علوم البلاغة البيان والمعاني والبديع

أحمد مصطفى المراغي

علوم البلاغة البيان والمعاني والبديع

المؤلف:

أحمد مصطفى المراغي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٤
ISBN: 2-7451-1097-7
الصفحات: ٣٩٩

٤ ـ لا تلتمس من عيوب الناس ما ستروا.

٥ ـ لا تحسبنّ سرورا دائما أبدا.

٦ ـ لا تعاد الناس في أوطانهم.

المبحث السادس في النداء

هو دعوة المخاطب بحرف نائب مناب فعل كأدعو ونحوه ، وأدواته ثمان :

يا والهمزة وأي وآي وآ وأيا وهيا ووا.

وهي في الاستعمال قسمان :

١ ـ الهمزة وأي للقريب.

٢ ـ باقي الأدوات للبعيد.

وقد ينزل البعيد منزلة القريب فينادى بالهمزة أو أي تنبيها على أنه لا يغيب عن القلب ، بل هو مالك الفؤاد واللب ، فكأنه حاضر الجثمان ، ليس بناء عن العيان ، كقول الضبيّ في رثاء ابنه :

أأبيّ لا تبعد وليس بخالد

حي ومن تصب المنون بعيد

كما قد يعكس فينزل القريب منزلة البعيد فينادى بإحدى أدواته إما :

(أ) للدلالة على أن المنادى رفيع القدر عظيم الشأن فيجعل بعد المنزلة كأنه بعد في المكان كقول أبي بكر بن النطاح في مدح أبي دلف العجلي :

أبا دلف بوركت في كل بلدة

كما بوركت في شهرها ليلة القدر (١)

(ب) للإشارة الى أنه وضيع ، منحط الدرجة ، وعليه قول الفرزدق يهجو جريرا :

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع

(ج) للإشعار بأن السامع غافل لاه ، فتعتبره كأنه غير حاضر في مجلسك ، وعليه قول البارودي :

يأيها السادر المزورّ من صلف

مهلا فإنك بالأيام منخدع (٢)

__________________

(١) أبو دلف العجلي أحد القواد الشجعان في عهد المأمون والمعتصم ، توفي سنة ٢٦٢ ه‍.

(٢) السادر الذاهب عن الشيء ترفعا ، والمزور المنحرف ، والصلف الكبر.

٨١

وقد تخرج ألفاظ النداء الى معان أخرى تستفاد من القرائن ، ومن ذلك :

١ ـ التحسر والتوجع ، كقول حافظ في الرثاء :

يا درة نزعت من تاج والدها

فأصبحت حلية في تاج رضوان

وقول من رثى معن بن زائدة :

فيا قبر معن كيف واريت جوده

وقد كان منه البر والبحر مترعا (١)

٢ ـ التعجب ، كقول طرفة :

يا لك من قبرة بمعمر

خلا لك الجو فبيضي واصفري (٢)

٣ ـ الاختصاص ، كقوله :

إنا بني نهشل لا ندعي لأب

عنه ولا هو بالأبناء يشرينا

٤ ـ الندبة ، كقول أبي العلاء :

فوا عجباكم يدعى الفضل ناقص

ووا أسفاكم يظهر النقص فاضل

٥ ـ الإغراء ، كقولك للجندي المتردد في الدفاع : يا شجاع تقدم.

٦ ـ الزجر والملامة ، نحو :

أفؤادي متى المتاب ألما

تصح والشيب فوق رأسي ألما (٣)

٧ ـ الاستغاثة ، نحو :

يا للرجال ذوي الألباب من نفر

لا يبرح السفيه المردي لهم دينا (٤)

٨ ـ التحير والتذكر ، وقد كثر ذلك في نداء الأطلال والمنازل والمطايا ، كقوله :

أيا منازل سلمى أين سلماك

من أجل هذا بكيناها بكيناك (٥)

__________________

(١) المترع المملوء.

(٢) الشطر الثاني يضرب مثلا للحاجة يتمكن منها صاحبها.

(٣) ألم الثانية بمعنى نزل.

(٤) المردي المهلك ، والدين العادة.

(٥) فيه حذف حرف العطف ، أي وبكيناك ، يريد أنه بكى على سلمى ، وبكى على المنازل لعدم وجود سلمى بها.

٨٢

وقول أبي العلاء :

يا ناق جدي فقد أفنت أناتك بي

صبري وعمري وأحلاسي وأنساعي (١)

تنبيه

الأكثر أن يصحب النداء أمر أو نهي ، نحو : يأيها الناس اعبدوا ربكم.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ)(٢).

ويقل أن تصحبه الجملة الخبرية ، نحو : يا عباد لا خوف عليكم اليوم.

أو الاستفهامية ، نحو : يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر.

نموذج

بيّن المعاني التي تستفاد من النداء :

١ ـ يا ليل قد طلت فهل مات السحر

أم استحالت شمسه الى القمر

٢ ـ يا راحلا أخلي الديا

ر وفضله أم يرحل

٣ ـ صادح الشرق قد سكت طويلا

وعزيز عليه ألا تقولا

٤ ـ أبا الهول طال عليك العصر

وبلّغت في الأرض أقصى العمر

٥ ـ يا ابن أمي ويا حبيّب نفسي

أنت خلّفتني لدهر شديد

٦ ـ يا أيها القمر المباهي وجهه

لا تكذبن فلست من أشكاله

الاجابة

(١) المراد بالنداء التحير والتضجر.

(٢) يراد به التحسر.

(٣) التذكر والتضجر.

(٤) التعجب.

(٥) التحسر والتأسف.

(٦) الزجر والملامة.

__________________

(١) الأناة التأني والتأخر ، والاحلاس جمع حلس وهو كساء يطرح على ظهر البعير ، والانساء جمع نسع وهو سير عريض يوضع في صدر البعير.

(٢) أي لا تقطعوا أمرا إلا بعد ما يحكمان به ويأذنان فيه ، فتكونوا إما عاملين بالوحي المنزل وإما مقتدين برسول الله (ص).

٨٣

تمرين

بيّن المعاني المستفادة من النداء فيما يلي :

١ ـ ويك يا قبر صرت للفضل مثوى

لا يسامى وللنبوغ مقيلا

٢ ـ أحجّاج لا يقلل سلاحك إنما

المنايا بكف الله حيث يراها

٣ ـ أمحمد والجود فيك سجية

يهنيك طيّب ذكرها يهنيكا

٤ ـ فيصاحبي رحلي دنا الموت فانزلا

برابية إني مقيم لياليا

٥ ـ ألا أيها الليل الطويل ألا أنجلي

بصبح وما الأصباح منك بأمثل

٦ ـ يا موته لو أقلت عثرته

يا يومه لو تركه لغد

٨٤

الباب الثالث في الذكر

لم يتعرض لهذا الباب كثير من أئمة هذا الفن كأبي هلال العسكري والإمام عبد القاهر ، وكأنهم لم يروا فيه من اللطائف والمزايا ما يسيغ البحث عنه في علوم الفصاحة إذ هو بمباحث علم النحو أشبه.

ولكن المتأخرين كالسكاكي وشيعته ذكروا فيه نكات ومزايا لم يستطيعوا أن يردفوها بآي من التنزيل ، أو بشواهد من كلام ذوي اللسن والفصاحة ، وقصارى ما قالوه إن المسند اليه يذكر وجوبا اذا لم تقم قرينة تدل عليه كان الكلام معمى لا يستبين المراد منه ، ويترجح اذا وجدت القرينة لمزية من المزايا الآتية :

١ ـ أنه الأصل وليس هناك ما يقتضي العدول عنه ، كما تقول : هذا أخي وذلك صديقي.

٢ ـ زيادة الكشف والإيضاح ، كما تقول : اللبيب من فكّر في العواقب ، اللبيب من خالف نفسه الأمارة بالسوء.

وعليه قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١). ففي تكرير اسم الإشارة تنبيه الى أنهم كما ثبت لهم الأثرة بالهدى فهي ثابتة لهم بالفلاح أيضا ، فجعلت كل واحدة منهما في تمييزهم بها عن غيرهم بالمثابة التي لو انفردت كفت مميزة على حيالها ، قاله في «الكشاف».

بسط الكلام في مقام الافتخار ، كقول سامي البارودي :

أنا مصدر الكلم البوادي

بين المحاضر والنوادي

أنا فارس أنا شاعر

في كل ملحمة ونادي

__________________

(١) سورة البقرة الآية ٥.

٨٥

٤ ـ التسجيل على السامع حتى لا يتأتي له الانكار ، كقول الفرزدق يمدح زين العابدين :

هذا ابن خير عباد الله كلّهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

٥ ـ الاستلذاذ بذكر الاسم المحبوب ، كما يكرر المادحون ذكر ممدوحيهم ، كقوله :

فعباس يصد الخطب عنا

وعباس يجير من استجارا

٦ ـ التهويل ، كما تقول : ملك البلاد يأمرك بكذا.

٧ ـ التعظيم ، اذا كان اللفظ يفيد ذلك ، كما يقال في جواب أحضر الملك؟ : حضر سيف الدولة.

٨ ـ التحقير ، اذا كان اللفظ يشعر بالإهانة ، نحو : حضر المجرم في جواب : هل حضر فلان؟

٩ ـ التعجب ، اذا كان الحكم غريبا في مجرى الالف والعادة ، نحو : علي يصرع الأسد في جواب : هل يصرع علي الأسد؟

١٠ ـ ضعف القرينة ، فتقل الثقة بها فلا يعتمد عليها ، نحو : أول الإنسان نطفة مذرة ، وآخره جيفة قذرة.

ويذكر المسند اللطائف ومزايا تشبه ما ذكر في المسند اليه ، أهمها :

(١) كون الذكر هو الأصل ولا داعي للعدول عنه ، نحو : الأدب خير من العلم.

(٢) الرد على المخاطب ، اذا كان ينكر صحة ما يقال له ، كقوله تعالى : (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) بعد قوله (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)(١).

(٣) الاحتياط لضعف التعويل على القرينة نحو : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)(٢).

(٤) التعريض بغباوة المخاطب ، نحو : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) بعد قوله (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ)(٣).

__________________

(١) سورة ياسين الاية ٧٩.

(٢) سورة الزخرف الاية ٩.

(٣) سورة الانبياء الاية ٦٢.

٨٦

(٥) إفادة أنه فعل فيفيد التجدد والحدوث مقيدا بأحد الأزمنة على أخصر طريق أو اسم فيفيد الثبوت مطلقا مثل : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ)(١) ، فإن يخادعون يفيد التجدد حينا بعد آخر مقيدا بالزمان بدون حاجة الى قرينة تدل عليه ، وقوله : وهو خادعهم ، يفيد الثبوت مطلقا من غير نظير الى زمان مخصوص.

نموذج

بيّن السر في ذكر المسند اليه أو المسند ، فيما يلي :

١ ـ وقد علم القبائل من معد

اذا قبب بأبطحها بنينا

بأنا المطعمون إذا قدرنا

وأنا المهلكون اذا ابتلينا

٢ ـ قال عليه‌السلام : اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.

٣ ـ أعينيّ جودا ولا تجمدا

ألا تبكيان لصخر الندى

ألا تبكيان الجواد الجميل

ألا تبكيان الفتى السيدا

٤ ـ قال الحافظ في وصف الشمس :

هي أم الأرض في نسبتها

هي أم الكون والكون جنين

هي أم النار والنور معا

هي أم الريح والماء المعين

٥ ـ أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب.

٦ ـ الرجال المخلصون هم الذين يذودون عن الوطن ، الرجال المخلصون هم الذين يظهرون عند الشدائد.

٧ ـ مليك البلاد يأمر بالعدل والانصاف.

الاجابة

(١) ذكر المسند اليه لبسط الكلام في معرض الفخر.

(٢) ذكر المسند اليه لزيادة التقرير والإيضاح.

__________________

(١) سورة النساء الاية ١٤٢.

٨٧

(٣) ذكر المسند لإفادة التجدد بالجملة الفعلية.

(٤) ذكر المسند اليه لأن المقام مقام تعظيم وتفخيم.

(٥) ذكر المسند اليه لأن المقام للافتخار.

(٦) ذكر المسند اليه لتعظيم شأن الرجال العاملين.

(٧) ذكر المسند اليه للتهويل.

تمرين

بيّن أسباب ذكر المسند اليه أو المسند ، فيما يلي :

١ ـ إن حل في روم ففيها قيصر

أو حل في عرب ففيها تبع

٢ ـ ونحن النار كون لما سخطنا

ونحن الآخذون لما رضينا

٣ ـ وإني لحلو تعتريني مرارة

وإني لتراك لما لم أعود

٤ ـ إلهي نصيري ، يحفظني شر الهمازين المشائين بنميم

٥ ـ أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين

٦ ـ (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)(١)

٧ ـ إذا نزل الحجاج أرضا مريضة

تتبع أقصى دائها فشفاها

شفاها من الداء العضال الذي بها

غلام اذا هز القناة سقاها

__________________

(١) سورة الطارق الآية ١٧.

٨٨

الباب الرابع في الحذف

وفيه أربعة مباحث

المبحث الأول في مزايا الحذف وشروطه

من دقائق اللغة ، وعجيب سرها ، وبديع أساليبها ، أنك قد ترى الجمال والروعة تتجلى في الكلام اذا أنت حذفت أحد ركني الجملة أو شيئا من متعلقاتها ، فإن أنت قدرت ذلك المحذوف وأبرزته صار الكلام الى غث سفساف ونازل ركيك لا صلة بينه وبين ما كان عليه أولا.

ومن ثم قال في «دلائل الإعجاز» : هذا باب دقيق المسلك ، لطيف المأخذ ، عجيب الأمر ، شبيه بالسحر ، فإنك ترى به ترك الذكر ، والصمت عن الإفادة ، أزيد للإفادة ، وتجدك أنطق ما تكون اذا لم تنطق ، وأتم ما تكون بيانا اذا لم تبين ، وهذه جملة قد تنكرها حتى تخبر ، وتدفعها حتى تنظر. اه.

ومن شرط الحذف أن يكون في الكلام ما يدل على المحذوف ، وإلا كان تعمية وإلغازا ، ومن شرط حسنه أنه متى أظهر المحذوف زال ما كان في الكلام من البهجة والطلاوة ، وهو على ضربين :

١ ـ ضرب يظهر فيه المحذوف عند الاعراب كقولهم : أهلا وسهلا ، فإن نصب الأهل والسهل يدل على ناصب محذوف يقدر بنحو : جئت أهلا ونزلت مكانا سهلا ، وليس لهذا الحذف من الحسن والاريحية ما تجده في قسميه الثاني.

٢ ـ ضرب لا يظهر بالاعراب ، وإنما تعلم مكانه اذا أنت تصفحت المعنى ووجدته لا يتم اذا لم يراع ذلك المحذوف كما يقال : فلان يحل ويعقد ، ويعطي ويمنع ، إذ من البين أن المعنى يحل الأمور ويعقدها ، ويعطي ما يشاء ويمنع ما يشاء ، ولكن لا سبيل الى إظهار ذلك المحذوف ، ولو أظهرته زالت تلك البهجة وضاع ما تشعر به من رواء وجمال.

٨٩

المبحث الثاني في حذف المسند اليه

يحذف المسند اليه لأغراض ، أهمها :

١ ـ ظهوره بدلالة القرائن عليه ، فذكره يعد حينئذ عبثا في الظاهر (١) كقوله تعالى : (فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ)(٢) أي أنا.

٢ ـ ضيق المقام عن إطالة الكلام بسبب التوجع والتضجر ، نحو :

قال لي كيف أنت قلت عليل

سهر دائم وحزن طويل

٣ ـ إخفاء الأمر عن غير المخاطب ، كما تقول : (انتهت) ، أي المسألة المعهودة بينكما.

٤ ـ خوف فوات فرصة سانحة ، كقول من رأى طيارا مقبلا : طيار.

٥ ـ المحافظة على سجع أو قافية ، فالأول نحو : من طابت سريرته حمدت سيرته ، أي حمد الناس سيرته. والثاني نحو :

وما المال والأهلون إلا ودائع

ولا بد يوما أن ترد الودائع (٣)

٦ ـ اتباع الاستعمال الوارد بالحذف كقولهم في المثل : رمية من غير رام (٤) ، أي هذه رمية ، أو الوارد على ترك نظائره ، كما في الرفع على المدح ، أو الذم أو الترحم ، فإن المسند اليه لا يكاد يذكر في هذه المواضع ، فيقولون بعد أن يذكروا (٥) الممدوح : غلام من شأنه كذا وكذا ، وفتى من شأنه كيت وكيت ، كما قال ابن عنقاء الفزاري يمدح عميلة ، وقد شاطره ماله لما رآه معوزا :

رآني على ما بي عميلة فاشتكي

الى ماله حالي أسركما جهر

غلام رماه الله بالخير يافعا

له سيمياء لا تشق على البصر (٦)

__________________

(١) وإلا فلا عبث في ذكره على الحقيقة لأنه أحد ركني الاسناد.

(٢) سورة الزاريات الاية ٢٩.

(٣) إذ لو قيل أن يرد الناس الودائع لاختلفت القافية.

(٤) يريد رمية مصيبة من رام غير محسن ، يضرب مثلا لمن صدر منه فعل حسن ليس أهلا لأن يصدر منه. قاله الحكم بن عبد يغوث المضري.

(٥) قال الرازي : يشبه أن يكون السبب في ذلك أنه بلغ في استحقاق الوصف الى حيث أنه لا يكون إلا للموصوف ، سواء أكان في نفسه كذلك ، أم بحسب دعوى الشاعر على طريق المبالغة.

(٦) رماه الله وضع فيه ، واليافع الشاب ، والسيمياء العلامة والهيئة ، ولا تشق على البصر أي تفرح به من ينظر اليه.

٩٠

وكما قال عبد الله الأسدي يمدح عمرو بن عثمان بن عفان :

سأشكر عمرا إن تراخت منيتي

أيادي لم تمنن وإن هي جلت

فتى غير محجوب الغنى عن صديقه

ولا مظهر الشكوى اذا النعل زلت

رأى خلني من حيث يخفى مكانها

فكانت قذى عينيه حتى تجلت (١)

وبعد أن يذكروا الديار والمنازل ربع كذا وكذا كما قال :

اعتاد قلبك من ليلى عوائده

وهاج أهواءك المكنونة الطلل

ربع قراء أذاع المعصرات به

وكل حيران سار ماؤه خضل (٢)

٧ ـ تعيينه وعدم احتمال غيره ، إما بحسب الحقيقة والواقع ، كما تقول : خلاق لما يشاء ، أي الله تعالى ، وإما بحسب المبالغة والادعاء ، كما يقول المادح وهّاب الألوف أي الممدوح.

٨ ـ تكثير الفائدة باحتمال أمرين عند الحذف ، نحو قوله تعالى : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)(٣) ، أي فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أجمل بي وأولى.

٩ ـ تأتي الانكار عند الحاجة إلى ذلك ، كما يقال : (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)(٤) اذا قامت القرينة على أن المراد خالد مثلا.

١٠ ـ إيهام العدول الى أقوى الدليلين ، وهو الدليل العقلي دون اللفظي ، فإن الاعتماد عند الذكر على دلالة اللفظ وعند الحذف على دلالة العقل وهي أقوى وإنما قيل لإيهام ، لأن الدال في الحقيقة عند الحذف هو اللفظ المدلول عليه بالقرينة ويحتمله (قال لي : كيف أنت؟ قلت : عليل).

ومن حذف المسند اليه ما اذا أسند الفعل الى نائب الفاعل لاعتبارات ، منها :

١ ـ جهل الفاعل ، كقول المرقش الأكبر :

إن تبتدر غاية يوما لمكرمة

تلق السوابق منا والمصلينا

__________________

(١) زلت النعل كناية عن الخصاصة والفاقة.

(٢) أذاع المعصرات أنزلت ماءها بكثرة ، والحيران الساري هو المزن يجري ليلا ، والخضل الصافي ، وربع قواء لا انيس به.

(٣) سورة يوسف الاية ١٨.

(٤) سورة القلم الاية ١١.

٩١

٢ ـ الخوف عليه ، كقول النابغة يعتذر إلى النعمان :

نبئت أن أبا قابوس أو عدني

ولا قرار على زأر من الأسد (١)

٣ ـ العلم به ، كقول ليلى الأخيلية تمدح الحجاج :

أحجاج لا يفلل سلاحك إنما ال

منايا بكف الله حيث يراها

٤ ـ احتقاره ، كقول النابغة :

لئن كنت قد بلّغت عني وشاية

لمبلغك الواشي أغشّ وأكذب

٥ ـ الخوف منه ، كما تقول : صودرت أموال فلان ، اذا كان ظالم ذو سطوة. قد أخذها.

المبحث الثالث في حذف المسند

يحذف المسند لأغراض ، منها :

١ ـ قصد الاختصار والاحتراز عن العبث بناء على الظاهر مع ضيق المقام بسبب التحسر والتوجع كقول ضابىء البرجمي من أبيات قالها في الحبس :

ومن يك أمسى بالمدينة رحله

فإني وقيار بها لغريب (٢)

تقديره فإني لغريب وقيار كذلك ، والباعث على تقديم قيار على خبر إن قصد التسوية بينهما في التحسر على الاغتراب حتى كأن قيارا تأثر بما تأثر هو به أيضا ، وعليه قوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ)(٣) تقديره والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك.

٢ ـ الثقة بشهادة العقل دون الاعتماد على اللفظ كما تجيب من قال : هل لك أحد؟ إن الناس إلب (٤) عليك (إن محمدا وإن عليا) أي إن لي محمدا ، وإن لي عليا ، وعليه قول الأعشى :

إن محلا وإن مرتحلا

وإن في السفر إذ مضوا مهلا

يريد أن لنا محلا في الدنيا ، وإن لنا مرتحلا عنها الى الآخرة.

__________________

(١) أبو قابوس كنية النعمان بن المنذر والمنيء له عصام حاجب النعمان ، وقد أسر له بذلك.

(٢) في الأساس الماء في رحله أي منزله ومأواه ، وقيار اسم جمل ، والبيت خبر أريد به إنشاء التحسر والتوجع من الغربة.

(٣) سورة التوبة الآية ٦٢.

(٤) مجتمعون على عداوتك.

٩٢

٣ ـ الدلالة على الاختصاص ، نحو : قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي.

تقديره لو تملكون تملكون بالتكرار للتوكيد ، ثم حذف الفعل فانفصل الضمير وأفاد الاختصاص ، وأن الناس هم المختصون بالشح المتناهي ، ونظيره قول حاتم : لو ذات سوار لطمتني (١).

ولا بد للحذف من قرينة دالة على المحذوف ليفهم المعنى كوقوع الكلام جوابا عن سؤال محقق نحو : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)(٢) أو مقدر ، نحو : يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال ، في قراءة من بني الفعل للمجهول ، كأنه قيل : من يسبح؟ فقيل : يسبحه رجال ، ونحو قول ضرار بن نهشل يرثي يزيد أخاه :

لبيك يزيد ضارع لخصومة

ومختبط مما تطبح الطوائح (٣)

كأنه قيل : من يبكيه؟ فقال : ضارع ذليل لخصومة إذ هو ملجأ الأذلاء وعون الضعفاء.

المبحث الرابع في حذف المفعول

للفعل رابطة بكل من الفاعل والمفعول ، وإن تنوعت جهتها ، فارتباطه بالفاعل لإفادة وقوعه منه لا إفادة وجوده في نفسه فحسب ، وارتباطه بالمفعول لبيان وقوعه عليه.

ولاختلاف نوع الارتباط اختلف العمل ، فعمل الفعل في الفاعل الرفع ، وفي المفعول النصب ، أما اذا أريد الإخبار بوقوع الفعل في ذاته من غير إرادة أن يعلم ممن وقع ، أو على من وقع ، فالعبارة التي تدل على ذلك أن يقال : كان ضرب ، أو وقع أو وجد أو نحو ذلك من الألفاظ التي تدل على الوجود المجرد.

اذا علمت ذلك نقول : الفعل المتعدي اذا أسند الى فاعله ولم يذكر له مفعول فهو على ضربين :

__________________

(١) يضرب مثلا للشريف يهينه الوضيع ، والعرب تكنى بذات السوار عن الحرة.

(٢) سورة الزمر الآية ٣٨.

(٣) الضارع الذليل ، والمختبط هو الذي يطلب منك المعروف من غير وسيلة ، والاحاطة الاذهاب ، والطوائح جمع مطيحة على غير قياس ، ومما متعلق بمختبط وما مصدرية أي يبكي ضارع لا ذهاب المنايا يزيد.

٩٣

١ ـ أن يكون الغرض إثبات المعنى في نفسه للفاعل من غير اعتبار عمومه وخصوصه ولا اعتبار تعلقه بمن وقع عليه ، وحينئذ يكون المتعدي بمنزلة اللازم فلا يذكر له مفعول لئلا يتوهم السامع أن الغرض الإخبار به ، باعتبار تعلقه بالمفعول ، ألا ترى أنك اذا قلت : فلان يعطي الدنانير ، كان المقصد بيان جنس المعطي لا بيان كونه معطيا ، ويكون كلاما مع من أثبت له إعطاء ولا يدري ما معطاه ، كما لا يقدر له مفعول أيضا ، لأن المقدر في حكم المذكور ، وهذا الضرب نوعان :

(أ) أن يجعل الفعل حال كونه مطلقا عن اعتبار العموم والخصوص كناية (١) عنه متعلقا بمفعول مخصوص بدلالة سبق ذكر أو دليل حال إلا أنك تنسيه نفسك وتوهم أنك لم تذكر الفعل إلا لأن تثبت معناه من غير أن تقصد تعديته الى مفعول مخصوص ، وعليه قول البحتري يمدح المعتز بالله ويعرّض بالمستعين بالله :

شجو حساده وغيظ عداه

أن يرى مبصر ويسمع واع (٢)

فالمعنى المراد أن يرى مبصر آثاره ويسمع واع أخباره ، ولكنه أغفل هذين المفعولين وأبعدهما عن وهمه (٣) ليتسنى له أن يبين أن محاسن الممدوح قد ذاع صيتها واشتهر أمرها فلا تخفى على ذي بصر وسمع ، فيكفي في معرفة أنها سبب في استحقاقه الإمامة دون غيره أن يقع عليها بصر ويعيها سمع حتى يعلم الرائي والسامع أنه لا يليق لمقام الخلافة غيره ، ومن ثم ترى الحساد والعدا يتمنون ألا توجد عين تبصر ولا أذن تسمع لنخفي هذه الفضائل فيجدوا الى منازعته فيها سبيلا.

__________________

(١) فالمطلق يجعل كناية عن المقيد فالفعل عند تنزيله منزلة اللازم يكون مدلوله الماهية الكلية ، ثم بعد ذلك يكون كناية عن شيء مخصوص ، فيكون مدلوله جزئيا ، والمقيد وإن لم يكن لازما للمطلق يدعى فيه اللزوم بالقرينة.

(٢) شجاه الأمر أحزنه.

(٣) ونزلهما منزل اللازمين أي تصدر منه الرؤية والسماع من غير تعلق بمفعول مخصوص ثم جعلهما كنايتين عن الرؤية والسماع المتعلقين بمفعول مخصوص هو محاسنه وأخباره بادعاء الملازمة بين مطلق الرؤية ورؤية محاسنه وبين مطلق السماع وسماع أخباره للدلالة على أن آثاره وأخباره بلغت من الشهرة مبلغا لا يستطيع خفاؤها معه فلا يرى الرائي إلا آثاره ولا يسمع إلا أخباره ، فذكر الملزوم وأراد اللازم على ما هو طريق الكناية.

٩٤

(ب) ألا يجعل كناية عن مفعول مخصوص ، بل يقصد إثبات المعنى في نفسه من غير تعرض لمفعول كقولهم : فلان يحل ويعقد ويأمر وينهي ويضر وينفع ، فالمقصود أن له حلا وعقدا وأمرا ونهيا وضرا ونفعا ، وعليه قوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)(١) ، فالمعنى : هل يستوي من له علم ومن لا علم له ، وقوله عز اسمه : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا)(٢).

٢ ـ أن يكون الغرض إفادة تعلقه بمفعول ، ويجب تقديره بحسب القرائن ، ويحذف حينئذ لداع من الدواعي الآتية ، وهي :

١ ـ البيان بعد الإبهام ليكون أوقع في النفس كما فعل في المشيئة اذا لم يكن في تعلقه بمفعوله غرابة ، فتقول : لو شئت جئت ولو شئت لم أجيء ، علم السامع أن هاهنا شيئا تعلقت المشيئة بوجوده أو عدمه ، فإذا قلت : جئت أو لم أجيء عرف ذلك الشيء ، ومن هذا الباب قوله تعالى : (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ)(٣) ، وقول البحتري :

لو شئت لم تفسد سماحة حاتم

كرما ولم تهدم مآثر خالد

فإن كان تعلق الفعل به غرابة ذكر المفعول ليتقرر في نفس السامع ويأنس به كما يقول الرجل مخبرا عن عزه : لو شثت أن ألقى الخليفة كل يوم لقيته ، وعليه قوله تعالى : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ)(٤) ، وقول إسحاق الخزيمي يرثي حفيده :

ولو شئت أن أبكي دما لبكيته

عليه ولكن ساحة الصبر أوسع

لأنه لما كان من البدع العجيب أن يقابل أحد الخليفة كل يوم ، وأن يريد رب العالمين ولدا ، وأن يشاء الإنسان بكاء الدم صرح فيها بذكر المفعول.

٢ ـ دفع توهم الساهم من أول وهلة إرادة شيء غير ما هو مراد ، كقول البحتري يذكر ذود الممدوح ومساعدته إياه :

__________________

(١) سورة الزمر الآية ٩.

(٢) سورة النجم الآية ٤٣.

(٣) سورة الأنعام الآية ١٤٩.

(٤) سورة الزمر الآية ٤.

٩٥

وكم ذدت عني من تحامل حادث

وسورة أيام حززن الى العظم

إذ لو قال : حززن اللحم ، لجاز أن يدور في خلد السامع قبل ذكر ما بعده أن الحز كان في بعض اللحم ولم يصل الى العظام ، فترك ذكر اللحم لينفي عن فكره ما ربما يختلج في خاطره باديء ذي بداءة.

٣ ـ إرادة ذكره ثانيا على وجه يتضمن إيقاع الفعل على صريح لفظه لكمال البناية به والاهتمام بوقوعه ، كقول البحتري :

قد طلبنا فلم نجد لك في السؤ

دد والمجد والمكارم مثلا

إذ تقديره طلبنا لك مثلا فلم نجده ، لكنه حذف المثل ليوقع نفي الوجود على لفظ المثل صراحة.

(الملاحظة) مثل هذا الغرض عكس ذو الرمة في قوله :

ولم أمدح لأرضيه بشعري

لئيما أن يكون أصاب مالا

فأعمل الفعل الأول وهو أمدح في لفظ اللئيم وأعمل أرض في ضميره ، لما كان غرضه إيقاع نفي المدح على اللئيم صريحا دون الإرضاء ، ولو عكس لأبهم الأمر فيما هو الأصل وأبانه فيما ليس بأصل.

٤ ـ قصد التعميم مع الاختصار (١) ، كما تقول : قد كان منك ما يؤلم ، أي ما الشأن في مثله أن يؤلم كل أحد ، وعليه قوله تعالى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ)(٢) ، أي جميع عباده.

٥ ـ رعاية السجع وروي الفاصلة كقوله تعالى : (وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)(٣) ، أي ما قلاك وأبغضك.

ويرى صاحب «الكشاف» أن حذف المفعول في مثل هذا الاختصار اللفظي لعلم به.

٦ ـ استهجان ذكره ، كقول عائشة رضي‌الله‌عنها : ما رأيت منه ولا رأى مني (تعني العورة).

__________________

(١) أي إن هذا التعميم ، وإن استفيد من ذكر المفعول بصيغة المفعول ، يفوت الاختصار.

(٢) سورة يونس الآية ٢٥.

(٣) سورة الضحى الآية ١.

٩٦

٧ ـ مجرد الاختصار كقولك : أصغيت اليه أذني وأغضيت عليه أي بصري ومنه قوله تعالى : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً)(١) ، أي بعثه الله.

٨ ـ تعينه ، كقوله تعالى : (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً)(٢) ، أي لينذر الذين كفروا.

وكثير من الأغراض السابقة تجري هنا كإخفائه على غير السامع أو التمكن من إنكاره عند الحاجة أو ادعاء تعينه أو نحو ذلك.

تدريب

بيّن أسباب حذف المسند اليه أو المسند أو المفعول ، فيما يلي :

١ ـ برّد حشاي إن استطعت بلفظة

فلقد تضر إذا تشاء وتنفع

٢ ـ قال تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ، وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى)(٣).

٣ ـ لسن اذا صعد المنابر أو نضا

قلما شأى الخطباء والكتّابا (٤)

٤ ـ (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ)(٥).

٥ ـ حريص على الدنيا مضيع لدينه

وليس لما في بيته بمضيع

٦ ـ (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)(٦).

٧ ـ خليل لا يغيره صباح

عن الخلق الجميل ولا مساء

٨ ـ وإني رأيت البخل يزري بأهله

فأكرمت نفسي أن يقال بخيل

الاجابة

(١) حذف المفعول ، أي تضرني وتنفعني لتنزيل الفعل منزلة اللام ، إذ المراد أنه يحصل منك نفع وضرر.

(٢) حذف المفعول رعاية لحسن الكلام ، وتجانس الفواصل ، وتقديره : آواك وهداك.

__________________

(١) سورة الفرقان الآية ٤١.

(٢) سورة الكهف الآية ٢.

(٣) الضلال هنا الجهل بالشرائع وما طريقه السمع ... الآيتان ٦ و ٧ من سورة الضحى.

(٤) نضا أمسك ، وشأى سبق.

(٥) سورة هود الآية ٤٤.

(٦) سورة الزخرف الآية ٥٧.

٩٧

(٣) حذف المسند اليه أي هو لسن لا دعاء العلم به.

(٤) حذف المسند اليه وهو الله تعالى للعلم به في باب المدح.

(٥) حذف المسند اليه لا دعاء العلم به في باب الذم.

(٦) حذف المسند اليه للعلم به وهو الله تعالى.

(٧) حذف المسند اليه للعلم به ادعاء في باب المدح.

(٨) حذف المسند اليه للجهل به.

تدريب ثان

١ ـ على أنني راض بأن أحمل الهوى

وأخرج منه لا عليّ ولا ليا

٢ ـ وعد بالحضور ليلا (تقصد شخصا معهودا).

٣ ـ يقول مبصر اللص : لص.

٤ ـ شرير غبي مشاء بنميم.

٥ ـ أرني أنظر اليك.

٦ ـ (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ، وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ ، قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ)(١).

٧ ـ (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ)(٢).

٨ ـ فلو أن قومي أنطقتني رماحهم

نطقت ولكن الرماح أجرت

الاجابة

(١) حذف المسند للمحافظة على الوزن والأصل : لا عليّ شيء ولا لي شيء.

(٢) حذف المسند اليه لإخفاء الأمر على غير المخاطب.

(٣) حذف المسند اليه لانتهاز الفرصة والأصل : هذا لص.

(٤) حذف المسند اليه لتأتي الإنكار عند الحاجة.

(٥) حذف المفعول للاختصار والأصل : أرني ذاتك.

__________________

(١) سورة القصص الآيتان ٢٢ و ٢٣.

(٢) سورة الشورى الآية ٢٤.

٩٨

(٦) حذف المفعول هنا في مواضع ، فحذف مفاعيل : يسقون وتذودان ونسقي ، لتنزيل الفعلة منزلة اللازم ، لأنه إنما رحمهما لأنهما كانتا على الذياد وهم على السقي ولم يرحمهما لأن مذودهما غنم ومستقيمهم إبل مثلا ، وكذلك قولهما : لا نسقي ، المقصود منه السقي لا المسقى.

(٧) حذف المفعول في باب المشيئة للبيان بعد الإبهام.

(٨) حذف المفعول هنا لجعل الفعل المطلق كناية عن الفعل متعلقا بمفعول معين ، لأن غرضه أن يثبت أنه كان من الرماح إجرار وحبس للألسن عن مدحهم والافتخار بهم ليتوصل الى مطلوبه وهو أنها أجرته.

تمرين

بيّن أسباب الحذف فيما يلي :

١ ـ جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت

بنا نعلنا في الواطئين فزلت (١)

أبوا أن يملونا ولو أن أمنا

تلاقي الذي لاقوه منا لملت

هم خلطونا بالنفوس وألجئوا

إلى حجرات أدفأت وأظلت

٢ ـ فإن شئت لم ترقل وإن شئت أرقلت

مخافة ملوى من القد مخصد (٢)

٣ ـ قوم اذا أكلوا أخفوا حديثهم

واستوثقوا من رتاج الباب والدار

٤ ـ وما أدراك ما هي نار حامية

٥ ـ (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً)(٣)

٦ ـ كل عذر من كل ذنب ولكن

أعوز العذر من بياض العذار (٤)

٧ ـ رماني بأمر كنت منه ووالدي

بريئا ومن أجل الطويّ رماني (٥)

٨ ـ قد قال عزولي مناك أتى

فأجبت وقلت كذبت متى

فقال حبيبك ذو خفر

وكبير السن قلت فتى

__________________

(١) زلت النعل كناية عن الفقر.

(٢) الأرقال سرعة السير ، والقد جلد غير مدبوغ ، والملوى المفتول ، والمخصد المحكم الفتل.

(٣) سورة الجن الآية ١٠.

(٤) أعوز ضاق.

(٥) الطوي البئر المبنية ، وقد كان خصمه رماه باللصوصية.

٩٩

الباب الخامس في التقديم

وفيه أربعة مباحث

المبحث الأول في مزايا التقديم وأقسامه

الألفاظ قوالب المعاني ، فيجب أن يكون ترتيبها الوضعي بحسب ترتيبها الطبعي ، ومن البين أن رتبة المسند اليه التقديم لأنه المحكوم عليه ، ورتبة المسند التأخير ، إذ هو المحكوم به ، وما عداهما فتوابع ومتعلقات تأتي تالية لهما في الرتبة.

ولكن قد يعرض لبعض الكلم من المزايا ما يدعو الى تقديمه ، وإن كان حقه التأخير ، فيكون من الحسن تغيير هذا النظام ليكون المقدم مشيرا الى الغرض الذي يراد ، ومترجما عما يقصد منه. ومن ثم قال في «دلائل الإعجاز» : إن هذا التقديم كثير الفوائد ، جم المحاسن ، لا يزال يفترّ لك عن بديعة ، ويفضي بك الى لطيفة ، ولا تزال ترى شعرا يروقك سجعه ، ويلطف لديك موقعه ، ثم تنظر فتجد سبب ان راقك ولطف عندك ، ان قدم فيه شيء وحول اللفظ من مكان الى مكان. اه.

وللتقدم أحوال أربع :

١ ـ ما يفيد زيادة في المعنى مع تحسين في اللفظ ، وذلك هو الغاية القصوى ، وإليه المرجع في فنون البلاغة ، والعمدة في هذا هو الكتاب الكريم انظر قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)(١) تجد أن تقديم الجار والمجرور في هذا قد أفاد التخصيص ، وأن النظر لا يكون إلا لله ، مع جودة الصياغة وتناسق السجع.

__________________

(١) سورة القيامة الآية ٢٢.

١٠٠