تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٤

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٤

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

[هشام بن العاص أخو عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سهم وأمه أم حرملة بنت هشام بن المغيرة من بني مخزوم ، أسلم بمكة قديما وهاجر إلى الحبشة ثم قدم مكة حين بلغه مهاجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فحبسه أبوه وقومه بمكة حتى قدم بعد الخندق المدينة ثم خرج في تلك البعوث إلى الشام فقتل باليرموك في رجب سنة خمس عشرة وكان أصغر سنا من عمرو أخيه](١).

[قال ابن عيينة ، قالوا لعمرو بن العاص : أنت خير أم أخوك هشام؟ قال : أخبركم عني وعنه ، عرضنا أنفسنا على الله ، فقبله وتركني. قال سفيان : قتل يوم اليرموك أو غيره شهيدا](٢).

[١٠٠٥٨] هشام بن عبد الله الكناني

روى عن أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن جبريل عن ربه عزوجل قال (٣) :

«من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة (٤) ، ما ترددت عن شيء أنا فاعله ما ترددت في قبض نفس مؤمن يكره الموت وأكره مساءته ، ولا بد له منه. ومن عبادي المؤمنين من يريد بابا من العبادة فأكفه عنها ، لئلا يدخله عجب فيفسده ذلك. وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتنفّل حتى أحبه ، ومن أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا ، دعاني فأجبته ، وسألني ، فأعطيته ، ونصح لي فنصحت له. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الغنى ، ولو أفقرته لأفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر ، وإن (٥) بسطت يده أفسده ذلك. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الصحة ، ولو أسقمته لأفسده ذلك. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا السقم ، ولو أصححته لأفسده ذلك. إني أدبّر عبادي [بعلمي](٦) بقلوبهم ، إنّي عليم خبير» [١٤٣٦٢].

__________________

(١) زيادة بين معكوفتين عن الجرح والتعديل ٩ / ٦٣.

(٢) الزيادة عن سير الأعلام ٣ / ٧٩.

(٣) انظر الحديث في كنز العمال رقم ١١٥٥ و ١١٥٦ نقلا عن ابن عساكر.

(٤) في كنز العمال : بالعداوة.

(٥) في كنز العمال : ولو بسطت له لأفسده ذلك.

(٦) سقطت من الأصل ، واستدركت عن كنز العمال.

٢١

[١٠٠٥٩] هشام بن عبد الله بن هشام

أبو الوليد الخولاني قاضي داريا

حدث عن أبي علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك بسنده إلى أبي قتادة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«إذا بال أحدكم فلا يأخذ ذكره بيمينه. ولا يتنفسن في الإناء» [١٤٣٦٣].

[١٠٠٦٠] هشام بن عبيد الله ـ ويقال : ابن عبد الله ـ

ابن سلمى ، أبو الوليد الكلبي ـ ويقال : الكلابي ـ [الدمشقي](١)

حدث عن أبي خليد عتبة بن حماد بسنده إلى عائشة قالت :

لم أر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصوم شيئا من السنة أكثر من صيامه في شعبان. كان يصومه كله.

وحدث عنه بسنده إلى أبي أيوب الأنصاري قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«إذا بال أحدكم فلا يستقبل القبلة بفرجه ، ولا يستدبرها».

قال أبو أيوب الأنصاري : فأتينا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت على القبلة ، ونحن ننحرف ونستغفر الله.

[١٠٠٦١] هشام بن عبد الملك بن مروان

ابن الحكم أبو الوليد الأموي

بويع له بالخلافة بعد أخيه يزيد بن عبد الملك بعهد منه (٢). وداره بدمشق الدار المعروفة بالقبابين (٣) عند باب الخواصين التي بعضها اليوم مدرسة الملك العادل نور الدين (٤) رحمه‌الله تعالى.

__________________

(١) استدركت اللفظة عن هامش الأصل.

[١٠٠٦١] ترجمته في تاريخ الطبري (الفهارس) ، والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) ومروح الذهب (الفهارس) وتاريخ خليفة بن خياط (الفهارس) ، وسير الأعلام ٥ / ٣٥١ وفوات الوفيات ٤ / ٢٣٨ وتاريخ الخلفاء ص ٢٩٦ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٢١ ـ ١٤٠) ص ٢٨٢ وأنساب الأشراف ٨ / ٣٦٧ وما بعدها. والجزء التاسع من أوله إلى ص ١٤٣.

(٢) سير الأعلام ٥ / ٣٥١ وتاريخ الخلفاء ص ٢٩٦.

(٣) دار القبابين ، قال ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٥٠١ يعني الذين يبيعون القباب ، وهي الخيام.

(٤) وهي المدرسة النورية ، انظر سير الأعلام ٥ / ٣٥١ وتاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ٢٨٢.

٢٢

قال الزهري :

قال لي هشام : أبلغك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر مناديا فينادي : من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة؟ قال : قلت : نعم. وذلك قبل أن تنزل الفرائض [١٤٣٦٤].

كان يزيد بن عبد الملك استخلف هشام بن عبد الملك وجعل (١) ابنه الوليد بن يزيد ولي عهده ، وأخذ على هشام العهد ألّا يغيره عن ولاية عهده (٢).

وعلى هشام بن عبد الملك خرج زيد بن علي بالكوفة ، وهشام هو الرابع ـ من ولد عبد الملك بن مروان لصلبه الذين كانوا خلفاء (٣). وكان هشام يجمع المال ، ويوصف بالحزم ويبخّل (٤) ، وهشام الذي حفر الهني (٥) وعمله ، وكان قد اتخذ طرازا ، له قدر ، واستكثر منه حتى كان يحمل ما أثر فيه من طرازه على تسع مائة جمل ، وحمله على ذلك أن عمر بن عبد العزيز لما أتي بثياب سليمان بن عبد الملك ومتاعه لم يعرض له قطع من الثياب وأثر فيه ، فرأى هشام أنه إمام عدل ، وأن من (٦) يأتي من أهل العدل يقتدى به ، فجعل يتخذ المتاع للجند ، ويؤثر فيه ، ويلبسه ثم يدخره لولده ، وكان يستجيده ويثمن فيه.

وأم هشام بن عبد الملك فاطمة (٧) بنت هشام بن إسماعيل المخزومي. واستخلف هشام سنة خمس ومائة. وأتته الخلافة وهو بالزيتونة (٨) في منزله ، فجاءه البريد بالعصا والخاتم ، وسلّم عليه بالخلافة (٩) ، فركب من الرصافة إلى دمشق وهو ابن أربع وثلاثين سنة. ومات بالرصافة سنة خمس وعشرين ومائة ، وهو ابن أربع وخمسين سنة ، وكانت ولايته تسع عشرة سنة وسبعة أشهر وعشر ليال (١٠).

__________________

(١) بالأصل : وجعله ، تحريف.

(٢) البداية والنهاية ٦ / ٥٠٤.

(٣) البداية والنهاية ٦ / ٥٠١.

(٤) البداية والنهاية ٦ / ٥٠١ وسير الأعلام ٥ / ٣٥٢ وتاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ٢٨٣.

(٥) الهني والمري : نهران بإزاء الرقة حفرهما هشام بن عبد الملك وأحدث فيهما واسط الرقة ، وهما يستقيان عدة بساتين مستمدهما من الفرات ومصبهما فيه (معجم البلدان).

(٦) كذا بالأصل.

(٧) كذا بالأصل ، انظر ما لاحظناه قريبا حولها ، انظر أنساب الأشراف ٨ / ٣٦٧.

(٨) الزيتونة موضع كان ينزله هشام بن عبد الملك في بادية الشام.

(٩) وكان ذلك في شعبان سنة خمس ومائة ، (سير الأعلام) ، وقيل في يوم الجمعة لأربع بقين من شعبان (كما في البداية والنهاية).

(١٠) وقيل : عشرين سنة إلا خمسة أشهر ، وقيل : تسع عشرة سنة وسبعة أشهر وأحد وعشرين يوما (انظر أنساب) الأشراف ٨ / ٣٦٨ ـ ٣٦٩).

٢٣

وكان هشام جميلا ، أبيض ، مسمنا ، أحول ، يخضب بالسواد (١).

كان (٢) عبد الملك رأى في منامه أنه بال في المحراب أربع مرات ، فدسّ من يسأل سعيد بن المسيب عنها ـ وكان سعيد يعبر الرؤيا ، وعظمت على عبد الملك ـ فقال سعيد : يملك من ولده لصلبه أربعة ، فكان هشام آخرهم. ولهشام يقول الوليد بن يزيد (٣) :

هلك الأحول المشوم

فقد أرسل المطر

قال محمد بن النحاس (٤) :

كان لا يدخل بيت مال هشام مال حتى يشهد أربعون قسامة ، لقد أخذ من حقه ، ولقد أعطى كل ذي حق حقه.

شتم (٥) هشام بن عبد الملك رجلا من أشراف الناس يوما وهو مغضب ، فوبخه الرجل ، فقال له : أما تستحي أن تشتمني وأنت خليفة الله (٦) في الأرض؟ فاستحيا منه ، فقال له : اقتصّ مني ، قال : إذا أنا سفيه مثلك ، قال : فخذ من ذلك عوضا من المال ، قال : ما كنت لأفعل ، قال : فهبها لله ، قال : هي لله ، ثم هي لك ، قال : فنكس هشام رأسه ، وقال : والله لا أعود أبدا إلى مثلها.

قال سحبل بن محمد (٧) :

ما رأيت أحدا من الخلفاء أكره إليه الدماء ، ولا أشد عليه من هشام بن عبد الملك.

ولقد دخله من مقتل زيد بن علي ويحيى بن زيد أمر شديد ، وقال : وددت أني كنت

__________________

(١) سير الأعلام ٥ / ٣٥١ وتاريخ الإسلام (٢٨٣).

(٢) خبر الرؤيا في البداية والنهاية ٦ / ٥٠١ وسير الأعلام ٥ / ٣٥١. وتاريخ الإسلام (٢٨٣).

(٣) البيت في نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٦٣ ، والبيت في أنساب الأشراف ٩ / ١٤٨ من ثلاثة أبيات قالها الوليد ، قال : ويقال إن هذا الشعر لغير الوليد.

(٤) سير الأعلام ٥ / ٣٥٢ وتاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ٢٨٣ من طريق أبي عمير ابن النحاس عن أبيه. وتاريخ الخلفاء ص ٢٩٦.

(٥) الخبر رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٥٠١.

(٦) كذا بالأصل والبداية والنهاية.

(٧) رواه الذهبي في سير الأعلام ٥ / ٣٥٢ عن ابن سعد عن الواقدي حدثني سحبل بن محمد ، وذكره. وتاريخ الإسلام (٢٨٣). وتاريخ الخلفاء ص ٢٩٦.

٢٤

افتديتهما (١). ولقد ثقل عليه خروج زيد بن علي ، فما كان شيء حتى أتي برأسه ، وصلب بدنه بالكوفة. وولي ذلك يوسف بن عمر في خلافة هشام.

ولما ظهر ولد العباس عمد عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس إلى هشام بن عبد الملك فأمر به ، فأخرج من قبره ، وصلبه (٢) ، وقال : هذا بما فعل يزيد بن علي ، [وقيل : أحرقه](٣).

قعد (٤) هشام بن عبد الملك يوما قريبا من حائط له ، فيه زيتون ، ومعه عثمان بن حيان المري ، وهو يكلمه ، إذ سمع هشام نفض الزيتون ، فقال هشام لرجل : انطلق إليهم ، فقال لهم : التقطوه لقطا ، ولا تنفضوه نفضا (٥) ، فتفقأ عيونه ، وتكسر غصونه.

وكان (٦) هشام بن عبد الملك يقول : ثلاث لا يضعن الشريف : تعاهد الصنيعة ، وإصلاح المعيشة ، وطلب الحق وإن قل.

قال خالد بن صفوان (٧) :

قدمت على هشام بن عبد الملك ، فوجدته في بركة ماء ، وفي البركة كراسي عليها أصحابه جلوس ، عليهم المناديل ، فأمر بثيابي فنزعت ، وأعطيت منديلا ، فجلست على كرسي ، فقال لي : يا خالد ربّ خالد قد جلس مجلسك هو أشهى إلي حديثا ، وأحب إلي قربا منك ، فعلمت أنه يريد خالدا القسري ، فقلت : ما يمنعك من إعادته يا أمير المؤمنين؟ قال : إنه أدلّ فأملّ ، وأوجف فأعجف (٨) ، ولم يدع لذي رجعة مرجعا ، ولا إلى عودة مطمعا. ألا أخبرك عنه يا خالد؟ ما سألني حاجة قط حتى أكون أنا الذي أعرضها عليه ، قال : قلت : ذاك

__________________

(١) البداية والنهاية ٥ / ٥٠١ وزيد فيه : بجميع ما أملك.

(٢) سير الأعلام ٥ / ٣٥٢ وتاريخ الإسلام (٢٨٣).

(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل.

(٤) البداية والنهاية ٦ / ٥٠٢ وأنساب الأشراف ٨ / ٤١٤ من طريق المدائني عن عبد الرحمن بن خالد.

(٥) في أنساب الأشراف : ولا تخبطوا خبطا ، فإن الخبط يفقأ عيونه ويكسر غصونه.

(٦) الخبر في البداية والنهاية ٦ / ٥٠٢.

(٧) الخبر رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٨ / ٤١٢ من طريق المدائني عن مسلمة بن محارب قال : قال خالد بن صفوان ، وذكره.

(٨) إلى هنا الخبر في أنساب الأشراف.

٢٥

أحرى أن تعيده يا أمير المؤمنين ، قال : كلا (١) :

إذا انصرفت نفسي عن الشي لم تكد

إليه بوجه آخر الدهر تقبل

ثم قلت : يا أمير المؤمنين ، زدني في عطائي خمسة دنانير ، قال : ولم يا خالد؟ أحديث عبادة؟ أم فتحت لأمير المؤمنين فتحا؟ قلت : لا ، قال : إذا تكثر السؤال ، ولا يستطيع ذلك بيت المال ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، إن ابن أبي جمعة (٢) يقول :

[إذا (٣) المال لم يوجب عليك عطاءه

حقيقة تقوى أو خليل تخالقه](٤)

منعت وبعض المنع حزم وقوة

ولم يفتلتك (٥) المال إلّا حقائقه

فقال : هو ذاك. فقيل لخالد : لم زيّنت له البخل؟ قال : ليقع المنع ، فتكثر اللوّام.

قال هشام (٦) : ما بقي علي شيء من لذات الدنيا إلا وقد نلته ، وما أتمنى إلا شيئا واحدا : أخ أرفع مئونة التحفظ فيما بيني وبينه (٧).

خرجت (٨) جارية لهشام بن عبد الملك ، وعليها درع من لؤلؤ ، فتحرش بها الأبرش الكلبي. قال (٩) : أتهبين لي هذا الدرع؟ فقالت : لأنت أطمع من أشعب (١٠) ، فقال هشام : وما (١١) أشعب؟ فجعلت تذكر له طرائف من طرائفه ، فقال للكاتب : اكتب إلى المدينة : يرفع أشعب إلينا ، فإن فيه ملهى ، فكتب الكتاب ، فلما قرأه هشام شقّه ، فقال الأبرش : مالك يا أمير

__________________

(١) البيت لمعن بن أوس بن نصر ، ديوانه ص ٩٣.

(٢) يعني كثير عزة ، والبيتان في ديوانه ص ١٣٢ ط. بيروت.

(٣) البيت التالي استدرك عن هامش الأصل.

(٤) عجزه في الديوان :

صنيعة قربى أو صديق تواقعه

(٥) في الديوان : «يفتلذك» وافتلت الشيء : أخذه بسرعة.

(٦) الخبر رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٥٢ نقلا عن العيشي ، وفي تاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ٢٨٤ نقلا عن ابن أبي عائشة. وتاريخ الخلفاء ص ٢٩٦.

(٧) في سير الأعلام : أخ أرفع مئونة التحفظ منه.

(٨) رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٨ / ٣٧٥ من حديث العمري عن الهيثم بن عدي ، وذكره.

(٩) العبارة في أنساب الأشراف : فقال : يا أبرش أهبها لك؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، وهو يضحك ويغمز هشاما ، فقالت ـ وفطنت ـ : أنت والله أطمع من أشعب.

(١٠) هو أشعب بن جبير ، واسمه شعيب ، وكنيته أبو العلاء صاحب ملاحة ونوادر. انظر أخباره في الأغاني ١٩ / ١٣٥.

(١١) كذا بالأصل : وفي أنساب الأشراف : «من» وهو أشبه.

٢٦

المؤمنين؟ قال : استحييت أن يرد كتابي على أهل المدينة ـ دار الهجرة والسنة وأبناء المهاجرين والأنصار ـ يرفع إلي من عندهم مضحك ، ثم أنشأ يقول (١) :

إذا أنت طاوعت (٢) الهوى قادك الهوى

إلى بعض ما فيه عليك مقال

ويقال : إنه لم يقل من الشعر غير هذا البيت.

قال منذر بن أبي ثور :

أصبنا في خزائن هشام بن عبد الملك اثني عشر ألف قميص ، كلها قد أثر بها.

كتب (٣) هشام بن عبد الملك إلى أبيه عبد الملك : يا أمير المؤمنين ، إنه قد حدثت في ابنك خصال ثلاث : يصعد المنبر فلا يستطيع الخطبة ، وتوضع المائدة بين يديه فلا ينال منها إلا اليسير ، وفي قصره مائة جارية لا يكاد يصل إلى كبير شيء منهن.

فكتب إليه عبد الملك : أما قولك : إنك تصعد المنبر فلا تستطيع الخطبة ، فإذا صعدت فارم بطرفك إلى مواخر (٤) الناس ، فإنه يهون عليك من بين يديك. وأما قولك في الطعام فمر أن يستكثر من الألوان ، فإنه لا يعدمك (٥) من كل لون لقمة. وأما قولك في الجواري فعليك بكل بيضاء بضة (٦) [ذات جمال](٧) وحسن.

قال أبو المليح :

كنا قعودا ومعنا صالح بن مسمار ، فقالوا : سبق هشام ، فقال : إنه والله ما سبق ، ولكنه سبق ، ولقد أجرى في غير ما أمر به ، فقال بعضهم : والله ما نشتهي أن يروى هذا عنا ، قال : أبعدكم الله ، والله لوددت أن الناس كلهم مثلي حتى نأتيه فنقول : اعدل في هذه الأمة ، وإلا فاعتزل حتى يأتي من هو أولى بهذا المجلس منك.

__________________

(١) البيت في أنساب الأشراف ٨ / ٣٧٥ والبداية والنهاية ٦ / ٥٠٢. وسير الأعلام ٥ / ٣٥٢ وتاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ٢٨٤ وتاريخ الخلفاء ص ٢٩٧.

(٢) صدره في المصادر :

إذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى

(٣) الخبر في البداية والنهاية ٦ / ٥٠٢ ـ ٥٠٣ وفيه أن هشام شكى ، ولم يذكر أنه كتب إليه ، وذكر كتاب عبد الملك في رده على شكوى هشام.

(٤) في البداية والنهاية : مؤخر.

(٥) البداية والنهاية : فلعلك تناولت.

(٦) الكلمة غير واضحة بالأصل والمثبت عن البداية والنهاية.

(٧) اللفظتان ليستا في الأصل واستدركتا عن البداية والنهاية.

٢٧

وكان هشام يفرح إذا سبق بالخيل فرحا شديدا.

قدم شاعر على هشام فأنشده (١) :

رجاؤك أنساني تذكّر إخوتي

ومالك أنساني بحرسين (٢) ماليا

فقال هشام : ذلك أحمق لك.

قال المسور بن مخرمة :

قال عمر بن الخطاب (٣) لعبد الرحمن بن عوف : ألم يكن فيما تقرأ : قاتلوا في الله في آخر مرة ، كما قاتلتم فيه أول مرة؟ قال : متى ذاك؟ قال : إذا كانت بنو أمية الأمراء ، وبنو مخزوم الوزراء.

لما (٤) بنى هشام بن عبد الملك الرّصافة قال : أحب أن أخلو يوما لا يأتيني فيه خبر غمّ ، فما انتصف (٥) النهار حتى أتته ريشة دم من بعض الثغور ، فأوصلت إليه ، فقال : ولا يوما واحدا (٦)؟! قال الهيثم :

كان هشام بن عبد الملك جبارا ، فأمر أن يفرش له في قصر بين شجر وكروم ، وصور من النبت ، ففرش بأفخر الفرش ، وأحضر ندماءه ، وأمر الحجاب بحفظ الأبواب ، فبينا هو جالس إذا أقبل رجل جهير الصوت ، جميل ، كأن الشمس تطلع من ثيابه ، فشخص هاشم ينظر إليه متعجبا من هيئته ، فألقى إليه صحيفته ، ثم ذهب ، فلم ير ، فإذا فيها : بئس الزاد إلى

__________________

(١) البيت في معجم البلدان «حرس» ونسبه للراعي ، وهو في ديوان الراعي النميري ص ٢٩٠ من قصيدة طويلة يمدح هشام بن عبد الملك بن مروان.

(٢) في الديوان : بوهبين. قال ياقوت في معجم البلدان : حرس ثانيه ساكن ، من مياه بني عقيل بنجد ، وقيل هما ماءان اثنان يسميان حرسين ، وهناك مياه عدة تسمى الحروس. قال ثعلب بعد ما ذكر قول الراعي : إنما هو حرس ماء بين بني عامر وغطفان بين بلديهما. وإنما قال : «بحرسين» لأن الاسمين إذا اجتمعا وكان أحدهما مشهورا غلب المشهور منهما.

(٣) بالأصل : عبد الخطاب ، تحريف.

(٤) الخبر رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٥٠٣ نقلا عن أبي عبد الله الشافعي. ورواه الذهبي في سير الأعلام ٥ / ٣٥٢ من طريق حرملة : حدثنا الشافعي وذكره. وتاريخ الخلفاء ص ٢٩٧ وتاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ٢٨٤.

(٥) في سير الأعلام : تنصّف.

(٦) سير الأعلام : يوم واحد.

٢٨

المعاد ، العدوان على العباد. فأحضر الحجاب فسألهم عن الرجل ، فقالوا : ما رأينا أحدا ، فصرف ندماءه ، وقال : تكدر علينا هذا اليوم ، ولم يمض عليه بعد ذلك شهر حتى مات.

قال (١) عمر (٢) بن علي :

مشيت مع محمد بن علي (٣) إلى داره ، فقلت له : إنه قد طال ملك هشام وسلطانه ، وقد قرب من العشرين ، وقد زعم الناس أن سليمان سأل ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده (٤) ، فزعم الناس أنها العشرون ، فقال : ما أدري ما أحاديث الناس ، ولكن أبي حدثني عن أبيه عن علي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«لن يعمّر الله ملكا في أمة نبي مضى قبله ما بلغ بذلك النبي من العمر في أمته. فإن الله عمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاث عشرة بمكة وعشرا بالمدينة» [١٤٣٦٥].

قال عبد الله بن الزبير : إنه سمع عليا يقول (٥) :

هلاك بني أمية على رجل ، الأحول منهم. قال مسلم [بن إبراهيم](٦) : يعني : هشاما.

قال سالم كاتب هشام بن عبد الملك (٧) :

خرج علينا هشام يوما ، هادلا عنقه ، مرخيا عنان دابته ، مسترخية ثيابه عليه ، فسار قليلا ، ثم إنه انتبه ، فجذب عنان برذونه ، وسوّى عليه ثيابه ثم قال للربيع ـ وكان على حرسه ـ : ادع لي الأبرش بن الوليد ، فأقبل عليه الأبرش ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لقد رأيت

__________________

(١) الخبر في البداية والنهاية ٦ / ٥٠٣ من طريق أبي بكر بن أبي خيثمة حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا حسين ابن زيد عن شهاب بن عبد رب عن عمر بن علي ، وذكره. ورواه ابن جرير الطبري في تاريخه. ٧ / ٢٠٨ عن أحمد ابن زهير عن إبراهيم بن المنذر الحزامي.

(٢) في تاريخ الطبري ٧ / ٢٠٨ عمرو بن علي.

(٣) يعني محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، الباقر ، (رض) كما في البداية والنهاية.

(٤) يشير إلى قوله تعالى : (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) الآية : ٣٥ من سورة ص.

(٥) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٥٠٣ من طريق مسلم بن إبراهيم حدثنا القاسم بن الفضل حدثني عباد بن المعرا الفتكي عن عاصم بن المنذر بن الزبير عن عبد الله بن الزبير ، وذكره.

(٦) «بن إبراهيم» استدركت اللفظتان عن هامش الأصل. ومسلم بن إبراهيم راوي الخبر.

(٧) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٥٠٣ من طريق أبي بكر بن أبي الدنيا عن عمر بن أبي معاذ النميري عن أبيه ، عن عمرو بن كليع عن سالم ، وذكره. ورواه البلاذري في أنساب الأشراف ٨ / ٣٨١ من طريق سالم أبي العلاء.

٢٩

اليوم منك شيئا (١) ، قال : وما هو؟ فأخبره بحاله التي خرج عليهم فيها ، قال : ويحك يا أبرش! كيف لا أكون بذلك ، وزعم أهل العلم بالنجوم أني أموت إلى ثلاثة وثلاثين يوما من يومي هذا؟ فكتبت : ذكر أمير المؤمنين أنه مسافر إلى ثلاثة وثلاثين يوما من يومي هذا وأدرجت الكتاب ، وختمته. فلما كان في الليلة التي صبيحتها ثلاثة وثلاثون يوما أتاني خادم ، فقال : أدرك أمير المؤمنين ، وائت بالدواء معك ـ وكان دواء الذّبحة (٢) ، يكون معه ـ فذهبت بالدواء إليه ، فجعل يتغرغر به ، وما يسكن عنه ما يجد ، حتى مضى من الليل شيء ، ثم قال : انصرف ، ودع الدواء عندي ، فقد وجدت بعض الراحة ، فانصرفت إلى منزلي ، فلم أنم حتى سمعت الصراخ عليه.

قال هشام يوما ، وهو يسير في موكبه : يا لك دنيا! ما أحسنك! لو لا أنك ميراث لآخرك ، وآخرك كأولك.

فلما (٣) حضرته الوفاة نظر إلى ولده يبكون حوله ، فقال : جاد لكم هشام بالدنيا ، وجدتم عليه بالبكاء ، وترك لكم ما جمع ، وتركتم عليه ما كسب ، ما أعظم (٤) منقلب هشام إن لم يغفر الله له!

كان نقش خاتم هشام : الحكم للحكم الحكيم (٥).

حبس (٦) هشام بن عبد الملك عياض بن مسلم كاتب الوليد بن يزيد (٧) ، وضربه ، وألبسه المسوح. فلم يزل محبوسا حتى مات هشام. فلما ثقل هشام وصار في حدّ لا يرجى لمن كان مثله في الحياة رهقته غشية ، وظنوا أنه مات ، فأرسل عياض بن مسلم إلى الخزّان أن احتفظوا بما في أيديكم ، ولا يصلنّ أحد إلى شيء ، وأفاق هشام من غشيته ، فطلبوا من الخزان شيئا ، فمنعوهم (٨) ، فقال هشام : إنا (٩) كنا خزانا للوليد. ومات هشام من ساعته

__________________

(١) في أنساب الأشراف : «ما غمني» بدلا من «شيئا».

(٢) الذباح والذبحة : داء يأخذ في الحلق ، وربما قتل (اللسان).

(٣) الخبر في البداية والنهاية ٦ / ٥٠٤ وأنساب الأشراف ٨ / ٤٢١ نقلا عن المدائني.

(٤) في البداية والنهاية : أسوأ.

(٥) البداية والنهاية ٦ / ٥٠٤.

(٦) الخبر في أنساب الأشراف ٨ / ٣٨٢.

(٧) في أنساب الأشراف : مولى عبد الملك بن مروان ، وهو كاتبه.

(٨) أنساب الأشراف : فطلب شيئا فمنعه.

(٩) أنساب الأشراف : أرانا كنا.

٣٠

فخرج عياض من الحبس ، فختم الأبواب والخزائن ، وأمر بهشام فأنزل عن فراشه ، ومنعهم أن يكفنوه من الخزائن ، فكفنه غالب مولى هشام. ولم يجدوا قمقما يسخن فيه الماء حتى استعاروه ، فقال الناس : إن في هذا لعبرة لمن اعتبر.

مر أعرابي بقبر هشام ، وخادم له قائم عليه يقول : يا أمير المؤمنين ، فعل بنا بعدك كذا وكذا. فقال له الأعرابي : إيه ، لو نشر لأخبرك أنه لقي أشدّ مما لقيتم.

كان مكحول يقول :

اللهم ، لا تبقني بعد هشام.

وكان هلاك معاوية سنة ستين ، وهلاك هشام سنة خمس وعشرين ومائة.

وعن عبد الرحمن (١) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«ترفع زينة الدنيا سنة خمس وعشرين ومائة» [١٤٣٦٦].

قال إسحاق بن البهلول : قلت لابن أبي فديك : ما معناه؟ قال : زينتها : نور الإسلام وبهجته.

وفي آخر بمثله :

يعني بالزينة : الرجال (٢).

مات هشام من ورم أخذه في حلقه ، يقال له الحرذون ، بالرّصافة (٣) [رصافة هشام](٤) وعمره إحدى وستون سنة. وقيل : ثلاث وخمسون سنة. وصلى عليه الوليد بن يزيد. وقيل : صلى عليه مسلمة بن هشام.

[ومن أخبار هشام :

أخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن أبي عبلة قال : أراد هشام بن عبد الملك أن يوليني خراج مصر ، فأبيت ، فغضب حتى اختلج وجهه ، وكان في عينه الحول ، فنظر إليّ نظر منكر ، وقال : لتلين طائعا أو لتلين كارها ، فأمسكت عن الكلام حتى سكن غضبه ، فقلت : يا أمير

__________________

(١) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٥٠٤ من طريق ابن أبي فديك حدثنا عبد الملك بن زيد عن مصعب بن مصعب عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه رفعه ، وذكره.

(٢) البداية والنهاية ٦ / ٥٠٤.

(٣) رصافة هشام في غربي الرقة بينهما أربعة فراسخ على طرف البرية ، وقد كان هشام بن عبد الملك قد بناها لما وقع الطاعون بالشام. وكان يسكنها في الصيف.

(٤) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل.

٣١

المؤمنين أتكلم؟ قال : نعم ، قلت : إن الله قال في كتابه العزيز (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها) فو الله يا أمير المؤمنين ما غضب عليهن إذ أبين ، ولا أكرههن إذ كرهن ، وما أنا بحقيق أن تغضب علي إذ أبيت ، وتكرهني إذ كرهت ، فضحك وأعفاني.

وأخرج عن خالد بن صفوان قال :

وفدت على هشام بن عبد الملك ، فقال : هات يا ابن صفوان ، قلت : إن ملكا من الملوك خرج متنزها إلى الخورنق ، وكان ذا علم مع الكثرة والغلبة ، فنظر وقال لجلسائه : لمن هذا؟ قالوا : للملك ، قال : فهل رأيتم أحدا أعطي مثل ما أعطيت؟ وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة. فقال : إنك قد سألت عن أمر ، أفتأذن لي بالجواب؟ قال : نعم. قال : أرأيت ما أنت فيه ، أشيء ، لم تزل فيه أم شيء صار إليك ميراثا وهو زائل عنك إلى غيرك كما صار إليك؟ قال : كذا هو ، قال : فتعجب بشيء يسير لا تكون فيه إلا قليلا. وتنقل عنه طويلا ويكون عليه حسابا؟ قال : ويحك فأين المهرب؟ وأين المطلب؟ وأخذته قشعريرة ، قال : إما أن تقيم في ملكك وتضع تاجك ، وتلقي عنك أطمارك ، وتعبد ربك ، قال : إني مفكر الليلة وأوافيك السحر ، فلما كان السحر قرع عليه بابه فقال : إني اخترت هذا الجبل وفلوات الأرض ، وقد لبست علي أمساحي. فإن كنت لي رفيقا لا تخالف ، فلزما الجبل حتى ماتا](١).

[١٠٠٦٢] هشام بن عمار بن نصير (٢) بن ميسرة

أبو الوليد السّلمي الظفري (٣)

خطيب دمشق ، ومقرئ أهلها. أحد المكثرين الثقات (٤).

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ الخلفاء ، ص ٢٩٧ ـ ٢٩٨ نقلا عن ابن عساكر.

[١٠٠٦٢] ترجمته في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٠ وتهذيب التهذيب ٦ / ٣٦ والتاريخ الكبير ٨ / ١٩٩ والجرح والتعديل ٩ / ٦٦ وطبقات ابن سعد ٧ / ٤٧٣ وتذكرة الحفاظ ٢ / ٤٥١ وميزان الاعتدال ٤ / ٣٠٢ وسير أعلام النبلاء ١١ / ٤٢٠ وغاية النهاية ٢ / ٣٥٤ ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٥٩ رقم ٩١ والعبر ١ / ٤٤٥.

(٢) نصير مصغرا ، تقريب.

(٣) بالأصل : المظفري ، والمثبت عن تهذيب الكمال.

(٤) انظر تهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٠ ـ ٢٧٢ وقد ذكر جماعة كبيرة من شيوخه ، وأسماء كثيرين رووا عن هشام بن عمار. وانظر أيضا سير الأعلام ١١ / ٤٢٠ ـ ٤٢٢.

٣٢

حدث [عن مالك بن أنس عن الزهري](١) عن أنس بن مالك.

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر [١٤٣٦٧].

ولد هشام بن عمار سنة ثلاث وخمسين ومائة (٢). وكان هشام يحرك الزّبل كل يوم بأربعة دوانيق ، فيشتري بها ورقا ، ويكتب الحديث. وقد رويت هذه الحكاية عن هشام بن خالد (٣). قال : وهي به أشبه.

قال هشام بن عمار (٤).

باع أبي عمار بيتا له بعشرين دينارا ، وجهزني للحج. فلما صرت إلى المدينة أتيت مجلس مالك بن أنس ، ومعي مسائل أريد أن أسأله عنها ، فأتيته وهو جالس في هيئة الملوك ، وغلمان قيام ، والناس يسألونه ، وهو يجيبهم. فلما انقضى المجلس قال لي بعض أصحاب الحديث : سل عما معك ، فقلت له : يا أبا عبد الله ، ما تقول في كذا وكذا؟ فقال : حصلنا على الصبيان! يا غلام ، احمله ، فحملني كما يحمل الصبي ، وأنا يومئذ غلام مدرك ، فضربني بدرة مثل درة المعلمين سبع عشرة درة ، فوقفت أبكي ، فقال لي مالك : ما يبكيك؟ أوجعتك هذه (٥)؟ قلت : إن أبي باع منزله ، ووجه بي أتشرّف بك ، وبالسماع منك فضربتني؟ فقال : اكتب ، فحدثني سبعة عشر حديثا ، وسألته عما كان معي من المسائل فأجابني ، رحمه‌الله.

وفي آخر بمعناه :

قلت له : زدني من الضرب ، وزد في الحديث ، فضحك مالك وقال : اذهب (٦).

وفي آخر بمعناه قال :

جئت إلى منزله ، فإذا هو شديد الاحتجاب ، فلقيته في الطريق ، فقلت : يا أبا عبد الله ، أنا غلام من أصحاب الحديث ، إن رأيت أن تأمر لي بشيء أكتبه عنك ، فقال لي : وحديث

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل ، وبعده صح.

(٢) سير الأعلام ١١ / ٤٢٠ ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٩٥ وتهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٧.

(٣) تقدمت ترجمته في هذا الجزء قريبا.

(٤) رواه الذهبي في سير الأعلام ١١ / ٤٢٨ من طريق أبي بكر محمد بن سليمان الربعي حدثنا محمد بن الفيض الغساني ، سمعت هشام بن عمار ، وذكره. ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٩٦ ـ ١٩٧ وتهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٦.

(٥) في سير الأعلام : هذه الدرة.

(٦) معرفة القراء الكبار ١ / ١٩٧ ، وتهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٦.

٣٣

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يكتب على الطريق؟! وأمر بضربي. الحديث.

كان هشام بن عمار إذا مشى أطرق إلى الأرض ، لا يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله عزوجل (١).

وقال هشام بن عمار : الخلفاء الراشدون المهديون خمسة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وعمر بن عبد العزيز.

قال عبدان (٢) : كنا لا نصلي خلف هدبة (٣) من طول صلاته ، يسبح في الركوع والسجود نيفا وثلاثين تسبيحة ، وكان من أشبه خلق الله بهشام بن عمار : لحيته ، ووجهه ، وكل شيء منه حتى صلاته (٤).

قال عبدان : كان هشام بن عمار يخطب على المنبر يوم الجمعة ، فقلت له يوما : يا أبا الوليد ، خطبتك هذه لا تشبه سائر خطبك في سائر الأيام ، تلك كانت أبلغ. قال : اسكت يا صبي ، ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة (٥).

قال هشام يوما في خطبته (٦) : قولوا الحق ينزلكم الحق منازل أهل الحق يوم لا يقضى إلا بالحق.

كان هشام بن عمار ثقة ، صدوقا ، كبير المحل ، وكان يأخذ على الحديث ، ولا يحدّث ما لم يأخذ (٧).

قال هشام بن عمار (٨) :

__________________

(١) تهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٦ وسير الأعلام ١١ / ٤٣٠.

(٢) رواه الذهبي في سير الأعلام ١١ / ٤٣١ من طريق عبدان الأهوازي.

(٣) يعني هدبة بن خالد بن أسود القيسي ، أبو خالد ، ويقال له : هداب ترجمته في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٢٥.

(٤) ورواه المزي في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٢٧ في ترجمة هدبة ، من طريق عبدان الأهوازي.

(٥) سير الأعلام ١١ / ٤٣٠ ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٩٦ وتهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٣.

(٦) رواه المزي في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٦ من طريق أبي بكر محمد بن خريم الخريمي ، وسير الأعلام ١١ / ٤٢٩ ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٩٦.

(٧) سير الأعلام ١١ / ٤٢٦ وتهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٤.

(٨) رواه المزي في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٥ من طريق أبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي : أخبرني بعض أهل الحديث ببغداد ، عن هشام بن عمار وذكره. والذهبي في سير الأعلام ١١ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨ ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٩٧.

٣٤

سألت الله سبع حوائج ، فقضى لي منها ستا ، والواحدة ما أدري ما صنع فيها :

سألته أن يغفر لي ولوالدي ، وهي التي لا أدري ما صنع فيها. وسألته أن يرزقني الحج ففعل. وسألته أن يعمّرني مائة سنة ففعل (١) ، وسألته أن يجعلني مصدّقا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢) ففعل ، وسألته أن يجعل الناس يغدون إلي في طلب العلم ففعل ، وسألته أن أخطب على منبر دمشق ففعل ، وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالا ففعل. فقيل له : كل شيء قد عرفناه فألف دينار حلال ، من أين لك؟ قال : وجه المتوكل ببعض ولده ليكتب عني لما خرج إلينا (٣) ، ونحن نلبس الأزر ، ولا نلبس السراويلات ، فجلست ، فانكشف ذكري ، فاره الغلام ، قال : استتر يا عم ، قلت : رأيته؟ قال : نعم ، فقلت له : أما إنه لا ترمد عينك أبدا إن شاء الله. فلما دخل على المتوكل ضحك ، فسأله ، فأخبره بما قلت ، فقال : فأل حسن تفاءل لك به رجل من أهل العلم. احملوا إليه ألف دينار ، فحملت إلي ، فأتتني من غير مسألة ، ولا استشراف نفس.

قال أبو علي صالح بن محمد الحافظ :

كنت عند هشام بن عمار بدمشق إذ جاءه رجل ، فقال : ممن أنت؟ قال : من بني مجداف ، قال : ثم من بني من؟ قال : ثم من بني سكان ، قال : ثم من بني من؟ قال : من بني دقل (٤) ، فقال هشام : لا أعرف هذا النسب في العرب ، فضحك. فقال هشام : مم تضحك؟ فقال : إنما هذا رجل جاء يطنز (٥) بك ، فقال هشام : ما أشركم يا أهل العراق.

قال أبو علي :

وجاءه رجل ، فقال هشام : ممن أنت؟ قال : من بني لازب ، فقال هشام : لا أعرف بني لازب في العرب ، ثم قال لي : تعرف بني لازب؟ قلت : إنما يسند إلى قول الله عزوجل (مِنْ طِينٍ لازِبٍ) [سورة الصافات ، الآية : ١١]. فضحك هشام.

قال أبو بكر أحمد بن المعلّى (٦) :

__________________

(١) عقب الذهبي بعدها بقوله : قلت إنما عاش اثنتين وتسعين سنة.

(٢) في سير الأعلام وتهذيب الكمال : على حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٣) زيد في سير الأعلام : يعني لما سكن دمشق ، وبني له القصر بداريا.

(٤) الدقل : خشبة طويلة تشد في وسط السفينة يمد عليها الشراع (اللسان ـ تاج العروس : دقل).

(٥) طنز بك ويطنز بك : كلمة استهزاء ، مولد أو معرب (اللسان).

(٦) من طريقة رواه الذهبي في سير الأعلام ١١ / ٤٣٠ وتهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٧.

٣٥

رأيت هشام بن عمار في النوم ، والمشايخ متوافرون ، سليمان بن عبد الرحمن وغيره ، وهو يكنس المسجد ، فماتوا ، وبقي هو آخرهم.

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](١) :

[هشام بن عمار السلمي الدمشقي روى عن مالك بن أنس ، وصدقة بن خالد ، والهيثم بن حميد ، ويحيى بن حمزة والوليد بن مسلم ، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام. سمعت أبي يقول ذلك روى عنه أبي وأبو زرعة.

سمعت أبي يقول : سمعت يحيى بن معين : هشام بن عمار كيس كيس.

سمعت أبي يقول : هشام بن عمار لما كبر تغير ، وكلما دفع إليه قرأه وكلما لقن تلقن ، وكان قديما أصح ، كان يقرأ من كتابه. سئل أبي عنه ، فقال : صدوق](٢).

[قال أبو عبد الله البخاري](٣) :

[هشام بن عمار السلمي ، الدمشقي ، سمع يحيى بن حمزة ، والوليد بن مسلم](٤).

توفي هشام سنة خمس وأربعين ومائتين ، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة.

[١٠٠٦٣] هشام بن الغاز بن ربيعة

أبو العباس ـ ويقال : أبو عبد الله (٥) الجرشي (٦)

دمشقي.

[روى عن أبان بن أبي عياش ، وحفص بن غيلان ، وحيان أبي النضر ، وربيعة بن الغاز ، وسليمان بن داود الخولاني ، وسليمان بن موسى ، وعبادة بن نسي ، وعثمان بن داود

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) زيادة عن الجرح والتعديل ٩ / ٦٦ ـ ٦٧.

(٣) زيادة للإيضاح.

(٤) زيادة عن التاريخ الكبير ٨ / ١٩٩.

[١٠٠٦٣] ترجمته في سير الأعلام ٧ / ٦٠ وتهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٩ وتهذيب التهذيب ٦ / ٣٨ وطبقات ابن سعد ٧ / ٤٦٨ وتاريخ بغداد ١٤ / ٤٢ وميزان الاعتدال ٤ / ٣٠٤ وغاية النهاية ٢ / ٣٥٦ العبر ١ / ٢٢١ وشذرات الذهب ١ / ٢٣٦.

(٥) زيد في سير الأعلام : وقيل أبو ربيعة.

(٦) الجرشي : بضم الجيم وفتح الراء بعدها معجمة (تقريب التهذيب) وانظر الأنساب.

٣٦

الخولاني ، وعدي بن أرطاة وعطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن شعيب ، والزهري ، ومكحول الشامي ، ونافع ، ويحيى بن الحارث الذماري ، ويزيد بن يزيد بن جابر.

روى عنه إسحاق بن سليمان الرازي ، وإسماعيل بن عياش ، وأيوب بن حسان الجرشي ، وبكر بن خنيس ، وحصين بن جعفر ، وخالد بن يزيد المري ، وخلاد بن يزيد الباهلي ، وسعيد بن عمارة الكلاعي ، وسعيد بن يحيى اللخمي ، والسفر بن يونس الحمصي ، وسليمان بن حيان ، وشبابة بن سوار ، وصدقة بن خالد ، وصدقة بن عبد الله السمين ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن يزيد بن راشد الدمشقي ، وعبد الخالق بن زيد بن واقد ، وابنه عبد الوهاب ، ووكيع بن الجراح ، والوليد بن مسلم ، ويحيى بن يمان](١).

[قال أبو عبد الله البخاري](٢) : [هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي ، سمع مكحولا ، ونافعا ، روى عنه الوليد بن مسلم وابن المبارك ووكيع](٣).

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٤) : [هشام بن الغاز الجرشي وهو ابن الغاز بن ربيعة أبو العباس روى عن عطاء. ومكحول ، ونافع ، وحيان أبي النضر ، روى عنه ابن المبارك ، ووكيع ، والوليد بن مسلم ، وشبابة ، وعبد الله بن يزيد بن راشد الدمشقي ، أبو بكر ، سمعت أبي يقول ذلك.

نا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إلي قال : سألت أبي عن هشام بن الغاز فقال : صالح الحديث.

ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال : هشام بن الغاز ثقة](٥).

حدث عن نافع عن ابن عمر : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها ، فقال للناس : أي يوم هذا؟ قالوا : هذا يوم النحر ، قال : فأي بلد هذا؟

__________________

(١) الزيادة بين معكوفتين استدركت عن تهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن التاريخ الكبير ٨ / ١٩٩.

(٤) زيادة للإيضاح.

(٥) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن الجرح والتعديل ٩ / ٦٧.

٣٧

قالوا : هذا البلد بلد حرام ، قال : فأي شهر هذا؟ قالوا : شهر حرام ، قال : هذا يوم الحج الأكبر ، دماؤكم ، وأموالكم ، وأعراضكم عليكم حرام كحرمة هذا البلد في هذا اليوم ، ثم قال : هل بلغت؟ قالوا : نعم ، قال : فطفق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «اللهم ، اشهد ،» [١٤٣٦٨] ثم ودع الناس ، فقالوا : هذه حجة الوداع.

وحدث هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر : أن أقرع لابنة أبي عبيد وهي امرأته ، فسار مسيرة ليلتين في ليلة. فلما غربت الشمس قلنا : الصلاة ، أصلحك الله ، فسكت ، فتركناه ، وقلنا : هو أعلم. فلما اشتبكت (١) النجوم نزل فصلى المغرب ، ثم توضأ فصلى العشاء الآخرة ، ثم ركب ، فقال : دعوتموني إلى صلاة المغرب ، وإني سرت كما سار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصليت كما صلى.

قال هشام بن الغاز : كنت جالسا مع مكحول في مسجد دمشق ، وسليمان بن موسى في ناس ناحية ، فسئل سليمان : أتقتل النصرانية المسلمة؟ فقال : لا ، فقال بعض جلسائه : بلى ، فالتفت إلى مكحول فقال : ألا تسمع ما يقول هؤلاء؟ يقولون : إن النصرانية تقتل المسلمة ، فما تقول؟ فالتفت إلي مكحول وقال : إنه لأحمق ، يسألني : تقتل النصرانية المسلمة؟ وأم القسري (٢) نصرانية ، وأم نمير نصرانية! والغاز : بالزاي (٣). والجرشي : بضم الجيم ، وفتح الراء ، وكسر الشين المعجمة (٤).

وكان هشام ثقة ، صالح الحديث (٥) ، من خيار الناس (٦).

توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. وقيل : سنة تسع وخمسين. وقيل : سنة ست وخمسين. وكان على بيت مال أبي جعفر (٧).

__________________

(١) كذا بالأصل.

(٢) يعني خالد بن عبد الله القسري.

(٣) الإكمال لابن ماكولا ٧ / ٣ وفيه : الغاز بالزي ، فهو : هشام بن الغاز بن ربيعة يروي عن مكحول وعبادة بن نسي وغيرهما ، يعد من الشاميين ، روى عنه الوليد بن مسلم وأبو خالد الأحمر وغيرهما.

(٤) الإكمال لابن ماكولا ٢ / ٢٣٥.

(٥) هو قول أحمد بن حنبل ، راجع تهذيب الكمال ١٩ / ٢٨٠.

(٦) قاله عبد الرحمن بن يوسف بن خراش ، كما في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٨٠.

(٧) تاريخ بغداد ١٤ / ٤٤.

٣٨

[١٠٠٦٤] هشام بن محمد بن أحمد بن علي بن هشام

أبو محمد التيملي (١) الكوفي الحافظ

حدث عن أبي الطيب محمد بن الحسين التيملي (٢) البزاز بسنده إلى علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«اغتنموا دعاء ضعفاء أمتي ، فإنه يستجاب لهم فيكم ، ولا يستجاب لهم في أنفسهم» [١٤٣٦٩].

وحدث (٣) عن أحمد بن محمد بن حماد الواعظ بسنده إلى عائشة رضي‌الله‌عنها قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«إن من الشعر حكما ، وأصدق بيت تكلمت به العرب :

ألا كل شيء ما خلا الله باطل» (٤) [١٤٣٧٠]

توفي هشام بن محمد سنة ثنتين وأربع مائة. وجرّحه قوم.

[قال أبو بكر الخطيب](٥) :

[قدم بغداد عدة دفعات فسمع بها من أبي حفص الكتاني ، وأبي طاهر المخلص ، ومن بعدهما.

وآخر ما دخلها قبيل سنة عشر وأربعمائة ، وكان سمع معنا في ذلك الوقت من أبي الحسن بن الصلت ، وأبي الحسن بن رزقويه ، وأبي الحسين بن بشران.

__________________

[١٠٠٦٤] ترجمته في ميزان الاعتدال ٤ / ٣٠٥ ولسان الميزان ٦ / ١٩٧ وتاريخ بغداد ١٤ / ٤٨ والأنساب (التيملي ١ / ٤٩٧).

(١) كذا بالأصل ، وفي ميزان الاعتدال التميمي ، وفي لسان الميزان : «التميمي» وفي تاريخ بغداد : «السحلي».

(٢) التيملي بفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وضم الميم وفي آخرها لام هذه النسبة إلى تيم الله بن ثعلبة ، وهذه قبيلة مشهورة (الأنساب).

(٣) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٤٩ من طريق أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد حدثنا يوسف بن يعقوب ابن البهلول حدثني جدي حدثني أبي عن أبي شيبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رفعته.

(٤) صدر بيت للبيد ، وعجزه.

وكل نعيم لا محالة زائل

(٥) زيادة للإيضاح.

٣٩

ثم خرج إلى الكوفة وأقام بها دهرا طويلا إلى أن علت سنه وحدث ، وكان قد سمع الكثير وكتب ، وله أدنى فهم وتصور. وكنت قد سمعت منه ببغداد حديثا واحدا](١).

[١٠٠٦٥] هشام بن محمد بن جعفر

ابن هشام بن عبد ربه بن زيد بن خالد بن قيس

أبو عبد الملك الكندي ، [وقيل : أبو الوليد](٢)

أخو جعفر (٣) المعروف بابن بنت عدبّس الدمشقي.

حدث عن أبي عمرو عثمان بن خرزاذ بسنده إلى أبي جحيفة قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب وهو يقول :

«لا يزال أمر أمتي صالحا [حتى] يمضي اثنا عشر خليفة. كلهم من قريش».

وعدبس ، بفتح العين والدال وتشديد الباء المعجمة بواحدة (٤) هو جعفر بن محمد (٥) يعرف بابن بنت عدبس ، وأخوه هشام بن محمد بن جعفر بن هشام [يكنى أبا الوليد وأبا عبد الملك ، روى عن عثمان بن خرزاذ ، والحسين بن السميدع الأنطاكيين ، روى عنه تمام وابن أبي نصر](٦).

[١٠٠٦٦] هشام بن مصاد بن زياد

أبو زياد الكلبي ثم العليمي

أخو معاوية وعبد الرحمن ويزيد بني مصاد. من فرسان كلب.

قال هشام بن مصاد : كنت جالسا مع عمر بن عبد العزيز نتحدث إذ بكى عمر ، فقلت :

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل.

[١٠٠٦٥] انظر ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٥٧٠.

(٢) الإكمال لابن ماكولا ٦ / ١٥١ ـ ١٥٢.

(٣) بياض بالأصل ، واستدركت اللفظة عن جامع الأصول ٤ / ٤٦.

(٤) الإكمال لابن ماكولا ٦ / ١٥١.

(٥) الذي في الإكمال : جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام أبو عبد الله الكندي دمشقي ، يعرف بابن بنت عدبس.

(٦) ما بين معكوفتين زيادة عن الإكمال ٦ / ١٥٢.

[١٠٠٦٦] العليمي بضم العين المهملة وفتح اللام وبعدها الياء ساكنة ، نسبة إلى عليم وعليم بطن من كلب ، انظر اللباب.

٤٠