تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٣

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٣

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩١
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

نعيم الحافظ قال : شريح بن هانئ بن يزيد الحارثي أبو المقدام ، أدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودعا له ، وبه كنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أباه هانئا أبا شريح.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا قال (١) : وأما شريح بشين معجمة ، وحاء مهملة فهو : شريح بن هانئ بن يزيد بن كعب (٢) الحارثي الكوفي ، من اليمن ، سمع عليا ، وعائشة ، وأباه ، سمع منه ابنه المقدام ، والقاسم بن مخيمرة ، والعباس بن ذريح ، وغيرهم.

قرأت على أبي عبد الله بن يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام علي بن محمّد الواسطي ، وعن أبي الحسين بن الآبنوسي قالا : أنا أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل. ح وقرأنا على أبي عبد الله ، عن أبي الحسن (٣) بن مخلد ، أنا أبو الحسن بن خزفة قالا : أنا أبو (٤) عبد الله الزعفراني ، أنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، نا أحمد بن يونس ، نا زهير بن معاوية ، نا الحسن بن الحر ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن شريح بن هانئ ، وما رأيت حارثيا أفضل منه (٥) ، أو قال أثنى عليه خيرا (٦).

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، نا أبو الميمون ، نا أبو زرعة (٧) ، نا أحمد بن عبد الله بن يونس ، نا زهير ، نا الحسن بن الحر ، عن القاسم بن مخيمرة قال : ما رأيت حارثيا أفضل منه ، يعني من شريح بن هانئ ، وأثنى عليه خيرا.

قال أبو زرعة : وشريح القاضي : شريح بن الحارث ، يكنى أبا أمية ، وشريح أبو المقدام ابن (٨) شريح ، هو : شريح بن هانئ.

__________________

(١) الإكمال لابن ماكولا ٤ / ٢٧٧.

(٢) أقحم بعدها بالأصل : «المرادي» وليست في الإكمال ، ولم ترد في عامود نسبه في أيّ من مصادر ترجمته.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : الحسين ، وهو محمد بن محمد بن محمد أبو الحسن ابن مخلد البغدادي ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٣٧٠.

(٤) كتبت فوق الكلام بالأصل.

(٥) سير الأعلام ٤ / ١٠٨.

(٦) الخبر من طريق الحسن بن الحر رواه بتمامه المزي في تهذيب الكمال ٨ / ٣٢٩.

(٧) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ١ / ٦٦٨.

(٨) بن شريح ، ليس في تاريخ أبي زرعة.

١٦١

أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد ، وأبو الفضل محمّد بن ناصر ، قالا : أنا المبارك ابن عبد الجبار ، أنا إبراهيم بن عمر الفقيه ، نا محمد بن عبد الله بن خلف ، أنا عمر بن محمّد الجوهري ، نا أحمد بن محمّد بن هانئ قال : قيل لأبي عبد الله : شريح بن هانئ صحيح الحديث؟ فقال : نعم ، هذا متقدم جدا ، روى الناس عنه (١).

قيل لأبي عبد الله : المقدام بن شريح هو ابنه (٢)؟ فقال : نعم ، قلت : روى عنه أيضا عمارة؟ فقال : نعم.

ذكر أحمد بن محمّد بن الحجاج المروذي (٣) قال (٤) : سألت أحمد بن حنبل عن شريح بن هانئ؟ فقال : ثقة.

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله ، أنا أبو القاسم ، أنا أبو علي إجازة.

ح قال وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد.

قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (٥) ، أنا علي بن أبي طاهر فيما كتب إلي ، نا الأثرم قال : قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : شريح بن هانئ صحيح الحديث؟ قال : نعم ، هذا متقدم جدا ، روى الناس عنه ، قال : وذكر أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال : شريح بن هانئ ، [ثقة](٦).

أنبأنا أبو محمّد الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتاني ، أنا رشأ بن نظيف ، وعلي بن الحسن بن علي ابن أبي زروان .......... (٧) بن محمّد ، أنا محمّد بن محمّد بن داود ، نا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش قال ..... (٨).

__________________

(١) رواه المزي في تهذيب الكمال ٨ / ٣٢٩ من طريق أبي بكر الأثرم ، وسير الأعلام ٤ / ١٠٩.

(٢) غير واضحة بالأصل ، ولعل الصواب ما أثبتناه.

(٣) الأصل : المروزي.

(٤) من طريقه رواه المزي في تهذيب الكمال ٨ / ٣٢٩.

(٥) الخبر في الجرح والتعديل ٢ / ١ / ٣٣٣.

(٦) سقطت من الأصل وزيدت عن الجرح والتعديل.

(٧) عدة كلمات مطموسة بالأصل.

(٨) مطموس بالأصل سطر بكامله.

١٦٢

أخبرنا](١) أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ..... (٢) قال في تسمية أمراء يوم الجمل من أصحاب علي وجعل ..... (٣) بن هانئ الحارثي.

أخبرنا أبو الفرج بن علي في كتابه ، نا أبو بكر أحمد بن علي ، أنا أبو منصور محمّد بن علي بن إسحاق .... (٤) ، أنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الحرقي ، نا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزّاني ، نا أبو حاتم سهل بن محمّد بن عثمان السجستاني قال (٥) : قالوا : وعاش شريح بن هانئ بن نهيك بن دريد بن سفيان بن سلمة وهو الضباب بن الحارث بن كعب من مذحج عشرين ومائة سنة ، فيما ذكر ابن الكلبي عن أبي مخنف ، [قال :](٦) أنا أشياخنا (٧) من بني الحارث قالوا : ثم قتل في ولاية الحجّاج بن يوسف مع ابن أبي بكرة ، فقال وهو يرتجز قبل أن يقتل :

قد عشت بين المشركين أعصرا

ثمّت أدركت النبيّ المنذرا

وبعده صدّيقه وعمرا

ويوم مهران ويوم تسترا

والجمع في صفّينهم والنّهرا

هيهات ما أطول هذا عمرا

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا نصر بن أحمد بن نصر ، أنا محمّد بن أحمد ، وأحمد بن علي بن سوار قالا : أنا أبو الفرج الطناجيري قالا : أنا محمّد بن زيد الأنصاري ، أنا أبو جعفر الشيباني ، نا هارون بن حاتم نا أصحابنا منهم أبو نعيم قال : مات شريح بن هانئ وله مائة وعشرين سنة.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا محمّد بن علي السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، أنا أحمد بن عمران ، نا موسى التستري (٨) ، نا خليفة قال (٩) : وفيها يعني سنة ثمان وسبعين ولّى

__________________

(١) مكانها بالأصل مطموس.

(٢) مطموس بالأصل أكثر من نصف سطر.

(٣) مطموس بالأصل.

(٤) كلمة غير مقروءة بالأصل.

(٥) الخبر رواه المزي في تهذيب الكمال ٨ / ٣٢٩ نقلا عن أبي حاتم في كتاب المعمرين.

(٦) زيادة عن تهذيب الكمال.

(٧) غير واضحة بالأصل والمثبت عن تهذيب الكمال.

(٨) غير واضحة بالأصل ، والمثبت قياسا إلى سند مماثل.

(٩) تاريخ خليفة بن خياط ص ٢٧٧.

١٦٣

الحجاج عبيد الله بن أبي بكرة سجستان ، فوجه عبيد الله بن أبي بكرة أبا بردعة ، فأخذ عليه المضيق وقتل شريح بن هانئ الخولاني (١) وأصاب المسلمين ضيق وجوع شديد ، فهلك عامة ذلك الجيش.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العز الكيلي ، قالا : أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، زاد أبو البركات وأبو الفضل بن خيرون قالا : أنا أبو الحسين الأصبهاني ، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد ، نا عمر بن أحمد بن إسحاق ، نا خليفة بن خياط قال (٢) : شريح بن هانئ ابن يزيد بن نهيك بن دريد (٣) بن سفيان بن الضباب وهو سلمة بن الحارث بن ربيعة بن الحارث بن كعب قتل مع أبي بكرة بسجستان سنة ثمان وسبعين.

__________________

(١) في تاريخ خليفة : الحارثي.

(٢) طبقات خليفة بن خياط ص ٢٥٠ رقم ١٠٦٥.

(٣) طبقات خليفة : دويد.

١٦٤

[ذكر من اسمه](١) شريف

[٩٩٦٢] شريف بن أبي حكيم بن محمّد

أبو القاسم ... (٢) السجستاني

قدم دمشق وحدث بها عن أبي مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان الأصبهاني (٣) الحافظ.

سمع منه وكتب عنه أبو القاسم بن صابر السلمي.

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) غير مقروءة بالأصل.

(٣) ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٢١.

١٦٥

ذكر من اسمه شريك

[٩٩٦٣] شريك بن الأعور واسم الأعور الحارث الحارثي

شاعر من أهل البصرة.

وفد على عمر بن الخطاب وكان من أصحاب علي ، شهد معه الجمل وصفّين.

وفد على معاوية بن أبي سفيان.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن كرتيلا ، أنا أبو بكر محمّد بن علي الخياط ، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله السوسنجرودي ، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب ، حدثني أبي أبو طالب علي بن محمّد ، حدّثني أبو عمرو محمّد بن مروان بن عمر السعيدي ، حدّثني جعفر بن أحمد بن سعدان ، نا الحسن بن جهور قال : قال ابن الكلبي (١) : زعموا (٢) أن معاوية جلس ذات يوم بين يديه السماطان ، فدخل الناس وأشراف العرب ، ودخل فيمن دخل شريك بن الأعور الحارثي وافدا ، فلما أن اطمأن به مجلسه نظر إليه معاوية ، فقال : ما اسمك؟ قال : شريك. فقال معاوية : ما لله من شريك (٣) ، وإنك لأعور ، والصحيح خير من الأعور ، وإنك لدميم (٤) والجميل خير من الدميم ، فبم سدت قومك؟ فقال له شريك : والله

__________________

(١) كلمة غير واضحة بالأصل : والذي في أخبار الوافدين على معاوية : ابن الكلبي.

(٢) الخبر رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٥ / ١٢٢ ـ ١٢٣ من طريق المدائني وغيره. والخبر أيضا في كتاب أخبار الوافدين من الرجال على معاوية بن أبي سفيان للضبي ص ٣٦ ـ ٣٧ ورواه في ص ٤٧ ـ ٤٨ من طريق ابن عساكر.

(٣) وقد أراد معاوية أن يضع منه ، والعبارة في أخبار الوافدين : إنك لشريك ، والله ما له شريك.

(٤) في أنساب الأشراف : وإنك لدميم حنزقرة أسود.

١٦٦

لقد أحميت أنفي ولا بد من إجابتك ، فو الله إنك لمعاوية ، وما معاوية إلّا كلبة عوت فاستعوت ، وإنك لابن صخر ، والسهل خير من الصخر ، وإنك لابن حرب والسلم خير من الحرب ، وإنك لابن أمية ، وما أمية إلا أمة صغرت فاستصغرت ، فبم سدت قومك (١)؟ فقال : يا غلام ، أقمه ، فقام شريك ، وأنشأ يقول (٢) :

أيشتمني معاوية بن صخر (٣)

وسيفي صارم ومعي لساني؟

وحولي من ذوي يمن (٤) ليوث

ضراغمة تهشّ إلى الطعان

يعيرني الدمامة من سفاه

وربات الحجال من الغواني (٥)

ذوات الدلّ في خيرات عصب

يحيون الهجان مع الحسان (٦)

فلا تبسط لسانك يا ابن حرب

علينا إذ بلغت مدى الأماني

فإن تك للشقاء لنا أميرا

فإنا لا نقر (٧) على الهوان

وإن تك من أمية في ذراها

فإني من بني عبد المدان

قرأت (٨) بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلم عنه ، أنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي. أنا أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم. نا أحمد بن سعيد القرشي. حدثني الزبير بن بكار ، حدثني علي بن صالح عن عامر (٩) بن صالح قال :

__________________

(١) في أنساب الأشراف وأخبار الوافدين : «فكيف صرت أمير المؤمنين» بدلا من : «فيم سدت قومك» ، وزيد في أخبار الوافدين : واعلم بأني خلفت خلفي أذرعا شدادا ، ورجالا أنجادا ، وأنا سيدهم أقيم بها عوجك ، ويقرى بها ضيفك ، ويعز بها الذليل ، ويذل بها العزيز.

(٢) الأبيات في أنساب الأشراف وأخبار الوافدين على معاوية.

(٣) في أخبار الوافدين : حرب.

(٤) أخبار الوافدين : من بني عمي.

(٥) أخبار الوافدين : وربات الخدور هي الغواني.

(٦) روايته في أنساب الأشراف :

ذوات الحسن والرئبال جهم

شتيم وجهه ماضي الجنان

والبيت ليس في أخبار الوافدين.

(٧) أنساب الأشراف : نقيم.

(٨) الخبر من هذا الطريق رواه الضبي في أخبار الوافدين على معاوية ص ٤٨ نقلا عن ابن عساكر.

(٩) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن أخبار الوافدين.

١٦٧

دخل شريك بن الأعور الحارثي على معاوية ، وكان دميما قصيرا. فقال له معاوية : إنك لدميم والجميل خير من الدميم ، وإنك لشريك ، وما لله من شريك. وإنك لابن الأعور والبصير خير من الأعور ، فكيف سدت قومك؟

فقال له شريك : يا معاوية ، إنك معاوية ، وما معاوية إلا كلبة عوت ، فاستعوت ، وإنك لابن حرب ، والسلم خير من الحرب ، وإنك لابن صخر ، والسهل خير من الصخر ، وإنك لابن أمية ، وما أمية إلا أمة صغرت. فكيف صرت أمير المؤمنين؟

ثم خرج من عنده وهو يقول :

أيشتمني معاوية بن صخر

وسيفي صارم ومعي لساني

وحولي من ذوي يمن ليوث

ضراغمة تهش إلى الطعان

يعيرني الدمامة من سفاه

وربات الخدور هي الغواني

ذوات الحسن والرئبال شثن

شتيم وجهه ماضي الجنان

فلا تبسط لسانك يا بن حرب

علينا إذ بلغت مدى الأماني

فإن تك للشقاء لنا أميرا

فإنا لا نقر على الهوان

وإن تك من أمية في ذراها

فإني في ذرى عبد المدان

زاد غيره بعد «الأماني».

متى ما تدع قومك أدع قومي

وتختلف الأسنة بالطعان

يجبني كل غطريف شجاع

كريم قد توشح باليماني

وبعده : فإن تك للشقاء .... البيتان.

بلغني أن شريك بن الحارث الحارثي المعروف بابن الأعور توفي بالكوفة قبل مقتل الحسين بن علي عليه‌السلام بيسير. وكان ابن زياد قد استصحبه من البصرة إلى الكوفة. وكانت وفاته بعد خروج مسلم بن عقيل بثلاثة أيام.

أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، أنا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خياط قال (١) :

__________________

(١) رواه خليفة بن خياط في تاريخه ص ٢٣١.

١٦٨

وفي سنة ستين بعث الحسين بن علي بن أبي طالب مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى أهل الكوفة ليبايعوه ، فبايعه ناس كثير. فجمع يزيد بن معاوية لعبيد الله بن زياد العراق ، فخرج إلى الكوفة فقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة المرادي.

وبلغني أن خروج مسلم كان يوم الثلاثاء لثمان ليال مضين من ذي الحجة سنة ستين ، ويقال : يوم الأربعاء لسبع مضين من ذي الحجة يوم عرفة.

[٩٩٦٤] شريك بن سلمة المرادي

شهد صفين مع معاوية ، وقيل : إنه أحد قتلة عمار بن ياسر ، له ذكر.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (١) ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني عبد الله بن جعفر ، عن ابن أبي عون (٢) ، قال : قتل عمار بن ياسر ، وهو ابن إحدى وتسعين سنة ، وكان أقدم في الميلاد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان أقبل إليه ثلاثة (٣) نفر عقبة بن عامر الجهني ، وعمر بن حارث الخولاني ، وشريك بن سلمة المرادي ، فانتهوا إليه جميعا وهو يقول : والله لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر علمت أنّا على حقّ ، وأنتم على باطل ، فحملوا عليه جميعا فقتلوه.

وزعم بعض الناس أن عقبة بن عامر هو الذي قتل عمّارا ، وهو الذي كان ضربه حين أمره عثمان بن عفان ، ويقال : بل الذي قتله عمر بن الحارث الخولاني. قال : وفي غير هذه الرواية : أن قاتل عمارا أبو الغادية يسار بن سبع الجهني ، ويقال : المزني ، وهو أشهر من هذه.

[٩٩٦٥] شريك بن شدّاد الحضرمي الشيعي

كوفي من التابعين أحد الاثني عشر الذين قدم بهم من الكوفة مع حجر بن عدي إلى عذراء وقتل بها.

تقدم ذكر قدومه في ترجمة أرقم بن عبد الله.

__________________

(١) الخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٢٥٩ في ترجمة عمار بن ياسر.

(٢) عند ابن سعد : عن ابن عون.

(٣) بالأصل : ثلاث نفر.

١٦٩

قرأت بخط أبي الحسين أحمد بن محمّد بن يعقوب البغدادي ، أخبرني أبو بكر محمّد بن أحمد بن هارون العسكري البزاز ، أخبرني إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختلي ، حدّثني محمّد بن حميد ، نا جرير بن عبد الحميد عن عنبسة بن سعيد ، عن المغيرة بن النعمان ، عن رجل من أهل البصرة قال :

خرجت أريد بيت المقدس فأواني المطر إلى صومعة راهب ، فأشرف علي ، فقال : أين تريد؟ قلت : بيت المقدس ، قال : ثم أين؟ قلت : المدينة ، قال : هل أنت مبلغ كعب الأحبار عني رسالة؟ قال : فقلت : نعم ، إلا أن أنسى أو أموت ، قال : قل له إذا لقيته : إن راهب بني فلان يقول لك : ما بال مسجد القطموس (١)؟ فقدمت بيت المقدس فقضيت حاجتي ثم أتيت المدينة فلقيت كعبا فبلّغته رسالة الراهب ، فقال : إذا قضيت حاجتك وأردت الرجعة فائتني ، فأتيته حين قضيت حاجتي فقال : إذا أتيته فقل له : إن كعبا يقول لك : ما حال قتلى عذراء؟ فلمّا أن لقيته قلت : إن كعبا يقول كذا وكذا ، فقال : قاتل الله كعبا ، ما بقي أحد أعلم منه ، ثم انقمع في صومعته ، فقلت : إنّي قد بلّغتك عن كعب ، وأبلغت كعبا عنك ، ثم أخرج من بينكما صفرا؟ والله لا أبرح حتى تخبرني أو تأكلني السباع ، فتحمل دمي ، قال : فجعل يلاحظني النظر ، فلما رآني لا أبرح أشرف علي فقال : إنّا نجد في كتابنا : أن قوما من أهل دينكم يقتلون بعذراء لا حساب عليهم ، ولا عذاب ، فما مكثت إلّا يسيرا حتى جيء بحجر بن عدي وأصحابه ، فقتلوا بعذراء.

[٩٩٦٦] شريك بن عبد الله الكناني الفلسطيني

شهد مع معاوية صفين ، وكان أميرا على كنانة فلسطين يومئذ ، وكان من العشرة الذين وجههم يزيد إلى ابن الزبير يدعوه إلى الطاعة ، له ذكر في حديث من رواية الهيثم بن عدي.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد ابن عمران ، نا موسى التستري ، نا خليفة بن خياط العصفري ، قال (٢) : وقال أبو عبيدة : وكان على كنانة فلسطين ـ يعني يوم صفين ـ شريك الكناني.

__________________

(١) كذا بالأصل : وفي المختصر : العطموس.

[٩٩٦٦] الكناني تحرفت بالأصل إلى : الكتاني.

(٢) تاريخ خليفة بن خياط ص ١٩٦.

١٧٠

[٩٩٦٧] شريك بن عبد ربه النميري

أوفده يوسف بن عمر الثقفي على هشام بن عبد الملك وأثنى عليه لتوليه خراسان ، فأبى هشام ذلك ، تقدم ذكر وفادته في ترجمة سلم (١) بن قتيبة (٢).

[٩٩٦٨] شريك بن عبدة العجلاني

أدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبعثه أبو بكر رسولا إلى خالد بن الوليد حين ... (٣) ... دومة الجندل إلى دمشق ، وبعثه عمر بن الخطاب رسولا إلى عمرو بن العاص على الشام حين أمره بالتوجه إلى فتح مصر.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، نا محمّد بن عمر ، نا شيبان بن عبد الرّحمن ، عن جابر ، عن عامر ، عن البراء بن عازب قال : وحدّثني طلحة بن محمّد بن سعيد ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيّب ، قالا :

كتب أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد حين فرغ من أهل اليمامة أن يسير إلى العراق ، فخرج خالد من اليمامة فسار حتى أتى الحيرة ، فنزل بحرّان والمرزبان بالحيرة ملك ، كان لكسرى ملكه حين مات النعمان بن المنذر فتلقاه بنو قبيصة وبنو بقيلة وعبد المسيح بن حيان بن بقيلة ، فصالحوه على الحيرة ، وأعطوه الجزية مائة ألف درهم على أن يتنحّى إلى السواد ، ففعل ، وصالحوه وكتب لهم كتابا. وكانت أول جزية في الإسلام (٤) ، ثم سار خالد إلى عين التمر فدعاهم إلى الإسلام فأبوا فقاتلهم قتالا شديدا فظفره الله بهم ، فقتل وسبى (٥) ، وبعث بالسبي إلى أبي بكر الصدّيق ثم نزل بأهل ألّيس (٦) وهي قرية أسفل الفرات ،

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : سالم ، والصواب ما أثبت.

(٢) تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق طبعة دار الفكر ٢٢ / ١٤٨ رقم ٢٦٣٩.

[٩٩٦٨] ترجمته في الاستيعاب ٢ / ١٥٠ (هامش الإصابة) ، والإصابة ٢ / ١٥١ وفيها ٢ / ١٥٠ باسم شريك ابن سحماء ، وهي أمه. وأسد الغابة ٢ / ٣٧٠ والوافي بالوفيات ١٦ / ١٥٠ وجمهرة أنساب العرب ص ٤٤٣.

(٣) غير مقروءة بالأصل.

(٤) قال البلاذري في فتوح البلدان ص ٢٤٠ فكان الذي أخذ منهم أول مال حمل إلى المدينة من العراق.

(٥) فتوح البلدان ص ٢٤٤.

(٦) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن فتوح البلدان ص ٢٤٠ وأليس مصغر بوزن فلِّيس : الموضع الذي كانت فيه وقعة بين المسلمين والفرس في أول أرض العراق من ناحية البادية ، وفي كتاب الفتوح : قرية من قرى الأنبار (معجم البلدان ١ / ٢٤٨).

١٧١

فصالحهم ، وكان الذي ولي صلحه هانئ بن جابر على ثمانين ألف درهم ، ثم سار فنزل ببانقيا (١) على شاطئ الفرات فقاتلوه ليلة حتى الصباح ثم طلبوا الصلح ، فصالحهم ، وكتب لهم كتابا (٢) ، وصالح صلوبا بن بصبهرى (٣) ومنزله بشاطئ الفرات على جزية ألف درهم.

ثم كتب إليه أبو بكر يأمره بالمسير إلى الشام ، وكتب إليه : إنّي قد استعملتك على جنود ، وعهدت إليك عهدا تقرؤه وتعمل بما فيه ، فسر إلى الشام حتى يوافيك كتابي ، فقال خالد : هذا عمل عمر بن الخطاب حسدني أن يكون فتح العراق على يديّ ، فاستخلف المثنى ابن حارثة الشيباني مكانه ، وسار حتى نزل دومة الجندل ، وأوفاه كتاب أبي بكر وعهده مع شريك بن عبدة العجلاني ، فكان أحد الأمراء بالشام خلافة أبي بكر وفتح بها فتوحا كثيرة ، وهو الذي ولي صلح أهل دمشق ، وكتب لهم كتابا فأنفذوا ذلك له ، فلما توفي أبو بكر وولي عمر بن الخطاب عزل خالدا عما كان عليه وولّى أبا عبيدة بن الجرّاح ، فلم يزل خالد مع أبي عبيدة في جنده يغزو وكان له بلاء وغناء وإقدام في سبيل الله حتى توفي ، رحمه‌الله ، بحمص سنة إحدى وعشرين ، وأوصى إلى عمر بن الخطاب ، ودفن في قرية على ميل من حمص.

قال محمّد بن عمر : سألت عن تلك القرية فقيل قد دثرت.

__________________

(١) بانقيا بكسر النون : ناحية من نواحي الكوفة.

(٢) نص الكتاب الذي كتبه خالد لأهل بانقيا ـ كما في معجم البلدان بانقيا :

بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من خالد بن الوليد لصلوبا بن بصبهرى ومنزله بشاطئ الفرات ، إنك آمن بأمان الله على حقن دمك في إعطاء الجزية على نفسك وجيرتك وأهل قريتك بانقيا وسميا على ألف درهم جزية وقد قبلنا منك ورضي من معي من المسلمين بذلك ، فلك ذمة الله وذمة النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذمة المسلمين على ذلك.

شهد هشام بن الوليد ، وجرير بن عبد الله بن أبي عوف ، وسعيد بن عمرو ، وكتب سنة ١٣ والسلام.

(٣) كذا بالأصل ، وفي فتوح البلدان : بصبهرى بن صلوبا.

١٧٢

[ذكر من اسمه](١) شعبة

[٩٩٦٩] شعبة بن عثمان بن خريم التميمي

شهد حصار دمشق مع عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس.

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي الفتح بن المحاملي ، أنا أبو الحسن الدارقطني قال : شعبة بن عثمان بن خريم (٢) بن عمرو من بني مالك بن عمرو بن تميم ، هو الذي وجهه عبد الله بن علي الهاشمي في طلب مروان بن محمّد ، وكان من فرسان خراسان.

[٩٩٧٠] شعبة بن القلعم المازني

من بني مازن بن عامر بن تميم

من أهل البصرة.

وفد على معاوية وكان ممن شهد ابن زياد بن أبي سفيان ، تقدم ذكر وفوده في ترجمة زياد بن أسامة الحرمازي (٣).

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) تقرأ بالأصل هنا : كريم.

[٩٩٧٠] في الإصابة ١ / ٥٨٠ العلقم بدل القلعم.

(٣) راجع ترجمة زياد بن أسامة الحرمازي في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ١٩ / ١٣٠ رقم ٢٢٩٥ طبعة دار الفكر.

١٧٣

[ذكر من اسمه](١) شعلة

[٩٩٧١] شعلة بن بدر أبو العباس الإخشيدي

ولي إمرة دمشق سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، من قبل أبي القاسم أنوجور (٢) وأبي الحسن علي ابني (٣) الإخشيد أبي بكر محمّد بن طغج الفرغاني في خلافة المطيع لله وكان بطلا شجاعا محتكرا غلت في ولايته الأسعار ، وامتدت ولايته إلى أن قتل في عمل طبرية في حرب بينه وبين واليها ملهم العقيلي في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وكانت ولايته إياها بعد أبي المظفر الحسن بن طغج (٤) الثانية.

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

[٩٩٧١] ترجمته في أمراء دمشق في الإسلام ص ٦١ وتحفة ذوي الألباب ١ / ٣٥٧ والوافي بالوفيات ١٦ / ١٥٩ والنجوم الزاهرة ٣ / ٣١٣ وتاريخ الإسلام (وفيات سنة ٣٤١ ـ ٣٥٠) ص ٣٢٨.

(٢) انظر ترجمته في تحفة ذوي الألباب ١ / ٣٤٩ وأمراء دمشق ص ١٣.

(٣) بالأصل : ابن ، والصواب عن تحفة ذوي الألباب.

(٤) ترجمته في الوافي بالوفيات ١٢ / ٦١ وأمراء دمشق ص ٢٧.

١٧٤

[المستدرك من حرف العين]

[٩٩٧٢] عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم

ابن عبد مناف ابن عم رسول الله (ص)

أبو العباس الهاشمي

وعن ابن عباس قال : قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا ابن عشر سنين مختون (١).

وفي رواية : وقد قرأت القرآن.

وفي رواية : وقد جمعت المحكم. قيل : وما المحكم؟ قال المفصّل (٢).

وفي رواية : توفي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين (٣).

__________________

[٩٩٧٢] مرّ قسم من ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق طبعة دار الفكر ـ ، ووقع سقط كبير بالأصل المعتمد (نسخة السليمانية ـ الظاهرية) والنسخة المغربية المرموز لها بحرف «م» ، والنسخة الأزهرية المرموز لها بحرف «ز» استمر هذا السقط إلى ترجمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ، حيث تداخلت ترجمته بالأصل و «م» بأخبار عبد الله بن عباس بن عبد المطلب.

نستدرك من هنا ترجمة ابن عباس وبقية التراجم الساقطة عن مختصر ابن منظور ، وباقي مصادر تراجمهم ، ونحاول أن نبقي على منهج المصنف ابن عساكر في تناوله أخبارهم.

(١) تهذيب الكمال ١٠ / ٢٥٥ وتاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ١٥٠ والإصابة ٢ / ٣٣٠.

(٢) تاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ١٥٠ و ١٥١ وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (١٠٥٧٧) والطيالسي في مسنده ٢ / ١٤٨.

(٣) تهذيب الكمال ١٠ / ٢٥٥ وتاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ١٥١ وسير الأعلام ٣ / ٣٣٥ وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٢٣٥ رقم ١٠٥٧٨. قال أحمد بن حنبل : وهذا الصواب.

١٧٥

وعن ابن عباس قال (١) :

أقبلت راكبا على أتان ، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلي بالناس بمنى ، فمررت بين يدي بعض الصف ، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ، ودخلت في الصف ، فلم ينكر ذلك عليّ.

قال محمد بن عمر (٢) :

لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون ، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير ، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين ، فتوفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة. ألا تراه يقول في الحديث : راهقت الاحتلام في حجة الوداع.

قال عبيد الله بن أبي يزيد (٣) : سمعت ابن عباس يقول :

أنا وأمي من المستضعفين ، كانت أمي من النساء وأنا من الولدان ودعا سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعبد الله بن العباس وقال : «اللهم أعطه الحكمة وعلمه التأويل» (٤).

وكان بحرا لا ينزف ، ورأى جبريل عليه‌السلام (٥).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «عسى ألا يموت حتى يؤتى علما ويذهب بصره» (٦).

وكان عمر يأذن له مع المهاجرين ويسأله ويقول : غص غوّاص ، وكان إذا رآه مقبلا

__________________

(١) أخرجه البخاري في سترة المصلي ١ / ٤٧٢ باب الإمام سترة من خلفه ، وفي صفة الصلاة : باب وضوء الصبيان ، وفي الحج : باب حج الصبيان ، وأحمد في المسند ١ / ٢٦٤ وتاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ١٥١ والإصابة ٢ / ٣٣٠.

(٢) سير الأعلام ٣ / ٣٣٥ وتاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ١٥٢ والإصابة ٢ / ٣٣٠ وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٢٣٣ رقم ١٠٥٦٧.

(٣) رواه الذهبي في سير الأعلام ٣ / ٣٣٣ وأخرجه البخاري في صحيحه ٨ / ١٩٢.

(٤) الاستيعاب ٢ / ٣٥٢ (هامش الإصابة) ورواه أحمد في المسند والطبراني في المعجم الكبير بأسانيد ، قاله في البزار في المجمع ٩ / ٢٧٦ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ ـ ٨٠) ص ١٥٢ ـ ١٥٣ ونسب قريش ص ٢٦.

(٥) روى الذهبي في تاريخ الإسلام نقلا عن ابن عباس أنه رأى جبريل مرتين (٦١ ـ ٨٠) ص ١٥٣ والاستيعاب ٢ / ٣٥٢ نقلا عن مجاهد عن ابن عباس.

(٦) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٢٣٧ رقم ١٠٥٨٦ أطول مما هنا ، وانظر مجمع الزوائد للهيثمي ٩ / ٢٧٦ وسير الأعلام ٣ / ٣٤٠ وتاريخ الإسلام (١٥٣) ونسب قريش ص ٢٦.

١٧٦

قال : أتاكم فتى الكهول ، له لسان سئول وقلب عقول (١).

وقيل في كنية عبد الله بن العباس : أبو عبد الرحمن. وكان قد عمي قبل وفاته. ومات سنة ثمان وستين بالطائف في فتنة ابن الزبير ، فصلى عليه محمد بن الحنفية (٢).

وغزا عبد الله بن عباس إفريقية مع عبد الله بن سعد (٣) سنة سبع وعشرين.

وأمه أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير ابن الهزم (٤) بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان (٥).

وكان بنو العباس بن عبد المطلب عشرة (٦) : الفضل ، وعبد الله ، وعبيد الله ، ومعبد ، وقثم ، وعبد الرحمن ، وأمهم أم الفضل بنت الحارث. وكثير ، والحارث ، وعون ، وتمّام وهو أصغرهم فكان العباس يحمله ويقول :

تمّوا بتمّام فصاروا عشره

يا ربّ فاجعلهم كراما برره

واجعلهم ذكرا وأنم الثمره

مات كثيّر وقثم بينبع أخذته الذّبحة (٧) ، واستشهد الفضل بأجنادين (٨) ، وعبد الرحمن

__________________

(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٥٣٩ والذهبي في سير الأعلام ٣ / ٣٤٥ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ ـ ٨٠) ص ١٥٥ والاستيعاب ٢ / ٣٥٢ (هامش الإصابة) ونسب قريش ص ٢٦.

(٢) الاستيعاب ٢ / ٣٥٢ (هامش الإصابة).

(٣) رواه الذهبي في تاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ١٥٢ نقلا عن ابن يونس.

(٤) انظر الإصابة قسم النساء ٩٣٧ وفيها الهرم. والمثبت يوافق جمهرة أنساب العرب وأنساب الأشراف.

(٥) جمهرة أنساب العرب ص ٢٧٣ و ٢٧٤ وأنساب الأشراف ٤ / ٣١.

(٦) أنساب الأشراف ٤ / ٣١ ذكر تسعة ذكور ، ولم يذكر «عون» وفي نسب قريش للمصعب ص ٢٥ ـ ٢٧ ذكر ثمانية ، ولم يذكر : عبد الرحمن وعون.

(٧) في نسب قريش ص ٢٧ أن قثم استشهد بسمرقند ، وكان قد خرج مع سعيد بن عثمان زمن معاوية.

وفي أنساب الأشراف ٤ / ٨٦ مات بسمرقند ويقال : استشهد بها.

(٨) في أنساب الأشراف ٤ / ٣٦ ونسب قريش ص ٢٥ أنه مات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة.

١٧٧

ومعبد بإفريقية (١) ، وعبد الله بالطائف ، وعبيد الله باليمن (٢). ويقال : مات قثم بسمرقند ، وكان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية. قبره بها.

وكان مسلم بن قمادين المكي يقول : ما رأيت مثل بني أمّ واحدة إشراقة ، ولدوا في دار واحدة ، أبعد قبورا من بني أم الفضل.

وكان عبد الله طويلا مشربا صفرة ، جسيما ، وسيما ، صبيح الوجه ، له وفرة ، يخضب بالحناء (٣) ، وكان يسمى الحبر والبحر لكثرة علمه وحدّة فهمه ، حبر الأمة وفقيهها ، ولسان العشرة ومنطيقها ، محنّك بريق النبوة ، ومدعو له بلسان الرسالة : فقّهه في الدين وعلّمه التأويل. ترجمان القرآن ، سمع نجوى جبريل عليه‌السلام للرسول وعاينه. ومولده كان عام الشّعب قبل الهجرة بثلاث سنين. وقبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ختين. وكانوا يختتنون للبلوغ ، وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين. وقيل سنة سبعين ، وصلى عليه محمد بن الحنفية وسماه رباني هذه الأمة (٤) ، وجاء طير أبيض فدخل في أكفانه (٥) ، وسمع هاتف يهتف من قبره يقول : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) [سورة الفجر ، الآيتان : ٢٨ ـ ٢٧].

وكان عمر بن الخطاب يدنيه ويسأله ويستشيره (٦) ، ويدخله مع مشيخة أهل بدر وكان له الجواب الحاضر والوجه الناضر ، صبيح الوجه ، له وفرة مخضوبة بالحناء ، أبيض طويل ، مشرب صفرة ، جسيم ، وسيم ، علمه غزير وخيره كثير ، يصدر الجاهل عن علمه وحكمته يقظان ، والجائع عن خيره ومائدته شبعان.

وكانت عائشة تقول : هو أعلم من بقي بالسنة.

__________________

(١) نسب قريش ص ٢٧ وأنساب الأشراف ٤ / ٨٧ قتل معبد شهيدا في غزاة أفريقيا ، وكان على الجيش عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري ، في خلافة عثمان.

وجاء في أنساب الأشراف ٤ / ٨٩ أن عبد الرحمن ، وكان أصغر إخوته ، مات في طاعون عمواس بالشام ، ويقال : استشهد يوم اليرموك في خلافة عمر ، وقال بعضهم : قتل عبد الرحمن بأفريقية ، وذلك غلط.

(٢) في نسب قريش ص ٢٧ مات عبيد الله بالمدينة. وفي أنساب الأشراف ٤ / ٧٩ قال : قالوا : وتوفي عبيد الله بن العباس بالمدينة في أيام معاوية.

(٣) سير أعلام النبلاء ٣ / ٣٣٦ وتاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ١٥٢ وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٢٣٣.

(٤) أنساب الأشراف ٤ / ٧٢.

(٥) أنساب الأشراف ٤ / ٧٢ والطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٢٣٦ رقم ١٠٥٨١.

(٦) سير الأعلام ٣ / ٣٤٦.

١٧٨

وكان ابن عمر يقول : هو أعلم الناس بما أنزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وشهد ابن عباس مع علي بن أبي طالب عليه‌السلام صفين وقتال الخوارج بالنّهروان (١) ، وورد في صحبته المدائن (٢) ، وكان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد الرجلين (٣) ، وكان يخضب بالسواد.

قال ابن جريج : كنا جلوسا مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله ، وعلي ابن عبد الله في الطواف وخلفه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما ، قال عطاء : وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس ، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة وأنا في المسجد الحرام طالعا من جبل أبي قبيس إلّا ذكرت وجه عبد الله بن عباس (٤) ، ولقد رأيتنا جلوسا معه في الحجر إذ أتاه شيخ فديم (٥) بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه ، فقال الشيخ لبعض من معه : من هذا الفتى؟ قالوا : هذا عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. قال الشيخ : سبحان الله الذي غيّر حسن عبد المطلب إلى ما أرى. قال عطاء : فسمعت ابن عباس يقول : سمعت أبي يقول : كان عبد المطلب أطول الناس قامة ، وأحسن الناس وجها ، ما رآه أحد قط إلا أحبه. وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره ، ولا يجلس عليه معه أحد ، وكان النديّ من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو صغير ، لم يبلغ ، فجلس على المفرش فجبذه رجل ، فبكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال عبد المطلب ـ وذلك بعد ما كفّ بصره ـ : ما لابني يبكي؟! قالوا له : أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه ، فقال عبد المطلب : دعوا ابني يجلس عليه ، فإنه يحسّ من نفسه بشرف ، وأرجو أن يبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده ، ومات عبد المطلب والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابن ثماني سنين ، وكان خلف جنازة عبد المطلب يبكي حتى دفن بالحجون.

__________________

(١) النهروان : أكثر ما يجري على الألسنة بكسر النون ، وهي ثلاثة نهراوانات الأعلى والأوسط والأسفل. وهي كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي (معجم البلدان ٥ / ٣٢٥).

(٢) المدائن : سمتها العرب بالمدائن ، لأنها سبع مدائن بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة ، وهي اليوم بليدة شبيهة بالقرية بينها وبين بغداد ستة فراسخ. (معجم البلدان ٥ / ٧٥).

(٣) الإصابة ٢ / ٣٣١.

(٤) إلى هنا رواه الذهبي في سير الأعلام ٦ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧.

(٥) الفدم من الناس ، العيي عن الحجة والكلام في ثقل ورخاوة وقلة فهم.

١٧٩

قال عكرمة (١) : كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قلن (٢) النساء على الحيطان : أمرّ المسك أم مرّ ابن عباس؟

قال ابن عباس : أجلسني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حجره ، ومسح رأسي ، ودعا لي بالبركة (٣).

وعن ابن عباس قال : أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من آخر الليل ، فصليت خلفه ، فأخذ بيدي فجرّني حتى جعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على صلاته خنست (٤) ، فأخذ بيدي فجعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على صلاته خنست ، فصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فلما انصرف قال لي : «ما شأني أجعلك حذائي فتخنس؟» فقلت : يا رسول الله ، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذي أعطاك الله عزوجل؟ قال : فأعجبه ، فدعا الله لي أن يزيدني علما وفهما (٥). قال : ثم رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نام حتى سمعته نفخ ، ثم أتاه بلال فقال : يا رسول الله ، الصلاة ، فقام فصلى ما أعاد وضوءا [١٤٢٦٥].

قال ابن عباس : دعا لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يؤتيني الحكمة (٦) والتأويل ، قال : والحكمة : القرآن ، والتأويل : تفسيره.

وعن ابن عباس قال : دعا لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بخير كثير. وقال : «نعم ترجمان القرآن أنت» [١٤٢٦٦].

وعن ابن عباس (٧) : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وضع يده على رأس عبد الله فقال : «اللهم ، أعطه الحكمة ، وعلّمه التأويل» [١٤٢٦٧].

__________________

(١) رواه الذهبي من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة في كتابيه : تاريخ الإسلام (١٥٢) وسير الأعلام ٣ / ٣٣٧.

(٢) كذا في مختصر ابن منظور وسير الأعلام ، وفي تاريخ الإسلام : قالت.

(٣) الإصابة ٢ / ٣٣١ وفيها : «بالعلم» بدلا من «بالبركة».

(٤) خنس من بين أصحابه : تأخر ورجع.

(٥) حلية الأولياء ١ / ٣١٤ ـ ٣١٥ وسير الأعلام ٣ / ٣٣٨.

(٦) حلية الأولياء ١ / ٣١٥.

(٧) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ١ / ٣١٦ من طريق سليمان بن أحمد الطبراني ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٢٣٧ رقم ١٠٥٨٥ وفيه : حدثنا عبد الله بن سعد بن يحيى الرقي ، ثنا عامر بن سيار قال : ثنا فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن العباس.

١٨٠