مثير الأحزان

مدرسة الإمام المهدي « عج »

مثير الأحزان

المؤلف:

مدرسة الإمام المهدي « عج »


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مدرسة الامام المهدي « عج »
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٣
الصفحات: ١٢٦

[ما قاله النبي (ص) بشأن الحسين (ع)]

وروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال إذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة قبة من نور ويقبل الحسين (ع) وراسه في يده فإذا راته شهقت شهقة فلا يبقى في الموقف ملك ونبى إلا بكى لبكائها فيمثله الله عز وجل في احسن الصورة فيخاصم قتلته بلا راس فيجمع الله لي قتلته والمجهزين عليه ومن شرك في دمه فاقتلهم حتى آتى على آخرهم ثم ينشرون فيقتلهم أمير المؤمنين (ع) وكذلك يفعل الحسن والائمة (ع) عن آخرهم ثم يكشف الله الغيظ وينسى الحزن.

[فضل المشاركة في مصيبة الحسين (ع)]

وقال الصادق (ع) رحم الله شيعتنا شيعتنا والله المؤمنين فقد شركونا في المصيبة بطول الحزن والحسرة (١).

[حال فاطمة (ع) يوم القيامة]

وعن النبي صلى الله عليه وآله انه قال إذا كان يوم القيامة جاءت فاطمة في لمة أي جماعة من نسائها فيقال لها ادخلي الجنة فتقول لا ادخل حتى اعلم ما صنع بولدي من بعدي فيقال لها انظري فتنظر الى الحسين (ع) قائما ليس عليه راس فتصرخ واصرخ لصراخها وتصرخ الملائكة لصراخنا فتنادي يا ولداه قال فيغضب الله عز وجل لنا عند ذلك فيأمر نارا اسمها هبهب قد اوقد عليها الف عام حتى اسودت لا يدخلها روح ولا يخرج منها غم ابدا فيقال لها التقطى قتلة الحسين فتلتقطهم فإذا صاروا في حوصلتها صهلت وصهلوا بها وشهقت وشهقوا بها وزفرت وزفروا بها فينطقون بالسن ذلقة يا ربنا بما اوجبت لنا النار قبل عبدة الاوثان فيأتيهم الجواب ان من علم ليس كمن لم يعلم (٢).

__________________

١ ـ أخرجه في البحار : ٤٣ / ٢٢١ ح ٧ عن ثواب الاعمال : ٢٥٧ ح ٥.

٢ ـ أخرجه في البحار : ٤٣ / ٢٢٢ ح ٨ عن ثواب الاعمال : ٢٥٨ ح ٥.

٨١

[اخبار ابن يهوذا بقتل الحسين (ع)]

ورويت ان راس الجالوت بن يهوذا قال ما مررت مع يهوذا بكربلاء إلا وهو يركض دابته حتى يجاوزه فلما قتل الحسين جعل يمر بها فقلت له فقال يا بني كنا نحدث انه سيقتل بكربلاء رجل من ولد نبي فكنت اخاف اكون انا فلما قتل الحسين (ع) علمت انه هو.

وروى هذا الحديث محمد بن جرير الطبري في تاريخه عن العلاء بن أبي عائشة عن راس الجالوت عن يهوذا عن أبيه.

[علامات في يوم مقتل الحسين (ع)]

قال البلاذري في مختاره مطرت السماء دما يوم قتله وما قلع حجر بالشام إلا وتحته دم عبيط.

قال عبد الملك بن مروان للزهري أي رجل أنت ان اخبرتني أي علامة كانت يوم قتل الحسين بن علي (ع) قال لا يرفع حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط فقال عبد الملك انى واياك في هذا الحديث غريبان (١).

ونحرت الابل التي كانت مع الحسين فلم يؤكل لحمها لانه كان [أمر] (٢) من الصبر (٣).

وعن عبد الكريم ابن يعفور الجعفي انه لما جعل اللحم في القدر صار نارا وكان مع الحسين (ع) ورس وطيب فاقتسموه فلما صاروا الى بيوتهم صار رمادا.

وعن مشايخ طى قالوا وجد شمر بن ذي الجوشن في رحل الحسين (ع) ذهبا فدفع بعضه الى ابنته فدفعه الى صائغ يصوغ منه حليا فلما ادخله النار صار نحاسا وقيل نارا وما تطيب امراة من ذلك الطيب إلا برصت (٤).

__________________

١ ـ اخرج نحوه في البحار : ٤٥ / ٢١٦ عن بعض كتب المناقب المعتبرة.

٢ ـ زيادة من النسخة الحجرية.

٣ ـ اخرج نحوه في البحار : ٤٥ / ٣٠٢ عن المناقب لابن شهراشوب : ٣ / ٢١٥.

٤ ـ اخرج نحوه في كشف الغمة : ٢ / ٥٦.

٨٢

المقصد الثالث

في الامور اللاحقة لقتله وشرح سبى ذريته واهله

[رحيل عيال الحسين (ع) الى الكوفة]

ثم ان عمر بن سعد اقام بقية يوم عاشوراء والثانى الى الزوال ثم أمر حميد بن بكير الاحمري فنادى في الناس بالرحيل الى الكوفة وحمل معه بنات الحسين واخواته ومن معه من الصبيان وعلي بن الحسين عليهم السلام مريض بالدرب (١).

قال قرة بن قيس التميمي نظرت الى النسوة لما مررن بالحسين (ع) صحن ولطمن خدودهن فاعترضتهن على فرس فما رايت منظرا من نسوة قط احسن منهن.

ويحسن ايراد شعر السيد الحميرى في سبط النبي :

امرر على جدث (٢) الحسين

وقل لاعظمه الزكية

يا اعظما لا زلت من

وطفاء (٣) ساكبة روية

وإذا مررت بقبره

فاطل به وقف الطية

وابك المطهر للمطهر

والمطهرة المتقية (٤)

كبكاء معولة اتت

يوما لواحدها المنية

ولقد احسن عقبة بن عمر السهمى بقوله :

إذا العين قرت في الحياة وانتم

تخافون في الدنيا فاظلم نورها

مررت على قبر الحسين بكربلاء

ففاض عليه من دموعي غزيرها

__________________

١ ـ عنه في البحار : ٤٥ / ١٠٧ ح ١ وعن اللهوف : ٦٠.

٢ ـ القبر.

٣ ـ الدموع الغزيرة.

٤ ـ في النسخة النجفية : المتقية.

٨٣

فما زلت ارثيه وابكي لشجوه

ويسعد عيني دمعها وزفيرها

وبكيت من بعد الحسين عصائبا

اطافت به من جانبيها قبورها

[سلام على أهل القبور بكربلاء

وقل لها مني سلام يزورها] (١)

سلام باصال العشى وبالضحى

تؤديه (٢) نكباء الرياح ومورها

ولا برح الوفاد زوار قبره

يفوح (٣) عليهم مسكها وعبيرها (٤)

[شكوى زينب الى النبي في مصائب أهل بيته]

قال قرة بن قيس فلم انس قول زينب ابنة علي (ع) حين مرت باخيها صريعا وهي تقول يا محمداه صلى عليك مليك السماء هذا حسين بالعراء مرمل بالدماء مقطع الاعضاء يا محمداه وبناتك سبايا وذريتك قتلى تسفى عليهم الصبا (٥)

فابكت كل صديق وعدو :

ويحق لي ان اورد بيتين نظمتهما ولهذا المعنى عملتها :

يصلى الاله على المرسل

ويذكر في المحكم المنزل

ويغزى الحسين وابنائه

وهذا من المعجب المعضل

[ارسال رأس الحسين الى ابن زياد]

ثم سرح راس الحسين مع خولى بن يزيد الاصبحي وحميد بن مسلم الازدي الى عبيد الله بن زياد وأمر برؤوس الباقين من اصحابه فنظفت وكانت اثنين وسبعين راسا وسرح بها مع شمر بن ذى الجوشن وقيس بن الاشعث وعمرو بن الحجاج (٦).

__________________

١ ـ من النسخة الحجرية.

٢ ـ في النسخة الحجرية : يوريه.

٣ ـ في النسخة الحجرية : ينوح.

٤ ـ أخرجه في البحار : ٤٥ / ٢٤٢ ح ١ عن مجالس المفيد : ٣٢٤ ح ٩ وأمالي الطوسي : ١ / ٩٢.

٥ ـ أخرجه في نفس المهموم : ٣٨٧.

٦ ـ أخرجه في ارشاد المفيد : ٢٧٢.

٨٤

ولما انفصل الناس من كربلاء خرج قوم من بني اسد كانوا نزولا بالغاضرية فصلوا على الجثث النبوية ودفنوها في تلك التربة الزكية.

فلما قاربوا الكوفة كان عبيد الله بن زياد بالنخيلة وهي العباسية ودخل ليلاً (١).

ورويت ان النوار ابنة مالك زوجة خولى بن يزيد الاصبحي قالت اقبل خولى براس (ع) فدخل البيت فوضعه تحت اجانة وآوى الى فراشه فقلت ما الخبر قال جئتك بغناء الدهر براس الحسين.

قلت ويحك جاء الناس بالذهب والفضة وجئت براس الحسين بن رسول الله والله لا جمع راسى وراسك ابدا ووثبت من فراشي وقعدت عند الاجانة فوالله ما زلت انظر الى نور مثل العمود يسطع من السماء الى الاجانة ورايت طيورا بيضاء ترفرف حولها (٢).

[بكاء أهل الكوفة على اسارى آل الرسول (ص)]

فلما اصبح غدا بالراس الى ابن زياد واجتمع الناس للنظر الى سبى آل الرسول وقرة عين البتول فاشرفت امرأة من الكوفة.

وقالت من أي الاسارى انتن فقلن نحن اسارى محمد صلى الله عليه وآله فنزلت وجمعت ملاءا وازارا ومقانع واعطتهن فتغطين وعلي بن الحسين عليهما السلام معهن والحسن بن الحسن المثنى وكان قد نقل من المعركة وبه رمق.

ومعهم زيد وعمر ولدا الحسن (ع) فجعل اهل الكوفة يبكون.

وروي اسحاق السبيعي عن خزيم (٣) الاسدي قال رايت زين العابدين (ع) وهم يبكون فقال تبكون علينا ومن قتلنا غيركم؟

__________________

١ ـ عنه في البحار : ٤٥ / ١٠٧ ذ ح ١ وعن اللهوف : ٦١.

٢ ـ عنه في البحار : ٤٥ / ١٢٥ وعن الكامل في التاريخ : ٤ / ٨٠ وعن المناقب لابن شهرآشوب : ٣ / ٢١٧.

٣ ـ في نسختي الاصل : حديم وما اثبتناه من البحار واللهوف.

٨٥

[خطبة زينب (ع) لاهل الكوفة]

ورايت زينب بنت علي (ع) فلم ار خفرة انطق منها كانما تفرغ عن لسان ابيها فاومات الى الناس ان اسكتوا فسكنت الانفاس وهدات الاجراس فقالت :

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم المرسلين أما بعد [يا أهل الكوفة] (١) يا أهل الختل والخذل اتبكون فلا رقات العبرة ولا هدات الرنة إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم وان فيكم إلا الصلف النطف وذل العبد الشنف وملق الاماء وغمز الاعداء أو كمرعى على دمنة أو كقصة (٢) على ملحودة الا ساء ما تزرون أي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فلقد ذهبتم بعارها وبؤتم (بشنارها) (٣) فلن ترحضوها (بغل) (٤) وانى ترحضون قتل من كان سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة ومدرة حجتكم ومنار محجتكم وسيد شباب أهل الجنة يا أهل الكوفة الا ساء ما قدمت لكم انفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب انتم خالدون اتدرون اي كبد لرسول الله فريتم وأي دم سفكتم وأي كريمة ابرزتم لقد جئتم بها شوهاء خرقاء فلا يستخفنكم المهل فانه لا تخفره البدرة ولا يخاف فوت الثار.

وفي رواية فوت النار كلا انه لبالمرصاد.

فضج الناس بالبكاء والنحيب.

قال الراوي ورايت شيخا واقفا يبكى ويقول بابى انتم وامى كهولكم خير الكهول وشبابكم خير الشباب ونساؤكم خير النساء ونسلكم خير النسل لا يخزى ولا يبزى.

__________________

١ ـ من النسخة الحجرية.

٢ ـ في الاصل : كفضة ، والقصة : الجصة التي يجصص بها القبور.

٣ ـ في البحار : «شنانها» خ ل ، شنارها.

٤ ـ في البحار : مغسل ، وفي النسخة الحجرية : بغسل.

٨٦

[خطبة فاطمة الصغرى لاهل الكوفة]

وخطبت فاطمة الصغرى فقالت الحمد لله عدد الرمل والحصى وزنة العرش الى الثرى احمده واؤمن به واتوكل عليه واشهد لا اله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله وان [ولده] (١) ذبحوا بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات.

اللهم انى اعوذ بك ان افترى عليك الكذب أو ان اقول خلاف ما انزلت عليه من اخذ العهود لوصيه علي بن طالب المقتول كما قتل ولده بالامس في بيت من بيوت الله فيه معشر مسلمة بالسنتهم تعسا لرؤوسهم ما رفعت عنه ضيما في حياته وبعد وفاته حتى قبضته اليك محمود النقية (٢) طيب العريكة (٣) معروف المناقب مشهور المذاهب لم تأخذه فيك لومة لائم زاهدا في الدنيا مجاهدا في سبيلك فهديته الى صراطك المستقيم.

أما بعد يا اهل الكوفة يا أهل المكر والغدر والخيلاء فانا اهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا فجعل بلاءنا حسنا وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا فنحن عيبة علمه اكرمنا بكرامته وفضلنا بمحمد نبيه صلى الله عليه على كثير ممن خلق تفضيلا فكذبتمونا ورأيتم قتالنا حلالا واموالنا نهبا كانا اولاد ترك أو كابل فلا تدعونكم انفسكم الى الجذل بما اصبتم من دمائنا ونالت ايديكم من اموالنا فكان العذاب قد حل بكم واتت نقمات إلا لعنة الله على الظالمين.

تبا لكم يا أهل الكوفة أي ترات لرسول الله صلى الله عليه قبلكم وذحول له لديكم بما عندتم باخيه علي بن أبي طالب.

وافتخر مفتخر فقال :

نحن قتلنا عليا وبني علي (٤)

بسيوف هندية ورماح

وسبينا نساءه سبى ترك

ونطحناهم فاي نطاح

__________________

١ ـ من اللهوف.

٢ ـ في النسخة النجفية : النقية.

٣ ـ الخلق.

٤ ـ كذا في نسختي الاصل ، ولا يستقيم الشعر وزناً.

٨٧

بفيك الكثكث والاثلب (١) افتخرت بقتل قوم زكاهم الله في كتابه وطهرهم واذهب عنهم الرجس فاقع كما اقعى ابوك وإنما لكل امرئ ما اكتسب احسدتمونا على ما فضل الله به؟

فما ذنبنا ان جاش دهرا بحورنا

وبحرك ساج (٢) ما يواري الدعامصا (٣)

«ذلك فضل الله يؤتيه يشاء» (٤) «ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور» (٥).

فضج الموضع بالبكاء والحنين وقال حسبك يا ابنة الطيبين احرقت قلوبنا واضرمت اجوافنا فسكتت.

[خطبة ام كلثوم بنت علي (ع)]

قال وخطبت ام كلثوم بنت علي عليه السلام من وراء كلة وقد غلب عليها البكاء فقالت يا أهل الكوفة سوءة (٦) ما لكم خذلتم حسينا وقتلتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه ويلكم اتدرون أي دواه دهتكم وأي وزر على ظهوركم حملتم [وأي دماء سفتكم] (٧) وأي كريمة اصبتموها وأي اموال انتهبتموها قتلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وآله الا ان حزب الله هم الفائزون وحزب الشيطان هم الخاسرون.

ثم قالت :

قتلتم اخي صبرا فويل لامكم

ستجزون نارا حرها يتوقد

سفكتم دماءا حرم الله سفكها

وحرمها القرآن ثم محمد

الا فابشروا بالنار انكم غدا

لفى سقر حقا يقينا تخلدوا

وانى لابكى في حياتي على اخى

على خير من بعد النبي سيولد

بدمع غزير مستهل مكفكف

على الخد منى ذايبا ليس يحمد

__________________

١ ـ الكثكث والاثلب : كلمتان مترادفان ومعناهما : دقاق الحصى والتراب. راجع نهاية ابن الاثير.

٢ ـ قليل الماء.

٣ ـ أسافل البدن.

٤ ـ الجمعة : ٤.

٥ ـ النور : ٤٠.

٦ ـ قبحاً.

٧ ـ من النسخة الحجرية.

٨٨

فضج الناس بالبكاء والنوح.

[خطبة الامام زين العابدين (ع)]

ثم ان زين العابدين عليه السلام أومى الى الناس ان اسكتوا وقام قائما فحمد الله واثنى عليه وقال ايها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب انا ابن المذبوح بشط الفرات بغير ذحل ولا ترات انا ابن من افتهك جريمة [وسلب] (١) نعيمه وانتهب ماله وسبى عياله وقتل صبرا وكفى بذلك فخرا فانشدتكم الله هل تعلمون انكم كتبتم الى أبي واعطيتموه العهد والميثاق فخذلتموه فتبا لما قدمتم وسوأة لرايكم باية عين تنظرون الى رسول الله صلى الله عليه وآله إذ يقول قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من امتى.

فارتفعت اصوات الناس من كل ناحية وقال بعضهم لبعض هلكتم وما تعلمون؟

فقال عليه السلام رحم الله امرأ قبل نصيحتي ووصيتي في الله وفي رسوله وأهل بيته فإن لنا في رسول الله اسوة حسنة فقالوا جميعا نحن سامعون مطيعون حافظون لذمامك زاهدين فيك ولا راغبين عنك فمرنا بامرك يرحمك الله فانا حرب لحربك وسلم لسلمك لنأخذن يزيد ونبرا ممن ظلمك وظلمنا.

فقال عليه السلام هيهات هيهات ايها الغدرة المكرة حيل بينكم وبين شهوات انفسكم اتريدون ان تأتون الي كما اتيتم الى أبي من قبل كلا ورب الراقصات فإن الجرح لما يندمل قتل أبي بالامس واهل بيته معه ولم ينسنى ثكل رسول الله صلى الله عليه وآله وثكل أبي وبني ابي ووجده بين لهاتي ومرارته بين حناجري وغصصه في فراش صدري ومسئلتي ان لا تكونوا لنا ولا علينا.

ثم قال :

لاغر وان قتل الحسين فشيخه

قد كان خيرا من حسين واكرما

__________________

١ ـ من النسخة الحجرية.

٨٩

فلا تفرحوا يا أهل كوفان بالذي

اصيب حسين كان ذلك اعظما

قتيل بنهر الشط روحي فداؤه

جزاء الذي ارداه نار جهنما

ثم قال (ع) :

رضينا منكم رأسا برأس

فلا يوم لنا ولا علينا

[ادخال رهط الحسين (ع) على ابن زياد]

قال حميد بن مسلم لما ادخل رهط الحسين (ع) على عبيد الله بن زياد لعنهما الله اذن للناس اذنا عاما وجئ بالرأس فوضع بين يديه وكانت زينب بنت علي عليه السلام قد لبست اردأ ثيابها وهي متنكرة فسأل عبيد الله عنها ثلاث مرات وهي لا تتكلم قيل له انها زينب بنت علي بن أبي طالب فاقبل عليها.

[زينب في أعظم الجهاد بكلمة غرّاء أمام السلطان الجائر]

وقال الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم واكذب احدوثتكم.

فقالت الحمد الذي اكرمنا بمحمد صلى الله عليه وآله وطهرنا تطهيرا إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا فقال كيف رايت صنع الله باهل بيتك.

قالت ما رايت إلا جميلا هؤلاء قوم كتب عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج هبلتك امك يا ابن مرجانة.

فغضب ابن زياد وقال له عمرو بن حريث انها امرأة ولا تؤاخذ بشئ من منطقها فقال ابن زياد لقد شفاني الله من طغاتك والعصاة المردة من أهل بيتك.

فبكت ثم قالت لقد قتلت كهلى [وأبرت أهلي] (١) وقطعت فرعى واجتثثت اصلي فإن تشفيت بهذا فقد اشتفيت.

فقال عبيد الله هذه سجاعة ولعمري كان ابوك شاعر سجاعا (٢).

__________________

١ ـ من النسخة الحجرية.

٢ ـ البحار ٤٥ / ١٠٨ عن اللهوف : ٦١.

٩٠

قالت ان لي عن السجاعة لشغلا واني لاعجب ممن يشتفى بقتل ائمته ويعلم انهم منتقمون منه في آخرته (١).

وقد سمحت قريحتي بهذا :

يا ايها المتشفى في قتل ائمته

قلبى من الوجد على مثل الجمر

لا بلغتك الليالى ما تؤمله

منها وبل سداك المالح المقر

قوم هم الدين والدنيا [بهم حليت](٢)فمن

قلاهم (٣) فمأويهم اذن سقر

لهم نبي الهدى جد وجدهم

يوم المعاد بنصر الله تنتصر

[مناظرة الامام (ع) مع ابن زياد]

ثم قال لعلى بن الحسين عليه السلام من أنت قال علي بن الحسين قال اليس قتل الله علي بن الحسين قال كان لي اخ يسمى عليا قتله الناس.

قال ابن زياد بل الله قتله فقال علي بن الحسين الله يتوفى الانفس حين موتها.

[ابن زياد أمر بضرب عنق الامام (ع)]

فغضب ابن زياد وقال وبك حراك لجوابي اذهبوا به فاضربوا عنقه (٤).

فتعلقت به زينب عمته وقالت حسبك من دمائنا فاعتنقته وقالت ان قتلته فاقتلني معه فنظر إليها ابن زياد وقال عجبا للرحم لاظنها ودت ان نقتلها معه دعوه (٥).

[اعتراض أنس بن مالك على ابن زياد]

ورويت ان انس بن مالك قال شهدت عبيد الله بن زياد وهو ينكت بقضيب

__________________

١ ـ عنه البحار ٤٥ / ١١٦.

٢ ـ من النسخة الحجرية.

٣ ـ أبعضهم.

٤ ـ عنه البحار : ٤٥ / ١١٧ وعن اللهوف : ٦٨.

٥ ـ عنه البحار : ٤٥ / ١١٧ وعن ارشاد المفيد : ٢٧٤.

٩١

على أسنان (١) الحسين ويقول انه كان حسن الثغر فقلت ام والله لاسؤنك لقد رايت رسول الله (ص) يقبل موضع قضيبك من فيه.

[زيد ابن أرقم رفض فعل ابن زياد]

وعن سعد بن معاذ وعمر بن سهل انهما حضرا عبيد الله يضرب بقضيبه انف الحسين وعينيه ويطعن في فمه فقال له زيد بن ارقم ارفع قضيبك انى رايت رسول الله صلى الله عليه وآله واضعا شفتيه على موضع قضيبك ثم انتحب باكيا فقال له ابكى الله عينيك يا عدو الله لولا انك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك.

فقال زيد لاحدثنك حديثا هو اغلظ عليك من هذا رايت رسول الله صلى الله عليه وآله اقعد حسنا على فخذه اليمنى وحسينا على فخذه اليسرى فوضع يده على يافوخ كل واحد منهما وقال انى استودعك (٢) [إياهما] (٣) وصالح المؤمنين فكيف كانت وديعتك لرسول الله صلى الله عليه وآله (٤).

[خطبة ابن زياد واعتراض ابن عفيف عليه]

ثم قام عبيد الله خطيبا وقال الحمد لله الذي اظهر الحق واهله ونصر أمير المؤمنين وحزبه وقتل الكذاب بن الكذاب وشيعته.

[مقتل عبدالله بن عفيف بأمر ابن زياد]

فقام عبد الله بن عفيف الازدي وكانت احدى عينيه ذهبت يوم الجمل والاخرى يوم صفين مع على (ع) وقال يابن مرجانة ان الكذاب أنت وابوك والذي ولاك اتقتلون اولاد النبيين وتتكلمون بكلام الصديقين؟

فامر به ابن زياد فمنعه الازد وانتزعوه من ايدى الجلاوزة فاتى منزله فقال ابن زياد اذهبوا الى اعمى الازد اعمى الله قلبه فاتوني به فلما بلغ الازد ذلك

__________________

١ ـ في نسختي الاصل : لسان ، وما أثبتناه من البحار.

٢ ـ في النسخة النجفية : أستودعكما.

٣ ـ من النسخة الحجرية.

٤ ـ عنه البحار : ٤٥ / ١١٨.

٩٢

اجتمعوا وقبائل اليمن معهم.

فبلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر وضمهم الى ابن الاشعث وامره بالقتال فاقتتلوا وقتل بينهم جماعة ووصل اصحاب عبيد الله الى دار عبد الله بن عفيف فكسروا الباب واقتحموا عليه فصاحت ابنته اتاك القوم من حيث تحذر فقال لا عليك ناوليني سيفى فناولته فجعل يذب نفسه ويقول :

انا ابن ذى الفضل عفيف الطاهر

عفيف شيخي وابن ام عامر

كم دارع من جمعكم وحاسر (١)

فقالت ابنته ليتنى كنت رجلا اخاصم بين يديك هؤلاء الفجرة قاتلي العترة البررة والقوم محدقون كلما جاؤه من جهه اشعرته وهو يذب عن نفسه.

ويقول :

اقسم لو فرج (٢) لي عن بصرى

ضاق عليكم موردي ومصدري

فتكاثروا عليه فاخذوه.

فقالت ابنته واذلاه يحاط بابى وليس له ناصر وادخلوه على عبيد الله فقال الحمد لله الذي اخزاك فقال يا عدو الله فماذا اخزاني؟

والله لو فرج لي عن بصري

ضاق عليكم موردي ومصدري

قال يا عدو الله ما تقول في عثمان فقال يا عبد بني علاج يا ابن مرجانة ما أنت وعثمان اساء ام احسن فقد لقى ربه وهو ولي خلقه يقضى بينهم بالعدل ولكن سلنى عن ابيك وعن يزيد وأبيه فقال له والله لا سألتك عن شئ حتى تذوق الموت عطشا فقال الحمد لله رب العالمين أما انى كنت اسال الله ربى ان يرزقنى الشهادة قبل ان تدرك لتك وسيلته ان يجعلها على يدي العن خلقه وابغضهم إليه فلما كف بصرى يئست من الشهادة والان فالحمد لله الذي رزقنيها بعد الياس منها.

__________________

١ ـ الدارع : لابس الدرع ، والحاسر : من خلعها.

٢ ـ في النسخة الحجرية : خ ل «يفسح».

٩٣

فأمر ابن زياد فضرب عنقه وصلب في السبخة (١).

[جندب وتهديد ابن زياد له]

ثم دعا بجندب بن عبد الله الازدي وكان شيخا فقال يا عدو الله الست صاحب أبي تراب قال بلى لا اعتذر منه قال ما ارانى الا متقربا الى الله بدمك قال اذن لا يقربك الله منه بل يباعدك قال شيخ قد ذهب عقله وخلي سبيله (٢).

[ابن زياد بشر والي المدينة بقتل الحسين (ع)]

وبعث عبيد الله بن زياد الى المدينة عبيد الله بن الحرث السلمي وكان واليها إذ ذاك عمرو بن سعيد بن العاص وقال له لا يسبقنك الخبر إليه قال فلقينى رجل قال ما الخبر قلت الخبر عند الامير تسمعه فقال انا لله قتل الحسين فدخلت على عمرو وقال ما وراءك فاخبرته فاستبشر وأمر ان ينادي بقتله.

ثم تمثل ببيت عمرو بن معدي كرب الزبيدي :

عجت نساء بني زياد عجة

كعجيج نسوتنا غداة الارنب (٣)

ويحسن ان اورد شعرى هذا في معناه مسفها له في بشراه :

يستبشرون بقتله وبسبه

وهم على دين النبي محمد

والله ما هم مسلمون وانما

قالوا باقوال الكفور الملحد

قد اسلموا خوف الردى وقلوبهم

طويت على غل وحقد مكمد

وروى ان يزيد بن معاوية بعث بمقتل الحسين الى المدينة محرز بن حريث بن مسعود الكلبي من بني عدى بن حباب ورجلا من بهراء (٤) وكانا من افاضل أهل الشام.

__________________

١ ـ أخرجه في البحار : ٤٥ / ١١٩ عن اللهوف : ٦٩.

٢ ـ عنه البحار : ٤٥ / ١٢١.

٣ ـ أخرجه في البحار : ٤٥ / ١٢٢ عن ارشاد المفيد : ٢٧٨.

٤ ـ بهراء : قبيلة من قضاعة «مجمع البحرين».

٩٤

فلما قدما خرجت امراة من بنات عبد المطلب قيل هي زينب بنت عقيل ناشرة شعرها واضعة كمها على راسها تتلقاهم وهي تبكى وتقول :

ماذا تقولون إذ قال النبي لكم

ماذا فعلتم وانتم آخر الامم

بعترتي وباهلي بعد مفتقدي

منهم اسارى ومنهم ضرجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم

ان تخلفوني بسوء في ذوى رحمى

[صرخة أم سلمة لقتل الحسين (ع)]

قال شهر بن حوشب بينما انا عند ام سلمة إذ دخلت صارخة تصرخ وقالت قتل الحسين قالت ام سلمة فعلوها ملا الله قبورهم نارا (ووقعت مغشيا عليها) (١).

[ابن الحكم ينكت وجه الحسين (ع)]

ونقلت عن تاريخ البلاذرى انه لما وافى راس الحسين عليه السلام المدينة سمعت الواعية من كل جانب قال مروان بن الحكم :

ضربت دوسر (٢) فيهم ضربة

اثبتت اوتاد حكم (٣) فاستقر

ثم اخذ ينكت وجهه بقضيب ويقول.

يا حبذا بردك في اليدين

ولونك الاحمر في الخدين

كانه بات بمجسدين

شفيت منك النفس يا حسين

ومما انفرد به النطنزى في كتاب الخصائص عن أبي ربيعة عن أبي قبيل قيل سمع في الهواء بالمدينة قائل يقول :

يا من يقول بفضل آل محمد

بلغ رسالتنا بغير توانى

قتلت شرار بني امية سيدا

خير البرية ماجدا ذا شان

__________________

١ ـ ليس في البحار.

٢ ـ اسم كتيبة كانت لنعمان بن المنذر.

٣ ـ في النسخة الحجرية : خ ل «ملک».

٩٥

ابن المفضل في السماء وارضها

سبط النبي وهادم الاوثان

بكت المشارق والمغارب بعد ما

بكت الانام له بكل لسان (١)

ثم ان عبيد الله ابن زياد أمر بنساء الحسين (ع) وصبيانه فجهزوا وأمر بعلي بن الحسين (ع) فغل الى عنقه وسرح بهم مع مخفر بن ثعلبة ابن مرة العايذي من عايذة قريش ومع شمر بن ذي الجوشن واصحابهما (٢).

[رأس الامام بدير النصراني في طريق الشام]

فروى النطنزى عن جماعة عن سليمان بن مهران الاعمش قال بينما انا في الطواف ايام الموسم إذا رجل يقول اللهم اغفر لي وانا اعلم انك لا تغفر فسألته عن السبب فقال كنت أحد الاربعين الذين حملوا راس الحسين الى يزيد على طريق الشام فنزلنا اول مرحلة رحلنا من كربلاء على دير للنصارى والراس مركوز على رمح فوضعنا الطعام ونحن ناكل إذا بكف على حائط الدير يكتب عليه بقلم حديد سطرا بدم :

اترجو امة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

فجزعنا جزعا شديدا واهوى بعضنا الى الكف لياخذها (٣) فغاب فعاد اصحابي (وعن مشايخ من بني سليم انهم غزوا الروم فدخلوا بعض كنايسهم فإذا مكتوب هذا البيت فقالوا لهم منذ متى مكتوب قالوا قبل ان يبعث نبيكم بثلاث مائة عام) (٤).

وحدث عبد الرحمن بن مسلم عن أبيه انه قال غزونا بلاد الروم فاتينا كنيسة من كنايسهم قريبة من قسطنطينية وعليها شئ مكتوب فسالنا اناسا من اهل الشام يقراون بالرومية فإذا هو مكتوب هذا البيت [الشعر] (٥) وذكر أبو عمرو الزاهد في كتاب الياقوت قال قال عبد الله ابن الصفار صاحب أبي حمزة الصوفى غزونا غزاة وسبينا سبيا وكان

__________________

١ ـ عنه البحار ٤٥ / ١٢٣.

٢ ـ أخرج نحوه في البحار : ٤٥ / ١٢٤ عن اللهوف : ٧١.

٣ ـ في نسختي الاصل : لياخذها.

٤ ـ ليس في البحار.

٥ ـ من النسخة الحجرية.

٩٦

فيهم شيخ من عقلاء النصارى فأكرمناه واحسنا إليه.

فقال لنا اخبرني أبي عن آبائه انهم حفروا في بلاد الروم حفرا قبل ان يبعث النبي العربي بثلاثمائة سنة فأصابوا حجرا عليه مكتوب بالمسند هذا البيت [من] (١) الشعر :

اترجو عصبة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

والمسند كلام اولاد شيث (٢).

[صفة ورود أهل البيت الى دمشق]

فانطلقوا جميعا فلما قربوا من دمشق دنت ام كلثوم من شمر وقالت لي اليك حاجة قال ما هي قالت إذا دخلت البلد فاحملنا في درب قليل النظارة وتقدم ان يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر الينا ونحن في هذه الحال فامر بضد ما سألته بغيا منه وعتوا وسلك بهم على تلك الصفة حتى وصلوا باب دمشق حيث يكون السبى (٣).

ولقد اقرح فعله هذا حناجر الصدور واسخن عين المقرور حتى قلت شعري هذا من القلب الموتور :

فوااسفا يغزى الحسين ورهطه

ويسبي بتطواف البلاد حريمه

الم يعلموا ان النبي لفقده

له عزب جفن ما يخف سجومه (٤)

وفي قلبه نار يشب ضرامها

وآثار وجد ليس ترسى كلومه

ولم يكن زين العابدين عليه السلام يكلم احدا في الطريق حتى بلغوا باب يزيد.

__________________

١ ـ ليس في النسخة الحجرية.

٢ ـ عنه في البحار : ٤٤ / ٢٢٤ ح ٤.

٣ ـ أخرجه في البحار : ٤٥ / ١٢٧ عن اللهوف : ٧٣.

٤ ـ دموعه.

٩٧

[بشارة ابن قيس بقتل الحسين (ع) وسبي أهله]

فروي عن روح بن زنباع الجذامي عن أبيه عن العذري ابن ربيعة بن عمرو الجرشى قال انا عند يزيد بن معاوية إذ اقبل زحر بن قيس المذحجي على يزيد فقال ويلك ما وراءك قال ابشر فتح الله ونصره.

ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من أهل بيته وستين رجلا من شيعته فسرنا إليهم وسألناهم ان يستسلموا أو ينزلوا على حكم الامير عبيد الله أو القتال فاختاروا القتال على الاستسلام فعدونا عليهم من شروق الشمس فاحطنا بهم من كل ناحية حتى إذ اخذت السيوف ماخذها جعلوا يلجاون الى غير وزر ويلوذون بالاكمام والحفر لوذا كما لاذ الحمام من الصقر فوالله يا أمير المؤمنين ما كان إلا جزر جزور أو نومة قائل حتى اتينا على آخرهم فهاتيك اجسادهم مجردة ووجوههم معفرة وثيابهم بالدماء مرملة تصهرهم الشمس وتسفى عليهم الريح زوارهم العقبان والرخم بقاع قرقر سبسب لا مكفنين ولا موسدين.

فقال كنت ارضى من طاعتكم بدون قتله.

[بشارة مخفر بن ثعلبة]

ونقلت من تاريخ دمشق عن ربيعة بن عمرو الجرشى قال انا عند يزيد إذ سمعت صوت محفر يقول هذا محفرة بن ثعلبة اتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة فاجابه يزيد ما ولدت ام محفز شر والأم (١).

[كيفية دخول أهل البيت في مجلس يزيد]

قال على بن الحسين عليهما السلام ادخلنا على يزيد ونحن اثنا عشر رجلا مغللون فلما وقفنا بين يديه قلت انشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله لو رآنا على هذه الحال قال : (يا أهل الشام ما ترون في هؤلاء قال رجل لا تتخذن من كلب سوء

__________________

١ ـ عنه في البحار : ٤٥ / ١٢٩ وعن ارشاد المفيد : ٢٧٥ وذيله في ص ١٣١ عنه.

٩٨

جروا فقال له النعمان بن بشير اصنع ما كان رسول الله يصنع بهم لو رآهم بهذه الخيبة) (١).

[خطاب فاطمة بنت الحسين (ع) ليزيد]

وقالت فاطمة بنت الحسين يا يزيد بنات رسول الله سبايا فبكى الناس وبكى أهل داره حتى علت الاصوات.

[علي بن الحسين (ع) استأذن الكلام من يزيد]

فقال علي بن الحسين (ع) وانا مغلول فقلت اتاذن لي في الكلام؟

فقال قل ولا تقل هجراً.

قلت لقد وقفت موقفا لا ينبغى لمثلى ان يقول الهجر ما ظنك برسول الله لو رأني في غل فقال لمن حوله حلوه (٢).

[وضع يزيد رأس الحسين (ع) بين يديه]

ثم وضع راس الحسين عليه السلام بين يديه والنساء من خلفه لئلا ينظرن إليه فرآه علي (ع) فلم ياكل بعد ذلك الراس (٣).

حدث عبد الملك بن مروان لما اتى يزيد برأس الحسين (ع) قال لو كان بينك وبين ابن مرجانة قرابة لاعطاك ما سالت.

ثم انشد يزيد :

نفلق هاما من رجال اعزة

علينا وهم كانوا اعق واظلما

قال علي بن الحسين عليهما السلام «ما اصاب من مصيبة في الأرض ولا في انفسهم إلا في كتاب من قبل ان نبراها ان ذلك على الله يسير» (٤).

__________________

١ ـ ليس في البحار.

٢ ـ عنه في البحار ٤٥ / ١٣٢.

٣ ـ البحار ٤٥ / ١٣٢ عن اللهوف : ٧٥.

٤ ـ الحديد : ٢٢.

٩٩

[حالة زينب عند رؤيتها رأس الحسين (ع)]

واما زينب فانها لما رات راس الحسين (ع) اهوت الى جيبها فشقته ثم نادت بصوت حزين يقرح الكبد ويوهى الجلد يا حسيناه يا حبيب جده الرسول ويا ثمرة فؤاد الزهراء البتول يا ابن بنت المصطفى يا ابن مكة ومنى يا ابن علي المرتضى فضج المجلس (١) بالبكاء ويزيد ساكت وهو بذاك شامت.

[يزيد ينكت ثنايا الحسين (ع) وكان الرسول يرشفه]

ثم دعا بقضيب [خيزران] (٢) ينكت [به] (٣) ثنايا الحسين فاقبل عليه أبو برزة الاسلمي وقال ويحك اتنكت بقضيبك ثغر الحسين بن فاطمة اشهد لقد رايت النبي صلى الله عليه وآله يرشف ثناياه وثنايا اخيه.

ويقول انتما سيدا شباب أهل الجنة فقتل الله قاتلكما ولعنه واعد له جهنم وساءت مصيرا فغضب يزيد وأمر باخراجه سحبا (٤).

وروي ان الحسن بن الحسن لما رآه يضرب بالقضيب موضع فم رسول الله قال واذلاه :

سمية امسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله ليس لها نسل (٥)

[شامي طلب من يزيد فاطمة بنت الحسين (ع)]

وكان قد دخل أهل الشام يهنونه بالفتح.

فقام منهم احمر ازرق فنظر الى فاطمة بنت الحسين وكانت وضيئة فقال يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية فقالت فاطمة لعمتها يا عمتاه أو تمت

__________________

١ ـ في النسخة الحجرية : المسجد وفي خ : المجلس.

٢ و ٣ ـ من النسخة الحجرية.

٤ ـ عنه في البحار : ٤٥ / ١٣٢ وعن اللهوف : ٧٥ ، وعن ارشاد المفيد : ٢٧٦.

٥ ـ عنه في نفس المهموم : ٤٣٨.

١٠٠