معجم البلدان - ج ٢

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٢

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٩

بعرندل ، فسار يومه وبعض ليلته ونزل وأصبح فدخل حسمى ، وحسمى فيما حكاه ابن السّكيت بين أيلة وتيه بني إسرائيل الذي يلي أيلة ، وهذا قبل أرض الشام ، فكيف يقال إنه قريب من العراق وبينهما مسيرة شهر وأكثر؟ وقال نصر : تربان صقع بين سماوة كلب والشام.

التُّرْبُ : بالضم ثم السكون ، والباء موحدة : اسم جبل.

تربل : يروى بفتح أوله وثالثه ؛ عن العمراني ، وعن غيره بضمهما ، وفي كتاب نصر بكسرهما : موضع.

تَرْبُولَةُ : بالفتح : قلعة في جزيرة صقلية.

تُرَبَة : بالضم ثم الفتح ؛ قال عرّام : تربة واد بالقرب من مكة على مسافة يومين منها ، يصبّ في ببستان ابن عامر ، يسكنه بنو هلال ، وحواليه من الجبال السراة ويسوم وفرقد ، ومعدن البرم له ذكر في خبر عمر ، رضي الله عنه ، أنفذه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، غازيا حتى بلغ تربة ؛ وقال الأصمعي : تربة واد للضباب طوله ثلاث ليال ، فيه النخل والزرع والفواكه ، ويشاركهم فيه هلال وعامر ابن ربيعة ؛ قال أحمد بن محمد الهمذاني : تربة وزبية وبيشة هذه الثلاثة أودية ضخام ، مسيرة كل واحد منها عشرون يوما ، أسافلها في نجد وأعاليها في السراة ؛ وقال هشام : تربة واد يأخذ من السراة ويفرغ في نجران ، قال : ونزلت خثعم ما بين بيشة وتربة وما صاقب تلك البلاد إلى أن ظهر الإسلام ، وفي المثل : عرف بطني بطن تربة ؛ قاله عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب أبو براء ملاعب الأسنّة في قصة فيها طول ، غاب عن قومه فلما عاد إلى تربة وهي أرضه التي ولد بها ألصق بطنه بأرضها فوجد راحة فقال ذلك. وخبّرني رجل من ساكني الجبلين أن تربة ماء في غربي سلمى.

تَرْجٌ : بالفتح ثم السكون ، وجيم : جبل بالحجاز كثير الأسد ؛ قال أبو أسامة الهذلي :

ألا يا بؤس للدهر الشّعوب ،

لقد أعيا على الصنع الطبيب

يحطّ الصخر من أركان ترج ،

وينشعب المحبّ من الحبيب

وهذا شاهد على أنه جبل ، وقيل : ترج وبيشة قريتان متقاربتان بين مكة واليمن في واد ؛ قال أوس بن مدرك :

تحدّث من لاقيت أنك قاتلي ،

قراقر أعلى بطن أمك أعلم

تبالة ، والعرضان ترج وبيشة ،

وقومي تيم اللات ، والاسم خثعم

وقالت أخت حاجز الأزدي ترثيه :

أحيّ حاجز أم ليس حيّا ،

فيسلك بين خندف والبهيم

ويشرب شربة من ماء ترج ،

فيصدر مشية السبع الكليم

وقيل : ترج واد إلى جنب تبالة على طريق اليمن ، وهناك أصيب بشر بن أبي خازم الشاعر في بعض غزواته ، فرماه نعيم بن عبد مناف بن رياح الباهلي الذي قيل فيه أجرأ من الماشي بترج ، فمات بالرّده من بلاد قيس ، فدفن هناك ، ويحتمل أن يكون المراد بقولهم أجرأ من الماشي بترج الأسد لكثرتها فيه ؛ قال :

وما من مخدر من أسد ترج

ينازلهم لنابيه قبيب

٢١

يقال : قبّ الأسد قبيبا إذا صوّت بأنيابه. ويوم ترج : يوم مشهور من أيام العرب ، أسر فيه لقيط ابن زرارة ، أسره الكميت بن حنظلة ، فقال عند ذلك :

وأمكنني لساني من لقيط ،

فراح القوم في حلق الحديد

تَرْجَلَةُ : بفتح الجيم واللام : قرية مشهورة بين إربل والموصل ، من أعمال الموصل ، كان بها وقعة بين عسكر زين الدين مسعود بن مودود بن زنكي بن أقسنقر وبين يوسف بن عليّ كوجك صاحب إربل في سنة ٥٠٨ ، وكان الظفر فيها ليوسف ؛ وبترجلة عين كثيرة الماء كبريتية.

التَّرْجُمَانِيّةُ : محلّة من محالّ بغداد الغربية متصلة بالمراوزة ، تنسب إلى الترجمان بن صالح.

تُرْجِيلَةُ : بالضم ثم السكون ، وكسر الجيم ، وياء ساكنة ، ولام : مدينة بالأندلس من أعمال ماردة ، بينها وبين قرطبة ستة أيام غربا ، وبينها وبين سمّورة من بلاد الفرنج ستة أيام ، ملكها الفرنج سنة ٥٦٠.

تَرْخُمُ : بالفتح ، وضم الخاء المعجمة ، وقيل بضم أوله ، وفتح الخاء : واد باليمن.

تَرْسُخُ : بالفتح ، وضم السين المهملة ، وخاء معجمة :قرية بين باكسايا والبندنيجين ، من أعمال البندنيجين ، وفيها ملاحة واسعة ، أكثر ملح أهل بغداد منها ؛ منها أبو عبد الله عنّان بن مردك الترسخي ، أقام ببغداد مؤذنا ، روى عن أبي بكر أحمد بن عليّ الطّريثيثي وأبي منصور محمد بن أحمد بن عليّ الخياط المقري ، كتب عنه أبو سعد ، ومات بعد سنة ٥٣٧.

تَرَّسَةُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه وفتحه ، والسين مهملة : من قرى آليش من أعمال طليطلة بالأندلس ؛ ينسب إليها ابن إدريس الترّسي يعرف بابن القطاع ؛ قال أبو طاهر : قال لي ذلك يوسف بن عبد الله بن أحمد الآليشي.

تُرْشِيشُ : بالضم ثم السكون ، وكسر الشين الأولى معجمة ، وياء : ناحية من أعمال نيسابور ، وهي اليوم بيد الملاحدة ، وهي طرثيث ، وستذكر في حرف الطاء.

تَرشِيشُ : بالفتح : هو اسم مدينة تونس التي بإفريقية ؛ قال الحسن بن رشيق القروي : ترشيش اسم مدينة تونس بالرومية ، وقال أبو الحسن محمد بن أحمد بن خليفة التونسي الطريدي ، وكان قد خرج من تونس بسبب غلام هويه ، فكتبت إليه والدته :

وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا ،

حياتك لا نفع وموتك فاجع

قال : فتغفّل أهله ودخل دارهم وكتب على حائطها :

سقيا لمن لم يكن ترشيش منزله ،

ولا رأى دهره من أهلها أحدا

دارا ، إذا زرت أقواما أحبّهم

بها ، أزارتني الأحزان والكمدا

تالله إن أبصرت عيناي قرّتها ،

لا ملت عنها بوجه دونها أبدا

فإن رضيت بها من بعده بلدا ،

إذا فلا قيّض الرحمن لي بلدا

ترْعَبُ : بفتح العين ، والباء موحدة : موضع.

تَرْعُ عُوز : العينان مهملتان ، والواو ساكنة ، وزاي : قرية مشهورة بحرّان من بناء الصابئة ، كان لهم بها هيكل ، وكانوا

يبنون الهياكل على أسماء الكواكب ، وكان الهيكل الذي بهذه القرية باسم

٢٢

الزّهرة ، ومعنى ترع عوز بلغة الصابئة باب الزهرة ، وأهل حرّان في أيامنا يسمونها ترعوز ، وينسبون إليها نوعا من القثاء يزرعونه بها عذيا.

تُرْعَةُ عَامِرٍ : بالضم : موضع بالصعيد الأعلى على النيل ، يكثر فيه الصرائري ، وهو نوع من السمك صغار ليس في جوفه كثير أذى. وترعة أيضا : موضع بالشام ؛ عن نصر ، ينسب إليه بعض الرّواة.

تُرَف : مثال زفر : جبل لبني أسد ؛ قال بعضهم : أراحني الرحمن من قبل ترف ،

أسفله جدب وأعلاه قرف

وضبطه الأصمعي بفتح أوله وثانيه فقال :

أراحني الرحمن من قبل ترف

والقرف : داء يأخذ المعزى من بول الأروى إذا شمّته ماتت ، ويقال لهذا الداء الأباء.

تَرْفُلانُ : بفتح أوله ، وضم الفاء : موضع بالشام في شعر النّعمان بن بشير الأنصاري حيث قال:

يا خليليّ ودّعا دار ليلى ،

ليس مثلي يحلّ دار الهوان

إن قينيّة تحلّ حفيرا

ومحبّا ، فجنّتي ترفلان

لا تؤاتيك في المغيب ، إذا ما

حال من دونها فروع القنان

إن ليلى ، وإن كلفت بليلى ،

عاقها عنك عائق غير وان

تَرْقُفُ : بضم القاف ، والفاء ؛ قال الأزهري : بلد ، قلت أنا : وأظنّه من نواحي البندنيجين من بلاد العراق ؛ ينسب إليه أبو محمد العباس بن عبد الله بن أبي عيسى التّرقفي الباكسائي أحد الأئمة الأعيان المكثرين ، ومن العباد المجتهدين ، كثير الحديث ، واسع الرواية ، ثقة صدوق حافظ ، رحل في طلب الحديث إلى الشام ، وسمع خلقا ، منهم : محمد بن يوسف الفريابي ، روى عنه أبو بكر بن أبي الدّنيا وإسماعيل بن محمد الصّفّار النحوي ، مات في سنة ٢٦٨ أو ٢٦٧ ؛ وقيل : إن ترقف اسم امرأة نسبت إليها.

تُرْكانُ : بالضم : من قرى مرو معروفة ؛ ذكرها أبو سعد ولم ينسب إليها أحدا.

تُرْكِسْتَانُ : هو اسم جامع لجميع بلاد الترك ؛

وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : الترك أول من يسلب أمتي ما خوّلوا ؛

وعن ابن عباس أنه قال : ليكوننّ الملك ، أو قال الخلافة ، في ولدي حتى يغلب على عزهم الحمر الوجوه الذين كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة ؛ وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أنه قال : لا تقوم الساعة حتى يجيء قوم عراض الوجوه صغار الأعين فطس الأنوف حتى يربطوا خيولهم بشاطئ دجلة ؛ وعن معاوية : لا تبعثوا الرّابضين اتركوهم ما تركوكم الترك والحبشة ؛ وخبر آخر

عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : اتركوا الترك ما تركوكم.

وقيل : إن الشاة لا تضع في بلاد الترك أقلّ من أربعة وربما وضعت خمسة أو ستة كما تضع الكلاب ، وأما اثنين أو ثلاثة فإنما يكون نادرا ، وهي كبار جدّا ، ولها ألايا كبار تجرها على الأرض. وأوسع بلاد الترك بلاد التغزغز ، وحدّهم الصين والتّبّت والخرلخ والكيماك والغزّ والجفر والبجناك والبذكش واذكس وخفشاق وخرخيز ، وأول حدّهم من جهة المسلمين فاراب ، قالوا : ومدائنهم المشهورة ست عشرة مدينة ،

٢٣

والتغزغز في الترك كالبادية ، أصحاب عمد يرحلون ويحلّون ، والبذكشية أهل بلاد وقرّى. وكان هشام بن عبد الملك بعث إلى ملك الترك يدعوه إلى الإسلام ، قال الرسول : فدخلت عليه وهو يتخذ سرجا بيده فقال للترجمان : من هذا؟ فقال : رسول ملك العرب ، قال : غلامي! قال : نعم ، قال : فأسر بي إلى بيت كثير اللحم قليل الخبز ، ثم استدعاني وقال لي : ما بغيتك؟ فتلطّفت له وقلت : إن صاحبي يريد نصيحتك ويراك على ضلال ويحبّ لك الدخول في الإسلام ، قال : وما الإسلام؟ فأخبرته بشرائطه وحظره وإباحته وفروضه وعبادته ، فتركني أياما ثم ركب ذات يوم في عشرة أنفس مع كل واحد منهم لواء وأسر بحملي معه ، فمضينا حتى صعد تلّا وحول التلّ غيضة ، فلما طلعت الشمس أمر واحدا من أولئك أن ينشر لواءه ويليح به ، ففعل ، فوافى عشرة آلاف فارس مسلّح كلّهم يقول : جاه جاه ، حتى وقفوا تحت التلّ وصعد مقدّمهم فكفّر للملك ، فما زال يأمر واحدا واحدا أن ينشر لواءه ويليح به ، فإذا فعل ذلك وافى عشرة آلاف فارس مسلّح فيقف تحت التلّ حتى نشر الألوية العشرة وصار تحت التلّ مائة ألف فارس مدجّج ، ثم قال للترجمان : قل لهذا الرسول يعرّف صاحبه أن ليس في هؤلاء حجّام ولا إسكاف ولا خياط فإذا أسلموا والتزموا شروط الإسلام من أين يأكلون؟ ومن ملوك الترك كيماك دون ألفين ، وهم بادية يبيعون الكلأ ، فإذا ولد للرجل ولد ربّاه وعاله وقام بأمره حتى يحتلم ثم يدفع إليه قوسا وسهاما ويخرجه من منزله ويقول له : احتل لنفسك ، ويصيّره بمنزلة الغريب الأجنبي ؛ ومنهم من يبيع ذكور ولده وإناثهم بما ينفقونه ؛ ومن سنتهم أن البنات البكور مكشفات الرءوس ، فإذا أراد الرجل أن يتزوّج ألقى على رأس إحداهن ثوبا فإذا فعل ذلك صارت زوجته لا يمنعها منه مانع ؛ وذكر تميم بن بحر المطّوّعي أن بلدهم شديد البرد ، وإنما يسلك فيه ستة أشهر في السنة ، وأنه سلك في بلاد خاقان التغزغزي على بريد أنفذه خاقان إليه وأنه كان يسير في اليوم والليلة ثلاث سكك بأشد سير وأحثه ، فسار عشرين يوما في بواد فيها عيون وكلأ وليس فيها قرية ولا مدينة إلا أصحاب السكك ، وهم نزول في خيام ، وكان حمل معه زادا لعشرين يوما ، ثم سافر بعد ذلك عشرين يوما في قرى متصلة وعمارات كثيرة ، وأكثر أهلها عبدة نيران على مذهب المجوس ، ومنهم زنادقة على مذهب ماني ، وأنه بعد هذه الأيام وصل إلى مدينة الملك وذكر أنها مدينة حصينة عظيمة حولها رساتيق عامرة وقرى متصلة ولها اثنا عشر بابا من حديد مفرطة العظم ، قال : وهي كثيرة الأهل والزحام والأسواق والتجارات ، والغالب على أهلها مذهب الزنادقة ، وذكر أنه حزر ما بعدها إلى بلاد الصين مسيرة ثلاثمائة فرسخ ، قال : وأظنه أكثر من ذلك ، قال : وعن يمين بلدة التغزغز بلاد الترك لا يخالطها غيرهم ، وعن يسار التغزغز كيماك وأمامها بلاد الصين ، وذكر أنه نظر قبل وصوله إلى المدينة خيمة الملك من ذهب وعلى رأس قصره تسعمائة رجل ، وقد استفاض بين أهل المشرق أن مع الترك حصى يستمطرون به ، ويجيئهم الثلج حين أرادوا.

وذكر أحمد بن محمد الهمذاني عن أبي العباس عيسى ابن محمد المروزي قال : لم نزل نسمع في البلاد التي من وراء النهر وغيرها من الكور الموازية لبلاد الترك الكفرة الغزّيّة والتغزغزية والخزلجية ، وفيهم المملكة ، ولهم في أنفسهم شأن عظيم ونكاية في الأعداء شديدة ،

٢٤

إن من الترك من يستمطر في السفارة وغيرها فيمطر ويحدث ما شاء من برد وثلج ونحو ذلك ، فكنا بين منكر ومصدق ، حتى رأيت داود بن منصور بن أبي علي الباذغيسي ، وكان رجلا صالحا قد تولى خراسان ، فحمد أمره بها ، وقد خلا بابن ملك الترك الغزية ، وكان يقال له بالقيق بن حيّويه ، فقال له : بلغنا عن الترك أنهم يجلبون المطر والثلج متى شاءوا فما عندك في ذلك؟ فقال : الترك أحقر وأذلّ عند الله من أن يستطيعوا هذا الأمر ، والذي بلغك حق ولكن له خبر أحدثك به : كان بعض أجدادي راغم أباه ، وكان الملك في ذلك العصر قد شذّ عنه واتخذ لنفسه أصحابا من مواليه وغلمانه وغيرهم ممن يجب الصعلكة ، وتوجه نحو شرق البلاد يغير على الناس ويصيد ما يظهر له ولأصحابه ، فانتهى به المسير إلى بلد ذكر أهله أن لا منفذ لأحد وراءه ، وهناك جبل ، قالوا : إنّ الشمس تطلع من وراء هذا الجبل ، وهي قريبة من الأرض جدّا ، فلا تقع على شيء إلا أحرقته ، قال : أو ليس هناك ساكن ولا وحش؟ قالوا : بلى ، قال : فكيف يتهيأ لهم المقام على ما ذكرتم؟ قالوا : أما الناس فلهم أسراب تحت الأرض وغيران في الجبال ، فإذا طلعت الشمس بادروا إليها واستكنوا فيها حتى ترتفع الشمس عنهم فيخرجون ، وأما الوحوش فإنها تلتقط حصّى هناك قد ألهمت معرفته ، فكلّ وحشيّة تأخذ حصاة بفيها وترفع رأسها إلى السماء فتظلّلها وتبرز عند ذلك غمامة تحجب بينها وبين الشمس ، قال : فقصد جدي تلك الناحية فوجد الأمر على ما بلغه ، فحمل هو وأصحابه على الوحوش حتى عرف الحصى والتقطه ، فحملوا منه ما قدروا عليه إلى بلادهم ، فهو معهم إلى الآن ، فإذا أرادوا المطر حرّكوا منه شيئا يسيرا فينشأ الغيم فيوافي المطر ، وإن أرادوا الثلج والبرد زادوا في تحريكه فيوافيهم الثلج والبرد ، فهذه قصتهم ، وليس ذلك من حيلة عندهم ، ولكنه من قدرة الله تعالى.

قال أبو العباس : وسمعت إسماعيل بن أحمد الساماني أمير خراسان يقول : غزوت الترك في بعض السنين في نحو عشرين ألف رجل من المسلمين ، فخرج إليّ منهم ستون ألفا في السلاح الشاك ، فواقعتهم أياما ، فإني ليوما في قتالهم إذ اجتمع إليّ خلق من غلمان الأتراك وغيرهم من الأتراك المستأمنة فقالوا لي : إن لنا في عسكر الكفرة قرابات وإخوانا ، وقد أنذرونا بموافاة فلان ، قال : وكان هذا الذي ذكروه كالكاهن عندهم ، وكانوا يزعمون أنه ينشئ سحاب البرد والثلج وغير ذلك ، فيقصد بها من يريد هلاكه ، وقالوا : قد عزم أن يمطر على عسكرنا بردا عظاما لا يصيب البرد إنسانا إلا قتله ، قال : فانتهرتهم وقلت لهم : ما خرج الكفر من قلوبكم بعد ، وهل يستطيع هذا أحد من البشر؟ قالوا : قد أنذرناك وأنت أعلم غدا عند ارتفاع النهار ؛ فلما كان من الغد وارتفاع النهار نشأت سحابة عظيمة هائلة من رأس جبل كنت مستندا بعسكري إليه ثم لم تزل تنتشر وتزيد حتى أظلّت عسكري كله ، فهالني سوادها وما رأيت منها وما سمعت فيها من الأصوات الهائلة وعلمت أنها فتنة ، فنزلت عن دابّتي وصلّيت ركعتين وأهل العسكر يموج بعضهم في بعض وهم لا يشكّون في البلاء ، فدعوت الله وعفرت وجهي في التراب وقلت : اللهم أغثنا فإن عبادك يضعفون عن محنتك وأنا أعلم أن القدرة لك وأنه لا يملك الضرّ والنّفع الا أنت ، اللهم إن هذه السحابة إن أمطرت علينا كانت فتنة للمسلمين وسطوة للمشركين ، فاصرف عنا شرها

٢٥

بحولك وقوتك يا ذا الجلال والحول والقوة ؛ قال : وأكثرت الدعاء ووجهي على التراب رغبة ورهبة إلى الله تعالى وعلما أنه لا يأتي الخير إلا من عنده ولا يصرف السوء غيره ، فبينما أنا كذلك إذ تبادر إليّ الغلمان وغيرهم من الجند يبشرونني بالسلامة وأخذوا بعضدي ينهضونني من سجدتي ويقولون : انظر أيها الأمير ، فرفعت رأسي فإذا السحابة قد زالت عن عسكري وقصدت عسكر الترك تمطر عليهم بردا عظاما وإذا هم يموجون ، وقد نفرت دوابهم وتقلّعت خيامهم ، وما تقع بردة على واحد منهم إلا أوهنته أو قتلته ، فقال أصحابي : نحمل عليهم؟ فقلت : لا ، لأن عذاب الله أدهى وأمرّ ، ولم يفلت منهم إلا القليل ، وتركوا عسكرهم بجميع ما فيه وهربوا ، فلما كان من الغد جئنا إلى معسكرهم فوجدنا فيه من الغنائم ما لا يوصف ، فحملنا ذلك وحمدنا الله على السلامة وعلمنا أنه هو الذي سهل لنا ذلك وملكناه ؛ قلت : هذه أخبار سطرتها كما وجدتها ، والله أعلم بصحتها.

تَرْمُدُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الميم ، والدال مهملة : موضع في بلاد بني أسد أقطعه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حصين بن نضلة الأسدي ؛ وعن عمرو بن حزم قال : كتب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بسم الله الرحمن الرحيم ـ هذا كتاب من محمد رسول الله لحصين بن نضلة الأسدي أن له ترمد وكثيفة لا يحاقه فيهما أحد ؛ وكتب المغيرة : قال أبو بكر محمد بن موسى كذا رأيته مكتوبا في غير موضع وكذا قيده أبو الفضل بن ناصر وكان صحيح الضبط ، وقد رأيته أيضا في غير موضع ثرمداء ، أوله ثاء مثلثة والميم مفتوحة وبعد الدال المهملة ألف ممدودة ، وهو الصحيح عندي ، غير أني نقلت الكل كما وجدته وسمعته ، والتحقيق فيه في زماننا متعذر ؛ قلت أنا : وعندي أن ترمد غير ثرمداء لأن ثرمداء ماء لبني سعد بن زيد مناة ابن تميم بالستارين وآخر باليمامة ، وترمد ماء لبني أسد.

تِرْمِذُ : قال أبو سعد : الناس مختلفون في كيفية هذه النسبة ، بعضهم يقول بفتح التاء وبعضهم يقول بضمها وبعضهم يقول بكسرها ، والمتداول على لسان أهل تلك المدينة بفتح التاء وكسر الميم ، والذي كنا نعرفه فيه قديما بكسر التاء والميم جميعا ، والذي يقوله المتأنقون وأهل المعرفة بضم التاء والميم ، وكلّ واحد يقول معنى لما يدعيه. وترمذ : مدينة مشهورة من أمهات المدن ، راكبة على نهر جيحون من جانبه الشرقي ، متصلة العمل بالصغانيان ، ولها قهندز وربض ، يحيط بها سور ، وأسواقها مفروشة بالآجر ، ولهم شرب يجري من الصغانيان لأن جيحون يستقلّ عن شرب قراهم ؛ وقال نهّار بن توسعة يذمّ قتيبة بن مسلم الباهلي ويرثي يزيد بن المهلّب :

كانت خراسان أرضا ، إذ يزيد بها ،

وكلّ باب من الخيرات مفتوح

فاستبدلت قتبا جعدا أنامله ،

كأنما وجهه بالخلّ منضوح

هبّت شمالا خريقا أسقطت ورقا ،

واصفرّ بالقاع بعد الخضرة الشيح

فارحل ، هديت ، ولا تجعل غنيمتنا

ثلجا تصفّقه بالترمذ الريح

إن الشتاء عدوّ لا نقابله

فارحل ، هديت ، وثوب الدّفء مطروح

وتروى الثلاثة أبيات الأخيرة لمالك بن الرّيب في

٢٦

سعيد بن عثمان بن عفان ؛ والمشهور من أهل هذه البلدة أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي الضرير صاحب الصحيح أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث ، صنف الجامع والعلل تصنيف رجل متقن ، وبه كان يضرب المثل ، تلمذ لمحمد بن إسماعيل البخاري وشاركه في شيوخه قتيبة بن سعيد وعلي بن حجر وابن بشّار وغيرهم ، روى عنه أبو العباس المحبوبي والهيثم بن كليب الشاشي وغيرهما ، توفي بقرية بوغ سنة نيف وسبعين ومائتين ؛ وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن يوسف الترمذي السّلمي ، سمع أبا نعيم الفضل بن دكين وطبقته ، وكان فهما متقنا مشهورا بمذهب السنّة ، سكن بغداد وحدث بها ، وروى عنه ابن أبي الدنيا والقاضي أبو عبد الله المحاملي وأبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي في صحيحيهما ، ومات ببغداد سنة ٢٨٠ ؛ وينسب إليها غيرهما ، وأحمد بن الحسن بن جنيدب أبو الحسن الترمذي الحافظ ، رحّال طوّف الشام والعراق وسمع بمصر سعيد بن الحكم بن أبي مريم وكثير بن عفير ، وبالشام آدم بن أبي إياس ، وبالعراق أبا نعيم وأحمد بن حنبل وطبقتهما ، وروى عنه البخاري في صحيحه والترمذي في جامعه وأبو بكر بن خزيمة وغيرهم.

تُرْمُسَانُ : بالضم ثم السكون ، وضم الميم ، والسين مهملة ؛ قال أبو سعد : وظنّي أنها من قرى حمص ؛ منها أبو محمد القاسم بن يونس التّرمساني الحمصي ، روى عن عصام بن خالد ، حدث عنه ابن أبي حاتم قال : وكان صدوقا.

تَرْمُسُ : موضع قرب القنان من أرض نجد ، وقال نصر : التّرمس ماء لبنى أسد.

تَرْمُ : بالفتح ؛ قال نصر : اسم قديم لمدينة أوال بالبحرين.

تُرْنَاوَذ : بالضم ثم السكون ، ونون ، وألف ، وواو مفتوحة ، وذال معجمة : من قرى بخارى ؛ منها أبو حامد أحمد بن عيسى المؤدب التّرناوذي ، يروي عن أبي الليث نصر بن الحسين ومحمد بن المهلّب ويحيى بن جعفر ، روى عنه أبو محمد عبد الله بن عامر ابن أسد المستملي.

تُرُنْجَةُ : بلفظ واحدة التّرنج من الثمر : بليدة بين آمل وسارية من نواحي طبرستان ؛ منها محمد بن إبراهيم التّرنجي.

تَرْنَكُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح النون ، وكاف : بلد بناحية بست ، له ذكر في الفتوح ؛ وفي كتاب نصر : ترنك واد بين سجستان وبست ، وهو إلى بست أقرب.

تُرَنُ : بوزن زفر ، بضم أوله ، وفتح ثانيه ، ونون : ناحية بين مكة وعدن ويليهما موزع ، وهو المنزل الخامس لحاجّ عدن.

تَرْنُوطُ : بالفتح ثم السكون ، وضم النون ، وواو ساكنة ، وطاء مهملة : قرية بين مصر والإسكندرية كان بها وقعة بين عمرو بن العاص والروم أيام الفتوح ، وهي قرية كبيرة جامعة على النيل ، فيها أسواق ومسجد جامع وكنيسة خراب كبيرة ، خرّبتها كتامة مع القاسم بن عبيد الله ، وبها معاصر للسكر وبساتين ، وأكثر فواكه الإسكندرية منها ؛ قالوا : لا تطول الأعمار كما تطول بترنوط وفرغانة.

تَرُوجَةُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، وجيم : قرية بمصر من كورة البحيرة من أعمال الإسكندرية ،

٢٧

أكثر ما يزرع بها الكمون ، وقيل اسمها ترنجة ؛ ينسب إليها أبو محمد عبد الكريم بن أحمد بن فرّاج التّروجي ، سمع السلفي وذكر في معجمه وقال : أجلّ شيح له أبو بكر محمد بن إبراهيم بن الحسين الرازي الحنفي ، وبه كان افتخاره.

تُرُوغْبَذ : الواو والغين المعجمة ساكنتان ، والباء موحدة مفتوحة ، والذال معجمة ، أيضا : قرية من قرى طوس على أربعة فراسخ منها ؛ خرج منها جماعة من المحدثين والزّهاد ، منهم : أبو الحسن النعمان بن محمد بن أحمد بن الحسين بن النعمان الطوسي التّروغبذي ، سمع محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وروى عنه الحاكم أبو عبد الله ، وهو من المكثرين ، وتوفي قبل سنة ٣٥٠.

تَرُوقُ : بالقاف ، بلفظ المضارع ، من راقت المرأة تروق : اسم هضبة.

التَّرْويح : من أيام العرب.

التَّرْوِيَةُ : بمكة ، سمي بذلك لأنهم كانوا يتروّون به من الماء أي يحملونه في الروايا منه إلى عرفة لأنه لم يكن بعرفة ماء ؛ قاله عياض.

تُرْيادَةُ : بالضم : قرية باليمن من مخلاف بعدان.

تِرْياعُ : بالكسر ، وآخره عين مهملة ؛ قرأت بخط أحمد ابن أحمد يعرف بأخي الشافعي في شعر جرير رواية السكّري : والترياع ماء لبني يربوع ؛ قال جرير :

خبّر عن الحيّ بالتّرياع ، غيّره

ضرب الأهاضيب والنّأآجة العصف

كأنه ، بعد تحنان الرياح به ،

رقّ تبيّن فيه اللام والألف

خبّر عن الحيّ سرّا أو علانية.

جادتك مدجنة في عينها وطف

تِرْيَاقُ : بالكسر ، وهو بلفظ الدواء المركب النافع من السموم وغيرها : من قرى هراة ؛ منها أبو نصر عبد العزيز بن محمد بن ثمامة الترياقي ، روى عن أبي محمد عبد الجبار بن محمد بن عبد الله الجرّاحي المروزي وأبي القاسم إبراهيم بن علي وغيرهما من الهرويّين ، روى عنه أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله الكروخي ، وهو آخر من حدّث عنه ببغداد ، وأبو جعفر حنبل بن علي بن الحسين الصوفي السّجزي وغيره ، مات الترياقي في شهر رمضان سنة ٤٨٣ بهراة ودفن بباب خشك ؛ قاله أبو سعد.

تَريكُ : بكسر الرّاء ، وياء ساكنة ، وكاف : موضع باليمن من أسافله ، وهو مياه ومغايض ، وفيه روضة ذكرت في الرياض.

تَرِيمُ : اسم إحدى مدينتي حضرموت لأن حضرموت اسم للناحية بجملتها ، ومدينتاها شبام وتريم ، وهما قبيلتان سمّيت المدينتان باسميهما ؛ قال الأعشى :

طال الثّواء على تريم ،

وقد نأت بكر بن وائل

تِريَمُ : بالكسر ، وفتح الياء : اسم واد بين المضايق ووادي ينبع ؛ قال ابن السّكّيت : ثم قريب من مدين ؛ قال كثيّر :

أقول ، وقد جاوزت من صحن رابغ

سهامه غبرا يفرع الأكم آلها :

أألحيّ أم صيران دوم تناوحت

بتريم قصرا ، واستحثّت شمالها؟

وقال الفضل بن العباس اللهبي :

كأنهم ، ورقاق الريط تحملهم ،

وقد تولّوا لأرض قصدها عمر

٢٨

دوم بتريم ، هزّته الدّبور على

سوف ، تفرّعه بالجمل محتضر

باب التاء والزاي وما يليهما

تَزَاخى : بالفتح ، والخاء المعجمة : من قرى بخارى.

تِزْمَنْت : بالكسر ثم السكون ، وفتح الميم ، وسكون النون ، والتاء مثناة : قرية من عمل البهنسا على غربي النيل من الصعيد.

باب التاء والسين وما يليهما

تَسارَس : بالفتح ، والسينان مهملتان ؛ خبّرني الحافظ أبو عبد الله بن النجار قال : ذكر لي أبو البركات محمد ابن أبي الحسن عليّ بن عبد الوهاب بن حليف أن تسارس قصر ببرقة ، وأن أصل أجداده منه ، روى أبو البركات عن السلفي ، وكان أبوه أبو الحسن من الأعيان ، مدحه ابن قلاقس ، وله أيضا شعر ، وهو الذي جمع شعر ابن قلاقس ، واسمه أبو الفتح نصر الله بن قلاقس ؛ ومن هذا القصر أيضا أبو الحسين زيد بن عليّ التسارسي ، كان فقيها فاضلا ؛ وابنه أبو الرّضا عليّ بن زيد بن عليّ الخياط التسارسي ، روى عن السلفي أبي طاهر ، روى عنه جماعة ، منهم الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار البغدادي قال : وقال لي كان جدّي من تسارس وولد أبي بالاسكندرية ؛ ولابن قلاقس الاسكندري في زيد أهاج ، منها :

رقّق نجل التسارسيّ المعاني

في الحديث ، الذي يضاف إليه

صار يجري على الجواري الجواري ،

ويعاني اقتضاضها بيديه

تُستَر : بالضم ثم السكون ، وفتح التاء الأخرى ، وراء : أعظم مدينة بخوزستان اليوم ، وهو تعريب شوشتر ؛ وقال الزّجّاجي : سمّيت بذلك لأن رجلا من بني عجل يقال له تستر بن نون افتتحها فسميت به وليس بشيء ، والصحيح ما ذكره حمزة الأصبهاني قال : الشوشتر مدينة بخوزستان ، تعريب شوش بإعجام الشينين ، قال : ومعناه النزه والحسن والطيب واللطيف ، فبأيّ الأسماء وسمتها من هذه جاز ، قال : وشوشتر معناه معنى أفعل ، فكأنه قال : أنزه وأطيب وأحسن ، يعني أن زيادة التاء والراء بمعنى أفعل ، فإنهم يقولون للكبير بزرك ، فإذا أرادوا أكبر قالوا بزرگتر مطرد ، قال : والسّوس مختطّة على شكل باز ، وتستر مختطّة على شكل فرس ، وجندي سابور مختطّة على شكل رقعة الشطرنج ، وبخوزستان أنهار كثيرة ، وأعظمها نهر تستر ، وهو الذي بنى عليه سابور الملك شاذروان بباب تستر حتى ارتفع ماؤه إلى المدينة ، لأن تستر على مكان مرتفع من الأرض ، وهذا الشاذروان من عجائب الأبنية ، يكون طوله نحو الميل ، مبني بالحجارة المحكمة والصخر وأعمدة الحديد وبلاطه بالرصاص ، وقيل : إنه ليس في الدنيا بناء أحكم منه ؛ قال أبو غالب شجاع بن فارس الذهلي : كتبت إلى ١ أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسين السكري وهو بتستر أتشوّقه :

ريح الصباء ، إذا مررت بتستر

والطيّب خصّيها ، بألف سلام

وتعرّفي خبر الحسين ، فإنه

مذ غاب أودعني لهيب ضرام

قولي له : مذ غبت عني لم أذق ،

شوقا إلى لقياك ، طيب منام

٢٩

والله ما يوم يمرّ وليلة ،

إلّا وأنت تزور في الأحلام

قال : فأجابني من تستر :

مرّت بنا ، بالطيب ثم بتستر ،

ريح روائحها كنشر مدام

فتوقّفت حسنى إليّ ، وبلّغت

أضعاف ألف تحية وسلام

وسألت عن بغداد كيف تركتها؟

قالت : كمثل الروض غبّ غمام

فلكدت من فرح أطير صبابة ،

وأصول من جذل على الأيام

ونسيت كلّ عظيمة وشديدة ،

وظننتها حلما من الأحلام

وبتستر قبر البراء بن مالك الأنصاري ، وكان يعمل بها ثياب وعمائم فائقة ، ولبس يوما الصاحب بن عبّاد عمامة بطراز عريض من عمل تستر ، فجعل بعض جلسائه يتأمّلها ويطيل النظر إليها ، فقال الصاحب : ما عملت بتستر لتستر ؛ قلت : وهذا من نوادر الصاحب.

وقال ابن المقفّع : أول سور وضع في الأرض بعد الطوفان سور السوس وسور تستر ، ولا يدرى من بناهما ، والأبلّة ، وتفرّد بعض الناس بجعل تستر مع الأهواز وبعضهم بجعلها مع البصرة ؛ وعن ابن عون مولى المسور قال : حضرت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وقد اختصم إليه أهل الكوفة والبصرة في تستر وكانوا حضروا فتحها ، فقال أهل الكوفة : هي من أرضنا ، وقال أهل البصرة : هي من أرضنا ، فجعلها عمر بن الخطاب من أرض البصرة لقربها منها.

وأما فتحها فذكر البلاذري أن أبا موسى الأشعري لما فتح سرّق سار منها إلى تستر وبها شوكة العدوّ وحدّهم ، فكتب إلى عمر ، رضي الله عنه ، يستمدّه ، فكتب عمر إلى عمار بن ياسر يأمره بالمسير إليه في أهل الكوفة ، فقدّم عمار جرير بن عبد الله البجلي وسار حتى أتى تستر ، وكان على ميمنة أبي موسى البراء بن مالك أخو أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، وكان على ميسرته مجزأة بن ثور السّدوسي وعلى الخيل أنس بن مالك وعلى ميمنة عمار البراء بن عازب الأنصاري وعلى ميسرته حذيفة بن اليمان العبسي وعلى خيله قرظة بن كعب الأنصاري وعلى رجاله النعمان ابن مقرّن المزني ، فقاتلهم أهل تستر قتالا شديدا ، وحمل أهل البصرة وأهل الكوفة حتى بلغوا باب تستر ، فضاربهم البراء بن مالك على الباب حتى استشهد ودخل الهرمزان وأصحابه إلى المدينة بشرّ حال ، وقد قتل منهم في المعركة تسعمائة وأسر ستمائة ضربت أعناقهم بعد ، وكان الهرمزان من أهل مهرجان قذق ، وقد حضر وقعة جلولاء مع الأعاجم ، ثم إن رجلا من الأعاجم استأمن إلى المسلمين فأسلم واشترط أن لا يعرض له ولولده ليدلّهم على عورة العجم ، فعاقده أبو موسى على ذلك ووجّه معه رجلا من بني شيبان يقال له أشرس بن عوف ، فخاض به على عرق من حجارة حتى علا به المدينة وأراه الهرمزان ثم ردّه إلى المعسكر ، فندب أبو موسى أربعين رجلا مع مجزأة بن ثور وأتبعهم مائتي رجل ، وذلك في الليل ، والمستأمن تقدّمهم حتى أدخلهم المدينة ، فقتلوا الحرس وكبّروا على سور المدينة ، فلما سمع الهرمزان ذلك هرب إلى قلعته ، وكانت موضع خزائنه وأمواله ، وعبر أبو موسى حين أصبح حتى دخل المدينة واحتوى عليها ، وجعل الرجل من الأعاجم يقتل أهله وولده ويلقيهم في دجيل خوفا من أن تظفر بهم العرب ،

٣٠

وطلب الهرمزان الأمان فأبى أبو موسى أن يعطيه ذلك إلّا على حكم عمر ، رضي الله عنه ، فنزل على ذلك ، فقتل أبو موسى من كان في القلعة جهرا ممن لا أمان له وحمل الهرمزان إلى عمر فاستحياه إلى أن قتله عبيد الله بن عمر ، إذ اتّهمه بموافقة أبي لؤلؤة على قتل أبيه ؛ وينسب إلى تستر جماعة ، منهم : سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى بن عبد الله التستري شيخ الصوفية ، صحب ذا النون المصري ، وكانت له كرامات ، وسكن البصرة ، ومات سنة ٢٨٣ وقيل سنة ٢٧٣ ؛ وأما أحمد بن عيسى بن حسّان أبو عبد الله المصري يعرف بالتستري ، قيل إنه كان يتّجر في الثياب التسترية ، وقيل كان يسافر إلى تستر ، حدث عن مفضّل بن فضالة المصري ورشيد بن سعيد المهري ، روى عنه مسلم بن الحجاج النيسابوري وإبراهيم الحربي وابن أبي الدّنيا وعبد الله بن محمد البغوي ، وسمع يحيى بن معين يحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنه كذاب ، وذكره أبو عبد الرحمن النسائي في شيوخه وقال : لا بأس به ، ومات بسامرّاء سنة ٢٤٣.

التُّستَرِيُّون : جمع نسبة الذي قبله : محلّة كانت ببغداد في الجانب الغربي بين دجلة وباب البصرة ؛ عن ابن نقطة ، يسكنها أهل تستر ، وتعمل بها الثياب التّسترية ؛ ينسب إليها أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري التّستري المقري ، سمع أبا طالب العشاري وأبا إسحاق البرمكي وغيرهما ، وانفرد بالرواية عن ابن شيخ الحروري ، روى عنه خلق كثير ، آخرهم أبو اليمن الكندي ، مولده سنة ٤٣٥ ؛ وشجاع بن عليّ الملاح التستري ، حدث عن أبي القاسم الحريري ، سمع منه محمد بن مشق ؛ وعبد الرّزاق بن أحمد بن محمد البقال التّستري ، كان ورعا صالحا ، توفي في شهر رمضان سنة ٤٦٨ حدثا ؛ وبركة بن نزار بن عبد الواحد أبو الحسين التّستري ، حدث عن أبي القاسم الحريري وغيره ، وتوفي سنة ٦٠٠ ؛ وأخوه عبد الواحد بن نزار أبو نزار ، حدث عن عمر بن عبد الله الحربي وأبي الحسن عليّ بن محمد ابن أبي عمر البزاز بالمجلس الأول من أمالي طراد ، سمع منه الإمام الحافظ ابن نقطة وذكر ذلك من شجاع إلى هنا.

التَّسْرِيرُ : بالفتح ثم السكون ، وكسر الراء ، وياء ساكنة ، وراء ؛ قال أبو زياد الكلابي : التسرير ذو بحار ، وأسفله حيث انتهت سيوله سمّي السّرّ ؛ قال : وقال أعرابي طاح في بعض القرى لمرض أصابه فسأله من يأتيه أي شيء تشتهي؟ فقال :

إذا يقولون : ما يشفيك؟ قلت لهم :

دخان رمث من التسرير يشفيني

مما يضمّ إلى عمران حاطبه

من الجنينة ، جزلا غير موزون

الرّمث : وقود وحطب حارّ ودخانه ينفع من الزّكام ؛ وقال أبو زياد في موضع آخر : ذو بحار واد يصب أعلاه في بلاد بني كلاب ثم يسلك نحو مهبّ الصبا ويسلك بين الشّريف شريف بني نمير وبين جبلة في بلاد بني تميم حتى ينتهي إلى مكان يقال له التّسرير من بلاد عكل ، قال : وفي التسرير أثناء ، وهي المعاطف ، فيه منها ثني لغنيّ بن أعصر وثني نمير بن عامر ، وفيه ماء يقال له الغريفة وجبل يقال له الغريف ، وثني لبني ضبّة لهم فيه مياه ودار واسعة ، ثم سائر التسرير إلى أن ينتهي في بلاد تميم ؛ قال الراعي :

حيّ الديار ، ديار أم بشير ،

بنو يعتين فشاطئ التسرير

٣١

لعبت بها صفة النّعامة بعد ما

زوّارها من شمأل ودبور(١)

باب التاء والشين وما يليهما

تُشْكِيدَزَه : بالضم ثم السكون ، وكسر الكاف ، وياء ساكنة ، ودال مهملة مفتوحة ، وزاي : من قرى سمرقند ؛ منها أحمد بن محمد التشكيدزي ، حدثنا عنه الإمام السعيد أبو المظفر بن أبي سعد.

تُشُمَّس : بضمتين ، وتشديد الميم ، والسين المهملة : مدينة قديمة بالمغرب ، عليها سور من البناء القديم ، تركب وادي شفدد ، وبينها وبين البحر المغربي نحو ميل ، ويمد وادي شفدد شعبتين تقع إليه إحداهما من بلد دنهاجة من جبلي البصرة ، والثانية من بلد كتامة ، وكلاهما ماء كثير ، وفيه يحمل أهل البصرة تجاراتهم في المراكب ثم يخرجون إلى البحر المحيط ويعودون إلى البحر الغربي فيسيرون حيث شاءوا منه ، وبين مدينة تشمّس هذه وبين البصرة دون مرحلة على الظهر ، وهي دون طنجة بأيام كثيرة.

باب التاء والصاد وما يليهما

تُصْلَبُ : بالضم ثم السكون ، وفتح اللام ، والباء موحدة : ماء ينجد لبني إنسان من جشم بن معاوية ابن بكر بن هوازن ؛ قال :

تذكّرت مشربها من تصلبا ،

ومن بريم قصبا مثقّبا

وقال أبو زياد الكلابي : تصلب من مياه بني فزارة يسمّى الحرث ؛ وأنشد :

يا ابن أبي المضرب ، يا ذا المشعب ،

تعلّمن سقيها بتصلب.

تَصيلُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ولام ؛ قال السكريّ : تصيل بئر في ديار هذيل ، وقيل : شعبة من شعب الوادي ؛ قال المذال بن المعترض :

ونحن منعنا ، من تصيل وأهلها ،

مشاربها من بعد ظمإ طويل

باب التاء والضاد وما يليهما

تُضَاعُ : بالضم ؛ قال نصر : هو واد بالحجاز لثقيف وهوازن ، وقيل بالباء.

تُضَارُعُ : بضم الراء على تفاعل ؛ عن ابن حبيب ، ولا نظير له في الأبنية ، ويروى بكسر الراء : جبل بتهامة لبني كنانة ؛ وينشد قول أبي ذؤيب على الروايتين :

كأن ثقال المزن ، بين تضارع

وشابة ، برك من جذام لبيج

وقال الواقدي : تضارع جبل بالعقيق ؛ وفي الحديث : إذا سال تضارع فهو عام ربيع ؛ وقال الزبير: الجمّاوات ثلاث ، فمنها جمّاء تضارع التي تسيل على قصر عاصم وبئر عروة وما والى ذلك ؛ وفيها يقول أحيحة بن الجلاح :

إني ، والمعشر الحرام وما

حجّت قريش له وما شعروا ،

لا آخذ الخطّة الدنية ما

دام يرى من تضارع حجر

تَضْرُعُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وضم الراء ، ورواه بعضهم تضرع ، بكسر أوله وفتح رائه : وهو جبل لكنانة قرب مكة ؛ قال كثيّر :

تفرّق أهواء الحجيج إلى منى ،

وصدّعهم شعب النّوى مشي أربع

__________________

(١) هكذا في الأصل.

٣٢

فريقان منهم سالك بطن نخلة ،

ومنهم طريق سالك حزم تضرع

تَضْرُوعُ : بزيادة واو ساكنة : موضع عقر به عامر ابن الطفيل فرسه ؛ قال :

ونعم أخو الصّعلوك أمس تركته

بتضروع ، يمري باليدين ويعسف

تَضْلالُ : بالفتح : موضع في قول وعلة الجرمي :

يا ليت أهل حمى كانوا مكانهم

يوم الصبابة ، إذ يقعدن باللّجم

إن يحلف اليوم أشياعي فهمتهم

ليقدعنّ ، فلم أعجر ولم ألم

إن يقتلوها ، فقد جرّت سنابكها

بالجزع أسفل من تضلال ذي سلم

باب التاء والطاء وما يليهما

تُطِيلَةُ : بالضم ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ولام : مدينة بالأندلس في شرقي قرطبة تتصل بأعمال أشقة ، هي اليوم بيد الروم ، شريفة البقعة غزيرة المياه كثيرة الأشجار والأنهار ، اختطت في أيام الحكم بن هشام ابن عبد الرحمن بن معاوية ؛ وقال أبو عبيد البكري : كان على رأس الأربعمائة بتطيلة امرأة لها لحية كاملة كلحية الرجال ، وكانت تتصرّف في الأسفار كما يتصرف الرجال ، حتى أمر قاضي الناحية القوابل بامتحانها ، فتمنّعت عن ذلك ، فأكرهنها فوجدنها امرأة ، فأمر بأن تحلق لحيتها ولا تسافر إلا مع ذي محرم. وبين تطيلة وسرقسطة سبعة عشر فرسخا ؛ وينسب إليها جماعة ، منهم : أبو مروان إسماعيل بن عبد الله التطيلي اليحصبي وغيره.

تَطَيْهُ : بفتحتين ، وسكون الياء ، وهاء : بليدة بمصر في كورة السمنّودية ؛ ينسب إليها جماعة بمصر التّطائي.

باب التاء والعين وما يليهما

تِعَارُ : بالكسر ، ويروى بالغين المعجمة ، والأول أصح : جبل في بلاد قيس ؛ قال لبيد :

إن يكن في الحياة خير ، فقد أن

ظرت لو كان ينفع الإنظار

عشت دهرا ، ولا يعيش مع ال

أيّام إلا يرمرم وتعار

والنجوم التي تتابع باللي

ل ، وفيها عن اليمين ازورار

قال عرّام بن الأصبع : في قبلي أبلى جبل يقال له برثم وجبل يقال له تعار ، وهما جبلان عاليان لا ينبتان شيئا ، فيهما النمران كثيرة ، وليس قرب تعار ماء ، وهو من أعمال المدينة ؛ قال القتال الكلابي:

تكاد باثقاب اليلنجوج جمرها

تضيء ، إذا ما سترها لم يحلّل

ومن دون حوث استوقدت هضب شابة

وهضب تعار كلّ عنقاء عيطل

حوث : لغة في حيث.

التَّعَانِيقُ : بالفتح ، وبعد الألف نون مكسورة ، وياء ساكنة ، وقاف : موضع في شق العالية ؛ قال زهير:

صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو ،

وأقفر من سلمى التعانيق فالثّقل

تُعاهِنُ : بالضم : هو الموضع المذكور في تعهن ؛ ذكره في شعر ابن قيس الرّقيات حيث قال :

٣٣

أقفرت بعد عبد شمس كداء ،

فكديّ فالرّكن فالبطحاء

موحشات إلى تعاهن فالسّق

يا ، قفار من عبد شمس خلاء

تَعِزُّ : بالفتح ثم الكسر ، والزاي مشددة : قلعة عظيمة من قلاع اليمن المشهورات.

تِعْشَارُ : بالكسر ثم السكون ، والشين معجمة ؛ وهو أحد الأسماء التي جاءت على تفعال ، وقد ذكرت في تبراك ، وتعشار : موضع بالدهناء ، وقال : هو ماء لبني ضبة ؛ قال ابن الطثرية :

ألا لا أرى وصل المسفّة راجعا ،

ولا لليالينا بتعشار مطلبا

ويوم فراض الوشم أذريت عبرة ،

كما صبغ السلك الفريد المثقّبا

وتروى قوا في هذين البيتين على لغتين : الأولى مطمعا والثانية موضعا ، وهي قصيدة.

تَعْشر : بالفتح : موضع باليمامة ؛ قال عمرو بن حنظلة ابن عمرو بن يزيد بن الصعق :

ألا يا قلّ خير المرء أنّى

يرجّى الخير والرجم المحار

ليخلد بعد لقمان بن عاد

وبعد ثمود ، إذ هلكوا وباروا

وبعد الناقضين قصور جوّ ،

وتعشر ثم دارهم قفار

وتعشر أيضا : من قرى عثر باليمن من جهة قبلتها ؛ وقال محمد بن سعيد العشمي :

ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة

بتعشر بين الأثل والرّكوان؟

تَعْكُرُ : بضم الكاف ، وراء : قلعة حصينة عظيمة مكينة باليمن من مخلاف جعفر مطلّة على ذي جبلة ، ليس باليمن قلعة أحصن منها فيما بلغني ؛ قال ابن القنيني شاعر عليّ بن مهدي المتغلب على اليمن :

أبلغ قرى تعكر ولا جرما :

أن الذي يكرهون قد دهما

وقل لجنّاتها سأنزلها

سيلا ، كأيام مأرب عرما

وأشرب الخمر في ربى عدن ،

والسّمر والبيض في الحصيب ظما

وتلجم الدين في محافلها ، (١)

والخيل حولي تعلّك اللّجما

لست من القطب أو أسير بها

شعواء ، تملا الوهاد والأكما

وتعكر أيضا : قلعة أخرى باليمن يقال لها تعكر ؛ وفيها يقول أبو بكر أحمد بن محمد العيدي في قصيدة يصف عدن ويخاطبها ويصف ممدوحه :

شرفت رباك به ، فقد ودّت لها

زهر الكواكب أنهنّ رباك

متنوّيا سامي حصونك ، طالعا

فيها طلوع البدر في الأفلاك

بالتّعكر المحروس ، أو بالمنظر ال

مأنوس نجمي فرقد وسماك

وله الحصون الشّمّ ، إلا أنه

يخلو له بك طالعا حصناك

وقال الصّليحي :

قالت ذرى تعكر فيها بكونك في

عليائها علما أوفى على علم

__________________

(١) قوله : تلجم الدين : هكذا في الأصل ، ولعله أراد بالدين الخاضعين ، من قولهم : قوم دين أي دائنون بمعنى خاضعين.

٣٤

تَعْمُرُ : في وزن الذي قبله : موضع باليمامة. وتعمر أيضا : قرية بالسواد.

تَعْنُق : بالنون ، والقاف : قرية قرب خيبر.

تِعْهِنُ : بكسر أوله وهائه ، وتسكين العين ، وآخره نون : اسم عين ماء سمّي به موضع على ثلاثة أميال من السّقيا بين مكة والمدينة ، وقد روي فيه تعهن ، بفتح أوله ، وكسر هائه ، وبضم أوله ؛ قال السّهيلي في شرح حديث الهجرة حيث يقول ابن إسحاق : ثم سلك بهما ، يعني الدليل ، برسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، رضي الله عنه ، ذا سلم من بطن أعدا مدلجة تعهن ثم على العثيانة ؛ قال : تعهن بكسر التاء ، والهاء ، والتاء أصلية على قياس النحو ، ووزنها فعلل إلا أن يقوم دليل من اشتقاق على زيادة التاء ، وتصحّ رواية من روى تعهن بضم التاء ، فإن صحت فالتاء زائدة كسرت أو ضمت ؛ وبتعهن صخرة يقال لها أمّ عقى ، فحين مرّ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، استسقاها فلم تسقه فدعا عليها فمسخت صخرة ، فهي تلك الصخرة ؛ كله عن السّهيلي.

باب التاء والغين وما يليهما

تَغْلَمَانِ : بالفتح ثم السكون ، وفتح اللام ، بلفظ التثنية : موضع في شعر كثيّر ؛ قال :

ورسوم الديار تعرف منها

بالملإ بين تغلمين فريم

تَغْلَمُ : واحد الذي قبله ، وقالوا : هي أرض متّصلة بتقيّدة ، ورواه الزمخشري بالعين المهملة ؛ قال المرقّش:

لم يشج قلبي من الحوادث ، إل

لا صاحبي المقذوف في تغلم

تَغَنُ : بالتحريك ، وآخره نون : موضع ذكره في رجز الأغلب العجلي.

تَغُوثُ : آخره ثاء مثلثة : موضع بأرض الحجاز ؛ عن الحازمي.

باب التاء والفاء وما يليهما

تَفْتَازَانُ : بعد الفاء الساكنة تاء أخرى ، وألف ، وزاي : قرية كبيرة من نواحي نسا وراء الجبل ؛ خرج منها جماعة ، منهم : أبو بكر عبد الله بن إبراهيم بن أبي بكر التّفتازاني ، إمام فاضل عالم بالتفسير والقراءات والمذهب والأصول ، حسن الوعظ ، سمع بنيسابور أبا عبد الله إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي ونصر الله الخشنامي وأبا سعد علي بن عبد الله ابن أبي الحسن بن أبي صادق الحيري ، وتفقّه بطوس على أبي حامد الغزّالي والتفسير على سلمان بن ناصر.

التَّفَرُّقُ : بالفتح ، وضم الراء : يوم التّفرّق من أيام العرب.

تَفَرْنُو : بفتحتين ، وسكون الراء ، وضم النون : بلد بالمغرب بين برقة والمحمدية.

تَفْسَرَّا : بالفتح ثم السكون ، وفتح السين المهملة ، وتشديد الراء ، والقصر : موضع في قول شريح بن خليفة حيث قال :

تدقّ الحصى والمرو دقّا ، كأنه

بروضة تفسرّا سمامة موكب

تِفْلِيسُ : بفتح أوله ويكسر : بلد بأرمينية الأولى ، وبعض يقول بأرّان ، وهي قصبة ناحية جرزان قرب باب الأبواب ، وهي مدينة قديمة أزلية ، طولها اثنتان وستون درجة ، وعرضها اثنتان وأربعون درجة ، قال مسعر بن مهلهل الشاعر في

٣٥

رسالته : وسرت من شروان في بلاد الأرمن حتى انتهيت إلى تفليس ، وهي مدينة لا إسلام وراءها ، يجري في وسطها نهر يقال له الكرّ يصبّ في البحر ، وفيها غروب تطحن ، وعليها سور عظيم ، وبها حمامات شديدة الحرّ لا توقد ولا يستقى لها ماء ، وعلّتها عند أولي الفهم تغني عن تكلف الإبانة عنها ، يعني أنها عين تنبع من الأرض حارّة وقد عمل عليها حمام فقد استغنت عن استسقاء الماء ؛ قلت : هذا الحمام حدثني به جماعة من أهل تفليس ، وهو للمسلمين لا يدخله غيرهم.

وافتتحها المسلمون في أيام عثمان بن عفّان ، رضي الله عنه ، كان قد سار حبيب بن مسلمة إلى أرمينية فافتتح أكثر مدنها ، فلما توسّطها جاءه رسول بطريق جرزان ، وكان حبيب على عزم المسير إليها فجاءه بالطريق يسأله الصلح وأمانا يكتبه حبيب لهم ، قال : فكتب لهم : أما بعد ، فإنّ رسولكم قدم عليّ وعلى الذين معي من المؤمنين فذكر عنكم أنكم قلتم : إننا أمّة أكرمنا الله وفضّلنا ، وكذلك فعل الله بنا والحمد لله كثيرا ، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه خير البرية من خلقه ، وذكرتم أنكم أحببتم سلمنا ، وقد قوّمت هديتكم وحسبتها من جزيتكم ، وكتبت لكم أمانا واشترطت فيه شرطا فإن قبلتموه ووفيتم به وإلّا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ، والسلام على من اتبع الهدى. وكتب لهم مع ذلك كتابا بالصلح والأمان ، وهو : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من حبيب بن مسلمة لأهل تفليس من رستاق منجليس من جرزان الهرمز بالأمان على أنفسهم وبيعهم وصوامعهم وصلواتهم ودينهم على الصغار والجزية على كل بيت دينار ، وليس لكم أن تجمعوا بين البيوتات تخفيفا للجزية ، ولا لنا أن نفرق بينها استكثارا لها ، ولنا نصيحتكم على أعداء الله ورسوله ما استطعتم ، وقرى المسلم المحتاج ليلة بالمعروف من حلال طعام أهل الكتاب لنا ، وإن يقطع برجل من المسلمين عندكم فعليكم أداؤه إلى أدنى فئة من المسلمين إلا أن يحال دونهم ، فإن أنبتم وأقمتم الصلاة فإخواننا في الدين وإلا فالجزية عليكم ، وإن عرض للمسلمين شغل عنكم فقهركم عدوّكم فغير مأخوذين بذلك ولا هو ناقض عهدكم ، هذا لكم وهذا عليكم ، شهد الله وملائكته ، وكفى بالله شهيدا.

ولم تزل بعد ذلك بأيدي المسلمين وأسلم أهلها إلى أن خرج في سنة ٥١٥ من الجبال المجاورة لتفليس يقال لها جبال أبخاز جيل من النصارى يقال لهم الكرج في جمع وافر وأعاروا على ما يجاورهم من بلاد الإسلام ، وكان الولاة بها من قبل الملوك السلجوقية قد استضعفوا لما تواتر عليهم من اختلاف ملوكهم وطلب كلّ واحد الملك لنفسه ، وكان في هذه السنة الاختلاف واقعا بين محمود ومسعود ابني محمد بن ملكشاه ، وجعلها الأمراء سوقا بالانتماء تارة إلى هذا وأخرى إلى هذا ، واشتغلوا عن مصالح الثغور ، فواقع الكرج ولاة أرمينية وقائع كان آخرها أن استظهر الكرج وهزّموا المسلمين ونزلوا على تفليس فحاصروها حتى ملكوها عنوة ، وقتلوا من المسلمين بها خلقا كثيرا ، ثم ملكوها واستقرّوا بها وأجملوا السيرة مع أهلها وجعلوهم رعيّة لهم ، ولم تزل الكرج كذلك أولي قوة وغارات تارة إلى أرّان ومرة إلى أذربيجان ومرة إلى خلاط وولاة الأمر مشتغلون عنهم بشرب الخمور وارتكاب المحظور ، حتى قصدهم جلال الدين منكبرني بن خوارزم شاه في شهور سنة ٦٢٣ وملك تفليس ، وقتل الكرج كل مقتلة ، وجرت له معهم وقائع

٣٦

انتصر عليهم في جميعها ، ثم رتب فيها واليا وعسكرا وانصرف عنها ، ثم أساء الوالي السيرة في أهلها فاستدعوا من بقي من الكرج وسلّموا إليهم البلد وخرج عنه الخوارزمية هاربين إلى صاحبهم ، وخاف الكرج أن يعاودهم خوارزم شاه فلا يكون لهم به طاقة فأحرقوا البلد ، وذلك في سنة ٦٢٤ ، وانصرفوا ، فهذا آخر ما عرفت من خبره ؛ وينسب إلى تفليس جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو أحمد حامد بن يوسف بن أحمد ابن الحسين التفليسي ، سمع ببغداد وغيرها ، وسمع بالبيت المقدس أبا عبد الله محمد بن علي بن أحمد البيهقي ، وبمكة أبا الحسن علي بن إبراهيم العاقولي ، روى عنه علي بن محمد الساوي ، قال الحافظ أبو القاسم : حدثنا عنه أبو القاسم بن السوسي ، وخرج من دمشق سنة ٤٨٣.

تَفِهْنَا : بالفتح ثم الكسر ، وسكون الهاء ، ونون : بليدة بمصر من ناحية جزيرة قوسنيا.

باب التاء والقاف وما يليهما

تَفْتَدُ : بالفتح ثم السكون ، وتاء أخرى مفتوحة ، وضبطه الزمخشري بضم الثانية : وهي ركيّة بعينها في شق الحجاز من مياه بني سعد بن بكر بن هوازن ؛ قال أبو وجزة الفقعسي :

ظلّت بذاك القهر من سوائها ،

وبين اقنين إلى رنقائها ،

فيما أقرّ العين من إكلائها

من عشب الأرض ومن ثمرائها ،

حتى إذا ما تمّ من إظمائها

وعتك البول على أنسائها ،

تذكّرت تقتد برد مائها ،

فبدّت الحاجز من رعائها

وصبّحت أشعث من إبلائها

وقال أبو الندى : تقتد قرية بالحجاز بينها وبين قلهى جبل يقال له أديمة ، وبأعلى الوادي رياض تسمّى الفلاج ، بالجيم ، جامعة للناس أيام الربيع ، ولها مسك كثير لماء السماء ، ويكتفون به صيفهم وربيعهم إذا مطروا ، وهي من ديار بني سليم ؛ عن نصر.

تَقُوعُ : بفتح أوله ، وضم ثانيه ، وسكون الواو ، والعين مهملة : من قرى بيت المقدس ، يضرب بجودة عسلها المثل.

تُقَيِّدُ : بالضم ثم الفتح ، وياء مكسورة مشددة ، ودال مهملة ، وقد يزاد في آخره هاء فيقولون تقيّدة : ماء لبني ذهل بن ثعلبة ، وقيل ماء بأعلى الحزن جامع لتيم الله وبني عجل وقيس بن ثعلبة ، ولها ذكر في الشعر.

تَقْيُوسُ : بالفتح ثم السكون ، وياء مضمومة ، وواو ساكنة ، وسين مهملة. مدينة بإفريقية قريبة من توزر.

التُّقَيُّ : بالضم ثم الفتح ، وتشديد الياء ، بلفظ التصغير : موضع في قول الحسين بن مطير :

أقول لنفسي حين أشرفت واجفا ،

ونفسي قد كاد الهوى يستطيرها :

ألا حبّذا ذات السلام ، وحبّذا

أجارع وعساء التّقيّ فدورها

باب التاء والكاف وما يليهما

تُكَاف : بالضم : من قرى نيسابور ؛ وقال أبو الحسن البيهقي : تكاب ، بالباء ، وأصلها تك آب معناه منحدر الماء : كورة من كور نيسابور ، وقصبتها

٣٧

نوزاباذ ، تشتمل على اثنتين وثمانين قرية. وتكاب أيضا : قرية بجوزجان.

تُكَّت : بالضم ، وتشديد الكاف ، وآخره تاء مثناة : من قرى إيلاق ؛ عن العمراني ، ويقال لها نكّت أيضا ، بالنون.

تُكْتَمُ : بالضم ثم السكون ، وفتح التاء : من أسماء زمزم ، سميت بذلك لأنها كانت مكتومة قد اندفنت منذ أيام جرهم حتى أظهرها عبد المطّلب.

تَكْرُورُ : براءين مهملتين : بلاد تنسب إلى قبيل من السودان في أقصى جنوب المغرب ، وأهلها أشبه الناس بالزنوج.

تَكْرِيتُ : بفتح التاء والعامة يكسرونها : بلدة مشهورة بين بغداد والموصل ، وهي إلى بغداد أقرب ، بينها وبين بغداد ثلاثون فرسخا ، ولها قلعة حصينة في طرفها الأعلى راكبة على دجلة ، وهي غربي دجلة ؛ وفي كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس : مدينة تكريت طولها ثمان وتسعون درجة وأربعون دقيقة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وثلاث دقائق ، وقال غيره : طولها تسع وستون درجة وثلث ، وعرضها خمس وثلاثون درجة ونصف ، وتعديل نهارها ثماني عشرة درجة ، وأطول نهارها أربع عشرة ساعة وثلث.

وكان أول من بنى هذه القلعة سابور بن أردشير ابن بابك لما نزل الهد ، وهو بلد قديم مقابل تكريت في البرّيّة ، يذكر إن شاء الله تعالى إن انتهينا إلى موضعه ، وقيل : سمّيت بتكريت بنت وائل ؛ وحدثني العباس بن يحيى التكريتي ، وهو معروف بالعلم والفضل في الموصل ، قال : مستفيض عند المحصلين بتكريت أن بعض ملوك الفرس أول ما بنى قلعة تكريت على حجر عظيم من جصّ وحصى كان بارزا في وسط دجلة ولم يكن هناك بناء غيره بالقلعة ، وجعل بها مسالح وعيونا وربايا تكون بينهم وبين الروم لئلا يدهمهم من جهتهم أمر فجأة ، وكان بها مقدّم على من بها قائد من قوّاد الفرس ومرزبان من مرازبتهم ، فخرج ذلك المرزبان يوما يتصيّد في تلك الصحارى فرأى حيّا من أحياء العرب نازلا في تلك البادية ، فدنا منهم فوجد الحيّ خلوفا وليس فيه غير النساء ، فجعل يتأمل النساء وهنّ يتصرفن في أشغالهن ، فأعجب بامرأة منهن وعشقها عشقا مبرّحا ؛ فدنا من النساء وأخبرهن بأمره وعرّفهن أنه مرزبان هذه القلعة وقال : إنني قد هويت فتاتكم هذه وأحبّ أن تزوجونيها ، فقلن : هذه بنت سيد هذا الحي ونحن قوم نصارى وأنت رجل مجوسيّ ولا يسوغ في ديننا أن نزوّج بغير أهل ملّتنا ، فقال : أنا أدخل في دينكم ، فقلن له : إنه خير إن فعلت ذلك ، ولم يبق إلا أن يحضر رجالنا وتخطب إليهم كريمتهم فإنهم لا يمنعونك ، فأقام إلى أن رجع رجالهن وخطب إليهم فزوجوه ، فنقلها إلى القلعة وانتقل معها عشيرتها إكراما لها ، فنزلوا حول القلعة ، فلما طال مقامهم. بنوا هناك أبنية ومساكن ، وكان اسم المرأة تكريت فسمي الربض باسمها ، ثم قيل قلعة تكريت نسبوها إلى الربض ؛ وقال عبيد الله بن الحر وكان قد وقع بينه وبين أصحاب مصعب وقعة بتكريت قتل بها أكثر أصحابه ونجا بنفسه فقال :

فإن تك خيلي يوم تكريت أحجمت ،

وقتّل فرساني ، فما كنت وانيا

وما كنت وقّافا ، ولكن مبارزا ،

أقاتلهم وحدي فرادى وثانيا

٣٨

دعاني الفتى الأزديّ عمرو بن جندب ،

فقلت له : لبّيك! لما دعانيا

فعزّ على ابن الحرّ أن راح راجعا ،

وخلّفت في القتلى بتكريت ثاويا

ألا ليت شعري! هل أرى بعد ما أرى

جماعة قومي نصرة والمواليا

وهل أزجرن بالكوفة الخيل شزبا ،

ضوامر تردى بالكماة عواديا

فألقى عليها مصعبا وجنوده ،

فأقتل أعدائي وأدرك ثاريا؟

وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات :

أتقعد في تكريت لا في عشيرة

شهود ، ولا السلطان منك قريب

وقد جعلت أبناؤنا ترتمي بنا

بقتل بوار ، والحروب حروب

وأنت امرؤ للحزم عندك منزل ،

وللدين والإسلام منك نصيب

فدع منزلا أصبحت فيه ، فإنه

به جيف أودت بهنّ خطوب

وافتتحها المسلمون في أيام عمر بن الخطاب في سنة ١٦ ، أرسل إليها سعد بن أبي وقاص جيشا عليه عبد الله بن المعتم فحاربهم حتى فتحها عنوة ؛ وقال في ذلك :

ونحن قتلنا يوم تكريت جمعها ،

فلله جمع يوم ذاك تتابعوا

ونحن أخذنا الحصن ، والحصن شامخ ،

وليس لنا فيما هتكنا مشايع

وقال البلاذري : وجّه عتبة بن فرقد من الموصل بعد ما افتتحها في سنة عشرين مسعود بن حريث بن الأبجر أحد بني تيم بن شيبان إلى تكريت ففتح قلعتها صلحا ، وكانت المرأة من الفرس شريفة فيهم يقال لها داري ، ثم نزل مسعود القلعة فولده بها ، وابتنى بتكريت مسجدا جامعا وجعله مرتفعا من الأرض لأنه أمنهم على خنازيرهم فكره أن تدخل المسجد ؛ وينسب إليها من أهل العلم والرواية جماعة ، منهم : أبو تمام كامل بن سالم بن الحسين بن محمد التكريتي الصوفي شيخ رباط الزّوزني ببغداد ، سمع الحديث من أبي القاسم الحسين ، توفي في شوال سنة ٥٤٨ ، وغيره.

باب التاء واللام وما يليهما

تَلُّ أُسْقف : بلفظ واحد أساقف النصارى : قرية كبيرة من أعمال الموصل شرقي دجلتها.

تَلُّ أَعْرَنَ : بفتح الألف ، وسكون العين المهملة ، وفتح الراء ، ونون : قرية كبيرة جامعة من نواحي حلب ؛ ينسب إليها صنف من العنب الأحمر مدوّر ، وهي ذات كروم وبساتين ومزارع.

تَلُّ أَعْفَرَ : بالفاء ؛ هكذا تقول عامة الناس ، وأما خواصهم فيقولون تلّ يعفر ، وقيل إنما أصله التلّ الأعفر للونه فغيّر بكثرة الاستعمال وطلب الخفة : وهو اسم قلعة وربض بين سنجار والموصل في وسط واد فيه نهر جار ، وهي على جبل منفرد حصينة محكمة ، وفي ماء نهرها عذوبة ، وهو وبيء رديء ، وبها نخل كثير يجلب رطبه إلى الموصل ؛ وينسب إليها شاعر عصري مجيد مدح الملك الأشرف موسى ابن أبي بكر. وتل أعفر أيضا : بليدة قرب حصن مسلمة بن عبد الملك بين حصن مسلمة والرقة من نواحي الجزيرة ، وكان فيها بساتين وكروم ، هكذا وجدته في رسالة السرخسي.

٣٩

التَّلاعَةُ : بالفتح ، والتخفيف : اسم ماء لبني كنانة بالحجاز ، ذكرها في كتاب هذيل ؛ قال بديل بن عبد مناة الخزاعي :

ونحن صبحنا بالتّلاعة داركم

بأسيافنا ، يسبقن لوم العواذل

وقال تأبّط شرّا :

أنهنه رحلي عنهم وإخالهم ،

من الذلّ ، بعرا بالتلاعة أعفرا

تَلُّ باشِرٍ : الشين معجمة : قلعة حصينة وكورة واسعة في شمالي حلب ، بينها وبين حلب يومان ، وأهلها نصارى أرمن ، ولها ربض وأسواق ، وهي عامرة آهلة.

تَلُّ بَحْرَى : هو تلّ محرى ، يذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى.

تَل بَسْمَةَ : بلد له ذكر من نواحي ديار ربيعة ثم من ناحية شبختان.

تَلُّ بَطْريقٍ : بلد كان بأرض الروم في الثغور ، خرّبه سيف الدولة بن حمدان ؛ فقال المتنبي :

هنديّة إن تصغّر معشرا صغروا

بحدّها ، أو تعظّم معشرا عظموا

قاسمتها تلّ بطريق فكان لها

أبطالها ، ولك الأطفال والحرم

التَلْبُع : بضم الباء الموحدة : من قرى ذمار باليمن.

تَلُّ بَلْخَ : قرية من قرى بلخ يقال لها التلّ ؛ ينسب إليها إلياس بن محمد التّلّي وغيره ، وربما قيل له البلخي.

تَلُّ بني سيار : بليد بين رأس عين والرّقّة قرب تل موزن.

تَلُّ بَلِيخ : بفتح الباء ، وكسر اللام ، وياء ساكنة ، وخاء معجمة ؛ وقيل هو تلّ بحرى : وهو قرية على البليخ نحو الرقة ؛ ينسب إليه أيوب بن سليمان التلّي الأسدي ، سأل عطاء بن أبي رباح ، روى عنه عبد الملك بن وافد ، وقد ذكر في تلّ محرى بأتمّ من ذلك.

تَل بني صَبَّاح : بفتح الصاد ، وتشديد الباء : قرية كبيرة جامعة ، فيها سوق وجامع كبير ، من قرى نهر الملك ، بينها وبين بغداد عشرة أميال ، رأيتها.

تَلُّ بَوَنَّا : بفتحتين ، وتشديد النون : من قرى الكوفة ؛ قال مالك بن أسماء الفزاري :

حبّذا ليلتي بتلّ بونّا ،

حيث نسقي شرابنا ونغنّى

ومررنا بنسوة عطرات ،

وسماع وقرقف ، فنزلنا

حيث ما دارت الزّجاجة درنا ،

يحسب الجاهلون أنا جننّا

حدثنا ابن كناسة أن عمر لما لقي مالكا استنشده شيئا من شعره فأنشده ، فقال له عمر : ما أحسن شعرك لو لا أسماء القرى التي تذكرها فيه ؛ قال : مثل ما ذا؟ قال : مثل قولك :

أشهدتني أم كنت غائبة

عن ليلتي بحديثة القسب

ومثل قولك :

حبّذا ليلتي بتلّ بونّا ،

حين نسقي شرابنا ونغنّى

فقال مالك : هي قرى البلد الذي أنا فيه ، وهي مثل ما تذكره أنت في شعرك من أرض بلادك ، قال : مثل ما ذا؟ فقال : مثل قولك هذا :

٤٠