أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي

أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

المؤلف:

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات دار العلم
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٤

ذكرنا لا اشكال في ثبوت الحقيقة الشرعية في زمانه «صلى الله عليه وو آله وسلم» اما لغلبة استعمالها في المعاني الشرعية في لسان الشارع او في لسانه ولسان تابعيه او للوضع التعيني الحاصل بنفس الاستعمال كما قد يتفق في الاعلام الشخصية كقوله جئني بزيد مريدا للوضع بهذه العبارة نعم دعوى الوضع التّعييني بالتصريح بانّي وضعت لفظ الصلاة مثلا بازاء هذا المعنى الشرعي بعيدة جدا لعدم اختفاء مثله مع توفر الدواعي على نقله فافهم جدا (اصل الحق ان الاشتراك) اي الاشتراك اللفظي (واقع في لغة العرب) للنقل والتبادر وعدم صحة السلب بالنسبة الى معنيين او اكثر للفظ واحد(وقد احاله) اي جعله محالا(شرذمة) اي قليل من الناس واحتج عليه بان الاشتراك مخل بالتفهيم المقصود من الوضع لخفاء القرائن ومخل بالحكمة أيضا باعتبار اجمال الخطاب وكلاهما مردودان أما الأول فلا مكان الاتكال على القرائن الواضحة واما الثاني فلانّ الغرض قد يتعلق بالاجمال امتحانا لسرعة فهم العبد وغير ذلك والى هذا أشار بقوله (وهو شاذ ضعيف لا يلتفت اليه ثمّ أن القائلين بالوقوع اختلفوا في استعماله في اكثر من معنى) وقبل الخوض في المطلب لا بد من تحرير محل النزاع فنقول أن استعمال المشترك يتصور على وجوه منها ان يستعمل في معنى واحد من معانيه ولا اشكال في كون ذلك جائزا ولا خلاف أيضا فى كونه حقيقة ان لوحظ فيه الوضع ومجازا إن لوحظ فيه العلاقة بينه وبين معنى آخر وضع له كاستعمال العين باعتبار وضعها للنابعة في الباكية بعلاقة المشابهة ومنها ان يستعمل في الجامع بين المعنيين أو أكثر مثل أن يراد من

٤١

العين المسمى بالعين نظير إرادة الشجاع من الاسد الشامل للحيوان المفترس والرجل الشجاع وهذا ان كان من المعاني الحقيقة بان وضع له اللفظ بوضع على حدة فلا اشكال في حقيقته فلا أشكال أيضا في مجازيته أن كان بملاحظة العلاقة وتسمى هذه الصورة بعموم الاشتراك ومنها أن يستعمل في مجموع المعنيين او المعاني من حيث المجموع بان يعتبر المجموع أمرا واحدا ذا اجزاء كاستعمال الشمس في مجموع الجرم والضوء واستعمال العين في مجموع الباكية والجارية كذلك والتركيب في هذا اعتباري كما لا يخفى ولا كلام في جواز ذلك حقيقة ان كان ذلك المركب مما وضع له المشترك وكان الملحوظ في الاستعمال هو الوضع ومجازا إن وجدت العلاقة وكان الاستعمال بلحاظ العلاقة ومنها أن يستعمل في كل واحد من المعنيين أو المعاني لكن بارادة واحدة للجميع بان يكون كل واحد من المعانى منفردا وبالخصوص مرادا وهو على قسمين تارة يكون الجمع بين المعاني ممكنا في الارادة سواء امتنع اجتماعها ذاتا كلفظ الجون المشترك بين السواد والبياض في قولك الجون من عوارض الاجسام والقرء المشترك بين الطهر والحيض في قولك القرء من صفات النساء أو امكن ذلك فيه واخرى لا يكون الجمع بينها ممكنا في الارادة كاستعمال الامر في الوجوب والتهديد فهو غير متصور عقلا فضلا عن جوازه لغة اذا عرفت هذا فاعلم ان محل النزاع هو الوجه الأخير من الوجوه مع كون الجمع بين المعاني ممكنا واشار الى الجزء الأخير من محل النزاع بقوله (اذا كان الجمع بين ما يستعمل فيه من المعاني ممكنا) وسيأتي

٤٢

الاشارة الى الجزء الأول من محل النزاع في ضمن قوله فان قلت محل النزاع في المفرد الخ (فجوّزه قوم مطلقا) سواء كان اللفظ مفردا أو تثنية أو جمعا وسواء كان اثباتا أو نفيا(ومنعه آخرون مطلقا) كذلك أيضا(وفصّل) قوم (ثالث فمنعه في المفرد) فقال لا يجوز استعمال اللفظ المفرد كلفظ العين في اكثر من معنى مثلا(وجوّزه في التثنية والجمع) فقال يجوز استعمال مثل العينين والعيون في اكثر من معنى (و) فصّل قوم (رابع فنفاه في الاثبات) فقال بعدم الجواز(واثبته في النفي) فقال بجوازه فيه (ثم اختلف المجوّزون فقال قوم منهم) أي من المجوزين (انه) أي استعمال المشترك في أكثر من معنى (بطريق الحقيقة وزاد بعض هؤلاء) أي زاد بعض من قال انه بطريق الحقيقة(انه) أي اللفظ المشترك (ظاهر في الجميع عند التجرد عن القرائن فيجب حمله عليه ح) أي حين التجرد عن القرينة(وقال الباقون) من المجوزين (انه بطريق المجاز) أي عموم المجاز(والاقوى عندي جوازه) أي جواز استعمال المشترك في اكثر من معنى (مطلقا) في المفرد والتثنية الخ (لكنه في المفرد مجاز وفي غيره حقيقة) والدليل (لنا على الجواز) أي على جواز الاستعمال (انتفاء المانع) من الاستعمال في اكثر من معنى (بما) أي بسبب ما(سنبيّنه من بطلان ما تمسك به المانعون) ، والمراد ان ما يمكن ان يتوهم كونه مانعا هو ما تمسك به المانعون وبعد بيان ضعفه يظهر انتفاء المانع وفيه نظر لأن عدم المانع المخصوص لا يستلزم عدم المانع مطلقا إلّا أن يدعي العلم بعدم مانع آخر مع وجود المقتضي للاستعمال (و) الدليل لنا(على كونه مجازا في المفرد) يعني ان الدليل على مجازية استعمال

٤٣

اللفظ المفرد من المشترك اللفظي في اكثر من معنى هو (تبادر الوحدة منه) أي من اللفظ المفرد(عند اطلاق اللفظ) أي اللفظ المشترك وح (فيفتقر في ارادة الجميع منه) أي من اللفظ المشترك (الى الغاء اعتبار قيد الوحدة فيصير اللفظ مستعملا ح) أي حين ارادة الجميع (في خلاف موضوعه) لانّ الموضوع له هو المعنى مع قيد الوحدة ولقائل أن يقول أن مجرد الاستعمال في خلاف الموضوع له لا يثبت المجازية بل لا بد في المجاز من وجود العلاقة من العلائق المعهودة معلومة وإلّا لكان غلطا والى جوابه اشار بقوله (لكن وجود العلاقة المصححة للتجوز) أي المجازية(أعني علاقة الكل والجزء) فيما نحن فيه (يجوّزه) أي يجوّز ويصحح هذا الاستعمال (فيكون مجازا) والمراد من الكل فيه هو المعنى مع قيد الوحدة ومن الجزء هو المعنى من دون قيد الوحدة(فان قلت محل النزاع في المفرد) أي في استعمال لفظ المفرد في اكثر من معنى (هو استعمال اللفظ في كل من المعنيين بان) يقال جئني بعين مثلا و (يراد به في اطلاق واحد هذا) أي الذهب وحده مثلا(وذاك) أي الفضة مثلا وحدها(على أن يكون كل منهما) اي كلّ من المعنيين اي الذهب والفضة مثلا(مناطا) وعلة(للحكم و) ان يكون كل منهما اي كل المعنيين (متعلقا للاثبات) في قوله جئني بعين (و) متعلق (النفي) في قوله لا تجئني بعين واجماله ان النزاع في الوجه الرابع من الوجوه المتقدمة(لا المجموع المركب) من الذهب والفضة(الذي احد المعنيين) أعني الذهب مثلا(جزء منه) أي من المجموع المركب من الذهب والفضة وبعبارة اخرى

٤٤

ليس النزاع في الوجه الثالث من الوجوه المتقدمة(سلمنا) ان النزاع في الوجه الثالث اعني في المجموع المركب (لكن ليس كل جزء) أى كل لفظ وضع للجزء مثل العين التي وضعت للذهب مثلا(يصح اطلاقه على الكل) أعني الذهب والفضة(بل) يصح اطلاق اللفظ الموضوع للجزء على الكل (اذا كان للكل تركب حقيقي) لا اعتباري (و) أيضا(كان الجزء مما اذا انتفى) أي اذا انتفى الجزء(انتفى الكل بحسب العرف أيضا) كانتفاء الجزء(كالرقبة للانسان) فانها جزء للانسان وتطلق على الانسان أيضا كما في قوله اعتق رقبة وهي بحيث لو انتفت انتفى الانسان اصلا(بخلاف الاصبع والظفر) فانهما جزءان من الانسان لكن لا يصح اطلاقهما عليه لانّهما ليسا مما اذا انتفى انتفى الكل (ونحو ذلك) وما نحن فيه من قبيل الاخير فان الذهب والفضة ليس لهما تركب حقيقي فعلى هذا لا يصح اطلاق لفظ العين التي وضعت للذهب وحده مثلا للمجموع المركب من الذهب والفضة معا(قلت لم ارد بوجود علاقة الكل والجزء) التي قلنا في الاستدلال (ان اللفظ) أي لفظ العين (موضوع لاحد المعنيين) أي للذهب مثلا(ويستعمل ح في مجموعهما معا) أي في مجموع الذهب والفضة معا(فيكون من باب اطلاق اللفظ الموضوع للجزء وارادة الكل كما توهمه بعضهم ليرد ما ذكرت بل) القضية على العكس وهو كون (المراد أن اللفظ) أي اللفظ المشترك (لما كان حقيقة في كل من المعنيين) أي في كل من الذهب والفضة مثلا(لكن مع قيد الوحدة كان استعماله في الجميع) ح (مقتضيا لالغاء اعتبار قيد الوحدة كما ذكرناه في اختصاص اللّفظ ببعض الموضع أعني ما سوى الوحدة

٤٥

فيكون) ما نحن فيه (من باب اطلاق اللفظ الموضوع للكل) أي المعنى مع الوحدة(وارادة الجزء) أي المعنى بدون الوحدة(وهو) أي اطلاق اللفظ الموضوع للكل وإرادة الجزء(غير مشترط لشيء مما اشتراط في عكسه) أي في استعمال اللفظ الموضوع للجزء في الكل وهو كونه مما إذا انتفى انتفى الكل (فلا اشكال و) الدليل (لنا على كونه حقيقة في التثنية والجمع) يعني أن الدليل على استعمال التثنية والجمع من المشترك في اكثر من معنى على سبيل الحقيقة(انهما) أي التثنية والجمع (في قوة تكرير المفرد بالعطف) يعني أن قولنا جئني بعين أو بأعين بمنزلة قولنا جئني بعين وبعين إن قلت انهما ليسا في تلك القوة اذ كل مفرد في صورة التكرير بالعطف له معنى مغاير للآخر والحال ان المعتبر في التثنية والجمع هو الاتحاد والاتفاق لفظا ومعنى ولا يكفي مجرد الاتفاق في اللفظ حتى يكون التثنية والجمع في منزلة تكرير المفرد قلت (و) ليس كذلك بل (الظاهر) هو (اعتبار الاتفاق في اللفظ دون المعنى في المفردات ألا ترى انه يقال زيدان وزيدون وما اشبه هذا مع كون المعنى في الآحاد) أي في المفردات (مختلفا) وهذا يدل على أن المعتبر هو الاتفاق في لفظ فقط دون المعنى (و) اما(تأويل بعضهم له بالمسمى) والقول بان المراد من لفظ زيد المسمى بزيد ثم يثني ويجمع ويراد المتعدد من المسمى فهو (تسعف) وتكلف (بعيد وح) اي حين كونهما بمنزلة تكرير المفرد بالعطف (فكما انه يجوز إرادة المعاني المتعددة من الالفاظ المفردة المتحدة المتعاطفة) كما في نحو زيد وزيد وزيد مثلا فان الفاظها متحدة

٤٦

لفظا ومتعاطفة ولكن المعاني المرادة متعددة ومختلفة فان المقصود من زيد الاول هو زيد بن عمر ومثلا ومن الثاني زيد بن بكر ومن الثالث زيد بن خالد(على أن يكون كل واحد منها) أي من الالفاظ المتعاطفة(مستعملا في معنى بطريق الحقيقة) كما عرفت في المثال (فكذا ما هو في قوته) أعني التثنية والجمع وتحقيق القول فيه أن استعمال تثنية المشترك مثلا على أقسام أربعة الاول أن يراد من لفظ العينين اثنان من معنى واحد كالذهبين وهذا لا اشكال في جوازه حقيقة بل ولا خلاف الثاني أن يراد منه اثنان من طبيعتين ولكن مع تأويل أداة التثنية بالمسمى ولا اشكال في جوازه أيضا بل ولا خلاف ولكن تجوزا الثالث الصورة المذكورة بلا تأويل ، الرابع أن يراد منه أربعة من طبيعة واحدة أو من طبيعتين كل اثنين أو ثلاثة من واحد وواحدة من اخرى أو من طبائع ثلاث أو من طبائع اربع اما القسمان الاوّلان فلا خلاف فيهما كما اشرنا اليه واما الثالث فهو محل الخلاف بين صاحب القوانين والمصنف قدس‌سره وذهب الاول الى عدم جوازه اصلا والمصنف «ره» الى جوازه حقيقة ويرد على المصنف «ره» انه ليس من باب استعمال اللفظ في الأكثر لان هيئة المثنى او اداته انما تدل على ارادة المتعدد مما يراد من مفردها ، واما الصورة الرابعة فلم تذكر في كلامهما فلو فرض كون مراد المصنف «ره» هذه الصورة فهي وإن كانت من استعمال اللفظ في الأكثر إلّا انه يرد عليه ان الاستعمال لا يكون ح على وجه الحقيقة لانه لا بد ح عن الغاء اعتبار قيد الوحدة ايضا ضرورة ان التثنية عنده انما تكون لمعنيين أو لفردين بقيد الوحدة والفرق بينها وبين المفرد انما

٤٧

يكون في انه موضوع للطبيعة وهي موضوعة لفردين منها كما لا يخفى هذا وجميع ما تقدم يجري في الجمع أيضا طابق النعل بالنعل (احتج المانع مطلقا بانّه لو جاز استعماله فيهما) اي في المعنيين (معا لكان ذلك بطريق الحقيقة اذ المفروض انه) أي اللفظ المشترك (موضوع لكل واحد من المعنيين) لكن مع قيد الوحدة(و) المفروض أيضا(ان الاستعمال في كل واحد منهما) أي من المعنيين مع قيد الوحدة(واذا كان) الاستعمال الكذائي (بطريق الحقيقة يلزم كونه) أي المتكلم (مريدا لاحدهما) أي لاحد المعنيين (خاصة) ويلزم أيضا كونه (غير مريد له) أي لأحد المعنيين (خاصة وهو محال) للزوم اجتماع النقيضين وذلك الاستدلال بنحو الملازمة و (بيان الملازمة ان له) أي للّفظ المشترك (حينئذ) أي حين استعماله في المعنيين على سبيل الحقيقة(ثلاثة معان) احدها(هذا وحده و) ثانيها(هذا وحده و) ثالثها(هما معا وقد فرض استعماله في جميع معانيه) الثلاثة وح (فيكون مريدا لهذا وحده ولهذا وحده ولهما معا وكونه) أي المتكلم (مريدا لهما) أي المعنيين (معا معناه ان لا يريد هذا وحده وهذا وحده) وحينئذ(فليزم من ارادته) اي من ارادة المتكلم (لهما) أي المعنيين (على سبيل البدلية) أي على هذا وحده وعلى هذا وحده (الاكتفاء بكل واحد منهما) أي من المعنيين وبعبارة اخرى (و) يلزم (كونهما مرادين على الانفراد و) يلزم (من ارادة المجموع معا عدم الاكتفاء باحدهما و) بعبارة اخرى (كونهما مرادين على الاجتماع وهو) اي كونهما مرادين على الانفراد وعلى الاجتماع (ما ذكرنا من اللازم) اعني لزوم اجتماع النقيضين (والجواب) عن هؤلاء المانعين

٤٨

(انه مناقشة لفظية) يعني ان النزاع بيننا لفظي لا معنوي لان حاصل استدلالكم انه لا يطلق على الجميع مع قيد الانفراد ونحن لا ننكره ونهاية مقصدنا انه يطلق عليه مجردا عن قيد الانفراد وانتم لا تنكرونه واليه اشار بقوله (اذ المراد) اي مرادنا في مقام الاحتجاج على الجواز هو (نفس المدلولين) والمعنيين (معا) من دون قيد الانفراد(لا بقائه) اي ليس المراد بقاء لفظ المشترك (لكل واحد) من المعنيين (منفردا) اي مع قيد الوحدة حتى يلزم المحال المذكور(وغاية ما يمكن ح) أي حين استعماله في الأكثر(ان يقال ان مفهوميّ) ومعنيي (المشترك هما منفردين) اي المعنى مع قيد الانفراد(فاذا استعمل في المجموع) اي في مجموع المعنيين من دون قيد الانفراد(لم يكن) المشترك ح (مستعملا في مفهوميه) اللذين وضع اللفظ لهما(فيرجع البحث) بيننا وبينكم الى تسمية ذلك استعمالا له) اي المشترك (في مفهوميه) ومعنييه يعني انه يرجع البحث حينئذ الى انه هل يقال عليه الاستعمال في مفهوميه اولا(لا الى ابطال اصل الاستعمال) فانه مسلّم لو كان المراد هو المعنى مع قيد الانفراد(وذلك) اي النزاع في التسمية(قليل الجدوى واحتج من خص المنع) من استعمال المشترك في الأكثر(بالمفرد بان التثنية والجمع متعددان في التقدير) لانّ تثنية الاسم في قوة تكريره مرتين وجمعه في قوة تكريره ثلاث مرات فصاعدا(فجاز) بهذا الاعتبار(تعدد مدلوليها) بان يراد من العينين الذهب والفضة ومن الاعين الذهب والفضة والجارية مثلا(بخلاف المفرد) فانه لا تعدد فيه لا صريحا ولا تقديرا فلا يجوز تعدد

٤٩

مدلوليه فاذا اردنا متعددا من المشترك لزم أن يأتي بصيغة التثنية او الجمع دون المفرد(واجيب عنه) أي عن هذا الاحتجاج (بانّ التثنية والجمع انما يفيدان تعدد المعنى المستفاد من المفرد) نظرا الى ان المعتبر في التثنية والجمع هو الاتفاق في المعنى ولا يكفي مجرد الاتفاق في اللفظ(فان افاد المفرد التعدد) اي تعدد المعنى (افاداه) أي افاد التثنية والجمع أيضا تعدد المعنى الذى استفيد من مفردهما(وإلّا) أي وان لم يفد المفرد تعدد المعنى بل المفاد هو فرد من ماهية واحدة كما هو عند المانع (فلا) أي فلا يفيد التثنية والجمع أيضا التعدد بل المفاد حينئذ هو التعدد لكن من ماهية واحدة(وفيه نظر) أي في هذا الجواب نظر ووجه النظر(يعلم مما قلناه في حجة) ودليل (ما اخترناه) وهو ان الظاهر اعتبار الاتفاق في اللفظ دون المعنى وبهذا الاعتبار يصح التفصيل بين المفرد وبين التثنية والجمع (والحق ان يقال) في جواب من خص المنع بالمفرد(ان هذا الدليل) أي دليل المانع (انما يقتضي نفي كون الاستعمال المذكور بالنسبة الى المفرد حقيقة) وبعبارة اخرى ان مقتضى هذا الدليل عدم كون استعمال المفرد فى اكثر من معنى على وجه الحقيقة(واما نفي صحته) أي صحة الاستعمال (مجازا حيث توجد العلاقة المجوزة له) أي للاستعمال (فلا) وبعبارة اوضح ان الدليل لا ينفي كونه مجازا حيث توجد العلاقة المجوّزة له (واحتج من خص الجواز) أي جواز استعمال المشترك في اكثر من معنى (بالنفي بان النفي) في قوله لا تجئني بعين (يفيد العموم) لان الواقع بعد كلمة النفي نكرة وهي لو وقعت بعدها تفيد العموم ، ومعناه انه لا تجئني كل فرد من الذهب والفضة والجارية الخ على سبيل عموم السلب او سلب العموم على

٥٠

اختلاف الموارد(فيتعدد) معناه ومدلوله كما اشرنا(بخلاف الاثبات) فانه لا تعدد في مدلوله واذا قال جئني بعين يراد منه فرد من الذهب او الفضة على البدل (وجوابه ان النفي انما هو للمعنى المستفاد عند الاثبات) يعنى ان النفي اذا دخل على المثبت يفيد نفي ما استفيد من الاثبات (فاذا لم يكن) المستفاد من الاثبات (متعددا) كما هو الفرض (فمن اين يجيء التعدد في النفي) يعنى انه لا يفيد النفي أيضا تعدد المعنى ومفاد النكرة المنفية المفيدة للعموم هو نفي افراد ماهية واحدة لا الماهيتين (حجة مجوّزيه) أي مجوز الاستعمال (حقيقة) مطلقا(ان ما وضع له اللفظ واستعمل) اللفظ(فيه هو كل من المعنيين) أي كل من الذهب والفضة مثلا(لا بشرط ان يكون وحده) أي لا بقيد الوحدة(ولا بشرط كونه مع غيره) اي الذهب والفضة معا هذا الذي قلنا بناء(على ما هو شأن الماهية لا بشرط شيء) التي هي الموضوع له للفظ(وهو) اي الماهية لا بشرط شيء التي هي الموضوع له (متحقق في حال الانفراد عن الآخر) اي في حال ان يكون المعنى مع الوحدة(والاجتماع معه) اي مع الآخر بان يكون الذهب مجتمعا مع الفضة(فيكون) المشترك حينئذ(حقيقة في كل منهما) أي في كل من المعنيين أي المعنى فى حال الانفراد والمعنى في حال الاجتماع باعتبار تحقق الموضوع له في كلا المعنيين (والجواب) عن هذا الاحتجاج (ان الوحدة يتبادر من المفرد عند اطلاقه) أي عند اطلاق لفظ المفرد(وذلك) أي التبادر(آية الحقيقة وح) اي حين تبادر الواحدة(فالمعنى الموضوع له فيه) أي في المفرد(ليس هو الماهية لا بشرط شيء) كما قال (بل) الموضوع له للمفرد(هي) أي الماهية(بشرط شيء) وهو الوحدة هذا في المفرد(واما فيما عداه) أي ما عدا

٥١

المفرد من التثنية والجمع (فالمدعى) أعني جواز الاستعمال على وجه الحقيقة(حق كما اسلفناه) وقلناه في بيان الاحتجاج على مذهبنا(وحجة من زعم انه) أي اللفظ المشترك (ظاهر في الجميع عند التجرد عن القرائن قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ)) وجه الدلالة أن السجود في الآية اسند الى كثير من الناس وغيرهم واريد منه المعنى المتعدد والدليل على تعدد المعنى هو قوله (فان السجود من الناس وضع الجبهة على الارض ومن غيرهم امر) وشيء مخالف (لذلك) أي لوضع الجبهة(قطعا) والنكتة في التعبير بكثير من الناس مع ان المؤمنين اقل من الكفار بكثير اما من جهة الشرف أو الكثرة النفسية لا الكثرة بالنسبة وايضا يدلّ عليه (قوله تعالى (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ)) اما وجه الدلالة فان الصلاة في الآية اسندت الى لفظ الجلالة واريد به معنى واسندت الى الملائكة واريد به معنى آخر غير ما اريد من الأول واليه اشار بقوله (فان الصلاة من الله) بمعنى (المغفرة ومن الملائكة) بمعنى (الاستغفار وهما) أي المعنيان (مختلفان) قطعا(والجواب) عن هذا الاحتجاج (من وجوه احدها أن معنى السجود في الكل) أي كل من ذكر في الآية(واحد وهو غاية الخضوع) والتذلل واذا كان كذلك فلا تكون الآية مما نحن فيه لانّ النزاع هنا في استعمال المشترك في اكثر من معناه دون معنى واحد والمراد من غاية الخضوع ما يعم الخضوع التكليفي والتكويني ولهذا لم يذكر في الآية جميع الناس مع ثبوت الخضوع التكويني في الكل (وكذا) المراد(في) لفظ(الصلاة) معنى واحد(وهو الاعتناء) والنظر

٥٢

(باظهار الشرف) للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذه ايضا خارجة عما نحن فيه بالبيان السابق (وثانيها ان الآية الاولى) ايضا خارجة عما نحن فيه لكن ببيان آخر وهو القول بانه وان كان المعاني المرادة في الآية متعددة إلّا انه لا بلفظ واحد كما هو محل البحث بل (بتقدير فعل) في كل من المعنى (وكأنه قيل) في الآية(ويسجد له كثير من الناس) وهكذا في الآية(الثانية بتقدير خبر كأنه قيل ان الله يصلي وانما جاز هذا التقدير) يعني ان الاولى والاصل عدم التقدير وانما جاز(لان قوله يسجد له من في السموات وقوله ملائكته يصلون مقارن) أي كائن قرينا(له) أي للمقدر(وهو) أي المذكور في الآية(مثل المحذور) في الاتفاق في اللفظ فعلى هذا(كان المذكور) في الآية اعني قوله يسجد ويصلون (دالا عليه) أي على المقدر وهذا(مثل قوله نحن بما عندنا وانت بما عندك راض و) لكن (الرأي مختلف أي نحن بما عندنا راضون وعلى هذا) أي فعلى هذا التقدير(فيكون قد كرر اللفظ) في الآية اصلا وتقديرا(مرادا به) أي من اللفظ(في كل مرة معنى) غير المعنى الذي اريد من الاول كما قلنا(وذلك) أي تكرار اللفظ مرادا به في كل مرة معنى (جائز بالاتفاق وثالثها انه وان ثبت الاستعمال) أي استعمال لفظ يسجد ويصلي في الآيتين في اكثر من معنى (فلا يتعين كونه) أي الاستعمال (حقيقة بل نقول هو مجاز لما قدمناه من الدليل) وهو تبادر الوحدة(وان كان المجاز على خلاف الاصل) لان الاصل الحقيقة(ولو سلم كونه حقيقة فالقرينة) وهي ذكر الامور المختلفة في الآيتين (على ارادة الجميع فيه) أي في قوله تعالى (ظاهرة فأين وجه الدلالة على ظهوره) أي ظهور المشترك (في ذلك) اي في جميع المعاني (مع فقد القرينة كما هو) اي الدلالة في صورة

٥٣

فقد القرينة(المدعى) وتظهر ثمرة المسألة في صحة الاستعمال وغلطيته ومن قال بالجواز قال بالاول ومن قال بعدم الجواز قال بالثاني وأيضا تظهر فيما لو ورد خبر مشتمل على لفظ مشترك مستعمل في معنيين لانّ الخبر على القول بالجواز مقبول من تلك الجهة وعلى القول بعدم الجواز مردود من تلك الجهة.

٥٤

(اصل اختلفوا في استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي) بان يقال رأيت اسدا ويراد منه الحيوان المفترس الذي هو المعنى الحقيقي والشجاع الذي هو المجازي (كاختلافهم في استعمال المشترك في معانيه) يعني ان محل النزاع هنا ايضا هو الوجه الرابع من الوجوه المتقدمة في المسألة السابقة(فمنعه قوم وجوّزه آخرون ثم اختلف المجوّزون فاكثرهم على انه) أي اطلاق اللفظ وارادة المعنى الحقيقي والمجازي معا(مجاز وربما قيل بكونه حقيقة ومجازا بالاعتبارين) حقيقة باعتبار دلالته على الموضوع له الاصلي ومجاز باعتبار دلالته على غيره (حجة المانعين انه لو جاز استعمال اللفظ في المعنيين) أي في المعنى الحقيقي والمجازي معا(للزم الجمع بين المتنافيين اما) بيان (الملازمة فلأنّ من شرط المجاز نصب القرينة المانعة عن ارادة الحقيقة) مثل قولك رأيت اسدا يرمي فان كلمة يرمي قرينة دالة على المعنى المجازي ومانعة عن ارادة المعنى الحقيقي (ولهذا قال اهل البيان ان المجاز ملزوم قرينة) يعنى أن القرينة لازمة له وهو ملزوم (معاندة) ومنافية(لارادة الحقيقة وملزوم معاند الشيء) والمراد من الملزوم هو المجاز ومن المعاند هو القرينة ومن الشيء هو الحقيقة(معاند) ومناف (لذلك الشيء) اي للحقيقة(وإلّا) أي وان لم يكن الملزوم أي المجاز معاندا للحقيقة كما ان اللازم اي القرينة كذلك يعني معاندة(للزم صدق الملزوم) أي المجاز

٥٥

في محل (بدون اللازم) أي بدون القرينة(وهو) اي التفكيك بين اللازم والملزوم (محال وجعلوا) أي اهل البيان (هذا) أي لزوم القرينة للمجاز(وجه الفرق بين المجاز والكناية) يعنى انهم حيث قالوا ان المجاز والكناية يشتركان في انهما مستعملان في غير الموضوع له ويفترقان في ان المجاز له قرينة مانعة بخلاف الكناية وفيه أن بينهما فرقا واضحا فان المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له مثل الاسد في الرجل الشجاع بخلاف الكناية فان في الكناية لم يستعمل اللفظ الّا في معناه الحقيقي توطئة لافادة غيره فالمقصود الاصلي وان كان افادة ذلك الغير إلّا انه غير مراد باللفظ بل بمعونة الخارج مثل قوله زيد كثير الرماد وزيد عريض القفاء وعريض الوسادة فان كثير الرماد وعريض القفاء وعريض الوسادة كلها مستعملة في ما وضع له إلّا انه يشار بها الى بلادته وقلة ادراكه الذي هو المقصود الاصلي وغير ما وضع له هكذا قالوا والتحقيق ان المدار في الكناية هو ذكر اللازم وارادة الملزوم أو بالعكس وحينئذ فقد يستعمل اللفظ في المعنى الموضوع له ويراد منه لازمه وقد يستعمل في المعنى المجازي ويراد منه لازمه ولا يصح القول في الكناية بانّه مستعمل في المعنى الحقيقي دائما ويراد منه لازمه فافهم (وحينئذ) اي حين لزوم القرينة المعاندة(فاذا استعمل اللفظ فيهما) اي في المعنى الحقيقي والمجازي (كان مريدا لاستعماله) أي اللفظ والجار متعلق بقوله مريدا لا لكان (فيما وضع له) وهذا الاستعمال (باعتبار ارادة المعنى الحقيقي) وكان المتكلم ايضا(غير مريد له) أي الاستعمال فيما وضع له (باعتبار ارادة المعنى المجازي وهو) أي الارادة وعدم الارادة(ما ذكرنا من اللازم) اعني لزوم الجمع بين المتنافيين

٥٦

(واما بطلانه) أي اللازم (فواضح وحجة المجوّزين انه ليس بين ارادة الحقيقة وارادة المجاز معا منافات) ووجهه أن لزوم القرينة المانعة عن ارادة الحقيقة للمجاز ممنوع وليست القرينة شرطا في صحة الاستعمال وانما هي لدفع الاجمال ولذا لا يلزم القرينة لو اريد المعنى المجازي في الادعية والمناجات مع الله سبحانه ولجواز تأخير البيان عن وقت الخطاب غاية ما في الباب ان اطلاق اللفظ وارادة المعنى المجازي منه قبيح من جهة الاغراء بالجهل ولا مانع منه لان مرحلة القبح غير مرحلة الاستعمال والكلام هنا في الاستعمال (واذا لم يكن ثم منافات) لاجل ما ذكرناه (لم يمتنع اجتماع الارادتين عند التكلم) وفيه نظر لان ارادة المعنى المجازي من اللفظ موقوف على ترخيص الواضع قطعا والقدر الثابت من ترخيصه من التتبع في الاستعمالات هو ارادة المعنى المجازي منفردا واما تجويزه لارادة المعنى المجازي مع الحقيقي حسب ما فرض في محل النزاع فغير معلوم وأيضا ان النزاع كما علم في مقدمات المسألة السابقة فيما اذا كان الاستعمال واحدا والارادة واحدة ومع فرض الارادتين يخرج عن حريم النزاع ومع ذلك يرد عليه ما سيورده المصنف «ره» عن قريب (واحتجوا لكونه) أي الاستعمال (مجازا بان استعماله لهما) أي في المعنى الحقيقي والمجازي (استعمال في غير ما وضع له اولا اذ لم يكن المعنى المجازي داخلا في الموضوع له وهو) أي المعنى المجازي (الآن داخل فكان) ذلك الاستعمال (مجازا احتج القائل بكونه) أي الاستعمال (حقيقة ومجازا بانّ اللفظ) أي لفظ الاسد مثلا(مستعمل في كل واحد من المعنيين) اعني الحيوان المفترس والرجل الشجاع معا(والمفروض انه) أي اللفظ(حقيقة في احدهما)

٥٧

يعنى في الحيوان المفترس (ومجاز في الآخر) يعنى في الرجل الشجاع (فلكل واحد من الاستعمالين حكمه) اي حكم الاستعمال من حيث انه مستعمل في المعنى الحقيقي حقيقة ومن حيث انه مستعمل في المعنى المجازي مجاز وفيه ان الاستعمال لا تعدد فيه بل الاستعمال واحد والارادة واحدة كما هو المفروض (وجواب المانعين) يعنى أن احتجاج المانعين في مقام الجواب (عن حجة الجواز ظاهر) وواضح (بعد ما قرروه) اي قرر النافون (في وجه التنافي) حيث قالوا ان المجاز ملزوم قرينة معاندة لارادة الحقيقة وبيان ذلك مع كونهم منكرين لزوم القرينة للمجاز ان يقال ان ما ذكر من كون المجاز ملزوما للقرينة المعاندة لارادة الحقيقة مطلقا ليس مبنيا على كون القرينة شرطا في صحة التجوز بل يتم ذلك مع كون القرينة لاجل الافهام حيث انه بعد توقف انفهامه على قيام القرينة وكون الكلام مسوقا لأجل الافهام يكون ارادة المعنى المجازي ملزوما للقرينة المفهمة وعلى هذا تكون هذه القرينة معاندة لارادة الحقيقة بالبيان السابق وهذا هو الذي وعدناه سابقا(واما الحجتان الاخيرتان) إحداهما حجة من قال بالمجازية وثانيتهما حجة من قال بالحقيقة والمجاز(فهما ساقطتان) عن درجة الاعتبار(بعد ابطال) الحجة(الاولى) أي حجة المجوّزين لانّ الحجتين الاخيرتين متفرعان على الجواز فاذا بطل حجة الجواز بطل الحجتان الاخيرتان بطريق أولى (و) مع ذلك (تزيد الحجة) أي حجة المنع والجواب الآخر(على) من قال (بمجازيته بانّ فيها) أي في المجازية (خروجا عن محل النزاع اذ موضوع البحث هو استعمال اللفظ في المعنيين على ان يكون كل منهما مناطا للحكم ومتعلقا للاثبات والنفي) على سبيل الكلي

٥٨

الافرادي (كما مر آنفا في المشترك وما ذكر في الحجة) أي في حجة من قال بالمجازية(يدل على ان اللفظ) أي لفظ اسد مثلا(مستعمل في معنى مجازي) يعني في الشجاع مثلا(وهو شامل للمعنى الحقيقي) اعني الحيوان المفترس (والمجازي الاول) اعنى الرجل الشجاع والمجازي الثاني هو الشجاع الجامع بين المعنيين (فهو) أي المجازي الشامل (معنى ثالث) احدها المعنى الحقيقي وثانيها المجازي الاول وثالثها المجازي الثاني الشامل (لهما) أي للمعنيين الحقيقي والمجازي الاول (وهذا) أي المعنى الشامل (لا نزاع فيه) فانه من الوجه الثاني المذكور في مقدمة المسألة السابقة وقد قلنا انه لا اشكال فيه ولا خلاف (فان النافي للصحة يجوز ارادة المعنى المجازي الشامل) للمعنى الحقيقي والمجازي الاول (ويسمى ذلك بعموم المجاز) هذا(مثل ان تريد بوضع القدم في قولك لا اضع قدمي في دار فلان الدخول) الذي هو المعنى المجازي الشامل (فيتناول) هذا المعنى المجازي اعنى الدخول على المعنيين الاول (دخولها) اي دخول الدار(حافيا وهو الحقيقة و) الثاني دخولها(ناعلا وراكبا) وهما مجازان والعجب من المصنف «ره» كيف رضى وحمل قوله اذ لم يكن المعنى المجازي داخلا الخ على دخول الجزئى تحت الكلي والشاهد عليه مثاله بوضع القدم فان الدخول المراد منه كلي بالنسبة الى الدخول حافيا وغيره والحال ان المراد من قوله هو دخول الخاص في العام الاصولي وحاصله ان الموضوع له مقيد بالوحدة في الارادة أي عدم دخول معنى آخر معه في الارادة وصار المعنى المجازي الآن داخلا في الارادة مع المعنى الحقيقي ففات قيد الوحدة فلم يكن الاستعمال في المعنى الحقيقي وحينئذ لا يرد عليه ما اورده بقوله وتزيد

٥٩

الحجة على مجازيته الخ (والتحقيق عندي في هذا المقام انّهم) اي المجوّزين (ان ارادوا بالمعنى الحقيقي الذي يستعمل فيه اللفظ) مع المعنى المجازي (حينئذ) أي حين كونهما معا مرادا(تمام الموضوع له حتى مع الوحدة الملحوظة في اللفظ المفرد كما علم في) مبحث (المشترك) بان اللفظ في المفردات موضوع للمعنى مع قيد الوحدة(كان القول بالمنع) من جواز الاستعمال (متوجها لان ارادة المجاز تعانده) أي تعاند وتنافي المعنى الحقيقي (من جهتين) إحداها(منافاتها) أي ارادة المجاز(للوحدة الملحوظة) المأخوذة في وضع المفردات كما مر مرارا(و) ثانيتها(لزوم القرينة المانعة) عن ارادة الحقيقة مع المجاز(وان ارادوا به) أي من المعنى الحقيقي (المدلول الحقيقي) في الجملة وبعبارة اخرى (من دون اعتبار كونه) أي المعنى الحقيقي (منفردا) أي مع قيد الانفراد بل بالغاء قيد الوحدة والانفراد(كما قرر في جواب حجة المانع في المشترك) بانّ المراد نفس المدلولين معا لا بقائه لكل واحد منفردا وحينئذ(اتجه القول بالجواز) أي بجواز استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي (لان المعنى الحقيقي يصير بعد تعريته) وتجرده (عن الوحدة مجازيا للّفظ) وحينئذ(فالقرينة اللازمة للمجاز لا تعانده) أي لا تكون القرينة حينئذ منافية ومعاندة للمعنى الحقيقي في الجملة وفيه أنّ المعاندة بين المجاز والحقيقة عند اهل البيان انما هي المجاز وذات الحقيقة سواء كان مع الواحدة أم لا وذاتها موجودة والمعاندة باقية(و) لا بد من بيان محل الحكم بين الارادتين ويقال (حيث كان المعتبر) عند المجوّزين (في استعمال المشترك) في المسألة السابقة(هو هذا المعنى) أي الجواز مجازا(فالظاهر اعتباره) أي اعتبار هذا الحكم (هنا ايضا)

٦٠