تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٣

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٣

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩١
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

لصدقه ؛ رجل مملق ولّيته بيت المال لتعسّر رزقه منذ سنين ، من أين لابنه هذا المال؟ ثم قال لإيتاخ : قيّد صاحب بيت المال وابنه حتى نأخذ منهما مائتي ألف درهم وولّ بيت المال غيره.

قال محمد بن عمرو الدّومي (١) :

لله درّ المعتصم ما كان أعقله! كان له غلام يقال له عجيب لم ير النّاس مثله [قط](٢) وكان مشغوفا به ، فحارب بين يديه يوما فحسن بلاؤه ، فقال لي المعتصم : يا محمد (٣) جليس الرّجل صديقه وذو نصحه ، ولي عليك حقّ الرئاسة والإحسان ، فاصدقني عمّا أسألك عنه ؛ فقلت : لعن الله من يقم نفسه إلا مقام العبد النّاصح الذي يرى فرضا عليه أن يضيف كلّ حسن إليك ، وينفي كلّ عيب عنك ؛ قال : قد علمت أني دون إخوتي في الأدب (٤) ، لحبّ أمير المؤمنين الرّشيد [لي](٥) وميلي إلى اللّعب وأنا حدث ، فما أبالي ما قالوا (٦) ، وقد قاتل عجيب بين يديّ ، وأنت تعلم وجدي به وقد جاش طبعي بشيء قلته فإن كان مثله يجوز فاصدقني حتى أذيعه ، وإلّا طويته (٧). فقلت : والله لأخبرت ما أمرت ؛ فأنشدني (٨) :

لقد رأيت عجيبا

يحكي الغزال الرّبيبا

الوجه منه كبدر

والقدّ يحكي القضيبا

وإن تناول سيفا

رأيت ليثا حريبا

وإن رمى بسهام

كان المجدّ (٩) المصيبا

طبيب ما بي من الحب

ب لا عدمت الطّبيبا

__________________

(١) الخبر والأبيات في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٩٧ ـ ٣٩٨ من طريق الصولي أخرجه عن محمد بن عمر الدومي.

(٢) زيادة عن تاريخ الخلفاء.

(٣) بأصل مختصر ابن منظور : فقال يا محمد.

(٤) تقدم أن أبيه الرشيد طلب من مؤدبيه ومعلميه أن يدعوه ولا يعلموه ، لأنه كان لا يطيق العلم ، فكان عريا من العلم ، وقد كان يكتب ويقرأ قراءة ضعيفة.

(٥) زيادة للإيضاح عن تاريخ الخلفاء.

(٦) كذا في مختصر ابن منظور ، وفي تاريخ الخلفاء : فلم أنل ما نالوا.

(٧) العبارة في تاريخ الخلفاء : فإن كانت حسنة وإلا فاصدقني حتى أكتمها.

(٨) الأبيات في تاريخ الخلفاء ص ٣٩٨ والثاني والخامس والسادس في الوافي بالوفيات ٥ / ١٤١ وفوات الوفيات ٤ / ٥٠.

(٩) في تاريخ الخلفاء : المجيد.

٢٤١

إني هويت عجيبا

هوى أراه عجيبا

فحلفت له أنه شعر مليح من أشعار الخلفاء الذين ليسوا بشعراء ، وطابت نفسه ؛ فقلت له : تحتاج إلى لحن فيه ؛ فقال : ما أحب ذلك لئلّا يمرّ ذكر عجيب ؛ قلت : فلا تذكر البيتين اللّذين فيهما ذكر عجيب ؛ قال : أمّا ذا فنعم ، فغنّى به مخارق ووصلني بخمسين ألفا.

وممّا أنشد للمعتصم بالله :

أيا منشئ الموتى أعذني من التي

بها نهلت نفسي سقاما وعلّت

لقد بخلت حتى لو أنّي سألتها

قذى العين من سافي التّراب لضنّت

فإن بخلت فالبخل منها سجيّة

وإن بذلت أعطت قليلا وضنّت

قال علي بن يحيى المنجّم (١) :

لمّا أن استتمّ المعتصم عدّة غلمانه الأتراك بضعة عشر ألفا ، وعلّق له خمسون ألف مخلاة على فرس وبرذون وبغل ، وذلّل العدوّ بكلّ النّواحي ، أتته المنيّة على غفلة ؛ فقيل (٢) :

إنه قال في حماة التي مات فيها : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) [سورة الأنعام ، الآية : ٤٤].

قال الخطيب (٣) : ولكثرة عسكر المعتصم وضيق بغداد عنه ، وتأذّي النّاس به بنى المعتصم سرّ من رأى (٤) ، وانتقل إليها ، فسكنها بعسكره فسمّيت العسكر (٥) ، في سنة إحدى وعشرين ومائتين.

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٦ من طريق الأزهري حدثنا محمد بن العباس الخزاز قال : حدثنا علان بن أحمد الرزاز ، حدثنا علي بن أحمد بن العباس الجاماسبي حدثنا أبو الحسن الطويل قال : سمعت عيسى ابن أبان بن صدقة عن علي بن يحيى المنجم ، وذكره.

(٢) في أصل مختصر ابن منظور : فقيل له : إنه ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٣) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٦ وسير الأعلام ١٠ / ٣٠٥ وفوات الوفيات ٤ / ٤٩ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٦.

(٤) ويقال لها سامراء. وهي بلد على دجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا ، قاله أبو سعد ، وهي مدينة كانت بين بغداد وتكريت على شرقي دجلة وقد خربت.

(٥) ذكر ياقوت في معجم البلدان ٣ / ١٧٤ هذا السبب في بنائها ثم قال : وقد حكي في سبب استحداثه سر من رأى أنه قال ابن عبدوس في سنة ٢١٩ أمر المعتصم أبا الوزير أحمد بن خالد الكاتب بأن يأخذ مائة ألف دينار ويشتري بها بناحية سر من رأى موضعا يبني فيه مدينة ، وقال له : إني أتخوف أن يصيح هؤلاء الحربية صيحة فيقتلوا

٢٤٢

قال حمدون بن إسماعيل : دخلت على المعتصم في يوم خميس ، وهو يحتجم ، فلمّا رأيته وقفت واجما وتبيّن له ذلك فيّ ؛ فقال : يا حمدون لعلّك ذكرت الحديث الذي حدّثتك به في حجامة الخميس وكراهتها ، والله ما ذكرت ذلك حتى شرط الحجّام ، قال : فحمّ من عشيّته ، وكانت المرضة التي مات فيها.

ولمّا احتضر المعتصم جعل يقول (١) : ذهبت الحلية ليست حيلة ؛ حتى أصمت (٢).

وسمع يقول (٣) : اللهم إنك تعلم أني أخافك من قبلي ولا أخافك من قبلك ، وأرجوك من قبلك ولا أرجوك من قبلي.

وجعل يقول (٤) : أوخذ [وحدي](٥) من بين هذا الخلق؟

وقال (٦) : لو علمت أن عمري هكذا قصير ما فعلت ما فعلت.

وتوفي سنة ثمان وعشرين ومائتين ؛ وقيل سنة سبع وعشرين ؛ ودفن بسرّ من رأى ، وهو ابن ستّ وأربعين سنة ، أو سبع وأربعين سنة ، أو تسع وأربعين سنة (٧).

[وقال الصولي : سمعت المغيرة بن محمد يقول : يقال : إنه لم يجتمع الملوك بباب أحد قط اجتماعها بباب المعتصم ، ولا ظفر ملك قط كظفره أسر ملك أذربيجان ، وملك

__________________

غلماني ، فإذا ابتعت لي هذا الموضع كنت فوقهم ، فإن رابني رائب أتيتهم في البر والبحر حتى آتي عليهم ... فخرج إلى الموضع في آخر سنة ٢٢٠ ونزل القاطول في المضارب ثم جعل يتقدم قليلا قليلا وينتقل من موضع إلى موضع حتى نزل الموضع وبدأ بالبناء فيه سنة ٢٢١.

(١) تاريخ الخلفاء ص ٣٩٦ الوافي بالوفيات ٥ / ١٤٠ سير الأعلام ١٠ / ٣٠٥ تاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٧.

(٢) في تاريخ الإسلام وسير الأعلام والوافي بالوفيات : صمت.

(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٦ من طريق علي بن الحسين صاحب العباسي حدثنا علي بن الحسن الرازي حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حدثني جعفر بن هارون أخبرني أبي قال : سمعت المعتصم بالله يقول ، وذكره ، ورواه ابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ٣٠٥ ورواه الذهبي في سير الأعلام ١٠ / ٣٠٦ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ٣٩٦ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ٣٩٨ وعقب الذهبي بقوله : إن صح عنه.

(٤) سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٠٥ وتاريخ الإسلام ص ٣٩٧ وتاريخ الخلفاء ص ٣٩٦.

(٥) زيادة عن سير الأعلام.

(٦) البداية والنهاية ٧ / ٣٠٥.

(٧) اختلفوا في تاريخ وفاته ومقدار عمره ، انظر البداية والنهاية ٧ / ٣٠٤ ومروج الذهب ٤ / ٥٤ وتاريخ الإسلام (٣٩٧) وسير الأعلام ١٠ / ٣٠٦ وتاريخ الخلفاء ص ٣٩٦.

٢٤٣

طبرستان ، وملك أستيسان ، وملك الشياصح ، وملك فرغانة ، وملك طخارستان ، وملك كابل.

وقال الصولي : وكان نقش خاتمه : الحمد لله الذي ليس كمثله شيء.

وأخرج الصولي عن أحمد اليزيدي قال : لما فرغ المعتصم من بناء قصره بالميدان وجلس فيه دخل عليه الناس ، فعمل إسحاق الموصلي قصيدة فيه ما سمع أحد بمثلها في حسنها إلا أنه افتتحها بقوله :

يا دار غيرك البلى ومحاك

يا ليت شعري ما الذي أبلاك؟

فتطير المعتصم ، وتطيّر الناس وتغامزوا ، وتعجبوا كيف ذهب هذا على إسحاق مع فهمه وعلمه وطول خدمته للملوك ، وخرب المعتصم القصر بعد ذلك.

وأخرج عن إبراهيم بن العباس قال : كان المعتصم إذا تكلم بلغ ما أراد وزاد عليه.

وكان أول من ثرد الطعام وكثّره حتى بلغ ألف دينار في اليوم وأخرج عن أبي العيناء قال : سمعت المعتصم يقول : إذا نصر الهوى بطل الرأي.

وأخرج عن إسحاق قال : كان المعتصم يقول : من طلب الحق بما له وعليه أدر له.

وأخرج الصولي عن الفضل اليزيدي قال : وجه المعتصم إلى الشعراء ببابه من منكم يحسن أن يقول فينا كما قال منصور النمري في الرشيد؟

إن المكارم والمعروف أودية

أحلك الله منها حيث تجتمع

من لم يكن بأمين الله معتصما

فليس بالصلوات الخمس ينتفع

إن أخلف القطر لم تخلف فواضله

أو ضاق أمر ذكرناه فيتسع

فقال أبو وهيب : فينا من يقول خيرا منه فيك ، وقال :

ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها

شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر

تحكي أفاعيله في كل نائبة

اليث والغث والصمامة الذكر](١)

[وأولاده : هارون الواثق ، وجعفر المتوكل ، وأحمد المستعين ، قيل : هو ابن ابنه ، وقضاته : أحمد بن أبي دؤاد ، ومحمد بن سماعة ، ووزراؤه ، الفضل بن مروان ، ثم

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٩٧ ـ ٣٩٨.

٢٤٤

محمد بن عبد الملك الزيات ، وحاجبه : وصيف مولاه. وهو أول من تسمى بخليفة الله.

وهو أول من تزيا بزي الأتراك ولبس التاج ورفض زي العرب وترك سكنى بغداد](١).

[كان ذا قوة وبطش وشجاعة وهيبة ، لكنه نزر العلم.

قال خليفة : حج بالناس ستة مائتين (٢).

امتحن الناس بخلق القرآن ، وكتب بذلك إلى الأمصار ، وأخذ بذلك المؤذنين وفقهاء المكاتب ، ودام ذلك حتى أزاله المتوكل بعد أربعة عشر عاما.

أمر المعتصم بهدّ طوانة التي بذّر المأمون في بنائها من عامين بيوت الأموال (٣).

في رمضان سنة عشرين كانت محنة الإمام أحمد في القرآن ، وضرب بالسياط حتى زال عقله ، ولم يجب ، فأطلقوه.

وغضب المعتصم على وزيره الفضل بن مروان ، وأخذ منه نحوا من عشرة آلاف ألف دينار ونفاه واستوزر محمد بن الزيات. واعتنى باقتناء المماليك الترك ، وبعث إلى النواحي في شرائهم ، وألبسهم الحرير والذهب. كان المعتصم ذا سطوة إذا غضب لا يبالي من قتل](٤).

[كان المعتصم يحب العمارة ، ويقول : إن فيها أمورا محمودة ، فأولها عمران الأرض التي يحيا بها العالم. وعليها يزكو الخراج ، وتكثر الأموال وتعيش البهائم ، وترخص الأسعار ، ويكثر الكسب ، ويتسع المعاش.

كان يقول لوزيره محمد بن عبد الملك : إذا وجدت موضعا متى أنفقت فيه عشرة دراهم جاءني بعد سنة أحد عشر درهما فلا تؤامرني فيه. وكان المعتصم يحب جمع الأتراك وشراءهم من أيدي مواليهم ، فاجتمع له منهم أربعة آلاف ، فألبسهم أنواع الديباج والمناطق المذهبة والحلية المذهبة ، وأبانهم بالزي عن سائر جنوده.

زوّج المعتصم الحسن ابن الأفشين بأترجة بنت أشناس ، وقال أبياتا يصف حسنهما وجمالهما واجتماعهما ، وهي :

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن الوافي بالوفيات ٥ / ١٤٠ ـ ١٤١.

(٢) تاريخ خليفة بن خياط ص ٤٧٠.

(٣) انظر تاريخ الطبري ٨ / ٦٦٧.

(٤) ما بين معكوفتين استدرك عن سير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٩١ وما بعدها.

٢٤٥

زفت عروس إلى عروس

بنت رئيس إلى رئيس

أيهما كان ليت شعري

أجل في الصدر والنفوس

أصاحب المرهف المحلى

أم ذو الوشاحين ، والشموس](١)

[كان من أهيب الخلفاء وأعظمهم لو لا ما شان سؤدده بامتحان العلماء بخلق القرآن.

قال نفطويه : وحدّثت أنه كان من أشد الناس بطشا ، وأنه جعل زند رجل بين أصابعه ، فكسره.

وقال : فمما يروى من كلامه : إذا شغلت الألباب بالآداب ، والعقول بالتعليم ، تنبهت النفوس على محمود أمرها ، وأبرز التحريك حقائقها](٢).

[٩٩٨٥] محمد بن هارون بن شعيب بن عبد الله بن عبد الواحد

ويقال : محمد بن هارون بن شعيب بن علقمة بن سعد بن مالك

ويقال : محمد بن هارون بن شعيب بن حيّان بن حكيم بن علقمة

ابن سعد بن معاذ ؛ صاحب سيّدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

[سمع بالشام ، ومصر ، والعراق ، وأصبهان ، وصنف وجمع وليس بالمتقن.

سمع عبد الرحمن بن أبي حاتم المرادي ، وأبا علاثة محمد بن عمرو ، وبكر بن سهل الدمياطي ، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ، ومطينا ، وأبا خليفة.

وعنه : ابن المقرئ ، وابن منده ، وتمام ، والعفيف بن أبي نصر ، وعبد الوهاب الميداني](٣).

حدث أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري ، بسنده إلى علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن مروج الذهب ٤ / ٥٥ وما بعدها.

(٢) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٧.

[٩٩٨٥] ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٢٨ ولسان الميزان ٥ / ٤١١ وميزان الاعتدال ٤ / ٥٧ والوافي بالوفيات ٥ / ١٤٧ والعبر ٢ / ٢٩٨ والمغني في الضعفاء ٢ / ٦٤٠ والإكمال ١ / ٥٧٢ وشذرات الذهب ٣ / ١٣ ومعجم البلدان ٤ / ٤٢٥ والأنساب ١ / ٥١٣. ابن معاذ ، ويقال : ابن ثمامة من ولد أنس بن مالك الأنصاري ، كما في سير أعلام النبلاء.

(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن سير أعلام النبلاء ، ١٥ / ٥٢٨.

٢٤٦

«مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس» [١٤٢٩١].

وحدث عن أبي نصر منصور بن إبراهيم بن عبد الله بن مالك القزويني ، عن أبي سليمان داود بن سليمان ، عن الوليد بن مسلم الدّمشقي ، بسنده إلى أبي الدرداء ، قال :

سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن القرآن ؛ فقال : «هو كلام الله غير مخلوق» [١٤٢٩٢].

قال أبو نصر : كان أحمد بن حنبل يقول لأصحاب الحديث : اذهبوا إلى أبي سليمان فاسمعوا منه حديث الوليد بن مسلم ، فإنه لم يروه غيره ؛ وأبو سليمان عندنا ثقة مأمون.

وحدث محمد بن هارون ، قال : أنشدني محمد بن عبد الله العقيلي :

إنّي جعلتك ناظرا في حاجتي

وجعلت ودّك لي إليك شفيعا

فاطلب إليك فدتك نفسي حاجتي

تجد النّجاح إليّ منك سريعا

ولد محمد بن هارون بدمشق ، سنة ست وستين ومائتين (١) ؛ وتوفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة (٢).

قال (٣) : وهو الثّماميّ بثاء مضمومة معجمة بثلاث : من ولد ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك [سكن دمشق. وحدث عن الحسن بن علوية القطان. وأبي خليفة ، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي ، وزكريا بن يحيى السجزي. حدث عنه تمام بن محمد الرازي ، وأبو محمد بن أبي نصر وغيرهما](٤).

[٩٩٨٦] محمد بن هارون بن محمد بن بكّار بن بلال

أبو بكر ؛ ويقال : أبو عمرو العاملي

حدث عن سليمان بن عبد الرحمن ، بسنده إلى أبي أمامة ، قال :

مرّ رجل برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما له؟» قالوا : كان مريضا ؛ قال : «أفلا قلت : ليهنك الطّهور» [١٤٢٩٣].

__________________

(١) زيد في معجم البلدان ٤ / ٤٢٥ في المحلة المعروفة بلؤلؤة الكبيرة خارج باب الجابية ، في رمضان.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٢٨ والوافي بالوفيات ٥ / ١٤٧.

(٣) القائل أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا ، انظر الإكمال ١ / ٥٧٢ والأنساب ١ / ٥١٣ ـ ٥١٤.

(٤) ما بين معكوفتين استدرك عن الإكمال لابن ماكولا ١ / ٥٧٢.

٢٤٧

وحدث عن العباس بن الوليد الخلال ، بسنده إلى أبي أمامة (١) ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«لا يحلّ بيع المغنّيات ، ولا شراؤهنّ ، ولا تجارة فيهنّ ، وثمنهنّ حرام» وقال : «إنما نزلت هذه الآية في ذلك (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) [سورة لقمان ، الآية : ٦]» حتى فرغ من الآية ، ثم أتبعها : «والذي بعثني بالحق ما رفع رجل عقيرته بالغناء إلا بعث الله عند ذلك شيطانين يرتدفان على عاتقيه ، ثم لا يزالان يضربان بأرجلهما على صدره ـ وأشار إلى صدر نفسه ـ حتى يكون هو الذي يسكت» [١٤٢٩٤].

توفي سنة تسع ومائتين (٢).

[٩٩٨٧] محمد بن هارون بن مجمع

أبو الحسن المصّيصيّ

حدث عن الربيع بن سليمان. بسنده إلى أبي هريرة.

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم توضّأ غرفة غرفة ؛ وقال : «لا يقبل الله صلاة إلّا به» [١٤٢٩٥].

وعن محمد بن هارون

أنه سمع هشام بن عمار ، يقول أيام المتوكّل ، وهو بدمشق ، وقد سأله أبو هاشم عن القرآن فقال : سألني ابن أبي دواد عن القرآن فقلت (٣) : القرآن كلام الله غير مخلوق ، وقراءة العباد للقرآن قرآن ، وتلاوتهم للقرآن قرآن ؛ فاحمرّت عينه ؛ وقال : ويلك من أنت؟ (٤) فقلت : القرآن لا ينطق إلّا ما نطق به ، ولا يتكلّم إلّا ما تكلّم به ، وهو غير موجود إلّا في قراءة القارئين ، وتلاوة التّالين ، وألفاظ اللّافظين ، ونطق النّاطقين.

__________________

(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٨ / ١٨٠ رقم ٧٧٤٩ من طريق آخر بسنده إلى العباس بن الوليد الخلال الدمشقي بسنده إلى أبي أمامة وأعاده تحت رقم ٧٨٠٥ و ٧٨٢٥ و ٧٨٥٥ و ٧٨٦١ و ٧٨٦٢.

(٢) كذا وردت سنة وفاته في مختصر ابن منظور ، وتقدم أن جده محمد بن بكار بن بلال مات سنة ست عشرة ومائتين. انظر تاريخ مدينة دمشق ـ ط. دار الفكر ـ بتحقيقي ، ٥٢ / ١٥٤ رقم ٦١٣٧.

[٩٩٨٧] المصيصي نسبة إلى المصيصة ، الأكثر على أنها بكسر الميم وتشديد الصاد المهملة ، بلدة كبيرة على ساحل بحر الشام. انظر معجم البلدان ـ والأنساب ٥ / ٣١٥.

(٣) في أصل مختصر ابن منظور : فقال.

(٤) في أصل مختصر ابن منظور : من أين؟

٢٤٨

[٩٩٨٨] محمد بن هارون بن نصر بن السّنديّ بن إبراهيم

أبو الفتح ، ابن أخت طيب الورّاق ، يعرف : بشيخ الجنّ

حدّث عن حاجب بن مالك بن أركين (١) ، بسنده إلى أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «النّدم توبة» (٢) [١٤٢٩٦].

[٩٩٨٩] محمد بن هارون المقرئ

حدّث عن سليمان ابن بنت شرحبيل (٣) ، بسنده إلى ابن عمر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ)(٤).

[٩٩٩٠] محمد بن هارون الدّمشقيّ

قال الحسين بن أبي طالب المصّيصي :

سمعت محمد بن هارون الدّمشقي ينشد (٥) :

لمحبرة تجالسني نهاري

أحبّ إليّ من أنس الصّديق

ورزمة كاغد في البيت عندي

أحبّ إليّ من عدل الدّقيق

ولطمة عالم في الخدّ منّي

ألذّ لديّ (٦) من شرب الرّحيق

__________________

(١) تحرفت في مختصر ابن منظور إلى : «أركن» والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام النبلاء ١٤ / ٢٥٨.

(٢) رواه أحمد بن حنبل في المسند من طريق آخر بسنده إلى عبد الله بن مسعود عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ٢ / ٤٠١٤ و ٤٠١٦.

(٣) هو سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى بن ميمون التميمي أبو أيوب الدمشقي ، ابن بنت شرحبيل بن مسلم الخولاني ، ترجمته في تهذيب الكمال ٨ / ٧٩ وذكر المزي من أسماء الرواة عنه : محمد بن هارون بن محمد بن بكار بن بلال العاملي ، وقد تقدمت ترجمته قريبا ، لعلهما شخص واحد ، لكن المصنف لم يشر إلى ذلك.

(٤) سورة الواقعة ، الآية : ٥٥. كذا جاء في الخبر عن ابن عمر ، وجاء في تفسير الدر المنثور للسيوطي ٨ / ٢١ نقلا عن ابن عساكر عن ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ في الواقعة (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) بفتح الشين من شرب. وقراءة نافع وعاصم وحمزة «شرب» بضم الشين ، والباقون بفتحها. قال أبو زيد : سمعت العرب تقول بضم الشين وفتحها وكسرها ، والفتح هو المصدر الصحيح ، وقيل : إن المفتوح والاسم مصدران ، فالشرب كالأكل ، والشّرب كالذكر ، والشرب بالكسر المشروب ، كالطحن المطحون. راجع تفسير القرطبي ١٧ / ٢١٤.

(٥) ذكر المصنف الأبيات لمحمد بن مروان الدمشقي ، في ترجمته المتقدمة في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ، ط. دار الفكر ـ ٥٥ / ٢٢٤ رقم ٦٩٩٣.

(٦) في ترجمة محمد بن مروان الدمشقي : ألذ إلي.

٢٤٩

[٩٩٩١] محمد بن هاشم بن سعيد

أبو عبد الله القرشي البعلبكّي

حدّث بدمشق سنة ستّ وأربعين ومائتين.

[روى عن بقية بن الوليد ، وسويد بن عبد العزيز ، وشعيب بن إسحاق الدمشقي ، وعمرو بن الحارث الحمصي ، ومحمد بن شعيب بن شابور ، وأبيه هاشم بن سعيد القرشي ، والوليد بن مسلم.

روى عنه النسائي ، وإبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه الأصبهاني ، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا الدمشقي ، وأبو الحريش أحمد بن عيسى الكلابي ، وأبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة البغدادي ، وابنه أحمد بن محمد بن هاشم البعلبكي ، وأبو جعفر أحمد بن هارون بن حنش بن النضر البخاري الغزال ، وابن بنته أبو جعفر أحمد بن هاشم بن عمرو بن إسماعيل الحميري البعلبكي ، وأحمد بن هشام بن عبد الله بن كثير المقرئ ، وإسحاق بن أبي عمران ، وإسماعيل بن حاتم بن أبي حاتم البيروتي ، والحسن بن علي بن شبيب المعمري ، وأبو سليمان داود بن الوسيم البوشنجي ، وسعيد بن هاشم بن مرثد ، وأبو طالب عبد الله بن أحمد بن سوادة ، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي ، وعمر بن أحمد بن بشر بن السري ابن السني ، وعمر بن محمد بن بجير ، والقاسم بن عيسى العصار ، ومحمد بن الحسن بن ذكوان البعلبكي ، ومحمد بن الحسن بن يونس القاضي ، ومكحول البيروتي ، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي ، ومحمد بن المسيب الأرغياني ، ويوسف بن موسى المروذي ، وأبو حاتم الرازي.

قال النسائي : لا بأس به.

وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال : يغرب](١).

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٢) :

__________________

[٩٩٩١] ترجمته في تهذيب الكمال ١٧ / ٢٩٣ وتهذيب التهذيب ٥ / ٣١٦ والجرح والتعديل ٤ / ١ / ١١٦ والوافي بالوفيات ٥ / ١٤٨.

(١) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن تهذيب الكمال ١٧ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤.

(٢) زيادة للإيضاح.

٢٥٠

[محمد بن هاشم القرشي البعلبكي الشامي وهو ابن هاشم بن سعيد ، أبو عبد الله. روى عن محمد بن شعيب بن شابور ، وشعيب بن إسحاق ، والوليد بن مسلم. سمع منه أبي ببعلبك ، وروى عنه .... (١)](٢).

حدّث عن الوليد بن مسلم بسنده إلى عائشة قالت :

لمّا دخلت ابنة الجون (٣) على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فدنا منها قالت : أعوذ بالله منك ؛ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «عذت بعظيم ، الحقي بأهلك» [١٤٢٩٧].

وحدث عن بقية بن الوليد ، بسنده إلى أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«إن الله يحبّ الرّجل له الجار السّوء يؤذيه فيصبر على أذاه ، ويحتسبه حتى يكفيه الله بحياة أو بموت» [١٤٢٩٨].

توفي محمد بن هاشم ببعلبك سنة أربع وخمسين ومائتين ، وولد سنة سبع وستين ومائة (٤).

[٩٩٩٢] محمد بن هاشم

أبو عبد الله المعروف بالأذفر

حدث عن سعيد بن عبد العزيز ، بسنده إلى نعيم بن همّار الغطفاني (٥) ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٦) :

«إن الله عزوجل يقول : ابن آدم لا تعجزنّي من أربع ركعات أوّل النّهار أكفيك آخره» [١٤٢٩٩].

__________________

(١) كذا بياض في الجرح والتعديل.

(٢) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن الجرح والتعديل ٤ / ١ / ١١٦.

(٣) هي أسماء بنت النعمان بن أبي الجون بن الأسود بن الحارث بن شراحيل بن الجون بن آكل المرار الكندي.

انظر خبرها في الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ / ١٤٣ وما بعدها.

(٤) رواه المزي في تهذيب الكمال ١٧ / ٢٩٤ نقلا عن عمرو بن دحيم ، وزيد في ولادته : كان مولده في شهر ربيع الأول.

[٩٩٩٢] لعله محمد بن هاشم المذكور في ميزان الاعتدال ٤ / ٥٨ عن سعيد بن عبد العزيز ، قال الذهبي : مجهول.

(٥) ترجمته في أسد الغابة ٤ / ٥٧٤ ط. دار الفكر.

(٦) رواه أحمد بن حنبل في المسند ٨ / ٣٤٢ رقم ٢٢٥٣٣ من طريق آخر.

٢٥١

[٩٩٩٣] محمد بن هاشم

أبو بكر الموصلي الشاعر المعروف بالخالديّ

من أهل قرية بالموصل تسمى الخالدية (١) ، وهو أخو أبي عثمان سعيد بن هاشم الشاعر (٢) ؛ ومحمد الأكبر منهما ، وهما شاعران محسنان متوافقان في الصّحبة ، متشاركان في النّظم ، وكانا من خواصّ شعراء سيف الدولة بن حمدان.

فمن شعر محمد في دير مرّان (٣) ، وزعم السّريّ بن أحمد الرّفّاء الموصلي أن الشّعر لكشاجم ، وأن الخالديّ سرقه منه (٤) :

محاسن الدّير تسبيحي ومسباحي

وخمره في الدّجى صبحي ومصباحي

أقمت فيه إلى أن صار هيكله

بيتي ومفتاحه للحسن مفتاحي

منادما في قلاليه (٥) رهابنة

راحت خلائقهم أصفى من الرّاح (٦)

قد عدّلوا ثقل أديان ومعرفة

فيهم بخفّة أبدان وأرواح

ووشّحوا غرر الآداب فلسفة

وحكمة بعلوم ذات إيضاح

في طبّ بقراط لحن الموصليّ وفي

نحو المبرّد أشعار الطّرمّاح

ومنشد حين يبديه المزاح لنا

ألمع برق ترى (٧) أم ضوء مصباح

وكم حثثت (٨) إلى حاناته وغدا

شوقي يكاثر أصواتا بأقداح

حتى تخمّر خمّاري بمعرفتي

وصيّرت (٩) ملحي في السّكر ملّاحي

__________________

[٩٩٩٣] ترجمته في الوافي بالوفيات ٥ / ١٤٩ وفوات الوفيات ٤ / ٥٢ ويتيمة الدهر ٢ / ٢١٤ ومعجم الأدباء ١١ / ٢٠٨ ومعجم البلدان ٢ / ٣٣٨ وسير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٨٦ وسماه : محمد بن هاشم بن وعكة بن عرام بن عثمان بن بلال (في مصادر أخرى : وعلة).

(١) انظر معجم البلدان ٢ / ٣٣٨.

(٢) ترجمته في فوات الوفيات ٢ / ٥٢.

(٣) دير مران بضم أوله بلفظ تثنية المر ، قال الخالدي : هذا الدير بالقرب من دمشق على تل مشرف على مزارع ورياض (معجم البلدان).

(٤) الأبيات في يتيمة الدهر ٢ / ٢٢٠ ـ ٢٢١.

(٥) قلاليه جمع قلّة ، وهي أعلى الرأس والجبل.

(٦) الراح : الخمرة.

(٧) في يتيمة الدهر : سرى.

(٨) يتيمة الدهر : حننت.

(٩) يتيمة الدهر : وحيّرت.

٢٥٢

يا دير مرّان لا تعدم ضحى ودجى

سجال غيث ملثّ الودق (١) سحّاح (٢)

إن تفن كأسك أكياسي فإنّ بها

يفلّ جيش همومي جيش أفراحي

وإن أقم سوق إطرابي فلا عجب

هذا بذاك إذا ما قام نوّاحي

وكان السّريّ (٣) يتعصّب على الخالديّين ، ويهجوهما وينسب إليهما سرقات شعره وشعر غيره.

[٩٩٩٤] محمد بن هاشم ـ ويقال : ابن هشام ـ بن شهاب

أبو صالح العذري الجسريني

من قرية جسرين (٤) بالغوطة.

[سمع زهير بن عبادان ، وابن السري ، والمسيب بن واضح ، ومحمد بن أحمد بن مالك المكتب ، روى عنه أحمد بن سليمان بن حذلم ، وأبو علي بن شعيب ، وأبو الطيب أحمد بن عبد الله بن يحيى الدارمي](٥).

حدث عن المسيب بن واضح ، بسنده إلى مسروق قال :

سألت ابن مسعود عن هذه الآية (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٦٩] قال : إنا قد سألنا ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال :

«أرواح الشّهداء كطائر خضر تسرح في الجنّة حيث تشاء ، ولها قناديل معلّقة بالعرش تأوي إليها» [١٤٣٠٠].

حدث أبو صالح محمد بن هاشم الدّمشقي ، عن محمد بن أحمد بن مالك المكتب ، بسنده إلى عبد الله بن عباس ، قال (٦) :

__________________

(١) ملث الودق : خفيف المطر عند التصبب.

(٢) سحاح : كثير الصب.

(٣) هو أبو الحسن السري بن أحمد الكندي الموصلي ، الرفاء ، مات سنة نيف وستين وثلاثمائة ببغداد انظر ترجمته في تاريخ بغداد ٩ / ١٩٤. وأخباره وشعره في يتيمة الدهر ٢ / ١٣٧.

[٩٩٩٤] ترجمته في معجم البلدان (جسرين) ٢ / ١٤٠.

(٤) جسرين بكسر الجيم والراء ، وسكون السين والياء ، من قرى غوطة دمشق (معجم البلدان ٢ / ١٤٠).

(٥) ما بين معكوفتين استدرك عن معجم البلدان ٢ / ١٤٠ ـ ١٤١.

(٦) الخبر باختلاف الرواية تقدم في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ط. دار الفكر ـ ٣ / ٤٢٨ وما بعدها. ودلائل النبوة للبيهقي ٢ / ١٠٧ وما بعدها ، والبداية والنهاية ٢ / ٢٨٩ وما بعدها. ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ١٠٤ رقم ٥٥ وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٢ / ٦٩ رقم ١٢٥٦١ ومنال الطالب لابن الأثير ص ١٣٠ ـ ١٣٥.

٢٥٣

قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «أيّكم يعرف قسّ بن ساعدة الإيادي؟» قالوا : كلّنا يعرفه يا رسول الله ؛ قال : «لست أنساه بعكاظ (١) على جمل له أحمر (٢) ، يخطب الناس ، ويقول : ألا أيها الناس ، اجتمعوا ، فإذا اجتمعتم فاسمعوا ، فإذا سمعتم فعوا ، فإذا وعيتم فقولوا (٣) ، فإذا قلتم فاصدقوا ؛ من عاش مات ، ومن مات فات ، وكلّ ما هو آت آت (٤) ، إن في السماء لخبرا وإن في الأرض لعبرا ، مهاد موضوع ، وسقف مرفوع ، ونجوم تمور ، وبحار لا تغور ، أقسم قسّ قسما بالله لا كاذبا (٥) فيه ، ولا آثما ، لئن كان هذا الأمر رضى ليكوننّ سخطا ، إن لله دينا هو أحبّ إليه من دينكم هذا الذي أنتم عليه» ثم قال : «أيّكم ينشد شعره» فأنشدوه (٦) :

في الذّاهبين الأوّلي

ن من القرون لنا بصائر

لمّا رأيت مواردا

للموت ليس لها مصادر

ورأيت قومي نحوها

تمضي (٧) الأصاغر والأكابر

لا يرجع الماضي ولا يب

قى من (٨) الباقين غابر

أيقنت أني لا محا

لة حيث صار القوم صائر

فقام إليه رجل (٩) طويل القامة ، عظيم الهامة جهوريّ الصّوت ، كأني أنظر إلى حاجبيه وقد سقطا على عينيه فقال : وأنا قد رأيت منه عجبا ؛ قال : «وما الذي رأيت» قال : خرجت

__________________

(١) سوق عكاظ : هو في واد بين الطائف ومكة (انظر معجم البلدان).

(٢) في الخبر المتقدم في السيرة النبوية : جمل أورق.

(٣) في السيرة النبوية المتقدمة ، ودلائل النبوة للبيهقي : فإذا وعيتم فانتفعوا.

(٤) زيد في الخبر المتقدم : نبات ومطر ، وأرزاق وأقوات ، وآباء وأمهات ، وأحياء وأموات ، جميع وأشتات ، وآيات بعد آيات.

(٥) في الخبر المتقدم ودلائل البيهقي : حانثا.

(٦) الأبيات في المصادر المتقدمة.

(٧) في دلائل البيهقي والبداية والنهاية : «يمضي» وفي المعجم الكبير : تسعى.

(٨) في الخبر المتقدم ودلائل البيهقي والمعجم الكبير : «إلي ولا من» بدلا من «ولا يبقى من» وفي البداية والنهاية :

لا من مضى يأتي إليك

ولا من الباقين غابر

(٩) زيد في الخبر المتقدم ـ السيرة النبوية : من الأنصار.

٢٥٤

في جاهليّتي أبغي بعيرا شرد منّي ، أقفو أثره في تنائف (١) حقاف (٢) ، ذات ضغابيس (٣) ، وعرصات جثجاث (٤) بين صدور جرعان وغمير حوذان (٥) ، ومهمه ظلمان (٦) ، ورضيع أيهقان (٧) ، وبينا أنا في غوائل الفلوات أجول سبسبها وأرمق فدفدها (٨) ، إذ جنّني اللّيل فلجأت إلى هضبة في ستارتها أراك كباث (٩) مخضوضلة (١٠) بأغصانها ، كأن بريرها (١١) حبّ فلفل في بواسق أقحوان ، وقد مضى من الليل ثلثه الأوّل ، فغلبتني عيني ، فرقدت ، فإذا أنا بهاتف يقول :

وسنان أم تسمع ما أنبيكا

فارحل هديت وابتغى دميكا (١٢)

يفري قيام الآل والدلوكا (١٣)

حتى تحلّ منهلا مسلوكا

بيثرب يحظى به سنوكا

ائت رسولا عبد المليكا

يدني إليه الحرّ والمملوكا

ويقبل السّوقة والملوكا

رسول صدق يفرج الشّكوكا

فاستيقظت لذلك ، وأنشأت أقول (١٤) :

__________________

(١) وفي رواية : في فيافي. وفي دلائل النبوة للبيهقي : نتائف. والتنائف : جمع تنوفة ، وهي المغارة والفلاة البعيدة التي لا أثر لها.

(٢) في السيرة النبوية ودلائل البيهقي : «حقائق» وفي البداية والنهاية : «قفاف» والحقاف جمع حقف : وهو الكثب المجتمع المائل الرمل.

(٣) الضغابيس جمع ضغبوس وهو نبت شبه العراجين ، طويل يؤكل.

(٤) جثجاث : نبت أصفر طيب الرائحة.

(٥) حوذان : هي بقلة فيها انضمام ، لها قضب وورق ونور أصفر.

(٦) الظلمان جمع ظليم وهو ذكر النعام.

(٧) الأيهقان : الجرجير البري ، وفي البداية والنهاية : «ورصيع ليهقان» والرصيع بالصاد المهملة ، من الرصيعة : أي المزيّن.

(٨) الفدفد : المكان الصلب المرتفع ، وفي البداية والنهاية : وأرنق فدفدها.

(٩) الكباث ثمر الأراك قبل أن ينضج.

(١٠) المخضوضلة : الرطبة الندية.

(١١) البرير : ثمر الأراك إذا نضج ، انظر منال الطالب لابن الأثير ص ١٣٠ ـ ١٣٥ ، فقد استفدنا بهذه الشروح للكلمات الصعبة منها.

(١٢) الدميك : الناقة الصلبة السريعة.

(١٣) الدلوك : غروب الشمس.

(١٤) الأرجاز باختلاف بعض الألفاظ في دلائل النبوة للبيهقي ٢ / ١١٠ والخبر المتقدم في السيرة النبوية ٣ / ٤٣٣ والبداية والنهاية ٢ / ٢٩٤.

٢٥٥

يا أيّها الطائف واللّيل سحم

ما ذا الذي تدعو إليه وتلم (١)

بيّن لنا عن صدق ما أنت زعم

هل بعث الله رسولا معتلم (٢)

يجلو عمى الضّلال عنّا والتّهم (٣)

من بعد عيسى في محنّات الظّلم

ينجي من الزّيغ ويهدي من رغم

فقال : ألا إنه قد بطل زور وبعث نبيّ بالسّرور ؛ ثم انقطع عنّي الصّوت ، فلا حسّ ولا خبر ؛ فبينا أنا أفكر في أمري ، وما الذي سمعت من قول الهاتف إذا طلع عمود الصّبح فأرغت (٤) بعيري ، فإذا هو في شجرة يميس ورقها ويهشم من أغصانها ، فوثبت إليها فرمتها ، ثم استويت على كورها ، ثم أقبلت حتى اقتحمت واديا ، فإذا أنا بشجرة عاديّة (٥) ، وعين خرّارة ، وروضة مدهامّة (٦) ، وإذا بقسّ بن ساعدة جالس في أصل شجرة ، وقد ورد على الحوض سباع كثير ، فكلّما ورد سبع قبل صاحبه ضربه قسّ بن ساعدة بالقضيب ، ثم قال : تنحّ (٧) ، حتى يشرب الذي ورد قبلك ؛ فلمّا رأيت ذلك ذعرت ذعرا شديدا ؛ فقال لي : لا تخف ؛ فإذا بقبرين وبينهما مسجد ؛ فقلت : ما هذان القبران؟ فقال : هذان قبرا أخوين كانا يعبدان الله في هذا المكان ، فأنا مقيم بينهما أعبد الله حتى ألحق بهما ؛ فقلت : ألا تلحق بقومك ، فتكون معهم على خيرهم وتبكّتهم (٨) على شرّهم؟ فقال : ثكلتك أمّك ، أما علمت أن ولد إسماعيل تركت دين أبيها ، واتّبعت الأنداد وعظّمت السدان (٩) ، ثم تركني وأقبل على القبرين يبكي ، ويقول (١٠) :

__________________

(١) في المصادر : يغتنم.

(٢) في المصادر : قد بعث الله نبيا في الحرم.

(٣) في المصادر : يجلو دجنات الدياجي والبهم.

(٤) أراغ : أراد وطلب (القاموس المحيط).

(٥) في البداية والنهاية : شجرة عارمة.

(٦) المدهامة : المتناهية الخضرة حتى تميل إلى السواد.

(٧) في البداية والنهاية : اصبر.

(٨) في البداية والنهاية : وتبيانهم.

(٩) في البداية والنهاية : وعظموا الأنداد.

(١٠) الأبيات في الخبر المتقدم في السيرة النبوية ٣ / ٤٣٦ ودلائل النبوة للبيهقي ٢ / ١١٢ والبداية والنهاية ٢ / ٢٩٤ والأغاني ١٥ / ٢٤٨ ، ثم نقل أبو الفرج عن يعقوب بن السكيت أن الشعر لعيسى بن قدامة الأسدي ، ثم نقل عن العتبي عن أبيه أن الشعر للحزين بن الحارث أحد بني عامر بن صعصعة.

٢٥٦

خليليّ هبّا طال ما قد رقدتما

أجدّكما ما تقضيان كراكما

ألم تعلما أني بسمعان (١) مفردا (٢)

ومالي أنيس (٣) من حبيب سواكما

مقيم على قبريكما لست بارحا

أءوب (٤) اللّيالي أو يجيب صداكما

فلو جعلت نفس لنفس فداؤها (٥)

لجدت بنفسي أن يكون فداكما

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «رحم الله قسّا ، رحم الله قسّا ، أما إنه سيبعث أمّة وحده» [١٤٣٠١].

[٩٩٩٥] محمد بن هبة الله بن عبد السميع بن علي

ابن عبد الصمد بن علي بن العبّاس بن علي بن أحمد

أبو تمام الهاشمي العبّاسي البغدادي النّسّابة الخطيب النقيب

[كتب عنه أبو محمد ابن الخشاب النحوي ، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي شيئا من الأسانيد.

وروى عنه أبو الحسين أحمد بن حمزة الموازيني الدمشقي إنشادا في مشيخته](٦).

قدم دمشق سنة سبع وأربعين وخمس مائة ، وخطب بها جمعة واحدة ، وأقام بها مديدة ورجع إلى بغداد ، ثم قدم قدمة ثانية ولم يطل لبثه ؛ وممّا أنشده ، قال : أنشدنا أبو منصور الحسن بن سلامة البغدادي المعروف بابن المخلّطي لنفسه :

أطع الغرام ولو دعاك إلى الرّدى

واعص الملام ولو هداك إلى الهدى

غشّ الحبيب ولا نصيحة عاذل

فالماء مهما كان فيه مسقى للصّدى

أحلى الهوى ما لم تنل فيه المنى

والحبّ أعدل ما يكون إذا اعتدى

__________________

(١) سمعان : جبل في ديار بني تميم (انظر معجم البلدان). وفي البداية والنهاية : بنجران.

(٢) كذا في مختصر ابن منظور والبداية والنهاية : «مفردا» وفي الخبر المتقدم في السيرة النبوية والأغاني ودلائل البيهقي : «مفرد».

(٣) في السيرة النبوية ودلائل النبوة للبيهقي : «ومالي فيها من خليل سواكما» وفي الأغاني : «فيه» بدلا من «أنيس».

(٤) في البداية والنهاية : «إياب» وفي باقي المصادر : طوال.

(٥) في المصادر : وقاية.

[٩٩٩٥] ترجمته في الوافي بالوفيات ٥ / ١٥٢ وزيد فيه : المعروف بابن كلبون.

(٦) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن الوافي بالوفيات ٥ / ١٥٢.

٢٥٧

وإذا نظرت وجدت أصدق عاشق

من لا يمدّ إلى مواصله يدا

تجد الوصال إلى الملال ذريعة

فيعاف أن يرد التّسلّي موردا

[٩٩٩٦] محمد بن هبة الله بن علي

أبو رضوان البغدادي الموصلي

[سمع ببغداد أقضى القضاة أبا الحسن علي بن حبيب الماوردي. وقدم دمشق وسمع أبا بكر الخطيب ، وأبا الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد ، والقاضي أبا الحسين يحيى ابن زيد الزيدي.

وحدث هناك ، روى عنه الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي ، وأبو الفرج الاسفرائيني](١).

قال أبو رضوان :

أنشدني قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي (٢) لعلي بن عبد العزيز الجرجاني (٣) قاضي قضاة الري (٤) :

وما زلت منحازا بعرضي جانبا

عن الذّلّ (٥) أعتدّ الصّيانة مغنما

يقولون هذا منهل (٦) قلت : قد أرى

ولكنّ نفس الحرّ تحتمل الظّما

أنهنهها عن بعض ما لا يشينها

مخافة أقوال العدى فيم أولما

وأقسم ما غراء من حسنت له

مسافرة الأطماع إن بات معدما

يقولون : فيك انقباض وإنّما

رأوا رجلا عن موقف الذّلّ أحجما

أرى النّاس من داناهم هان عندهم

ومن أكرمته عزّة النّفس أكرما

ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي

لأخدم من لاقيت لكن لأخدما

أأشقى به غرسا وأجنيه ذلّة

إذا فاتباع الجهل قد كان أسلما (٧)

__________________

[٩٩٩٦] ترجمته في الوافي بالوفيات ٥ / ١٥٣.

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن الوافي بالوفيات.

(٢) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٦٤.

(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٩.

(٤) قسم من الأبيات في معجم الأدباء ١٤ / ١٧ ويتيمة الدهر ٤ / ٢٣ والطبقات الكبرى للسبكي ٣ / ٤٦٠.

(٥) في معجم الأدباء : من الذم.

(٦) معجم الأدباء : إذا قيل هذا مشرب.

(٧) عجزه في معجم الأدباء :

إذن فابتياع الجهل قد كان أحزما

٢٥٨

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم

ولو عظّموه في النّفوس لعظّما (١)

ولكن أذلّوه فهان (٢) ودنّسوا

محيّاه بالأطماع حتى تجهّما

ولم أقض حقّ العلم إن كان كلّما

بدا طمع صيّرته لي سلّما

وأقبض خطوي عن فصول كثيرة

إذا لم أنلها وافر العرض مكرما

وما كلّ برق لاح لي يستفزّني

وما كلّ من في النّاس أرضاه منعما (٣)

ولكن إذا ما اضطرّني الأمر لم أزل

أقلّب فكري منجدا ثم ستهما

إلى أن أرى من لا أغصّ بذكره

إذا قلت : قد أسدى إليّ وأنعما

وكم طالب ديني بنعماه لم يصل

إليه ولو كان الرّئيس المعظمّا

وأكرم نفسي أن أضاحك عابسا

وأن أتلقّى بالمديح مذمّما

ولكن إذا ما فاتني الأمر لم أبت

أقلّب كفّي إثره متندّما

ولكنّه إن جاء عفوا قبلته

وإن مال لم أتبعه هلّا وليتما

فكم نعمة كانت على الحرّ نقمة

وكم مغنم يعتدّه الحرّ مغرما

وما ذا عسى الدّنيا وإن جلّ خطبها

ينال بها من صيّر الصّبر مطعما

[٩٩٩٧] محمد بن هشام بن إسماعيل

ابن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله

ابن عمر بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ

ولّاه ابن أخته (٤) هشام بن عبد الملك مكّة والمدينة ، وأقدمه الوليد بن يزيد الشّام معزولا (٥).

__________________

(١) معجم الأدباء : تعظما.

(٢) معجم الأدباء : جهارا.

(٣) عجزه في معجم الأدباء : ولا كل أهل الأرض أرضاه منعما.

[٩٩٩٧] ترجمته في تهذيب التهذيب ٥ / ٣١٦ وجمهرة ابن حزم ص ١٤٨ وتاريخ الطبري (الفهارس) ، وتاريخ خليفة بن خياط (الفهارس) ، ونسب قريش للمصعب ص ١١٨ و ٣٢٩ وأنساب الأشراف ١٠ / ٢٠٧.

(٤) تحرفت في مختصر ابن منظور إلى : «أخيه» والصواب ما أثبت ، وكان عبد الملك بن مروان تزوج عائشة ويقال فاطمة ، وتكنى أم هشام ، ابنة هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة ، وهي أخت محمد بن هشام بن إسماعيل. فولدت له هشام بن عبد الملك ، ولي الخلافة. انظر أنساب الأشراف ١٠ / ٢٠٧.

(٥) كذا وفي نسب قريش للمصعب ص ٣٢٩ من ولد هشام بن إسماعيل : إبراهيم ومحمد ، كان هشام يوليهما المدينة ، ثم عذبهما يوسف بن عمر بالكوفة ، حتى ماتا في حبسه ، بأمر الوليد بن يزيد. وانظر تهذيب التهذيب ٥ / ٣١٧.

٢٥٩

أتي محمد بن هشام بامرأة حملت من الزّنى ، وقد كانت تحت عبد ، فأرسل محمد إلى مكحول الدّمشقيّ وعطاء بن أبي رباح ، فسألهما عن ذلك فقال مكحول : قد سمعت أنه يحصنها (١) ولست آمرك فيها بشيء : وقال عطاء : لا يحصنها.

لمّا كان محمد بن هشام بن إسماعيل على مكّة ، جلس في الحجر فاختصم إليه عيسى ابن عبيد الله وعثمان بن أبي بكر بن عبيد الله الحميديّان ، فتوجّه القضاء على أحدهما ، فقال محمد بن هشام : أيا ابن الوحيد ، والله لأقضين بينكما بقضاء يتحدّث به أهل القريتين (٢) ، لأقضين بينكما قضاء مغيريّا ؛ فقال عثمان : صه ادن حبوا ، أتدري من الرّجل معك؟ أزهر أزهر ، المتسربل المجد ، معه إزاره ورداؤه ؛ وقال عيسى بن عبيد الله : نوّهت بماجد لماجد ، بكر بكر ، والله ما أنا بنافخ كير ، ولا ضارب زير ، ولو بقيت قدماي لانتثرت منها بطحاء مكة ، أنا ابن زهير دفين الحجر ؛ فقال محمد بن هشام : قوموا فإنكم كنتم وحشا في الجاهلية وما استأنستم في الإسلام ؛ فقال أحد الرّجلين : حقّي لصاحبي ، لا أريد الخصومة.

يعني : زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ ، قبره بالحجر.

كان الوليد بن يزيد مضطغنا على محمد بن هشام أشياء كانت تبلغه عنه في حياة هشام ، فلمّا ولي الخلافة قبض عليه وعلى أخيه إبراهيم بن هشام ، وأشخصا إليه إلى الشّام ، ثم دعا لهما بالسّياط ؛ فقال له : أسألك بالقرابة ؛ قال : وأيّ قرابة بيني وبينك؟ وهل أنت إلّا من أشجع؟ قال : فأسألك بصهر عبد الملك ؛ قال : لم تحفظه ؛ فقال : يا أمير المؤمنين قد نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يضرب قرشيّ بالسّياط إلّا في حدّ ؛ قال : ففي حدّ أضربك وقود ، أنت أوّل من سنّ ذلك على العرجي (٣) ، وهو ابن عمّي ، وابن أمير المؤمنين عثمان ، فما رعيت حقّ جدّه ، ولا نسبه بهشام ، ولا ذكرت حينئذ هذا الخبر ، وأنا وليّ ثأره ؛ اضرب يا غلام ؛ فضربهما وأوثقهما بالحديد ووجّه بهما إلى يوسف بن عمر بالكوفة ، وأمره باستصفائهما وتعذيبهما إلى أن يتلفا ؛ وكتب إليه : احبسهما مع ابن النصرانيّة يعني خالدا القسريّ ، ونفسك

__________________

(١) يحصنها أي يتزوجها.

(٢) القريتان : مكة والطائف (معجم البلدان ٤ / ٣٣٥).

(٣) هو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان ، الشاعر العرجي وكان محمد بن هشام بن إسماعيل قد سجن عبد الله العرجي في تهمة دم مولى لعبد الله بن عمر ادعى على عبد الله دمه ، فلم يزل محبوسا في السجن حتى مات. لقب بالعرجي لأنه كان يسكن العرج ، وهو منزل بطريق مكة. انظر نسب قريش للمصعب ص ١١٨ وسير أعلام النبلاء ٥ / ٢٦٨ وخزانة الأدب ١ / ٥٠.

٢٦٠