الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-198-X
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧٢

مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) (١) يقوي ويؤيد رواية القمي حول هذا الأمر ، بالإضافة إلى روايات أخرى أشارت إلى : أن النساء قد اتخذن من غيرة ـ عائشة على ما يظهر ـ سببا للتعدي إلى ما هو أشرّ وأضرّ ، وهو ما أشارت إليه رواية الخدري وجابر ، فقد جاء في تفسير قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) (٢) ، فاخترن أن لا يتزوجن بعده (٣).

وهذا يشير إلى : أن القضية كانت ترتبط بهذا الأمر ، وأعني به أمر الزواج بعده «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وهو أمر يمس شرف الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ورسالته وهو ما توضحه الرويات الآتية.

يضاف إلى ذلك : أن هذه الآية الشريفة تظهر بمفردها ، ولو لم تعضدها أية رواية أخرى : أن القضية ليست قضية نفقة ، فإن عدم النفقة لا يستوجب رفضهن لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. وليست قضية غيرة لعائشة أو لحفصة من مارية أو من غيرها ، فإن الغيرة معناها إرادة التفرد بالزوج ، ورفض مشاركة أمرأة أخرى لها فيه ، وهذه الآية تقول : أنهن كنّ لا يردن الله ورسوله ، بل يردن غير الرسول ، وكن لا يردن الآخرة ، بل يردن الحياة الدنيا وزينتها ، وهذا بدوره يؤكد لنا مضمون رواية القمي الآتية في العنوان التالي ..

__________________

(١) الآية ٣٠ من سورة الأحزاب.

(٢) الآية ٢٨ من سورة الأحزاب.

(٣) الدر المنثور ج ٥ ص ١٩٤ عن ابن سعد ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٨ ص ١٧٩ ـ ١٨١ وراجع : تفير العز بن عبد السلام ج ٢ ص ٥٧٠ وعمدة القاري ج ١٣ ص ١٩.

٦١

الصحيح في القضية :

وبعد .. فقد أوضح علي بن إبراهيم حقيقة القضية ، فقال : لما رجع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من غزاة خيبر ، وأصاب كنز آل أبي الحقيق ، قلن أزواجه : أعطنا ما أصبت.

فقال لهن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : قسمته بين المسلمين على ما أمر الله.

فغضبن من ذلك ، وقلن : لعلك ترى إن طلقتنا ألّا نجد الأكفاء من قومنا يتزوجونا؟!

فأنف الله لرسوله ، فأمره الله أن يعتزلهن.

فاعتزلهن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في مشربة أم إبراهيم تسعة وعشرين يوما ، حتى حضن وطهرن ، ثم أنزل الله هذه الآية ، وهي آية التخيير ، فقال :

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَ) (١) الآية.

فقامت أم سلمة أول من قامت ، فقالت : قد اخترت الله ، واخترت رسوله.

فقمن كلهن فعانقنه ، وقلن مثل ذلك ، فأنزل الله : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ).

__________________

(١) الآية ٢٨ من سورة الأحزاب.

٦٢

فقال الصادق «عليه‌السلام» : من آوى فقد نكح ، ومن أرجى فقد طلق (١).

وقد أيدت رواية جابر وأبي سعيد الخدري التي تقدمت الإشارة إليها آنفا : أن القضية كانت تدخل في هذا الإتجاه ، أعني مسألة زواجهن بعده «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، مما يعني : أن غضب الله لرسوله ، وغضب النبي لشرف الرسالة ، وكرامة الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو السبب لهذا الإعتزال ..

وقد لا حظنا في روايات هواة التبرير والتعذير : أنهم يسعون جاهدين لإبهام هذا الأمر. والتحايل على الألفاظ والعبارات من أجل صرف الأنظار إلى جهات أخرى ، فظهرت حيرتهم ، وبدا عيّهم ، وأظهر الله الحقيقة على لسان أهل البيت «عليهم‌السلام» وشيعتهم ، بل إن مصادرهم لم تخل من إشارات إليها ، ودلالات عليها كما أوضحناه ..

ويؤيد هذا الذي قلناه : روايات أخرى ، يمكن أن يستفاد منها : أن غيرة عائشة التي أشار إليها قتادة ، كانت هي التي دعت زينب بنت جحش للتصريح بما كن قد تواطأن عليه ، فاستحققن هجران الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لهن ، حتى يطهرن تمهيدا لفراقهن بالطلاق ليظهر عدوانهن

__________________

(١) تفسير القمي ج ٢ ص ١٩٢ وتفسير البرهان ج ٣ ص ٣٠٧ و ٣٠٨ والكافي ج ٥ ص ٣٨٨ ومستدرك الوسائل ج ١٥ ص ٣١٠ والبحار ج ٢٢ ص ١٩٨ وجامع أحاديث الشيعة ج ٢٢ ص ٩٢ والتفسير الأصفى ج ٢ ص ٩٩٨ والتفسير الصافي ج ٤ ص ١٨٥ و ١٩٧ وج ٦ ص ٣٨ و ٥٨ وتفسير نور الثقلين ج ٤ ص ٢٦٤ وتفسير نور الثقلين ج ٤ ص ٢٩٤ وراجع : الحدائق الناضرة ج ٢٣ ص ٩٦ و ١١٠ و ١١٣ وجواهر الكلام ج ٢٩ ص ١٢٠.

٦٣

الفاحش عليه ، وعلى كرامته ودينه ، فإن شرف الرسالة والرسول ، فوق كل اعتبار.

ويمكن للقارئ الكريم أن يلاحظ الروايات التالية أيضا :

١ ـ روي عن الإمام الصادق «عليه‌السلام» : «أن زينب قالت لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «لا تعدل وأنت رسول الله»؟

فقالت حفصة : «إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاءنا».

فاحتبس الوحي عن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عشرين يوما.

قال : فأنف الله تعالى لرسوله ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً ، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) (١).

قال فاخترن الله ورسوله ، ولو اخترن أنفسهن لبنّ ، وإن اختران الله ورسوله ، فليس بشيء» (٢).

__________________

(١) الآية ٢٨ من سورة الأحزاب.

(٢) الكافي ج ٦ ص ١٣٧ و ١٣٨ و ١٣٩ والمقنع للشيخ الصدوق ص ٣٤٧ ورسائل المرتضى ج ١ ص ٢٤٣ ومختلف الشيعة للعلامة الحلي ج ٧ ص ٣٤٠ و ٣٤١ و ٣٤٣ والحدائق الناضرة ج ٢٣ ص ١٠٠ وج ٢٥ ص ٢٢٢ وج ٢٩ ص ١٢٤ و ١٢٥ وج ٣٢ ص ٦٩ ومن لا يحضره الفقيه ج ٣ ص ٥١٧ والإستبصار للشيخ الطوسي ج ٣ ص ٣١٣ و ٣١٤ وتهذيب الأحكام ج ٨ ص ٨٨ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ٢٢ ص ٩٣ و (ط دار الإسلامية) ج ١٥ ص ٣٣٦ وعوالي اللآلي ج ١ ص ٣٠٧ والبحار ج ٢٢ ص ١٧٤ و ٢١٢ و ٢١٣ و ٢٢٠ وجامع ـ

٦٤

٢ ـ وفي نص آخر عن الإمام الصادق «عليه‌السلام» : «أن زينب بنت جحش قالت : يرى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إن خلّى سبيلنا أن لا نجد زوجا غيره.

وقد كان اعتزل نساءه تسعا وعشرين ليلة ، فلما قالت زينب الذي قالت بعث الله جبرئيل إلى محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقال : (قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا ..) (١).

٣ ـ وفي نص آخر عن أبي بصير ، عن أبي جعفر «عليه‌السلام» : أن زينب لما قالت : إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاءنا ، احتبس الوحي عن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تسعا وعشرين ليلة (٢).

٤ ـ وعن زرارة ، عن أبي جعفر «عليه‌السلام» نحوه ، وفيه : أنه اعتزلهن

__________________

ـ أحاديث الشيعة للسيد البروجردي ج ٢٢ ص ٩١ والتبيان ج ٨ ص ٣٣٥ وتفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي ج ٣ ص ٦٠ والتفسير الأصفى ج ٢ ص ٩٩٠ والتفسير الصافي ج ٤ ص ١٨٥ وج ٦ ص ٣٩ وتفسير نور الثقلين ج ٤ ص ٢٦٥ و ٢٦٦ والبرهان ج ٣ ص ٣٠٧.

(١) الحدائق الناضرة ج ٢٥ ص ٢٢٢ والأحكام ليحيى بن الحسين ج ١ ص ٤٢٨ والكافي ج ٦ ص ١٣٨ ومستدرك الوسائل ج ١٥ ص ٣٠٩ والبحار ج ٢٢ ص ٢١٢ وجامع أحاديث الشيعة للسيد البروجردي ج ٢٢ ص ٩٣ وتفسير نور الثقلين ج ٤ ص ٢٦٦ والبرهان ج ٣ ص ٣٠٧.

(٢) الكافي ج ٦ ص ١٣٩ وجواهر الكلام ج ٢٩ ص ١٢٥ ومن لا يحضره الفقيه ج ٣ ص ٥١٧ والبحار ج ٢٢ ص ٢٢٠ والتفسير الأصفى ج ٢ ص ٩٩٠ والتفسير الصافي ج ٦ ص ٣٩ والبرهان ج ٣ ص ٣٠٧.

٦٥

في مشربة أم إبراهيم تسعا وعشرين ليلة ، ثم دعاهن فخيرّهن ، فاخترنه (١).

قضية المغافير دليل سمو وعظمة :

والذي نلاحظه أخيرا : أن قضية المغافير رغم أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يعرف أنها قائمة على التجني والإفتراء ، فإنه كان يستشم رائحة العسل بمجرد أن يوضع أمامه ، وحين شروعه بتناوله ..

نعم .. رغم معرفته بالحقيقة ، ورغم الإهانة الهائلة التي وجهت له ، ورغم التعدي السافر على مقام النبوة ، وكرامة الأنبياء ، فإنه بقي يعامل أولئك الذين فعلوا ذلك كله بهذا الخلق الرضي ، وبهذا الإيثار القوي .. رغم أنه أشد الناس رهافة حس ، وأعظمهم شعورا بالأذى ، وأكثرهم اهتماما بتأييد الدين ، واندفاعا إلى حفظ نواميسه ، وصيانة قدسيته ..

ولذلك يقول الله تعالى له : كم أنت عظيم الوفاء ، ورؤوف ورحيم .. تقابل الإساءة بالإحسان ، الخطيئة بالغفران ، والأذى والمساءة بالشفقة والرضا والحنان ..

طلاق سودة :

ومما يدخل في سياق نسبة ما لا يليق إلى رسول الله ، ما زعموه : من أن

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص ١٣٨ والبرهان ج ٣ ص ٣٠٧ وجواهر الكلام ج ٣٢ ص ٧٠ والحدائق الناضرة ج ٢٥ ص ٢٢٢ ودعائم الإسلام ج ٢ ص ٢٦٧ ومستدرك الوسائل ج ١٥ ص ٣٠٩ والبحار ج ٢٢ ص ٢١٢ وجامع أحاديث الشيعة للسيد البروجردي ج ٢٢ ص ٩٣ وتفسير نور الثقلين ج ٤ ص ٢٦٦.

٦٦

النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» طلق سودة بنت زمعة تطليقة ، فجلست في طريقه فلما مرّ سألته الرجعة ، وأن تهب قسمها لأي من أزواجه شاء ، رجاء أن تبعث يوم القيامة زوجته ، فراجعها ، وقبل ذلك منها.

أو قالت : واجعل يومي لعائشة ، فراجعها (١).

وهناك رواية تقول : إن سودة حين أسنّت فرقت أن يفارقها «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقالت : يا رسول الله ، يومي لعائشة.

فقبل «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذلك منها (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٩ ص ٥٩ عن الطبراني بسند فيه ضعف ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٢٤٩ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١١٨ وراجع : الإصابة ج ٤ ص ٣٣٨ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٨ ص ١٩٦ عن ابن سعد ، ونيل الأوطار ج ٦ ص ٣٧٤ و ٣٧٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٧٥ و ٢٩٧ وعمدة القاري ج ١٢ ص ٢٩٦ وج ١٣ ص ٢٧١ وج ١٨ ص ١٩٢ والمعجم الكبير للطبراني ج ٢٤ ص ٣٢ ومعرفة السنن الآثار ج ٥ ص ٤٢٦ وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج ٣ ص ١١٩ ونصب الراية ج ٣ ص ٤١٢ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ٢ ص ٦٧ والثقات لابن حبان ج ٢ ص ٢٩ وتفسير مجمع البيان ج ٣ ص ٢٠٥ والدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٢ وسبل السلام ج ٣ ص ١٦٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٨ ص ٦٣ وتهذيب الكمال ج ٣٥ ص ٢٠١ والوافي بالوفيات ج ١٦ ص ٢٦ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٢٦٧ والإصابة ج ٨ ص ١٩٦ وزوجات النبي لسعيد أيوب ص ٤٥.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ١٧٠ و ١٩٩ وج ٩ ص ٦٥ و ٦٧ و ٦٨ عن أحمد ، وأبي داود ، ومسلم ، والبخاري ، عن عائشة. وفي هامشه عن : أبي داود (٢٣١٥) والحاكم ج ٢ ص ١٨٩ والبيهقي ج ٧ / ٧٤٢٣١ والبخاري ج ٥ ص ٢٩٣ ـ

٦٧

وقيل : إن آية : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً) نزلت في قضية سودة (١).

__________________

ـ (٢٦٨٨) وج ٩ ص ٣١٢ (٥٢١٢) ومسلم ج ٢ ص ١٠٨٥ (٤٧ / ١٤٦٣) وج ٤ ص ٢١٢٩ (٥٦ / ٢٧٧٠).

وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١١٨ والإصابة ج ٤ ص ٣٣٨ عن الترمذي ، وقاموس الرجال ج ١٢ ص ٢٨٣ والدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٢ عن الحاكم وصححه ، وأبي داود ، وابن سعد ، والبيهقي عن عائشة ، وعن ابن جرير عن السدي ، وعن الطيالسي ، والترمذي ، وحسنه ، وابن المنذر والطبراني ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس. وراجع : الأحكام ليحيى بن الحسين ج ١ ص ٣٧٥ والمجموع للنووي ج ١٦ ص ٤٤٣ والشرح الكبير ج ٨ ص ١٧٠ والمغني لابن قدامة ج ٨ ص ١٦٥ و ١٦٦ وسبل السلام ج ٣ ص ١٦٤ وفقه السنة ج ٢ ص ٣٠٧ وسنن أبي داود ج ١ ص ٤٧٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٧٥ وفتح الباري ج ٩ ص ٢٧٤ وعمدة القاري ج ١٢ ص ٢٩٦ وج ١٣ ص ٢٧١ وج ١٨ ص ١٩٢ وج ٢٠ ص ٦٩ و ١٩٣ و ١٩٨ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٣٢٠ وعون المعبود ج ٦ ص ١٢٢ والإستيعاب ج ٤ ص ١٨٦٧ وتخريج الآحاد و

الآثار ج ١ ص ٣٦١ وج ٣ ص ١١٩ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ٢ ص ٦٧ وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٤٨١ وأحكام القرآن لابن العربي ج ١ ص ٦٣٣ والتسهيل لعلوم التنزيل ج ١ ص ١٥٩ ولباب النقول للسيوطي (ط دار إحياء العلوم) ص ٨٤ و (ط دار الكتب العلمية) ص ٧٣ وتهذيب الكمال ج ٣٥ ص ٢٠١ وكتاب المحبر ص ٨٠ والوافي بالوفيات ج ١٦ ص ٢٦ والبداية والنهاية ج ٧ ص ١٦٢ وعيون الأثر ج ٢ ص ٣٨٢.

(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ١١٨ والإصابة ج ٤ ص ٣٣٨ عن الترمذي ، والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ٣ ص ٣٢٤ وقاموس الرجال ج ١٢ ص ٢٨٣ و ٢٨٤ عن ابن الأثير الجزري وراجع الدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٢ وراجع ص ٢٣٣ عن ـ

٦٨

ونص آخر يقول : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أراد أن يطلقها ، فقالت : دعني في أزواجك ، واجعل يومي لعائشة ، ففعل «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

__________________

ـ ابن سعد ، والحاكم وصححه ، وأبي داود ، والبيهقي عن عائشة ، والطيالسي ، والترمذي ، وحسنه ، وابن المنذر ، والطبراني ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس.

وراجع : الشرح الكبير لابن قدامة ج ٨ ص ١٧٠ وسبل السلام ج ٣ ص ١٦٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٩٧ وعمدة القاري ج ١٢ ص ٢٩٦ وج ٢٠ ص ١٩٣ والمصنف للصنعاني ج ٦ ص ٢٣٨ ونصب الراية للزيلعي ج ٣ ص ٤١٢ وتفسير ابن أبي حاتم ج ٤ ص ١٠٧٩ والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج ٢ ص ١١٩ وزاد المسير ج ٢ ص ٢٠٢ والجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ٤٠٣ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٥٧٥ والدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٢ وفتح القدير ج ١ ص ٥٢٢ وتفسير الآلوسي ج ٥ ص ١٦١ وتهذيب الكمال ج ٣٥ ص ٢٠١ والوافي بالوفيات ج ١٦ ص ٢٥ و ٢٦ والبداية والنهاية ج ٧ ص ١٦٣.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧٠ والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ٤ ص ٣٢٣ وراجع : كشف اللثام (ط ج) ج ٧ ص ٥٢٠ والمبسوط للسرخسي ج ٥ ص ٢٢٠ وسنن الترمذي ج ٤ ص ٣١٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٩٧ وفتح الباري ج ٨ ص ٢٠٠ وعمدة القاري ج ١٢ ص ٢٩٦ وج ١٣ ص ٢٧١ وج ١٨ ص ١٩٢ وج ٢٠ ص ١٩٣ ومسند أبي داود ص ٣٤٩ والمعجم الكبير ج ١١ ص ٢٢٦ وتخريج الأحاديث والآثار ج ٣ ص ١١٩ وتفسير ابن أبي حاتم ج ٤ ص ١٠٧٩ و ١٠٨٠ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٣٥٤ وأحكام القرآن لابن العربي ج ١ ص ٦٣٣ وزاد المسير ج ٢ ص ٢٠٢ والجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ٤٠٣ و ٤٠٤ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٥٧٥ والدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٢ وفتح القدير ج ١ ص ٥٢٢ وتفسير الآلوسي ج ٥ ص ١٦١ وقاموس الرجال ج ١٢ ص ٢٨٣ وأسد الغابة ج ٥ ص ٤٨٥ والإصابة ج ٨ ص ١٩٦.

٦٩

وصرحت بعض هذه النصوص : بأنها وهبت يومها لعائشة تبتغي بذلك رضا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

ونقول :

١ ـ إن ملاحظة الروايات المتقدمة : تظهر مدى الإختلاف فيما بينها ، وخصوصا في بيان الدافع لهبتها يومها لعائشة ، فهل الدافع لها هو : أنها خافت من أن يطلقها بعد أن أسنت؟!

أو لأنه طلقها بالفعل؟!

أو أنه أراد أن يطلقها فعلا؟!

٢ ـ إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن ليطلق امرأة لمجرد أنها أسنت ، وقد أسنت خديجة عنده ، ولم يطلقها.

٣ ـ إنه إن صح : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد طلق سودة ، أو أراد أن يطلقها ، فلعله لأمر اقتضى ذلك ..

ولعلها أساءت الأدب معه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بسبب حدتها التي كانت فيها ، وقد أشارت لها عائشة ، ولذلك كانت تسرع فيها اللعنة ، كما زعمت عائشة (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٩ ص ٦٥ عن البخاري ، ومسلم ، والمجموع للنووي ج ١٦ ص ٤٤٢ وسبل السلام ج ٣ ص ١٦٣ ونيل الأوطار ج ٦ ص ٣٧٤ ومسند أحمد ص ١١٧ وصحيح البخاري ج ٣ ص ١٣٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٩٦ والإستذكار ج ٥ ص ٥٤٤ وفيض القدير ج ٥ ص ١٢٢ والطبقات الكبرى ج ٨ ص ١٦٩ وإمتاع الأسماع ج ١٠ ص ٢٣١.

(٢) الإصابة ج ٤ ص ٣٣٨ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٨ ص ١٩٦ وتهذيب الكمال ـ

٧٠

والظاهر : أن المقصود هو : أنها كانت كثيرا ما تعمل عملا يوجب المبادرة إلى لعنها ..

وقد تقدم في كتابنا هذا : ما يدل على أنها حين رأت سهيل بن عمرو أسيرا في بدر ، وكانت أولا زوجة أخيه السكران بن عمرو ، قالت سودة لسهيل : أأعطيتم بأيديكم؟ هلّا متم كراما؟

فقال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يا سودة ، أعلى الله ورسوله؟

فاعتذرت له (١).

وأما نزول آية : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً) في قضية سودة ، فيرد عليه :

أولا : إن ذلك يستلزم الإنتقاص من مقام النبوة الأقدس.

ثانيا : عن عائشة : نزلت هذه الآية (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ..) في رجل كانت

__________________

ـ ج ٣٥ ص ٢٠١ وتهذيب التهذيب ج ١٢ ص ٣٧٨ والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ٤ ص ٣٢٤ و (ط دار الجيل) ص ١٨٦٧ والبداية والنهاية ج ٨ ص ٧٧.

(١) راجع : قاموس الرجال ج ١٢ ص ٢٨٣ وأنساب الأشراف ج ١ ص ٤٠٧ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ٨٩ وتهذيب الكمال ج ٣٥ ص ٢٠٣ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٣١ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ١٥٨ والبداية والنهاية ج ٣ ص ٣٧٤ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٤٧٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٤٧٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٦٥ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٢٢ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٤٧٦ والمعجم الكبير ج ٢٤ ص ٣٥ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ١٨٨.

٧١

تحته إمراة قد طالت حجتها ، وولدت منه أولادا ، فأراد أن يستبدل بها ، فراضته على أن يقيم عندها ، ولا يقيم لها (١).

ولم يكن لسودة أولاد من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، كما أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن يريد أن يستبدل بها ، بل هم يدّعون : أنها فرقت أن يطلقها.

ثالثا : عن مجاهد : إن الآية نزلت في أبي السنابل بن بعكك (٢).

رابعا : رووا عن أبي هريرة : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط (٣).

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٢ عن ابن ماجة ، وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٦٣٤ والمستدرك للحاكم ج ٢ ص ٥٩ ولباب النقول للسيوطي (ط دار إحياء العلوم) ص ٨٤ و (ط دار الكتب العلمية) ص ٧٣ وتفسير الجلالين ص ٢٩٩ وراجع : الجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ٤٠٣ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٣ ص ٣٢٨ والإستذكار ج ٥ ص ٥٤٤ والتبيان ج ٣ ص ٣٤٦ و ٣٤٧.

(٢) الدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٣ عن ابن جرير ، وتفسير مجاهد ج ١ ص ١٧٧ وراجع : جامع البيان ج ٥ ص ٤١٧ وتفسير السمرقندي ج ١ ص ٣٦٩ والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج ٢ ص ١١٩ وتفسير الثعالبي ج ٢ ص ٣٠٧.

(٣) الدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٣ عن ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، وأبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن ماجة ، وراجع : مسند أحمد ج ٢ ص ٣٤٧ و ٤٧١ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٦٣٣ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٩٧ ومسند أبي داود الطيالسي ص ٣٢٢ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٣ ص ٤٤٧ ومسند ابن راهويه ج ١ ص ١٥٩ والمنتقى من السنن المسندة ص ١٨٠ وصحيح ابن حبان ج ١٠ ص ٧ وموارد الظمآن ج ٤ ص ٢٤٦ وكنز العمال ـ

٧٢

فهل يمكن أن نتصور سودة تخاف من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يميل ، أو أن يعرض عنها ، ويكون هذا حاله يوم القيامة؟!

وألا يعد ذلك من أسباب الطعن في دين من يتوهم في النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذلك؟!

خامسا : ذكروا : أن آية خوف النشوز والإعراض من الزوج قد «نزلت في امرأة رافع بن خديج ، وهي : بنت محمد بن مسلمة ، التي كانت قد أسنت ، فتزوج عليها امرأة شابة ، فأعجب بها ، فطالبته زوجته الأولى ، فعرض عليها أن تكون لها ليلة ، ولتلك يومان أو ثلاثة ، فلم ترض ، فطلقها تطليقة ، فرضخت لقوله ، فراجعها ، فشحت نفسها بنصيبها ، ولم تطق ذلك ، فطلقها الثانية ، فشحت نفسها أيضا ، ثم رضيت بالصلح ، واستقرت على ما عرضه عليها ، فلم يستطع هو أن يعدل بينهما ، فنزلت : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) (١)» (٢).

__________________

ـ ج ١٦ ص ٣٤٢ وجامع البيان ج ٥ ص ٤٢٦ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٣٥٦ وتفسير السمرقندي ج ١ ص ٣٧٠ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٥٧٧ وفتح القدير ج ١ ص ٥٢٢ وتفسير الآلوسي ج ٥ ص ١٦٣ والمجموع للنووي ج ١٦ ص ٤٢٥ وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٧٢ وجامع أحاديث الشيعة ج ٢١ ص ٢٨٤.

(١) الآية ١٢٩ من سورة النساء.

(٢) تفسير القمي ج ١ ص ١٥٤ و ١٥٥ والدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٢ عن مالك ، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه عن رافع بن خديج ، وعن الشافعي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي عن سعيد ـ

٧٣

رضا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أم رضا عائشة!!

وقد زعمت بعض الروايات المتقدمة : أن سودة قد وهبت يومها لعائشة ، تبتغي بذلك رضا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

والذي نظنه هو : أنها كانت بذلك تطلب رضا عائشة ، لا رضا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقد وجدت في عائشة ما يجعلها تخشى من أي حالة جفاء لها معها.

ويكفي أن نتذكر : كيف لطخت عائشة وجهها بحريرة (نوع من الطعام) كان في قصفة أتت بها عائشة ، وذلك بحضور رسول الله ، لمجرد أنه

__________________

ـ بن المسيب ، وراجع : الإستذكار لابن عبد البر ج ٥ ص ٥٤٣ والتبيان ج ٣ ص ٣٤٦ وتفسير مجمع البيان ج ٣ ص ٢٠٥ وتفسير نور الثقلين ج ١ ص ٥٥٧ وتفسير كنز الدقائق ج ٢ ص ٦٤١ وتفسير الميزان ج ٥ ص ١٠٥ وتفسير القرآن للصنعاني ج ١ ص ١٧٥ وجامع البيان ج ٥ ص ٤١٧ و ٤٢٢ ومعاني القرآن للنحاس ج ٢ ص ٢٠٦ والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج ٢ ص ١١٩ والجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ٤٠٤ وتفسير البحر المحيط ج ٣ ص ٣٧٩ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٥٧٦ والكامل في التاريخ ج ٤ ص ٣٦٣ وتفسير ابن أبي حاتم ج ٤ ص ١٠٨١ وكتاب الموطأ ج ٢ ص ٥٤٨ والمدونة الكبرى لمالك ج ٢ ص ٣٣٥ ومستدرك الوسائل ج ١٥ ص ١٠٦ والبحار ج ١٠١ ص ٥٧ والمستدرك للحاكم ج ٢ ص ٣٠٨ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٩٦ وفتح الباري ج ٨ ص ١٩٩ وعمدة القاري ج ١٣ ص ٢٧١ وج ١٨ ص ١٩٢ والمصنف للصنعاني ج ٦ ص ٢٣٨.

٧٤

«صلى‌الله‌عليه‌وآله» جلس بينهما (١).

بل هي قد صرحت : بأنها كانت تخاف من عائشة لدرجة أنها رضيت بالإقدام على الكذب ، وعلى أذى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فرقا منها ، أنها كانت قد أمرتها بذلك ، فراجع قصة المغافير التي تقدمت (٢).

فلعلها رأت : أن من مصلحتها أن ترشو عائشة بأمر تعلم أنه يرضيها ، وتستريح من كثير من المشكلات ، التي كان يجب أن تتوقعها وتواجهها ، ولا تملك حيلة للتخلص منها ..

__________________

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٧ ص ١١٤ وج ٩ ص ٧٠ وج ١١ ص ١٤٨ عن النسائي ، وأبي بكر الشافعي ، وأبي يعلى بسند حسن ، وأشار في الهامش إلى مجمع الزوائد ج ٤ ص ٣١٦ ، وراجع : مسند أبي يعلى ج ٧ ص ٤٤٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤ ص ٤٣ وج ٤٤ ص ٩٠ وكنز العمال ج ١٢ ص ٥٩٣ وج ١٥ ص ٩١ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٤٤١ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ٢٩١.

(٢) راجع : مسند أحمد (ط دار صادر) ج ٦ ص ٥٩ وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج ٦ ص ١٦٧ وج ٨ ص ٦٤ وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج ٤ ص ١٨٥ والبحار ج ٢٢ ص ٢٢٩ وسنن أبي داود ج ٢ ص ١٩١ وتفسير القرآن العظيم ص ٤١٣ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٣٥٤ وتفسير الثعالبي ج ٥ ص ٤٥٠ وشرح مسلم للنووي ج ١٠ ص ٧٦ وعون المعبود ج ١٠ ص ١٢٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٨ ص ٨٥ ومسند أبي يعلى ج ٨ ص ٣٠٠ وتفسير مجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥ وتفسير القرآن للصنعاني ج ٣ ص ٣٠١ وأسباب نزول الآيات للنيسابوري ص ٢٩١ وزاد المسير ج ٨ ص ٤٩ والجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ١٧٧.

٧٥

سبب طلاق سودة :

إنه لو صح : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد طلق سودة ، فلا بد أن تكون قد ارتكبت حماقة كبرى بالجرأة على مقامه الأقدس ، وتواطئها مع أقرانها على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إذ ليس من الطبيعي أن يتحملها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تلك السنيين الطويلة ، ويغض الطرف حتى حينما كانت تؤنب سهيل بن عمرو على فشله مع المسلمين في حرب بدر ، وتقول له : هلّا متم كراما؟ ثم يطلقها لسبب تافه وشخصي بعد ذلك ..

من الذي خدع مليكة الكندية؟! :

وذكروا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تزوج في السنة الثامنة في شهر رمضان مليكة بنت كعب الكندية. وكانت ذات جمال بارع ، وكان خالد بن الوليد قد قتل أباها يوم الفتح ، فقالت لها عائشة : ألا تستحين؟! تتزوجين رجلا قتل أباك؟!

فقالت : فكيف أصنع؟

فقالت : استعيذي بالله منه.

فاستعاذت ، فطلقها (١).

__________________

(١) أنساب الأشراف ج ١ ص ٤٥٨ والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج ٨ ص ١١٢ و (ط دار صادر) ص ١٤٨ وراجع : البحار ج ٢١ ص ١٨٣ عن المنتقى للكازروني ، وسبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٢٣٠ و ٢٣١ عن ابن سعد ، والواقدي ، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١١٨ وراجع : قاموس الرجال ج ١٢ ص ٣٠١ و ٣٤٥ وإمتاع الأسماع ج ٦ ص ١٠١ ووضوء النبي للشهرستاني ج ١ ـ

٧٦

إننا لسنا بحاجة إلى التذكير : بأن أمثال هذه الأمور قد تكررت من عائشة ، التي لم تسلم من لسانها ومن أذاها أي من زوجات رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

حتى إنها قد لحقت حتى الأموات منهن في قبورهن ، رغم أنها لم تجتمع معهن في بيت الزوجية أبدا.

فقد نالت من أفضل نساء رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وهي السيدة خديجة في أكثر من مناسبة ، وسمعت من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الرد الحاسم والقوي الذي لم تكن تتوقعه فيما يظهر ..

وقد تقدم ذلك في بعض فصول هذا الكتاب.

طلقها قبل أن يدخل بها :

عن عطاء بن يزيد الجندعي ، قال : تزوج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مليكة بنت كعب الليثي في شهر رمضان سنة ثمان ، ودخل بها ، فماتت عنده (١).

__________________

ـ ص ٢٣٧ والإصابة ج ٨ ص ٣٢٠ والمنتخب من ذيل المذيل ص ٨٩ والبداية والنهاية ٥ ص ٣٢٠ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣ ص ٢٣١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥٩٢ ومستدرك سفينة البحار ج ٤ ص ٣٣٣ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٤٠ والكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٢ ص ٢٦٠.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٢٣١ عن ابن سعد ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٨ ص ١٤٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣ ص ٢٣٢ والمنتخب من ذيل المذيل ص ٨٩ والإصابة ج ٨ ص ٣٢٠.

٧٧

ونقول :

إن هذه الرواية مردودة بما يلي :

أولا : بضعف سندها (١).

ثانيا : قال الواقدي : وأصحابنا ينكرون ذلك ، ويقولون : لم يتزوج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كنانية قط (٢) وعن الزهري والكلبي مثله.

ثالثا : قد ذكر أبو معشر استعاذة مليكة من رسول الله ، وطلاقه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لها ، وقال : «فجاء قومها ، فقالوا : يا رسول الله ، إنها صغيرة ، وإنها لا رأي لها ، وإنها خدعت ، فارتجعها».

فأبى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فاستأذنوه أن يتزوجها قريب لها من بني عذرة ، فأذن لهم ، فتزوجها العذري (٣).

أسماء بنت النعمان ضحية أخرى :

ولم تكن مليكة هي الضحية الوحيدة ، التي وقعت في هذا الفخ ، بل شاركتها في ذلك أسماء بنت النعمان الجونية ، فقد أراد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يتزوجها ، فجعلت عائشة وحفصة تصلحان من شأنها ، فقالتا لها :

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٢٣١.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٢٣١ عن الواقدي ، وراجع : قاموس الرجال ج ٣٤٥ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٨ ص ١٤٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣ ص ٢٣٢ والإصابة ج ٨ ص ٣٢٠.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٢٣٠ و ٢٣١ عن ابن سعد والواقدي وراجع المصادر المتقدمة.

٧٨

إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول : أعوذ بالله منك.

فلما خلا بها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قالت له ذلك ، فخرج عنها ، وأرسلها إلى أهلها ، ومتعها برازقيتين (نوع من الثياب) وطلقها (١).

وطلاق هذه المرأة هو الأنسب بحالها والأقرب إلى الرفق بها. فإن بقاءها في بيت النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سوف يمكّن هاتين المرأتين ، وغيرهن من النساء اللواتي يتحركن بوحي منها أضحوكة وموضعا للسخرية والإستهزاء ، وفي معرض الأذى في أكثر من اتجاه.

__________________

(١) المستدرك للحاكم ج ٤ ص ٣٧ وتلخيص المستدرك (مطبوع بهامشه) نفس الجزء والصفحة ، والإصابة ج ٤ ص ٢٣٣ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٨ ص ٢٠ والطبقات الكبرى ج ٨ ص ١٤٥ و ١٤٦ وراجع : تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٩ والأحكام ليحيى بن الحسين ج ١ ص ٤٥٧ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٣ ص ٢٧٦ والنص والإجتهاد ص ٤١٣ والمنتخب من ذيل المذيل ص ١٠٦.

٧٩
٨٠