تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

وإذا قال : وكّلتني في شراء هذه الجارية ، فقال : بل في غيرها ، فالقول قول الموكّل ، والحكم فيه كما قلنا فيما إذا اختلفا في ثمنها.

٤١١٩. الثامن : إذا باع الوكيل نسيئة ، فقال الموكّل : إنّما أذنت في النقد فالقول قوله مع يمينه ، فإن صدّقه الوكيل والمشتري ، كان له انتزاعه مع بقائه ممّن شاء منهما ، وإن كان تالفا ، رجع بالقيمة على من شاء ، فإن رجع على الوكيل ، رجع الوكيل بها على المشتري ، وان رجع على المشتري ، لم يرجع المشتري على الوكيل بشي‌ء.

وإن كذّباه ، فالقول قوله مع يمينه ، ويرجع بالعين مع وجودها وبقيمتها على من شاء منهما مع تلفها ، فإن رجع على المشتري ، رجع المشتري على الوكيل بما أخذه منه أوّلا ، وإن رجع على الوكيل ، لم يكن للوكيل الرجوع على المشتري في الحال ، فإذا حلّ الأجل رجع بأقلّ الأمرين من قيمته والثمن المسمّى.

ولو صدّقه أحدهما ، كان له الرجوع على من صدّقه بغير يمين ، والحكم في المكذّب على ما تقدّم. ولو أنكر المشتري كون الوكيل وكيلا في البيع ، وإنّما المبتاع (١) ملكه ، فالقول قوله مع يمينه.

٤١٢٠. التاسع : إذا قال الوكيل : تلف مالك في يدي ، أو الثمن الّذي قبضته ، وأنكر الموكّل ، فالقول قول الوكيل ، سواء ادّعى تلفه بسبب خفيّ ، أو ظاهر كالحريق ، وكذا كلّ من في يده أمانة كالأب ، والجدّ والوصيّ ، والحاكم ، وأمينه والمودع ، والشريك ، والمضارب ، والمرتهن ، والمستأجر.

__________________

(١) في «ب» : المتاع.

٤١

٤١٢١. العاشر : لو ادّعى تعدّي الوكيل ، كلبس الثوب ، وركوب الدّابة ، أو تفريطه في حفظه ، فأنكر الوكيل ، فالقول قوله مع يمينه ، فإذا حلف فلا ضمان عليه ، سواء كان التالف المتاع المأمور ببيعه ، أو ثمنه ، وسواء كان بجعل ، أو غيره.

ولو باع الوكيل ، وتلف الثمن في يده من غير تفريط ، ثمّ استحقّت العين ، رجع المشتري على المالك لا الوكيل.

٤١٢٢. الحادي عشر : إذا اختلفا في التصرّف ، فيقول الوكيل : بعت ، أو قبضت الثمن فتلف ، ويقول الموكّل : لم تبع أو لم تقبض ، احتمل تقديم قول الوكيل ، لإقراره بما له أن يفعله ، واحتمل تقديم قول الموكّل ، لإقرار الوكيل هنا على الموكّل ، فلم يقبل ، كما لو أقرّ عليه ، وقوّى الشيخ الأوّل (١) وعندي فيه تردّد.

٤١٢٣. الثاني عشر : إذا وكّله في الشراء (٢) فقال : اشتريته بمائة ، فقال الموكّل بخمسين ، وهو ) يساوي المائة ، فالقول قول الوكيل على ما اختاره الشيخ (٤) وإن كان الشراء في الذمّة ، ويحتمل تقديم قول الموكّل على ما تقدّم ، وإن كان الشراء بالعين.

٤١٢٤. الثالث عشر : إذا ادّعى الوكيل الردّ إلى الموكّل ، قال الشيخ : إن كان بغير جعل ، فالقول قوله مع اليمين ، وإن كان بجعل ، فالقول قول الموكّل (مطلقا). (٥) ولو قيل : إنّ القول قول الموكّل مطلقا كان حسنا ، وكذا الوصيّ إذا ادّعى

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٣٧٣.

(٢) في «ب» : في الشراء في الذمّة.

(٣) الضمير يرجع إلى «المبيع» المفهوم من الكلام.

(٤) المبسوط : ٢ / ٣٩٢.

(٥) المبسوط : ٢ / ٣٧٢. وما بين القوسين يوجد في «ب».

٤٢

الردّ على اليتيم ، أو الأب ، أو الجدّ ، أو الحاكم وأمينه ، والشريك ، والمضارب ، ومن حصل في يده ضالّة ، أمّا إذا ادّعى الوصيّ أو الوليّ الإنفاق على الطفل ، فالقول قوله مع اليمين ، ولا فرق بين أن يدّعي الوكيل ردّ العين أو الثمن.

ولو أنكر الوكيل قبض المال ، ثمّ ثبت ذلك ببيّنة ، أو اعتراف ، فادّعى الردّ ، أو التلف ، لم يقبل قوله ، ولو أقام بيّنة بالردّ أو التلف ، فالأقرب عدم القبول ، أمّا لو قال : لا تستحقّ عليّ شيئا ، أو ليس لك عندي أو قبلي شي‌ء ، فإنّه تقبل بيّنته ، وتسمع دعواه.

٤١٢٥. الرابع عشر : إذا اشترى وادّعى الوكالة فيه ، كان القول قول المنكر ، فإن كان الوكيل ذكر الشراء له ، بطل البيع مع يمين المنكر ، وإن لم يذكره ، قضي عليه بالثمن ، فإن كان الوكيل صادقا ، توصّل إلى بيع المتاع ، كما تقدّم ، وإن كان كاذبا ، وقع الشراء له باطنا وظاهرا.

٤١٢٦. الخامس عشر : لو قال الوكيل : ابتعت لك ، فأنكر الموكّل ، أو قال : ابتعت لنفسي ، فقال : بل لي ، فالقول قول الوكيل مع اليمين ، ولو اشترى لموكّله قيل : يتخيّر البائع بين مطالبة الوكيل والموكّل ، والوجه مطالبة الوكيل مع جهل البائع بالوكالة ، والموكّل مع العلم.

٤١٢٧. السادس عشر : لو طالب الوكيل الغريم ، فقال : لا تستحقّ المطالبة ، لم يسمع قوله ، ولو قال : عزلك ، أو أبرأني ، أو قضيته ، فإن ادّعى العلم على الوكيل ، توجّهت اليمين عليه ، وإلّا فلا ، ولو صدّقه ، بطلت وكالته.

٤١٢٨. السابع عشر : لو أقرّ الوكيل بقبض الدّين من الغريم ، وصدّقه الغريم ، وأنكر الموكّل ، فالأقرب أنّ القول قول الموكّل على إشكال ، ولو أمره ببيع

٤٣

سلعة وتسليمها وقبض ثمنها ، فتلفت من غير تفريط ، فأقرّ الوكيل بالقبض ، وصدّقه المشتري ، وأنكر الموكّل ، فالقول قول الوكيل ، لأنّ الدعوى عليه ، حيث سلّم المبيع ولم يقبض الثمن ، ولو ظهر في المبيع عيب ، ردّه على الوكيل ، ولو قيل بردّه على الموكّل ، كان أقرب.

٤١٢٩. الثامن عشر : لو وكّله في قضاء دينه (١) فادعاه ، وأنكر الغريم ، فالقول قوله مع يمينه ، ويطالب الموكّل ، ثمّ الوكيل إن كان قد قضاه بحضرة الموكّل ، لم يرجع الموكّل عليه بشي‌ء ، وكذا إن لم يكن بحضرته لكن أشهد عليه شاهدين ، ماتا ، أو غابا ، أو كان ظاهرهما العدالة ، ثمّ ظهر فسقهما ، وإن لم يشهد عليه ، كان له الرجوع ، سواء صدّقه الموكّل وأمره بالإشهاد أو لم يأمره ، أو كذّبه ، لتفريطه بترك الإشهاد ، وإن لم يأمره ، أمّا لو أذن في القضاء بغير إشهاد ، أو اعترف الغريم ، فلا ضمان.

ولو قال الوكيل : قضيت بحضرتك ، أو قال : أذنت لي في قضائه بغير بيّنة ، أو قال : أشهدت شاهدين ماتا ، فأنكره الموكّل ، فالقول قول الموكّل مع اليمين ، ويحتمل تقديم قول الوكيل.

ولو دفع إلى الوكيل عينا ليودعها عند فلان ، فأنكر المستودع ، فالقول قوله مع اليمين ، ثمّ الوكيل إن كان أودع بحضرة الموكّل لم يضمن ، وإن كان بغيبته ، احتمل عدم الرجوع ، وقوّاه الشيخ (٢) وثبوته للتفريط بترك الإشهاد.

ولو اعترف المستودع ، فإن كانت العين باقية ، كان للموكّل استعادتها ، أو

__________________

(١) في «أ» : ديونه.

(٢) المبسوط : ٢ / ٣٧٧.

٤٤

إبقاؤها ، وإن كانت تالفة لم يضمنها المستودع ، وفي تضمين الوكيل إشكال ، أقربه العدم.

٤١٣٠. التاسع عشر : إذا ادّعى خيانة وكيله ، لم يسمع إلّا مع التعيين ، وحينئذ يكون القول قول الوكيل مع يمينه وعدم البيّنة ، ويستحقّ الجعل إن كان شرط له ، ولو نكل ، حلف الموكّل ويثبت الخيانة ، وقاصّه ، (١) فإذا كان له جعل على البيع ، كان له المطالبة به من قبل أن يتسلّم الموكّل الثمن.

ولو قال : وكّلتك في بيع مالي ، فإذا سلّمت الثمن إليّ فلك كذا ، استحق الجعل بعد التسليم.

٤١٣١. العشرون : إذا ادّعى الوكالة عن الغائب في قبض حقّه ، فإن أقام بيّنة ، انتزعه ، وإن لم يقم بيّنة ، وأنكر الغريم لم يتوجّه عليه اليمين ، وإن ادّعى عليه العلم ، سواء كان الحقّ دينا ، أو عينا ، كالوديعة وشبهها ، ولو صدّقه لم يؤمر بالتسليم إليه في الدين والعين معا على إشكال في الدين.

فإن دفع إليه مع التصديق أو عدمه ، وصدّقه الموكّل برئ الدافع ، وإن كذّبه ، فالقول قوله مع اليمين ، فإن كان الحقّ عينا موجودة في يد الوكيل ، كان له أخذها ، وله مطالبة من شاء بردّها ، فإن طالب الدافع ، فللدافع مطالبة الوكيل.

وإن تلفت العين ، أو تعذّر ردّها ، رجع صاحبها على من شاء (بردّها) (٢) وعلى أيهما رجع ، لم يكن للمأخوذ منه مطالبة الآخر إلّا أن يكون الدافع دفع

__________________

(١) من الجعل الذي للوكيل على ذمّة الموكّل.

(٢) ما بين القوسين يوجد في «ب».

٤٥

العين إلى الوكيل من غير تصديقه في الوكالة ، فحينئذ إن رجع المالك عليه ، رجع هو على الوكيل ، وكذا لو صدّقه ، وتعدّى الوكيل ، أو فرّط ، استقرّ الضمان عليه ، فإن رجع على الدافع ، رجع الدافع على الوكيل لتفريطه دون العكس.

ولو كان الحقّ دينا ، لم يكن للمالك الرجوع على الوكيل وإن كذّبه ، بل يرجع على الدافع خاصّة ، ويرجع الدافع بما أخذه الوكيل (١) ويكون قصاصا بما أخذ منه صاحب الحق.

وإن كان قد تلف في يد الوكيل ، لم يرجع الدافع عليه إن كان قد صدّقه أوّلا ولم يفرّط ، ولو تلف بتفريط ، أو لم يكن قد صدّقه الدافع ، رجع عليه.

ولو جاء رجل وادّعى أنّه وارث صاحب الحقّ (خاصّة) (٢) وأنّه قد مات ، فأنكر من عليه الحقّ ، لزمه اليمين على نفي العلم ، وكذا يلزم اليمين في كلّ موضع لو أقرّ لزمه الدّفع ، ولو صدّقه ، لزمه الدفع إليه في العين والدين إجماعا.

ولو ادّعى أنّ صاحب الحقّ أحاله عليه ، فصدّقه ، فالوجه وجوب الدفع إليه ، ولو كذّبه ، توجّهت عليه اليمين.

__________________

(١) في «ب» : فيما أخذه الوكيل.

(٢) ما بين القوسين يوجد في «ب».

٤٦

الفصل السابع : في الأحكام

وفيه سبعة وثلاثون بحثا :

٤١٣٢. الأوّل : يجوز التوكيل في مطالبة الحقوق وإثباتها والمحاكمة فيها ، سواء كان الموكّل غائبا ، أو حاضرا ، صحيحا ، أو مريضا ، وليس للخصم أن يمتنع من مخاصمة الوكيل ، وإن كان الموكّل حاضرا.

٤١٣٣. الثاني : كلّ ما جاز التوكيل فيه جاز استيفاؤه في حضرة الموكّل وغيبته ، سواء كان قصاصا ، أو حدّ قذف ، أو غيرهما ، وكذا يجوز للوكيل في الطلاق وإيقاعه ، وإن كان الموكّل حاضرا ، خلافا للشيخ (١).

٤١٣٤. الثالث : إذا وكّله صار بمنزلته فيما وكّل فيه ، فإن وكّله عامّا ، قام مقامه في جميع الأشياء ، وإن كان خاصّا ، فكذلك فيما عيّنه من غير تعدّ. (٢)

وعلى التقديرين انّما يمضى تصرّف الوكيل مع اعتبار المصلحة للموكّل ، ولا يملك الوكيل من التصرّف إلّا ما يقتضيه إذن موكّله من جهة النطق ، أو العرف ، ولو وكّله في التصرّف في زمن معيّن ، لم يملك (٣) التصرّف في غيره.

٤١٣٥. الرابع : ليس للوكيل مخالفة الموكّل ، فإن فعل ، وقف تصرّفه

__________________

(١) النهابة : ٣١٩.

(٢) وفي النسخ «بعد» أو «نقد» والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في «أ» : لم ينفذ.

٤٧

على الإجازة مع تعلّق الغرض بالتخصيص ، فلو عيّن له السوق الّتي يبيع فيها ، فباع في غيرها بذلك الثمن ، أو أزيد ، قال الشيخ : يصحّ (١) والوجه إن كان للموكّل غرض في التخصيص ، بأن يكون السوق معروفا بجودة النقد ، أو كثرة الثمن ، أو حلّه ، أو صلاح أهله ، أو المودّة (٢) بين المالك وبينهم ، وقف على الإجازة مع التعدّي ، وإلّا فالوجه ما قاله الشيخ.

ولو عيّن له المشتري ، لم يجز له بيعه على غيره بذلك الثمن أو أزيد.

٤١٣٦. الخامس : لو اشترى غير ما عيّن له شراءه ، لم يلزم في حق الموكّل ، ثمّ إن كان قد اشترى بالعين (٣) ، فالوجه وقوفه على الإجازة ، ولو قيل : بالبطلان (٤) وكان قد ذكر الموكّل في العقد ، أو صدّقه البائع ، أو أقام بيّنة ، لم يلزم الوكيل البيع ، وردّ البائع ما أخذه.

وإن لم يذكره ، ولم يصدّقه ، ولا بيّنة هناك ، حلف البائع على انتفاء العلم ، ولم يلزمه ردّ شي‌ء.

وكذا لو ادّعى البائع أنّه باع مال غيره بغير إذنه ، فالقول قول المشتري في الملكيّة للبائع لا في إذن الغير ، وكذا القول قول البائع لو ادّعى المشتري أنّه باع مال غيره بغير إذنه ، وقال البائع : بل ملكي أو ملك موكّلي.

ولو اتّفق البائع والمشتري على ما يبطل البيع وقال الموكّل : بل البيع صحيح ، فالقول قوله مع اليمين ، ولا يلزمه ردّ ما أخذه عوضا.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٣٨٠.

(٢) في «أ» : لمودّة.

(٣) يأتي الشق الثاني بعد أسطر وهو قوله : «وإن كان الشراء في الذمّة».

(٤) لاحظ المغني لابن قدامة : ٤ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

٤٨

وإن كان الشراء في الذمّة ، ثمّ نقد العين ، فإن أطلق ، لزمه البيع دون الموكّل ، وإن ذكر الشراء للموكّل ، بطل في حقّ الوكيل ، والوجه أنّ الموكّل إن أجازه ، لزمه ، وإلّا بطل في حقّه أيضا ، وكذا كلّ من اشترى شيئا في ذمّته لغيره بغير إذنه سواء كان وكيلا لذلك الغير أو لا.

ولو وكّله في تزويج امرأة ، فزوّجه غيرها ، فالوجه وقوف العقد على الإجازة ، فإن أجازه لزمه ، وإلّا فلا ، لكن يجب على الوكيل نصف المهر كما قلناه أوّلا.

٤١٣٧. السادس : لو قال : اشتر لي بديني عليك طعاما صحّ ، وكذا لو قال : اسلفه فيه ، وانصرف إلى الحنطة ، فإن أسلف في الشعير لم يجز.

ولو قال : اشتر لي خبزا ، انصرف إلى المعتاد في موضعه ، فلا ينصرف في بغداد إلى الأرز ، وإن كان حقيقة فيه قضى للعادة.

إذا ثبت هذا ، فإذا سلّم الوكيل الثمن إلى البائع برئ من الدّين ، وإذا قبض الطعام كان أمانة في يده.

ولو لم يكن عليه دين ، فقال : أسلف ألفا من مالك في كرّ طعام قرضا عليّ ، ففعل ، فالأقرب الصحّة ، فإذا أدّاها ، كانت دينا على الآمر.

وكذا لو قال : اشتر به عبدا ، سواء عيّنه أو لم يعيّنه ، وكذا لو قال : أسلف ألفا في كرّ ، واقض الثمن عنّي من مالك ، أو من الدّين الّذي لي عليك ، صحّ ، ولو لم يسمّ الوكيل الموكّل ، ثمّ قال : أسلمت لنفسي ، وقال الموكّل : لي ، فالقول قول الوكيل مع يمينه ، ويدفع الألف إلى الموكّل.

٤٩

ولو اتّفقا على الإطلاق من غير قصد له أو لموكّله ، فالوجه أنّه للوكيل.

٤١٣٨. السابع : إذا وكّله في عقد فاسد ، لم يملكه ، ولا يملك الصحيح أيضا. (١)

٤١٣٩. الثامن : لو وكّله في شراء عبد أو غيره ، لم يملك العقد على بعضه ، سواء عقد على البعض الآخر أو لا ، إلّا أن يأذن في تعدّد الصفقة ، وكذا لو وكّله في بيعه.

ولو وكّله في شراء عبيد ، وأطلق ، ملك العقد جملة ، وواحدا واحدا ، وكذا لو أذن في بيعهم على إشكال ، أمّا لو نصّ على التعيين في البيع أو الشراء ، فإنّه لا يجوز له المخالفة.

ولو قال : اشتر [لي] عبدين صفقة ، فاشترى عبدين لاثنين شركة بينهما ، أو لكلّ منهما عبد منفرد من وكيلهما ، أو من أحدهما ، وأجاز الآخر صحّ ، ولو اشتراهما منهما صفقتين لم يجز ، وإن قبل بلفظ واحد منهما ، ويقع للوكيل إن لم يذكر الموكّل.

٤١٤٠. التاسع : إذا أمره بالشراء بالعين ، لم يكن له أن يشتري في الذمّة ، ولو أمره أن يشتري في الذمّة ، لم يكن له أن يشتري بالعين ، ولو أطلق انصرف إلى الشراء بهما.

٤١٤١. العاشر : إذا أطلق الإذن في البيع ، انصرف إلى الحال بنقد البلد لا النسيئة ، وكذا الشراء ، ولو كان في البلد نقدان ، باع بأغلبهما ، فإن تساويا ، باع بما شاء منهما.

__________________

(١) وجهه أنّ الموكّل لم يأذن فيه.

٥٠

ولو عيّن النقد أو النسيئة لم يجز المخالفة ، فلو أمره بالبيع نقدا ، فباع نسيئة لم يجز ، وكذا لو أمره بالبيع نسيئة فباع نقدا بثمن المثل ، أو بما عيّنه المالك أو بأزيد منهما إن تعلّق بالتأجيل غرض صحيح ، وإلّا جاز.

ولو وكّله في الشراء نسيئة ، فاشترى نقدا ، لم يلزم الموكّل ، ولو أذن في الشراء نقدا ، فاشترى نسيئة بالثمن الّذي قدّره ، أو أقلّ ، فالوجه الوقوف على الإجازة مع حصول الغرض وإلّا صحّ مطلقا.

٤١٤٢. الحادي عشر : إذا عيّن له الثمن في المبيع لم يلزمه البيع لو باع بأقلّ ، بل يقف على الإجازة ، وكذا الشراء ، ولو أطلق له البيع ، انصرف إلى البيع بثمن المثل لأيّهما شاء ، وكذا لو أذن في الشراء اقتضى أن يشتري بثمن المثل ، وللشيخ قول بأنّ الوكيل يضمن تمام ما حلف عليه المالك ، ويمضى البيع (١).

فعلى هذا لو أطلق ، فباع بدون ثمن المثل ، لزم الوكيل الباقي من ثمن المثل ، وهل يضمن الوكيل التفاوت بين ما باعه به ، وبين ثمن المثل ، أو بين ما يتغابن النّاس به ، وما لا يتغابن؟ الأقرب الأوّل ، وهذا كلّه على قول الشيخ.

أمّا على ما اخترناه نحن أوّلا فلا ، ولو قدّر له الثمن ، لم يكن له بيعه بأقلّ منه ، وإن كان يسيرا ، ولو لم يقدّر فباع بدون ثمن المثل بما يتغابن الناس بمثله ، فالوجه الصحّة.

ولو حضر من يشتري بأزيد من ثمن المثل ، لم يجز للوكيل بيعه بثمن المثل على الدافع ولا على غيره ، ولو باعه بثمن المثل ، فجاء من يزيد عليه في مدّة الخيار للوكيل ، فالوجه أنّه لا يجب عليه الفسخ.

__________________

(١) النهاية : ٤٠٧ ـ كتاب المتاجر ، باب أجرة السمسار والدلال ... ـ.

٥١

٤١٤٣. الثاني عشر : لو أمره بالبيع بثمن ، فباع بأزيد ، لزم البيع ، سواء كانت الزيادة من جنس الثمن ، أو لا ، أمّا لو كان الثمن أو بعضه من غير جنس الثمن ، افتقر إلى الإذن ، فإن أمضاه ، وإلّا فسخ ، ولو باع بأقلّ ، وقف على الإجازة.

ولو ادّعى الوكيل الإذن به ، فأنكر المالك ، فالقول قوله مع يمينه ، ثمّ تستعاد العين إن كانت باقية ، ومثلها أو قيمتها إن كانت تالفة ، فإن تصادق الوكيل والمشتري على الثمن ، ودفع الوكيل السلعة إلى المشتري ، وتلفت في يده ، رجع الموكّل على من شاء منهما ، لكن إن رجع على المشتري ، لم يرجع المشتري على الوكيل ، وإن رجع على الوكيل ، رجع الوكيل على المشتري بأقلّ الأمرين من ثمنه وما اغترمه.

٤١٤٤. الثالث عشر : لو وكّله في بيع عين بثمن ، فباع بعضها بذلك الثمن ، أو وكّله مطلقا ، فباع البعض بثمن مثل الجميع ، فالأقرب ثبوت الخيار للمالك بين الإجازة والفسخ ، مع قرب القول باللّزوم ، فحينئذ يجوز له بمجرّد الوكالة الأولى بيع الباقي من العين ظاهرا.

وكذا لو وكّله في بيع عبدين بمائة ، فباع أحدهما به ، أمّا لو أمره ببيع عبده بمائة ، فباع بعضه بأقلّ ، لم يلزم إجماعا.

ولو وكّله مطلقا ، فباع بعضه بأقلّ من ثمن المثل لم يجز.

٤١٤٥. الرابع عشر : لو أذن له في الشراء بثمن معيّن ، فاشتراه بأقلّ لزم ، إلّا أن يقول : لا تشتر بأقلّ ، فمتى اشتراه بالأقلّ بطل.

ولو قال : اشتره بمائة ولا تشتر بخمسين ، لم يكن له شراؤه بخمسين ،

٥٢

وله أن يشتريه بأزيد من الخمسين ، وأقلّ من المائة ، والأقرب أنّه يجوز أن يشتريه بأقلّ من الخمسين.

ولو قال : اشتره بمائة دينار ، فاشتراه بمائة درهم ، فالأقرب الوقوف على الإجازة.

ولو قال : اشتر نصفه بمائة ، فاشتراه أجمع أو أكثر من النصف بها ، صحّ البيع.

ولو قال : اشتر نصفه بمائة ولا تشتر الجميع ، فاشترى أكثر من النصف وأقلّ من الجميع بالمائة ، جاز كما تقدّم.

٤١٤٦. الخامس عشر : لو وكّله في شراء عبد موصوف بمائة ، فاشتراه على الصفة بدونها جاز ، وإن خالف في الصفة ، واشتراه بأكثر منها ، لم يلزم الموكّل ، ولو اشترى ما هو بأزيد من تلك الصفة بالمائة أو أقلّ جاز ، ولو اشترى ما دون الصفة بالمائة أو أقلّ لم يجز.

ولو قال : اشتر لي عبدا بمائة ، فاشترى عبدا يساوي مائة بها أو بدونها جاز ، ولو كان لا يساوي مائة لم يجز ، ولو كان يساوي أكثر ، واشتراه بها جاز ، وإن اشتراه بأكثر ، لم يجز.

٤١٤٧. السادس عشر : لو وكّله في شراء عبد بمائة ، فاشترى عبدين يساوي كلّ واحد أقلّ من مائة ، لم يجز ، وإن ساويا المائة ، (١) وإن ساوى كلّ واحد أو أحدهما المائة جاز ، ولزم الموكّل ، ولا يلزم أحدهما بالنصف ، ويتخيّر في إمساك الآخر بالباقي ، أو يردّه ، ويرجع على الوكيل بالنصف ،

__________________

(١) في «أ» : وإن تساويا المائة.

٥٣

ولا يلزمه أحدهما ، ويلزم الوكيل الآخر ، ويرجع الموكّل عليه بالنصف.

ولو باع الوكيل أحد العبدين بمائة ، وقف على إجازة الموكّل ، ولو كان وكيلا مطلقا ، لزم البيع ، وحديث (١) عروة البارقي (٢) محمول على أحد هذين.

٤١٤٨. السابع عشر : إطلاق الإذن في الشراء ينصرف إلى السليم ، فلا يملك شراء المعيب ، فإن اشترى المعيب لم يلزم الموكّل ، ولو لم يعلم بالعيب ، كان للوكيل الردّ مع العلم ، وللموكّل أيضا ، فإن رضي قبل ردّ الوكيل ، لم ينفذ الردّ.

ولو قال البائع للوكيل : اصبر بالردّ حتّى يحضر الموكّل لم تلزمه الإجابة ، فإن أخّره على ذلك ثمّ حضر الموكّل فلم يرض به ، لم يسقط ردّه ، وإن قلنا بثبوت الردّ على الفور.

ولو ادّعى البائع علم الموكّل ورضاه ، افتقر إلى البيّنة ، فإن فقدت ، لم تتوجّه اليمين على الوكيل إلّا أن يدّعي العلم ، فيحلف على نفيه.

فإن ردّ الوكيل ، وحضر الموكّل ، واعترف بقول البائع ، أو قامت به البيّنة ، بطل الردّ ، ويسترجعه الموكّل ، وللبائع ردّه عليه إن لم يشترط في عزل الوكيل علمه وإلّا فلا على إشكال.

__________________

(١) رواه البخاري في صحيحه : ٤ / ٢٥٢ ؛ والدارقطني في سننه : ٣ / ١٠ ، برقم ٢٩ ـ ٣٠ ؛ والترمذي في سننه : ٣ / ٥٥٩ ، برقم ١٢٥٨ ؛ وأبو داود في سننه : ٣ / ٢٥٦ ، برقم ٣٣٨٤ ؛ وأحمد بن حنبل في مسنده : ٤ / ٣٧٥ ؛ وابن قدامة في المغني : ٤ / ٢٥٩.

(٢) عروة بن الجعد ويقال : ابن أبي الجعد. ويقال عروة بن عياض بن أبي الجعد الأزدي البارقي ، وبارق جبل نزله سعد بن عدي بن مازن ، أنظر ترجمته في أسد الغابة : ٣ / ٤٠٣ ؛ تهذيب التهذيب : ٧ / ١٧٨ ؛ وتهذيب الكمال في أسماء الرجال : ٢٠ / ٥.

٥٤

ولو رضيه الوكيل ، كان للموكّل بعد حضوره الردّ ، إلّا أن ينكر البائع الشراء للموكّل ، ولا بيّنة ، فيحلف ويسقط ردّ الموكّل.

ولو أمره بشراء سلعة بعينها ، فاشتراها ثمّ وجدها معيبة ، ففي ملك الوكيل للردّ إشكال ، أقربه ذلك ، ولو علم الوكيل العيب قبل الشراء ، فهل له الشراء؟ يبنى على ملك الردّ مع العلم به بعد البيع.

٤١٤٩. الثامن عشر : إذا اشترى الوكيل لموكّله ، انتقل الملك إلى الموكّل من البائع ، من غير أن يدخل في ملك الوكيل ، فلو وكّل المسلم ذمّيا في شراء الخمر ، أو خنزيرا فاشتراه ، لم يصحّ الشراء.

ولو باع الوكيل بثمن معيّن ، ثبت الملك للموكّل في الثمن ، ولو كان الثمن في الذمّة فللوكيل والموكّل المطالبة به ، وثمن ما اشتراه في الذمّة ثابت في ذمّة الموكّل لا الوكيل ، وللبائع مطالبة الموكّل خاصّة ، ولو أبرأ الوكيل لم يبرأ الموكّل ، ولو أبرأ الموكّل برئ الوكيل أيضا.

ولو دفع الثّمن إلى البائع ، فوجده معيبا ، فردّه على الوكيل ، كان أمانة في يده.

ولو وكّله في أن يستسلف ألفا في كرّ طعام ، ملك الموكّل الثمن ولا يضمن الوكيل.

ولو دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه ، ففعل ، فوهب له المشتري منديلا ، فالمنديل للوكيل لا لصاحب الثوب.

٤١٥٠. التاسع عشر : إذا قال له : بع هذا الثوب بعشرة ، فما زاد عليها فهو لك ، كان للوكيل أجرة المثل ، والزيادة للمالك.

٥٥

٤١٥١. العشرون : إذا وكّله في الخصومة لم يقبل إقرار الوكيل عليه بقبض الحقّ ولا غيره ، سواء أقرّ في مجلس الحكم بحدّ ، أو قصاص ، أو غيرهما ، أو في غير مجلس الحكم ، ولا يملك الإبراء على الحقّ ، ولا المصالحة عليه.

ولو أذن في إثبات الحقّ والمحاكمة عليه ، لم يملك قبضه ، وبالعكس ، سواء كان دينا ، أو عينا ، وسواء علم الموكّل بجحود الغريم أو لا.

٤١٥٢. الواحد والعشرون : إذا وكّله في البيع ، كان وكيلا في تسليم المبيع إلى المشتري بعد إيفاء الحقّ (ولا يملك الإبراء من ثمنه) (١) ، ولا يملك قبض الثمن ، لكن ليس له تسليم إلّا بقبض الثمن للمالك ، أو حضوره ، فإن سلّمه من غير قبض ، ضمنه ، ولو قيل بالملك مع القرينة ، ـ كما لو أذن في بيع الثوب في السوق الّذي يضيع الثمن بترك قبض الوكيل فيه ـ وعدمه (٢) مع انتفائها ، كان وجها.

٤١٥٣. الثاني والعشرون : إذا وكّله في البيع ، أو القسمة ، أو مطالبة الشفعة ، لم يكن إذنا في التثبيت ، وهل يملك المأذون له في البيع مطلقا جعل الخيار للمشتري؟ الأقوى أنّه ليس له ذلك ، بل إمّا لنفسه أو لموكّله.

٤١٥٤. الثالث والعشرون : لو وكّله في شراء شي‌ء ، ملك تسليم ثمنه ، وحكم قبض المبيع ، كحكم قبض الثمن كما تقدّم ، ولو اشترى عينا وسلّم الثمن ، فخرجت مستحقّة ، فالأقرب أنّه ليس له مخاصمة البائع في الثمن ، ولو اشترى ، وقبض السلعة ، وأخّر التسليم من غير عذر ، فهلك الثمن ، ضمنه ، ولا ضمان إلّا مع التفريط.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في «ب».

(٢) عطف على قوله «بالملك».

٥٦

٤١٥٥. الرابع والعشرون : لو وكّله في قبض دين فلان (١) فمات ، نظر في لفظه ، فإن وكّله في قبض الدين منه ، لم يكن إذنا في القبض من الوارث ، وإن وكّله في قبض الدّين الّذي على فلان ، كان له مطالبة الوارث ، وكذا لو قال : اقبض حقّي من فلان ، فوكّل فلان من يدفع إليه ، كان للوكيل القبض من الوكيل.

٤١٥٦. الخامس والعشرون : إذا قبض الوكيل الحقّ كان أمانة في يده ، لا يضمنه إلّا مع التعدّي أو التفريط ، ولا يلزمه تسليمه قبل طلبه ، ولو طلبه فأخّر دفعه مع انتفاء العذر ضمنه ، ولو ادّعى الموكّل المطالبة ، فالقول قول الوكيل مع عدم البيّنة ، فإن نكل عن اليمين حلف المدّعي وألزمه الضمان ، ولو وعده بردّه ، ثمّ أعاده قبل الطلب أو التلف كذلك لم تسمع دعواه ولا بيّنته على إشكال ، ولو صدّقه الموكّل برئ ، ولو لم يعده ، بل منعه ومطله ، ضمن مع التلف ، ولو ادّعاه أو الردّ قبل الطلب ، لم يقبل قوله ، ولو أقام بيّنة سمعت.

٤١٥٧. السادس والعشرون : لو كان له دراهم على زيد ، فبعث رسولا في طلبها ، فأنقد له دينارا ذهبا ، فضاع من غير تفريط ، كان من مال الباعث ، ولو بعث دراهم كان من مال المالك ، ولو أخبر الرسول الدافع بإذن المالك في قبض الدينار ، كان من ضمان الرسول.

ولو وكّله في قبض ثوب ، فقبض اثنين ، فتلف الزائد ، ضمنه الدافع ، ويرجع به على الرسول ، ويجوز الرجوع على الرسول ، ولا يرجع به على أحد.

ولو وكّله في قبض الدّين ، فأخذ به رهنا ، لم يصحّ ، ولا يضمنه الوكيل لو

__________________

(١) في «ب» : في قبض دين على فلان.

٥٧

تلف من غير تفريط ، لأنّ صحيح العقد وفاسده مستويان (١) في الضمان ، ولو دفع إليه دراهم ليشتري بها شيئا ، فمزجها بغيرها ، ضمن لو تلفت ، سواء تلف ماله معها أو لا ، إلّا أن يكون قد أذن في المزج ، أو مزجها مزجا يتميّز بعضه عن الآخر.

٤١٥٨. السابع والعشرون : لو أمره بالإيداع ، فأودع من غير إشهاد ، فالأقرب عدم الضمان مع إمكانه ، ولو ادّعى الوكيل الإيداع وأنكر الموكّل ، فالقول قول الوكيل مع يمينه ، ولو أنكر المودع فالقول قوله مع اليمين.

٤١٥٩. الثامن والعشرون : كلّ من عليه حقّ ، له الامتناع من تسليمه إلى ربّه حتّى يشهد عليه بالقبض ، سواء كان به بيّنة أو لا ، وسواء كان من عليه الحقّ يقبل قوله في الردّ من غير بيّنة كالمودع ، أو لا كالغاصب ، ما لم يؤدّ الإشهاد إلى تأخير الحقّ ، فإن أدّى ، فالوجه وجوب الدّفع فيما يقبل قول الدافع فيه مع اليمين ، فإن أخّر ضمن ، وإذا أشهد على نفسه بالقبض ، لم يجب عليه تسليم الوثيقة بالحقّ ولا تمزيقها ، بل له إبقاؤها في يده.

٤١٦٠. التاسع والعشرون : الّذين يلون أموال غيرهم ستّة : الأب ، والجدّ له ، ووصيّهما ، والحاكم وأمينه ، والوكيل ، قال الشيخ : ليس لأحدهم أن يشتري لنفسه من نفسه مال من هو وليّ عليه ، سوى الأب والجدّ (٢).

وكذا يجوز أن يبيع الأب والجدّ عن أحد الولدين ويشتري للآخر ، دون الأربعة الباقية ، فليس للوصيّ أن يشتري مال اليتيم ، وإن زاد في القيمة على مبلغ ثمنه في النداء ، أو تولّى النداء غيره ، وكذا الوكيل.

__________________

(١) في «ب» : يستويان.

(٢) المبسوط : ٢ / ٣٨١ ؛ والخلاف : ٣ / ٣٤٦ ، المسألة ٩ من كتاب الوكالة.

٥٨

أمّا لو وكّله في شراء شي‌ء ، لم يجز له أن يعطيه من عنده إلّا بعد إعلامه ، وإن كان الّذي يعطيه أجود ، وكذا ليس لغير الأب والجدّ أن يبيع على وكيله ، أو ولده الصغير ، أو عبده المأذون. ويجوز أن يبيع على ولده الكبير ، ووالده ، وزوجته ، ومكاتبه ، وطفل يلي عليه.

ولو وكّله في تزويج امرأة غير معيّنة ، جاز له أن يزوّجه ابنته.

ولو أذنت له المرأة في تزويجها فهل له أن يزوّجها؟ الأقرب المنع ، والأولى أنّ له أن يزوّجها بابنه وإن كان صغيرا ، وكذا بوالده.

ولو وكّله في بيع عبد وآخر في شراء عبد ، فالأقرب جواز تولّيه طرفي العقد.

ولو وكّله المتداعيان في الخصومة عنهما ، لم أستبعد جوازه ، وقال الشيخ : الأحوط المنع (١).

ولو وكّله ، وأذن له في الشراء لنفسه ، أو خيّره بين بيعه على غيره وعلى نفسه ، جاز ، أن يشتري لنفسه ، سواء عيّن الثمن أو أطلق.

وكذا يجوز لو وكّل عبدا في شراء نفسه من مولاه ، أو يشتري له عبدا غيره منه ، وهل يجوز للعبد أن يشتري نفسه من مولاه لنفسه؟ فيه نظر ، لكن لو قلنا به سوّغناه بشرط إعلام المولى ، وأن يكون الثمن ممّا يتجدّد ملكه بعد الإعتاق ، وأن يكون للعبد أهليّة التملّك مع إذن المولى ، فعلى هذا لو قال العبد : اشتريت نفسي لزيد ، وصدّقه سيّده وزيد جاز ، ولزم زيدا الثمن.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٣٨٢.

٥٩

ولو قال السيّد : إنّما اشتريت نفسك لنفسك عتق العبد ، وعليه دفع الثمن إلى مولاه ، ولو اتّفق زيد والعبد على أنّ الشراء لزيد ، فالوجه انتقاله إلى زيد ، وثبوت الثمن عليه ، لكن ليس للسيّد مطالبته به ، بل يأخذه العبد أو الحاكم منه ، ويسلّمه إلى البائع ، ولو صدّقه السيّد ، وكذّبه زيد في الوكالة ، حلف وبرئ واستردّ السيّد العبد ، وإن كذّبه في الشراء لنفسه مع اعترافه بالوكالة ، فالقول قول العبد.

٤١٦١. الثلاثون : إذا وكّل عبده في إعتاق نفسه ، أو امرأته في طلاقها جاز ، ولو وكّل العبد في إعتاق عبيده ، والمرأة في طلاق نسائه ، فالأقرب أنّ العبد يملك إعتاق نفسه ، والمرأة طلاق نفسها عملا بالعموم ، ويحتمل عدمه عملا بانصراف الإطلاق إلى التصرّف في غيره.

ولو وكّل غريما له في إبراء نفسه ، صحّ ، سواء عيّن أو أطلق ، وإن وكّله في إبراء غرمائه ، فالاحتمال في دخوله وعدمه كما تقدّم.

ولو وكّله في حبس غرمائه ، فالأقرب عدم دخوله. وكذا لو وكّله في خصومتهم ، لم يملك خصومة نفسه.

ولو وكّل المضمون له المضمون عنه في ابراء الضامن ، صحّ ، ويبرأ المضمون عنه.

ولو وكّل الضامن في إبراء المضمون عنه ، لم يصحّ ، ولم يبرأ الضامن.

ولو وكّل الكفيل في إبراء المكفول ، فأبرأه ، برئا معا.

ولو وكّله في إخراج صدقة على المساكين ، وهو منهم ، جاز أن يأخذ مثل ما يعطي غيره ، لا يفضل نفسه عليهم ، ولو عيّن لم يجز الأخذ إذا لم يدخله ، وكذا لو دفع إليه مالا ليفرّقه في قبيل وهو يدخل فيهم.

٦٠