تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٣

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٣

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩١
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

الضحى. قال : فسألت وحرصت أن أجد أحدا من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحدثني : هل سبّح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسبيحة الضحى ، فلم أجد أحدا من الناس يخبرني أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سبحها غير أم هانئ بنت أبي طالب ، أخبرتني أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جاء يوم الفتح ، مكة ، بعد ما ارتفعت الشمس فأمر بثوب فستر عليه ، ثم اغتسل ، ثم قام يصلي ، فركع ثمان ركعات. قال : فلا أدري : أقيامه فيهن أطول أم ركوعه ، ولا أدري : أركوعه فيهن أطول أم سجوده. وكان ذلك فيهن متقاربا. قال : فلم أر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سبح سبحة الضحى قبل ولا بعد غير تلك المرة (١).

وأم عبد الله بن عبد الله : خالدة بنت معتّب بن أبي لهب بن عبد المطلب (٢).

وحدث عبد الله بن عبد الله عن أبيه : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول.

توفي عبد الله بن الحارث سنة تسع وتسعين. قتلته السّموم (٣) ، ودفن بالأبواء (٤) وهو مع سليمان بن عبد الملك ، وصلى عليه (٥) ، وكان قد حجّ معه ، فمات بالأبواء.

[قال البخاري](٦) : [عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي أخو إسحاق ، سمع أباه سمع منه الزهري ، وقال عمرو بن عباس عن ابن مهدي عن سفيان ، عن عاصم بن عبيد الله بن الحارث ابن نوفل عن أبيه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول. قال محمد بن يوسف نحوه. قال وكيع : عبد الله بن (٧) عبد الله بن الحارث ،

__________________

(١) أخرجه الترمذي في سننه في كتاب أبواب الصلاة ، (٣٤٦) باب ما جاء في صلاة الضحى رقم ٤٧٤ (٣ / ٣٣٨) من طريق آخر بسنده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى. قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح. ورواه أحمد بن حنبل في المسند ١٠ / ٢٦٢ رقم ٢٦٩٦٥ من طريق هارون قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرنا يونس عن ابن شهاب قال حدثني عبيد الله بن عبد الله بن الحارث.

(٢) تهذيب الكمال ١٠ / ٢٦١ ونسب قريش ص ٨٦ وسماها : خلدة.

(٣) في أنساب الأشراف ٤ / ٤٠٥ قتلته الشموس والسموم. والسموم : الريح الحارة ، وقيل : هي الباردة ليلا كان أو نهارا ، والجمع : سمائم.

(٤) الأبواء : قرية من أعمال الفرع من المدينة ، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا ، وبها قبر آمنة بنت وهب أم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٥) سير أعلام النبلاء ١ / ٢٠٢ وتهذيب الكمال ١٠ / ٢٦٢ وأنساب الأشراف ٤ / ٤٠٥.

(٦) زيادة للإيضاح.

(٧) كذا في التاريخ البخاري ، ولعله أراد : عبيد الله بن عبد الله ، كما ورد عن أبي حاتم ، وقد صححها النساخ.

٢٢١

والأول أصح ، هو أخو إسحاق](١).

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٢) : [عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أخو إسحاق ويقال : عبيد الله بن عبد الله ، وعبد الله أصح ، روى عن أبيه ، روى عنه الزهري. سمعت أبي يقول ذلك](٣).

[قال النسائي : ثقة](٤).

[قال ابن سعد : كان ثقة قليل الحديث.

وقال العجلي : مدني تابعي ، ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات](٥).

[٩٩٧٥] عبد الله بن عبد الله أبي دجانة

ابن عمرو بن عبد الله بن صفوان النصري

حدث عن عمه أبي زرعة بسنده إلى فضالة بن عبيد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الأرض أرض الله ، والعباد عباد الله ، فمن اجتنى أرضا مواتا (٦) فهي له» [١٤٢٨٠].

[٩٩٧٦] عبد الله بن أبي عبد الله

أبو عون الأنصاري الأعور

حدث عن أبي إدريس الخولاني قال :

سمعت معاوية وهو يخطب الناس ـ قال : وكان قليل الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : فسمعته يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «كل ذنب عسى الله أن يغفره ، إلا الرجل يموت كافرا ، والرجل يقتل المؤمن متعمدا» [١٤٢٨١].

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة عن التاريخ الكبير ٣ / ١ / ١٢٦.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن الجرح والتعديل ٢ / ٢ / ٩١.

(٤) زيادة عن تهذيب الكمال ١٠ / ٢٦١.

(٥) زيادة بين معكوفتين عن تهذيب التهذيب ٣ / ١٨٥.

(٦) جاء في تاج العروس : موت : وفي الحديث «من أحيا مواتا فهو أحق به» الموات : الأرض التي لم تزرع ولم تعمر. ولا جرى عليها ملك أحد. وإحياؤها مباشرة عمارتها. وتأثير شيء فيها.

٢٢٢

[٩٩٧٧] عبد الله بن عبيد الله بن عاصم

ابن عمر بن الخطاب بن نفيل

ابن عبد العزّى العدوي المديني

قدم على عمر بن عبد العزيز للخئولة ، لأن أم عمر أم عاصم بنت عاصم بن عمر (١).

روى عن عمر بن عبد العزيز خطبة له قال :

قدمنا على عمر بن عبد العزيز حين استخلف. قال : وجاءه الناس من كل مكان. قال (٢) : فجلس على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد. أيها الناس ، فالحقوا ببلادكم ، فإنّي أنساكم هاهنا (٣) ، وأذكركم في بلادكم ، فإنّي قد استعملت عليكم عمالا (٤) ، [لا](٥) أقول هم خياركم [ولكنهم خير ممن هو شرّ منهم](٦) فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له علي ألا ولا أرينّه. وأيم الله ، إنّي كنت منعت نفسي وأهل بيتي هذا المال ، ثم ضننت به عليكم ، إني إذا لضنين ، والله لو لا أن أنعش سنّة ، وأسير (٧) بحق ، ما أحببت أن أعيش فواقا (٨).

قال عبيد الله : فلم يخطب بعدها.

__________________

[٩٩٧٧] ذكره ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ص ١٥٥. وجاء فيها أن أبيه عبيد الله قتل يوم الحرة ، وكان أبوه عاصما لا يزال حيا ، فتصدق بماله كله ، وهو مقدار ما كان يقع لأبيه عبيد الله من ميراثه لو مات بعده.

(١) انظر نسب قريش للمصعب ص ٣٦١ وجمهرة ابن حزم ص ١٥٥.

(٢) الخطبة في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ص ٤١ ـ ٤٢ ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٣٤٣ من طريق عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن واقد.

(٣) في طبقات ابن سعد وسيرة ابن عبد الحكم : «عندي» مكان «هاهنا».

(٤) في طبقات ابن سعد وسيرة ابن عبد الحكم : رجالا.

(٥) زيادة لازمة عن ابن سعد وابن عبد الحكم.

(٦) الزيادة عن طبقات ابن سعد.

(٧) في ابن سعد وابن عبد الحكم : أو أسير بحق.

(٨) الفواق بالضم ما بين الحلبتين من الوقت لأنها تحلب سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب ، يقال : ما أقام عنده إلا فواقا. وقيل : فواق الناقة ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع ، أو إذا قبض الحالب على الضرع ، ثم أرسله عند الحلب (تاج العروس : فوق).

٢٢٣

[٩٩٧٨] عبد الله بن عبد الأعلى بن أبي عمرة

أبو عبد الملك الشيباني مولاهم

أخو عبد الصمد بن عبد الأعلى

قال أبو هفان :

كان عبد الله شاعرا ، وكان أبوه عبد الأعلى شاعرا ، وكان عبد الله متهما في دينه ، ويقال : إن سليمان بن عبد الملك ضمه إلى ابنه أيوب (١) فزندقه ، فدسّ له سليمان سما ، فقتله وعبد الله كثير الأمثال في شعره ، أنفذ أكثر قوله في الزهد والمواعظ ، وهو القائل (٢) :

صبا ما صبا حتى (٣) علا الشيب رأسه

فلمّا علاه (٤) قال للباطل ابعد

ولما مات هشام بن عبد الملك اجتمع وجوه الناس وأشرافهم ، وفيهم ابن عبد الأعلى الشاعر. فلما علا على مغتسله رمى ابن عبد الأعلى بطرفه نحو الباب الذي يغتسل فيه ، ثم أنشأ يقول (٥) :

وما سالم عما قليل بسالم

ولو (٦) كثرت أحراسه وكتائبه

ومن يك ذا باب شديد وحاجب (٧)

فعمّا قليل يهجر الباب حاجبه

ويصبح بعد العزّ يفضيه أهله (٨)

رهينة لحد (٩) لم تسوّ (١٠) جوانبه

__________________

[٩٩٧٨] انظر أخباره في أنساب الأشراف ٨ / ١٠٠ وعيون الأخبار ١ / ٢٢٨ وتاريخ الطبري ٢ / ٣٢٤ و ٤ / ٢٢٢ والبداية والنهاية ٩ / ٢٣٠.

(١) أنساب الأشراف ٨ / ١٠٠.

(٢) البيت لدريد بن الصمة من قصيدة في رثاء أخيه عبد الله مطلعها :

أرث جديد الحبل من أم معبد

بعاقبة وأخلفت كل موعد

انظر الأغاني ١٠ / ٧ والأصمعيات : الأصمعية رقم ٢٨ والتعازي والمراثي ص ٥.

(٣) في التعازي والمراثي : حتى إذا شاب رأسه.

(٤) في التعازي والمراثي : «وأحدث حلما» مكان «فلما علاه».

(٥) الأبيات في مروج الذهب ٣ / ٢٢٢ وفيه أنه لما دفن سليمان سمع بعض كتابه ، وهو يقول أبياتا ومنها.

(٦) في مروج الذهب : وإن.

(٧) في مروج الذهب : ومنعة.

(٨) صدره في مروج الذهب :

ويصبح بعد الحجب للناس مقصيا

(٩) في مروج الذهب : بيت.

(١٠) في مروج الذهب : تستّر.

٢٢٤

فما كان إلا الدفن حتى تفرّقت

إلى غيره أجناده (١) ومواكبه

وأصبح مسرورا به كلّ كاشح (٢)

وأسلمه أحبابه وأقاربه

فنفسك فاكسبها السعادة والتّقى (٣)

فكلّ امرئ رهن بما هو كاسبه

قال عبد الملك بن مروان لبنيه في مرض موته : كونوا كما قال عبد الله بن عبد الأعلى (٤) :

ألقوا الضغائن والتخاذل بينكم

عند المغيب وفي الحضور الشّهد (٥)

بصلاح ذات البين طول بقائكم

إن مدّ في عمري وإن لم يمدد

فلمثل ريب الدهر ألف بينكم

بتواصل وترحّم وتودّد

وألقوا الضغائن والتخاذل عنكم

بتكرّم وتوسّع وتعهّد

حتى تلين قلوبكم وجلودكم (٦)

لمسوّد (٧) منكم وغير مسوّد

وتكون أيديكم معا في أمركم

ليس اليدان لذي التعاون كاليد

إن القداح إذا اجتمعن فرامها

بالكسر ذو حنق وبطش أيّد (٨)

عزّت فلم تكسر ، وإن هي بدّدت

فالكسر (٩) والتوهين للمتبدّد

ثم طفئ من ساعته.

[قال عبد الملك بن مروان لعبد الله بن عبد الأعلى الشيباني : من أكرم العرب أو من خير الناس؟ قال : من يحب الناس أن يكونوا منه ، ولا يحب أن يكون من أحد ، يعني بني هاشم.

__________________

(١) مروج الذهب ، أحراسه.

(٢) الكاشح : المبغض الحاقد.

(٣) مروج الذهب : جاهدا.

(٤) الأبيات في مروج الذهب ٣ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣ قالها عبد الملك بن مروان حين كتب بوصيته إلى ابنه الوليد.

(٥) في مروج الذهب :

انفوا الضغائن عنكم وعليكم

عند المغيب وفي حضور المشهد

(٦) في مروج الذهب : وقلوبكم.

(٧) مروج الذهب : بمسور.

(٨) مروج الذهب : وبطش باليد.

(٩) في مروج الذهب : فالوهن والتكسير للمتبدد.

٢٢٥

قال : من ألأم الناس؟ قال : من يحب أن يكون من غيره ، ولا يحب غيره أن يكونوا منه](١).

[لما مات أيوب بن سليمان بن عبد الملك](٢) [رثاه عبد الله بن عبد الأعلى بقصيدة يقول فيها :

ولقد عجبت لذي الشماتة إن أري

جزعي ومن يذق الفجيعة يجزع

فاشمت فقد قرع الحوادث مروتي

وأجذل بمروتك التي لم تقرع

إن تبق تفجع بالأحبة كلهم

أو تردك الأحداث إن لم تفجع

من لا تخرمه المنية لا يرى

منها على خوف لها وتوقع

قد بان أيوب الذي لفراقه

سر العدو غضاضتي وتخشّعي

أيوب كنت تجود عند سؤالهم

وتظلّ منخدعا وإن لم تخدع](٣)

[ورثى عبد الله بن عبد الأعلى مسلمة (بن عبد الملك) فقال :

أبا سعيد أراك الله عافية

فبها لروحك عند العسر تيسير

فقد أقمت قناة الحق فاعتدلت

إذ أنت للدين مما نابه سور](٤)

[٩٩٧٩] عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة

أبو عبد الرحمن الخولاني

قاضي مصر وابن قاضيها (٥).

[روى عن أبيه.

روى عنه إبراهيم بن نشيط الوعلاني ، وخالد بن يزيد المصري ، وعبد الله بن الوليد التجيبي.

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن عيون الأخبار ١ / ٢٢٨.

(٢) الزيادة للإيضاح.

(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن أنساب الأشراف ٨ / ١٠٠ ـ ١٠١.

(٤) البيتان استدركا عن أنساب الأشراف ٨ / ٣٦٣.

[٩٩٧٩] ترجمته في تهذيب الكمال ١٠ / ٢٧٩ وتهذيب التهذيب ٣ / ١٩٠ والجرح والتعديل ٢ / ٢ / ٩٧ والتاريخ الكبير ٣ / ١ / ١٣٥. وحجيرة بمهملة وجيم مصغرا (تقريب التهذيب).

(٥) أبوه عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني ، أبو عبد الله المصري ، ترجمته في تهذيب الكمال ١١ / ١٥٦.

٢٢٦

قال النسائي : ليس به بأس.

وذكره ابن حبان في كتاب الثقات](١).

[قال العجلي : ابن حجيرة ، مصري ثقة.

قال ابن عساكر : لا أدري أراد عبد الله أو عبد الرحمن أباه](٢).

[وذكر أبو عمر الكندي في قضاة مصر : أن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ولي القضاء بمصر مرتين ، المرة الأولى : من قبل الأمير قرة بن شريك في ربيع الآخر سنة تسعين إلى أن صرف عنها في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ، ثم ولي القضاء بها من قبل الأمير عبد الملك بن رفاعة. وهي ولايته الثانية في رجب سنة سبع وتسعين ، وجمع له القضاء وبيت المال فوليها إلى سلخ ، سنة ثمان وتسعين ، وصرف عن القضاء](٣).

[قال البخاري](٤) :

[عبد الله (٥) بن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبيه عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أوصى سلمان الفارسي الخير فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يريد أن يمنحك كلمات. فذكره (٦) ، قاله عبد الله بن يزيد قال ح سعيد بن أبي أيوب حدثني عبد الله بن الوليد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة].

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٧) :

[عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة أبو عبد الرحمن روى عنه أبيه عن أبي هريرة.

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن تهذيب الكمال ١٠ / ٢٧٩.

(٢) ما بين معكوفتين استدرك عن تهذيب التهذيب ٣ / ١٩٠.

(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن تهذيب الكمال ١٠ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠.

(٤) زيادة للإيضاح.

(٥) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن التاريخ الكبير ٣ / ١ / ١٣٥.

(٦) الحديث رواه أحمد بن حنبل في المسند ٣ / ٢٠٦ رقم ٨٢٧٩ وفيه ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد ثنا عبد الله بن الوليد عن ابن حجيرة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أوصى سلمان الخير قال : إن نبي الله عليه‌السلام يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن ترغب إليه فيهن وتدعو بهن بالليل والنهار قال : اللهم إني أسألك صحة إيمان وإيمانا في خلق حسن ، ونجاحا يتبعه فلاح يعني ورحمة منك وعافية ومغفرة منك ورضوانا». انظر ما يأتي قريبا.

(٧) زيادة للإيضاح.

٢٢٧

روى سعيد بن أبي أيوب عن عبد الله بن الوليد. سمعت أبي يقول ذلك](١).

وفد على عمر بن عبد العزيز في قضاء مصر من قبل قرّة بن شريك (٢) أمير مصر من قبل الوليد بن عبد الملك في سنة تسعين.

حدث عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أوصى سلمان الخير فقال له :

«يا سلمان ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن وترغب إليه فيهن ، وتدعو بهن في الليل والنهار. قل : اللهم إنّي أسألك صحة في إيمان ، وإيمانا في حسن خلق ، ونجاحا يتبعه فلاح ، ورحمة منك وعافية ، ومغفرة منك ورضوانا» (٣) [١٤٢٨٢].

قال إبراهيم بن نشيط (٤)(٥) :

رأيت عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ، وكانت تحته امرأة من وعلان هي مولاة ابن نشيط ، وقد تغدى فقال : أتتغدى؟ قال : [قلت] نعم ، قال : أعيدي عليه الغداء يا جارية ، فأتت بعدس بارد على طبق خوص وكعك وماء ، فقال : ابلل وكل. فلم تتركنا الحقوق نشبع من الخبز.

قال ابن نشيط : وأتاه رجل يذكر له حاجة ، فقال : تعود ، فسأل (٦) عنه ، فإذا هو صادق ، فأعطاه ثمانية عشر دينارا ، فأتاه في مجلس القضاء يثني عليه ، فقال : أخروه عني.

[٩٩٨٠] عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله

ابن سليمان بن خيثمة بن سليمان بن حيدرة

أبو بكر القرشي الأطرابلسي

حدث عن أبي بكر محمد بن العباس بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن الجرح والتعديل ٢ / ٢ / ٩٧ ـ ٩٨.

(٢) قرة بن شريك القيسي القنسريني ، نائب ديار مصر للوليد بن عبد الملك ، مات بمصر بعد أن وليها سبعة أعوام.

ترجمته في سير الأعلام ٤ / ٤٠٩.

(٣) أخرجه أحمد بن حنبل في المسند رقم ٨٢٧٩ ، انظر ما مرّ قريبا.

(٤) نشيط بفتح النون وكسر المعجمة تقريب التهذيب.

(٥) هو إبراهيم بن نشيط بن يوسف الوعلاني ويقال الخولاني ، أبو بكر المصري ووعلان بطن من مراد. انظر ترجمته في تهذيب الكمال ١ / ٤٤٥.

(٦) في مختصر ابن منظور : فسل.

٢٢٨

«من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغيب الشمس فقد أدرك العصر» (١) [١٤٢٨٣].

وروي هذا الحديث بزيادة : «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح» [١٤٢٨٤].

وحدث أبو بكر أيضا عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن محمد البرمكي بسنده عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«من كذب علي ـ حسبته قال : معتمدا ـ فليتبوّأ بيته من النار» [١٤٢٨٥].

[٩٩٨١] عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علي

ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي العجائز سعيد بن خالد

ابن حميد بن صهيب بن كليب بن البخيت بن علقمة

ابن الصبر الأزدي ، أزد شنوءة أبو محمد القاضي

ولي القضاء بدمشق نيابة.

حدث عن أبي محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر بسنده إلى أبي هريرة قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«لا تتقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين ، إلا رجلا كان يصوم صياما فليصمه» [١٤٢٨٦].

ولد القاضي أبو محمد بن أبي العجائز في ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.

[قال ابن ماكولا](٢) :

وبخيت : أوله باء مضمومة ، وبعدها خاء معجمة مفتوحة ، وآخره تاء معجمة باثنتين من فوقها [فهو : القاضي أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علي بن عبد الرحمن ابن أبي العجائز سعيد بن خالد بن حميد بن صهيب بن طليب بن بخيت بن

__________________

(١) رواه أحمد بن حنبل في المسند ٣ / ٦٣ من طريق آخر : حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة. رقم ٧٤٦٤.

[٩٩٨١] ترجمته في الإكمال لابن ماكولا ١ / ٢١٠ ـ ٢١١ وسماه عبيد الله. وفيه : طليب بدل كليب.

(٢) زيادة للإيضاح.

٢٢٩

علقمة بن الصبر الأزدي ـ أزد شنوءة ـ دمشقي رأيته بمصر ، وأخبرني أنه سمع ابن أبي نصر وغيره ، ودخلت دمشق ولم أسمع منه بها شيئا ، وحدث عن ابن أبي نصر وغيره ، وحدث ابنه أبو الحسين محمد عن ابن أبي نصر ، سمع منه أصحابنا](١).

وتوفي القاضي أبو محمد بن أبي العجائز في رجب سنة اثنتين وستين وأربع مائة.

[٩٩٨٢] عبد الله بن عبد الرحمن بن عتبة

ابن إياس ـ ويقال ابن أبي إياس ـ بن الحارث

ابن عبد أسد بن جحدم بن عمرو بن عائش

ابن ظرب بن الحارث بن فهر ، القرشي الفهري

ولي إمرة دمشق من قبل يزيد بن عبد الملك ، وولي لعمر بن عبد العزيز صدقات بني تغلب.

حدث ابن جحدم (٢) أن عمر بن عبد العزيز بعثه على صدقات بني تغلب ، فكان عهده إليه أن يقبضها ثم يردّها في فقرائهم. قال : فكنت آتي الحيّ فأدعوهم بأموالهم ، فأقبض ما كان فيها ، ثم أدعو فقراءهم فأقسمها عليهم ، حتى إنه ليصيب المسكين (٣) الفريضتين والثلاث ، فما أفارق الحي وفيه (٤) فقير. ثم آتي الحي الآخر ، فأصنع به كذلك ، فلم أنصرف إليه بدرهم.

قال عبد الله بن أبي عبد الله (٥) :

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن الإكمال لابن ماكولا ١ / ٢١١ ـ ٢١٢.

[٩٩٨٢] ترجمته في أمراء دمشق ص ٧٠ وتحفة ذوي الألباب ١ / ١٥٦ وانظر أخبار أبيه في نسب قريش ص ٤٤٥ وجمهرة ابن حزم ص ١٧٧ وولاة مصر للكندي ص ٦٤. وتحرفت اسم عبد الرحمن في جمهرة ابن حزم إلى «عبد الله وفي نسب قريش : عبد الله» أيضا. وفي جمهرة ابن حزم ص ١٧٧ ابن أبي أناس. وفي مختصر ابن منظور وجمهرة ابن حزم ، وفي نسب قريش ص ٤٤٥ : عبد أنس بدل عبد أسد. وفي جمهرة ابن حزم : «حجر» وفي حسن المحاضرة : قحزم بدل جحدم. وفي مختصر ابن منظور : «عابس» والمثبت «عائش» عن نسب قريش وجمهرة ابن حزم.

(٢) الخبر في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ص ١٠٦.

(٣) في سيرة عمر بن عبد العزيز : الرجل.

(٤) في سيرة عمر بن عبد العزيز : وفيهم.

(٥) الخبر في تحفة ذوي الألباب ١ / ١٥٦.

٢٣٠

قحطت السماء في زمان يزيد بن عبد الملك ، وعلى دمشق عبد الله بن عبد الرحمن الفهري ، فخرج بنا إلى مضمار دمشق يستسقي ، فجلس على درجة دون المجلس من المنبر ، فدعا الله ، وعظّمه ، ومجّده طويلا ، ثم قال : اللهم أي رب ، إنا لم نكن لنجيء بأجمعنا إلى أحد دونك ـ وكل شيء هو دونك ـ في أمر لا ينقصه شيئا ، وهو بنا رافق إلا أعطاناه ، اللهم ، ولك المثل الأعلى ، جئناك الغداة نطلب في أمر لا ينقصك شيئا وهو بنا رافق ، فأعطنا برحمتك ، يا أرحم الراحمين. فلم نبرح حتى مطرنا.

[٩٩٨٣] عبد الله بن عبد الرحمن

ابن عضاه بن الكركير الأشعري

شهد صفين مع معاوية ، وبعثه يزيد بن معاوية إلى ابن الزبير يدعوه لبيعته (١) ، ومعه جامعة من فضة (٢) ، وبرنس خزّ ، فقدم (٣) على ابن الزبير وهو جالس بالأبطح (٤) ، ومعه أيوب ابن عبد الله بن زهير بن أبي أمية المخزومي ، وعلى مكة يومئذ الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة ، فكلمه ابن عضاه وابن الزبير ينكت في الأرض (٥) ، فقال له أيوب : يا أبا بكر ، لا أراك غرضا للقوم (٦) ، فرفع ابن الزبير رأسه فقال : أقلت : حلف ألا

__________________

[٩٩٨٣] انظر أخباره في ترجمته عبد الله بن الزبير المتقدمة في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ط. دار الفكر ـ بتحقيقي ٢٨ / ٢١٠ وتاريخ الطبري ٣ / ٣٤٧ وأنساب الأشراف ٥ / ٣٢٣ وما بعدها. والفتوح لابن الأعثم ٥ / ١٥١ والأخبار الطوال ص ٢٦٣.

(١) في أنساب الأشراف ٥ / ٣٢٣ أن يزيد بن معاوية وجه إلى ابن الزبير النعمان بن بشير الأنصاري وهمام بن قبيصة ليدعواه إلى بيعة يزيد. فلما أتيا مكة سألا ابن الزبير البيعة ، وقع في يزيد وذكره بالقبيح ، فانصرفا وأعلما يزيد بما كان من ابن الزبير فاستشاط غضبا وأكد يمينه في ترك قبول بيعته إلا وفي عنقه جامعة يقدم به فيها.

(٢) وفي رواية : جامعة من ورق. وفي رواية : سلسلة فضة وتبدأ من ذهب وجامعة من فضة. انظر تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ ـ ٨٠) ص ٤٤٣.

(٣) كان ابن عضاه الأشعري من وفد مؤلف من اثني عشر شخصا أرسله يزيد إلى ابن الزبير.

(٤) الأبطح : كل مسيل فيه دقاق الحصى فهو أبطح. والأبطح يضاف إلى مكة وإلى منى لأن المسافة بينه وبينهما واحدة ، وذكر بعضهم أنه إنما سمي أبطح لأن آدم عليه‌السلام بطح فيه (معجم البلدان).

(٥) وكان مما قال ابن عضاه ، كما في أنساب الأشراف ٥ / ٣٢٤ يا أبا بكر قد كان من أثرك في أمر الخليفة المظلوم ونصرتك إياه يوم الدار ما لا يجهل ، وقد غضب أمير المؤمنين بما كان من إبائك مما قدم عليك فيه النعمان وهمام وخلف أن تأتيه في جامعة خفيفة لتحل يمينه فالبس عليها برنسا فلا ترى. ثم أنت الأثير عند أمير المؤمنين الذي لا يخالف في ولاية ولا مال.

(٦) نقل البلاذري في أنساب الأشراف ٥ / ٣٢٤ قولا آخر لأيوب ، قال : ليست يمين يزيد في ابن الزبير بأول يمين حنث فيها ووجب عليه تكفيرها ولا آخرها.

٢٣١

يقبل بيعتي حتى يؤتى بي في جامعة؟ لا أبرّ الله قسمه ، وتمثل ابن الزبير (١) :

ولا ألين لغير الحقّ أسأله

حتى يلين لضرس الماضغ الحجر

ثم قال : والله ، لا أبايع يزيد ، ولا أدخل له في طاعة (٢).

قال خالد سبلان (٣) :

كنت فيما شهد صفين : فبينا نحن هنالك إذ جاء الخبر إلى معاوية أنه قد بايع رجلا من همدان اثنا عشر ألفا من همدان بيعة الموت ليغتدن شاهرين سيوفهم فلا ينثنون دون أن يقتلوا معاوية ، أو ينهزم الناس ، أو يموتوا من آخرهم ، فأعظم ذلك معاوية ، وأقبل على عمرو بن العاص فقال : اثنا عشر ألفا كلهم قد بايع بيعة الموت ، من يطيق هؤلاء؟ فقال له عمرو : اضربهم بمثلهم من قومهم ، فأرسل إلى عضاه ـ أو قال : ابن عضاه ـ فأخبره عن الهمداني وأصحابه وقال : ما عندك؟ قال : ألقاهم بمثل عدتهم من همدان. قال : فخرج إليه قبائل همدان ، فخطبهم متوكئا على قوسه ، فذكر عثمان ، وما انتهك من حرمته ، وركب به ـ يعني : قتلوا حتى نسخوا ـ ثم ذكر الذين قتلوه ، وأنه لحقّ على كلّ مسلم أن يطلب دم عثمان ، والقود من قتلته ، ونحوا من هذا الكلام ، وإن الهمداني قد بايعه منكم ، فأخبرهم بما صنعوا ، فما

__________________

(١) البيت مع بيت آخر في تاريخ الطبري ٥ / ٤٧٦ ، وهو في تاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ٤٤٣ وأنساب الأشراف ٥ / ٣٢٥.

(٢) ذكر البلاذري أن ابن الزبير قال لابن عضاه : يا ابن عضاه ، والله ما أصبحت أرهب الناس ولا الباس ، وإني لعلى بيّنة من ربي وبصيرة من ديني ، فإن أقتل فهو خير لي ، وإن مت حتف أنفي فالله يعلم إرادتي وكراهتي لأن يعمل في أرضه بالمعاصي.

ونقل البلاذري عن الواقدي والهيثم بن عدي في روايتهما أن ابن الزبير قال لابن عضاه : إنما أنا حمامة من حمام هذا المسجد ، أفكنتم قاتلي حمامة من حمام المسجد؟ فقال ابن عضاه : يا غلام ائتني بقوسي وأسهمي ، فأتاه بذلك ، فأخذ سهما فوضعه في كبد القوس ثم سدده لحمامة من حمام المسجد وقال : يا حمامة أيشرب يزيد الخمر؟ قولي : نعم ، فو الله لئن قلت لأقتلنك. يا حمامة أتخلعين أمير المؤمنين يزيد وتفارقين الجماعة ، وتقيمين بالحرم ليستحل بك؟ قولي : نعم. فو الله لئن قلت لأقتلنك.

فقال ابن الزبير : ويحك يا ابن عضاه أو يتكلم الطير؟ قال : لا ، ولكنك أنت تتكلم. وأنا أقسم بالله لتبايعن طائعا أو كارها أو لتقتلن ، ولئن أمرنا بقتالك ثم دخلت الكعبة لنهدمنها أو لنحرقنها عليك ، أو كما قال. فقال ابن الزبير : أو تحل الحرم والبيت؟ قال : إنما يحلّه من ألحد فيه.

(٣) خالد سبلان ، هو خالد بن عبد الله بن الفرج أبو هاشم العبسي ، عرف بخالد سبلان ، ولقب بذلك لعظم لحيته.

وسبلان بفتح السين والباء الموحدة كما في الإكمال لابن ماكولا تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ـ ط.

دار الفكر ـ بتحقيقي ١٦ / ١٣٢ رقم ١٨٩٥.

٢٣٢

عندكم؟ قالوا : عندنا أن نلقاهم بيعة الموت. قال : بيعة الموت؟ قالوا : بيعة الموت. فأعادها ، ثم استدار على قوسه ، ووثبوا وثبة رجل فاستداروا مرات ، واعتنق بعضهم بعضا ، وبكى بعضهم إلى بعض ، فغدا الهمداني في أصحابه فاقتتلوا فيما بين أول النهار إلى صلاة العصر ، ما ينهزم هؤلاء ولا هؤلاء ، فأرسل علي إلى معاوية يناشده الله في البقية إلى كفّ أصحابه ، ويكفّ أصحابه. فلم يزل معاوية يكف أصحابه ويزعهم ، وعلي مثل ذلك حتى حجزوا بينهم.

٢٣٣

حرف الميم

[٩٩٨٤] محمد المعتصم بن هارون الرشيد

ابن محمد المهدي بن عبد الله المنصور

أبو إسحاق الهاشمي

[روى عن أبيه ، وأخيه المأمون يسيرا.

روى عنه إسحاق الموصلي ، وحمدون بن إسماعيل ، وآخرون](١).

بويع له بالخلافة بعد أخيه المأمون بعهد منه (٢) ، قدم دمشق عدة دفعات مع أخيه المأمون ، ووحده قبل الخلافة ، ثم قدمها في خلافته.

حدّث هشام بن محمد الكلبي (٣) : أنه كان عند المعتصم في أوّل أيام المأمون ـ حين قدم المأمون بغداد ـ فذكر قوما بسوء السّير ، فقلت له : أيّها الأمير إن الله تعالى أمهلهم فطغوا

__________________

[٩٩٨٤] ترجمته في كتب التواريخ العامة : تاريخ خليفة ، وتاريخ اليعقوبي ، وتاريخ الطبري ، والكامل لابن الأثير ، والبداية والنهاية ، وتاريخ الخلفاء ، ومروج الذهب ، وتاريخ بغداد ٣ / ٣٤٢ والوافي بالوفيات ٥ / ١٣٩ وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٩٠ وفوات الوفيات ٤ / ٤٨ والعبر ١ / ٤٠٠ والأخبار الطوال ص ٤٠١ والمعارف ص ٣٩٢ وتاريخ الإسلام حوادث سنة ٢٢١ ـ ٢٣٠ ص ٣٩٠ وانظر بهامشه ثبتا بأسماء مصادر أخرى كثيرة.

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٣ وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٩٠.

(٢) وذلك في رابع عشر من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين. انظر تاريخ الطبري ٨ / ٦٦٧ والكامل لابن الأثير ٦ / ٤٣٩ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٣ وسير الأعلام ١٠ / ٢٩٠.

(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٣ من طريق باي بن جعفر حدث أحمد بن محمد بن عمران حدثنا محمد بن يحيى حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا عبد الله بن الضحاك الهوادي حدثني هشام بن محمد الكلبي. ومن طريق الصولي رواه السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٣٩٩.

٢٣٤

وحلم عنهم فبغوا ؛ فقال : حدّثني أبي الرشيد ، عن جدّي المهدي ، عن أبيه المنصور ، عن أبيه محمد بن علي ، عن علي ابن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ؛ أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نظر إلى قوم من بني فلان يتبخترون في مشيهم ، فعرف الغضب في وجهه ، ثم قرأ : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) [سورة الإسراء ، الآية : ٦٠] فقيل له : أي الشّجر هي يا رسول الله حتى نجتنبها؟ فقال : «ليست بشجرة نبات ، إنّما هم بنو فلان (١) ، إذا ملكوا جاروا وإذا ائتمنوا خانوا» ثم ضرب بيده على ظهر العبّاس ، قال : «فيخرج الله من ظهرك يا عم رجلا يكون هلاكهم على يديه» [١٤٢٨٧]. قال : هذا حديث منكر.

وعن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ليكوننّ من ولده ـ يعني العبّاس بن عبد المطلب ـ ملوك يلون أمر أمّتي يعزّ الله بهم الدين» [١٤٢٨٨].

حدث المعتصم ، عن المأمون ، عن آبائه إلى ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«لا تحتجموا يوم الخميس فإنه من يحتجم فيه فيناله مكروه فلا يلوم إلا نفسه» [١٤٢٨٩].

[وقال ابن عساكر : أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، حدثنا عبد العزيز بن أحمد ، حدثني علي بن الحسين الحافظ ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن طالب البغدادي ، حدثنا ابن خلاد ، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر الضبيعي حدثنا إسحاق بن يحيى بن معاذ قال : كنت عند المعتصم أعوده ، فقلت : أنت في عافية ، فقال : كيف وقد سمعت الرشيد يحدث عن أبيه المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعا : (٢) «من احتجم في يوم الخميس فمرض فيه ، مات فيه» [١٤٢٩٠].

قال ابن عساكر : سقط منه رجلان بين ابن الضبيعي وإسحاق.

ثم أخرجه من طريق أخرى عن الضبيعي عن أحمد بن محمد بن الليث عن منصور بن النضر ، عن إسحاق](٣).

__________________

(١) في تاريخ الخلفاء : إنما هم بنو أمية. وانظر تفسير القرطبي ١٠ / ٢٨٦.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٤ من طريق أبي نعيم الحافظ حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم القاضي بالأهواز حدثنا محمد بن نعيم حدثنا حمدون بن إسماعيل حدثنا أبي عن المعتصم عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٩٩.

٢٣٥

[قال أبو بكر الخطيب](١) : [محمد أمير المؤمنين المعتصم بالله ابن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، يكنى ، أبا إسحاق](٢).

وأمّ المعتصم أمّ ولد اسمها ماردة ، لم تدرك خلافته ، والمعتصم يقال له : الثمانيّ (٣) ، لأنه ولد [بالخلد في](٤) سنة ثمانين ومائة ، في الشهر الثامن ، وهو ثامن الخلفاء ، والثامن من ولد العباس ، وفتح ثمانية فتوحات ، وولد له ثمان بنين ، وثمان بنات ، ومات وعمره ثمان وأربعون سنة ، وخلافته ثمان سنين وثمانية أشهر ويومان ، وقتل ثمانية أعداء : بابك ، ومازيار ، وياطس (٥) ورئيس الزّنادقة ، والأفشين ، وعجيفا ، وقارن ، وقائد الرّافضة (٦).

وكان المعتصم أبيض ، أصهب اللحية طويلها ، مربوعا ، مشرب اللّون (٧).

وبويع للمعتصم يوم مات المأمون سنة ثمان عشرة ومائتين ، ودخل بغداد (٨) على بغل كميت بسرج مكشوف وعليه قلنسوة لاطئة وسيف بمعاليق ، فأخذ على باب الشّام حتى عبر الجسر ، ثم دخل من باب الرّصافة فأخذ يمنة حتى دخل الدّار التي كان ينزلها المأمون من باب العامّة.

كان (٩) مع المعتصم غلام يتعلّم معه في الكتّاب ، فمات الغلام ، فقال له الرّشيد : مات

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٢.

(٣) في البداية والنهاية ٧ / ٣٠٤ : المثمّن.

(٤) زيادة عن تاريخ بغداد.

(٥) في تاريخ بغداد : «باطس» وفي تاريخ الإسلام : باطيش.

(٦) انظر عن تسميته بالمثمن في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٣ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٢٢١ ـ ٢٢٧) ص ٣٩٤ وتاريخ الخلفاء ص ٣٩٣ ـ ٣٩٤ وسير الأعلام ١٠ / ٣٠٢.

(٧) الخبر في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٧ وتاريخ الطبري ٩ / ١١٩ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٣ وسير الأعلام ١٠ / ٢٩١.

(٨) دخلها يوم السبت مستهل رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين ، انظر البداية والنهاية ٧ / ٢٨٧.

(٩) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٣ من طريق أبي منصور باي بن جعفر الجيلي حدثنا أحمد بن محمد ابن عمران ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا محمد بن سعيد الأصم ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الهاشمي ، فذكره. ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام (٣٩٣) وسير الأعلام ١٠ / ٢٩١ والبداية والنهاية ٧ / ٣٠٤ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٩٣.

٢٣٦

غلامك؟ قال : نعم ، واستراح من الكتّاب! قال الرشيد : وإن الكتّاب ليبلغ منك هذا المبلغ؟ دعوه إلى حيث انتهى ، ولا تعلّموه شيئا ؛ فكان يكتب كتابا ضعيفا ، ويقرأ قراءة ضعيفة.

قال الزّبير بن بكار :

لمّا قدمت إلى الرّشيد لأحدّث أولاده بالأخبار التي صنّفتها ، أعجل المعتصم في القصر فعثر ، فكادت إبهامه تنقطع ، فقام وهو يقول (١) :

يموت الفتى من عثرة بلسانه

وليس يموت المرء من عثرة الرّجل

فعثرته من فيه ترمي برأسه

وعثرته بالرّجل تبرا على مهل

كذا ، وقد وهم ، فإن الزّبير لم يكن في زمن الرّشيد يقرأ عليه ، فإنه كان ميتا إذ ذاك ، وإنما قرئ عليه في أيام المتوكّل والّذي عثر المعتزّ بن المتوكّل.

[قال أبو بكر الخطيب](٢) :

[حدثني أبو القاسم الأزهري وعبيد الله بن علي بن عبيد الله الرقي ، قالا : حدثنا عبيد الله بن محمد المقرئ ، حدثنا محمد بن يحيى النديم حدثنا عبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد قال : سمعت العباس بن الفرج يقول :](٣).

كتب ملك الرّوم كتابا إلى المعتصم يتهدّده فيه ، فأمر بجوابه ، فلمّا قرئ عليه الجواب لم يرضه ، وقال للكاتب : اكتب ؛ بسم الله الرحمن الرحيم ؛ أما بعد ؛ فقد قرأت كتابك ، وسمعت خطابك ، والجواب ما ترى لا ما تسمع (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) [سورة الرعد ، الآية : ٤٢](٤).

قال الخطيب (٥) : غزا المعتصم بلاد الرّوم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين ، فأنكى في العدوّ نكاية عظيمة ، ونصب على عمّورية (٦) المجانيق ، وأقام عليها حتى فتحها ، ودخلها

__________________

(١) البيتان في العقد الفريد ٢ / ٤٧٣ ونسبهما إلى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهما بدون نسبة في عيون الأخبار ٢ / ١٨٠.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن تاريخ بغداد.

(٤) الخبر في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٤ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٤ والبداية والنهاية ٧ / ٣٠٤ وسير الأعلام ١٠ / ٢٩١.

(٥) الخبر في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٤ وتاريخ الإسلام (٣٩٤) والبداية والنهاية ٧ / ٣٠٤.

(٦) عمورية مدينة في بلاد الروم (انظر معجم البلدان).

٢٣٧

عنوة (١) ، فقتل فيها ثلاثين ألفا وسبى مثلهم ، وكان في سبيه ستّون بطريقا ، وطرح النّار في عمّورية من سائر نواحيها فأحرقها ، وجاء ببابها إلى العراق ، وهو باق إلى الآن ، منصوب على أبواب دار الخلافة ، وهو الباب الملاصق مسجد الجامع في القصر.

وكان المعتصم قبل وصوله عمّورية خرّب ما مرّ به من قراهم ، وهربت الرّوم في كلّ وجه ؛ وقيل : وخرّب أنقرة (٢) ، وتوجه قافلا ، فضرب رقاب أربعة آلاف ونيّف من الأسارى ، ولم يزل يقتل الأسارى في مسيره ويحرق ويخرّب حتى ورد بلاد الإسلام ؛ وأتي فيها ببابك (٣) أسيرا ، فأمر بقطع يديه ورجليه ، وضرب عنقه ، وصلبه في سنة ثلاث وعشرين ومائتين ؛ وكانت الرّوم أغارت على زبطرة (٤) في سنة اثنتين وعشرين ومائتين ، فقتلوا وأسروا من وجدوا بها ، وخرّبوها (٥) ، فدخل قائد له في جماعة في درب الحديد ، ودخل المعتصم من درب الصّفصاف في جماعة لم تدخل أرض الرّوم قبلهم ، ولقي أفشين الطّاغية ، فظفره الله به ، وولّى الطّاغية منهزما مفلولا ، وسار المعتصم إلى عمّورية ، ووافاه أفشين عليها ، فأسر وغنم ، وحاصرها ونصب عليها المجانيق ، فهتك سورها وفتحها عنوة (٦) ، فقتل وسبى ما لا يحصى عدده ، وشعّث حائطها ، وحرّق وخرّب داخلها ، وخرج سالما هو وجيوشه ، وخرج معه بياطس (٧) بطريقها وأسرى كثر ، وأقام فيها بعد فتحه ثلاثة أيام ، ورحل في الرّابع ، وقد ظفر قبل ذلك ببابك الخرّمي (٨) وأصحابه ، فقدّم أسيرا فأمر بقتله.

ولمّا (٩) تجهّز المعتصم لغزو عمّورية حكم المنجّمون على ذلك الوقت أنه لا يرجع من

__________________

(١) اللفظة ليست في تاريخ بغداد.

(٢) أنقرة مدينة في بلاد الروم (انظر معجم البلدان).

(٣) يعني بابك الخرمي ، كان ثنويا على دين ماني. ومزدك ، يقول بتناسخ الأرواح ، ويستحل البنت وأمها. انظر خبره في تاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣١) ص ١١ والبداية والنهاية ٧ / ٢٩٢.

(٤) زبطرة بكسر الزاي وفتح ثانيه وسكون الطاء المهملة وراء مهملة ، وزبطرة مدينة في طرف بلد الروم بين ملطية وسميساط (معجم البلدان).

(٥) انظر تاريخ الطبري ٩ / ٥٥ وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٧٥ ومروج الذهب ٤ / ٦٩ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ١٣.

(٦) انظر تفاصيل ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥.

(٧) في البداية والنهاية : مناطس.

(٨) انظر مروج الذهب ٤ / ٦٤ وما بعدها.

(٩) الخبر وبعض الأبيات في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٥.

٢٣٨

غزوه ، فإن رجع كان مفلولا خائبا ، لأنه خرج في وقت نحس ، فكان من فتحه العظيم ما لم يخف ، حتى وصف ذلك أبو تمام الطّائي في قوله (١) :

أين الرّواية أم (٢) أين النّجوم وما

صاغوه من زخرف فيها ومن كذب

تخرّصا (٣) وأحاديثا ملفّقة

ليست بنبع إذا عدّت ولا غرب

عجائبا زعموا الأيّام مجفلة

عنهنّ في صفر الأصفار أو رجب

وخوّفوا النّاس من دهياء مظلمة

إذا بدا الكوكب الغربيّ ذو الذّنب

وصيّروا الأبرج العليا مرتّبة

ما كان منقلبا أو غير منقلب

يقضون بالأمر عنها وهي غافلة

ما دار في فلك منها وفي قطب

لو بيّنت قطّ أمرا قبل موقعة

ما حلّ (٤) ما حلّ بالأوثان والصّلب

قال يحيى بن معاذ (٥) :

كنت أنا ويحيى بن أكثم نسير مع المعتصم ، وهو يريد بلاد الرّوم ؛ قال : فمررنا براهب في صومعته فوقفنا عليه فقلنا : أيّها الرّاهب ، أترى هذا الملك يدخل عمّورية؟ فقال : لا ، إنما يدخلها ملك أكثر أصحابه أولاد زنى ؛ قال : فأتينا المعتصم فأخبرناه ، فقال : أنا والله صاحبها ، أكثر جندي أولاد زنى ، إنما هم أتراك وأعاجم.

وكان المعتصم يقول :

إذا لم يعدّ الوالي للأمور أقرانها قبل نزولها أطبقت عليه ظلم الجهالة عند حلولها.

قال ابن أبي داود (٦)(٧) :

__________________

(١) الأبيات في ديوان أبي تمام ١٨ / ١٩ من قصيدة طويلة يمدح المعتصم ويذكر فتح عمورية ، ومطلعها :

السيف أصدق إنباء من الكتب

في حدّه الحدّ بين الجد واللعب

(٢) في الديوان : بل.

(٣) أي كذبا ، والتخرص : التكذب وافتراء القول.

(٤) في الديوان : لم يخف ما حل.

(٥) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٤ من طريق عبيد الله بن أبي الفتح حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة حدثني عبد العزيز بن سليمان بن يحيى بن معاذ عن أبيه ، قال : وذكر الخبر.

(كذا في تاريخ بغداد).

(٦) يعني أحمد بن أبي دؤاد القاضي ، أبو عبد الله الإيادي البصري ترجمته في سير أعلام النبلاء ١١ / ١٦٩.

(٧) الخبر رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٥ وسير الأعلام

٢٣٩

كان المعتصم يخرج ساعده إليّ فيقول : يا أبا عبد الله عضّ ساعدي بأكثر من قوّتك ؛ فأقول : والله يا أمير المؤمنين ما تطيب نفسي بذلك ؛ فيقول : إنه لا يضرّني ؛ فأروم (١) ذلك فإذا هو لا تعمل فيه الأسنّة فضلا عن الأسنان.

وانصرف يوما من دار المأمون إلى داره ، وكان شارع الميدان منتظما بالخيم ، فيها الجند ، فمرّ المعتصم بامرأة تبكي ، وتقول : ابني ابني ؛ وإذا بعض الجند قد أخذ ابنها ؛ فدعاه المعتصم وأمره أن يردّ ابنها عليها ؛ فأبى ، فاستدناه فدنا منه فقبض عليه بيده ، فسمع صوت عظامه ، ثم أطلقه من يده ، فسقط ، وأمر بإخراج الصّبيّ إلى أمّه.

قال عمرو بن محمد الرّومي :

كان على بيت مال المعتصم رجل من أهل خراسان يكنى أبا حاتم ؛ فخرجت لي جائزة فمطلني بها ، وكان ابنه قد اشترى جارية مغنّية اسمها قاسم ، بستّين ألف درهم ، قال : فعملت فيها شعرا ، وجلست ألاعب المعتصم بالشّطرنج في يوم الجمار ، وكان يشرب يوما ويستريح يوما ليلعب فيه ، ونلعب بين يديه ، فجعلت أنشده :

لتنصفنّي يا أبا حاتم

أو لنصيرنّ إلى حاكم

فتعطي الحقّ على ذلّة

بالرّغم من أنفك ذا الرّاغم

يا سارقا مال إمام الهدى

سيظهر الظّلم على الظّالم

ستّون ألفا في شرا قاسم

من مال هذا الملك النّائم!

فقال لي : ما هذا الشّعر؟ فتفازعت كأني أنشدته ساهيا ، وتلجلجت ؛ فقال : أعده ؛ فقلت : إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني ؛ وإنّما أريد أن يحرص على أن يسمعه ؛ فقال : أعده ويلك ؛ فأعدته ؛ فقال : ما هذا؟ فقلت : أظنّ صاحب بيت المال مطل بعض هؤلاء الشّعراء بشيء له ، فعمل فيه هذا الشّعر ؛ قال : فما معنى قاسم؟ قلت : جارية اشتراها بستّين ألف درهم ؛ قال : وأراني أنا الملك النائم؟ صدق والله قائل هذا الشّعر ، والله لو عرفته لوصلته

__________________

١٠ / ٣٠٤ ورواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٦ من طريق الصيمري حدثنا محمد بن عمران حدثني علي بن عبد الله أخبرني الحسن بن علي بن العباس عن علي بن الحسين بن عبد الأعلى الإسكافي. وذكره عن ابن أبي دؤاد.

(١) في البداية والنهاية : فأكدم بكل ما أقدر عليه فلا يؤثر ذلك في يده.

٢٤٠