تراثنا ـ العدد [ 5 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

أدي الى صراعات قبلية وداخلية ، ثم طائفية وعنصرية ، كما انعكست مؤثرات هذا العصر من سياسية وفكرية واجتماعية على الحركة الشعرية في العراق ، وأدى ذلك الى تقسيمه في اتجاهين متناقضين :

الأول ـ الإتجاه النزيه المحافظ الملتزم الذي يحمل مهمة التعبير عن رسالة التغيير في الواقع الاجتماعي المعاش في بغداد ، ومثل هذا الإتجاه المتنبي (١٧٠) ، والشريف الرضي ، والشريف المرتضى (١٧١) ، ومهيار الديلمي ، وأبو العلاء المعرّي (١٧٢) ، أمثالهم.

الثاني ـ الإتجاه المتحرر من القيم الاجتماعية ومعايشة جو المجون ، والتهتك والخلاعة والإرتزاق وغير ذلك ، وترى بعض المصادر : إن هذا الاتجاه «ظهر عليه التأثر الشديد بقيم العصر ومثله» (١٧٣).

وكان يمثّله عدد من الشعراء كابن سكرة (١٧٤) ، وابن الحجاج (١٧٥) ، وابن العاصب الملحي (١٧٦) ، والأحنف العكبري (١٧٧) وأمثالهم.

________________________________

(١٧٠) أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي ، أبو الطيب ، ولد عام ٣٠٣ هـ ، بالكوفة في محلة كندة ، وينسب إليها ، ونشأ بالشام وتنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وبمرور الزمن برع في الشعر حتى أصبح أحد مفاخر الأدب العربي ، قتل بالنعمانية عام ٣٥٤ هـ. اُنظر ترجمته في الأعلام للزركلي : ١ / ١٥٠ ـ ١٥١.

(١٧١) المتوفي عام : ٤٣٦ هـ ومرّت الإشارة الى ترجمته في اُسرة الرضي من هذا البحث.

(١٧٢) أحمد بن عبدالله بن سليمان ، التنوخي المعري ، أبو العلاء شاعر وفيلسوف ، ولد بمعرة النعمان عام ٣٦٣ هـ ، وتوفّي فيها عام ٤٤٩ هـ ، عمي في السنة الرابعة من عمره ، من فحول الشعراء ، ومصنف شهير. اُنظر ترجمته في الأعلام للزركلي : ١ / ١٥٠ ـ ١٥١.

(١٧٣) د. عصام عبد علي ـ مهيار الديلمي : ٣٩ / ط دار الحرية ـ بغداد ١٩٧٦ م.

(١٧٤) محمد بن عبدالله بن محمد الهاشمي ، أبوالحسن ، المعروف بابن سكرة ، من ولد علي بن المهدي العباسي ، شاعر كبير من أهل بغداد له ديوان شعر يربو على خمسين ألف بيت. اُنظر ترجمته في : اليتيمة ـ للثعالبي : ٣ / ٣ ـ ٣٠ ، والأعلام للزركلي : ٧ / ٩٩.

(١٧٥) حسين بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحجاج ، النيلي البغدادي ، أبو عبدالله شاعر فحل ومن كتاب العصر البويهي غلب عليه الهزل ، توفي عام ٣٩١ هـ في قريته بالنيل بين بغداد والكوفة ودفن ببغداد ، له ديوان شعر ، ترجمه : الثعالبي ـ يتيمة الدهر : ٣ / ٣١ ـ ١٠٤ والزركلي ـ الاعلام : ٢ / ٢٤٩.

(١٧٦) ذكره الثعالبي من شعراء بغداد يقول الشعر خفيف الروح. راجع : يتيمة الدهر : ٣ / ١٢٥.

(١٧٧) عقيل بن محمد العكبري ، أبو الحسن الملقب بالأحنف ، شاعر أديب ، من أهل عكبرا ، اشتهر ببغداد

٢٤١

ورغم هذا التناقض في الإتجاهين ، فإنهما كانا يخضعان في كثير من الأحيان الى تلك التأثيرات الكامنة في أعماق الشاعر ، وهي التي لا يمكن التخلّص منها بأي حال لارتباطها بالجانب العقائدي أو المذهبي ، فكانت من كل ذلك المحتوى : العاطفة الحزينة ، والألم الحاد ، والشكوى المرة.

وبرز هذا الطابع في شعر الرضيّ على مر لأهل البيت عليهم السّلام ، كما مثل مهيار الاُسلوب المتطرف في قصائده العقائدية.

وكذلك برز هذا الطابع على شعر ابن الحجاج الذي يهرع عند الشدة فيقول :

خمسةٌ حبهم إذا اشتدَّ حُزني

ثقتي عند خالقي وأماني

قد تيقّنت أنهم ينقلوني

من يدي مالك الى رضوان (١٧٨)

والى جانب الطابع المذهبي ، الذي يختصّ ببعضهم ، فإن الطابع السائد للجميع هو الشقاء والمعاناة ، والشكوى من مر الأيام ، ومتاعب الثورة.

فقد كان الشريف الرضي محور عصره في الناحية الثورية ، والنقمة على الحاكمين ، إنه يتفجّر ساخطاً عليهم مرة فيخاطبهم في قصيدة طويلة منها :

هيهات أغترُّ بالسلطان ثانية

قد ضلَّ ولاج أبواب السلاطين

هَبُوا اُصولكم أصلي على مضض

ماتصنعونَ بأخلاق تنافيني

كم الهوان كأني بينكم جملٌ

في كل يوم قطيعُ الذُلِّ يحدوني

...............................

توقعوها وقد شبتْ بوارقها

بعارض كصريم اللّيل مدفون (١٧٩)

وهكذا نصل الى نهاية الحديث عن الشاعر المفلق ، والعالم المبدع الشريف الرضي ، الذي خلّف للاُمة الإسلامية قمة شموخ تتجلى بتراثه الجليل ، في كلما أنتج عقله الوقّاد ، وفكره الثاقب.

والحديث عن الشريف طريق وعويص ـ كما أشرت في بداية البحث ـ وليت

________________________________

وصفه الثعالبي : بشاعر المكدين ، وظريفهم ، توفي عام ٣٨٥ هـ.

اُنظر ترجمته في : الثعالبي ـ يتيمة الدهر : ٣ / ١٢٢ ـ ١٢٤ والأعلام ـ للزركلي : ٥ / ٤١.

(١٧٨) الثعالبي ـ يتيمة الدهر : ٣ / ٧٠ ويقصد بمالك خازن النيران يوم القيامة وبرضوان مسؤول الجنان.

(١٧٩) راجع القصيدة في ديوان الرضي : ٢ / ٨٦٥ ـ ٨٦٨.

٢٤٢

الفرصة تسنح لنا في العودة للحديث عنه بصورة أوسع ، ومجال أكبر ، نرجو أن نوفّق لذلك ، ومن الله سبحانه القصد والسداد.

الخاتمة :

وحين نصل الى خاتمة الحديث عن الشاعر الخالد الشريف الرضي ، فإنّ علينا أن نسجل له وبكل اعتزاز النقاط التالية :

١ ـ كان أحد علماء ذلك العصر في علوم الشريعة والمعرفة الإسلامية ، ترك تراثاً رائعاً لم يبله الدهر.

٢ ـ وكان شاعراً مفلقاً ، حتى قيل أنه أشعر قريش.

٣ ـ وقد عاش في خضمّ العواصف الثائرة في بغداد ، والفتن العمياء ، فكان فيها المصلح الكبير ، والزعيم الحاني على مختلف طبقات الاُمة.

٤ ـ وساير خلفاء بني العباس ، وسلاطين بني بويه ، وشخصيات الحمدانيين ، وزعماء القبائل ولم يظهر عليه ما يشير الى أن صلاته بهؤلاء كانت من أجل المال والمادة ، بل العكس فقد ذكرت المصادر بأنه كان عفيف النفس ، لم يقبل من أحد صلة.

٥ ـ لقد وصفته المصادر بالوفاء ، والمودّة والإخلاص ، ولا مبالغة فيه ، فقد رثى أبا إسحاق الصابي ـ رغم الإختلاف الديني بينهما ـ بأبلغ الرثاء ، ولم يأبه لنقد الناقدين أو تحامل المتزمتين.

٦ ـ إنّ العصر الذي عاشه الشريف الرضي ـ في القرن الرابع الهجري ـ تفجرت الحياة العقلية فيه ، وتلاقعت الأقلام الحرّة بالأفكار النيّرة ، فأنتجت تراثاً عبّر عن ثقافة ذلك العصر ، وكان الرضي أحد اُولئك الذين أثّروا عصرهم بالمعرفة والفضل والأدب.

٧ ـ «شاءت الظروف أن يكون الرضي نقيب الأشراف في زمن لم يكن فيه للأشراف عرش ولا تاج ، وإنما كان لهم مجد العلم والأدب والبيان».

٨ ـ «ولم تكن ثقافة الشريف موقوفة على ما وعت الكتب والمصنفات ، وإنما امتد بصره فدرس الدنيا ، وخبر الناس ، وساقه الى ذلك أسباب خطيرة ترجع في جملتها الى إثنين :

الأول ـ تطلّعه الى الخلافة وحرصه على الإتصال بأقطاب الزعماء في الحواضر

٢٤٣

الإسلامية من أجل بلوغها.

الثاني ـ تشوّفه الى ما أجن الوجود من غرائب الصباحة ، وعجائب الجمال ، وكان يعيش موزع القلب والعقل بين الحب وبين المجد».

٩ ـ «و ولج الشريف الرضي عالم الشعر بكل حواسه وفي نفسه ثورة جبارة ، وسخط في وجه الزمان والناس ، منتفضاً كالفارس الجريح ، وثاباً الى المعالي ليدفع عن اُمته ضيم الأيام».

١٠ ـ إندفع الرضي في مسيرة الثورة على الأوضاع الفاسدة ، واهتم بعملية التغيير الإجتماعي فشغله هذا التوثّب عن كل جانب آخر يعيشه أي شاعر له وجوده اللامع في مجتمعه واُمته.

١١ ـ وعاصر الرضي أعلام الأدب والشعر ، وقد حفلت بهم بغداد في ذلك العهد ، فكان هو المبرز فيهم ، والشخصية المرموقة من بينهم ، لأنه كان يطمح للقمة ، ومن يكون همّه ذلك يسمو به الوجود.

١٢ ـ إن هذه الروح الخلاقة الثائرة التي كمنت في أعماق الرضي هي الامتداد الطبيعي للثوّار العلويين الذين أقضّوا مضاجع الظالمين في كل عصر من العهد الاُموي وحتى هذا العصر وما أروع قوله :

لله أمرٌ من الأيام أطلبُهُ

هيهات أطلبُ أمراً غير مطلوب

واقذِفْ بنفسكَ في شعواء خابطة

كالسيل يعصف بالصّوان واللُّوب

إن حنّتِ النيبُ شوقاً وهي واقفةٌ

فإن عزمي مشتاقٌ الى النيِّب

متى أراني ودرعي غيرُ محقبة

أجُرّ رُمحي ، وسيفي غيرُ مقروبِ (١٨٠)

١٣ ـ والشريف الرضي كأي إنسان يحمل جهاراً رايات الثائر ويصرخ بالوعيد لحكام الجور والظالمين ، إن ذروة الغضب تجتاحه حين يلامس انحدار النظم الحاكمة الى الهاوية ، فيترقب اليوم الحاسم بينه وبين أعداء الاُمة ، فيقول :

وعِندي للعدى لابدّ يوم

يذيقهمُ المسم من عقابي

فأنصبُ فوقَ هامَهم قدوري

وأمزجُ دمائهم شرابي

________________________________

(١٨٠) ديوان الرضي : ١ / ٤٥ ـ ٤٨.

٢٤٤

وأركزُ في قلوبهم رماحي

وأضربُ في ديارهم قبابي

فإنّ أهلك فعن قدر جري

وإن أملك فقد أغنى طلابي (١٨١)

١٤ ـ «وفي شعره ألوان متنوعة ، وفنون مختلفة استطاع بشاعريته القويّة ، وبلاغته الأصيلة ، وفصاحته الفياضة ، وقدرته الباهرة أن يبرزها كلها على طراز من التصوير ، ونمط من التعبير يجعله في مقدمة الفحول من شعراء عصره».

وأخيراً :

فإنّ الشريف الرضي فلتة الدهر ، زهت الدنيا بوجهه ، وحاول تسلّق المجد تلبية لطماحه ، وصعدت به الآمال الى تفجير الثورة في سبيل التغيير الذي يطلبه كل مخلص غيور على اُمته ومبادئه. وإذا كانت هناك نقطة تثير القول في شعر الرضي ، فإنه ذلك المدح الذي وشم أغلب قصائده ولكن إذا ما عرفنا ان الاُسلوب الشعري الإجتماعي ـ المديح والرثاء ـ هو السائد في ذلك العصر ، ومارسه الشعراء ، ثم انه اتخذه ذريعة للوصول الى طموحه ، ومن يطلب العلياء لم يغله المهر ، تبدد الإشكال. والله المسدد للصواب.

________________________________

(١٨١) ديوان الرضي : ١ / ١٥٣.

٢٤٥

مصادر البحث :

١ ـ الآداب العربية في العصر العباسي ـ د. محمد عبدالمنعم الخفاجي / ط مكتبة الكليات الأزهرية ـ مصر.

٢ ـ الأعلام ـ خير الدين الزركلي / ط ـ

٣ ـ أعيان الشيعة ـ السيد محسن الأمين العاملي / ط دار التعارف ـ بيروت ١٩٨٣.

٤ ـ أقرب الموارد ـ سعيد الشرتوني / ط بيروت.

٥ ـ إمبراطورية العرب ـ جون باجوت جلوب ، تعريب خيري حماد / ط ـ دار الكتاب العربي بيروت ١٩٦٦.

٦ ـ بحوث في التاريخ العباسي ـ د. فاروق عمر / ط ـ دار القلم للطباعة ـ بيروت ١٩٧٧.

٧ ـ البداية والنهاية ـ عماد الدين اسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي / ط ـ المعارف ـ بيروت.

٨ ـ تاريخ الأدب العربي في العصر العباسي ـ إبراهيم علي أبو الخشب / ط ـ دارالثقافة العربية للطباعة القاهرة.

٩ ـ تاريخ آداب اللغة العربية ـ جرجي زيدان / ط ـ دارالهلال ـ القاهرة.

١٠ ـ تاريخ بغداد ـ أبوبكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي / ط ـ أوفست ـ بيروت.

١١ ـ تاريخ التمدن الإسلامي ـ جرجي زيدان / ط ـ الهلال ـ القاهرة.

١٢ ـ تجارب الاُمم ـ أحمد بن محمد بن يعقوب المعروف بمسكويه / ط ـ مطبعة التمدن ـ القاهرة.

١٣ ـ تلخيص البيان في مجازات القرآن ـ الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي ـ تحقيق محمد عبدالغني حسن / ط ـ دار احياء الكتب ـ مصر ١٩٥٥.

١٤ ـ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ـ آدم متز ـ تعريب محمد عبدالهادي أبو ريدة / ظ ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٩٦٧.

١٥ ـ حقائل التأويل في متشابه التنزيل ـ الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي / ط ـ النجف ١٩٣٦.

١٦ ـ الحماسة في شعر الشريف الرضي ـ محمد جميل شلش / ط ـ دار الحرية للطباعة ـ بغداد ١٩٧٤.

١٧ ـ دائرة المعارف الإسلامية / ط ـ أوفست طهران.

١٨ ـ دائرة معارف القرن العشرين ـ محمد فريد وجدلي / ط ـ القاهرة.

١٩ ـ الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ـ علي بن أحمد بن معصوم الحسيني المعروف بـ السيد علي خان / ط ـ أوفست قم ـ عن طبعة النجف ١٣٩٧.

٢٠ ـ دعبل بن علي الخزاعي ـ عبدالكريم الأشتر / ط ـ دارالفكر ـ دمشق ١٩٦٤.

٢١ ـ دمية القصر وعصرة أهل العصر ـ أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي ـ تحقيق د. سامي مكي العاني / ط ـ مطبعة المعارف ـ بغداد ١٩٧٠.

٢٢ ـ ديوان الرضي ـ الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي / ط ـ مطبعة الأدبية ـ بيروت ١٣٠٧.

٢٣ ـ ديوان الشريف الرضي ـ تحقيق د. عبدالفتاح محمد الحلو / ط ـ دار الطليعة للطباعة والنشر ـ باريس ١٩٧٧.

٢٤ ـ الذريعة الى تصانيف الشيعة ـ الشيخ آقا بزرك الطهراني / ط ـ طهران.

٢٤٦

٢٥ ـ رجال النجاشي ـ أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي / ط ـ الحجرية.

٢٦ ـ روضات الجنات ـ محمد باقر الخوانساري الأصبهاني / ط ـ مطبعة مهر استوار ـ قم.

٢٧ ـ سفينة البحار ـ عباس القمي / ط ـ حجر ـ ايران.

٢٨ ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب ـ عبدالحي بن العماد الحنبلي / ط المكتب التجاري للطباعة والنشر ـ بيروت.

٢٩ ـ شرح نهج البلاغة ـ عبدالحميد بن أبي الحديد / ط ـ أوفست دار احياء التراث العربي ـ بيروت.

٣٠ ـ الشريف الرضي ـ محمد عبدالغني حسن / ط دار المعارف ـ مصر (من سلسلة نوابغ الفكر العربي ـ ٤١).

٣١ ـ الشريف الرضي ـ محمد رضا كاشف الغطاء ـ النجف.

٣٢ ـ الشيعة وفنون الاسلام ـ حسن الصدر / ط ـ مطبعة العرفان ـ صيدا.

٣٣ ـ ظهر الاسلام ـ أحمد أمين / ط ـ النهضة المصرية ـ القاهرة.

٣٤ ـ العبر في أخبار من غبر ـ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي / ط ـ الكويت.

٣٥ ـ عبقرية الشريف الرضي ـ د. زكي مبارك / ط ـ المطبعة العصرية للطباعة ـ صيدا.

٣٦ ـ عمدة الطالب ـ أحمد بن علي بن الحسين الحسني ، المعروف بابن عنبة / ط ـ دار مكتبة الحياة ـ بيروت.

٣٧ ـ الغدير ـ عبدالحسين الأميني / ط ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت.

٣٨ ـ في الأدب العربي ـ د. محمد مهدي البصير / ط ـ مطبعة النجاح ـ بغداد.

٣٩ ـ الكامل في التاريخ : عز الدين بن الأثير / ط ـ دار صادر ـ بيروت.

٤٠ ـ الكنى والألقاب ـ عباس القمي / ط ـ الحيدرية ـ النجف.

٤١ ـ لسان الميزان ـ شهاب الدين أحمد بن علي العسقلاني ـ ابن حجر / ط ـ حيدراباد ـ دكن.

٤٢ ـ لؤلؤة البحرين ـ يوسف بن أحمد البحراني ـ مطبعة النعمان ـ النجف.

٤٣ ـ المختصر في أخبار البشر ـ عماد الدين اسماعيل بن محمد ، المعروف بأبي الفداء / ط ـ الحسينية ـ القاهرة.

٤٤ ـ مروج الذهب ـ علي بن الحسين المسعودي / ط ـ السعادة ـ مصر.

٤٥ ـ مرآة الجنان ـ أبو محمد عبدالله بن أسعد اليافعي / ط ـ حيدرآباد.

٤٦ ـ مصادر نهج البلاغة ـ عبدالزهراء الخطيب / ط ـ دار الأضواء ـ بيروت.

٤٧ ـ معجم المؤلفين ـ عمر رضا كحالة / ط مطبعة الترقي ـ دمشق ١٩٦١.

٤٨ ـ مقدمة ديوان الشريف الرضي ـ د. عبدالفتاح محمد الحلو / ط ـ وزارة الاعلام العراقية ١٩٧٧.

٤٩ ـ مقدمة دمية القصر ـ د. سامي مكي العاني / ط ـ المشار اليها.

٥٠ ـ الموسوعة الإسلامية ـ حسن السيد محسن الأمين / ط ـ دار التعارف ـ بيروت.

٥١ ـ المنتظم في تاريخ الملوك والاُمم ـ أبو الفرج عبدالرحمن بن علي الجوزي / ط ـ حيدرآباد ـ دكن.

٥٢ ـ مهيار الديلمي ـ د. عصام عبد علي / ط ـ دار الحرية للطباعة ـ بغداد ١٩٧٦.

٥٣ ـ الوافي بالوفيات ـ صلاح الدين خليل بن أبيك الصفدي / ط ـ دار النشر فرانز شتانير ، بقيسباون ١٩٦١.

٥٤ ـ وفيات الأعيان ـ أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان / ط ـ النهضة المصرية ـ القاهرة.

٥٥ ـ يتيمة الدهر ـ عبدالملك بن محمد بن اسماعيل الثعالبي ـ تحقيق محمد عبدالحميد / ط ـ القاهرة.

٢٤٧

الرضيّ والمرتضى كوكبان

الشيخ جعفر السبحاني

إن الرضيّ والمرتضى من دوح السيادة ثمرتان ، وفي فلك العلم قمران ، وأدب الرضيّ إذا قرن بعلم المرتضى ، كان كالفرند في متن الصارم المنتضى (١).

وقد وصف أبو العلاء المعرّي الشريفين في قصيدة يرثي بها والدهما بقوله :

أبقيتَ فينا كوكبين سناهُما

في الصبح والظلماء ليس بخافِ

الى أن قال :

ساوى الرضيُّ المرتضى وتَقاسَما

خُطط العُلى بتناصفٍ وتصافِ (٢)

وروى أهل السير والتواريخ ان المفيد ، أبا عبدالله محمّد بن النعمان نابغة العراق ، ومفخرة الآفاق ، رأى في منامه ان فاطمة بنت رسول الله (صلّى ‌الله‌ عليه ‌وآله) دخلت عليه وهو في مسجده في الكرخ ، ومعها ولداها : الحسن والحسين ـ عليهما السّلام ـ صغيرين ، فسلّمتهما اليه ، وقالت له : علمهما الفقه ، فانتبه متعجبا من ذلك ، فلمّا تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا ، دخلت إليه في المسجد فاطمة بنت الناصر ، وحولها جواريها وبين يديها ابناها : محمّد الرضيّ ، وعليّ المرتضى صغيرين ، فقام اليها وسلم عليها ، فقالت له : ايها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما لتعلّمهما الفقه ، فبكى أبوعبدالله ، وقصّ عليها المنام ، وتولّى تعليمهما الفقه ، وأنعم الله عليهما ، وفتح لهما من

________________________________

(١) دمية القصر : ٧٥.

(٢) ديوان السقط ، لشاعر المعرة ، طبعة القاهرة.

٢٤٨

أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا ، وهو باق ما بقي الدهرُ (٣).

هكذا بدأ العلمان حياتهما الفكريّة والعلميّة ، ونشئا وترعرعا في مدرسة اُستاذ واحد ، غير ان كل واحد انطلق حسب ذوقه ومواهبه الطبيعية ، وفي مجاله الخاص ، فركّز الرضي اهتمامه على العلوم الادبية والشعر والحديث والتفسير ، وهو يتولّى نقابة الطالبيّين ، الى غير ذلك من مهامّ الامور.

بينما صبّ المرتضى جهوده على الفقه والكلام ثم التفسير ، ونبغ كل واحد منها في مجال خاص ، مع اشتراكهما في سائر المجالات العلميّة والفكريّة.

ولأجل ذلك نجد ان الرضي يراجع أخاه المرتضى في المسائل الفقهية ويطلب منه حلها.

قال الشهيد الاول في (الذكرى) ، والشهيد الثاني في (الروض) في مسألة الجاهل بالقصر في السفر ـ حيث ان الإمامية تذهب إلى صحّة صلاة الجاهل بالحكم إذا أتمّ مكان القصر ـ سأل الرضيّ أخاه المرتضى وقال : إن الإجماع واقع على أن من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية ، والجهل باعداد الركعات جهل بأحكامها فلا تكون مجزية ، (فكيفَ تكون صلاة الجاهل بوجوب القصر إذا أتمّ صحيحة) فأجابه المرتضى بجواز تغيّر الحكم الشرعي بسبب الجهل ، وإن كان الجاهل غير معذور (٤)

ما ينبىء عن أن المرتضى يرجع إلى أخيه الرضيّ في الفنون التي برع فيها أخوه ، روى السيد نعمة الله الجزائري قال : دخل أبوالحسن ، على السيد المرتضى ـ طاب ثراه ـ يوماً ، وكان المرتضى قد نظم أبياتاً من الشعر ، فوقف به بحر الشعر فقال : يا أباالحسن خذْ هذه الأبيات الى أخي الرضي قل له يُتمَّها وهي هذه :

سرى طيفُ سلمى طارقاً فاستفزّني

سميراً وصحبي في الفلاة رقودُ

فلمّا انتبهنا للخيال الذي سرى

إذ الأرض قفرٌ والمزار بعيدُ

فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي

لعلّ خيالاً طارقاً سيعودُ

قال أبوالحسن : فاخذتُ الأبيات ، ومضيت إلى السيد الرضي ، فلمّا رآها قال : عليّ بالمحبرة فكتب :

________________________________

(٣) الشرح الحديدي ج ٤١ : ١ ورياض العلماء ٤ : ٢٣ ، والروضات ٤ : ٢٩٥.

(٤) بحر الفوائد ، للعلامة الشيخ محمد حسن الإشتياني ص : ٤٥ وغيرها.

٢٤٩

فردتُ جواباً والدموع بوادرُ

وقد آن للشمل المشتت ورودُ

فهيهات عن ذكرى حبيب تعرّضت

لنا دون لقياه مهامه بيدُ

فأتيت بها إلى المرتضى فلمّا قرأها ضرب بعمامته الأرض ، وقال : يعزّ علي أخي ، يقتله الفهم بعد اُسبوع ، فما دار الاُسبوع إلّا وقد مضى الرضيَّ الى رحمة الله سبحانه (٥).

وممّا يكشف عن شدة التلاحم والإرتباط والودّ بين هٰذين الأخوين العَلَمين ، انه لمّا تُوفي السيد الرضي وحضر الوزير فخر الملك وجميع الأعيان والأشراف والقضاة جنازته والصلاة عليه ، مضى أخوه المرتضى عن جزعه عليه الى مشهد موسى بن جعفر ـ عليه السّلام ـ لأنه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته ودفنه ، وصلّى عليه فخر المُلك أبو غالب ، ومضى بنفسه آخر النهار إلى اخيه المرتضى بالمشهد الشريف الكاظمي فألزمه بالعود الى داره.

نرى ان المرتضى يصبّ عواطفه الرفيعة وحنانه في الأبيات التالية :

يا للرجال لفجعة جذمت يدي

ووددت لو ذهبَت عليَّ براسي

ما زلت آبى وردَها حتى أتت

فَحسوتُها في بعض ما أنا حاسي

ومطلتها زمناً فلمّا صمّمت

لم يثنِها مَطلي وطول مِكاسي

لله عمرك من قصير طاهر

ولربّ عمر طال بالأدناس (٦)

هذا بعض ما حفظ التاريخ من تفاني كل من الأخوين بالنسبة إلى الآخر.

غير أن هناك شرذمة من أهل السير والتراجم لم يتحمّلوا ما وجدوه بين هذين الاخوين من العطف والمودة ، والأدب والأخلاق والفضائل والمناقب ، فعادوا ينسبون إليهما ما لا تصحّ نسبته إلى من هو أدون منهما بدرجات ، وإليك بعض هذه التهم التي تكذبها سيرة العلمين وحياتهما المشرقة.

١ ـ المرتضى خائض في دماء

يُحكى أنه اقتدى الرضيّ يوماً بأخيه المرتضى في بعض صلاته ، فلمّا فرغ قال : لا

________________________________

(٥) رياض العلماء ٤ : ٦٤ ، الروضات ٦ : ١٩٩.

(٦) الشرح الحديدي ١ : ٤١ ، راجع ديوانه ٢ : ١٤٢.

٢٥٠

أقتدي بك أبداً ، قال : وكيف ذلك ؟ ، قال : لأني وجدتك حائضاً في صلاتك ، خائضاً في دماء النساء ، فصدقه المرتضى وأنصف والتفت الى أنه أرسل ذهنه في أثناء تلك الصلاة الى التفكر في مسألة من مسائل الحيض.

وربّما يُحكى أن الرضيّ بمجرد أن انكشف له الحالة المزبورة إنصرف من صلاته وأخذ في الويل والعويل ، وأظهر الفزع الطويل في تمام السبيل الى أن بلغ المنزل بهذه الحالة ، فلمّا فرغ المرتضى أتى المنزل من فوره وشكا ما صنعه به الى اُمه ، فعاتبته على ذلك فاعتذر عندها بما ذكر ، وأنه كان يتفكّر إذ ذاك في مسألة من الحيض ، سألتها عنه بعض النسوة في اثناء مجيئه الى الصلاة (٧).

تساؤلات حول القصة

وهذه القصة تحيط بها إبهامات عديدة وتساؤلات عويصة نشير اليها :

أولاً : هل الفكرة الشرعيّة الصحيحة إذا راودت ذهن الإنسان في اوقات الصلاة أو غيرها توجب تمثل الإنسان بنفس تلك الفكرة عند أرباب البصائر وذوي العيون البرزخية ، الذين يستطيعون مشاهدة ماوراء الحجب والستور ببصائرهم ؟

فلو غاص الإنسان في أحكام السرقة اُوحدّ الزنا والقذف ، فهل يوجب ذلك أن يتمثل المفكّر فيها عند من يعاين الأشياء بأبصار حديدة ، سارقاً وزانياً وقاذفاً !؟ لا أظنّ أن يتفوّه بهذا أيّ حكيم نابه أو عارف بصير ، بل لازم تلك البصيرة أن يُعاين صاحبها الاشياء على ماهي عليه فيرى مثلاً الرضيّ صاحب تلك البصيرة أخاه الفقيه علىٰ الحالة التي هو عليها ، أي متفكّراً ومتعمقاً في مسألة فقهية منشغلاً بها لا خائضا في الدماء.

ثانياً : إن القصة تكذب نفسها ، فإن لازم رجوع النساء الى المرتضى في المسائل المختصة بالنساء ، هو كون المسؤول من ذوي الشخصيات الضاربة في الأربعين عاماً أو

________________________________

(٧) روضات الجنات ٦ : ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، نقلا عن صاحب حدائق المقربين

٢٥١

ما يقاربها ، ولازم إرجاع الشكاية الى الاُم كون المصلّي والمقتدي في سنيّ الصبا ، ومن المعلوم ان الأخوين كانا متقاربي السن ، ولا يكبر المرتضى أخاه الرضي إلّا بأربعة أعوام.

ثالثاً : إن القصة ـ على بعض الروايات ـ تُصرّح بانصراف الرضيّ عن الصلاة بقطعها وإبطالها به ، وهو أمر محرّم ، ولا يسوغ لمثل الرضيّ ارتكابه.

٢ ـ المرتضى شحيح والرضيّ سخيّ !

إن هذه التهمة ليست التهمة الوحيدة التي الصقت بالشريف المرتضى ، بل نسجت الألسنة الحاقدة فرية اُخرى أرادوا بها الإنتقاص من ذينك العلمين الجليلين ، وإليك واحدة اُخرى من هذه التهم :

قال صاحب كتاب «عمدة الطالب في أنساب ال أبي طالب» : ان المرتضى كان يبخل ، ولما مات خلّف مالاً كثيراً وخزانة اشتملت على ثمانين ألف مجلد ، ولم أسمع مثل ذلك ، وقد أناف القاضي عبدالرحمن الشيباني على جميع من جمع كتباً ، فاشتملت خزانته على مائة ألف وأربعين ألفاً ، وكان المستنصر أودع خزانته في المستنصرية ثمانين ألفاً أيضاً (٨).

ثم ان القصّاصين لم يكتفوا بهذه التهمة ، وذكروا لها شاهداً ، ونقلوا عن أبي حامد أحمد بن محمد الإسفرائيني الفقيه الشافعي قال : كنتُ يوماً عند فخر الملك أبي غالب محمد بن خلف وزير بهاء الدولة وابنه سلطان الدولة ، فدخل عليه الرضيّ أبوالحسن ، وأجلسه ورفع من منزلته وخلّى ما بيده من الرقاع والقصص ، وأقبل عليه يُحادثه الى أن انصرف ، ثم دخل عليه المرتضى أبوالقاسم ـ رحمه الله ـ فلم يعظّمه ذلك التعظيم ، ولا أكرمه ذلك الإكرام ، وتشاغل عنه برقاع يقرؤها ، وتوقيعات يوقّع بها ، فجلس قليلاً وسأله أمراً فقضاه ثم انصرف.

قال أبوحامد : فتقدمت إليه وقلت له : أصلح الله الوزير ، هذا المرتضى هو الفقيه

________________________________

(٨) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ٢٣٥ ، ولاحظ أيضاً الرياض ٢١ : ٤

٢٥٢

المتكلّم صاحب الفنون ، وهو الأمثل والأفضل منهما ، وإنما أبوالحسن شاعر ، قال : فقال لي : إذا انصرف الناس ، وخلا المجلس أجبتك عن هذه المسألة.

قال : وكنتُ مجمعاً على الإنصراف ، فجاءنى أمر لم يكن في الحساب ، فدعت الضرورة إلى ملازمة المجلس الى أن تقوّض الناس واحداً فواحداً ، فلمّا لم يبق إلّا غلمانه وحُجّابه ، دعا بالطعام ، فلمّا أكلنا وغسل يديه وانصرف عنه أكثر غلمانه ، ولم يبق عنده غيري قال لخادم : هات الكتابين اللذين دفعتهما إليك منذ أيام ، وأمرتك أن تجعلهما في السفَط الفلاني ، فأحضرهما فقال : هذا كتاب الرضيّ ، إتصل بي انه قد وُلِدَ له ولد ، فأنفذت إليه ألف دينار ، وقلت له : هذه للقابلة ، فقد جرت العادة أن يحمل الأصدقاء الى أخلّائهم وذوي مودّتهم مثل هذا في مثل هذه الحال ، فردّها وكتب اليَّ هذا الكتاب ، فاقرأه ، قال : فقرأته وهو اعتذار عن الرد ، وفي جملته : إنّنا أهل بيت لا يطّلع على أحوالنا قابلة غريبة ، وإنما عجائزنا يتولينَ هذا الأمر من نسائنا ، ولسنَ ممن يأخذ اُجرة ، ولا يقبلن صلة ، قال : فهذا هذا.

وامّا المرتضى فإننا كنّا قد وزّعنا وقَسَّطنا على الأملاك ببادوريا تقسيطاً نصرفه في حفر فوّهة النهر المعروف بنهر عيسى ، فأصاب ملكاً للشريف المرتضى بالناحية المعروفة بالداهرية من التقسيط عشرون درهماً ، ثمنها دينار واحد ، قد كتب اليَّ منذ أيام في هذا المعنى هذا الكتاب فاقرأه ، فقرأته وهو اكثر من مائة سطر ، يتضمن من الخضوع والخشوع والإستمالة والهزّ والطلب والسؤال في إسقاط هذه الدراهم المذكورة عن املاكه المُشار إليها ما يطول شرحه.

قال فخر الملك : فأيُّهما ترى أولى بالتعظيم والتبجيل ؟ هذا العالم المتكلم الفقيه الأوحد ، ونفسه هذه النفس أم ذلك الذي لم يشهر إلّا بالشعر خاصة ، ونفسه تلك النفس ، فقلت : وفّق الله تعالى سيّدنا الوزير فما زال موفقاً ، والله ما وضع سيّدنا الوزير الأمر إلا في موضعه ، ولا أحلّه إلّا في محله ، وقمت فانصرفت (٩).

قرائن تكذب هذه القصة

إن هناك قرائن وشواهد قوية على ان القصة حديث كاذب وتهمة مختلقة ، واليك

________________________________

(٩) الشرح الحديدي ١ : ص ٣٩ ـ ٤٠ ، وروضات الجنات ٦ : ١٩٥.

٢٥٣

تلك القرائن المفيدة للعلم بخلاف هذه الحكاية :

١ ـ إن السيّد المرتضى ـ وهو ذلك الرجل الصدوق ـ ينصّ بنفسه على انه لم يكن يرى لثروته الطائلة قيمة تجاه مكارمه وكراماته وكان يقول :

وما حزني الإملاق والثروة التي

يذلّ بها أهل اليسار ضلال

أليس يبقى المال إلّا ضنانة

وأفقر أقواماً ندى ونوال

إذا لم أنل بالمال حاجة معسر

حصور عن الشكوى فماليَ مال (١٠)

أفترى ان صاحب هذه النفسية القوية يكتب لإعفاء عشرين درهماً ، مائة سطر تتضمن الخضوع والخشوع !؟

٢ ـ إنّ الشريف المرتضى تقلّد بعد أخيه الرضي نقابة الشرفاء شرقاً وغرباً ، وإمارة الحاج والحرمين ، والنظر في المظالم ، وقضاء القضاة ثلاثين سنة ، وذلك من عام ٤٠٦ (وهو العام الذي توفي فيه أخوه الرضي) الى عام ٤٣٦ الذي توفي فيه الشريف المرتضى نفسه.

أفهل يمكن أن يقوم بأعباء مثل هذه المسؤولية الإجتماعية من يبخل بدينار واحد يصرفه فخر الملك في حفر نهر ، تعود فائدته الى الجميع ، ويكتب في إسقاطه اكثر من مائة سطر.

هذا والحجيج بين شاكر لكلاءته ، وذاكر لمقدرته ، ومُطْر لاخلاقه ، ومتبرك بفضائله ، ومثن على أياديه ، وهذا يفيد أنّ الشريف المرتضى كان كأخيه الرضي سخيّاً معطياً ولم يكن يرى للمال قيمة.

٣ ـ إنّ ابن خلكان بعدما عرَّفه بقوله : كان إماماً في علم الكلام والأدب والشعر ، أتى بقصّة حكاها الخطيب التبريزي ، وهي بنفسها أقوى شاهد على أنّ السيد كان ذاسماحة كبيرة.

قال الخطيب : إنّ أباالحسن علي بن احمد علي بن سلك الفالي الأديب كان له نسخة لكتاب الجمهرة لابن دريد في غاية الجودة ، فدعته الحاجة إلى بيعها فباعها فاشتراها الشريف المرتضى بستين ديناراً ، فتصفّحها فوجد فيها أبياتاً بخط بائعها ، والأبيات قوله :

أنِسْتُ بها عشرين حولاً وبعتها

فقد طال وجدي بعدها وحنيني

________________________________

(١٠) الغدير ٤ : ٢٧٥.

٢٥٤

وما كان ظنّي أنني سأبيعها

ولو خلّدتني في السجون ديوني

ولكنْ لضعف وافتقار وصبية

صغار ، عليهم تستهل شؤوني

فقلت ولم أملك سوابق عبرتي

مقالة مكويّ الفؤاد حزين

وقد تخرج الحاجات يااُمّ مالك

كرائم من ربٍّ بهنَّ ضنينِ

وقال الخطيب : فأرجع السيّد النسخة إليه ، وترك له الدنانير (١١).

أفهل في وسع البخيل الشحيح المقدّم على التنقيص من كرامته لأجل إسقاط دينار ضرب عليه لحضرته ، أن تسخو نفسه وتجود بمثل هذه الدنانير !؟

٤ ـ روى أصحاب التراجم ؛ إنّ السيد المرتضى كان يجري الرزق على جميع تلامذته ، حتى انه قرر للشيخ الطوسي كل شهر ـ أيام قراءته عليه ـ إثني عشر ديناراً ، وعلى ابن البراج كل شهر ثمانية دنانير ، ليتفرّغوا بكل جهدهم الى الدراسة ، من غير تفكّر في أزمات المعيشة (١٢).

أفي وسع القارىء أن يتهم من يدرّ من ماله الطاهر ، أو مما يصل إليه من الناسَ من الحقوق الشرعية ، على تلامذته الكثيرين البالغ عددهم المئات ، هذه الرواتب الكبيرة ، أن يشحّ ويبخل بدينار ، ويكتب في إسقاطه مائة سطر ؟!

٥ ـ إنّ الشريف الرضي كان قد وقف قرية على كاغذ الفقهاء ، حتى لا يواجه الفقهاء أية أزمات في لوازم الكتابة والتحرير.

٦ ـ وقد روي ان السيد المرتضى كان يملك قرى كثيرة واقعة بين بغداد وكربلاء ، وكانت معمورة في الغاية ، وقد نُقل في وصف عمارتها ؛ إنه كان بين بغداد وكربلاء نهر كبير ، وعلى حافتي النهر كانت القرى الى الفرات ، وكان يعمل في ذلك السفائن ، فإذا كان في موسم الثمار كانت السفائن المارّة في ذلك النهر تمتلىء مما سقط من تلك الأشجار الواقعة على حافتي النهر ، وكان الناس يأكلون منها من دون مانع (١٣).

٧ ـ قد نقل أصحاب السير ان الناس أصابهم في بعض السنين قحط شديد ، فاحتال رجل يهودي على تحصيل قوته ، فحضر يوماً مجلس الشريف المرتضى ، وسأله أن يأذن له

________________________________

(١١) وفيات الأعيان ٣١٦ : ٣. ط بيروت ، دارالثقافة.

(١٢) الرياض ٤ : ٣٠.

(١٣) الرياض ٤ : ٣٠.

٢٥٥

في أن يقرأ عليه شيئاً من علم النجوم ، وأمر له بجراية تجري عليه كل يوم ، فقرأ عليه برهة ثم أسلم على يديه (١٤).

٨ ـ إن ياقوت الحموي نصّ في معجم الادباء (٣ : ١٥٤) على ان المرتضى كان يدخل عليه من أملاكه كل سنة أربعة وعشرون ألف دينار.

٩ ـ إنّ الشريف المرتضى هو أول من جعل داره دارالعلم ، وقدرها للمناظرة ويقال : انه اُمّر ولم يبلغ العشرين ، وكان قد حصل على رئاسة الدنيا بالعلم والعمل الكثير ، والموظبة على تلاوة القرآن وقيام الليل ، وإفادة العلم ، وكان لا يؤثر على العلم شيئا مع البلاغة وفصاحة اللهجة.

وحُكي عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي انه قال : كان الشريف المرتضى ثابت الجأش ، ينطق بلسان المعرفة ويردد الكلمة المسددة ، فتمرق مروق السهم من الرمية ما أصاب أصمى وما أخطأ أشوى (١٥).

والقارىء الكريم إذا لاحظ ما ذكرناه في هذه البنود الخمسة الاخيرة ، يقف على تفاهة ما نُسِبَ الى هذا العَلَم من تلك القصة المنحوتة المختَلَقة.

١٠ ـ ان القصة تتضمن ان فخر الملك لم يعظم المرتضى بما يليق بشأنه ، وتشاغل عنه برقاع يقرؤها ، وتوقيعات يوقّع بها ، ولكن الفخر هذا قد عظَّم المرتضى بأفضل ما يمكن يوم مات الشريف الرضي ، حيث ان المرتضى لم يشهد جنازة اخيه ، ولم يستطع أن ينظر الى تابوته ، وذهب إلى مشهد موسى بن جعفر ـ عليه السّلام ـ ، ومضى فخر الملك بنفسه آخر النهار الى المشهد الكاظمي ، واستدعى من السيد العود الى داره ببغداد.

فبأيّ هذين الموقفين نؤمن ؟

هذه القرائن والشواهد تشهد بوضوح على بطلان هذه القصة الخرافية ، وتدلّ على ان ناسجها نسجها في غير موضعها.

١١ ـ قد اشتهر على ألسن العلماء انه لمّا اتفقت فقهاء العامّة على حصر المذاهب الفقهية الإسلامية التي تعددت وتشعّبت من زمان الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم الى عصر السيد المرتضى في مذاهب معينة ، التقى السيد المرتضى بالخليفة ، وتعهد له ان يأخذ

________________________________

(١٤) الرياض ٤ : ٢٣ ، والروضات ٤ : ٢٩٦.

(١٥) لسان الميزان ٤ : ٢٢٣ ، نقلا عن تاريخ ابن أبي طيّ.

٢٥٦

من الشيعة مائة الف دينار ، حتى ترفع التقية والموأخذة على الإنتساب اليهم ، فتقبل الخليفة ، ثم انه بذل لذلك من عين ماله ثمانين ألفاً ، وطلب من الشيعة بقية المال ، ومن الأسف انهم لم يقدروا عليه (١٦).

وهذه القصة ـ سواء صحت أم لا ـ تكشف عن أن السيّد كان بمثابة من السخاء ، بحيث أمكن نسبة هذه القصة اليه.

١٢ ـ هذا هو الدفاع الصحيح عن كرامة السيد الجليل ، ودحض القصة بهذه القرائن المفيدة للعلم وبطلانها ، والعجب ان صاحب الروضات ـ بعد ما نقل تلك القصة المختلقة ـ إنبرى للدفاع عن السيد بما نقله عن السيد الجزائري بقوله : كأن الوزير فخرالملك لم يحقق معنى علو الهمّة ، فلذا عاب الأمر على الشريف المرتضى ، وإنما كان عليه غضاضة لو كان سائلاً لها من أموال الوزير ، وما فعله الشريف عند التحقيق من جملة علو الهمة ، وذلك أنه دفع عن ملكه بدعة لو لم يتداركها بقيت على ملكه ، وربّما وضعت من قدره عند أهل الأملاك وغيرهم ، وكما أنه ورد في الحديث ؛ المؤمن ينبغي له الحرص على حيازة أمواله الحلال كي ينفقه في سبيل الطاعات ، كما كانت عادة جده أبي طالب بن عبدالمطلب ، فانه كان يباشر جبر ما انكسر من مواشيه وأنعامه ، فإذا جاء الوافد إليه وهبها مع رعاتها له (١٧).

غير انه كان من الواجب على السيد الجزائري وصاحب الروضات أن يبطلا هذه القصة من أساسها للقرائن والشواهد التي ألمحنا الى بعضها ، كما كان عليهما أن يتمسكا في المقام بما روي عن علي ـ عليه السّلام ـ من ان أفضل المال ما وقي به العرض ، وقضيت به الحقوق (١٨).

________________________________

(١٦) الروضات ٤ : ٣٠٧ ، ولاحظ الرياض ٤ : ٣٣ ـ ٣٤ ، وقال في الأخير : ٥٣ انه خلف بعد وفاته ثمانين ألف مجلد من مقرواته ومصنفاته ومحفوظاته ، ومن الأموال والأملاك ما يتجاوز عن الوصف ، الى آخر ما افاد ...

(١٧) روضات الجنات ٦ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.

(١٨) بحار الانوار ٧٨ : ٧.

٢٥٧

الشريف الرضي

قد عرفت ما في كناية القصّاصين من التهم الباطلة الموجهة الى الشريف المرتضى فهلمّ الآن الى ما اختلقه الآخرون ممن يحملون الحقد والبغض لأبناء البيت العلوي حول الشريف الرضي وإن نقله أصحاب التراجم من غير دقة وتحقيق.

قالوا : كان الرضي ينسب إلى الإفراط في عقاب الجاني ، وله في ذلك حكايات ، منها ؛ إنّ امرأة علويّة شكت إليه زوجها وإنه لا يقوم بمؤونتها ، وشهد لها من حضر بالصدق في ما ذكرت ، فاستحضره الشريف وأمر به فبُطِح وامر بضربه فضرب ، والمرأة تنظر أن يكف ، والآمر يزيد حتى جاوز ضربه مائة خشبة ، فصاحت المرأة : «وايُتم أولادي» كيف يكون حالنا إذا مات هذا ؟ فكلّمها الشريف بكلام فظ ، وقال : ظننت أنك تشكينه الى المعلم ؟ (١٩).

لا شك انه كان من وظيفة الشريف الرضي نصح الزوج ، ودعوته الى الرفق بالمرأة والقيام بلوازم حياتها ، لا الأمر ببطحه وضربه ضرباً كاد يقضي على حياة الزوج.

وعلى فرض ان الشريف كان آيساً عن تأثير النصح في ذلك الرجل ، كان يجب عليه القيام بما جاء به الشرع في مورد التعزيرات ، إذ لا شك ان ذلك المورد ليس من موارد الحدود ، بل من موارد التعزيرات ، فإن الحدود ما جاء به الشرع بمقرر وحد خاص ، وأسبابه كما في «الشرائع» على ما قرر في الفقه ستة : الزنا ، وما يتبعه ، والقذف ، وشرب الخمر ، والسرقة ، وقطع الطريق.

والمورد ليس من تلك الموارد ففيه التعزير ، وقد قرّر في محله أنّه يجب أن يكون التعزير أقل من الحد.

روى حمّاد بن عثمان ، عن الصادق ـ عليه السّلام ـ قال ، قلت له : كم التعزير ؟ فقال : دون الحدّ ، قال ، قلت : دون ثمانين ؟ قال : لا ، ولكن دون أربعين فانها حدّ المملوك ، قلت : وكم ذاك ؟ قال : على قدر ما يراه الوالي من ذنب الرجل وقوة

________________________________

(١٩) الروضات ٦ : ١٩٦.

٢٥٨

بدنه (٢٠).

وبما أن حدّ القاذف في الحُر هو ثمانون جلدة ، فلو قلنا بأن حدّ المملوك فيه نصف ما على الحر ، يصير الحد المقرر هو أربعون جلدة ، قال تعالى : «فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ» (٢١) ، فيجب أن يكون التعزير على هذا دون الأربعين.

وفي خبر القاسم بن سليمان : سُئل الصادق (ع) عن العبد إذا افترى على الحر ، كم يُجلَد ؟ قال : أربعين (٢٢).

ولو قلنا بأنه لا يشترط في الثمانين الحرية وإنّ حد القاذف في الحر والعبد سواء ـ كما هو المشهور ـ وإنّ الفاحشة (في الآية) التي تصرّح باختلاف حدّ الحر مع العبد ظاهرة في الزنا فقط ، وحَدُّها ـ حسب تصريح الذكر الحكيم ـ هو مائة جلدة ، يكون أقل الحد هو خمسون (٢٣).

وإن قلنا : إنّ قوله : «دون الحد» منصرف عن حدود العبد والامة ، لأنّ الأحكام المتعلقة بهما في الإسلام ، أحكام موقتة ثابتة ما دامت الرقية موجودة ، فإذا ارتفع الموضوع ولم يوجد في أديم الأرض أية رقية ، ترتفع أحكامها بارتفاع موضوعها ، والناظر في التشريع الإسلامي يقف على أنّ الشارع اهتم بتحرير العبيد والإماء بطرق كثيرة كادت تقضي على حديث الرقية ، وإنّ الحكومات القائمة باسم الإسلام ما قامت بوظيفتها في ذاك المجال.

فلو قلنا بذلك الإنصراف ، وقلنا بأنّ ما ورد في حد القيادة من أنه يضرب ثلاثة أرباع الزاني خمسة وسبعين سوطاً (٢٤) ، حد لا تعزير ولا توضيح لأحد مصاديقه يكون «أقل الحدّ» هو أربعة وسبعون سوطاً فما دونه ، وعلى كل تقدير ليس في الفقه الإمامي تعزير يتجاوز عن المائة ، وكان الرضي يعمل بالفقه الإمامي ويعتنقه ، وليس ممّن يخفى

________________________________

(٢٠) الوسائل ١٧ : ٥٨٤ أبواب بقية الحدود ، الباب ١٠ ، الحديث ٣.

(٢١) النساء : ٢٥.

(٢٢) الوسائل ١٨ : ٤٣٧ ، الباب ٤ من أبواب حدّ القذف ، الحديث ١٥.

(٢٣) سورة النور.

(٢٤) الوسائل ١٨ ، الباب ٥ من أبواب حدّ السحق والقيادة ، الحديث ١.

٢٥٩

عليه ذاك الحكم الذي كان يمارسه طيلة نقابته للطالبيين. وعلى كل هذه التقادير ، كيف أمر الشريف بجلد ذلك الرجل حتى جاوز مائة خشبة ؟ مع انه ـ رحمه الله ـ ذلك الورع التقي ، الذي اتفق الجميع على طهارته ، ونزاهته وتقواه ؟

وما نرى ذلك إلّا فرية أراد الجاعل الحطّ بها من مكانة السيد الشريف قدس الله روحه.

وقد روي عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ إنّ أميرالمؤمنين ـ عليه السّلام ـ أمر قنبراً أن يضرب رجلاً حدّاً ، فغلط قنبر ، فزاده ثلاثة أسواط ، فأقاده علي عليه السّلام من قنبر بثلاثة اسواط (٢٥).

إنّ الشريف الرضي هو الذي يعرّفه ابن الجوزي في المنتظم : كان الرضي نقيب الطالبيين ببغداد ، حفظ القرآن في مدة يسيرة ، بعد أن جاوز ثلاثين سنة ، وعرف من الفقه والفرائض طرفاً قوياً ، وكان عالماً فاضلاً وشاعراً مترسلاً وعفيفاً عالي الهمّة ، متديناً إشترى في بعض الأيام جزازاً من امرأة ، بخمسة دراهم فوجد جزءاً بخط أبي علي بن مقلة ، فقال للدّلال : إحضر المرأة فأحضرها ، فقال : قد وجدت في الجزاز جزءاً بخطّ ابن مقلة ، فإن أردت الجزء فخديه ، وإن اخترت ثمنه فهذه خمسة دراهم ، فأخذتها ، ودعت له وانصرفت (٢٦).

فمن كان هذا مبلغ تقواه وورعه ، لا يقدم على معاقبة الزوج أمام زوجته بتلك المعاقبة الخشنة الخارجة عن حدود الشرع.

هذا ابن أبي الحديد يعرّفه في كتابه بقوله : كان عفيفاً شريف النفس ، عالي الهمّة ملتزماً بالدين ، وقوانينه ، ولم يقبل من أحد صلة ولا جائزة (٢٧).

وهذا الرفاعي يعرفه في صحاح الاخبار بقوله : كان أشعر قريش. وذلك لأنّ الشاعر المجيد من قريش ليس بمكثر ، والمكثر ليس بمجيد ، والرضي جمع بين فضلي الإكثار والإجادة ، وكان صاحب ورع وعفة ، وعدل في الأقضية ، وهيبة في النفوس (٢٨).

________________________________

(٢٥) الوسائل ١٨ : ٣١١ ، أبواب مقدمات الحدود ، الباب ٢ ، الحديث ٣.

(٢٦) المنتظم ٧ : ٢٧٩.

(٢٧) الشرح الحديدي ١ : ٣٣.

(٢٨) صحاح الأخبار : ٦١.

٢٦٠