أخَذْتَه أخذاً سريعاً.
ق ث ن
استعمل من وجوهه : نقث.
نقث : قال أبو عبيد في تفسير حديث أمِّ زرع ونَعتِها جاريةَ ابن زَرع : «لا تَنقُل مِيرتَنا تَنْقيثا».
قال : التنقيث : الإسراع في السيْر.
وقال الفراء : خرجَ فلان يَنقُثُ ويَنتَقِثُ : إذا أسرَعَ في سَيره.
وقال غيره : نَقَثَ فلانٌ عن الشيء ونَبث عنه : إذا حَفَر عنه.
وقال الأصمعيّ في رَجَزٍ له :
كأنّ آثارَ الظَّرابي تَنتَقِثْ |
حَوْلكَ بُقَّيْرى الوليدِ المبتَحِث |
وقال أبو زيد : نقَث الأرضَ بيَدِه يَنْقُثها نَقْثاً : إذا أثارَها بفأسٍ أو مِسْحاة.
وقال ابن دريد : نَقَثْتُ العَظْم : إذا استخرجتَ ما فيه مِن المُخّ. ويقال : انتقَثَه وانتقاه بمعنًى واحد.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : النَّقث : النميمة.
ق ث ف
استعمل مِن وجوهه : ثقف.
ثقف : قال ابن المظفّر : قال أعرابي : إنّي لَثَقْفٌ لَقْفٌ ، راوٍ رامٍ.
أبو عبيد عن الأحمر : إنه لثَقف لَقْفٌ.
وقال اللِّحياني : رجل ثَقف لَقْف وثِقف لَقِف ، وثَقيف لَقِيف ، بيِّن الثّقافة ، واللقافة وقد لقِفتُ الشيء والتقفْته.
وقال ابن السكيت : رجل ثَقف لَقف : إذا كان ضابطاً لما يحويه قائماً به.
وقال الليث : ثقِفنا فلاناً في موضع كذا ، أي : أخذناه ، ومصدرُه الثّقف.
قال : وثقيف : حَيٌّ مِن قيس. وخَلٌ ثقيف ، وقد ثَقف ثقافةً ، ومنهم من يقول : خَلٌ ثِقِّيف كما قالوا : خَرْدلٌ حِرِّيف ، وليس بحسَن.
قال : والثِّقاف : حديدةٌ تكون مع القَوَّاسِ والرّمَّاح يقوّم بها الشيء المعوج ، والعدَد أثقِفة ، والجميع ثُقف ، ويقال : ثَقِف الشيء وهو سُرعة التعلم.
وقال ابن شُمَيل : خَلٌ ثَقِيف شديد الحموضة ، وخَلٌّ حاذق ، أي : حامض ، ونبيذ حاذق : إذا أَدرَك ، وقد حَذَق النبيذُ والخَلُّ.
وقال ابن دريد : ثقِفتُ الشيء : حَذِقتُه وثَقِفْته : إذا ظَفرْتَ به.
قال الله تعالى : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ) [الأنفال : ٥٧].
ق ث ب
ثقب ، بثق : [مستعملة].
ثقب : قال الليث : الثَّقْب : مصدر ثقبْتُ
الشيء أثقبُه ثَقْباً.
قال : والثَّقْب : اسمٌ لما نفذ. والمِثقَب : أداةٌ يُثقَب بها. والثُّقوب : مصدر النار الثاقبة والكوكب الثاقب : المضيء.
قال الله جلّ وعزّ : (وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣)) [الطارق : ٢ ، ٣].
قال الفراء : الثاقب : المضيء. والعرب تقول : أَثقِبْ نارَك ، أي : أَضِئها للمُوقد.
ويقال : إن الثاقب النجمُ الذي يقال له زُحَل والثاقب أيضاً : الذي ارتفع على النجوم. والعَرَب تقول للطائر إذا لحِق ببطن السماءِ : قد ثَقب ، كلّ ذلك قد جاء في التفسير.
وقال الليث : حسبٌ ثاقب : إذا وُصف بشهرته وارتفاعه.
قال : والثَّقيب والثَّقيبة من الرجال والنساء : الشديد الحُمرة ، والمصدر الثقابة ، وقد ثَقُب يَثقَب ، ويَثقُب : موضع.
والثقوب : ما يُثقَب به النار.
الأصمعيّ : حَسَبٌ ثاقب : نيِّرٌ متوقِّد.
وعلم ثاقب منه.
ويقال : هَبْ لي ثَقُوباً ، أي : حُرّاقاً ، وهو ما أَثقَبْتُ به النارَ ، أي : أوقدتها به.
ويقال : ثقَبَ الزَّنْدُ يثقُب ثقوباً : إذا سَقَطت الشرارة. أو ثقبْتها أنا إِثقاباً ، وزندٌ ثاقب ، وهو الذي إِذا قُدح ظهرتْ نارُه. ولؤلؤاتٌ مثاقيب ، واحدها مثقوب ، وطريق العراق من الكوفة إِلى مكة ، يقال له مِثقب.
أبو عبيد عن أبي زيد : الثقيب من الإبل : الغزيرة اللبن : وقد ثقبَتْ تثقُب ثقوباً : إِذا غَزُرتْ.
وقال غيره : يقال : إنَّها لثقيبٌ من الإبل ، وهي التي تُحالِب غِزارَ الإبل فتغْزُرُهُن.
أبو عبيد عن أبي زيدٍ أيضاً : الثَّاقب : الغزيرة من الإبل على فاعل.
وقال أبو زيد : تثقّبْتُ النارَ فأنا أتثقّبها تثقُّباً ، وأَثْقبتها إثقاباً ، وثَقَّبْتُ بها تثقيباً ، ومَسَّكْتُ بها تَمْسِيكاً ، وذلك إذا فَحَصْتَ لها في الأرض ثم جعلتَ عليها بعراً وضِراماً ثم دَفَنْتَها في التُّراب. ويقال : تثَقَّبْتُها تثقُّباً حينَ تَقدَحُها.
بثق : قال الليث : البَثْق : كسْرُك شَطَّ النهر ليَنْبَثِقَ الماءُ ، وقد ثَبقْته ثبقاً. والبِثْق : اسم الموضع الذي حفَرَه الماء ، وجمعُه البُثوق.
ويقال : انبثَق عليهم الماء ، إذا أقبَل عليهم ولم يَظُنّوا به.
أبو عبيد : هو بَثْقُ السَّيْل بفتح الباء ، وكذلك قال ابن السكيت وغيره.
وقال أبو زيد : يقال للركيّة الممتلئة ماء باثقة ، وقد بثَقَتْ تَبثُق بُثوقاً ، وهي الطامية ، وفلانٌ باثِق الكَرَمِ ، أي : غزيرُه.
ق ث م
استعمل من وجوهه : قثم.
قثم : قال الليث : القَثْم : لَطْخ الجَعْر ونحوه.
ويقال للضَّبع : قَثَارِم ، لتلطّخها بجَعْرها.
ويقال للذِّيخ قُثَم ، واسم فِعله القُثْمة ، وقد قَثِم يَقْثَم قَثَماً وقُثْمَةً. والقَثوم : الجموع للخير يقال : إنّه لَقَثُومٌ للطَّعام وغيره ، وأنشد :
وللكُبَراء أكلٌ كيف شاءوا |
وللصُّغَراء أكلٌ واقتثامُ |
وقال غيره : يقال : قَثَمَ له من المال فأكثر ، إذا أعطَى به ، وبه سُمِّي قُثَم. وقَثَمَ مالاً : إِذا كسَبه. وقَثام : اسمٌ للغنيمة إذا كانت كثيرة. وقد اقتثم مالاً كثيراً : إذا أخَذَه.
أبواب القاف والراء
ق ر ل
قرل ، رقل ، قرقل : [مستعملة].
قرل : قال : القِرِلّى : طائر.
ومن الأمثال : «أحزم من قِرِلِّي» و «أخطَفُ من قِرِلّى» ، و «أحذر من قِرِلّى».
يقال : إن قِرِلَّى طير من بنات الماء صغير الجِرم ، سَريع الغَوص ، حديد الاختطاف ، لا يُرَى إلّا مرفوفاً على وجه الماء على جانب فيه ، يهوي بإحدى عينيه إلى قعر الماء طمعاً ، ويرفع الأخرى في الهواء حذراً.
ورُوي في أسجاع ابنة الخُسّ : «كُن حذِراً كالقِرِلّى ، إن رأى خيراً تدلَّى ، وإن رأى شرّاً تولّى».
وقال الأزهري : ما أرى قِرِلَّى عربيّاً.
قرقل : أبو عبيدٍ عن الأمويّ : هو القَرْقَل باللام لِقَرقَل المرأة (١).
قلتُ : ونساء أهل العراق يقولون : قَرْقَر ، وهو خطأ ؛ وكلام العرب القَرْقَل باللام.
وكذلك قال الفراء والأصمعيّ.
رقل : قال أبو عبيد عن أصحابه : الإرقال ، والإجذام ، والإجمار : سُرْعة سَيْر الإبل.
ابن المظفر : أرقَلَت الناقة إرقالاً : إذا أَسرعتْ. وأَرقَلَ القومُ إلى الحَرْب إِرقالاً.
وقال النابغة :
إذا استُنْزِلوا للطَّعن عنهنّ أرقَلوا |
إلى الموت إِرقالَ الجِمالِ المَصاعِبِ |
قال : وأرقَلْنا المَغازَةَ إرقالاً : قطعناها.
وقال العجّاج :
لا همّ ربَّ البيت والمشرَّقِ |
والمُرْقِلاتِ كلَّ سَهْبٍ سَمْلَقِ |
قلت : إرقال المفازة : قطعُها خطأ وليس بشيءٍ. ومعنى قوله : «والمُرقِلات كلّ سَهْب ...» ، معناه : ورَبَ المرقِلات ، وهي الإبل المسرِعة. ونَصَب كلَّ لأنَّه جعَلَه
__________________
(١) هو قميص للمرأة ، أو ثوب لا كمّي له ، «القاموس» (قرقل).
مَحَلًّا وظَرْفاً أراد : ورَبَ المرقِلات في كلِّ سَهْب. وهذا هو الصحيح.
أبو عبيد عن الأصمعي : إذا فاتت النخلة يدَ المتناولِ فهي جَبَّارة ، فإذا ارتفعَتْ عمن ذلك فهي الرَّقْلَة ، وجمعُها رَقْل ورِقال.
وقال كُثيِّرٌ :
حُزِيتْ لي بحَزْمِ فَيدَةَ تُحْدَى |
كاليَهوديّ مِن نَطَاةَ الرِّقالِ |
أراد كنخل اليهوديّ الرِّقال من نخيل نَطَاة ، وهيَ عينٌ بخَيْبر.
ق ر ن
قرن ، قنر ، رقن ، رنق ، نقر : مستعملة.
قرن : أبو داود عن ابن شُميل قال : أهل الحجاز يسمُّون القارورة القَرَّان ، الراء شديدة. وأهل اليمامة يسمُّونها الحُنْجورة.
الحَرّاني عن ابن السكّيت ، قال : القَرْن : الجُبيلِ الصغير. والقَرْن : قَرْن الشاة والبقر وغيرهما. والقَرْن من الناس.
قال الله جلّ وعزَّ : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) [الأنعام : ٦].
قال أبو إسحاق : قيل : القَرْن ثمانون سنة ، وقيل : سبعون. قال : والذي يقع عندي والله أعلم أنَ القَرْن أهلُ كلِّ مدّة كان فيها نَبِيٌّ أو كان فيها طبقةٌ مِن أهل العِلم قَلَّت السِّنُونَ أو كثرت. والدليل على هذا قولُ النبي صلىاللهعليهوسلم : «خيرُكم قَرْني ـ بمعنى أصحابي ـ ثم الذين يلونهم ـ يعني التابعين ـ ثم الذين يَلُونَهم» يعني الذين أخذوا عن التابعين. قال : وجائز أن يكون القَرْن لجملة الأمة ، وهؤلاء قُرونٌ فيها.
وإنما اشتقاق القَرْن مِن الاقتران ، فتأويله أنَ القَرْن : الذين كانوا مقتَرِنين في ذلك الوقت ، والذين يأتون مِن بَعدهم ذَوُو اقترانٍ آخر.
وقال ابن السكّيت : يقال هو على قَرْنه ، أي : على سِنِّه.
وقال الأصمعيّ : هو قَرْنُه في السِّنّ بالفتح ، وهو قِرْنه بكسرٍ ، إذا كان مثله في الشدّة والشجاعة.
وقال ابن السكيت : القَرْن كالعَفَلة.
وقال الأصمعي : هي في المرأة كالأدْرَة في الرجل. وقال : هي العَفَلة الصغيرة.
وقال ابن السكيت : القَرْنُ : الدُّفْعة مِن العَرَق ، يقال : عَصرْنا الفَرَسَ قَرْناً أو قرنين.
أبو عبيد عن ابن عمرٍو ، قال : القُرون : العَرَق. قلتُ : كأنه جمعُ قَرْن. قال : والقَرُون : الفَرس الذي يَعرَق سريعاً : إذا جَرَى.
وقال ابن السكيت : القَرْن : الخُصلة من الشعر ، وجمعه قُرون.
قال الأخطل يصف النساء :
وإِذا نصَبنَ قُرونهنَ لغَدرةٍ |
فكأنما حلّتْ لهن نُذورُ |
وقال أبو الهيثم : القرون هاهنا : حبائل الصَّياد يجعل فيها قُرون يَصطاد بها ، وهي هذه الفخوخ التي يصطاد بها الصِّعاءُ والحمام. يقول : فهؤلاء النساء إذا صرنا في قرونهنَ فاصطدنَا فكأَنهنّ كانت عليهنّ نذور أن يقتلننا فحلّت.
وقال الأصمعيّ : القَرْن : جَمْعُك بين دابَّتين في حَبْل. والحَبْل الذي يُلَزّان به يُدعَى قَرَناً.
قال : وقَرْنا البئر ، هما ما بُنِي فعُرِّض ، فيُجعَل عليه خَشبٌ تُعَلَّق البكرة منه.
وقال الراجز :
تَبَيَّن القَرْنين فانظر ما هما |
أمَدَراً أم حَجَراً تراهما |
وقال أبو سفيان بن حرب للعباس بن عبد المطلب حين رأَى المسلمين وطاعتهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، واتِّباعَهم إيّاه حينَ صلَّى بهم : «ما رأيتُ كاليوم طاعةَ قَوْم ، ولا فارسَ الأكارِم ، ولا الرُّوم ذاتَ القُرون».
قيل في تفسيره : إنَّهم قيل لهم ذات القرون لتَوارثهم المُلْكَ قَرْناً بعد قَرْن ؛ وقيل : سُمُّوا بذلك لقُرون شعورهم وتوفيرِهم إيَّاها ، وأنَّهم لا يَجُزّونها.
وقال المرقَش :
لاتَ هَنَّا وليتَني طَرَفَ الزُّ |
جِّ وأهلِي بالشامِ ذاتِ القُرون |
أراد الرومَ ، وكانوا ينزلون الشام.
ومن أمثال العَرَب : «تَرَحك فلانٌ فلاناً على مثْل مَقَصِ قَرْن» ، و «مَقَطّ قَرْن».
قال الأصمعيّ : القَرْن : جبلٌ مُطِلّ على عَرفات. وأنشد :
وأصبَحَ عَهدُه كَمَقصِ قَرْنٍ |
فلا عَيْنٌ تُحَسّ ولا أثَارُ |
ويقال : القَرْن هاهنا الحَجَر الأملس النقيُّ الذي لا أثَرَ فيه. يُضرب هذا المَثل لمن يستأصل ويُصْطَلَم. والقَرْن : إذا قُصَّ أو قُطُّ بَقيَ ذلك الموضعُ أَملَسَ.
وفي الحديث : «الشمس تَطلُع بين قَرنَيْ شيطان ، فإذا طلَعَتْ قارنَها ، فإذا ارتفعَتْ فارقَها».
ونَهَى النبي صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة في هذا الوقت.
وقيل : قَرْنا الشيطان : ناحيتا رأسه ، وقيل : قَرْناه : جَمعاه اللذان يُغْريهما بالبَشَر ويفرِّقهما فيهم مُضِلِّين.
ويقال : إن الأشعّة التي تتقَضَّب عند طُلوع الشمس وتتراءى لمن استَقبَلها أنَّها تُشرق عليهما ، ومنه قوله :
فصبّحتْ والشمسُ لم تَقَضَّبِ |
عَيْناً بَغَضْيانَ ثجوجِ العُنْبُبِ |
ويقال : إنّ الشيطانَ وقرنيه مَدْحُورون ليلةَ القَدْر عن مَراتبهم ، مُزالون عَنْ مَقاماتهم ،
مُراعِين طُلوعَ الشمس ، ولذلك تَطلعُ الشمسُ لا شُعاع لها مِن غَدِ تلك الليلة ، وهذا بيِّنٌ في حديث أُبيّ بن كعب وذكرِه الآية ليلة القدر.
وفي حديث آخر : أنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال لعليّ : «إنَّ لك بيتاً في الجنة ، وإنَّك لذو قَرنَيها».
قال أبو عبيد : كان بعض أهل العِلم يتأوَّل هذا الحديث أنَّه ذو قَرْنَي الجنَّة ، أي : ذو طَرَفَيها.
قال أبو عبيد : ولا أحسِبه أراد هذا ، ولكنه أراد بقوله : ذو قَرنَيْها ، أي : ذو قَرْنَيْ هذه الأمّة ، فأَضمَرَ الأمّة ، وكنَى عن غيرِ مذكورٍ ، كما قال الله جلَّ وعزَّ : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) [ص : ٣٢] أراد الشمسَ ولا ذِكر لها.
وقال حاتم :
أماويَّ ما يُغْنِي الثَّراء عن الفتى |
إذا حشرَجَتْ يوماً وضاقَ بها الصَّدْرُ |
يعني : النفس ، ولم يذكرها.
قال : ومما يحقّق ما قلنا أنَّه عَنى الأُمّةَ حديثٌ
يُرْوَى عن علي رضياللهعنه ، أنَّه ذَكَر ذا القَرْنين ، فقال : «دعا قومَه إلى عبادة الله فضَرَبوه على قَرْنَيه ضربتين ، وفيكم مِثلُه» فنُرَى أنه إنَّما عَنى نفسه ، يعني أدعو إلى الحقِّ حتَّى أُضْرَب على رأسي ضربتين يكون فيهما قَتْلي.
وروَى أبو عُمَر عن أحمد بن يحيى أنه قال في قول النبي صلىاللهعليهوسلم لعليّ : «وإنَّك لَذو قَرْنَيْها» : يعني جَبَلَيها وهما الْحَسن والحسَين. وأنشد :
أثَوْرَ ما أَصِيدُكم أم ثوررَيْن |
أم هذه الجَمّاءَ ذاتَ القرنينْ |
قال : قَرناها هاهنا فزّاها ، وكانا قد شَدَنا فإِذا آذاها شيءٌ دَفَعا عنها.
قال : وقال المبرّد في قوله الجمّاء : ذات القرنين ؛ قال : كان قرناها صغيرين فشبَّهها بالجُمِّ.
ومعنى قوله : «إنك لذو قرنيها» ، أي : إنك ذو قرنَيْ أمّتي كما أنَّ ذا القرنين الذي ذكره الله تعالى في القرآن كانَ ذا قرنَيْ أمَّته التي كان فيهم.
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما أدري ذو القرنين كان نبيّاً أم لا؟». وأمَّا القَرَن فإِنّ الحرانيّ رَوَى عن ابن السكيت أنه قال : القَرَن : السّيف والنَبْل ؛ يقال : رجل قارِنٌ : إذا كان معه سيف ونَبْل.
أبو عبيد عن الأصمعي قال : القَرَن : جعْبة من جلود تكون مشقوقةً ثم تُخرَزُ ، وإنما تُشَقّ كي تَصِل الرِيحُ إلى الريش فلا يَفْسُد.
وقال ابن شُميل : القَرَن من خَشَب وعليه أديمٌ قد غُرِّيَ به ، وفي أعلاه وعُرْض مقدَّمه فَرْجٌ فيه وشجٌ قد وُشِجَ بينه قِلاتٌ ،
وهي خَشَبات معروضات على فَم الْجَفير جُعِلن قِواماً له أن يَرْتَطِم ، يُشرَج ويُفتَح.
وقال ابن السكيت : القَرَن : الجَعْبة ، وأنشد :
يا بنَ هِشامِ أهلَكَ الناسَ اللبَن |
فكلّهم يَسعَى بقَوْسٍ وقَرَنْ |
قال : والقَرَن : الحبْل يُقرَن فيه البعيران ؛ والأقران : الحبال. قال : والقَرَن أيضاً : الجَمَل المَقْرون بآخر.
وقال جريرُ بنُ الخَطَفَى :
ولو عندَ غَسّانَ السَّليطيّ عَرّسَتْ |
رَغا قَرَنٌ منها وكاسَ عقيرُ |
وقال أبو نصر : القَرْن : حَبْل يُفتل من لحاء الشَّجَر.
وقال ابن السكيت : القَرَن : مصدر كبشٍ أقرَن بيِّن القرَن. والقرَن : أن يلتقي طرفُ الحاجبين ، يقال : رجلٌ أقرنُ ومقرون الحاجبين.
الأصمعي : القَرون : الناقة التي تجمع بين مِحلبين. والقَرون : الناقة التي تُدانِي بين رُكْبتيها إذا بَرَكتْ. والقَرون : التي تضع خُفَّ رِجليها على خُفّ يَدِها.
أبو عبيد عن الأصمعي يقال : سامحَتْ قَرُونُه ، وهي النَّفس.
وقال غيره : سامحت قَرونُه وقَرونته وقَرينته ، كلُّه واحد ، وذلك إذا ذَلَّت نفسُه وتابَعْته ؛ وقال أوْس :
فلافَى امرأً مِنْ مَيْدعانَ وأسمحَتْ |
قَرونَته باليأس منها فَعجَّلا |
أي : طابت نفسُه بتركها.
ودُورٌ قَرائن : إذا كانت يَسْتقبِل بعضُها بعضاً.
والقَرون : الفَرَس الذي يَعْرق سريعاً.
أبو يزيد : أقرنَت السماءُ أياماً تُمطِر ولا تُقْلع ، وأغضَنَتْ وأَغينَتْ بمعنى واحد ، وكذلك بَجَّدَتْ ورَيَّمَتْ.
ثعلب عن ابن الأعرابي : أقرَنَ الرجل : إذا أطاقَ أمر ضَيْعَته ، وأقْرَن : إذا لم يُطِقْ أمرَ ضَيْعيه من الأضداد.
قال : وأَقْرَنَ : إذا ضَيَّقَ على غريمه.
وقال الله تعالى : (وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) [الزخرف : ١٣] ، أي : ما كنا له مُطيقين ، واشتقاقه من قولك : أنا لفلانٍ مُقْرِن ، أي : مُطيق ، أي : قد صِرْت له قِرْناً.
وقال ابن هانئ : المُقرِن : المطيق ، والمقرن : الضعيف ، وأنشد :
وداهيةٍ دَاهَى (١) بها القومَ مَفْلِقُ |
بصيرٌ بعَوْرات الْخُصُوم لَزومُها |
|
أَصَخْتُ لها حتّى إذا ما وَعيتُها |
رُميتُ بأخرى يَستديمُ خَصِيمُها |
__________________
(١) في المطبوع : «داهى» والمثبت من «اللسان» (قرن).
تَرَى القَوم منها مُقرِنين كأنما |
تَساقَوا عُقاراً لا يُبِلّ نَديمُها |
|
فلم تلْغِني فَهًّا ولم تُلفِ حجتي (١) |
ملجلَجةً أَبغِي لها مَنْ يُقيمها |
وقال أبو الأحوص الرياحيّ :
ولو أدركته الخيلُ تدَّعى |
بذي نَجَبٍ ما أقرنت وأجلّتِ |
أي : ما ضَعفَتْ.
وقال الأصمعي : الإقران : رَفْع الرجُل رأس رُمْحِه يصيب مَن قُدَّامه ، يقال : أقرِن رُمْحَك. والإقران : قوة الرجل على الرجل ، يقال : أَقرَنَ له : إذا قَوِي عليه.
وقال غيره : المُقرِن : الذي قد غَلبتْه ضَيعتُه ، يكون له إبلٌ أو غَنَم ولا مُعينَ له عليها ولا مُذِيد لها يذودُها يومَ ورْدِها ، فهو رجل مُقْرِن.
الأصمعي : القران : النبل المستوية مِن عملِ رجلٍ واحد. ويقال للقوم : إذا تَناضَلُوا : اذكروا القِران ، أي : وَالُوا بِسَهْمين سهمين.
وقال ابن المظفّر : القِران : الحبْل الذي يُقرَن به البعيران ، وهو القَرَن أيضاً.
قلت : الحبل الذي يُقرَن به بعيران يقال له القَرَن ، وأما القِرن ، وأما القِران فهو حَبلٌ يُقلَّده البعيرُ ويقادُ به.
ورُوِي أن ابن قتادة صاحب الحمالة تحمّل بحمالة ، فطافَ في العرب يَسأل فيها ، فانتهى إلى أعرابي قد أورَدَ إبِله ، فسأله فيها ، فقال له : أمعَك قُرُنٌ. قال : نعم ، قال : ناولني قِراناً ، فقَرَن له بعيراً ، ثم قال له : ناولني قِراناً ؛ فقَرَن له بعيراً آخر ، حتّى قَرَن له سبعين بعيراً.
ثم قال : هات قِراناً ؛ قال : ليس معي ؛ قال : أولى لو كانت معك قُرُنٌ لقَرَنْتُ لك منها حتى لا يَبقَى منها بعير.
وهو إياس بن قتادة.
والقِران : أن يَجمَع الرجل بين الحجّ والعُمْرة. وجاء فلان قارِناً.
والقَرْناء من النساء : التي في فَرْجها مانع يمنع مِن سُلوك الذَكَر فيه ، إمّا غُدَّة غليظة ، أو لحمةٌ مُرْتَتِقة ، أو عَظْم ، يقال لذلك كله القرَن. وكان عمرُ يجعل للرجل إذا وجد امرأته قرناء ؛ الخيار في مفارقتها من غير أن يوجب عليه مهْراً.
وقال الأصمعي : القرنتان : شُعبتا الرَحِم كلُّ واحدة منها قَرْنة. والقرنة : حد السكين والرمح والسَّهم ؛ وجمعُ القرنة قُرَن.
وقال الليث : القَرْن : حدُّ رابيةٍ مشرفة على وهدة صغيرة. والقُرانى : تثنية فُرادى ، يقال : جاءوا قرانى وجاءوا فرادى.
__________________
(١) في المطبوع : «فلم يلغني منها ولم تلف حجر» والمثبت من المصدر السابق (قرن).
وفي الحديث في أكل التمر : «لا قِرَانَ ولا تفتيش» ، أي : لا يقرن بين تمرتين بأكلهما معاً.
والقرون : الناقة التي إذا بَعَرتْ قارنَتْ بعرها. والقرين : صاحبك الذي يُقارنُك ، وقال ابن كلثوم :
مَتى نعقِد قَرينتنا بحبلٍ |
نجذُّ الحبل أو نَقِصُ القرينا |
قرنيته : نفسه هاهنا. يقول : إذا أقرَنَّا القِرن غلبناه.
وقال أبو عبيد وغيره : قرينة الرجل : امرأته.
وقال الليث : القرنانُ : نعتُ سَوءٍ في الرجل الذي لا غيرة له.
قلت : هذا من كلام حاضرة أهل العراق ولَم أَر البوادِيَ لفَظُوا به ولا عرفوه.
وقارون : كان رجلاً من قوم موسى فبغَى على قومه ، فخسف الله (بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ).
والقَيُّرَوان معرب ، وهو بالفارسية كاروان وقد تكلمت به العرب قديماً ، قال امرؤ القيس :
وغارةٍ ذاتِ قَيْرَوانٍ |
كأنّ أسرابها الرعالُ |
أبو عبيد عن الأصمعي : القَرنُوَة : نبت.
قلت : ورأيتُ العرب يدبغون بورقه الأُهُبَ ، يقال : إهابٌ مُقرنى بغير همز وقد هَمَزَه ابنُ الأعرابي.
وقال ابن السكيت : سقاء قرنَوِي : دبغ بالقَرْنُوَة.
ويقال : ما جعلتُ في عيني قَرْناً من كُحْل ، أي : ميلاً واحداً ، من قولهم : أتيتُه قَرناً أو قَرنين ، أي : مرةً أو مرّتين.
والمقَرَّنة : الجبال الصغار يَدْنو بعضُها من بعض ، سُمِّيَتْ بذلك لتَقارُنِها.
قال الهُذَلِيّ :
وَلَجِيءٍ إذا ما الليلُ جَنّ |
على المقرَّنة الحَباحِبْ |
وقال أبو سعيد : استَقرَن فلانٌ لفلانٍ : إذا عازَّه وصار عند نفسِه من أقرانه.
وقال أبو عبيد : أقرَنَ الدُّمَّل : إذا حانَ أن يتَفَقَّأ. وأَقرَنَ الدَّمُ واستقرَن ، أي : كثر.
وإِبلٌ قُرانَى ، أي : قَرائن.
وقال ذو الرمة :
وشِعْبٍ أبَى أن يَسلُكَ الغُفْرَ بينَه |
سَلَكْتُ قَرانَى من قيَاسِرَةٍ سُمْرَا |
قيل : أراد بالشِّعب شِعَب الجبَل.
وقيل : أراد بالشِّعب فُوقَ السَّهْم.
وبالقُرانَى وَتَراً فَتِل مِن جِلْد إبلٍ قَياسرة.
والقَرينة : اسم روضة بالصَّمّان.
ومنه قول الشاعر :
جَرَى الرِّمْثُ في ماءِ القَرينة والسّدْرُ
وقال أبو النجم يَذكر شَعْرَه حين صَلِع :
أفناه قولُ الله للشمسِ اطلُعي |
قرْناً أَشِيبيهِ وقرْناً فانزِعي |
أي : أفنَى شَعرِي غروبُ الشمس وطلوعُها وهو مَرُّ الدهر.
قال : والقَرَن : تَباعُد ما بين رأسَيِ الثَّنِيَّتَيْنِ وإن تدانت أصولهما.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَرْن : الوقت من الزمان ، فقال قومٌ : هو أربعون سنة ، وقالوا : ثمانون سنة ، وقالوا : مائة سنة.
قال أبو العباس : وهو الاختيار ، لأنَّه جاء
في الخبر أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم مَسَح رأْسَ غلام.
وقال : «عِشْ قَرْناً» فعاش مائة سنة.
عمرو عن أبيه : القَرين : الأسير.
والقَرين : العَيْن الكَحِيلُ.
شمر عن الأصمعي : القَرناء : الحيَّة ، لأنَّ لها قَرْناً.
وقال ذو الرمّة يصف الصائد وقُتْرَتَه :
يُبايتُه فيها أحَمُّ كأنه |
إباضُ قَلوصٍ أسلمتْها حِبالُها |
|
وقرْناءُ يدعو باسمها وهو مُظْلمٌ |
له صوتُها إرْنانُها وزَمالُها |
يقول : يُبيِّن لهذا الصائد صوتُها أنَّها أفْعَى ، ويُبيّن لها مَشْيُها ـ وهو زَمالُها ـ أنها أفْعَى ، وهو مُظلم ، يعني الصائد أنّه في ظُلمة القُتْرَة.
ابن شميل : قرَنْتُ بين البعيرين وقَرَنتهما : إذا جمعتَ بينهما في حَبْل قَرْناً. والحَبْل الذي يُقْرَن به بينهما قَرَن.
رقن : قال الليث : الترْقِين : ترقين الكتابة وهو تزيينها ، وكذلك تزيين الثوب بالزَّعفران أو الوَرْس.
وقال رؤبة :
دارٌ كرَقْم الكاتب الْمُرَقِّنِ
قال : والراقنة : الحَسنة اللون.
وأنشد :
صفراءُ راقنةٌ كأنَّ سَمُوطَها |
يَجرِي بهنّ إذا سَلِسْن جَديلُ |
أبو عبيدٍ عن الفراء قال : الرَّقُون والرِّقان كلُّه اسمٌ للحِنّاء. وقد رَقَّنَ رأسه وأَرْقَنَه : إذا خَضَبه بالحنّاء.
وأنشد ابن الأعرابيّ :
غِياثُ إن مُتُّ وعِشتَ بعدِي |
وأشرفتْ أمُّك للتصدِّي |
|
وارتقنتْ بالزَّعفران الوَرْدِ |
فاضرب ، فِداكَ والِدي وجَدّي |
|
بين الرِّعاثِ وقناطِ العِقْدِ |
ضَرْبة لا وانٍ ولا ابنِ عبدِ |
رنق : قال الليث : الرَّنَق : تراب في الماء مِن القَذَى ونحوِه ، ماءٌ رَنْق ورَنَق ، وقد أرنَقْتُه ورنَّقتُه إرْناقاً وترنيقاً.
وسئل الحَسَن : أينفُخ الإنسان في الماء؟
فقال : إن كان مِن رَنَق فلا بأس.
ويقال : ما في عيشِه رَنق ، أي : كدَر.
قال زهير :
مِن ماءٍ لينةَ لا طَرْقاً ولا رَنَقاً
قال : والترنيق : كسْر جَناح الطائر برَميةٍ أو داءٍ يصيبه حتى يسقط وهو ميِّت مُرَنَّق الجناح.
وأنشد :
فيَهوِي صحيحاً أو يرنَّقُ طائرُه
قلت : ترنيق الطائر على وجهينِ : أحدهما : صَفُّ جناحيه في الهواء لا يحرِّكهما ، والآخر خَفْقُه بجناحيه.
ومنه قول ذي الرّمة :
إذا ضرَبتْنا الريحَ رَنَّقَ فَوْقنا |
على حَدِّ قَوْسَيْنا كما خَفَقَ النَّسرُ |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَرْنَق الرجل : إذا حَرَّك لواءَه للحمْلَة.
قال : وأرنَقَ اللواءُ نفْسُه ورنَّق في الوجهين مِثله.
وأنشد :
نَضْربهمْ إذا اللِّواءُ رَنَّقَا
والترنيق : الانتظار للشيء. والعرب تقول :
رمّدت المِعْزَى فرَنِّق رَنِّق |
رَمَّدَت الضَّانُ فربّق ربّق |
وترميدُها : أن تَرِم ضُروعُها ويَظهر حَمْلُها.
والمِعْزَى إذا رمَّدَت تأَخَّرَ وِلادُها. والضَّأْنُ إذا رَمَّدَتْ أَسرَع وِلادُها على أثر ترميدِها.
والتربيق : إعداد الأرباق للسِّخال.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الترنيق يكون تكديراً ، ويكون تصفية. قال : وهو من الأضداد ، يقال : رَنق اللهُ قَذَاتَك ، أي : صَفَّاها.
وتَرنوق المسيل والنَّهر : ما يرسُب فيه من طينٍ وغيره. يقال : تَرنوقٌ وتُرنوق.
نقر : قال الليث : النَقْر : صَوتٌ للسان ، وهو إلْزَاق طرَفه بمَخرج النون ، ثم يصوِّت به فيَنْقُر بالدابةِ ليسيره.
وأنشد :
وخانِق ذي غُصّة جِرياضِ |
راخَيْتُ يومَ النّقْرِ والإنقاضِ |
وأنشده ابن الأعرابي :
وخانِقَيْ ذي غُصّة جَرَّاض
وقال : أراد بقوله : خانِقَيْ : هَمَّيْن خَنَقَا هذا الرجل : راخيت ، أي : فرّجْتُ.
والنَقْر : أن يَضع لسانَه فوقَ ثناياه مما يلي الحَنَك ثم يَنقُر.
وقال أبو إسحاق في قول الله جلَّ وعزّ : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨)) [المدثر : ٨].
قال أهل التفسير : الناقور : الصُّورُ الذي يُنفَخ فيه للحَشر.
ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي في قوله : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨)) قال : الناقُور : القَلْب.
وقال الفرّاء : يقال : إنَّها أول النَّفْختين.
وقال مجاهد وقَتادة : الناقور : الصُّور.
وأخبرني المنذريُّ عن الحرّاني عن ابن السكّيت في قول الله : (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) [النساء : ١٢٤] ، قال : النَقِير النُّكتَة التي في ظَهر النَّواة.
قال : وسمعتُ أبا الهيثم يقول : النَقير : نُقْرة في ظهر النَّواة منها تنبتُ النخلة ، قال : والنَّقير : الصوت. والنّقير : الأصل ، ويقال : أنْقَر الرجل بالدابة يُنقِر بها إنقاراً ونقراً.
وأنشد :
طِلْحٌ كأنَّ بطنَه جشيرُ |
إذا مَشَى لكَعْبه نَقِيرُ |
أي : صَوْت ، قال : والنَّقير : أصل النخلة يُنقَر فيُنبذ فيه.
ونهَى النبي صلىاللهعليهوسلم عن الدُّبّاء والحَنْتَم والنَّقير.
قال أبو عبيد : أمَّا النَقير فإنّ أهل اليمامة كانوا يَنقُرون أصل النخلة ثم يَشْدَخون فيها الرُّطب والبُسْر ثم يَدَعُونه حتَّى يَهْدِر ، ثم يَمُوت.
وقال الليث : النّقْر : ضربُ الرحَى والحَجر وغيره بالمِنقار. والمِنقار : حديدةٌ كالفأس مسلَّكة مستديرة لها خلْفٌ واحد يُقطع به الحجارة والأرضُ الصُّلبَة.
والنَّقّار : الذي يَنقُر الرّكُب واللُّجُم ونحوها ، وكذلك الذي ينقر الرحى ، ورجُل نَقّار : منقِّر عن الأمور والأخبار.
وجاء في الحديث : «مَتَى ما يَكثر حَمَلة القرآن يُنقِّروا ومَتَى ما يُنَقَّروا يختلفوا».
والمُناقَرة : مُراجعة الكلام بين اثنين وبثُّهما أحاديثَهما وأمورهما.
والنُّقْرة : قطعةُ فضّة مُذابة. والنُقْرة : حُفْرة من الأرض ليست بكبيرة. ونُقْرة القفا معروفة.
والنُّقرة : ضَمُّك الإبهامَ إلى طَرف الوسْطَى ، ثم تَنقُر فيَسمع صاحبُك صوتَ ذلك وكذلك باللسان. والرجل يَنْقُر باسمِ رجلٍ من جماعةٍ ، يخصُّه ليدعوه ، يقال : نَقَر باسمِه : إذا سمَّاه من بينهم. وإذا ضَرَبَ الرجلُ رأسَ رجل قلت : نَقَر رأسه.
أبو عبيد : يقال : دعوتُهم النّقَرَى ، وهو أن يدعوَ بعضاً دون بعض ، يَنْقُر باسم الواحد بعد الواحد.
قال : وقال الأصمعيّ : فإذا دعا جماعتَهم ، قال : دعوتُهم الجَفَلى.
وقال طرَفَة :
نحنُ في المشْتاة ندعُو الجَفَلى |
لا ترى الآدِب فينا يَنتَقِرْ |
قال شمِر : المناقرة : المنازعة ، وقد ناقره ،
أي : نازعَه.
وقال أبو عمرو : النواقر : المقرطِسَات.
وقال الشماخ يصف صائداً وسَيره :
يشفى نفسَه بالنواقرِ
والنواقر : الحُجج المصيباتُ كالنَّبل المصيبة.
وقال ابن شميل : إنه لَمُنقَّر العين ، أي : غائر العين.
وقال أبو سعيد : التنقُر : الدُّعاء على الأهل والمال : أراحَنِي الله منكم. ذهب الله بماله.
وقال ساعدة :
وفي قوائمه نَقْر من القسَم
كأنه الضَّرَبان.
وقال ابن بزرج : قالت أعرابيّةٌ لصاحبةٍ لها : مُرِّي على النّظَري ، ولا تَمُرّي بي على النَقَرَي ، أي : مُرِّي بي على من يَنظر إليّ ولا ينقِّر. ويقال : إنَّ الرجال بنو النَّظري ، وإنّ النساء بنو النَّقَرَي.
وقال ابن السكيت نحواً من ذلك ، قال : ويقال : مَقَره يَنْقُره : إذا عابه ووَقَع فيه ، ويقال : ما أَنقَرَ عنه حتّى قَتَله ، أي : ما أَقْلع عنه.
ورُوِي عن ابن عباس أنّه قال : ما كان الله ليُنقِرَ عن قاتل المؤمن ، أي : ما كان ليُقلع.
وأنشد أبو عبيد :
وما أنا عن أعداءِ قَومِي بمُنْقِرِ
وقال الليث : المِنْقَر : بئر كثيرة الماءِ بعيدةُ القَعْر. وأنشد :
أصدَرَها عن مِنْقَر السَّنابِرِ |
نَقْدُ الدنانير وشرب الحازِرِ |
|
واللَّقْمُ في الفاثُور بالظَّهائر
أبو عبيد عن الأصمعيّ : المُنْقُر وجمعُها مَناقِر ، وهي آبارٌ صغارٌ ضيَّقة الرؤوس تكون في نَجَفة صُلْبة لئلا تَهشَّم.
قلت : والقياس مِنْقَر كما قال الليث ، والأصمعي لا يَروِي عن العرب إلّا ما سمِعَه وأَتقنَه.
وبنو مِنْقَر : حَيٌّ مِن بني سعد بن زيد مَناة.
وقال الليث : انتقرتِ الخيلُ بحوافرها نقراً ، أي : احتَفَرتْ بها ، وإذا جَرَت السُيُول على الأرض انتَقَرَتْ نُقَراً يَحْتبِس فيها شيء من الماء.
وقال ابن السكّيت : النُّقْرةُ : داء يأخذ المِعْزَى في خَواصرها وفي أفخاذها فيُلتَمسُ في موضعه فيُرَى كأنَّه وَرَم فيُكوى ، يقال بها : نُقرة وعَنْز نَقرة.
وقال المرّار :
وحَشوتُ الغَيظَ في أضلاعِه |
فهو يَمشِي حَظَلاناً كالنَّقِرْ |
أبو عبيد عن الأمويّ : هو نَقِر عليك ،
أي : غضبان.
المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : ما لفلانٍ بموضع كذا وكذا نَقِرٌ بالراء غير معجمة ولا مَلْك ولا مُلْك ومِلْك ومَلَك يريد بئراً أو ماء.
قال : وما أغْنى عَنّي زَبَلة ولا نَقْرة ولا فَتْلةً ولا زِبالاً.
أبو عبيد عن الأمويّ : هو نقِر عليك ، أي : غضبان.
وقال غيره : رَمَى الرامي الغَرَضَ فنَقَرهُ ، أي : أصابه ولم يُنْفِذْه ، وهي سِهامٌ نواقر.
ويقال لرجل إذا لم يستقرّ على الصواب : أَخطأَتْ نواقِرُه.
وقال ابن مقبل :
وأَهتَضَم (١) الخالَ العزيزَ وأَنتَحِي |
عليه إذا ضَلَّ الطّريق نَواقره |
وتقول : نعوذ بالله من العَقَر والنّقر.
فالعَقَر : الزَّمانة في الجسَد. والنَّقَر : ذَهاب المال.
والنّقيرة : رَكِية معروفة ماؤها رَوَاءٌ بين ثاج وكاظمة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : كلُّ أرض مُتَصوِّبة في هَبْطة فهي النّقرة وبها سمِّيت نَقِرةُ طريقِ مكة التي يقال لها : مَعدِن النّقرة.
قنر : أبو عبيد : رجل قَنَوَّر ، شديد. قال : وكلُّ فظٍّ غليظٍ قَنَوّر ، وأنشد :
حَمّال أثقال بها قَنَوَّرُ
وأنشد ابن الأعرابي :
أرسلَ فيها سيطاً لم يقفرِ |
قَنَورّاً زادَ على القَنَوّرِ |
وقال أبو عمرو : قال أحمد بن يحيى في باب فعوّل : القِنَّوْر : الطويل. والقِنَّوْر : العبد. قاله ابن الأعرابيّ.
قال : وأنشدنا أبو المكارم :
أضحتْ حلائلُ قِنَّورٍ مجدّعةً |
بمَصرَع العبد قِنّور بن (٢) قِنَّوْرِ |
قلت : ورأيت في البادية ملاحةً تُدْعى قَنُّور بوزن سَفُّود ، وملحها من أجود الملح.
وفي «نوادر الأعراب» : رجل مُقَّنْوِر ومُقَنِّر ، ورجلٌ مُكَنْوِرٍ ومُكنِّر : إذا كان ضخماً سمِجاً ، أو مُعْتمّاً عِمةً جافية.
وقال الليث : القَنَوَّر : الشديد الرأس الضَّخْمُ من كل شيء.
ق ر ف
قرف ، قفر ، رقف ، رفق ، فرق ، فقر : مستعملات.
__________________
(١) كذا في ة «اللسان» والتاج» (نقر) ، وفي المطبوع «وأهقضم» تصحيف.
(٢) في المطبوع : «بني».
قرف : الحرانيّ عن ابن السكيت قال : القَرْف : مصدَرُ قَرَفْت القَرْحة أقرِفها قَرْفاً ، إذا نَكَأْتَها.
أبو عبيد يقال للجُرح إذا تقشَّر قد تَقرَّف واسم الجلدة القِرْفة ، وأنشد :
عُلالَتُنا في كلِّ يومِ كريهةٍ |
بأَسيافنا والقَرْحُ لم يتقرّفِ |
وقال ابن السكيت : قَرَفتُ الرجلَ بالذنب قَرْفاً : إذا رميتَه به.
وقال الأصمعيّ : يقال : قَرَف عليه يَقْرف قَرْفاً : إذا بَغى عليه. وقَرَفَ فلانٌ فلاناً : إذا وقع فيه. وأصل القرف : القَشْر.
والقِرْف : القِشْر.
يقال : صَبَغَ ثوبه بقِرْف السِّدْر ، أي : بقِشره.
ابن السكيت : القَرْفُ : شيءٌ من جُلود يُعمَل فيه الخَلْع. والخَلْع : أن يؤخذ لحمُ جَزورٍ وَيُطبخ بشحمه ويُجعل فيه توابل ، ثم يفرَّغ في هذا الْجِلد.
قال معقِّر البارقيّ :
وذُبانِيَّةٍ وَصَّتْ بنيها |
بأنْ كذَبَ القَراطِفُ وَالقُرُوف |
قال : وَقِرْف كل شجرة قِشرها.
وقال أبو سعيدٍ في قوله :
بأنْ كَذبَ القراطف وَالقُرُوفُ
قال : القَرْف : الأديم الأحمر.
وَروى أبو ترابٍ عن أبي عمرو : القُرُوف : الأُدْم الحُمْر الواحد قَرْف.
قال : والقُرُوف والظروف بمعنى واحد.
وَقال اللِّحيانيّ : يقال : أحمرُ قَرف ، وَبعضهم يقول : أحمرُ كالقَرف. والقَرْف : الأديم الأحمر ، وأنشد :
أَحمرُ كالقَرْف وَأَحْوَى أَدعَجُ
الأصمعي يقال : تركتُهم على مِثل مَقْرِف الصَّمْغَة ، أي : مَقْشِر الصَّمغة. ويقال : اقتَرَف ، أي : اكتسَبَ ، وبعيرٌ مُقتَرفٌ ، وهو الذي اشتُرِيَ حديثاً.
ويقال : ما أَقْرَفَتْ يدي شيئاً مما تكره ، أي : ما دانت وما قارَبتْ. وَالمُقْرِف من الخيل الذي دانَى الهُجْنة من قِبَل أبيه.
ويقال : إنِّي لأخشَى عَلَى فلانٍ القَرَف ، أي : مداناة المَرَض.
ابن السكيت : يقال : قَرَفَ فلانٌ فلاناً ، إذا اتهمهُ بسرقة أو غيرها.
ويقال : هو قَرَفٌ من ثوبي أو بعيري ، وهو قِرْفتي : إذا اتهمَه.
الليث : القِرْفة دواء معروف. وفلان يُقْرَف بسوء ، أي : يُرقى به ، واقتَرَف ذَنْباً ، أي : أتاه وفَعَله.
وقالت عائشة : «كان النبي صلىاللهعليهوسلم يُصبح جُنباً مِن قرافٍ غير احتلام» ، أي : مِن جماع وخِلاط.
وقال أبو عمرو : القَرَف : الوباء ، يقال : احذَر القَرَفَ في غَنَمكَ ، وقد اقتَرَف فلانٌ
من مَرَضَى آل فلان ، وقد أقرفوه إقرافاً ، وهو أن يأتيهم وهمْ مَرْضى فيصيبه ذلك.
أبو سعيد : إنَّه لقَرَفٌ أن يَفعل ذاك ، مِثل قَمَن وخَليق.
وقال ابن الزُّبير : «ما على أحدِكم إِذا أتى المسجدَ أن يُخرج قِرْفةَ أنفِه» ، أي : ينقي أنفه مما يَبِس فيه من المُخاط ولَزِق بداخله.
ويقال : معنى قولهم : إنّه لأحمرُ قَرْف : إذا كان شديد الحمرة ، كأنه قُرِف ، أي : قُشِر من شدة حُمرته.
فرق : قال الليث : الفَرْق : موضع المفْرِق من الرأس. والفَرْق : تفريق بين الشيئين حتَّى ينفرق.
الحراني عن ابن السكّيت قال : الفَرْق مصدر فَرَقتُ الشعر. والفِرْق : القَطيع مِن الغَنَم العظيم.
قال الراعي :
ولكنّما أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّه |
بِفِرْق يُخَشِّيهِ بِهَجْهَجَ ناعِقُهْ |
وفي حديث ابن أبي هالة في صفة النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن انفَرَقتْ عَقيصتُه فَرَقَ ، وإلَّا فلا يبلغُ شَعْرُه شحمة أذنه إذا هو وفَّره» ، ويُروَى : «عَقِيقته»
أراد أنَّه كان لا يَفرِقُ شعرَه إلَّا أن ينْفرِق هو ، وكان هذا في أوّل الإسلام ثم فرق بعدُ.
والفَريقة : القطعة من الغنم ، ويقال : هي الغَنَم الضَّالة. وأفرَقَ فلانٌ غَنَمه : إذا أضلَّها وأضاعها.
وقال كثير :
وذِفْرَى ككاهلِ ذِيخِ الخَلِيفِ |
أصابَ فَريقةَ لَيْلٍ فعاثا |
وقال ابن السكّيت : الفَريقة : التَّمْر والحُلْبَة تُجعَل للنُفَساء.
وقال أبو كبير :
ولقد وردتُ الماءَ لَونُ جِمامِه |
لون الفريقة صُفِّيتْ للمدنَفِ |
قال : والفَريقة : فريقة الغَنَم ، أن تَنْفرِق منها قِطعةٌ أو شاةٌ أو شاتان أو ثلاث شياه فتذهَب عن جماعة الغنم تحت الليل.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) [البقرة : ٥٠] ، معنى (فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) جاء تفسيره في آية أخرى وهو قوله : (فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣)) [الشعراء : ٦٣] ، أراد فانفَرَق البحر فصار كالجبال العظام وصاروا في قَراره.
وقوله : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ) [الإسراء : ١٠٦] ، وقرئ : (فَرَّقْناه) : أنزَل الله جلّ وعزّ القرآن جملةً إلى سَماء الدُّنيا ، ثم نَزَل على النبي صلىاللهعليهوسلم في عشرين سنة. فرَّقه الله في التنزيل ليَفهمَه الناس.
وقال الليث في قوله : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ) معناه
أحكمناه ، كقوله : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)) [الدخان : ٤].
وقال الفرّاء في قوله : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ) قرأه أصحاب عبد الله مخفّفة ، والمعنى : أحكمناه وفصَّلناه ، كما قال الله فيها : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)) ، أي : يفصَّل.
قال : وروي عن ابن عبّاس : (فَرّقناه) بالتثقيل ، يقول : لم ينزل في يوم ولا يومين ، نزل متفرّقاً.
قال : وحدّثنيه الحكم بن ظهير عن السّدّيّ عن أبي مالك عن ابن عباس : (فَرَقْناهُ) مخففة.
وقوله جلّ وعزّ : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣)) [البقرة : ٥٣] ، يجوز أن يكون الفرقان الكتابَ بعينه ، وهما معاً التوراة ، إلّا أنّه أعيد ذِكره باسمٍ غير الأوّل. وعنى به أنّه يفرّق بين الحقّ والباطل. وقد ذكر الله الفرقانَ لموسى في غير هذا الموضع فقال : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً) [الأنبياء : ٤٨] ، أراد التوراة ، فسمَّى الله جلّ وعزّ الكتابَ المنزَل على محمدٍ صلىاللهعليهوسلم فُرقاناً ، وسَمَّى الكتابَ المنزَل على موسى فُرقاناً.
والمعنى : أنه جلّ وعزّ فَرّق بكلِّ واحدٍ منهما بين الحقّ والباطل.
وقال الفرّاء : المعنى : (آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ) أتينا محمداً الْفُرْقانَ ، والقول الذي ذكرناه قبله واحتججنا له من الكتاب بما احتججنا ، هو القول ، والله أعلم.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الفِرق : الجَبَل.
والفِرق : الهضبة. رواه أبو عمرو.
والفِرْق : المَوْجَة. والفِرْق : الجَبل.
والفِرْق : الهَضْبة. قال ذلك ابن الأعرابي.
قال : ويقال : فرقتُ أفرُقُ بين الكلام.
وفرَّقتُ بين الأجسام.
قال : وقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا» ، بالأبدان لأنه يقال : فرّقتُ بينهما فتَفرَّقا.
أبو عبيدٍ عن الكسائيّ : الأفرق من الرجال : الذي ناصيتُه كأنَّها مفروقة.
ومنه قيل : دِيك أفرَق ، وهو الذي له عُرْفانِ. والأفرق من الخيل : الناقص إحدى الوَرِكَين.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الأفرق من الخيل : الذي نَقَصَتْ إحدى فخذيه عن الأخرى.
وقال الليث : الأفرق شِبه الأفلج ، إلَّا أن الأفلج زعموا ما يُفلَّج. والأفرق : خِلْقة.
قال : والفَرْقاء من الشاء : البعيد ما بين الخُصْيَتَين.
قال : والأفرق مِن الدوابّ : الذي إحدى حَرْقَفَتيْه شاخصةٌ ، والأخرى مطمئنّة.
قال : ويقال للماشطة : تمشِّط كذا وكذا فَرْقاً ، أي : كذا وكذا ضَرْباً.
والفِرْق : طائفةٌ من الناس.
قال : وقال أَعرابيٌّ لصبيان رآهم هؤلاءِ فِرْقُ سوء.
قال : والفَريق : الطائفة من الناس ، وَهم أَكثر من الفِرْق. وَالفُرقة : مصدر الافتراق.
قلت : الفُرْقة : اسم يوضع موضع المصدر الحقيقي من الافتراق.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) [الأنفال : ٤١].
قال أَبو إسحاق : يوم الفُرقان هو يومُ بَدْر ، لأنَّ الله جلَّ وعَزّ أَظهرَ فيه مِن نَصْره ما كان فيه فُرقانٌ بين الحق وَالباطل.
وَنحو ذلك قاله الليث.
قال : وَسمَّى الله عُمر الفاروقَ لأنه ضرب بالحق على لسانه في حديث ذكره.
حدّثنا عثمان عن جرير عن منصور عن مجاهد في قوله : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) [الأنفال : ٢٩].
قال عثمان : وَحدثنا يحيى بن يمان عن سفيان عن أبيه عن منذر الثوري عن الربيع بن خيثم : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) ، قال : من كل أَمرٍ ضاقَ على الناس.
وَحدثنا الحسن عن عثمان عن ابن نمير عن وَرقاء عن ابن أَبي نجيح عن مجاهد : (يَوْمَ الْفُرْقانِ) ، قال : يوم بدر ، فرق فيه بين الحق وَالباطل.
أبو عبيد عن الأصمعي والكسائي قال : إذا أخذ الناقةَ المخاضُ فندَّت في الأرض فهي فارق ، وَجمعها فُرق ، وَقد فرقت تفرق فروقاً وَنحو ذلك قال الليث.
قال : وَكذلك السحابة المنفردة لا تخلِف ، وَربما كان قبلَها رَعْدٌ وَبَرَق.
وَقال ذو الرّمة :
أو مُزنةٌ فارقٌ يجلو غواربَها |
تَبَوُّجُ البرق والظّلماءُ علجومُ |
ثعلب عن ابن الأعرابي : أَفْرقْنا إبلَنا العامَ ، إذا حَلَّوها في المَرعَى والكَلأ لم ينتجوها ولم يُلقِحوها.
وقال الليث : والمطعون إذا برأ قيل : أفرَقَ يُفْرِق إفراقاً.
قلت : وكذلك كلُّ عليل أفاق من علّته فقد أفرَقَ.
وانفَرَقَ البحر وانفَلق واحدٌ.
قال : وهو الغَرَقَ والفَلَق للفجر.
وأَنشد :
حتَّى إذا انشقَّ عن إنسانه فَرَقٌ |
هادِيه في أخريات الليل منتصبُ |
وفي الحديث : أنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم كان يتوضأ بالمُدّ ويَغْتسل بالصَّاع.
وقالت عائشة : «كنت أغتسل معه عليهالسلام من إناءٍ يقال له : الفَرَق».
قالت : والمحدِّثون يقولون الفَرْق. وكلام العرب الفَرَق. قال ذلك أحمد بن يحيى وخالد بن يزيد ، وهو إناءٌ يأخذ ستّةَ عشر مُدّاً ، وذلك ثلاثة آصُع.
والفَرَق أيضاً : الخَوف ؛ وقد فَرِق يَفرَق فَرَقاً.
وأخبرني الإياديُّ عن شمِر أنه قال : رجلٌ فَروقة وفَرُّوقة وفاروقة. وهو الفَزع الشديد الفَرَق.
قال : وبلَغني أن الفَرُوقة : الحرمة.
وأنشد :
ما زال عنه حُمقُه ومُوقُهُ |
واللّؤم حتى انتُهِكتْ فَرُوقُه |
أبو عبيد عن الأموي : الفَروقة : شَحْم الكليتين.
وأنشدنا :
فبِتْنا وباتت قِدْرُهم ذات هِزَّةٍ |
تضيء لنا شَحْم الفروقة والكُلَى |
وقال غيره : أرض فَرِقة : في نبتها فَرَق : إذا لم تكن واصيةً متّصلة النبات.
وأنكر شمر الفَروقة بمعنى شَحم الكليتين فيما أخبرني الإياديّ عنه.
ويقال : وقفتُ فلاناً على مَفارق الحديث ، أي : على وجوهه. وقد فارقْتُ فلاناً مِنْ حسابي على كذا وكذا : إذا قطعتَ الأمر بينك وبينَه على أمرٍ وَقَع عليه اتّفاقُكما.
وكذلك صادَرْتُه على كذا وكذا.
ويقال : فَرَق لي هذا الأمرُ يَفرُق فُروقاً : إذا تبيَّنَ ووضَح.
وفُرُوق : موضعٌ أو ماءٌ في ديار بني سعد.
وأنشدني رجلٌ منهم :
لا باركَ اللهُ على الفُروقِ |
ولا سَقاها صائبُ البُروق |
وقال أبو زيد : الفُرْقانُ والفرْق : إناء ، وأنشد :
وهيَ إذا أَدَرَّها العَبْدان |
وسطَعتْ بمشرفٍ شَيْحانِ |
|
ترفِد بعد الصَّفِّ في الفُرْقانِ
أراد بالصفّ قِدحين قد صُفَا.
وقال أبو مالك : الصفّ : أن تصفّ بين القدحين فتملأهما.
والفَرقانِ : قدحان مفترقان.
وقوله : «بمشرِف شيحان» ، أي : بعُنُق طويل.
قال أبو حاتم : قال الراجز :
يرفد بعد الصَّفّ في فُرقانِ
قال : الفُرْقان : جمع الفرْق ، والفرْق : أربعة أرباع. والصف : أن يصفّ بين مِحلبين أو ثلاثة من اللبن.
رفق : أبو العباس عن سلمة عن الفراء قال : الرَّفاقة والرُّفْقة واحد.
وقال الليث : الرُّفْقة يسمَّون رُفْقة ما داموا منضمِّين في مجلس واحد ومسيرٍ واحد ،
فإذا تفرَّقوا ذهبت عنهم اسمُ الرُّفْقة.
قلت : وجمعُ الرفْقة رُفَق ورِفَاق.
والرُّفقة : القوم ينهضون في سَفَرٍ يسيرون معاً ، وينزلون معاً ولا يفترقون ، وأكثر ما يسمَّون رُفقةً : إذا نهضوا مُيَّاراً.
وقال الليث : الرِّفق : لين الجانب ولَطافة الفِعل ، وصاحبُه رفيق ، وقد رفَقَ يَرْفُق.
وإذا أمرتَ قلتَ : رفقاً ، ومعناه : رُفق رِفقاً. ويقال : رَفُقَ يرفُق أيضاً.
أبو عبيد عن أبي زيد والأصمعي : رفقتُ به وأرفقْتُه.
شمِر عن ابن الأعرابي : رفَقَ : انتظَر ، ورَفُق : إذا كان رقيقاً بالعمل.
قال شمر : ويقال : رَفَق به ورَفُقَ به ، ورَفِيق به ، وهما رفيقانِ وهم رُفقاء.
وقال أبو زيد : رفَق الله بك ورَفَق عليك رِفقاً ومَرْفِقاً ، وأَرْفَقك الله إرفاقاً.
وقال الله جل وعز : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩].
قال أبو إسحاق : يعني النبيَّين عليهمالسلام ، لأنه قال : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ) ـ يعني المطيعين ـ ، (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) يعني الأنبياء ومن معهم.
قال : ورَفِيقاً منصوب على التمييز ينوب عن رُفقاء.
وقال الفراء : لا يجوز أن ينوب الواحد عن الجميع إلا أن يكون من أسماء الفاعلين ، لا يجوز حسن أولئك رجلاً.
وأجازه الزجاج. وقال : وهو مذهب سيبويه.
ورُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه خُيِّر عند موته بين البقاء في الدنيا ونعيمها وبين ما عند الله مقبوضاً إليه ، فاختار ما عندَ الله.
وقال : «بل أختارُ أن أكون مع الرفيق الأعلى» أراد بالرفيق الأعْلى جمع النبيِّين ، وهو قوله عزوجل : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً). ولما كان الرفيق مشتقاً مِن فِعلٍ جاز أن ينوب عن الرفَقاء.
وقال الليث : يُجمع الرفيق : رُفقاء.
قال : ورفيقك : الذي يرافِقك في السفر ، يجمعُك وإياه رُفقةٌ واحدة ، وقد ترافَقوا وارتفَقوا ، والواحد منهم رَفيق ، والجميع أيضاً رفيق.
قال : ويقال : هذا الأمر بك رَفيق ورافق عليك.
وقال شمر في حديث عائشة : «فوجدتُ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يَثقُل في حِجري».
قالت : «فذهبتُ أنظرُ في وجهه فإذا بَصَرُه قد شَخص وهو يقول : بل الرفيق الأعلى من الجَنَّة. وقُبض».
حدَّثنا السعدي قال : حدثنا ابن عفان عن ابن نمير عن الأعمش عن مسلم بن صُبيح