شرح زيارة عاشوراء

الملّا حبيب الله الشريف الكاشاني

شرح زيارة عاشوراء

المؤلف:

الملّا حبيب الله الشريف الكاشاني


المحقق: نزار الحسن
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار جلال الدين
المطبعة: باقري
الطبعة: ٣
ISBN: 964-94216-2-9
الصفحات: ١١٨

ينکره المخالف ايضا (١).

وقدکتب زيادبن ابيه لعنه الله ال الحسن بن علي عليهم السلام : من زياد بن ابي سفيان ال الحسن بن فاطمة ؛ اما بعد فقد اتان کتابک تبدا فيه بنفسک قبل .. ال اخر ما کتبه ، فبعث عليه السلام بکتاب الملعون ال معاوية ، فکتب ال زياد : ام بعد فان الحسن بن علي بعث الي بکتابک اليه جوابا عن کتاب کتبه اليک ال قوله : وام کتابک ال الحسن باسمه واسم امه ولا تنسبه ال بيه فان الحسن ويحک من لا يرمي به الرجوان ، واي ام وکلته لا ام لک اما علمت انها فاطمة بنت رسو الله؟ فذاک افخر له لو کنت تعقله ... (٢) وقد يقال : ان فاطمة بعد رسول الله واميرالمؤمنين عليهم السلام افضل من سائر الائمة وهو کما تر (٣).

__________________ ـ

من له جد کجدي في الوار

او کشيخي فانا ابن العلمين

امي الزهراء حق وابي

وارث العلم مول الثقلين»

١ـ راجع ينابيع المودة للقندوزي ، والثغور الباسمة بفضائل فاطمة للسيوطي ، ونور الابصار للشبلنجي ، والدر المنثور للسيوطي ، وفرائد السمطين ... والبحار ج٤٣ حياة الزهراء عليها السلام.

٢ـ ذکرها البلاذري في انساب الاشرف ج٣ ، ص٥٢. وذکرها السيد سلطان الواعضين في کتابه الفرقة الناجية ص ٢٧٦ ، ترجمة الاخ فاض الفرات.

وختم معاوية رسالته بهذه الابيات :

«اما حسن فان الذي کان قبله

اذا ار سار الموت حيث يسير

وهل يلد الريبال الانظيره

وذا حسن شبه له ونظير

ولکنه لو يوزن العلم والحجا

بامر لقالو ا يذبل وثبير

٣ـ ومما يدل عل ان فاطمة عليها السلام افضل من سائر الائمة عليهم السلام :

اولا : رو المفيد في الارشاد حديثا ج٢ ، ص٩٣ ، والطبرسي في اعلام الور ص ٢٣٩ عن الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء قال لاخته زينب عليها السلام : (ابي حير مني ، وامي خير مني ،

٤١

السلام عليک يا ثار الله وابن ثار والوتر الموتور

الثار مهموز العين کالراس والکاس * قد خفف الهمز بقلبه الفا مثلهما کما هو المظبوط في کثيرمن کتب الزيارات طلب الدم ، کما في نهاية ابن الاثير (١). قال في حديث محمد بن مسلمة يوم خبير : «انا له يا رسول الله الموتور الثائر (٢) ا طالب الثار وهو طلب الدم ، يقال : ثارت القتيل وثارت به فانا ثائر ايقتلت قاتله (٣). ومنه الحديث ياثارات عثمان اي يا اهل ثاراته ، ويا ايها الطالبون بدمه

__________________

واخي خير مني).

ثانيا : رو الصادق في اماليه ص ٤٣٧ المجلس ٦٧. قال رسول الله صل الله عليه واله : (الحسن والحسين فاضلان في الدنيا والاخرة وابوهما افضل منهما).

ثالثا : روايات الکوفية وهي : رو الصدوق في اماليه ص ٥٩٢ المجلس ٨٦ ، وعلل الشرائع ص ١٧٨ عن الامام الصادق عليه السلام : (لولا ان اميرالمؤمنين تزوجها لما کان لها کفؤ عل وجه الارض ال يوم القيامة آدم فمن دونه).

وف الحديث القدسي عن جبرئيل قال : (يا محمد ان الله جل جلاله يقول : لو لم اخلق عليا لما کان لفاطمة ابنتک کفؤ عل وجه الارض ، ادم فمن دونه).

رابعا : الحديث المروي عن الامام الحسن العسکري عليه السلام قال : (نحن حجج الله عل خلقه وجدتنا فاطمة حجة علينا).

* ـ هنا واو ساقطة کما في النسخة الخطية.

١ـ نهاية ابن الاثير ج١ ، ص١٩٩. ط : دار الکتاب العلمية >

٢ ـ مسند احمد بن حنبل ج٣ ، ص ٣٨٥ ، والنهاية ج١ ، ص١٩٩.

٣ ـ نهاية ابن الاثير ، ج١ ، ص١٩٩.

٤٢

فحذف المضاف واقام المضاف اليه مقامه (١). وقال الجواهري يقال : ياثارات فلان اي يا قتلة فلان (٢) ، فعل الاول يکون قد نادي طالبي الثار ليعينوه عل استيفائه واخذه ، وعل الثاني يکون قد نادي القتلة تعريفا لهم وتقريعا الخ (٣). اومشترک بينه وبين الدم وقاتل الحميم کما يظهر من (ق) قال الثار : الدم والطلب به وقاتل حميمک (٤) ، او حق القصاص واستيفاء عوض الدم کما يظهر من المطرزي قال ادرک فلان ثاره يعني قتل قاتل حميمه (٥) ، ولعله راجع ال ما تقدم ويحتمل ان يکون الثار ف المقام وامثاله بالالف مخففا من الثائر کما في رهار عل احد الوجهين ، او مصحفا منه کما في مجمع الطريحي قال والثائر الذي لايبقي عل شيء حت يدرک ثاره (٦). وفي مخاطبة الامام حين الزيارة (اشهد انک ثار الله وابن ثاره).

ولعله مصحف من يا ثائر الله وابن ثائره ، وکيف کان فهذه الفقرة (٧) تحتمل (٨) وجوها :

احدها : ان المراد انک طالب دم (٩) الشهداء لله ولاجله وفي سبيله في زمان

__________________ ـ ـ ـ

١ـ نفس المصدر ، ولسان العرب لابن منظور ج٢ ، ص ٧٧.

٢ ـ الصحاح ص ٨١. ط : دار الفکر ، ولسان العرب.

٣ ـ وتفظيعا للامر عليهم.

٤ ـ راجع قاموس المحيط للفيروز ابادي ، ولسان العرب ج٢ ، ص٧٧.

٥ ـ لسان العرب والمنجد في اللغة ص ٦٨.

٦ ـ راجع کتاب مجمع البحرين للطريحي.

٧ ـ اي فقرة الزيارة وهي (ياثارالله وابن ثاره).

٨ ـ في النسخة الخطية (يحتمل) بدل (تحتمل).

٩ ـ في النسخة الخطية (الدم) بدل (دم).

٤٣

رجعتک ال الد نيا (١) ، ولا يجوز فيه لو جعلنا الثار مخففا من الثارئر الذ هو طالب الدم ووليه ، واما عل غيره فلا بد من حذف مضاف ا ول دم الشهداء لله ، او في الله کما قال الله : (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) (٢) وقيل : ا انک اهل طلب دم الشهداء في الله ا في سبيله حين الرجعة فتامل.

وثانيا : ان المراد انک قتيل لاجل الله وفي سبيله فتجوز عنه بلفظ الثار الذي هو الدم لبعض العلائق المصححة.

وثالثا : ان المراد انک قتيل قتلته محبة الله (٣) ، کما قال : ومن عشقته (٤). قال الشاعر :

«باح مجنون عامر بهواه

وکتمت الهو فمت بوجودي (٥)

واذا کان في القيامة نودي

من قتيل الهو تقدمت وحدي»

__________________ ـ ـ ـ

١ ـ عندنا کثير من الروايات التي تؤکد الرجعة ، واول من يرجع هو الامام الحسين عليه السلام ويحکم في رجعته حت يشيب ويسقط حاجباه عل عينيه. وللزيادة راجع مختصر بصائر الدرجات ، والرجعة للاستر ابادي.

٢ ـ الاسراء : ٣٣.

٣ ـ في خصوص محبة الله سبحانه للعبد شواهد من الکتاب والسنة ناطقة بان الله سبحانه يحب العبد ، کقوله تعال في سورة المائده (٥٧) : (يحبهم ويحبونه) وقوله تعال في سورة الصف (٤) : (انالله يحب الذين يقاتلون ف سبيله).

وقال الرسول صل الله عليه واله حاکيا عن الله تعال : «لا يزال العبد يتقرب الي بالنوافل حت احبه ، فاذا احببته کنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به».

(راجع جامع السعادات ج٣ ، ص١٨٠ وص١٩٠).

٤ ـ لم نعثر عل هذا الحديث في المصادر المعتبرة عندنا.

٥ ـ ف النسخة الخطية (بوحدي) بدل (بوجدي).

٤٤

ومما ينسب اليه (١) قوله عليه السلام :

«ترکت الناس طرا في هواکا

وايتمت العيال لکي اراکا

فلو قطعتني اربا فاربا

لما حن الفؤاد ال سواکا» (٢)

والتجوز عل حسب ما تقدم.

ورابعا : ان المراد ان الله سبحانه ولي دمک يطلب بدمک من اعدائک ففيه ايضا تجوز بالثار الذي هو طلب الدم عن المطلوبه بدمه.

قيل : وحينئذ يقدر مضاف للثار اي اهل ثار الله ويکون اضافة الثار ال الله بمعني من ، اي انک اهل طلب الدم من الله اي طلب الدم الذي يکون الطلب ناشئا منه وانت اهل لذلک الطلب الناشئ منه فتبدر.

وخامسها : ان المراد انک صاحب الدم الذي عظمه الله وشرفه عل سائر الدماء ، فالمضاف محذوف والاضافة تشريفية کما في روح الله وبيت الله ، ويحتمل ان يراد بالثار صاحبه عل التجوز في نفس الکلمة.

وسادسها : ان المراد يامن ثاره ثار الله اي بمنزلته ، کما في يد الله وعين الله. ونصب الوتر عطفا عل المنادي المضاف (٣) لکون المعطوف عليه (٤) کالمستقل وهو بالکسر عل المضبوط في الزيارات ، والمشهور في القراءات الفرد

__________________

١ـ اي ال الامام الحسين عليه السلام.

٢ ـ وف بعض المصادر هکذا :

«الهي ترکت الخلق طرافي هواکا

وايتمت العيال لکي اراکا

فلو قطعتني في الحب اربا

لما مال الفؤاد ال سواکا»

 (راجع اسرار الشهادة ص ٤٢٣ ، واخلاق الامام الحسين عليه السلام ص ٢٥٨).

٣ ـ وهو (ياثار) وحکمه النصب لانه مضاف ال لفظ الجلالة (الله).

٤ ـ المعطوف عليه هو (ثار).

٤٥

فهو عليه السلام وتر لتفرده في الکمال في عصره ، او بقبوله للامانة اي الشهادة الکلية التي عرضها الله في الذر عل عباده فابوا من حملها واشفقوا منها فحملها فکان ظلوما اي مظلوما جهولا اي مجهول القدر (١) لعلو وارتفاع همته کما قال :

«سبقت العالمين ال المعالي

بحسن خليقة وعلو همة

فلاح بحکمتي نور الهدي في

ليال في الضلالة مدلهمة

يريد الجاحدون ليطفئوه

ويابي الله الا ان يتمه» (٢)

والموتور يحتمل ان يکون تاکيدا (٣) للوتر من قبيل قولهم برد بارد ، وليل اليل ، وشعر شاعر ، وفي التنزيل : (وحجرا محجورا) (٤) ، وان يکون من قبيل قوله عليه السلام : انا الموتور اي صاحب الوتر اي الطالب بالثار من الوتر والوتيرة والترة وهو طلب الثار ، وان يکون من قبيل قوله : (من فاتته صلاة العصر فکانما وتر اهله وماله) (٥) اي نقص. يقال وترته اذا نقصته فکانک جعلته وترا بعدان کان کثيرا ، ومنه قوله تعال : (ولن يترکم اعمالکم) (٦) اي ولن ينقصکم

__________________

١ـ اشارة ال الاية القرانة المبارکة في سورة الاحزاب اية (٧٢) قوله تعال : (انا عرضناالامانة عل السموات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه کان ظلوما جهولا).

٢ ـ المناقب ج٤ ، ص٧٤ ، والبحار ج٤٤ ، ص١٩٤ ، والعوالم ج١٧ ، ص٦٩ ، واخاق الامام الحسين ص ٦١.

هذه الابيات منسوبة ال الامام الحسين عليه السلام.

٣ ـ تاکيد لفظي.

٤ ـ سورة الفرقان : ٥٣.

٥ ـ راجع المصباح المنير للفيومي ص ٦٤٧.

٦ ـ سورة محمد صل الله عليه واله : ٣٥.

٤٦

فهو عليه السلام موتور اي منقوص مکسور صولته بقتل اعوانه وانصاره من اخوانه واولاده وغيرهم ممن قتل بکربلاء فصار فردا لم ينصره احد کما قيل : في فتية ساعدوا وواسوا وجاهدوا اعظم الجهاد حت تفانوا (١) وظل فردا ونکسوه عن الجواد ، وان يکون من قولهم : فلان موتور اي قتل له قتيل فلم يدرک بدمه وهو عليه السلام وان قتل يوم کربلاء کثيرا من اعدائه اضعاف من قتل من اوليائه الا انه لوقتل جميعهم لم يعدل سهما خرق حلقوم طفله الرضيع.

__________________

١ـ وقد وصفهم مشاهدوا المعرکة من جند ابن سعد ـ کما ينقل المعتزلي في شرح النهج ج ١ ، ص ٣٠٧ ـ بقولهم :

(ثارت علينا عصابة ايديها في مقابض سيوفها کالاسود الضارية ، تحطم الفرسان يمينا وشمالا ، وتلقي انفسها عل الموت لا تقبل الامان ، ولا ترغب في المال ولا يحول حائل بينها وبين الورد عل حياض المنية ، لو کففنا عنهم رويدا لاتوا عل المجموع بحذافيرها).

وقال اسد حيدر في کتابه (مع الحسين في نهضة) ص ٢٣١ ، ط : بيروت : «کانوا يتسابقون للذئد عن السين والدفاع عن مبادئه ، وهم يتلقون سهام اعدائه وهي تهوي عليهم کشابيب المطر ، فکلما صرع واحد منهم حل مکانه اخر ، يدفع عنه بصدره ويجود من اجله برحه».

وقد وصفهم الامام الحسين عليه السلام بقوله : (لقد خبرتهم وبلوتهم ، فلم اجد فيهم الاالاشوش الاقعس ، يستانسون بالموت دوني استيناس الطفل بمحالب امه). (ابصار العين ص١٠).

وقد وصفهم الامام الصادق عليه السلام بقوله : «ان اصحاب جدي الحسين ، کانوا لا يحسون بالم الحديد».

٤٧

السلام عليک وعل الارواح التي حلت بفنائک (١)

الحلول : النزول ف يقال : حل المکان وبه نزل (٢) ، وفناء الدار بالکسر ما اتسع من امامها ، والمراد بالاروح ارواح اصحابة واعوانه الذين استشهدوا بين يديه ونزلوا بفناء محبته والوفاء بعهود مودة عليه السلام واستقاموا عل طريق بيعته حت قال عليه السلام في حقهم : (لا اعلم اصحابا اوف ولاخير من اصحابي) (٣) ، ولنعم ماقيل :

(هم سادة قد عظمت اجورها

بدت لهم عند اللقاء حورها

في جنة عالية قصورها

قطوفها دانية لمن ير

فعاينوا الحورعليهم تشرف

وجنة الخلد لهم تزخرف

فعانقوا بيض الظبا وارتشفوا

من القنا کاس الفناء سکرا

حت ابيدوا کلهم عل ظما

بين طعين وجريح ظلما

فيالهم من ناصرين کرما

باعوا عل الله النفوس فاشتر)

ويمکن ان يراد بحلولها وساحته حشرها معه في حضرة القدس ، فان

__________________

١ـ شرح هذه الفقرة غير موجود في النسخة الخطية التي اعتمدنا عليها.

٢ ـ راجع المصباح المنير للفيومي ج ١ ، ص١٤٧وص١٤٨.

٣ ـ الکامل في التاريخ لابن الاثير ج٣ف٤١٦ ، ط : بيروت. والطبري في تاريخة ج٦ ، ص٢٣٨ ...... ال ان قال لهم الامام الحسين عليه السلام : «ولااهل بيت ابر ولا اوصل من اهل بيتي ، فجزاکم اللع عني جميعا خيرا ، الاواني اظن يومنا من هؤلاء الاعداء غدا ، واني قد اذنت لکم فانطلقوا جميعا في حل ليس عليکم مني ذمام ، وهذا الليل قد غشيکم فاتخذوه جملا ولياخذ کل رجل منکم بيد رجل من اهل بيتي فجزاکم الله جميعا خيرا وتفرقوا في سسوادکم ومدائنکم ، فان القوم انما يطلبونني ولو اصابوني لذهلوا عن طلب غيري».

٤٨

المرء يحشر مع من احبه ، والاخبار متظافرة بذلک (١) ، وفي الحلول بالفناء اشارة ال انحطاط درجتها عن درجته کما هو کذلک في نفس الامر بالضرورة فانها ما نالت هذا المقام الا بمحبته والفناء في عشقه ومودته ، فياليتنا کنا معهم فنفوز فوزا عظيما (٢) ، ولکن الصحيفة الالهية قد انطوات عليهم لم يزد عل عدتهم احد ولم ينقص منهم احد.

(فيا طول الاسي من بعد قوم

ادير عليهم کاس الافول

__________________

١ـ راجع البحار ج٢٧ ، ص ١٠٠ ومنها :

قام ثوبان مول رسول الله صل الله عليه واله قال : بابي انت وامي يارسول الله مت قيام الساعة؟ فقال رسول الله صل الله عليه واله : ما اعددت لها اذ تسال عنها؟ قال : يارسول الله ما اددت لها کثير عمل الا اني احب الله ورسوله ، فقال رسول الله صل الله عليه واله : وال ماذا بلغ حبک لرسول الله صل الله عليه واله؟ قال : والذي بعثک بالحق نبيا ان في قلبي من محبتک ما لو قطعت بالسيوف ونشرت بالمناشير وقرضت بالمقاريض واحرقت بالنيران وطحنت بارحاء الحجارة کان احب الي واسهل علي من ان اجد لک في قلبي غشا او بغضا لاحد من اهل بيتک واصحابک واحب الخلق الي بعدک احبهم لک وابغضهم الي من لا يحبک ويبغضک او يبغض او يبغض احدا ممن تحبه فان قبل هذا مني فقد سعدت وان اريد مني عمل غيره فما اعلم لي عملا اعتمده واعتد به غير هذا احبکم جميعا انت واصحابک ان کنت لااطيقهم في اعمالهم ، فقال صل الله عليه واله : ابشر فان المرء يوم القيامة مع من احبه ، يا ثوبان لوکان عليک من الذنوب ملا ما بين الثر ال العرش لانحسرت وزالت عنک بهذه المولاة اسرع من انحدار الظل عن الصخرة الملساء المستوية اذا طلعت عليه الشمس ومن انحسار الشمس اذا غابت عنها الشمس.

٢ ـ هذه اشارة ال الاية القرانية في سورة النساء (٧٣) ، قوله تعال : (ياليتن کنت معهم فافوز فوزا عظيما).

٤٩

تعاورهم اسنة ال حرب

واسياف قليلات القلول

بتربة کربلاء لهم ديار

يتام الاهل دراسة الطلول

تحيات ومغفرة وروح

عل تلک المحلة والعلول

ويحتمل ان يراد بالارواح اجسادهم الشريفة الطاهرة المدفونة في الروضة المقدسة الطيبة لطهارتها ، ونزاهتها عن الادناس البشرية والعلائق العنصرية فصارت بمنزلة الارواح اللطيفة المجردة.

وحکي انه قد تراس تلميذ لقلانوس الحکيم عل الهند فرغب الناس في تلطيف الابدان وتهذيب الانفس وکان يقول :

ا امرء هذب نفسه واسرع في (١) الخروج عن هذا العالم الدنس ، وطهر بدنه عن (٢) اوساخ هذا العالم ظهر له کل شيء وعاين کل غائب ، وقدر عل کل معتذر ، وکان مسرورا محبورا (٣) ماتذا عاشقا ، لا يمل ولا يکل ، ولا يمسه نصب ولا لغوب (٤).

قال الشهرستاني (٥) : ولما وصل الاسکندرال تلک الديار واراد محاربتهم صعب عليه افتتاح مدينة احد الفريقين وهم الذين کانوا يرون استعمال اللذات في هذا العالم بقدر القصد الذي لاخرج ال فساد البدن ، فجهد حت افتتحها وقتل منهم جماعة من اهل الحکمة فکانوا يرون جثث قتلاهم مطرحة (٦) کانها

__________________

١ـ في الاصل وهو الملل والنحل للشهرستاني [في] ساقطة.

٢ ـ في الملل والنحل بدل (عن) (من).

٣ ـ في الملل والنحل فقط (محبورا).

٤ ـ الملل والنحل للشهرستاني ج١ ، ص٤١٣ ، ط : دارالفکر (١٩٩٩م).

٥ ـ نفس المصدر.

٦ ـ في الملل والنحل (مطروحة).

٥٠

جثث السمک الصافية النقية التي في الماء الصافي ، فلما راوا ذلک (١) ندموا عل فعلهم وامسکوا عن الباقين. فاذا کان هؤلاء اجسادهم بهذه المثابة من اللطافة فکيف ظنک بالفتية الذين رباهم الحسين بن علي عليهم السلام وصفتهم بالشهادة ، وبلغ بهم اعل مراتب السعادة. وقد تقرر في محله ان الجسد بالرياضية والتصفية وتذهيب الاخلاق يتلون بلون الروح ، کما ان الروح بمتابعة النفس الامارة تتلون بلون الجسد والله اعلم.

__________________

١ـ في الملل والنحل هکذا (وذلک بهم).

٥١

(١) عليکم مني جميعا سلام الله ابدا

مابقيت وبقي الليل والنهار

تقديم الخبر (٢) لافادة الحصر ، وجميعا حال من ضمير الجمع ، ويحتمل بعيدا من ضمير النفس اي بلساني وجناني ، وفي اضافة السلام ال الله اشارة ال ان اللائق بهم سلامه تعال ، کما قيل :

«سلام من الرحمن نحو جنابکم

فان سلامي لا يليق بباکم»

وابدا ظرف عامله الاستقرار المحذوف وجوبا وهو الخبر بحسب المعن ، ويحتمل کونه السلام ، وما بقيت اي مدة بقائ وبقاء الليل والنهار فهو تفسير بحسب المعن لابدا ، وما حرفية مصدرية والظرفة مستفادة من المضاف المحذوف ولاتنافي بين نسبة السلام ال الله وکونه من الزائر وناشئا منه کما يقتضية من الابتدائية ، فان المراد انه يطلب من الله ان يديم سلامه عليه ، ويجعله مستمرا دائما فيقول : سلام الله ابدا عليکم ، او انه يسلم عليکم بسلام الله ابدا في حال حياته وبعد وفاته ، فالمراد بسلام الله نحوه ونوعه کما في : سبحان الله اي سبحت نحو تسبيحه اللائق به الذ علمناه والهمناه فکما ان مطلق تسبيحنا لله لايناسب ببابه تعال کذلک مطلق تسليمنا لا يليق بجنابه عليه السلام.

__________________

١ـ يبدو من هذه الفقرة قد سبقها کلام کما في کامل الزيارات هکذا ورد قبل (عليکم مني ...) وبعد (حلت بفنائک) (اناخت برحلک).

٢ ـ وهو الجار والمجرور (عليکم) وهو الان خبر مقدم ، واخر المبتدا وهو (سلام ..) وهو الان مبتدا مؤخر.

٥٢

يا اباعبدالله ، لقد عظمت الرزية وجلت وعظمت (١) المصيبة

بک علينا ، وعل جميع اهل الاسلام ، وجلت وعظمت مصبيتک

في السلماوات عل جميع اهل السماوت

جدد ندائه لتجديد الحزن وتوفير البکاء عليه فانه لا يذکر عند مؤمن الا وحزنة يتجدد وعبرته تجري (٢).

واللام في لقد لتوطئة القسم اي والله لقد عظمت الرزية ، وهي بفتح الراء المهملة وکسر المعجمة وتشديد الياء (٣) وربما يبقي الهمزة عل حالها فيقال : رزيئة من الرزء وهو المصيبة بفقد الاعزة والاحباب (٤). والمصيبة اعم فانها الامر المکروه الذي يحل بالانسان کالمصابة والمصوبة وکيف لا تعظم علينا وعل جميع اهل الاسلام رزيته ولاتجل مصيبة ، وقد خص بالشهادة الکلية المتضمنة لجميع انواع الرزايا والمصائب ولذا کانت مصيبة اعظم المصائب.

__________________

١ـ (عظمت في کامل الزيارات غير موجودة).

٢ ـ عن ابن خارجة عن ابي عبدالله عليه السلام قال : کنا عنده فذکرنا الحسين بن علي عليهم السلام وعل قاتله لعنة الله فبک ابو عبدالله عليه السلام وبيکنا ، قال : ثم رفع راسه فقال : قال الحسين بن علي عليهم السلام : انا قتيل العبرة لايذکرني مؤمن الابک. (کامل الزيارات ص ١٠٨ ، والبحار ج٤٤ ، ص٢٧٩). وفي حديث اخر عن الامام صادق عليه السلام عن ابائه عليهم السلام قال : قال ابو عبدالله الحسين بن علي عليهم السلام : (انا قتيل العبرة لايذکرني مؤمن الا استعبر). البحار ج٤٤ ، ص٢٨٤.

وفي حديث اخر في البحار ج٤٤ ، ص٢٧٩ ، عن ابي عبدالله عليه السلام قال : قال الحسين بن علي : انا قتيل العبرة قتلت مکروبا ، وحقيق عل الله ان لا ياتيني مکروب قط الا رده الله او اواقلبه ال اهله مسروا.

٣ ـ راجع المصباح المنير للفيو مي ص٢٢٦ ، ط : دارالهجرة.

٤ ـ نفس المصدر.

٥٣

قال الصادق عليه السلام : (ان اباعبد الله عليه السلام لما مضي بکت عليه السماوات السبع وما فيهن والارضون السبع وما فيهن وما بينهن وما في الجنة والنار من خلق ربنا وما ير وما لاير) (١).

وقال الامام الباقر عليه السلام : (بکت الانس والجن والطير والوحش عل الحسين بن علي عليهم السلام حت ذرفت دموعها) (٢).

وعن جبلة المکية قالت : سمعت ميثم التمار يقول : والله لقتل هذه الامة ابن نبيها في المحرم لعشر يمضين منه وليتخذن اعدء الله ذلک اليوم برکة ، وان ذلک لکائن قد سبق في علم الله ، العلم ذلک بعهد (٣) عهده الي امير المؤمنين عليه السلام ، فلقد اخبرني انه يبکي عليه کل شء حت الوحوش ف الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في (جو) (٤) السماء وتبکي عليه الشمس والقمر والنجوم والسمائ والارض ، ومؤمنو الانس والجن ، وجميع ملائکة السماوات والارضين ، ورضوان ومالک وحملة العرش ، وتمطر السماء دما ورمادا (٥). (٦)

__________________

١ـ البحار ج٤٤ ، ص٢٨٦ ، ط : المکتبة الاسلامية.

٢ ـ رو هذا الحديث ابن قولويه عن الامام الباقر عليه السلام في کامل الزيارات. عن ام سلمة قالت : ما سمعت نوح الجن الا في الليلة التي قتل فيها الحسين عليه السلام سمعت قائلا يقول :

«الا يا عين فاختلف بجهد

ومن يبکي عل الشهداء بعدي

عل رهط تقودهم المنايا

ال متجبر في ثوب عبد»

(راجع تذکرة الخواص ، ص ٢٤١ لابن الجوزي).

٣ ـ في النسخة الخطية (لعهد) بدل (بعهد).

٤ ـ بين القوسين في المصدر غير موجود.

٥ ـ في النسخة الخطية (رفادا) بدل (رمادا).

٦ ـ ـ تکملة الرواية في علل الشرائع للشيخ الصدوق ج١ ، ص ٢٦٧ ، ط : الاعملي. ثم قال :

٥٤

والاخبار من هذا القبيل متواترة ، فالتخصيص بالمسلمين واهل السماوات لتاثير هذه المصيبة في قلوبهم اعظم التاثير عل الوضع المعروف ، ولکن تاثيرها ففففي سائر الموجودات عل وضع اخر کما لا يخف عل من تاملسات تدبر ، قال بعضهم :

مصائب سائت کل من کان مسلما

ولکن عيون الفاجرين اقرت

اذا ذکرت نفسي مصيبة کربلا

واشلاء (١) سادات بها قد تقرت

اضاقت فؤادي واستباحت تجارتي

وعظم کربي ثم عيشي امرت

اريقت دماء الفاطميين بالملا

فلو عقلت شمس النهار لخرت (٢)

__________________

(وجبت لعنة الله عل قتلة الحسين عليه السلام کما وجبت عل المشرکين الذين يجعلون مع الله الها اخر وکما وجبت عل اليهود والنصار والمجوس. قالت جيلة : فقلت له : يا ميثم فکيف يتخذ الناس ذالک اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام يوم برکه؟

فبک ميثم ثم قال : يزعمون لحديث يضعونه انه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود وانما قبل الله عز وجل توبته في ذي الحجة ، ويزعمون انه اليوم الذي اخرج الله فيه يونس من بطن الحوت وانما اخرج الله عز وجل يونس من بطن الحوت في ذالحجة. ويزعمون انه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح عل الجودي وانما استوت عل الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة ، ويزعمون انه اليوم الذي فلق الله تعال دفيه البحر لبني اسرائيل وانما کان ذلک في ربيع الاول ، ثم قال ميثم : يا جبلة اعلمي ان الحسين بن علي عليه السلام سيد الشهداء ويوم القيامة ولاصحابه عل سائر الشهداء درجة ، يا جبلة اذا نظرت السماء حمراء کانها دم عبيط فاعلمي ان سيد الشهداء الحسين قد قتل.

قالت جبلة فخرجت ذات يوم فرايت الشمس عل الحيطان کانها الملاحف المعصفرة فصحت حينئذ وبکيت وقلت : قد والله قتل سيدنا الحسين عليه السلام.

١ـ اشلاء : اي اعضاء ، جمع شلو ـ بالکسر وهو العضو.

٢ ـ هذه الابيات وجدتها ف بحار الانوار ج٤٥ (حياة الامام الحسين عليه السلام) ص ٢٨٠ ، ط : دار التراث العربي

٥٥

فلعن الله امة اسست اساس الظلم والجور عليکم اهل البيت

هذا تفريح عل عظيم رزئه وجليل مصابه لاستحقاق من رزئه بهذه الرزية واصابه بهذه المصيبة (١) اللعن بحکم العقل (٢) ، والنقل کما في رواية جبلة المشمار اليها عن ميثم التمار حيث قال : وجبت لعنة الله عل قتلة الحسين ، کما وجبت عل اليهود والنصار والمجوس (٣).

فما ذکره بعض علماء العامة (٤) مما يستحي القلم عن تحريره من عدم جواز اللعن عل يزيد بن معاوية لعنه الله عناد بحت وتسويل شيطان ، لا يصغي اليه من شم رائحة الاسلام (٥) ، فکيف بالعلماء الاعلام. وابتدا بلعن من اسس اساس

__________________

١ـ وهي فاجعة الطف التي روعت قلب الحسين عليه السلام وابکت عيون محبيه وانصاره ، وايتمت عياله واطفاله ، وفرحت بها اعداءه وانداده.

٢ ـ ان العقل السليم يحکم ويدرک ـ بان کل من نصب العداء والحرب والقتل (لمحمد) صل الله عليه واله عليهم السلام يستحق اللعنة والعداء والبراءة منهم ، واذا العقل لم يحکم بهذا الحکم فهو مشکوک به.

٣ ـ راجع علل الشرئع للشيخ الصدوق ص ٢٦٧ ، ج١ ، ط : الاعلمي.

٤ ـ هو الغزالي في کتابه (احياء علوم الدين) ج٣ ، ص ١٢١ ـ ١٢٢.

٥ ـ وفي نفس الوقت لم يتوقف العلماء المنصوفون في کفر يزيد وزندقته ولعنه واجمعوا عل لعنه ، منهم :

ا ـ سعد الدين التفتازاني في شرح العقائد النسفية ص ١٨١ ، قال : (والحق ان رضا ـ يزيد ـ بقتل الحسين واهانته اهل بيت رسول الله مما تواتر معناه ، فنحن نتوقف في ايمانه فلعنة الله عليه وعل انصاره وعل اعوانه).

٥٦

الظلم ، وزرع بذر الجور وهم صنما قريش وجبتاهما (١) واتباعهما ممن

__________________

صاحب کتاب (شفاء الصدور) قد رد عل الذين لم يجيزوا له=عن يزيد کاب حامد الغزالي صاحب کتاب (احياء علوم الدين) فانشا يقول :

(قل لمن لا يجيز لعن يزيد

انت ان فاتنا يزيد يزيد

زادک الله لعنة وعذابا

وله الله ضعف ذاک يزيد)

جـ ـ السمهودِ قال : اتفق العلماء عل جواز لعن من قتل الحسين او امر بقتله او اجازه ، او رضي به.

د ـ سئل ابن الجوزي عن ـ لعن يزيد ـ؟ فقال : (اجاز احمد ـ لعنه ـ ونحن نقول : لا نحبه ، لما فعل بابن بنت نبيا ، وحمله ال رسول الله صل الله عليه واله سابيا ال الشام عل اقتاب الجمال ، وتجريه عل ال رسول الله ، فان رضيتم بهذه المصالحة ، بقولنا : لا نحبه ، والا رجعنا الي اصل الدعو جواز لعنته).

(راجع مرآة الجنان ، ج٨ ، ص٤٩٦ ، ط : حيدر اباد).

١ـ رو الکلين في الکافي ج٨ ، ص ٣٤٢ ، ح١٠ ، عن الحسين بن ثوير وابي سلمة السراج قالا : (سمعنا اباعبدالله عليه السلام وهو يلعن في دبر کل صلاة مکتوبة اربعة من الرجال واربعا من النساء فلان وفلان وفلان ومعاوية ويسميهم ، وفلانة وفلانة وهند وام الحکم اخت معاوية).

ـ ورد في رجال الکشي ص ١٨٠ ، عن الامام الصادق عليه السلام قال : " (نحن معاشر بني هاشم نامر کبارنا وصغارنا بسبهما والبراءة منهما).

ومن اراد التفصل يرجع ال کتاب (نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت) للمحقق الکرکي المعروف بالمقق الثاني.

٥٧

اعانو هما عل غصب الخلافة من اهلها (١) ، لکونه اول ظالم ظلم حق ال محمد صل الله عليه واله فهو (٢) العلة الاولية الموجبة لوقوع هذه المصيبة العظم ، وحدوث هذه الرزية الکبر (٣) فاستحقا اللعن اولا. وقد ورد في بعض الاخبار انه : (ما من محجمة دم اهريقت الا وفي اعناقهما يوم القيامة) (٤).

وماذا الا لمل قنننا من قوانين يترتب عليها تمام انواع الظلم ،. اسسا من قواعد البدعة في الدين يتفرع عليها جميع انواع المعاصي والجور.

والاساس : اصل البناء بل اصل کل شء کالاس مثلثة (٥) واسست اساس الظلم اي بنت بنيانه.

واهل البيت تصح اما عل النداء (٦) او عل الاختصاص (٧) کما في قوله تعال : (ليذهب عنکم الرجس اهل البيت) (٨).

__________________ ـ ـ ـ ـ

١ـ ومن المعلوم والواضح لکل ذي لب وعقل ، ان الخلافة من بعد الرسون صل الله عليه واله لعلي بن ابي طالب عليه السلام بالنصوص الصريحة من الرسول صل الله عليه واله عل خلافته وولايته. وانه عليه السلام اشار ال احقيته بالخلافة وقدرته واو لوليته ، واشار عليه السلام ال کيفية غصبها من قبل ابن ابي قحافة في خطبته المعروفة بـ (الشقشقية) في نهج البلاغة.

٢ ـ من المناسب ان تکون بصيغة المثن (فهما).

٣ ـ لولا ظلمهما ماوقعت فاجعة الطف الاليمة وماساتها الحزينة.

٤ ـ اخرجه العلامة المجلسي في البحار ج٣٠ ، ص٣٨٣ ، عن الامام الباقر عليه السلام.

٥ ـ راجع الذليل ال فقه اللغة وسر العربية للثعالبي ص ٣٥ ، ط : الاستانة في مشهد.

٦ ـ يعني ان اداة النداء محذوفة وهي (الياء) وبقي المنادي وهو (اهل البيت) ، فکانما تقدير العبارة يکون هکذا (يا اهل البيت).

٧ ـ ان الاختصاص هو کالنداء ولکن النداء يستعمل معه حرف النداء مثل (الياء ...) ، والاختصاص مجرد عن حرف النداء. وفي هذا الخصوص راجع الکتاب النحوية.

٨ ـ سورة الاحزاب : اية ٣٣.

٥٨

ولعن الله امة دفعتکم عن مقامکم ، وازالتکم عن مراتبکم

التي رتبکم الله فيها

ان قيل : کيف يمکن دفعهم عن مقامهم الذي جعله الله لهم وازالتهم عن مرتبتهم التي قرر ها لهم وقد (بلغ الله بهم اشرف محل المکرمين واعل منازل المقربين وارفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوقه فائق ولا يسبقه سابق ولا يطمع في ادراکه طامع) (١).

قيل عليه لم يعن بالمقام والمرتبة مقام قربهم ومرتبة ولايتهم واستحقاقهم للامامة والخلافة ، فان ذلک مما يمتنع سلبه عنهم بل المراد ما ينبغي لهم بحسب الصورة والظاهر من الخلافة الظاهرية والسلطنة الصورية ، ليطابق الظاهر الباطن ، ويوافق الصورة الباطن.

فقوله : (رتبکم الله فيها) اي بالامر والتکليف دون الجعل والتقدير يعني امر الله الناس بان يرتبوکم في هذه المرتبة ، ويجعلونکم ائمة يهتدون بکم ، ويقتدون باثاراکم ، ويطيعون اوامرکم کما قال : (اطيعوا الله واطيعوا الرسول واول الامر منکم) (٢) ، وقد وصير رسول الله امته بذلک (٣) کله فخالفوه فبدلوا

__________________

١ـ هذا مقطع من الزيارة الجامعة المروية عن الامام الهادي عليه السلام.

٢ـ سورة النساء : اية (٥٩).

٣ـ هذه اشارة ال حديث الثقلين المشهور بين الفريقين وهو : (اني تارک فيکم الثقلين کتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسکتم بهما فلن تضلوا بعدي). وقد اجاد اخونا الاستاذ (فاضل الفراتي) حيث بين عدة فوائد من هذا الحديث في کتابه (عظمة اميرالمؤمنين عليه السلام).

٥٩

دينه وغيروا سنته (١) فجعلوا هذا المقام لاعداء ذريته رغبة عن مرضاة الله وحرصا عل حطالم الدنيا ، فاستحقوا اللعن الدائم من الله (٢) ورسوله وعباده الصالحين وملائکة المقربين. والفرق بين الدفع والازالة هو الفرق بين الدفع والرفع (٣).

__________________ ـ ـ

١ـ من الواضح للعيان ولاصحاب الاذهان ان سنة رسول الله صل الله عليه واله غيروها وبدلوها وتجاوزوا عليها وعل هذا شواهد کثيرة منها :

أ ـ ما ذکره السيوطي في الدر المنثور ج ٢ ، ص ١٤١ وتاريخ الخلفاء ص ١٢٨ وصحيح مسلم ج١ ، ص ٣٣٥ ، ط مصر : (ان عمر بن الخطاب نه عن المتعتين ، متعة النساء ، ومتعة الحج).

ب ـ ان الرسول صل الله عليه واله کان يبک عل الاموات مثل حمزة .. وياتي عمر بن الخطاب ويکذب عل الرسول الله صل الله عليه واله ويقول : قال الرسول الله صل الله عليه واله : (ان الميت يعذب ببکاء الحي عليه) وهذه مخالفة صريحة لسنته الشريفة. وکذلک من المخالفات لسنته بعد وفاته صل الله عليه واله ان الرسول صل الله عليه واله يحث عل استعمال النورة في ازالة الشعر عن البدن وتنظيفه ، وکان صل الله عليه واله يستعملها ، وقد خالفه عمر بن الخطاب في سنته هذه ، فکان يحلق شعر بدنه بالموس بدلا من النورة. (اخرجه ابن سعد في طبقاته ج٣ ، ص ٢٠٩).

والمتتبع يجد الکثير من المخالفات لسيرة رسول الله صل الله عليه واله في حياته وبعد مماته ، ومن اراد المزيد عليه الرجوع ال کتب القوم منها : (الدر المنثور للسيوطي ، وتاريخ الخلفاء ، وتفسير ابن کثير ، وشرح النهج للمعتزلي ، وصحيح مسلم ، ومسند احمد ، ونور الابصار للشبلنجي ، وغيرها من الکتب).

٢ ـ رو الاربلي في کشف الغمة عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صل الله عليه واله : (احفظوني في عترتي وذريتي فمن حفظني فيهم حفظه الله ، الالعنة الله عل من آذاني فيهم ... ثلاثا).

٣ ـ في النسخة الخطية التي اعتمدنا عليها تعليق في الهامش وهو توضيح الفرق بين الدفع والرفع : ان الدفع علاج الشيء قبل الوقوع ، والرفع علاجه بعد الوقوع. وبعبارة اخر علاج الواقعة قبل الوقوع يسم بالدفع ، وعلاج الواقعة بعد الوقوع يسم بالرفع.

٦٠