الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-198-X
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧٢

الفصل السابع :

علي عليه‌السلام في اليمن

٢٠١
٢٠٢

سرية خالد وعلي عليه‌السلام ، وإسلام همدان :

عن البراء بن عازب قال : بعث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام. قال البراء : فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد ، فأقمنا ستة أشهر ندعوهم إلى الإسلام ، فلم يجبيوا.

ثم إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعث علي بن أبي طالب مكان خالد وأمره أن يقفل خالدا ، وقال : «مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب ، ومن شاء فليقبل».

قال البراء : فكنت فيمن عقب مع علي ، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا ، فصلى بنا علي ، ثم صفنا صفا واحدا ، ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأسلمت همدان جميعا.

فكتب علي إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بإسلامهم.

فلما قرأ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الكتاب خر ساجدا ، ثم رفع رأسه وقال : «السلام على همدان» ، مرتين.

زاد في نصر آخر أنه قال أيضا : نعم الحي همدان ما أسرعها إلى النصر!

٢٠٣

وأصبرها على الجهد! فيهم أبدال ، وفيهم أوتاد (١).

وعند البخاري عن البراء قال : «فغنمت أواق ذوات عدد» (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٣٥ و ٤٢٧ عن البيهقي في السنن بإسناد صحيح ، والدلائل ، والمعرفة ، وعن البخاري مختصرا ، وقال في الهامش : أخرجه البيهقي في السنن ج ٢ ص ٣٦٦ و ٣٦٩ وفي الدلائل ج ٥ ص ٣٦٩ والبخاري ج ٧ ص ٦٦٣ (٤٣٤٩) وراجع : المواهب اللدنية للزرقاني ج ٥ ص ١٧٦ و ١٧٧.

وأشار في مكاتيب الرسول ج ٣ ص ٣٨٧ إلى المصادر التالبة أيضا : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٥٩ والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج ٣ ص ٣١ والكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٢ ص ٣٠٠ وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج ٣ ص ١٣١ و ١٣٢ وأنساب الأشراف للبلاذري ج ١ ص ٣٨٤ وعن فتح الباري ج ٨ ص ٥٣ وينابيع المودة ص ٢١٩ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ص ٨٣٣ و (في ط أخرى) ج ٢ ق ٢ ص ٥٥ والبحار ج ٢١ ص ٣٦٠ و ٣٦٣ عن إعلام الورى ، وغيره ، وج ٣٨ ص ٧١ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ١٢٩ والإرشاد للمفيد «رحمه‌الله» ص ٢٨ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٠٥ وزاد المعاد ج ٣ ص ٣٦ ومجموعة الوثائق السياسية ص ١٣٢ / ٨٠ عن إمتاع الأسماع للمقريزي ج ١ ص ٥٠٤ و ٥٠٩ و ٥١٠ ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٩٥ والعدد القوية ص ٢٥١ والتنبيه والإشراف ص ٢٣٨ وذخائر العقبى ص ١٠٩ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٥ وملحقات إحقاق الحق ج ١٨ ص ٦٤ وج ٢١ ص ٦٢٠ عن : الجامع بين الصحيحين ص ٧٣١ ونثر الدر المكنون ص ٤٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٢٠١ من طرق كثيرة ، والتدوين للقزويني ج ٢ ص ٤٢٩ وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ٣٤.

(٢) صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١١٠ وراجع : عمدة القاري ج ١٨ ص ٦.

٢٠٤

بغضهم عليا عليه‌السلام :

وعن البراء قال : بعث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى اليمن جيشين ، وأمّر عليا على أحدهما. وعلى الآخر خالد بن الوليد. وقال : «إذا كان قتال فعلي رضي الله تعالى عنه الأمير».

قال : فافتتح علي حصنا ، فغنمت أواقي ذوات عدد ، وأخذ علي منه جارية.

قال : فكتب معي خالد إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ـ الذي في جامع الترمذي «يشي به».

قال الترمذي : يعني النميمة ـ يخبره.

قال : فلما قدمت على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وقرأ الكتاب رأيته يتغير لونه ، فقال : «ما ترى في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله تعالى ورسوله»؟

فقلت : أعوذ بالله من غضب الله تعالى وغضب رسوله ، إنما أنا رسول.

فسكت (١).

وعن بريدة بن الحصيب قال : «أصبنا سبيا ، فكتب خالد إلى رسول الله

__________________

(١) سبل الهدى ج ٦ ص ٢٣٥ عن الترمذي ، وقال في هامشه : أخرجه الترمذي ج ٤ ص ١٨٠. وراجع : نهج السعادة للمحمودي ج ٥ ص ٢٨٥ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ١٩٦ والبحار ج ٣٩ ص ١١ ومناقب أهل البيت «عليهم‌السلام» للشيرواني ص ١٤٢ وسنن الترمذي ج ٣ ص ١٢٤ وينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ج ١ ص ١٦٩.

٢٠٥

«صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «ابعث إلينا من بخمسه». وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي.

فبعث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عليا إلى خالد ليقبض منه الخمس ، وفي رواية : ليقسم الفيء ، فقبض منه ، فخمس وقسم ، واصطفى علي سبية ، فأصبح وقد اغتسل ليلا.

وكنت أبغض عليا بغضا لم أبغضه أحدا ، وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا لبغضه عليا.

فقلت لخالد : ألا ترى إلى هذا؟

وفي رواية : فقلت : يا أبا الحسن ، ما هذا؟

قال : ألم تر إلى الوصيفة ، فإنها صارت في الخمس ، ثم صارت في آل محمد ، ثم في آل علي ، فوقعت بها.

فلما قدمنا على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذكرت له ذلك (١).

__________________

(١) سبل الهدى ج ٦ ص ٢٣٥ و ٢٣٦ عن أحمد ، والبخاري ، والنسائي ، والإسماعيلي ، وفي هامشه قال : أخرجه البخاري في كتاب النكاح (٥٢١٠). وراجع : فتح الباري ج ٨ ص ٥٢ ونيل الأوطار ج ٧ ص ١١٠ والعمدة لابن البطريق ص ٢٧٥ ونهج السعادة ج ٥ ص ٢٨٤ ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٥١ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٢٧ وخصائص أمير المؤمنين «عليه‌السلام» للنسائي ص ١٠٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ١٩٦ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٢٠ وج ٧ ص ٣٨٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٢٠٢ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ للريشهري ج ١١ ص ٢٦٠ وشرح إحقاق الحق ج ٢١ ص ٦٣٠ وج ٢٣ ص ٥ و ٢٧٤ و ٢٧٦ وج ٣٠ ص ٢٧٢.

٢٠٦

وفي رواية : فكتب خالد إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقلت : ابعثني ، فبعثني ، فجعل يقرأ الكتاب وأقول : صدق ، فإذا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد احمر وجهه ، فقال : «من كنت وليه فعلي وليه».

ثم قال : «يا بريدة أتبغض عليا»؟

فقلت : نعم.

قال : «لا تبغضه ، فإن له الخمس أكثر من ذلك» (١).

وفي رواية : «والذي نفسي بيده لنصيب علي في الخمس أفضل من وصيفة ، وإن كنت تحبه فازدد له حبا» (٢).

__________________

(١) سبل الهدى ج ٦ ص ٢٣٦ وراجع : نيل الأوطار ج ٧ ص ١١٠ والعمدة لابن البطريق ص ٢٧٥ ونهج السعادة ج ٥ ص ٢٨٣ ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٥٩ وصحيح البخاري (ط دار المعرفة) ج ٥ ص ١١٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٣٤٢ وفتح الباري ج ٨ ص ٥٣ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٦ وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ١٤٥ وخصائص أمير المؤمنين «عليه‌السلام» للنسائي ص ١٠٢ ومعرفة السنن والآثار ج ٥ ص ١٥٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ١٩٤ و ١٩٥ وأسد الغابة ج ١ ص ١٧٦ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٦٠ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٣٨٠ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي «عليه‌السلام» لابن الدمشقي ج ١ ص ٨٨ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٨٦ وج ١٦ ص ٤٥٣ ج ٢١ ص ٥٣٢ وج ٢٣ ص ٢٧٥ و ٢٧٦ و ٢٧٧ و ٢٧٨ وج ٣٠ ص ٢٧٨.

(٢) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٣٦ ونيل الأوطار ج ٧ ص ١١١ والعمدة لابن البطريق ص ٢٧٥ والبحار ج ٣٩ ص ٢٧٧ ونهج السعادة ج ٥ ص ٢٨٥ ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٥١ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٢٧ وفتح الباري ج ٨ ص ٥٣ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٧ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ١٣٦ ـ

٢٠٧

وفي رواية : «لا تقع في علي ، فإنه مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي» (١).

قال بريدة : فما كان في الناس أحد أحب إلي من علي.

وعن بريدة : بعث «صلى‌الله‌عليه‌وآله» علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» ، وخالد بن الوليد كل واحد منهما وحده ، وجمعهما ، فقال : إن اجتمعتما فعليكم علي.

__________________

وخصائص أمير المؤمنين «عليه‌السلام» للنسائي ص ١٠٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ١٩٦ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٢١ وج ٧ ص ٣٨١ وكشف الغمة ج ١ ص ٢٩٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٢٠٢ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي «عليه‌السلام» لابن الدمشقي ج ١ ص ٨٧ وشرح إحقاق الحق ج ٦ ص ٨٥ وج ١٦ ص ٤٥١ ج ٢١ ص ٦٣٠ وج ٢٣ ص ٦ و ٢٧٥ و ٢٧٦ وج ٣٠ ص ٢٧٢.

(١) سبل الهدى ج ١١ ص ٢٩٧ وج ٦ ص ٢٣٦ وقال في هامشه : أخرجه أحمد في المسند ج ٥ ص ٣٥٦ ، وذكره الهيثمي في المجمع ج ٩ ص ١٢٨ ، والمتقي الهندي في الكنز (٤٢٩٤٢). وراجع : ذخائر العقبى ص ٦٨ والبحار ج ٣٧ ص ٢٢٠ وج ٣٨ ص ٣٢٦ والنص والإجتهاد للسيد شرف الدين ص ٥٦٠ وفتح الباري ج ٨ ص ٥٣ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٧ وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ١٤٦ و ١٤٧ وكنز العمال ج ١١ ص ٦٠٨ وفيض القدير ج ٤ ص ٤٧١ وطبقات المحدثين بأصبهان ج ٣ ص ٣٨٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ١٩٠ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٣٨٠ وكشف الغمة ج ١ ص ٢٩٤ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي «عليه‌السلام» لابن الدمشقي ج ١ ص ٨٧ وينابيع المودة ج ٢ ص ١٥٩ وشرح إحقاق الحق ج ٥ ص ٢٨٨ و ٢٩٠ و ٢٩٢ وج ١٥ ص ١٠٣ و ١٠٦ و ١٠٧ وج ٢٠ ص ٥٢٧ وج ٢٣ ص ٥٤٤.

٢٠٨

قال : فأخذ يمينا ويسارا ، فدخل علي ، وأبعد وأصاب سبيا ، وأخذ جارية من السبي ، قال بريدة : وكنت من أشد الناس بغضا لعلي.

قال : فأتى رجل خالد بن الوليد فذكر أنه أخذ جارية من الخمس ، فقال : ما هذا؟

ثم جاء آخر ، ثم تتابعت الأخبار على ذلك ، فدعاني خالد ، فقال : يا بريدة قد عرفت الذي صنع ، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

فكتب إليه ، فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأخذ الكتاب بشماله ، وكان كما قال الله عزوجل : لا يقرأ ولا يكتب ، وكنت إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي ، فطأطأت رأسي ، فرأيت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» غضب غضبا لم أره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير.

فنظر إليّ ، فقال : يا بريدة أحبّ عليا ، فإنما يفعل ما أمر به ، فقمت وما من الناس أحد أحب إليّ منه (١).

__________________

(١) مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٢٨ عن الطبراني في الأوسط.

وراجع روايات بريدة على اختلافها في المصادر التالية : شرح الأخبار ج ١ ص ٩٤ والعمدة لابن البطريق ص ١٩٨ والطرائف للسيد ابن طاووس ص ٦٦ وذخائر العقبى ص ٦٨ والصراط المستقيم ج ٢ ص ٥٩ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ١١١ والبحار ج ٣٧ ص ٢٢٠ وج ٣٨ ص ٣٢٦ وكتاب الأربعين للماحوزي ص ٣٢ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٩ ص ٣٠٦ و ٣٠٧ والمراجعات للسيد شرف الدين ص ٢٢٣ والنص والإجتهاد للسيد شرف الدين ص ٣٣٩ و ٥٦٠ والغدير

٢٠٩

عن بريدة : أنه لما استلم علي «عليه‌السلام» الغنائم من خالد بن الوليد في غزوتهم لبني زبيد ، حصلت جارية من أفضل السبي في الخمس ، ثم

__________________

ـ ج ٣ ص ٢٤٤ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٥٦٤ ونهج السعادة ج ٥ ص ٢٧٧ و ٢٧٨ ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٥٦ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٢٨ وفتح الباري ج ٨ ص ٥٣ وعمدة القاري ج ١٦ ص ٢١٤ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٧ وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ١٤٦ و ١٤٧ وكنز العمال ج ١١ ص ٦٠٨ وفيض القدير ج ٤ ص ٤٧١ وطبقات المحدثين بأصبهان ج ٣ ص ٣٨٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ١٨٩ و ١٩٠ ومناقب علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» لابن مردويه الأصفهاني ص ١١٩ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٠٤ وج ٧ ص ٣٤٢ و ٣٤٤ و ٣٨٠ وكشف الغمة للشعراني ج ٢ ص ١١٤ وكشف الغمة للأربلي ج ١ ص ٢٩٤ ومجمع الفوائد ج ٢ ص ٦٨ والمنهل العذب المورود ج ١ ص ١١٤ ومشكل الآثار ج ٤ ص ١٦٠ ونهج الإيمان لابن جبر ص ٤٨٣ و ٤٨٣ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي «عليه‌السلام» لابن الدمشقي ج ١ ص ٨٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٣٨ وينابيع المودة ج ٢ ص ١٥٩ والشافي في الإمامة للشريف المرتضى ج ٣ ص ٢٤٣ وغاية المرام للسيد هاشم البحراني ج ٥ ص ٢٦ ونظرة في كتاب البداية والنهاية للشيخ الأمينيي ص ٩٣ وشرح إحقاق الحق للمرعشي ج ٥ ص ٢٨٨ و ٢٩٠ و ٢٩١ و ٢٩٢ وج ١٥ ص ١٠٣ و ١٠٦ و ١٠٧ وج ١٦ ص ١٥٧ وج ٢٠ ص ٥٢٧ وج ٢١ ص ٢٣ و ١٤٤ وج ٢٢ ص ٥٨٢ وج ٢٣ ص ١٦١ و ٥٤٤ وج ٣٠ ص ٤١٥ والفضائل لأحمد بن حنبل ج ٢ ص ٣٥١ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٣٤٢ وخصائص أمير المؤمنين علي «عليها‌السلام» للنسائي (ط التقدم بمصر) ص ٢٥ وتيسير الوصول ج ٢ ص ١٣٢ ومناقب علي «عليها‌السلام» للعيني الحيدرآبادي ص ٤٨ وإزالة الخفاء ج ٢ ص ٤٤٩ وقرة العين في تفضيل الشيخين ص ١٦٩ والتاج الجامع للأصول ج ٣ ص ٢٩٨.

٢١٠

صارت في سهم آل علي ، فخرج عليهم علي «عليه‌السلام» ورأسه يقطر ، فسألوه ؛ فأخبرهم : أنه وقع بالوصيفة التي صارت في سهم آل علي.

فقدم بريدة في كتاب من خالد على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وصار يقرؤه عليه بريدة ويصدق (أي بريدة) ما فيه ، فأمسك «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بيده ، وقال : يا بريدة أتبغض عليا؟

قال : نعم.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لا تبغضه ، وإن كنت تحبه فازدد له حبا ، فو الذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة.

وفي نص آخر : فتكلم بريدة في علي عند الرسول ، فوقع فيه ، فلما فرغ رفع رأسه ، فرأى رسول الله غضب غضبا لم يره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير ، وقال : يا بريدة ، أحب عليا ، فإنه يفعل ما آمره. وكذا روي عن غير بريدة (١).

__________________

(١) راجع : مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٢٨ عن الطبراني ، وخصائص النسائي ص ١٠٢ و ١٠٣ ، ومشكل الآثار ج ٤ ص ١٦٠ ، ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٥٩ و ٣٥٠ و ٣٥١ ، وسنن البيهقي ج ٦ ص ٣٤٢ وقال : رواه البخاري في الصحيح ، وحلية الأولياء ج ٦ ص ٢٩٤ ، وسنن الترمذي ج ٥ ص ٦٣٢ و ٦٣٩ ، وكنز العمال ج ١٥ ص ١٢٤ و ١٢٥ و ١٢٦ ـ ٢٧١ ، ومناقب الخوارزمي الحنفي ص ٩٢ ، ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١١٠ و ١١١ على شرط مسلم ، وتلخيص المستدرك للذهبي بهامشه وسكت عنه ، والبداية والنهاية ج ٧ ص ٣٤٤ و ٣٤٥ عن أحمد والترمذي ، وأبي يعلى وغيره بنصوص مختلفة. والغدير ج ٣ ص ٢١٦ عن بعض من تقدم ، وعن كنز العمال ج ٦ ص ١٥٢ و ١٥٤ و ٣٠٠ ، وعن نزل الأبرار ـ

٢١١

وفي الرواية التي عند المفيد رضوان الله عليه : «فسار بريدة ، حتى انتهى إلى باب النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فلقيه عمر ، فسأله عن حال غزوتهم ، وعن الذي أقدمه ؛ فأخبره : أنه إنما جاء ليقع في علي ، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه ، فقال له عمر : امض لما جئت له ؛ فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي» (١).

قال الصالحي الشامي :

تنبيهات :

الأول : قال ابن إسحاق وغيره : غزوة علي بن أبي طالب إلى اليمن مرتين ، قال في العيون : ويشبه أن تكون هذه السرية الأولى ، وما ذكره ابن سعد هي السرية الثانية كما سيأتي.

الثاني : قال الحافظ : كان بعث علي بعد رجوعهم من الطائف ، وقسمة الغنائم بالجعرانة.

الثالث : قال الحافظ أبو ذر الهروي : إنما أبغض بريدة عليا ، لأنه رآه أخذ من المغنم ، فظن أنه غلّ.

فلما أعلمه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أنه أخذ أقل من حقه أحبه.

قال الحافظ : وهو تأويل حسن ، لكن يبعده صدر الحديث الذي رواه

__________________

ـ للبدخشي ص ٢٢ ، والرياض النضرة ج ٣ ص ١٢٩ و ١٣٠ ، وعن مصابيح السنة للبغوي ج ٢ ص ٢٥٧. والبحر الزخار ج ٦ ص ٤٣٥ ، وجواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار للصعدي (مطبوع بهامش المصدر السابق) نفس الجلد والصفحة ، عن البخاري والترمذي.

(١) إرشاد المفيد ص ٩٣ ، وقاموس الرجال ج ٢ ص ١٧٣ عنه.

٢١٢

أحمد ، فلعل سبب البغض كان لمعنى آخر وزال ، ونهى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن بغضه.

الرابع : استشكل وقوع علي رضي الله تعالى عنه على الجارية.

وأجيب : باحتمال أنها كانت غير بالغ ، ورأى أن مثلها لا يستبرأ ، كما صار إليه غيره من الصحابة.

أو أنها كانت حاضت عقب صيرورتها له ، ثم طهرت بعد يوم وليلة ، ثم وقع عليها.

أو كانت عذراء.

الخامس : استشكل أيضا قسمته لنفسه.

وأجيب : بأن القسمة في مثل ذلك جائزة ممن هو شريكه فيما يقسمه ، كالإمام إذا قسم بين الرعية وهو منهم ، فكذلك ممن نصبه الإمام ، فإنه مقامه (١).

ثلاث سرايا أم سرية واحدة؟! :

قد ذكر بعض كتّاب السيرة النصوص المتقدمة في موضع واحد ، وتحت عنوان واحد .. وقد تابعناه في ذلك مع بعض الإضافات التي رأيناها مفيدة ، وسديدة ..

فكان هذا البعض قد فهم أنها تتحدث عن أحداث سفرة واحدة وهي في سفرة علي «عليه‌السلام» وخالد إلى اليمن ..

__________________

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٣٦.

٢١٣

وربما يكون ذلك صحيحا بالنسبة لخالد ، فإنه هو الذي بقي ستة أشهر في اليمن دفعة واحدة ، أما علي «عليه‌السلام» فربما يكون قد سافر أكثر من مرة ، تارة لأجل بني زبيد كما ذكره في الإشارة ، أو لمعالجة أمور خالد ، أو لغير ذلك ..

ويمكننا أن نعرض فهمنا لما جرى كما يلي :

كان خالد قد سار إلى اليمن ، ليدعو أهلها إلى الإسلام ، ولعله قد خاض حربا مع بعض الفئات ، فأصاب منهم سبيا ، فطلب من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يرسل إليه من يقبضه منه ، فأرسل عليا «عليه‌السلام» ، فاصطفى علي «عليه‌السلام» جاريته من السبي ، فأرسل خالد بريدة إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليشتكيه .. حسبما تقدم .. أو أنه «عليه‌السلام» اصطفاها بعد أن أوغل في داخل البلاد وأبعد ، وافتتح في طريقه حصنا ، وأصاب سبيا ، وانضم السبي بعضه إلى بعض ، فاصطفى «عليه‌السلام» من مجموع السبي تلك الجارية ، فشكاه بريدة إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأجابه بما تقدم.

ولعل عليا «عليه‌السلام» قد عاد إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على الظاهر ، وبقي خالد في بلاد اليمن ، لكي يسعى لأسلمة أهلها ، فلم يفلح. ولعله قد أساء إلى أولئك الناس ، فلم يستجيبوا له ـ كما سنرى ـ وبعد ستة أشهر أرسل «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عليا «عليه‌السلام» إليه ، ليقفله ، ويمضي هو إلى اليمن ليدعو أهلها ، ففعل ذلك ، فأسلمت همدان في ساعة واحدة (١).

__________________

(١) راجع : السنن الكبرى للبيهقي ج ٢ ص ٣٦٩ وفتح الباري ج ٨ ص ٥٢ وتاريخ ـ

٢١٤

قبلوا من علي عليه‌السلام ورفضوا دعوة خالد :

ثم إنه قد يثور هنا سؤال يقول :

لا شك في أن الإسلام الذي دعا إليه علي «عليه‌السلام» أهل اليمن ، هو نفس الإسلام الذي دعا إليه خالد بن الوليد ، فلما ذا لم يقبلوا من خالد ، رغم أنه بقي هو ومن معه ستة أشهر يدعونهم إلى الإسلام؟! بينما لما أرسل «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عليا أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ، فأقفل خالدا ومن معه ، ثم ذهب إليهم وصلى بأصحابه ، وقرأ عليهم كتاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أسلمت همدان كلها في ساعة واحدة؟!

فما هذه المفارقة التي ظهرت في فعل هؤلاء؟!

وقد حاول البعض أن يجيب على هذا السؤال بما يلي :

«كانت التجريدات العسكرية تقف على أهبة الاستعداد لمواجهة المقاومة التي يبديها أولئك الذين يرفضون الإستجابة للنداءات المتكررة لقبول الإسلام من قبل الدعاة. وبذلك تحمل القوة الحربية رسالة هؤلاء الدعاة السلمية.

وقد بعث خالد بن الوليد في العام العاشر إلى اليمن للقيام بهذا الواجب ، واستمر في ذلك ستة أشهر ، ولكن جهوده لم تثمر النجاح الذي

__________________

ـ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٦٩٠ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٢١ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٤١٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٢٠٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٣٥ و ٤٢٧ السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٣١٩ وشرح إحقاق الحق ج ٢١ ص ٦٢٢ و ٦٢٦.

٢١٥

كا يريده محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فعززت قوات خالد بجيش يقوده علي بن أبي طالب. وزحف في رمضان من ذلك العام.

وكان لذلك أثره الحاسم الذي برز في النتائج السريعة التي نجمت عنه ، فقد قيل : إن كل همدان أسلمت في يوم واحد» (١).

ونقول :

إن ما ذكره هذا البعض لا يمكن الموافقة عليه ، وذلك لما يلي :

أولا : إن هذا الرجل يريد أن يدّعي : أن هؤلاء الناس قد أسلموا تحت وطأة التهديد ، والجبر ، والقهر ، وأن الإسلام كان يفرض على الناس بقوة السيف .. وهذا باطل جزما ، فإنه (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) (٢) ، و (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (٣) ، و (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٤) ، وغير ذلك كثير .. والقتال الذي كان يجري ، إنما كان دفاعيا ، أو استباقيا حين يتآمر المشركون ، ويتجمعون للانقضاض على المسلمين على حين غرّة.

ثانيا : قد تقدم : أن ذهاب خالد وعلي «عليه‌السلام» إلى اليمن إنما كان سنة ثمان بعد فراغ النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من الفتح وحنين ، حيث أرسلهما حين كان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يزال بالجعرانة ، ولم يكن سنة عشر.

__________________

(١) راجع : نشأة الدولة الإسلامية ، تأليف عون شريف قاسم ص ٢٢٧ و ٢٤٠.

(٢) الآية ٢٥٦ من سورة البقرة.

(٣) الآية ٢٩ من سورة الكهف.

(٤) الآية ٩٩ من سورة يونس.

٢١٦

ولعل الأجدر الإجابة على السؤال المتقدم ، بما يلي :

أولا : الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب (١) ، وإنما أسلم خالد في السنة الثامنة ، وهي نفس السنة التي أرسله النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فيها إلى اليمن .. في حين أنه هو نفسه بقي يحارب الله ورسوله طيلة أكثر من عشرين سنة ، رغم أنه يرى المعجزات الإلهية ، ويشاهد محاسن الإسلام وهي تتجلى في سلوك المؤمنين ، وفي أقوالهم ، وأفعالهم.

ثم إنه لما رأى سطوع نجمه ، وظهوره على الدين كله وأفول نجم الشرك ، وتهاوي أركانه واحدا تلو الآخر ، وطمس أعلامه ، وسقوط دعاته في حمأة الخزي والذل والعار ، آثر أن يكون مع الكفة الراجحة والناجحة ، ليضمن له موقعا قبل فوات الأوان.

فأظهر الإسلام ولكنه بقي يحمل مفاهيم الشرك ، وعقلية الجاهلية ، ويعيش طموحاته الشخصية والفئوية والعشائرية كما أظهرته ممارساته ، وسيرة حياته.

فراجع ما فعله بمالك بن نويرة لمجرد رفضه بيعة أبي بكر ، فإنه خدعه ، ثم قتله وزنى بزوجته في نفس ليلة قتله ..

فشتان بين من يريد الإسلام ، ليكون وسيلة للوصول إلى أهدافه وتحقيق مآربه ، ونيل غاياته التي يرى أنها هي الأهم والأغلى عليه .. وبين علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» الذي يرى أن الإسلام هو الأعلى

__________________

(١) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ٢٠ ص ٢٨٧ وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ج ٢ ص ٨ وشرح اللمعة للشهيد الثاني ج ١ ص ٦٦١.

٢١٧

والأغلى ، وأن عليه أن يضحي بنفسه وماله وولده من أجله ..

فإذا دعا خالد الناس إلى الإسلام ، فإنه لن يكون الداعي الصادق ، والمخلص في دعوته ، ولن تخرج كلماته عن الإسلام من قلبه ، لتجد سبيلها إلى قلوب الآخرين ، وفقا لما قيل : «من القلب إلى القلب سبيل» (١).

ثانيا : لقد خاطب الله نبيه بقوله : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٢).

وهذا يدلنا على : أن خالدا لم يدع أهل اليمن بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، ولا جادلهم بالتي هي أحسن. ولذلك لم يستجيبوا له رغم مرور ستة أشهر على محاولاته ، كما أن الناس لم يروا محاسن الإسلام على تصرفات خالد ، ومن معه ، ولم تظهر لهم حقائقه ودقائقه ، ولا تلمسوا أهدافه ، ومراميه ..

أي أنه لم يكن داعيا إلى الله بأفعاله وسلوكه ، ليكون مصداقا لقول أهل بيت العصمة : «كونوا دعاة إلى الله بغير ألسنتكم».

بل ربما يكون قد أساء إليهم ، وحاول أن يبتزهم في أموالهم أو في أعراضهم ، أو أن يفرض عليهم الإستسلام ، والخضوع لأوامره ونواهيه ، ليكون إسلامهم مجرد لقلقة لسانية ليس وراءها إيمان ولا اعتقاد ..

أي أنه لم يزد على أن قدم لهم مجرد دعوة لسانية ، ولعلها كانت تحمل في ثناياها الكثير من التحديات ، والمنفرات لهم.

__________________

(١) راجع : تفسير الآلوسي ج ٢٣ ص ٢١٤.

(٢) الآية ١٢٥ من سورة النحل.

٢١٨

أما علي «عليه‌السلام» فقد بادر إلى إظهار عبوديته ومن معه لله تعالى ، وأظهر لهم أيضا أن الإسلام يجعل من جميع الناس ، الذين هم متفرقون عشائريا ، ومناطقيا وطبقاتيا في مجتمعاتهم ، من الناحية الإقتصادية ، والثقافية ، والعرقية وغير ذلك من عناوين أراد الله أن تكون من أسباب التكامل والتعاون فيما بين البشر ، فجعلت منها الأهواء أسبابا للتمزق ، والتفرق ، والتشتت والتفتت ـ أظهر لهم أن الإسلام يجعل منهم ـ صفا واحدا كأنهم بنيان مرصوص ، لهم قائد واحد ، وهدف واحد ، واتجاه واحد.

ثالثا : قد نجد في النصوص المتقدمة ما يشير إلى أن خالدا كان هو المشكلة والعائق ، حيث إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أمر بإرجاعه ، دون جميع من عداه .. فإنه قد خيرهم بين الرجوع معه ، والمضي مع علي «عليه‌السلام» ، وإن كنا لم نستطع أن نتبين طبيعة الإساءة التي صدرت منه ، ولا بينت لنا النصوص حقيقة ما صدر منه بالتفصيل .. فلاحظ ما سنشير إليه فيما يلي أيضا ..

إرجاع خالد دون من عداه :

وقد ذكرت النصوص المتقدمة : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمر عليا «عليه‌السلام» أن يقفل خالدا إليه ، أما من معه ، فهم بالخيار بين أن يقفلوا معه ، وأن يلحقوا بأمير المؤمنين «عليه‌السلام» ..

وهذا يثير أكثر من علامة استفهام حول خالد ، وحول طبيعة أدائه فيما يرتبط بالمهمة التي انتدبه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إليها.

وتتأكد هذه الشبهة إذا لوحظ : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يلزم أحدا

٢١٩

ممن كانوا مع خالد بالمضي ، أو بالرجوع ..

ولعل عدم الإلزام هذا يهدف إلى تحقيق فرز طبيعي ، وطوعي لمن كان يوافق على مسلكية خالد عمن كان لا يوافقه رأيه ، ولا يرضى مسلكيته. ويكون الذين يلتحقون بعلي «عليه‌السلام» هم هذا الفريق الأخير ..

غير أن النصوص المتوفرة لنا لا تخولنا تحديد طبيعة الخلل الذي ظهر من خالد ومن مؤيديه .. ونحن لا نستغرب شحة النصوص هنا ، فإن الأمر يتعلق من جهة بخالد بن الوليد سيف السلطة الذي أشهرته في وجه معارضيها ، ممن رفض البيعة لأبي بكر ..

ويرتبط بنحو أو بآخر بعلي «عليه‌السلام» ، الذي غصب حقه ، ومورست ضده مختلف اساليب القهر والتزوير ، وغير ذلك ، ولم يزل مبغّضا لكل الذين تعاقبوا على مقام الخلافة منذ وفاة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وإلى ما بعد المئات من السنين ..

فغنمت أواقي ذوات عدد :

والذي يقرأ سياق القصة ، الذي ذكرناه آنفا وفقا لما ذكره الصالحي الشامي لا يجد فيها ما يشير إلى أن المسلمين قد خاضوا حربا ، فما معنى قول البراء : فغنمت أواقي ذوات عدد ..

بل المذكور فيها هو : أن عليا «عليه‌السلام» صلى بأصحابه ، ثم قرأ الكتاب على الناس ، فأسلمت همدان .. فممّن غنم البراء تلك الأواقي ذات العدد الكثير؟ وأين جرى ذلك القتال؟ ومع من؟ ومن الذي قتل أو أسر فيه؟ ومن هم السبايا؟ وما مصيرهم؟

٢٢٠