الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٦

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-198-X
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧٢

سلول سأل ابنه عبد الله النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه ، فأعطاه ، ثم سأله أن يصلي عليه.

فلما قام رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وثب عمر ، فأخذ ثوبه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وقال : أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل كذا وكذا والقائل كذا وكذا الخ ..؟!

(أو قال : يا رسول الله ، أتصلي على ابن أبي ، وقد قال يوم كذا وكذا وكذا؟! ثم عدد عليه قوله).

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أخر عني يا عمر!

فلما أكثرت عليه قال : إني خيّرت فاخترت ، لو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها (١).

__________________

(١) راجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٠ وصحيح البخاري باب ما يكره من الصلاة على المنافقين من كتاب الجنائز ج ٢ ص ١٠٠ وج ٥ ص ٢٠٦ ، ومسند أحمد ج ١ ص ١٦ وكنز العمال ج ١ ص ٢٤٧ ح (٤٤٠٣) و (ط مؤسسة الرسالة) ج ٢ ص ٤١٨ و ٤١٩ ح (٤٣٩٢) عمن تقدم ، وعن ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه وغيرهم. وراجع : الكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٩٩ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٦٤ عن أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، والنحاس ، وابن حبان ، وابن مردويه ، وأبي نعيم في الحلية ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ ، والبيهقي في الدلائل وراجع : الميزان للطباطبائي ج ٩ ص ٣٥٣ وفتح القدير للشوكاني ج ٢ ص ٥٤٢ و ٥٤٥ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٢ ص ٣٧٩ والمحلى لابن حزم ج ١١ ص ٢٠٩ وعين العبرة في غبن العترة للسيد أحمد آل طاووس ص ٢٠ والبحار ج ٣٠ ص ٥٧٢ ومناقب أهل البيت «عليهم‌السلام» للشيرواني ص ٣٤٠ و ٣٨٥ والنص والإجتهاد للسيد شرف الدين ـ

١٠١

وفي نص آخر : ومشى معه حتى قام على قبره حتى فرغ منه ، فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، والله ورسوله أعلم ، فو الله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) (١).

وفي نص آخر للبخاري : «فلما أراد أن يصلي جذبه عمر ، فقال : أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟

فقال : أنا بين خيرتين» (٢).

__________________

ـ ص ١٨٨ وسنن الترمذي ج ٤ ص ٣٤٣ وسنن النسائي ج ٤ ص ٦٨ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ١٩٩ وفتح الباري ج ٨ ص ٢٥٣ وعمدة القاري للعيني ج ٨ ص ١٩٢ وج ١٨ ص ٢٧٣ ومنتخب مسند عبد بن حميد ص ٣٦ والسنن الكبرى للنسائي ج ١ ص ٦٣٨ وج ٦ ص ٣٥٧ وكنز العمال ج ١ ص ١٧٠ وج ٢ ص ٦ و ٤١٩ وجامع البيان للطبري ج ١٠ ص ٢٦١ وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص ١٧٣ وتفسير البغوي ج ٢ ص ٣١٧ وأحكام القرآن لابن العربي ج ٢ ص ٥٥٦ والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي ج ٣ ص ٦٧ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٢ ص ٣٩٣ وتفسير الآلوسي ج ١٠ ص ١٥٤ وتاريخ المدينة لابن شبة النميري ج ٣ ص ٨٦٤ وإمتاع الأسماع للمقريزي ج ٢ ص ٩٠ و ٢٣٢ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤.

(١) الآية ٨٤ من سورة التوبة.

(٢) راجع : صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج ٢ ص ٧٦ وراجع : سنن النسائي ج ٤ ص ٣٧ ومسند أحمد ج ٢ ص ١٨ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ١٩٩ وعمدة القاري ج ٨ ص ٥٣ والسنن الكبرى للنسائي ج ١ ص ٦٢١ وج ٦ ص ٣٥٧ وصحيح ابن حبان ج ٧ ص ٤٤٧ والإستيعاب ج ٣ ص ٩٤١ وتفسير ابن ابي ـ

١٠٢

وفي نص آخر : فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : وأين؟

فقال : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ..) (١).

فقال : فإني سأزيد على سبعين.

فأنزل الله : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ ..)

الآية .. فأرسل إلى عمر فأخبره (٢).

وفي نص آخر : لما توفي عبد الله بن أبي بن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فسأله أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه ، فأعطاه ، ثم سأله أن يصلي عليه ، فقام رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليصلي عليه ، فقام عمر ، فأخذ بثوب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فقال : يا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي على المنافقين.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : إنما خيرني الله تعالى ، وقال :

__________________

ـ حاتم ج ٦ ص ١٨٥٧ وسبب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص ١٧٣ وأحكام القرآن لابن العربي ج ٢ ص ٥٥٧ وزاد المسير ج ٣ ص ٣٢٦ وأسد الغابة ج ٣ ص ١٩٨ والوافي بالوفيات ج ١٧ ص ١٠.

(١) الآية ٨٠ من سورة التوبة.

(٢) راجع : صحيح البخاري باب الكفن في القميص (أبواب الجنائز) وراجع كتاب اللباس. وراجع : الكامل لابن الأثير (ط دار الكتاب العربي) ج ٢ ص ١٩٩ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٦٦ عن الطبراني ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، والبخاري ، ومسلم ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ ، وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٠ وراجع : الميزان (تفسير) ج ٩ ص ٣٧٧.

١٠٣

(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ..) وسأزيد على السبعين.

قال : إنه منافق.

فصلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأنزل الله تعالى : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ ..) فترك الصلاة عليهم (١).

وفي نص آخر عن عمر : «فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره» (٢).

وفي بعض الروايات : أن ابن أبي هو الذي طلب من النبي «صلى الله

__________________

(١) راجع : صحيح البخاري باب : استغفر لهم أو لا تستغفر ، ودلائل الصدق ج ٣ ق ٢ ص ٦٥ عن الجمع بين الصحيحين ، والدر المنثور ج ٣ ص ٢٦٦ عن البخاري ، ومسلم ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل وراجع : إعانة الطالبين ج ٢ ص ١٥٣ والبحار ج ٣٠ ص ٣٤٢ وفتح القدير ج ٢ ص ٣٩٠ والأحكام لابن حزم ج ٣ ص ٢٧٣ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٦٦٠ وراجع : البداية والنهاية ج ٥ ص ٤٢ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٢٣١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٦٥ ونهج الحق وكشف الصدق ص ٣٣٨ وإحقاق الحق (الأصل) ص ٢٨٤.

(٢) مسند أحمد ج ١ ص ١٦ والمحلى لابن حزم ج ١١ ص ٢٠٩ وسنن الترمذي ج ٤ ص ٣٤٢ ومنتخب مسند عبد بن حميد ص ٣٥ وكنز العمال ج ٢ ض ٤١٨ وجامع البيان للطبري ج ١٠ ص ٢٦١ وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص ١٧٣ وأحكام القرآن لابن العربي ج ٢ ص ٥٥٦ وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٣٩٣ وتاريخ المدينة لابن شبة ج ٣ ص ٨٦٣ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٧٩.

١٠٤

عليه وآله» قميصه ليكفن فيه ، وأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نفث في جلده ، ودلاه (ونزل) في قبره (١).

وربما يكون قد طلب من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذلك في حياته ، ثم أكد ولده هذا الطلب بعد وفاته ، وكذلك الحال بالنسبة لما قيل : من أن ابن أبي : أوصى أو طلب من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يكفنه وأن يصلي عليه (٢).

ونقول :

أولا : إن سياق رواياتهم المزعومة تلك يعطي : أن القرآن قد نزل بموافقة عمر ، وتخطئة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» .. ولا شك في أن هذا من ترهاتهم وأباطيلهم الجريئة ، التي تهدف إلى الحط من مقام رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من أجل رفع شأن عمر بن الخطاب ، فما أشبههم بذلك الذي يحرق البلاد والعباد من أجل أن يشعل سيجارة.

ثانيا : لقد تحدثت الروايات أن عمر يواجه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأمر ليس له واقع ، وهو : أن الله تعالى قد نهاه عن الصلاة على المنافقين ..

__________________

(١) راجع : الدر المنثور ج ٣ ص ٢٦٦ عن أبي الشيخ ، وابن ماجة ، والبزار ، وابن جرير ، وابن مردويه ، والطبراني ، والبيهقي في الدلائل ، وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٠ وتفسير الميزان ج ٩ ص ٣٦٥ وعمدة القاري ج ٨ ص ٥٦ وتخريج الأحاديث والآثار ج ٢ ص ٩٣ وجامع البيان ج ١٠ ص ٢٦٢.

(٢) راجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٠ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٦٦ عن أبي الشيخ ، وابن ماجة ، والبزار ، وابن جرير ، وابن مردويه ، والطبراني ، والبيهقي في الدلائل.

وراجع : تفسير السمرقندي ج ٢ ص ٧٩.

١٠٥

وقد رد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذلك : بأن الله تعالى لم ينهه ، وإنما خيّر بين أمرين ..

بل تقدم : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سأل عمر ، فقال : أين؟

فلما قرأ آية الإستغفار لهم بيّن له رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أن الآية لا تدل على ذلك.

ونحن لا يمكن أن نقبل بأن يكون النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أخطأ في فهم الخطاب الإلهي ، ففسره بغير معناه ..

والصحيح هو : أن الذي أخطأ في فهم الخطاب الإلهي ، هو عمر بن الخطاب نفسه .. وأخطأ خطأ آخر يمس جوهر العقيدة ، حين نسب إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الخطأ في فهم وحي الله تبارك وتعالى ، أو حين واجهه باتهامه بأنه يخالف أمر الله تعالى له بعدم الصلاة على المنافقين.

ثالثا : إن الأخطر من ذلك كله .. أنه لم يقبل من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، بل أصر على منعه ، وأخذ بثوبه ، وقام في صدره يصده عما يريد فعله.

بل إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمره بأن يؤخر عنه ، فلم يفعل ، بل أصرّ وأصرّ حتى أكثر عليه ، حتى أخبره بأن الله تعالى قد خيره ..

فلما ذا لا يمتثل أمر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ويصرّ على فرض رأيه عليه؟!

أم أنه يرى أن الله تعالى قد أخطأ حين خيّر نبيه ، وأن عليه سبحانه وتعالى أن يبدل أمره هذا ليوافق رأي عمر؟!

ولما ذا يقدم بين يدي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، والله تعالى يقول :

١٠٦

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (١).

فهل كان يرى نفسه أعلم من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أو أن رأيه أصوب من رأيه؟!

أم أنه يرى أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يفعل المنكر ، ويريد أن ينهاه عنه؟!

رابعا : إن قوله تعالى : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ..) لا يقصد به النهي عن الإستغفار ، بل المقصود هو : بيان أن هذا الإستغفار لا ينفع المنافقين ، ولا يوجب المغفرة لهم من الله في الآخرة.

ولكن ذلك لا يعني أن لا تكون له فوائد ومنافع أخرى ، كما سنشير إليه عن قريب.

خامسا : إن النهي عن الصلاة على المنافقين إنما نزل بعد قصة الصلاة على ابن أبي بالإجماع (٢).

فكيف يتهم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأنه منهي عن الصلاة عليهم.

سادسا : فإنهم يقولون : إنه قد كانت لابن أبي يد عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٣). وأحب أن يكافئه عليها.

وقد تقدم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يطلب من الله أن لا يكون

__________________

(١) الآية ٢ من سورة الحجرات.

(٢) النص والإجتهاد ص ١٨٨.

(٣) صحيح البخاري (ط دار المعرفة) ج ٤ ص ١٩ وعمدة القاري ج ٨ ص ١٦٥ وج ١٤ ص ٢٥٧ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٣٩٧ وتخريج الأحاديث والآثار ج ٢ ص ٩٤ وتفسير البغوي ج ٢ ص ٣١٧ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٠ عن ابن عيينة.

١٠٧

لكافر ولا لمشرك عليه يد يستحق عليها الشكر والمكافأة ، فلو كان منافقا لكان مشركا ، فكيف تكون له يد عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

عمر يندم على ما صدر منه :

وقد روي عن الشعبي : أن عمر كان بعد ذلك يقول : أصبت في الإسلام هفوة ما أصبت مثلها قط. أراد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يصلي على عبد الله بن أبي ، فأخذت بثوبه ، فقلت له : والله ، ما أمرك الله بهذا ، لقد قال الله لك : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ..).

قال : «فقال رسول الله : خيرني ربي ، فقال : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ..) ..» (١).

واللافت هنا : أن الأمر لا يقتصر على ابن أبي إذ إن الروايات تتحدث عن اعتراضات أخرى على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في صلاته على آخرين من الصحابة أيضا ، فراجع .. (٢).

لما ذا يصلي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على ابن أبي؟! :

وقد ذكرنا فيما سبق : أنه يبدو أن ثمة تضخيما لشأن ابن أبي في موضوع

__________________

(١) النص والإجتهاد ص ١٨٩ عن كنز العمال برقم (٤٤٠٤) عن ابن أبي حاتم ، ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ، وراجع : الدر المنثور ج ٣ ص ٢٦٤ وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج ٢ ص ٤١٩ وتفسير الميزان ج ٩ ص ٣٥٥ و ٣٦٥ وتفسير ابن أبي حاتم ج ٦ ص ١٨٥٣.

(٢) راجع : الإصابة ج ٤ ص ١٣٤ و ١٨٥.

١٠٨

النفاق ، حتى لقد اعتبروه رأس المنافقين في المدينة ، لكي يهونوا بذلك من شأن نفاق غيره.

والذي يظهر لنا من هذه الواقعة : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان يريد بصلاته هذه تحقيق عدة أمور ، نذكر منها :

١ ـ أن يكرم عبد الله بن عبد الله بن أبي «رحمه‌الله» ، ويدفع عنه أذى بعض الناس ، الذين كان يروق لهم إذلال أهل الإيمان ، بذكر آبائهم بما يراه الناس من أسباب التنقص للأبناء.

٢ ـ روي : «أنهم ذكروا القميص ، فقال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : وما يغني عنه قميصي وصلاتي؟ والله ، إني لأرجو أن يسلم به أكثر من ألف من الخزرج الخ ..» (١).

وهذا النص يشير إلى : أن الخزرج لم يكونوا كلهم قد دخلوا في الإسلام إلى ذلك الوقت.

٣ ـ إن المروي بسند صحيح عن الحلبي ، عن أبي عبد الله «عليه‌السلام» : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دعا عليه ، ولم يدع له (٢).

__________________

(١) الدر المنثور ج ٣ ص ٢٦٦ عن أبي الشيخ ، وراجع : فتح الباري ج ٨ ص ٢٥٤ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٢٧٣ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٣٩٨ وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج ٢ ص ٩٣ وجامع البيان ج ١٠ ص ٢٦٢ وتفسير الثعلبي ج ٥ ص ٧٩ وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص ١٧٤ وتفسير البغوي ج ٢ ص ٣١٧ وتفسير الآلوسي ج ١٠ ص ١٥٤ وزاد المسير ج ٣ ص ٣٢٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٠ و ١٤١.

(٢) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج ٢ ص ٧٧٠ و (ط مؤسسة آل البيت) ج ٣ ص ٧١ ـ

١٠٩

ولعلك تقول : إن الدعاء عليه لا ينسجم مع ما ذكر آنفا من أن الغرض هو تكريم ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي ..

ولا مع منع ألسنة السوء من أن تؤذي ابنه.

ولا مع ترغيب الخزرج بالإسلام ، حتى إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ليرجو أن يسلم بسبب إلباسه قميصه أكثر من ألف منهم!!

والجواب : إن الدعاء لا يجب أن يكون بصورة معلنة وظاهرة ، بحيث يسمعه سائر الناس ، فلعله أخفت في صلاته ، أو في دعائه عليه فقط.

__________________

ـ والبحار ج ٢٢ ص ١٢٥ وجامع أحاديث الشيعة ج ٣ ص ٣٢٥ وجواهر الكلام ج ١٣ ص ٥٠ والمعتبر ج ٢ ص ٣٥١ والكافي ج ٣ ص ١٨٨ وتهذيب الأحكام ج ٣ ص ١٩٦ ومنتقى الجمان ج ١ ص ٢٧٦.

١١٠

الفصل الرابع :

من سرايا السنة الثامنة

١١١
١١٢

بداية ضرورية جدا :

قد نبهنا أكثر من مرة ، ونعود على تأكيد التنبيه على أن السرايا التي كان يرسلها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في مختلف الإتجاهات لم تكن سرايا غازية ، تهدف إلى قتل الناس وقهرهم ، وتقويض أمنهم ، أو سلب حريتهم ، وسبي ذراريهم ونسائهم ، والإستئثار بأموالهم والإستيلاء على ديارهم ..

لأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان قبل كل شيء نبيا رسولا ، ومن أهم واجبات الأنبياء والرسل ، هو : إبلاغ الناس بأمر نبوتهم ، وإيقافهم على حقيقة دعوتهم ، وإقامة الحجة عليهم ، فإذا حالت فئة ظالمة بينهم وبين هذا الأمر ، فلا بد من ردعها عن ظلمها وبغيها هذا ، فإذا لجأت إلى العنف والقتال ، ولم يكن بد من التصدي ورد التحدي ، فلا بد من إسقاط مقاومتها ، إذا توفرت القدرة على ذلك.

وهذا بالذات هو ما كان يجري مع سرايا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقد كانت في أكثرها سرايا دعوة ، لا سرايا حرب وقتال ، وكان باقيها عمليات وقائية ، تهدف إلى صد عدوان قد أعد الآخرون له العدة ، وجمعوا الجموع للقيام به ..

وهذا حق مشروع ؛ إذ لا مجال للإنتظار والتراخي حتى يورد العدو ضربته ، ويرتكب جريمته ، ويحقق أهدافه ، فإن هذا سوء في الرأي ، وعجز

١١٣

في التدبير ، وفشل في السياسة ، وتفريط في الأمانة ، يصل إلى حد الخيانة ..

وقد صرحت النصوص في الموارد المختلفة : بأن السرية الفلانية كانت سرية بلاغ ودعوة ، وسنجد في هذا الفصل بعضا من هذه التصريحات أيضا .. فإلى ما يلي من أحداث ومطالب.

سرية الطفيل إلى ذي الكفين :

قال ابن سعد : قالوا : لما أراد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» المسير إلى الطائف ، بعث الطفيل بن عمرو إلى ذي الكفين ، صنم من خشب ، كان لعمرو بن حممة الدّوسي ، ليهدمه.

وأمره أن يستمد قومه ، ويوافيه بالطائف.

فخرج سريعا إلى قرية ، فهدم ذا الكفين ، وجعل يحش النار في وجهه ويحرقه ، ويقول :

يا ذا الكفين لست من عبّادكا

ميلادنا أقدم من ميلادكا

إني حشوت النار في فؤادكا

وانحدر معه من قومه أربعمائة سراعا ، فوافوا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالطائف ، بعد مقدمه بأربعة أيام ، وقدم بدبابة ومنجنيق.

وقال : «يا معشر الأزد من يحمل رايتكم»؟

فقال الطفيل : من كان يحملها في الجاهلية ، النعمان بن الرازية اللهبي.

قال : «أصبتم» (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١٠ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٠ وتاريخ الخميس ـ

١١٤

وقد كان ذلك في شوال سنة ثمان (١).

ونقول :

١ ـ قد تقدم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أرسل في حنين عليا «عليه‌السلام» لهدم الأصنام ، فهدمها ، ثم وافاه في الطائف .. فلما ذا لم يهدم ذا الكفين؟

وهذا يجعلنا نشك كثيرا في صحة هذه المزاعم.

٢ ـ قولهم : إنه قدم معه أربع مائة رجل سراعا. لو فرضنا أنه صحيح ، فهو لا يعني أنهم قد أسلموا ، فقد قال مغلطاي : «وقدم معه أربعة مسلمون» (٢).

بل كلام مغلطاي هذا يدل على : أن جميع من قدم معه هو أربعة نفر فقط ، لا أربع مائة ..

٣ ـ وبعد أن أورد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ضربته بغطفان ، على يد علي أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ، وانقسمت فلو لهم إلى ثلاثة أقسام ، فإنه

__________________

ـ ج ٢ ص ١٠٩ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١١٢ ومعجم البلدان ج ٤ ص ٤٧١ و ٤٧٢ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٥٧ وراجع : تاريخ مدينة دمشق ج ٢٥ ص ١٧ وعيون الأثر لابن سيد الناس ج ٢ ص ٢٢٩ والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٢٤ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٢١ والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٢٥٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٧٥.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١٠ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٥٧ وعيون الأثر لابن سيد الناس ج ٢ ص ٢٢٩.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٩ عن المواهب اللدنية.

١١٥

«صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن بحاجة إلى المدد ، خصوصا من قوم مشركين؟! ما دام أن المشركين أصبحوا في حالة ضعف وانكسار ، ولم يتكبد المسلمون في تلك الحرب خسائر يحتاجون معها إلى طلب المدد من غيرهم ..

٤ ـ قد أظهرت حرب حنين :

أن الجيش الذي كان يزيد على عشرة الآف مقاتل لم يغن شيئا ، بل انهزم كله عن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

وأن هزيمة المشركين إنما كانت على يد رجل واحد ، وهو علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» وحده .. فلما ذا يصر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على طلب المدد من الدوسيين المشركين؟!

سرية ذات أطلاح :

وذكروا في جملة أحداث سنة ثمان : سرية كعب بن عمير إلى ذات أطلاح من الشام ، فأصيب هو وأصحابه (١).

وبما أننا قد تحدثنا عن هذه السرية في الجزء الثامن عشر من هذا الكتاب ، فإننا نحيل القارئ على ذلك الجزء ، إن أحب الإطلاع على تفاصيل ما جرى ..

بعث قيس بن سعد إلى صداء :

قال ابن إسحاق : لما رجع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من الجعرانة

__________________

(١) البحار ج ٢١ ص ١٨٤ ومستدرك سفينة البحار ج ٥ ص ٣٦ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٤٠ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٧٢ و ٢٧٣ وراجع : معجم ما استعجم للبكري الأندلسي ج ٣ ص ٨٩٣.

١١٦

سنة ثمان بعث قيس بن سعد بن عبادة إلى ناحية اليمن ، وأمره أن يطأ صداء ، فعسكر بناحية قناة في أربع مائة من المسلمين.

فقدم رجل من صداء ، فسأل عن ذلك البعث ، فأخبر به ، فجاء رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقال : «يا رسول الله ، جئتك وافدا على من ورائي فاردد الجيش ، فأنا لك بقومي».

فردهم من قناة.

وخرج الصدائي إلى قومه ، فقدم منهم بعد ذلك خمسة عشر [رجلا] فأسلموا.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «إنك مطاع في قومك يا أخا صداء».

فقال : بل الله هداهم. ثم وافاه في حجة الوداع بمائة منهم.

وهذا الرجل هو الذي أمره رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في سفر أن يؤذن ، ثم جاء بلال ليقيم ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «إن أخا صداء هذا أذّن ، ومن أذّن فهو يقيم» (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١١ عن ابن إسحاق ، وقال في هامشه : أخرجه أبو داود (٥١٤) والترمذي (١٩٩) وابن ماجة (٧١٧) وابن سعد في الطبقات ج ١ ق ٢ ص ٦٣ والطحاوي في معاني الآثار ج ١ ص ١٤٢ والبيهقي في الدلائل ج ٤ ص ١٢٧ وراجع : الإستيعاب (ط دار الجيل) ج ٢ ص ٥٣١ وأسد الغابة ج ٢ ص ٢١٣ والوافي بالوفيات ج ١٥ ص ٦ وراجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٦٣ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٩٨.

١١٧

واسم أخي صداء هذا : زياد بن الحارث (١).

وفي سياق آخر ذكروا : أنه بعد أن ضمن زياد بن الحارث للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إسلام قومه كتب إليهم كتابا ، فقدم وفدهم بإسلامهم (٢).

وذكروا أيضا عن زياد هذا : أنه قال للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» :

«وقلت : ألا تؤمرني عليهم؟

فقال : بلى.

فكتب إلى كتابا يؤمرني.

قلت : مر لي بشيء من صدقاتهم ، فكتب.

وكان في سفر له ، فنزل منزلا ، فأتاه أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم ، فقال : لا خير في الأمارة لرجل مؤمن.

ثم أتاه آخر ، فقال : اعطني.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢١١ وتحفة الأحوذي ج ١ ص ٥٠٨ وفيض القدير ج ٢ ص ٥٣٠ وراجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٧ ص ٥٠٣ والمعجم الكبير ج ٥ ص ٢٦٣ وناسخ الحديث ومنسوخه ص ٢٦٣ والمجموع للنووي ج ٣ ص ١٢١ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٢١٧.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٤٩ والخرائج والجرائح ج ٢ ص ٥١٣ والبحار ج ١٨ ص ٣٤ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٢٦ وبغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ص ١٨٧ ودلائل النبوة للأصبهاني ج ١ ص ٢٨٢ وكنز العمال ج ١٣ ص ٣٩٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٤ ص ٣٤٥ وتهذيب الكمال ج ٩ ص ٤٤٦ وفتوح مصر وأخبارها للقرشي المصري ص ٥٣٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٦١ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٩٧ وإمتاع الأسماع ج ١٠ ص ١٣٦.

١١٨

فقال : من سأل الناس عن ظهر غنى ، فصداع في الرأس ، وداء في البطن.

فدخل في نفسي من ذلك شيء ، فأتيته بالكتابين (١).

وهناك روايات أخرى ذكرت : أن (حبان بن بحّ) الصدائي قال : إن قومي كفروا ، فأخبرت أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» جهز إليهم جيشا ، فأتيته ، فقلت : إن قومي على الإسلام.

فقال : أكذلك؟

قلت : نعم.

قال فاتبعته ليلة إلى الصباح ، فأذنت بالصلاة لما أصبحت ، وأمّرني عليهم ، وأعطاني صدقتهم.

فقال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لا خير في الأمرة .. قال : إن الصدقة

__________________

(١) راجع مكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٢٦ وأشار في هامشه إلى المصادر التالية : البحار ج ١٨ ص ٣٤ و ٣٥ عن الخرائج ، والإستيعاب ج ١ ص ٥٦٧ وأوعز إليه في الإصابة ج ١ ص ٥٥٧ / ٢٨٥٠ وراجع : أسد الغابة ج ٢ ص ٢١٣ قال : وأخرجه الثلاثة ، والمطالب العالية ج ٤ ص ١١ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٦٧ و ٢٦٨ وكنز العمال ج ٧ ص ٣٨ و (في ط أخرى) ج ١٦ ص ١٢ و ١٣ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٨٣ ومجمع الزوائد ج ٥ ص ٢٠٣ و ٢٠٤ وحياة الصحابة ج ١ ص ١٨٧ و ١٨٨ عن بعض من تقدم وعن البيهقي ، وأحمد ، والطبراني ، والبداية ، والبغوي ، وابن عساكر ، ومسند أحمد ج ٤ ص ١٦٩ ومجموعة الوثائق السياسية : ٢٧٧ و (في ط أخرى) : ٣٢٦ / ٢٤٢ عن أبي عمر ، وابن الأثير ، وراجع : رسالات نبوية ص ١٩ ومعجم القبائل ج ٢ ص ٦٣٦ والمعجم الكبير للطبراني ج ٥ ص ٣٠٣.

وراجع : الخرائج والجرائح للراوندي ج ٢ ص ٥١٤.

١١٩

صداع في الرأس ، وحريق في البطن ، أو داء.

فأعطيته صحيفتي ، أو صحيفة إمرتي وصدقتي» (١).

ونقول :

١ ـ إن الإختلافات بين هذه النصوص ظاهرة بأدنى تأمل ، فلا حاجة إلى الإفاضة فيها ..

٢ ـ قد يقال : إنه لا مجال لقبول ما ذكر آنفا : من أن زيادا طلب من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يؤمره على قومه ، فأمره عليهم ..

لأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو الذي يقول جوابا على طلب مشابه لرجلين من الأشعريين : إنّا لا (لن) نستعمل على عملنا من أراده (٢) ، فكيف

__________________

(١) راجع مكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٢٧ وأشار في هامشه إلى المصادر التالية : مسند أحمد ج ٤ ص ١٦٨ و ١٦٩ والإصابة ج ١ ص ٣٠٣ / ١٥٥٥ عن البغوي ، وابن أبي شيبة ، والبارودي ، والطبراني ، وفي الإستيعاب (بهامش الاصابة) ج ١ ص ٣٦٤ : «حيان بن مج الصدائي» ثم أوعز إلى القصة ، وأسد الغابة ج ١ ص ٣٦٥ والمطالب العالية ج ٤ ص ٦ ومجموعة الوثائق السياسية : ٣٢٦ ومجمع الزوائد ج ٥ ص ١٩٩.

وراجع : والمعجم الكبير ج ٤ ص ٣٦ وكنز العمال ج ١٢ ص ٣٧٢ وأسد الغابة ج ٢ ص ٦٨ وفتوح مصر وأخبارها للقرشي المصري ص ٥٣٢.

(٢) مواهب الجليل ج ٨ ص ٨٥ وميزان الحكمة ج ٤ ص ٣٦٩٢ ومسند أحمد ج ٤ ص ٤٠٩ وصحيح البخاري ج ٣ ص ٤٨ وج ٨ ص ٥٠ وصحيح مسلم ج ٦ ص ٦ وفتح الباري ج ٤ ص ٣٦٣ وج ٨ ص ٤٩ وج ١٢ ص ٢٤٢ وج ١٣ ص ١٢٠ وعون المعبود ج ٨ ص ١٠٦ وعن السنن الكبرى للنسائي ج ١ ص ١٣ و ٦٥ ومسند أبي يعلى ج ١٣ ص ٢١٤ والمعجم الأوسط ج ١ ص ٢١٦ والمعجم ـ

١٢٠