الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-198-X
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧٢

وطليحة بن خويلد (١).

مع أن كلا الرجلين كان قد أسلم ثم ارتد ، فراجع ترجمتهما (٢).

قالوا : «ومع مبارزته جذبه أمير المؤمنين «عليه‌السلام» والمنديل في عنقه حتى أسلم» (٣).

ولأجل ذلك نجده لا يجرؤ على إظهار نفسه في مقابل علي «عليه‌السلام» ، فكان كثيرا ما يسأل عن غاراته ، فيقول : قد محاسيف علي الصنائع (٤).

والصنيع : هو السيف الصقيل المجرب (٥).

وقد نجد مبررات كثيرة للشك فيما يزعمونه له من شجاعة وإقدام ، لا

__________________

(١) راجع : الإصابة ج ٣ ص ١٩ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٤ ص ٥٧١ عن الطبراني عن محمد بن سلام الجمحي ، وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٦ ص ٣٨٥ والمعجم الكبير للطبراني ج ١٧ ص ٤٥ ومجمع الزوائد ج ٥ ص ٣١٩.

(٢) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٢ ص ٢٣٨ و (ط دار الجيل) ج ٢ ص ٧٧٣ حول طليحة ، والإصابة ج ٢ ص ٢٣٤ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٣ ص ٤٤٠ ، وراجع حول عمرو : الإستيعاب (ط دار الجيل) ج ٣ ص ١٢٠١ والإصابة ج ٣ ص ١٨ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٤ ص ٥٨٦ وسفينة البحار ج ٦ ص ٤٨٣ عن تنقيح المقال وثمة مصادر أخرى تقدمت في بعض الهوامش.

(٣) البحار ج ٤١ ص ٩٦ عن المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ٦٠٦ و (ط المكتبة الحيدرية) ج ٢ ص ٣٣٤ وسفينة البحار ج ٦ ص ٤٨٢.

(٤) البحار ج ٤١ ص ٩٦ عن المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ٦٠٦ و (ط المكتبة الحيدرية) ج ٢ ص ٣٣٤.

(٥) راجع : أقرب الموارد ج ١ ص ٦٦٥.

٣٠١

سيما وأنه بعد ارتداده أسره المهاجر بن أبي أمية ، وأرسله إلى أبي بكر (١).

وتقدم : أن خالد بن سعيد بن العاص سبى وأسر بني زبيد ، وهم قوم عمرو بن معد يكرب ولم يصنع عمرو شيئا.

والصحيح : أن الذين سباهم هو علي «عليه‌السلام» كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

كذب عمرو بن معد يكرب :

ويبدو لنا : أن ما يذكرونه عن بطولات عمرو بن معد يكرب قبل إسلامه ، لا يعدو أن يكون روايات من نسج خيال عمرو نفسه ، فقد عرف عنه : أنه كان يكذب.

فقد رووا : أنه كان يحدث بحديث ، فقال فيه : لقيت في الجاهلية خالد بن الصقعب ، فضربته وقدوته ، وخالد في الحلقة.

فقال له رجل : إن خالدا في الحلقة.

فقال له : أسكت يا سيء الأدب ، إنما أنت محدّث ، فاسمع أو فقم.

ومضى في حديثه ، ولم يقطعه ، فقال له رجل : أنت شجاع في الحرب والكذب معا.

قال : كذلك أنا تام الآلات (٢).

__________________

(١) الإصابة ج ٣ ص ١٨ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٤ ص ٥٦٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٩ ص ٤٩٤ وأسد الغابة ج ٤ ص ١٣٣ والبداية والنهاية ج ٦ ص ٣٦٤ وخزانة الأدب للبغدادي ج ٢ ص ٣٩٤.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ج ٤٦ ص ٣٨٩ وقال في هامشه : رواه المعافي بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ج ٢ ص ٢١٤ و ٢١٥ وراجع : شرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ٣٦٢.

٣٠٢

الفصل العاشر :

معاذ وأبو موسى في اليمن

٣٠٣
٣٠٤

بعث معاذ ، وأبي موسى الأشعري إلى اليمن :

عن أبي بردة مرسلا ، وعن أبي موسى الأشعري قال : أقبلت إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ومعي رجلان من الأشعريين. أحدهما عن يميني والآخر عن شمالي. كلاهما يسأل العمل والنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يستاك.

فقال : «ما تقول يا أبا موسى»؟

أو قال : «يا عبد الله بن قيس»؟

قال : فقلت : والذي بعثك بالحق ، ما أطلعاني على ما في نفسيهما وما شعرت أنهما يطلبان العمل.

قال : فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفتيه وقد قلصت.

قال : «لن يستعمل على عملنا من يريده ، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى».

أو قال : «يا عبد الله بن قيس».

قال أبو موسى : فبعثني رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ومعاذا إلى اليمن.

قال أبو بريدة : بعث كل منهما على مخلافه.

قال : واليمن مخلافان ، وكانت جهة معاذ العليا وجهة أبي موسى السفلى.

٣٠٥

قال أبو موسى : فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «ادعوا الناس ، وبشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا ، وتطاوعا ولا تختلفا».

قال أبو موسى : يا رسول الله ، أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن.

قال : البتع وهو من العسل ينبذ ثم يشتد ، والمزر وهو من الذرة والشعير ينبذ ثم يشتد.

قال : وكان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أعطي جوامع الكلم وخواتمه.

قال : «أنهى عن كل مسكر أسكر عن الصلاة» (١).

وفي رواية : فقال : «كل مسكر حرام» (٢).

قال : فقدمنا اليمن ، وكان لكل واحد مناقبة نزلها على حدة.

قال أبو بردة : فانطلق كل واحد منهما إلى عمله ، وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه ، وكان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا ، فسلم عليه.

فسار معاذ في أرضه قريبا من صاحبه أبي موسى ، فجاء يسير على بغلته حتى انتهى إليه ، فإذا هو جالس وقد اجتمع إليه الناس ، وإذا رجل عنده قد جمعت يداه إلى عنقه ، فقال له معاذ : يا عبد الله بن قيس ، أيّم هذا؟

قال : هذا يهودي كفر بعد إسلامه ، انزل. وألقى له وسادة.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٢٩ وفي هامشه عن : البخاري في كتاب المغازي (٤٣٤٤) وراجع : البداية والنهاية ج ٥ ص ٩٩ وصحيح مسلم ج ٦ ص ١٠٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٩١ وصحيح ابن حبان ج ١٢ ص ١٩٧.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٢٩ ونيل الأوطار للشوكاني ج ٩ ص ٥٧ وفقه السنة ج ٢ ص ٣٧٧ و ٣٨٦ وعون المعبود ج ١٠ ص ٩٩.

٣٠٦

فقال : لا أنزل حتى يقتل.

فأمر به فقتل.

قال : إنما جيء به لذلك ، فانزل.

ثم نزل ، فقال : يا عبد الله ، كيف تقرأ القرآن؟

قال : «أتفوّقه تفوّقا.

قال : فكيف تقرأ أنت يا معاذ؟

قال : أنام أول الليل ، فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم ، فأقرأ ما كتب الله لي ، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي» (١).

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : «إنك ستأتي قوما من أهل الكتاب ، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا ألا اله الا الله ، وأن محمدا رسول الله.

فإن هم أطاعوا لك بذلك ، فأخبرهم أن الله عزوجل قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.

فإن هم أطاعوا لك بذلك ، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم.

فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٢٩.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٢٩ و ٢٣٠ عن البخاري ، ومسلم. وقال في هامشه : أخرجه البخاري ج ٢ ص ١٥٨ ومسلم في كتاب الإيمان (١٠) انتهى.

وراجع : البداية والنهاية ج ٥ ص ١٠٠ و (دار إحياء التراث العربي) ص ١١٥ ـ

٣٠٧

عن عمرو بن ميمون : أن معاذا لما قدم اليمن صلى بهم الصبح ، فقرأ سورة النساء ، فلما قرأ : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) (١) ، قال رجل من القوم : لقد قرت عين أم إبراهيم (٢).

ونقول :

إن مما لا شك فيه أن اليمن بلاد واسعة ، وفيها سكان منتشرون في مخاليفها ، ولا بد من دعوتهم جميعا إلى دين الله ، وإبلاغهم كلمة الحق والهدى .. فيحتاج الأمر إلى نشر الدعاة ، وبث الموفدين في كل اتجاه ، ولذلك تعددت الوفود ، وكثر المبعوثون إليها .. ولعل معاذ بن جبل ، وأبا موسى الأشعري كانا في جملة هؤلاء.

وقد صرحت الرواية : بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد بعث كلا منهما على مخلافه.

ولكن تبقى لنا على هذه الروايات مؤاخذات ، وإيضاحات نذكرها

__________________

ـ و ١١٦ ونصب الراية ج ٤ ص ٤١٨ وج ٢ ص ٣٩٨ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٢ وراجع : صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١٠٨ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٩١.

(١) الآية ١٢٥ من سورة النساء.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٣٠ عن البخاري. وراجع : صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١٠٩ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٥ والمصنف لابن أبي شيبة ج ١ ص ٣٨٩ وتغليق التعليق ج ٤ ص ١٥٥ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ١ ص ٥٧٣ والدر المنثور ج ٢ ص ٢٣٠ والبداية والنهاية ج ١ ص ١٩٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٢٠٠ وقصص الأنبياء لابن كثير ج ١ ص ٢٣٩.

٣٠٨

على النحو التالي :

ترديدات تثير الشبهة :

إذا كان أبو موسى مترددا في كلا المرتين فيما خاطبه به رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فلا يدري هل قال له : «يا عبد الله بن قيس» ، أو قال له : «يا أبا موسى» ، فكيف نطمئن إلى أنه قد حفظ بالفعل سائر أقوال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بهذه الدقة ، حتى أنه لم يتردد في أية كلمة منها؟! بل هو يحفظ ويصف لنا سواكه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تحت شفتيه ، وقد قلصت!!

اليمن مخلافان :

تقول الرواية : إن اليمن مخلافان ، الأعلى والأسفل ، وتقول : كان كل من معاذ وأبي موسى يسير في أرضه ، فإذا كان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا ، فسلم عليه ..

وتقول : إنه كان لكل واحد منهما قبة نزلها على حدة.

فظاهر الرواية هو : أنهما كانا في موضعين متجاورين ، وأن قبتيهما كانتا متقاربتين ، والسؤال هو :

أولا : إن اليمن بلاد شاسعة تعد بعشرات الألوف من الكيلومترات المربعة ، وليست مجرد قطعتي أرض متجاورتين ، يسير فيهما الراكب جيئة وذهابا ، ويتفقدهما كما يتفقد كرمه أو بستانه ، أو جبلا ، أو سهلا فسيحا ، يعيش فيه.

ثانيا : إذ كانا قريبين إلى هذا الحد ، فلما ذا ضربا لأنفسهما قبتين على حدة ، فلتكن لهما قبة واحدة ، وهذا ينطلق إلى مخلافة في الجهة العليا ، والآخر

٣٠٩

ينطلق إلى مخلافه في الجهة السفلى ..

تطاوعا ولا تختلفا :

وقد ذكرت الرواية قول النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لهما : تطاوعا ولا تختلفا.

ونقول :

إذا كانت بلاد اليمن مخلافين ، وكان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عين كل واحد منهما في مخلاف ، ولم يكن لأحدهما أي علاقة بعمل الآخر ، فلا معنى لأن يختلفا ، أو أن يتفقا في شيء ..

إلا أن يكون المقصود هو تحذيرهما من الإختلاف ، وهما في الطريق إلى اليمن ، حيث شاءت الصدف أن يسيرا إلى تسلم مهمتيهما في وقت واحد.

وصادف أن سلكا طريقا واحدا.

قتل اليهودي :

وقد ذكرت الرواية : أن معاذا لم يرض بالنزول حتى قتلوا اليهودي الذي أسلم ثم ارتد.

ونحن نشك في صحة ذلك ، فإنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إنما بعثهما إلى اليمن دعاة لا حكاما ، ولم يكن الإسلام قد فشا في تلك البلاد ، ولا كان بإمكان مبعوثي النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يقتلا يهوديا أسلم ثم ارتد ، مع ملاحظة كثرة اليهود في ذلك البلد.

٣١٠

أبو موسى التقي الورع :

وقد ذكرنا عن قريب بعض ما يرتبط بأبي موسى ، وأنه جاثليق هذه الأمة وسامريّها ، إلى غير ذلك من أمور تدل على سوء العلاقة بينه وبين ربه ، وبينه وبين أهل بيت نبيه الأعظم «صلى‌الله‌عليه‌وآله». حتى إن عليا «عليه‌السلام» كان يقنت في الصبح والمغرب بلعنه مع جماعة آخرين إلى أمور كثيرة لا نرى حاجة لإعادتها ..

غير أن هؤلاء يظهرون هذا الرجل بالذات على أنه من أتقى الناس ، وأن العلم انتهى إلى ستة هو أحدهم ، وأن القضاء إلى أربعة هو أحدهم أيضا ، ثم يذكرون هنا قراءته للقرآن هو ومعاذ .. فتبارك الله الخالق والبارئ الذي مسخ أقواما فجعل منهم القردة والخنازير ، ثم إن هؤلاء يمسخون أبا موسى فيجعلونه من الأتقياء ، وأعلم العلماء بعد أن كان على الضد من ذلك.

هنات تجعل فضيلة لمعاذ :

ولهم في معاذ مبالغات ، تزيد على مبالغاتهم في أبي موسى الأشعري كما يعلم بالمراجعة.

وقد زعموا هنا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد كتب لمعاذ بن جبل ، وهو في اليمن : «إني عرفت بلاءك في الدين ، والذي ذهب من مالك حتى ركبك الدين ، وقد طيبت لك الهدية ، فإن أهدي لك شيء فاقبل» (١).

__________________

(١) الإصابة ج ٢ ص ٤٤٥ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٤ ص ٣٤٤ وج ٦ ص ١٠٨ وراجع : ج ٣ ص ٤٢٧ وكنز العمال ج ١٦ ص ١٩٦ وج ٦ ص ٥٨ و (ط مؤسسة ـ

٣١١

وقد زعموا : أن السبب في هذا السماح هو : أن معاذا كان رجلا سمحا ، فركبه الدين ، فلزمه غرماؤه ، حتى تغيب عنهم أياما في بيته ، فأرسله رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى اليمن ، وقال له : لعل الله يجبرك ، ويؤدي عنك (١).

قال عمر : «وكان أول من اتجر في مال الله هو ، فمكث حتى أصاب ، وحتى قبض رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

فلما قدم قال عمر لأبي بكر : أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه ، وخذ سائره منه.

فقال أبو بكر : إنما بعثه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليجبره. ولست بآخذ منه شيئا إلا أن يعطيني.

فانطلق عمر إلى معاذ ، فذكر ذلك له ، فقال معاذ : إنما أرسلني النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليجبرني ، ولست بفاعل.

__________________

ـ الرسالة) ج ٦ ص ١١٥ وج ١٠ ص ٥٩٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٨ ص ٤١١ و ٤٣٢ و ٤٣٤ ورسالات نبوية ص ٢٦٨ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٥٥٥ ومجمع الزوائد ج ٤ ص ١٥٠.

(١) أسد الغابة ج ٤ ص ٣٧٧ و (ط دار الكتاب العربي) ج ٤ ص ٣٧٧ والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج ٣ ص ٣٥٨ وحلية الأولياء ج ١ ص ٢٣٢ والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج ٣ ص ٢٧٤ وراجع : إعانة الطالبين للدمياطي ج ٣ ص ٧٩ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٥٥٥ ونصب الراية للزيلعي ج ٢ ص ٤١١ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ ص ٥٨٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٨ ص ٤٣١.

٣١٢

ثم أتى معاذ عمر ، فقال : قد أطعتك ، وأنا فاعل ما أمرتني به ، فإني رأيت في المنام أني في حومة ماء قد خشيت الغرق ، فخلصتني منه يا عمر الخ .. (١).

ونقول :

أولا : لو سلمنا أن حديث جبر معاذ بإرساله إلى اليمن قد صدر عن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولم يسمعه عمر ، وسمعه أبو بكر ومعاذ ، فالسؤال هو : لما ذا لم يصدق عمر معاذا ولا أبا بكر في ذلك؟! بل بقى مترددا أو شاكا!!

ثانيا : إن العسقلاني يذكر مضمون الكتاب الذي يزعمون أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أرسله إلى معاذ في اليمن ، يطيّب له فيه الهدية ـ يذكره ـ على أنه من قول النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لمعاذ حين أرسله إلى اليمن ، لا أنه كتاب أرسله إليه في اليمن!! (٢).

ثالثا : هل كان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يبعث كل من ركبه الدين ، أو وزعت أمواله على دائنيه إلى بلد من البلاد ، ليكون واليا عليها ، مستفيدا من هدايا أهله؟!

وهل حصل مثل هذا الذي حصل لمعاذ لأي واحد من أولئك الذين ولاهم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بلدا ، أو مخلافا وما أكثرهم؟!.

__________________

(١) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ٣ ص ٣٥٨ و (ط دار الجيل) ج ٣ ص ١٤٠٥ والمصنف للصنعاني ج ٨ ص ٢٦٩ وكنز العمال ج ٥ ص ٥٩٢.

(٢) تقدمت مصادر ذلك.

٣١٣

وهل سمح له حين خلّفه في مكة مع عتّاب بن أسيد بأن يقبل الهدية من أهلها ، ليجبره بذلك أيضا.

رابعا : ذكروا : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يرسل معاذا واليا على البلاد والعباد ، وإنما أرسله ليكون مجرد قاض للجند ، ويعلم الناس القرآن ، وشرائع الإسلام ، ويقضي بينهم ، ويقبض الصدقات من عمال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، لأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قسم اليمن على خمسة ، وهم : المهاجر بن أبي أمية على كندة ، وخالد بن سعيد على صنعاء ، وزياد بن لبيد على حضرموت ، ومعاذ على الجند ، والأشعري على عدن ، وزبيد وزمعة والساحل (١).

فإن كانت الهدية تحرم على الولاة كما في الروايات (٢) ، فإن معاذا لا ولاية له ، وإن كانت تحرم على القضاة ، فإن حرمتها ليست قابلة للرفع ، لأنها تؤثر على سلامة القضاء ، وتؤدي إلى التهمة في الأحكام. وإن كان

__________________

(١) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ٣ ص ٣٥٦ و ٣٥٧ و (ط دار الجيل) ج ٣ ص ١٤٠٣ ومعجم ما استعجم للبكري الأندلسي ج ٢ ص ٧٠٢ وعمدة القاري للعيني ج ٨ ص ٢٣٥ وراجع : الإستذكار لابن عبد البر ج ٣ ص ١٩٠ والتمهيد لابن عبد البر ج ٢ ص ٢٧٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٨ ص ٣٩٣ و ٤١٥ وكتاب المحبر للبغدادي ص ١٢٦ وإكمال الكمال لابن ماكولا ج ١ ص ٤٦.

(٢) مكاتيب الرسول ج ٣ ص ٥٥٥ و ٥٥٦ عن المصادر التالية : صحيح مسلم ج ٣ ص ١٤٦٣ وسنن أبي داود ج ٣ ص ١٣٤ والبخاري ج ٩ ص ٣٦ وعمدة القاري ج ٢٤ ص ١٢٤ وفتح الباري ج ٥ ص ١٦٢ وج ١٢ ص ٣٠٦ والترمذي في كتاب الأحكام باب ٨ ، والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ١٨ ص ١٦٣ وكنز العمال ج ٦ ص ٥٥ فما بعدها.

٣١٤

قضاؤه خاصا بالجند ، وليس واليا على الناس ، فلا حاجة إلى إحلال الهدية له ، لأن الهدية تكون حلالا له بصورة طبيعية.

خامسا : إذا كان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد سمح لمعاذ بقبول الهدية ، فلماذا تجاوز ذلك ، واتّجر في مال الله أيضا؟! (١).

ولعل الحقيقة هي : أن هذا الرجل قد عدا على مال الله تعالى ، فاكتنزه لنفسه ، فحاولوا التستر عليه بافتعال هذا الكتاب ، وتلك المناسبة .. وقد أرادوا بذلك مكافأته على مواقفه المؤيدة لسياستهم ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى ..

معاذ في ميزان السياسة :

إن تعظيم هؤلاء وتفخيمهم لمعاذ يفوق حد التصور ، ويكفي أن نذكر أنه عندهم «أعلم الأولين والآخرين ، بعد النبيين والمرسلين ، وإن الله ليباهي به الملائكة» (٢).

__________________

(١) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٣ ص ٣٥٨ و (ط دار الجيل) ج ٣ ص ١٤٠٤ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٥٥٥ وراجع : خلاصة عبقات الأنوار للنقوي ج ٣ ص ٩٥ والدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر ج ٢ ص ٢٤٣ وكنز العمال ج ٥ ص ٥٩١ ونصب الراية للزيلعي ج ٦ ص ١٩٨ وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٩٨.

(٢) المستدرك للحاكم ج ٣ ص ٢٧١ وكنز العمال ج ١٢ ص ٣١٤ وج ٦ ص ١٩٤ و (ط مؤسسة الرسالة) ج ١١ ص ٧٤٥ وسير أعلام النبلاء للذهبي ج ١ ص ٤٦٠ والكشف الحثيث لسبط ابن العجمي ص ١٧٨ وتاريخ المدينة لابن شبة ج ٣ ص ٨٨١ والغدير ج ١٠ ص ١٨.

٣١٥

سر تعظيم معاذ بن جبل :

قد قرأنا في النص المتقدم الحديث الذي يذكر شدة معاذ بن جبل على اليهودي الذي أسلم ثم ارتد حتى إنه لم ينزل إليهم حتى قتلوه ..

ثم قرأنا فيه أيضا .. حديثه عن نفسه حول قراءة القرآن ، ليدلل بذلك على شدة التزامه بخط التقوى ، ومواظبته على الأمور العبادية ..

غير أننا نقول :

ليت شدة معاذ كانت قد اقتصرت على ذلك اليهودي ، ولم تتجاوزه إلى أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، حيث شارك معاذ في الهجوم على بيت الزهراء «عليها‌السلام» فور وفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وفي بعض الروايات : أنه كان على ألف من المقاتلين حين البيعة لأبي بكر وهاجموا عليا «عليه‌السلام» وأصحابه في المسجد (١).

ورووا : أنه كان من أصحاب الصحيفة التي تعهد كاتبوها بإزالة الإمامة عن علي «عليه‌السلام» (٢).

وروي : أنه حين احتضاره كان يدعو بالويل والبثور ، لممالأته على علي

__________________

(١) الإحتجاج للطبرسي ج ١ ص ١٠٤ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٢٤٢ والبحار ج ٢٨ ص ٢٠٢ ومواقف الشيعة للأحمدي ج ١ ص ٤٣٠ والفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ج ٢ ص ٣٣٣ والدر النظيم ص ٤٤٦ ونهج الإيمان لابن جبر ص ٥٨٦ وبيت الأحزان ص ٩٦ ومجمع النورين للمرندي ص ٧٩.

(٢) كتاب سليم بن قيس (ط النجف) ص ١٠٩ و (بتحقيق محمد باقر الأنصاري) ص ٣٤٥.

٣١٦

«عليه‌السلام» خصوصا بعد وفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

وكان مع الذين شهروا سيوفهم وأخرجوا أبا بكر ، وأصعدوه منبر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وتهددوا من يعارضهم بالقتل (٢).

ولأجل ذلك تمنى عمر بن الخطاب : لو كان معاذ حيا لا ستخلفه (٣).

معاذ بن جبل لم يتول مخلافا :

إن الروايات تنص على : أن معاذا كان أميرا على الجند فقط ، وأما أبو موسى فكان أميرا على عدن ، وزبيد ، والساحل ، فلم يكن إذن معاذ أميرا على أي من مخاليف اليمن ، لا الأعلى ولا الأسفل ، ولا غير ذلك (٤).

__________________

(١) إرشاد القلوب للديلمي ص ٣٩١ وكتاب سليم بن قيس (بتحقيق الأنصاري) ص ٣٤٦ والصراط المستقيم ج ٣ ص ١٥٣ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٥٧٤ والبحار ج ٢٨ ص ١٢٢ وج ٣٠ ص ١٢٨ وج ٣١ ص ٦٣٤ وج ٥٨ ص ٢٤١ ومستدرك سفينة البحار ج ٢ ص ٣٢٠ ومستدركات علم رجال الحديث ج ٤ ص ٤١٢ ومجمع النورين للمرندي ص ٢٠٤.

(٢) كتاب الرجال للبرقي ص ٦٦ ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج ١٩ ص ٢٠٣ وقاموس الرجال للتستري ج ١٠ ص ٩٨ والصراط المستقيم ج ٢ ص ٨٢ ونهج الإيمان ص ٥٨٦.

(٣) الإمامة والسياسة ج ١ ص ٢٨ وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج ٢ ص ٢٤٩ وتفسير النسفي ج ٢ ص ٢٧٥.

(٤) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٣ ص ٣٥٦ و ٣٥٧ و (ط دار الجيل) ج ٣ ص ١٤٠٢ وراجع : معجم ما استعجم للبكري الأندلسي ج ٢ ص ٧٠٢ وعمدة القاري للعيني ج ٨ ص ٢٣٥ وراجع : الإستذكار لابن عبد البر ج ٣ ص ١٩٠ ـ

٣١٧

سرية قطبة بن عامر إلى حي من خثعم :

قالوا : بعث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قطبة بن عامر بن حديدة في عشرين رجلا إلى [حي من] خثعم ـ قريبا من تربة على يومين من مكة ، قال محمد بن عمر : بناحية تبالة ، وقال ابن سعد : بناحية بيشة ـ وأمره أن يشن الغارة عليهم ، فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها. فأخذوا رجلا ، فسألوه ، فاستعجم عليهم ـ أي سكت ولم يعلمهم ـ وجعل يصيح بالحاضر (١) ، ويحذرهم ، فضربوا عنقه.

ثم أمهلوا حتى نام الحاضر ، فشنوا عليهم الغارة ، فخرج إليهم رجال الحاضر ، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر الجراح في الفريقين جميعا ، وجاء الخثعميون الدّهم (أي العدد الكثير) ، فحال بينهم سيل أتي ، فما قدر رجل واحد منهم يمضي حتى أتى قطبة على أهل الحاضر ، وقتل قطبة من قتل منهم ، وساقوا النعم ، والشاء ، والنساء إلى المدينة.

وكانت سهمانهم أربعة [أبعرة]. والبعير يعدل بعشر من الغنم ، بعد أن أخرج الخمس ، وكان ذلك في صفر سنة تسع (٢).

__________________

ـ والتمهيد لابن عبد البر ج ٢ ص ٢٧٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٨ ص ٣٩٣ و ٤١٥ وكتاب المحبر للبغدادي ص ١٢٦ وإكمال الكمال لابن ماكولا ج ١ ص ٤٦.

(١) الحاضر : هم القوم النزول على ماء ، يقيمون به ، ولا يرتحلون عنه.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١٤ والسيرة ج ٣ ص ٢٠٤ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٩٨١ وج ٢ ص ٧٥٤ و ٧٥٥ وج ١ ص ٧ وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٤٠ و ٤١ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٤١٤ عن اللباب ج ١ ص ٤٢٣ والأنساب للسمعاني ج ٥ ص ٥١ ونهاية الإرب ص ٢٢٩ ومعجم قبائل العرب ج ١ ص ٣٣١ ـ

٣١٨

ونقول :

١ ـ قال ياقوت : بيشة : من عمل مكة مما يلي اليمن ، من مكة على خمس مراحل ، وبها من النخل والفسيل شيء كثير ، وفي وادي بيشة موضع مشجر كثير الأسد (١).

٢ ـ تبالة بالفتح ، قيل : تبالة التي جاء ذكرها في كتاب مسلم بن الحجاج : موضع ببلاد اليمن ، وأظنها غير تبالة الحجاج بن يوسف ، فإن تبالة الحجاج بلدة مشهورة من أرض تهامة في طريق اليمن ، وأسلم أهل تبالة وجرش من غير حرب ، فأقرهما رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في أيدي أهلهما على ما أسلموا (٢).

٣ ـ إن الإقتصار على عشرين رجلا في تلك السرية يشير إلى أنها لم تكن سرية قتال ، بل سرية دعوة إلى الله تبارك وتعالى. لا سيما مع ملاحظة بعد المسافة بين المدينة ، وبين الموضع الذي تقصده تلك السرية ، فإن عشرين رجلا لا يمكنهم مواجهة المئات من المقاتلين الذين يعيشون في أوطانهم ،

__________________

ـ وجمهرة أنساب العرب ص ٣٩٠ و ٤٧٥ و ٤٨٤ والإشتقاق لابن دريد ص ٥٢٠ ـ ٥٢٢ وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج ٢ ص ١٣٢ ومروج الذهب ج ٢ ص ٤٧ وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج ٢ ص ١٩٢ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٦٢ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٤٢ وعيون الأثر ج ٢ ص ٢٣٨.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ١ ص ٥٢٩ ومعجم البلدان ج ١ ص ٦٢٨ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج ١ ص ٥٢٩.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١ هامش ص ٢١٤ ومعجم البلدان ج ١ ص ١١١٠ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج ٢ ص ٩.

٣١٩

وكل وسائل العيش متوفرة لهم ، مع معرفتهم التامة بمسالك المنطقة ، وشعابها ، ومواضع الماء والكلاء فيها ..

أما أفراد السرية فهم قليلو العدد ، ولا يتوفر لهم شيء من ذلك ، ولن يكونوا قادرين على مواجهة العشرات من المقاتلين في مثل هذه الظروف الصعبة ، ولا يمكنهم الحصول على المدد ، وليس لديهم ما يكفي من العدة والعدد ، لو أراد الخثعميون ملاحقتهم بالقتال. وسيكونون عرضة للمهالك والأخطار.

٤ ـ إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يبدأ أحدا بقتال قبل الدعوة ، وإقامة الحجة ، واتخاذه المدعوين موقف المعاند والمحارب. فكيف ينسب إليه أنه يغير على الآمنين ، أو يأمر بالإغارة عليهم إذا لم يكونوا محاربين.

ولم يظهر لنا مما في أيدينا من نصوص : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سبق ودعا خثعما إلى الإسلام ، أو أن هذه القبيلة البعيدة عنه هذه المسافات قد أعلنت حربها عليه ، أو اعتدت عليه أو أغارت على أطرافه ..

فما معنى : أن يأمر «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قطبة بن عامر بالإغارة عليهم.

٥ ـ إن النص المتقدم قد صرح : بأن قطبة بن عامر حين شن الغارة على خثعم اقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل قطبة منهم من قتل. وساق النعم والشاء والنساء إلى المدينة ..

وسؤالنا هو :

إن المفروض هو : أن الجراح قد كثرت في الفريقين ، فما معنى ادّعاء : أن قطبة قد قتل من قتل منهم ـ بل لقد قال الواقدي : حتى أتى قطبة على أهل الحاضر ـ ومعنى هذا : أنه استأصلهم عن بكرة أبيهم ، فهل تفرّد قطبة بقتل

٣٢٠