوقفات والإيضاحات ، وهي كما يلي :

رواية لا تصح :

ذكرت بعض الروايات : أن كعب بن زهير قدم المدينة ، فسأل عن أرقّ أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فدل على أبي بكر ، فأخبره خبره ، فمشى أبو بكر ، وكعب على أثره ، وقد التثم ، حتى صار بين يدي النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقال : رجل يبايعك.

فمد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يده ، فمد كعب يده ، فبايعه وأسفر عن وجهه ، فأنشده قصيدته .. (٢).

__________________

(١) راجع : الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٣ ص ٢٩٧ و ٢٩٨ والإصابة ج ٣ ص ٢٩٦.

(٢) الإصابة ج ٣ ص ٢٩٥ و ٢٩٦.

٩٠

وهي رواية نشك في صحتها ، وذلك لما يلي :

أولا : إن ما تقدم عن العسقلاني يبين : أن كعبا قد وصل مباشرة إلى رسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولم يتوسط له أحد ، لا أبو بكر ، ولا غيره.

ثانيا : إن الوساطة التي تذكرها هذه الرواية لم يكن لها أثر ، حيث إن الرجل جاء ملثما ، وقد مشى إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حتى صار عنده فبايعه ، ولم نجد أبا بكر قد شفع له ، أو تكلم في أمره ، أو هوّن من جرمه ، أو دفع أحدا عنه ، أو نحو ذلك.

ثالثا : هل صحيح أن أبا بكر كان أرقّ أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟! فلما ذا إذن أصرّ على حرب الذين لم يعترفوا بخلافته ، وسفك دماءهم ، وسبى نساءهم ، بل أباح تلك النساء لقائد جيشه خالد بن الوليد ، ليزني بهن في ليلة قتل أزواجهن ، كما جرى لزوجة مالك بن نويرة ، حيث زنى خالد بزوجته بعد قتله مباشرة ، واعتبر أبو بكر فاعل ذلك سيف الله المسلول على أعدائه ، ومنحه وسام الإجتهاد ، لكي يثيبه على فعله هذا ثوابا واحدا على الأقل.

ولم تتحرك عاطفة أبي بكر ، ولم تظهر رقته لرأس مالك بن نويرة ، وهو يجعل أثفية للقدر التي كان خالد يهيّيء فيها وليمة زناه بزوجة ذلك المقتول صاحب الرأس في ليلة قتله.

رابعا : هل كان أبو بكر أرق من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟! وهل يحتاج النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى من يرققه على الآخرين ، في حين أنه هو الذي صرحت الآيات : بأن نفسه كانت تذهب حسرات على من يتخذ سبيل الشرك والإنحراف ، حتى لقد خاطبه الله تعالى بقوله : (فَلا

٩١

تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) (١) ، وقال سبحانه : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (٢).

إلا أن يقال : إن كعب بن زهير كان لا يعرف الكثير عن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

خامسا : قد صرحت الروايات المتقدمة : بأن بجيرا قد ذهب إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وأسلم ، ثم كتب إلى أخيه كعب بن زهير يخبره بأن من عادة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أنه لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، إلا قبل ذلك منه ، وأسقط ما كان قبل ذلك (٣).

فلما ذا يريد ترقيق رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟! ولما ذا يبحث عن أرقّ رجل في المدينة؟! فإنه كان يعلم أن المشكلة محلولة ..

وإنما قدم كعب إلى المدينة على هذا الأساس.

سادسا : قد يقال : إن كعبا إنما خاف أن يقتله أحد من المسلمين تنفيذا لأمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، الذي أهدر دمه ، فكان يحتاج إلى من يحميه من الناس إلى أن يصل إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

وجوابه : أن هذا غير وارد ، فإن المفروض : أن كعبا قد دخل المدينة ، وصار يسأل عن أرق الناس ، حتى وصل إلى أبي بكر ، ولم يقتله أحد .. فلما ذا لا يصل إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بنفس الطريقة؟! وهل كان وصوله

__________________

(١) الآية ٨ من سورة فاطر.

(٢) الآية ٦ من سورة الكهف.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧٠ والإصابة ج ٣ ص ٢٩٥ والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٣ ص ٢٩٨.

٩٢

إلى أبي بكر أيسر من وصوله إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

على أنهم يذكرون : أنه جاء إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» متلثما ، ولم يعترضه أحد ، فما ذا لو أنه أتى إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» متلثما من أول الأمر ، وقبل أن يوسط أحدا من الناس.

سابعا : قال القسطلاني : إن كعب بن زهير «لما لم يجد من شيء بدا قال قصيدته التي يمدح بها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ويذكر خوفه ، وإرجاف الوشاة به من عدوه ، ثم خرج حتى قدم المدينة ، فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة ، من جهينة. فغدا به إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقال : هذا رسول الله ، فقم إليه واستأمنه.

فقام حتى جلس إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فوضع يده في يده ـ وكان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يعرفه ، فقال : يا رسول الله ، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمنك تائبا مسلما ، فهل أنت قابل منه ، إن انا جئتك به؟

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : نعم.

قال : أنا يا رسول الله كعب بن زهير».

قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة : أنه وثب عليه رجل من الأنصار وقال : يا رسول الله ، دعني وعدو الله أضرب عنقه.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : دعه عنك ، فإنه قد جاء تائبا نازعا.

قال : فغضب كعب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم (١).

ثم ذكر شطرا من قصيدته حتى انتهى إلى قوله الذي يمدح فيه قريشا

__________________

(١) المواهب اللدنية (بشرح الزرقاني) ج ٤ ص ٥٦ ـ ٥٨.

٩٣

ويهجو الأنصار ، وهو :

في عصبة من قريش قال قائلها

ببطن مكة لما أسلموا زولوا

يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم

ضرب إذا عرّد السود التنابيل

قال ابن إسحاق : قال عاصم بن عمرو بن قتادة : فلما قال كعب : «إذا عرد السود التنابيل» ، وإنما عنى معشر الأنصار لما كان صاحبهم صنع به ، وخص المهاجرين بمدحته ، غضب عليه الأنصار ، فقال بعد أن أسلم يمدح الأنصار :

من سره كرم الحياة فلا يزل

في مقنب من صالحي الأنصار

الباذلين نفوسهم لنبيهم

يوم الهياج وفتية الأحبار

والضاربين الناس عن أحياضهم

بالمشرق وبالقنا الخطار

والناظرين بأعين محمرة

كالجمر غير كليلة الأبصار

يتطهرون كأنه نسك لهم

بدماء من علقوا من الكفار

لو يعلم الأقوام علمي كله

فيهم لصدقني الذين أماري (١)

فهذا النص يشير إلى أمرين :

أحدهما : أن كعب بن زهير قد أعد قصيدته قبل أن يقدم المدينة ، ويدخل على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ثم تلاها عليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في نفس هذا المجلس ، فلا يصح زعم هذا النص أنه قد هجا الأنصار في هذه القصيدة بالذات ، لأجل أن أحدهم لما رآه عند النبي «صلى الله عليه

__________________

(١) راجع : المواهب اللدنية (بشرح الزرقاني) ج ٤ ص ٦٢.

٩٤

وآله» قال له : دعني وعدو الله أضرب عنقه.

الثاني : إنه يقول : إن كعبا قد نزل على رجل من جهينة كانت بينه وبينه معرفة ، فأخذه الجهني إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. فلا يصح قولهم : إنه نزل على أبي بكر ، وإن أبا بكر هو الذي اصطحبه إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

لما ذا أهدر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دم كعب :

وعن سبب إهدار النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دم كعب بن زهير نقول :

لقد كان للشعر تأثيره العميق ، وللشعراء دورهم الحساس في حياة الناس ، وفي مشاعرهم وفكرهم ، وبلورة مواقفهم. فالشاعر يستطيع أن يكون له دوره القوي ، والفاعل ـ بل والحاسم أحيانا ـ في هداية الناس وضلالهم ، وفي عزهم وذلهم ، وإلحاق الخزي والعار بهم ، لمجرد اختراع اخترعه ، أو حديث وهمي ابتدعه ، أو إفك صنعه ، أو بهتان وضعه.

فالشاعر تاجر فاجر ، يتاجر بأعراض الناس ، ويبتزهم ، ويعتدي على كراماتهم بالظلم والطغيان ، وبالإفك والبهتان عليهم في وضح النهار ، من دون أن يرمش له جفن ، أو أن يتكدر له خاطر ..

والشاعر يوقظ غرائز الناس ويثيرها ، ويستخف عقولهم ، ويتلاعب بأهوائهم ، والشاعر معتد أثيم ، وعتل زنيم. يقول ما لا يفعل ، ويخوض مع الخائضين ، ويهيم في ظلمات الجهل ، ووهم الهوى مع الهائمين ..

قال تعالى : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ

٩٥

وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) (١).

وكان كعب بن زهير قد شرع يحرك حربة شعره التضليلي ، الذي يرتكز إلى الإفك والبهتان ، وينضح بالإثم والعدوان ليسددها إلى قلب الهدى ، وعنوان السداد والرشاد ، ليختطف منه نوره الباهر ، ووضوحه وبهاءه الظاهر ، ليجعله أسيرا بأيدي الأهواء ، حيث تتحكم به النفوس الطامحة وهي غارقة في حمأة شهواتها ، ورهينة لدى الغرائز الجامحة في نزواتها.

وقد كان خلق رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» آية من آيات الجمال والكمال ، الذي شهد به القاصي والداني ، واعترف به العدو والصديق.

ورغم كل الحقد الذي كان يعتلج في صدورهم ، فإن ذلك الخلق الرضي كان يجتذبهم إلى هذا الدين ، ويزيل غيظهم ، ويذهب بحقدهم ، لأنه كان يلامس وجدانهم ، ويخاطب عقولهم ، وينسجم مع فطرتهم.

وقد حاول كعب بن زهير : أن يستخف عقول الناس ، ويستثير فيهم أهواءهم وغرائزهم ، لكي يهيمن على مشاعرهم ، ويقيم الحواجز والسدود التي تعزل ضمائرهم وفطرتهم ، وتحجبها عن ملامسة ذلك الخلق الرضي ، حتى لا يبقى للناس سبيل هداية ، ولا بصيص نور رشاد ، ولا سداد ، من دون أن يقدم أي مبرر لفعله هذا ، مهما كان تافها وسخيفا ، سوى أن خلق النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يخالف خلق الآباء ومن تابعهم ، فقال :

على خلق لم تلق (تلف) أما ولا أبا

عليه ولم تدرك عليه أخا لكا

إن كعب بن زهير قد اقترف بفعله الرخيص هذا أعظم الجرائم ،

__________________

(١) الآيات ٢٤ ـ ٢٦ من سورة الشعراء.

٩٦

وأقبحها ، من حيث إنه يريد أن يحرم الناس من الحياة ويسوقهم إلى البوار والهلاك ، في الدنيا والآخرة ، فلما ذا لا يهدر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دمه؟! ويأمر كل من رآه بأن ينفذ حكم الله فيه؟! إلا أن يتوب وينيب إلى الله ، ويتخلى عن هذا الظلم الظاهر ، والعدوان السافر على الناس في أعز شيء لديهم .. فإن (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) (١).

معاوية .. وبردة كعب :

وقد ذكرت النصوص المتقدمة : شراء معاوية من ولد كعب بن زهير تلك البردة التي كساها النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كعبا. وأن الخلفاء كانوا يلبسونها في الأعياد.

ولكن مما لا شك فيه : أن معاوية لم يكن من أهل الإعتقاد برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى الحد الذي يدعوه للتبرك بآثاره ، والإهتمام بشرائها وتوريثها لمن بعده .. كيف!! وهو الذي أقسم على دفن اسم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وإسقاطه من الأذان .. فقال حين سمع الأذان : لا والله ، إلا دفنا دفنا (٢).

__________________

(١) الآية ٣٢ من سورة المائدة.

(٢) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ٣٨ والبحار ج ٣٣ ص ١٦٩ و ١٧٠ والغدير ج ١٠ ص ٢٨٣ و ٢٨٤ ووضوء النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ج ١ ص ٢٠٨ وعن مروج الذهب ج ٣ ص ٤٥٤ و (ط أخرى) ج ٢ ص ٣٤١ والموفقيات للزبير بن بكار ٥٧٦ ـ ٥٧٧ والنصائح الكافية ص ١١٦ وشرح ـ

٩٧

وقد كان معاوية من الطلقاء ، ومن طلاب الدنيا ، وقد تآمر على عثمان حتى قتل ، وحارب وصي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

ويكفيه : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دعا عليه ؛ بأن لا يشبع الله له بطنا (١).

__________________

ـ النهج للمعتزلي ج ٩ ص ٢٣٨ و (ط دار إحياء الكتب العربية) ج ٥ ص ١٢٩ و ١٣٠ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ٤٧ و ٤٨ وكشف الغمة ج ٢ ص ٤٥ و ٤٦ وكشف اليقين للعلامة الحلي ص ٤٧٤ و ٤٧٥ وقاموس الرجال ج ٩ ص ٢٠ وبهج الصباغة ج ٣ ص ١٩٣.

(١) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ٥٨ ومستدرك الوسائل ج ١ ص ٢٢ وشرح الأخبار ج ٢ ص ٤٧ و ١٦٦ و ٥٣٦ والمناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٠ والعمدة لابن البطريق ص ٤٥٦ والطرائف لابن طاووس ص ٥٠٤ وعين العبرة لأحمد ابن طاووس ص ٥٩ والصراط المستقيم ج ٣ ص ٤٧ ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار لوالد البهائي ص ٧٨ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٦٣٢ والبحار ج ٢٢ ص ٢٤٨ وج ٣٣ ص ١٩٠ و ١٩٤ و ١٩٥ و ٢٠٩ وج ٤٤ ص ٧٦ و ٧٧ ومناقب أهل البيت للشيرواني ص ٤٦٥ و ٤٦٦ والغدير ج ٢ ص ١٤٤ وج ١١ ص ٧٩ و ٨٩ ومستدرك سفينة البحار ج ٥ ص ٣٣٩ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ١١٨ و ١٦١ و ٦٥٠ وصحيح مسلم ج ٨ ص ٢٧ وشرح مسلم للنووي ج ١٦ ص ١٥٢ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ١٢٨ ومسند أبي داود الطيالسي ص ٣٥٩ وخصائص أمير المؤمنين «عليه‌السلام» للنسائي ص ٢٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ١٧٦ وأبو هريرة لشرف الدين ص ٩٨ و ٢٠٢ وشيخ المضيرة لأبي رية ص ٢٠٨ ومعجم رجال الحديث ج ١٩ ص ٢١٥ وطبقات المحدثين بأصبهان ج ٣ ص ٣٤ وتهذيب الكمال ج ٢٢ ص ٣٤٤ وميزان الإعتدال ج ٣ ص ٣٤٠ وسير ـ

٩٨

وقد لعنه ولعن أباه وأخاه ، فقال : لعن الله الراكب ، والقائد ، والسائق (١).

فشراء معاوية للبردة إنما هو لأجل أن يتخذ منها شركا يصطاد به قلوب الناس ، ويعمّي عليهم الأمور ، وليوحي لهم : بأنه يقدّس الرسول ، ويحفظ آثاره ، ويتبرك بها.

كعب وقريش .. لا الأنصار :

وقد تقدم : أن كعب بن زهير مدح قريشا في قصيدة بانت سعاد ، ولم يذكر الأنصار ، فلم يرق ذلك للأنصار ، فكلموه في ذلك ، فقال فيهم شعرا ..

وما نريد أن نشير إليه هنا هو : أن ذكر كعب لقريش في قصيدته ، وهو يعلم : أن قريشا لم تزل تحارب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى فتح مكة ، يشير إلى هيمنة قريش على عقول الناس في المنطقة ، وإلى أن أحدا منهم لا يجرؤ على تخطيها.

__________________

ـ أعلام النبلاء ج ٣ ص ١٢٣ وفتوح البلدان ج ٣ ص ٥٨٢ وتاريخ الأمم والملوك ج ٨ ص ١٨٦ والبداية والنهاية ج ٦ ص ١٨٩ وج ٨ ص ١٢٨ ووقعة صفين للمنقري ص ٢٢٠ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ٢ ص ١٩٧ والمناقب للخوارزمي ص ١١ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي «عليه‌السلام» لابن الدمشقي ص ٢١٨ وسبل الهدى والرشاد ج ١٠ ص ٢١٥ والنصائح الكافية لمحمد بن عقيل ص ١٢٣ و ٢٠٢ و ٢٦١.

(١) تذكرة الخواص ص ٢٠١ والغدير ج ١٠ ص ١٦٩ عنه ، والبحار ج ٣٠ ص ٢٩٦ وج ٣٣ ص ٢٠٨ وكتاب الأربعين للماحوزي ص ١٠٣ و ٣٧٤ وعن ربيع الأبرار للزمخشري ج ٤ ص ٤٠٠ ومناقب أهل البيت «عليهم‌السلام» للشيرواني ص ٤٦٥ و ٤٦٧ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ١٧٥.

٩٩

ولعله إنما ذكر قريشا في قصيدته لكي يأمن جانبها ، ويسلم من غوائل غضبها عليه ، حين يمدح عدوها .. كما أن إهمال الأنصار ربما يكون لإرضاء قريش أيضا ، لكي لا يثير حفيظتها ضده ..

وهذا يشير أيضا : إلى أن ما حققه المسلمون بقيادة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من انتصارات هائلة على اليهود والمشركين وقريش ، لم يستطع أن يزيل كل آثار ذلك الإنبهار والضعف أمام الهيمنة القرشية .. ولعل هذه الآثار قد بقيت إلى ما بعد عشرات السنين من ذلك التاريخ.

مثلهم في ذلك كمثل الذي يكون عبدا لرجل ، ثم يعتقه ، فإن شعوره بالضعف أمام الذي كان سيده لا يزول بسهولة ، بل يبقى عبر السنين والأحقاب ، بعد حصوله على حريته.

وقد لاحظ الإسلام هذه الخصوصية وراعاها في أحكامه التي شرعها لهذه الحالات كما يعلم بالمراجعة ..

عمر .. والصلاة على ابن أبي :

وفي السنة التاسعة ، في شهر ذي القعدة ، وبعد أن رجع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من تبوك مات عبد الله بن أبي ، بعد أن مرض عشرين يوما (١).

وقيل : قتل في السنة الخامسة من الهجرة (٢).

فعن عمر بن الخطاب ، وابن عباس : أنه لما مات عبد الله بن أبي بن

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧٣ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٩٠ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٥٢.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٠.

١٠٠