الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ

علي موسى الكعبي

الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ

المؤلف:

علي موسى الكعبي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مركز الرسالة
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-10-2
الصفحات: ٢٠٩

ونساء الموفق وخدمه ونساء القاضي ابن أبي الشوراب (١) يتعاهدون أمرها في كلّ وقت ، ويراعون إلى أن دهمهم أمر الصفار (٢) وموت عبيد الله بن يحيى بن خاقان بغتة ، وخروجهم من سرّ من رأى ، وأمر صاحب الزنج بالبصرة وغير ذلك ، فشغلهم ذلك عنها » (٣).

الصلاة على الإمام عليه‌السلام

أشارت بعض المصادر إلى أن هناك صلاة اُخرى غير تلك التي ذكرها ابن خاقان في حديثه المتقدم ، ولعلّ تلك الصلاة كانت على المستوى الرسمي ، أما الصلاة الاُخرى التي أشارت إليها المصادر فقد قام بها جعفر بن علي أخو الإمام العسكري عليه‌السلام ، الذي اجتهد في المقام مقامه وأثار السلطة على عائلته ، ولعلّه أراد بتلك الصلاة الخاصة أن يظهر أنه الوريث الشرعي للإمام عليه‌السلام ، فيستقطب بذلك الرأي الشيعي العام ، ويحوز على ميراثه وعلى الأموال التي تحمل إليه من أطراف البلاد.

وإذا كان جعفر قد حصل ـ ولو على المستوي الرسمي ـ على إرث

__________________

(١) هو قاضي القضاة أبو محمد الحسن بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي ، ولي قضاء المعتمد ، وقد ناب في قضاء سامراء منذ سنة ٢٤٠ ه‍ ، مات بمكة سنة ٢٦١ ه‍. سير أعلام النبلاء ١٢ : ٥١٨ / ١٩٣.

(٢) هو يعقوب بن الليث الصفار ، مؤسس الدولة الصفارية منذ سنة ( ٢٤٧ ه‍ ) كانت له حرب طاحنة مع جيش الدولة العباسية في زمان المعتمد ، حينما أراد أن يستولي على بغداد ، وتوفي سنة ٢٦٥ ه‍. سير أعلام النبلاء ١٢ : ٥١٣ / ١٩١ ، أعلام الزركلي ٨ : ٢٠١.

(٣) إكمال الدين : ٤٧٤ ، دلائل الأمة : ٤٢٤ نحوه.

٢٠١

الإمام عليه‌السلام ، فإنّه فشل في الوصول إلى الأهداف المهمة التي يبتغيها ، ولعلّ تلك الصلاة الخاصة كانت عنوان الفشل.

فقد روي عن أحد خدم الإمام العسكري أنه قال في حديث طويل يصف فيه تلك الصلاة : « فلما همّ ( جعفر ) بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة ، بشعره قطط ، بأسنانه تفليج ، فجبذ (١) برداء جعفر بن علي ، وقال : تأخّر يا عم ، فأنا أحقّ بالصلاةِ على أبي ، فتأخر جعفر وقد اربدّ وجهه واصفرّ » (٢).

ولم يستطع جعفر أن يقنع الرأي العام الشيعي بإمامته حتى اضطرّ أخيراً إلى التوسل بالسلطان ورجال البلاط فنهروه وطردوه ، لأن أفعاله تنافي الإمامة ، كما أنه خالي الوفاض من العلم والدلالة ، فضلاً عن أن الشيعة يعتقدون بأن الإمامة لا تجتمع في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما‌السلام على ما ورد عن أئمتهم عليهم‌السلام الذين لقبوا جعفراً بالكذاب وتبرءوا منه ومن دعوته ، وهكذا فعل خلّص شيعتهم بعد رحيل الإمام العسكري عليه‌السلام.

وهناك حديث آخر يصف لنا صلاة الإمام المهدي عليه‌السلام على أبيه لم يرد فيه ذكر عمه جعفر ، رواه الشيخ الطوسي عن أحمد بن عبد الله الهاشمي من ولد العباس ، قال : « حضرت دار أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام بسرّ من رأى يوم توفي ، واُخرجت جنازته ووضعت ، ونحن تسعة وثلاثون رجلاً قعود ننتظر حتى خرج إلينا غلام عشاري (٣) حافٍ عليه رداء قد تقنّع به ، فلمّا أن خرج قمنا

__________________

(١) أي جذب ، على القلب.

(٢) إكمال الدين : ٤٧٥ / ٢٥ باب ٤٣.

(٣) قيل : المراد عشاري السنّ ، أي كأنّ له عشر سنين مع أنّ عمره نحو خمس

٢٠٢

هيبةً له من غير أن نعرفه ، فتقدم وقام الناس فاصطفوا خلفه فصلى ، ومشىٰ فدخل بيتاً غير الذي خرج منه » (١).

قال الشيخ محمد علي اليعقوبي يرثي الإمام العسكري عليه‌السلام ويشير إلى حضور الإمام الحجة لجنازته :

افديه مضطهداً تجرّع من بني ال‍

‍عباس صاب الظلم والعدوانِ

بأبي الذي ختمت رزايا أهله

فيق فليس لرزئه من ثانِ

بأبي الذي خفّت حلوم اولي النهى

لمصابه وبكى له الثقلانِ

وقضىٰ قصيّ الدار لم ير حوله

أحداً من الأنصار والأعوانِ

بأبي الذي حضر المغيّب عنده

سرّاً ولم تر شخصه عينانِ (٢)

فضل بقعته وزيارته

عن الحسين بن روح ، قال : « قال أبو الحسن عليه‌السلام : قبري بسرّ من رأى أمانٌ لأهل الخافقين » (٣).

وعن أبي هاشم الجعفري ، قال : « قال لي أبو محمد الحسن بن علي عليه‌السلام : قبري بسرّ من رأى أمانٌ لأهل الجانبين » (٤).

وذكر محمد بن الحسن بن الوليد رحمه‌الله هذه الزيارة للامامين العسكريين عليهما‌السلام

__________________

سنين ( ٢٥٥ ـ ٢٦٠ ) وذلك من حيث إنّه عليه‌السلام كان جسيماً إسرائيلي القدّ على ما ورد في الروايات. راجع : بحار الأنوار ٥٢ : ٥ ـ ٦ / ٤.

(١) غيبة الشيخ الطوسي : ٢٥٨ / ٢٢٦.

(٢) الذخائر : ٦٦ ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف.

(٣) المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٥٩.

(٤) التهذيب ٦ : ٩٣ ـ كتاب المزار باب ٤٣ فضل زيارة أبي الحسن وأبي محمد عليهما‌السلام.

٢٠٣

فقال : « إذا أردت قبريهما تغتسل وتتنظف ، والبس ثوبيك الطاهرين ، فإن وصلت إليها وإلا أومأت من الباب الذي على الشارع وتقول : السلام عليكما يا وليي الله ، السلام عليكما ياحجتي الله ، السلام عليكما يا نوري الله في ظلمات الأرض ، السلام عليكما يا من بدا لله فيكما ، أتيتكما عارفاً بحقكما ، معادياً لأعدائكما ، موالياً لأوليائكما ، مؤمناً بما آمنتما به ، كافراً بما كفرتما به ، محققاً لما حققتما ، مبطلاً لما أبطلتما ، أسال الله ربي وربكما أن يجعل حظي من زيارتكما الصلاة على محمد وأهل بيته ، وأن يرزقني مرافقتكما في الجنان مع آبائكما الصالحين ، وأسأله أن يعتق رقبتي من النار ، ويرزقني شفاعتكما ومصاحبتكما ، ولا يفرق بيني وبينكما ، ولا يسلبني حبكما وحب آبائكما الصالحين ، ولا يجعله آخر العهد منكما ومن زيارتكما ، وأن يحشرني معكما في الجنة برحمته.

اللهم ارزقني حبهما ، وتوفّني على ملّتهما ، والعن ظالمي آل محمد حقهم وانتقم منهم ، اللهم العن الأولين منهم والآخرين ، وضاعف عليهم العذاب الأليم إنّك على كلّ شيءٍ قدير ، اللهم عجل فرج وليك وابن نبيك ، واجعل فرجنا مع فرجهم يا أرحم الراحمين. وتجتهد أن تصلي عند قبريهما ركعتين ، وإلا دخلت بعض المساجد وصليت ودعوت بما أحببت إنّ الله قريب مجيب » (١).

وصلّى الله على الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام وعلى آبائه عليهم‌السلام وعلى ولده عليه‌السلام حجة الله في الأرض ، سائلين الله أن ينفعنا ببركته وبركة آبائه ، وأن يرزقنا شفاعتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

انتهى الكتاب بفضل الله ومنّه

__________________

(١) التهذيب ٦ : ٩٤ ـ ٩٥ / باب ٤٤ ـ زيارتهما عليهما‌السلام.

٢٠٤

المحتويات

مقدمة المركز .................................................................. ٥

مقدمة المؤلِّف ................................................................. ٧

الفصل الأول : الحياة السياسية في عصر الإمام العسكري عليه‌السلام .................. ١١

الحكام المعاصرون للإمام .................................................... ١١

أهم سمات هذا العصر ...................................................... ١٣

السمة الأولى ـ نفوذ الأتراك وضعف العباسيين ............................ ١٣

السمة الثانية ـ استئثار رجال السلطة بالأموال العامة ....................... ١٥

السمة الثالثة ـ ميل العباسيين إلى البذخ والترف واللهو ..................... ١٧

السمة الرابعة ـ تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية .................... ٢١

السمة الخامسة ـ التدهور وعدم الاستقرار ................................ ٢٣

أولاً : انتقاض أطراف الدولة ................................................ ٢٣

ثانياً : ضعف الثغور الاسلامية ............................................... ٢٥

ثالثاً : أعمال الشغب والعصيان ............................................. ٢٥

رابعاً : الثورات الشعبية والحركات المتطرفة ................................... ٢٦

الفصل الثّاني الإمام عليه‌السلام والسلطة ............................................ ٣١

أولاً : مراقبة الإمام عليه‌السلام وفرض الإقامة الجبرية عليه ........................... ٣٢

ثانياً : إيداعه عليه‌السلام السجن .................................................. ٣٦

ثالثاً : ملاحقة شيعته ومواليه ................................................ ٣٩

الاتجاه الأوّل : الدعاء على أعدائهم ....................................... ٤١

الاتجاه الثاني : إحسانه عليه‌السلام إليهم ......................................... ٤٣

الاتجاه الثالث : تحذيرهم من الفتن ........................................ ٤٤

مواقف العباسيين ........................................................... ٤٥

٢٠٥

اولاً ـ المتوكل ( ٢٣٢ ـ ٢٤٧ ه‍ ) ..................................... ٤٦

١ ـ استدعاء الإمام الهادي عليه‌السلام إلى سامراء وايذاؤه .......................... ٤٨

أسباب الاستدعاء .......................................................... ٤٩

كتاب الاستدعاء .......................................................... ٥٠

الامام العسكري يرافق أباه .................................................. ٥٢

من المدينة إلى سامراء ....................................................... ٥٥

في سامراء ................................................................. ٥٧

مداهمة دار الامام عليه‌السلام ..................................................... ٥٨

٢ ـ هدم قبر الإمام الحسين عليه‌السلام ........................................... ٦١

٣ ـ حصار آل أبي طالب وملاحقتهم ....................................... ٦٣

٤ ـ ملاحقة الشيعة وقتلهم ................................................ ٦٥

قتل إمام العربية يعقوب بن السكّيت ......................................... ٦٦

دعاء المظلوم على الظالم ..................................................... ٦٦

مقتل المتوكل .............................................................. ٦٩

ثانياً ـ المنتصر ( ٢٤٧ ـ ٢٤٨ ه‍ ) ..................................... ٧١

ثالثاً ـ المستعين ( ٢٤٨ ـ ٢٥٢ ه‍ ) .................................... ٧٣

مقتل المستعين ............................................................. ٧٤

رابعاً ـ المعتز ( ٢٥٢ ـ ٢٥٥ ه‍ ) ...................................... ٧٤

١ ـ مواقفه من الطالبيين ................................................... ٧٥

٢ ـ شهادة الإمام الهادي عليه‌السلام في زمان المعتز ................................ ٧٦

٣ ـ ما فعله المعتز بالإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ............................. ٧٧

خلع المعتز وقتله ............................................................ ٨٠

ما قاله الإمام العسكري بعد هلاك المعتز ...................................... ٨١

خامساً ـ المهتدي ( ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ه‍ ) .................................. ٨١

١ ـ مواقفه من الطالبيين ................................................... ٨٣

٢٠٦

٢ ـ سيرة المهتدي مع الإمام العسكري عليه‌السلام ................................. ٨٥

هلاك المهتدي ............................................................. ٨٧

سادساً ـ المعتمد ( ٢٥٦ ـ ٢٧٩ ه‍ ) ................................... ٨٨

١ ـ مواقفه من الطالبيين ................................................... ٨٨

٢ ـ موقفه من الإمام العسكري ............................................ ٩٠

الفصل الثّالث : الهوية الشخصية للإمام العسكري عليه‌السلام ........................ ٩٣

نسبه عليه‌السلام ................................................................ ٩٣

اُمّه رضي الله تعالى عنها .................................................... ٩٣

ولادته عليه‌السلام ............................................................... ٩٥

ألقابه عليه‌السلام ................................................................ ٩٧

كنيته عليه‌السلام ................................................................ ٩٩

حليته عليه‌السلام ................................................................ ٩٩

نقش خاتمه عليه‌السلام ......................................................... ١٠٠

بوابه عليه‌السلام ............................................................... ١٠٠

شاعره عليه‌السلام ............................................................. ١٠٠

عمره ومدة إمامته عليه‌السلام ................................................... ١٠١

زوجته عليه‌السلام ............................................................. ١٠٢

ولده عليه‌السلام ............................................................... ١٠٣

اخوته عليه‌السلام .............................................................. ١٠٤

السيد محمد .............................................................. ١٠٥

جعفر الكذاب ........................................................... ١٠٦

الفصل الرّابع : إمامته عليه‌السلام ................................................. ١١١

أولاً : نص آبائه عليه عليه‌السلام ................................................ ١١١

ثانياً : نص أبيه عليه عليه‌السلام ................................................. ١١٣

مزاعم بعض المرتابين بإمامة العسكري عليه‌السلام ................................. ١١٦

٢٠٧

موقف الإمام العسكري عليه‌السلام تجاه المدعيات الباطلة ........................... ١٢٠

الأول : الرسائل والتوقيعات التوجيهية ...................................... ١٢٠

الثاني : اظهار الدلالة ..................................................... ١٢١

الفصل الخامس منزلته عليه‌السلام ومكارم أخلاقه .................................. ١٢٥

منزلته عليه‌السلام .............................................................. ١٢٥

هيبته عليه‌السلام .............................................................. ١٣١

مكارم أخلاقه ........................................................... ١٣٢

١ ـ العلم .............................................................. ١٣٤

٢ ـ العبادة ............................................................. ١٣٦

٣ ـ الزهد ............................................................. ١٣٧

٤ ـ الكرم والسماحة .................................................... ١٣٧

الفصل السادس عطاؤه العلمي .............................................. ١٤١

المبحث الأول : دوره عليه‌السلام في ترسيخ العقائد الاسلامية ...................... ١٤٢

أولاً : كلماته في التوحيد ................................................. ١٤٢

ثانياً : كلماته في الإمامة .................................................. ١٤٥

ثالثاً : التمهيد لغيبة ولده الحجة عليه‌السلام ....................................... ١٤٧

١ ـ التمهيد العملي للغيبة ................................................ ١٤٨

٢ ـ النصّ على ولده المهدي عليه‌السلام وعرضه على أصحابه ..................... ١٥١

أ ـ رواة النص عن الإمام العسكري عليه‌السلام .................................. ١٥٦

ب ـ الذين رأوا الإمام المهدي في حياة أبيه عليه‌السلام ............................ ١٥٨

٣ ـ بيان التكليف في زمان الغيبة ......................................... ١٥٩

رابعاً : ردّ الشبهات وملاحقة الأفكار المنحرفة ............................... ١٦٢

المبحث الثاني : دوره عليه‌السلام في التصنيف والتشريع ............................ ١٧١

أولاً : الكتب والرسائل والوصيا ........................................... ١٧١

أ ـ المصنفات المنسوبة إليه عليه‌السلام ........................................... ١٧١

٢٠٨

ب ـ رسائله عليه‌السلام ووصاياه ومواعظه ...................................... ١٧٤

ثانياً : دوره عليه‌السلام في التشريع .............................................. ١٧٨

١ ـ الثقات من أصحابه عليه‌السلام ............................................ ١٨٣

٢ ـ المؤلفون من أصحابه عليه‌السلام ........................................... ١٨٤

المبحث الثالث : هداية الخلق إلى الخالق ..................................... ١٨٦

الفصل السابع شهادة الإمام العسكري عليه‌السلام ................................. ١٩١

الإمام العسكري عليه‌السلام ينعى نفسه .......................................... ١٩١

تاريخ شهادته عليه‌السلام ....................................................... ١٩٢

مقدار عمره عليه‌السلام ........................................................ ١٩٤

سبب شهادته عليه‌السلام ....................................................... ١٩٤

تصرف السلطة .......................................................... ١٩٨

الصلاة على الإمام عليه‌السلام .................................................. ٢٠١

فضل بقعته وزيارته ....................................................... ٢٠٣

المحتويات .................................................................. ٢٠٥

٢٠٩