الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-198-X
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧٢

أهل الحاضر دون سائر من معه؟! ولما ذا لم يستطع أحد من العشرين الآخرين ، الذين كانوا معه أن يقتلوا أحدا من أهل الحاضر ، بل اكتفوا بجرحهم؟! ..

ولما ذا لم يقتل أحد من العشرين ، بل كثرت الجراح فيهم كما كثرت الجراح في أهل الحاضر؟!

وإذا كان السيل قد حال بين الذين جاؤوا لنجدة أهل الحاضر وبين المغيرين ، فقد كان بإمكانهم أن يلاحقوهم بعد ذلك ، وحين يتمكنون من تجاوز السيل ولو بعد يوم أو يومين ، فإن سير الأثقال ، إذا كان فيها الإبل ، والشاء ، والأطفال ، والنساء سيكون بطيئا وثقيلا .. وسوف يتوزع الفرسان العشرون حولها لحمايتها وحفظها من التشتت والضياع .. وسيحتاج وصولهم إلى المدينة إلى ضعف الوقت الذي يحتاجونه لو لم تكن هذه الأمور معهم.

سرية علقمة إلى ساحل جدة :

قال ابن سعد : في شهر ربيع الآخر [سنة تسع] (١).

وقال محمد بن عمر الأسلمي ، والحاكم : في صفر بلغ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ـ حسب نص ابن سعد ـ أن ناسا من الحبشة تراآهم أهل

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١٦ عن ابن سعد. والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٦٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤١ ص ١٩٥ والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج ٤ ص ٤٦٠ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٦٢٣ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٤٥ وعيون الأثر ج ٢ ص ٢٤٠.

٣٢١

الشعيبة في ساحل جدة ، بناحية مكة في مراكب. فبعث إليهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» علقمة بن مجزّز في ثلثمائة ، فانتهى إلى جزيرة في البحر ، وقد خاض إليهم في البحر ، فهربوا منه (١).

فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهليهم ، فأذن لهم ، وأمّر عليهم عبد الله بن حذافة.

وعن أبي سعيد الخدري قال : بعث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» علقمة بن مجزّز ، وأنا فيهم ، حتى إذا بلغنا رأس غزاتنا أو كنا ببعض الطريق أذن لطائفة من الجيش ، واستعمل عليهم عبد الله بن حذافة السهمي. وكان من أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وكانت فيه دعابة. فنزلوا ببعض الطريق ، وأوقدوا نارا يصطلون عليها ويصطنعون.

فقال : عزمت عليكم إلا تواثبتم في هذه النار.

فقام بعضهم فتحجزوا حتى ظن أنهم واثبون فيها.

فقال لهم : اجلسوا ، إنما كنت أضحك معكم.

فذكروا ذلك لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقال : «من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه» (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١٦ عن ابن سعد ، والحاكم ، وغيرهما ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٤ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٩٨٣ وراجع : شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٢ و ٤٣.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١٦ عن ابن إسحاق ، وقال في هامشه : أخرجه ابن ماجة ج ٢ ص ٩٥٥ (٢٨٦٣) ، وابن حبان (١٥٥٢) ، وابن سعد في الطبقات ج ٢ ق ١ ص ١١٨ انتهى. وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٤ والمغازي ـ

٣٢٢

وعن علي «عليه‌السلام» قال : بعث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سرية ، فاستعمل عليهم رجلا من الأنصار ، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا ، فأغضبوه في شيء ، فقال : اجمعوا لي حطبا

فجمعوا له.

ثم قال : أوقدوا نارا.

فأوقدوا نارا.

ثم قال : ألم يأمركم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن تسمعوا لي وتطيعوا؟

قالوا : بلى.

قال : فادخلوها.

فنظر بعضهم إلى بعض ، وقالوا : إنّا فررنا إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من النار.

فكان كذلك حتى سكن غضبه ، وطفئت النار.

فلما رجعوا إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذكروا ذلك له ، فقال : «لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا».

وقال : «لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف» (١).

__________________

ـ للواقدي ج ٣ ص ٩٨٣ ، والدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ و ١٧٧ عن البخاري ، ومسلم ، وأبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الدلائل ، وعن أبي شيبة ، وأحمد ، وأبي يعلى ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، وعن الطبراني. وراجع : الثقات لابن حبان ج ٢ ص ٨٨.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١٦ عن البخاري ، ومسلم ، وقال في هامشه : ـ

٣٢٣

ورجع علقمة بن مجزّز هو وأصحابه ولم يلق كيدا.

قول سيدنا علي «عليه‌السلام» عنه : واستعمل عليهم رجلا من الأنصار (وهم من بعض الرواة ، وإنما هو سهمي) (١).

ونقول :

أمير السرية أنصاري أم قرشي؟! :

إن علقمة بن مجزّز المدلجي ، ومدلج قبيلة من كنانة .. وعبد الله بن حذافة السهمي القرشي ، وهو من قدماء المهاجرين.

والنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمّر علقمة ، ثم إن علقمة أمّر ابن حذافة على الذين يريدون الإسراع في الرجوع إلى أهليهم ..

وبعد ما تقدم نقول :

١ ـ قال البخاري : باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي ، وعلقمة بن مجزّز المدلجي. ويقال : إنها سرية الأنصاري ..

__________________

ـ أخرجه البخاري في كتاب المغازي (٤٣٤٠) ، وأحمد في المسند ج ١ ص ١٢٤ ، والبيهقي في الدلائل ج ٤ ص ٣١٢ ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٧ عن ابن أبي شيبة ، انتهى. وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٤ والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج ٤ ص ٤٤ ـ ٤٨ عن الحاكم ، وابن ماجة ، وابن خزيمة وصححه ، وأحمد.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١٦ وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٤ و ٤٥ وفتح الباري ج ٨ ص ٤٧ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٣١٤ وتحفة الأحوذي ج ٥ ص ٢٥٩ وتهذيب الكمال ج ١٥ هامش ص ٤٧٠.

٣٢٤

ثم روى (١) عن علي «عليه‌السلام» قال : بعث النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سرية ، فاستعمل عليها رجلا من الأنصار الخ .. (٢).

وفي هذا الكلام خلل من جهتين :

إحداهما : أن كلا الرجلين : علقمة بن مجزّز ، وعبد الله بن حذافة .. لم يكونا من الأنصار ، لأن الأنصار هم خصوص الأوس والخزرج (٣).

الثانية : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يؤمّر عبد الله بن حذافة ، بل أمّر علقمة. وعلقمة هو الذي أمّر ابن حذافة على خصوص الراجعين إلى أهليهم ، فما معنى قولهم : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أمّر ذلك الرجل الذي أمرهم بدخول النار التي أضرموها؟!

ثم يقولون : إن المقصود هو : عبد الله بن حذافة ..

نزول آية طاعة ولي الأمر في ابن حذافة :

وزعموا : أن قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٤) نزلت في عبد الله بن حذافة في هذه

__________________

(١) يعني البخاري في الأحكام ، وفي خبر الواحد ، ومسلم في المغازي (شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٤).

(٢) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٤ وصحيح البخاري ج ٥ (ط دار الفكر) ص ١٠٧ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٣١٤.

(٣) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٧.

(٤) الآية ٥٩ من سورة النساء.

٣٢٥

المناسبة (١) ..

ونقول :

أولا : إن الآية قد ألزمتهم بطاعة ابن حذافة ، وهذا معناه : أنه كان يجب عليهم إطاعة هذا الرجل ، والدخول في تلك النار.

__________________

(١) صحيح البخاري (كتاب التفسير ، تفسير سورة النساء الآية ٥٩) و (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١٨٠ وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج ٦ ص ١٣ ومسند أحمد (ط دار صادر) ج ١ ص ٣٣٧ والدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ وراجع : شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٧. وراجع : جامع البيان للطبري ج ٥ ص ٢٠٥ وتفسير ابن أبي حاتم ج ٣ ص ٩٨٨ وأسباب نزول الايات للنيسابوري ص ١٠٦ وأحكام القرآن لابن عربي ج ١ ص ٥٧٣ وزاد المسير ج ٢ ص ١٤٣ وتفسير الرازي ج ١٠ ص ١٤٤ والجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ٢٦٠ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٥٢٩ والعجاب في بيان الأسباب لابن حجر ج ٢ ص ٨٩٥ وتفسير الجلالين للسيوطي ص ٢٤٤ وتفسير الثعالبي ج ٢ ص ٢٥٤ ولباب النقول للسيوطي (دار إحياء العلوم) ص ٧٢ و (ط دار الكتب العلمية) ص ٦٠ وفتح القدير للشوكاني ج ١ ص ٤٨١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٧ ص ٣٥٣ والإصابة ج ٤ ص ٥١ والعثمانية للجاحظ ص ١١٦ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٤٥٧ والمنتقى من السنن المسندة ص ٦٢ ومسند أبي يعلى ج ٥ ص ١٣١ وسنن النسائي ج ٧ ص ١٥٥ والسنن الكبرى للنسائي ج ٤ ص ٤٣٢ وج ٥ ص ٢٢٢ وج ٦ ص ٣٢٤ وعون المعبود ج ٧ ص ٢٠٧ وتحفة الأحوذي ج ٣ ص ١٩٣ وج ٥ ص ٢٥٨ و ٢٥٩ وعمدة القاري ج ١٨ ص ١٧٦ وفتح الباري ج ٨ ص ٤٧ و ١٩١ وشرح مسلم للنووي ج ١٢ ص ٢٢٣ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ١٥٥ والغدير ج ٣ ص ١٦٥ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٤٩.

٣٢٦

وهذا يتناقض مع قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا إلى يوم القيامة ، إنما الطاعة في المعروف ، لا طاعة في معصية الخالق» ، أو نحو ذلك ..

ثانيا : روى ابن جرير : أن الآية المذكورة نزلت في قصة جرت لعمار مع خالد ، حيث كان خالد أميرا ، فعرسوا قريبا من القوم الذين يقصدونهم ، فهربوا غير رجل واحد جاء ليلا إلى عمار ، وأخبره أنه مسلم.

فلما أغار خالد لم يجد غير ذلك الرجل ، فأخذه وأخذ ماله ، فأخبر عمار خالدا أن الرجل قد أسلم ، وأنه قد أمّنه ، فلم يرض خالد بذلك ، فارتفعا إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأجاز ما فعله عمار ، فنزلت (١).

ثالثا : عن ابن عباس : أن المراد بأولي الأمر في الآية : أهل الفقه والدين ، وأهل طاعة الله ، الذين يعلمون الناس معاني دينهم ، ويأمرونهم بالمعروف ، وينهونهم عن المنكر. فأوجب الله طاعتهم على العباد (٢).

__________________

(١) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٨ عن ابن جرير ، وفتح الباري ، والدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ عن ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وعن ابن عساكر. وراجع : تفسير مقاتل بن سليمان ج ١ ص ٢٣٦ والعجاب في بيان الأسباب لابن حجر العسقلاني ج ٢ ص ٨٩٦.

(٢) الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ عن ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم. وراجع : تفسير ابن أبي حاتم ج ٣ ص ٩٨٨ و ٩٨٩ والمستدرك للحاكم ج ١ ص ١٢٣ وجامع البيان للطبري ج ٥ ص ٢٠٦ وراجع : تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ١ ص ٥٣٠.

٣٢٧

وفي نص آخر عنه : هم أهل العلم (١).

وعن جابر : أنهم أولوا الفقه ، وأولو الخير (٢).

وعن مجاهد : هم الفقهاء والعلماء (٣).

وفي نص آخر عنه : أنهم أصحاب محمد ، أهل العلم ، والفقه والدين (٤).

وعن أبي العالية : هم أهل العلم ، ألا ترى أنه يقول : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (٥)» (٦).

وعن الضحاك : هم أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، هم الدعاة الرواة (٧).

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ عن ابن عدي في الكامل. وراجع : جامع البيان للطبري ج ٥ ص ٢٠٦ و ٢٠٧ وفتح القدير ج ١ ص ٤٨٢.

(٢) الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ عن ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والحاكم الترمذي في نوادر الأصول ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه.

وراجع : المصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٥٦٧.

(٣) الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ عن سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم.

(٤) الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ عن ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر.

(٥) الآية ٨٣ من سورة النساء.

(٦) الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ عن ابن أبي شيبة ، وابن جرير. وراجع : تحفة الأحوذي ج ٣ ص ١٩٤ وعمدة القاري ج ١٨ ص ١٧٦ وجامع البيان للطبري ج ٥ ص ٢٠٧.

(٧) تفسير ابن أبي حاتم ج ٣ ص ٩٨٩ والدر المنثور ج ٢ ص ١٧٧ عن ابن أبي حاتم.

٣٢٨

وعن عطاء : أنهم أولوا الفقه والعلم (١).

وكل هذه الأوصاف لا تنطبق على عبد الله بن حذافة ، ولا على خالد بن الوليد ، فما معنى أن يقال : إن الآية نزلت لتلزم الناس ، وخصوصا العلماء الفقهاء من أمثال عمار بن ياسر بطاعة هؤلاء؟!

رابعا : إنه لا معنى لا عتبار دخولهم النار معصية ، إذا كانوا يظنون أن أمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لهم بطاعة أميرهم يشمل هذا المورد .. ويظنون أن قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٢) ، وقوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (٣) ناظر إلى غير هذه الصورة ..

وقول الداودي : إن هذه القضية تفيد : «أن التأويل الفاسد لا يعذر به صاحبه» (٤) مردود عليه بعد أن ثبت بطلان هذه الروايات ، أو أنها قد تعرضت للتحوير والتزوير على أقل تقدير ..

تنبيه ضروري :

ولا بد لنا هنا من لفت نظر القارئ إلى : أن ما ذكرناه من روايات لهم عن نزول آية (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) في خالد ، وعمار ، إنما أوردناه لإلزام الطرف الآخر به ، على قاعدة : ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم.

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ عن عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم. وراجع : رفتح القدير ج ١ ص ٤٨١.

(٢) الآية ١٩٥ من سورة البقرة.

(٣) الآية ٢٩ من سورة النساء.

(٤) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٦.

٣٢٩

نقول هذا لأننا نعتقد بعدم صحة قولهم : إن الآية نزلت لتأمر عمارا بطاعة خالد ، ف :

أولا : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نفسه قد أمضى ما فعله عمار.

ثانيا : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يرض أن يصدر من خالد أي تعريض بعمار ، وزجره عن ذلك.

فقد ذكرت الرواية المشار إليها نفسها : أن خالدا قال لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أتترك هذا العبد الأجدع يشتمني؟!.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يا خالد ، لا تسب عمارا ، فإن من سب عمّارا سب الله ، ومن أغضب عمّارا أبغضه الله ، ومن لعن عمّارا لعنه الله (١).

ثم تذكر الرواية : أن خالدا حاول استرضاء عمّار عند ذلك ، فراجع (٢).

ثالثا : إن الآية لا يمكن أن تنزل من عند الله ، لتأمرهم بإطاعة خالد باعتبار أنه ولي شرعي .. في الوقت الذي يطلب خالد منهم ما لا يحق له. بل هو يعصي الله في ذلك ، فهل يمكن أن تأمرهم بإطاعته في مورد يعصي الله فيه؟!

__________________

(١) فضائل الصحابة للنسائي ص ٥٠ وشرح الأخبار ج ١ ص ٤١١ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٣٩٠ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ٧٤ والمعجم الكبير للطبراني ج ٤ ص ١١٢ وتهذيب الكمال للمزي ج ٢٥ ص ٣٦٦.

(٢) الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ عن ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن عساكر. وراجع : خلاصة عبقات الأنوار للنقوي ج ٣ ص ٢٣ وجامع البيان للطبري ج ٥ ص ٢٠٦ وتفسير ابن أبي حاتم ج ٣ ص ٩٩٠ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ١ ص ٥٣٠ وتفسير الآلوسي ج ٥ ص ٦٥ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٢٦٥.

٣٣٠

وقد جاء الحديث الصريح عنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ليقول : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (١).

ولو فرضنا : أنه لم يكن عاصيا ، بل كان جاهلا بالحكم الشرعي ، فهل تجب طاعته فيما يجهله من أحكام ، لتكون نتيجة ذلك هي مخالفتها ، كما هو الحال في مثل هذا المورد؟! فإن الرجل الذي أعطاه عمّار الأمان كان من المسلمين. فلا يصح أن يسبى ولا يحتاج إلى إجارة عمّار له ، ولا إجازة خالد لذلك الجوار ، بل لا يحتاج حتى إلى أمان من أحد ، لأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إنما أمر خالدا بمحاربة الكفار وسبيهم .. فعمار لم يخطئ في توجيه الرجل للبقاء في موطنه. وخالد هو الذي أخطأ حينما أسر الرجل ، وأخذ ماله وهو مسلم.

وأما لزوم أن تكون الإجارة والأمان بعلم الأمير .. فليس ثمة ما يثبته إلا ما يدّعيه خالد نفسه .. وإلا ، فإن (المسلمين) المؤمنين تتكافأ دماءهم ، وهم يد على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم (٢) ، وأيما رجل من المسلمين

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ١٧٦ و ١٧٧ عن مصادر كثيرة.

(٢) راجع : الخلاف للشيخ الطوسي ج ٤ ص ٢٠٩ و ٢٧٢ وج ٥ ص ١٤٧ و ٥٢٢ والمبسوط للشيخ الطوسي ج ٧ ص ٢٨٠ والمحلى لابن حزم ج ١٠ ص ٣٥٣ و ٣٥٤ وبداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد ج ١ ص ٣٠٧ و ٣٢٥ و ٣٢٦ وسبل السلام للكحلاني ج ٣ ص ٢٣٤ ونيل الأوطار للشوكاني ج ٧ ص ١٥٠ وج ٨ ص ١٠٨ والكافي ج ١ ص ٤٠٣ و ٤٠٤ و ٥٤٢ ودعائم الإسلام ج ١ ص ٣٧٨ وج ٢ ص ٤٠٤ والأمالي للصدوق ص ٤٣٢ والخصال ص ١٥٠ والمجازات النبوية للشريف الرضي ص ١٧ وتهذيب الأحكام للطوسي ج ٤ ـ

٣٣١

أعطى لكافر أمانا ولو بإشارة منه ، فإن أمانه ماض له. ولا يستطيع أحد أن يماري في ذلك ..

__________________

ـ ص ١٣١ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ٩ ص ٥٢٥ وج ١٥ ص ٦٧ و ٦٩ وج ٢٩ ص ٧٥ و ٧٦ و (ط دار الإسلامية) ج ٦ ص ٣٦٦ وج ١١ ص ٤٩ و ٥١ وج ١٩ ص ٥٥ و ٥٦ ومستدرك الوسائل ج ١١ ص ٤٥ وج ١٨ ص ٢٣٧ و ٢٣٨ والغارات للثقفي ج ٢ ص ٨٢٨ والأمالي للمفيد ص ١٨٧ والبحار ج ٢ ص ١٤٨ وج ٢١ ص ١٣٨ وج ٢٧ ص ٦٨ و ٦٩ و ١١٤ وج ٤٧ ص ٣٦٥ و ٢٤٢ وج ٧٤ ص ١٣١ و ١٤٦ وج ٩٧ ص ٤٧ وجامع أحاديث الشيعة ج ١ ص ٢٣٠ وج ٨ ص ٥٦٨ و ٦١٠ وج ١٣ ص ١٥٩ ومسند أحمد ج ١ ص ١٢٢ و ١٩٢ و ٢١١ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٩٥ وسنن أبي داود ج ١ ص ٦٢٥ وج ٢ ص ٣٧٥ وسنن النسائي ج ٨ ص ٢٠ و ٢٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٣٣٥ و ٣٣٦ وج ٨ ص ٢٩ و ٣٠ و ١٩٤ وج ٩ ص ٥١ و ٩٤ والمستدرك للحاكم ج ٢ ص ١٤١ إضافة إلى مصادر أخرى كثيرة.

٣٣٢

الفصل الحادي عشر :

صنم طيء .. وآل حاتم

٣٣٣
٣٣٤

هدم الفلس ـ صنم طيء :

قالوا : وفي شهر ربيع الآخر من سنة تسع بعث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في خمسين ومائة رجل ـ أو مائتين كما ذكره ابن سعد ـ من الأنصار على مائة بعير وخمسين فرسا ، ومعه راية سوداء ، ولواء أبيض إلى الفلس ، ليهدمه.

فأغاروا على أحياء من العرب ، وشنوا الغارة على محلة آل حاتم مع الفجر ، فهدموا الفلس وخربوه ، وملأوا أيديهم من السبي ، والنعم ، والشاء.

وكان في السبي سفانة أخت عدي بن حاتم ، وهرب عدي إلى الشام.

ووجد في خزانة الفلس ثلاثة أسياف : رسوب ، والمخذم ـ كان الحارث بن أبي شمر قلده إياهما ـ وسيف يقال له : اليماني ، وثلاثة أدرع.

واستعمل علي «عليه‌السلام» على السبي أبا قتادة ، واستعمل على الماشية والرثة عبد الله بن عتيك.

فلما نزلوا ركك اقتسموا الغنائم وعزلوا للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صفيا رسوبا والمخذم ، ثم صار له بعد السيف الآخر ، وعزل الخمس.

وعزل آل حاتم ، فلم يقسمهم حتى قدم بهم المدينة.

ومرّ النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأخت عدي بن حاتم ، فقامت إليه

٣٣٥

وكلمته : أن يمن عليها.

فمنّ عليها ، فأسلمت وخرجت إلى أخيها ، فأشارت عليه بالقدوم على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقدم عليه (١).

وذكر ابن سعد في الوفود : أن الذي أغار ، وسبى ابنة حاتم هو خالد بن الوليد (٢).

والفلس ـ بضم الفاء ، وسكون اللام ـ : صنم لطيء ومن يليها (٣).

وفي نص آخر ذكره الواقدي :

أن عليا «عليه‌السلام» دفع رايته إلى سهل بن حنيف ، ولواءه إلى جبار بن صخر السلمي ، وخرج بدليل من بني أسد يقال له : حريث ، فسلك بهم على طريق فيد (جبل) ، فلما انتهى بهم إلى موضع قال : بينكم وبين الحيّ الذي تريدون يوم تام ، وإن سرناه بالنهار وطئنا أطرافهم ورعاءهم ،

__________________

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١٨ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٩٨٤ و ٩٨٥ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٥ وراجع : المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج ٤ ص ٤٨ و ٤٩ و ٥٠ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٢٠ و ١٢١ والإصابة ج ٤ ص ٣٢٩ وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج ٦٩ ص ١٩٤ ـ ٢٠٣ وإحقاق الحق (الملحقات) ج ٢٣ ص ٢٣٤ ـ ٢٣٧ وراجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٦٤ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٦٢٤ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٤٥.

(٢) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٣٢٢ وراجع : تاريخ مدينة دمشق ج ٦٩ ص ١٩٣.

(٣) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٨. وراجع : معجم البلدان ج ٤ ص ٢٧٣ وج ٥ ص ٢٠٥

٣٣٦

فأنذروا الحيّ ، فتفرقوا ، فلم تصيبوا منهم حاجتكم ، ولكن نقيم يومنا هذا في موضعنا حتى نمسي ، ثم نسري ليلتنا على متون الخيل ، فنجعلها غارة حتى نصبحهم في عماية الصبح.

قالوا : هذا الرأي!

فعسكروا وسرحوا الإبل واصطنعوا ، وبعثوا نفرا منهم يتقصّون ما حولهم ، فبعثوا أبا قتادة ، والحباب بن المنذر ، وأبا نائلة ، فخرجوا على متون خيل لهم يطوفون حول المعسكر ، فأصابوا غلاما أسود ، فقالوا : ما أنت؟

قال : أطلب بغيتي.

فأتوا به عليا «عليه‌السلام» ، فقال : ما أنت؟

قال : باغ.

قال : فشدوا عليه.

فقال : أنا غلام لرجل من طيء من بني نبهان ، أمروني بهذا الموضع وقالوا : إن رأيت خيل محمد فطر إلينا فأخبرنا ، وأنا لا أدرك أسرا ، فلما رأيتكم أردت الذهاب إليهم ، ثم قلت : لا أعجل حتى آتي أصحابي بخبر بيّن ، من عددكم وعدد خيلكم ، ورقابكم ، ولا أخشى ما أصابني ، فلكأني كنت مقيدا حتى أخذتني طلائعكم.

قال علي «عليه‌السلام» : أصدقنا ما وراءك.

قال : أوائل الحيّ على مسيرة ليلة طرادة ، تصبحهم الخيل ومغارها حين غدوا.

قال علي «عليه‌السلام» لأصحابه : ما ترون؟

قال جبار بن صخر : نرى أن ننطلق على متون الخيل ليلتنا حتى نصبح

٣٣٧

القوم وهم غارون ، فنغير عليهم ونخرج بالعبد الأسود ليلا ، ونخلف حريثا مع العسكر حتى يلحقوا إن شاء الله.

قال علي «عليه‌السلام» : هذا الرأي.

فخرجوا بالعبد الأسود ، والخيل تعادا ، وهو ردف بعضهم عقبة (نوبة) ، ثم ينزل فيردف آخر عقبة ، وهو مكتوف ، فلما انهار الليل كذب العبد ، وقال : قد أخطأت الطريق وتركتها ورائي.

قال علي «عليه‌السلام» : فارجع إلى حيث أخطأت.

فرجع ميلا أو أكثر ، ثم قال : أنا على خطأ.

فقال علي «عليه‌السلام» : إنّا منك على خدعة ، ما تريد إلا أن تثنينا عن الحيّ ، قدموه ، لتصدقنا ، أو لنضر بن عنقك.

قال : فقدم وسل السيف على رأسه ، فلما رأى الشر قال : أرأيت إن صدقتكم أينفعني؟

قالوا : نعم.

قال : فإني صنعت ما رأيتم ، إنه أدركني ما يدرك الناس من الحياء ، فقلت :

أقبلت بالقوم أدلهم على الحيّ من غير محنة ولا حق فآمنهم ، فلما رأيت منكم ما رأيت وخفت أن تقتلوني كان لي عذر ، فأنا أحملكم على الطريق.

قالوا : أصدقنا.

قال : الحيّ منكم قريب.

فخرج معهم حتى انتهى إلى أدنى الحيّ ، فسمعوا نباح الكلاب وحركة النعم في المراح والشاء.

فقال : هذه الأصرام (الجماعات) وهي على فرسخ ، فينظر بعضهم إلى بعض.

٣٣٨

فقالوا : فأين آل حاتم؟

قال : هم متوسطو الأصرام.

قال القوم بعضهم لبعض : إن أفزعنا الحيّ تصايحوا وأفزعوا بعضهم بعضا ، فتغيب عنا أحزابهم في سواد الليل ، ولكن نمهل القوم حتى يطلع الفجر معترضا ، فقد قرب طلوعه فنغير ، فإن أنذر بعضهم بعضا لم يخف علينا أين يأخذون ، وليس عند القوم خيل يهربون عليها ، ونحن على متون الخيل.

قالوا : الرأي ما أشرت به.

قال : فلما اعترضوا الفجر أغاروا عليها ، فقتلوا من قتلوا ، وأسروا من أسروا ، واستاقوا الذرية والنساء ، وجمعوا النعم والشاء ، ولم يخف عليهم أحد تغيب فملأوا أيديهم.

قال : تقول جارية من الحيّ وهي ترى العبد الأسود ـ وكان اسمه أسلم ـ وهو موثق : ما له هبل ، هذا عمل رسولكم أسلم ، لا سلم ، وهو جلبهم عليكم ، ودلهم على عورتكم!

قال يقول الأسود : أقصري يا ابنة الأكارم ، ما دللتهم حتى قدّمت ليضرب عنقي.

قال : فعسكر القوم ، وعزلوا الأسرى وهم ناحية نفير ، وعزلوا الذرية وأصابوا من آل حاتم أخت عدي ونسيات معها ، فعزلوهن على حدة.

فقال أسلم لعلي «عليه‌السلام» : ما تنتظر بإطلاقي؟

فقال : تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله.

قال : أنا على دين قومي هؤلاء الأسرى ، ما صنعوا صنعت.

قال : ألا تراهم موثقين ، فنجعلك معهم في رباطك؟

٣٣٩

قال : نعم ، أنا مع هؤلاء موثقا أحب إلي من أن أكون مع غيرهم مطلقا ، يصيبني ما أصابهم ، فضحك أهل السرية منه ، فأوثق وطرح مع الأسرى.

وقال : أنا معهم حتى ترون منهم ما أنتم راؤن.

فقائل يقول له من الأسرى : لا مرحبا بك ، أنت جئتنا بهم!

وقائل يقول : مرحبا بك وأهلا ، ما كان عليك أكثر مما صنعت ، لو أصابنا الذي أصابك لفعلنا الذي فعلت وأشد منه ، ثم آسيت بنفسك.

وجاء العسكر واجتمعوا ، فقربوا الأسرى ، فعرضوا عليهم الإسلام ، فقال : والله ، إن الجزع من السيف للؤم ، وما من خلود.

قال : يقول رجل من الحي ممن أسلم : يا عجبا منك ، ألا كان هذا حيث أخذت ، فلما قتل من قتل ، وسبي منا من سبي ، وأسلم منا من أسلم ، راغبا في الإسلام تقول ما تقول؟! ويحك أسلم واتبع دين محمد.

قال : فإني أسلم وأتبع دين محمد. فأسلم وترك ، وكان يعد فلا يفي حتى كانت الردة ، فشهد مع خالد بن الوليد اليمامة ، فأبلى بلاء حسنا.

قال : وسار علي «عليه‌السلام» إلى الفلس ، فهدمه وخربه ، ووجد في بيته ثلاثة أسياف : رسوب ، والمخذم ، وسيفا يقال له : اليماني ، وثلاثة أدراع ، وكان عليه ثياب يلبسونه إياها.

وجمعوا السبي ، فاستعمل عليهم أبو قتادة ، واستعمل عبد الله ابن عتيك السلمي على الماشية والرثة.

ثم ساروا حتى نزلوا ركك (أحد جبال طيء) فاقتسموا السبي ، والغنائم ، وعزل للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صفيا : رسوبا والمخذم ، ثم صار له بعد السيف الآخر ، وعزل الخمس ، وعزل آل حاتم ، فلم يقسمهم

٣٤٠