مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٣

(السابع) المطالبة على الفور على رأي ، فلو أخلّ بها مع قدرته بطلت.

______________________________________________________

البيع.

وان الذي ينتظر هو الشريك الذي يريد ان يبيع المشتري لا بعد البيع.

وظاهر المتن وغيره هو الثاني فكأنهم قيّدوا بعدم الضرر ، لأنه منفي بالعقل والنقل.

ولكنه غير ظاهر لأنا نجد وقوعه في الشرع كثيرا ، فليس له ضابط واضح خصوصا مع وجود النص.

وانهم قاسوا حال المشتري بالبائع.

وفيه تأمّل الا انه لا يظهر الخلاف فيما ذكروه فينبغي الوقوف معه وان كان فيه ما فيه.

ويؤيّد التأمّل في الصبر هذا المقدار ، كونها فوريّة ويمكن إثبات العجز بإقراره ، وقد يعلم من حاله ، ولكن حينئذ إذا ادعى العدم يقبل.

قوله : «السابع المطالبة إلخ» كأن المراد بها أخذ الشفعة كما قال في شرح الشرائع وفي جعلها من شرائط الشفعة التي هي الاستحقاق مسامحة ، إذ هي شرط وقوعها وعدم بطلانها ، والأمر في ذلك هيّن.

والدليل عليه ، كأنه ما تقدم من الدليل العام والا خرج بالإجماع كونها على الفور ، وليس هنا دليل صريح صحيح يصلح للخروج عن ذلك الدليل.

قال في التذكرة : وهو المشهور عند أصحابنا.

ودليل عدم الفوريّة ثبوتها مطلقا بالإجماع والاخبار الكثيرة المتقدمة من غير توقيت في شي‌ء منها ، بل ظاهرها العموم.

وأيضا الأصل بقائها بحكم الاستصحاب ، ولأن في الصبر الى مضيّ ثلاثة

٢١

ولو أخلّ لعذر عنها وعن التوكيل أو لعدم علمه أو لتوهّم كثرة الثمن أو لتوهم نقد معيّن أو جنس بعينه لم تبطل.

______________________________________________________

أيّام ـ في ادعاء غيبة الثمن ومدّة الرواح والمجي‌ء الى بلد المال ثم الصبر ثلاثة أيّام أخر ـ دلالة على عدم الفور ، إذ يبعد تأخير ما هو في الأصل فوريّ ، إلى تلك المدّة بمجرد دعواه ان الثمن ليس بحاضر ، وهو ظاهر.

ولكن قد عرفت ما في دليل الصبر من عدم الانطباق.

ثم إن الظاهر على تقدير الفوريّة البطلان لو تأخّر عن الثلاثة ، لما مرّ في رواية علي بن مهزيار : فان وافاه والّا فلا شفعة له (١) فإنها دلّت على البطلان في الحال بعد الثلاثة.

وقد جعل ذلك في التذكرة دليل الفوريّة ، إذ على عدم الفوريّة كان بطلانه موقوفا على الفسخ ، وليس بواضح.

ويمكن البطلان بمضيّ زمان يعلم مع ذلك عدم إرادة المطالبة عادة وعرفا ، وهو احد الاحتمالات الخمسة المذكورة للشافعي في التذكرة فتأمّل.

قوله : «ولو أخلّ لعذر عنها إلخ» من العذر ، المرض المانع ، ووجوب أمر ضروريّ مثل الصلاة ، بل الاشتغال بها وان كانت مندوبة ، قاله في التذكرة ، ووقوع طفل في مهلكة ، والعجز عن التوكيل وعدم حضور من هو قابل لذلك وغير ذلك.

وكأنه من العذر ، عدم العلم بالفوريّة ، واعتقاد عدم القدرة ثم تبيّن القدرة بوجود مال له.

وكذا الكون في الحمّام والاشتغال بالأكل وقضاء الحاجة.

بل قال في التذكرة : له ان يبدء بالأكل في وقته وقضاء الحاجة ولا يجب

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ ذيل حديث ١ من كتاب الشفعة.

٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الاقتصار في الصلاة على الواجبات ، بل له ان يتممها مع المندوبات ، ولكن ينبغي أن يقول في مثل هذه المواضع : أخذت بالشفعة ثم بعد زوال العذر يمشي إلى المشتري ولا يحتاج الى العدو وتحريك الدابّة ، بل يكفي الذهاب عادة قاله في التذكرة.

وقال أيضا : إذا مشى عنده ، له ان يسلّم أوّلا ثم يطلب ، وله ان يقول : بارك الله لك في صفقة يمينك ونحوه ولا يضرّ بالفوريّة فتأمّل.

ثم إن ظاهر كلامهم انه يجب كون المطالبة بحضور المشتري دون الشريك أو الحاكم أو العدلين ، لان ذلك غير شرط عند أصحابنا صرّح به في التذكرة للأصل وعدم الدليل ، وانه يقبل ذلك منه بغير بيّنة ، ويحكم له بالشفعة إلا مع إخلاله بالشرائط.

وما ذكروا وجوب الأخذ عند العذر (١) بينه وبين الله ، ولا الاشهاد والحاكم ، ويمكن ذلك مع الإمكان خصوصا مع عدم المشقّة.

بل قالوا : لو كان قادرا على التوكيل وترك ، تبطل.

ونقل عن الشيخ : انه لو ترك مطالبة المشتري ـ مع الإمكان واكتفى بالإشهاد ـ لم تبطل لعدم الدليل.

وقال : لو ترك وطلب عند الحاكم لم يبطل مع القدرة على الطلب من المشتري ، وهو يدلّ على عدم التعيين عند المشتري.

على انهم ما ذكروا دليلا على وجوب كون المطالبة عند المشتري فلم لا يجوز الاكتفاء بالمطالبة بينه وبين الله ثم اخبار المشتري بها خصوصا مع العذر ويقبل تلك الدعوى منه ونفيه.

__________________

(١) الظاهر ان المراد ان آخذ الشفعة لو كان معذورا أن يأخذها بحضور المشتري لم يذكروا وجوب أخذها بينه وبين الله إلخ.

٢٣

والمحبوس على حقّ ، معذور مع عجزه لا بدونه.

والمجنون والصبي معذوران مع إهمال الولي لغير المصلحة ، لا لها.

______________________________________________________

وليس بواضح إلّا ان الظاهر من كلام الأكثر أنه مقرّر ثابت عندهم ، لأنّهم يوجبون المشي اليه ولم يجوّزوا التأخير ويجعلونه معذورا مع اشتغاله بالصلاة ونحوها ، ومع كونه محبوسا وغير ذلك.

وهذا كله فرع وجوبه عند المشتري واشتراط حضوره ويوجبون المشي بعد زوال العذر بلا فصل عرفيّ ، وكل ذلك فرع ما تقدم ، مع عدم ظهور الدليل.

وقال في التذكرة : لا يشترط لتملك الشفيع بالشفعة حكم الحاكم ، ولا حضور الثمن ، وحضور المشتري ورضاه عند علمائنا.

وقال في موضع آخر : ولا يتوقف الأخذ بالشفعة على رضا المشتري.

إلّا ان يحمل على بعض الأوقات ، وذلك كاف ، لصدق عدم الاشتراط ولكن سوق الكلام غير ذلك فتأمّل.

قوله : «والمحبوس إلخ» يعني لو حبس الشفيع ظلما ـ سواء كان بغير حق أو حق عاجز عن أدائه ـ فهو معذور في ترك المطالبة بنفسه بالمشي إلى المشتري.

ولكن الظاهر أنه غير معذور في عدم التوكيل مع عدم العجز عنه وعن الأخذ بينه وبين الله ان كان واجبا.

واما إذا كان بحق قادر عليه فليس بمعذور ، بل يبطل شفعته ويأثم بالتأخير في الحبس وهو ظاهر.

قوله : «والمجنون والصبي إلخ» يعني ان الوليّ قائم مقام المولّى عليه في أخذ الشفعة لكونه بمنزلة نفسه ، وكأنه لا خلاف فيه.

مستندا إلى رواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ليس لليهود والنصارى (١) شفعة ، وقال : لا شفعة إلا لشريك غير مقاسم ، قال : وقال أمير المؤمنين

__________________

(١) لليهودي والنصراني ئل.

٢٤

ولو قدم الغائب العاجز عن الحضور والوكالة ، كان له الأخذ ، وان تطاول دهره ولم يشهد مع إمكانه ، ولا يجب تجاوز العادة في المشي.

ولا قطع العبادة المندوبة ، ولا ترك الصلاة بعد دخول وقتها.

______________________________________________________

عليه السلام : وصيّ اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كان له رغبة فيه ، وقال : للغائب شفعة (١).

ولا يضرّ عدم الصحّة ، لأنها مقبولة ومؤيّدة.

وفيها أحكام أخر ، مثل عدم الشفعة للكافر ـ كأنه يريد ، على المسلم ـ ، وكون الأب وليّا ، وكون الوصي مثله في جميع الأمور حتى في أخذ الشفعة.

وان ترك الولي مع المصلحة في أخذه لا يسقط الشفعة ، بل للمولّى عليه بعد الاستحقاق ، الأخذ بالشفعة.

وأما ان تركها مع المصلحة فتسقط مثل ما ترك المالك بنفسه.

ويمكن ان يكون إهمال الوليّ مع المصلحة حراما فيسقط العدالة ، والولاية المشترط بها مع القول به ان كان كبيرة أو مع الإصرار ، والظاهر العدم ، للأصل.

قوله : «ولو قدم الغائب إلخ» قد مرّ ان الذي عجز عن الوكالة والحضور بعينه (بغيبته خ) ونحوها ، معذور.

وانه إذا زال وحضر من غير تأخير مانع ، كان له الأخذ وان كان مدّة متطاولة وهو ظاهر وان ترك الاشهاد ـ مع إمكان الإشهاد له ـ فإنه غير واجب للأصل ، فان الأصل عدم وجوب شي‌ء إلا المطالبة عند المشتري ، التي هو شرط لحصول الشفعة ، كأنه للإجماع وقد مرّ التأمّل فيه.

قوله : «ولا قطع العبادة إلخ» للأصل ، وللعرف القاضي بأنّ مثل هذه لا يضرّ بالفورية في مثل هذه.

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من كتاب الشفعة.

٢٥

(الثامن) إسلام الشفيع ان كان المشتري مسلما فلا تثبت للكافر وان كان ذميّا ، على المسلم ، ولا اعتبار بالبائع.

______________________________________________________

كأنه لا خلاف فيه عندهم مع الخلاف للعامّة في قطع الصلاة النافلة.

وكذا له الاشتغال بالصلاة الواجبة مع دخول وقتها في أوّل وقتها ، وقيل : له إتمامها مع مندوباتها ، وانتظار الجماعة ، ودفع الحرّ والبرد المفرطين ، وانتظار الصبح لو كان ليلا وقضاء الوطر في الحمّام لو سمع فيه ، ولبس الخف وغلق الأبواب ، والسلام على المشتري وتحيته بالمعتاد مع غيبة المشتري ، ومع الحضور يجب الطلب في الحال.

وقيل : المرجع هو العرف ، وفيه تأمّل لأنّه غير ظاهر في أمثال ذلك ، مع ان الفوريّة اللغويّة واصطلاح الأصول المتداول بين الفقهاء ينافي كثير ما تقدّم. نعم ان كان هنا ـ بمعنى آخر ـ اصطلاح أو إجماع لا ينافي ذلك ، فهو شي‌ء يعرفونه.

قوله : «الثامن إسلام الشفيع إلخ» قال في التذكرة : يشترط في الأخذ بالشفعة ، الإسلام ان كان المشتري مسلما فلا يثبت الشفعة للذمي على المسلم ، ويثبت للمسلم على الذمي ، وللذمي على مثله ، سواء تساويا في الكفر أو اختلفا ولو كان أحدهما حربيا ، ذهب إليه علماؤنا (١).

فدليل الشرط هو الإجماع المستند الى قوله تعالى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (٢).

ورواية السكوني المتقدمة (٣) ، ولا يضرها عدم صحّة السند ، ولا شمولها لعدم الشفعة على مثله أيضا ، لأنه يخصّص للإجماع ، وعموم سائر الأدلة.

ولا عدم شمولها لجميع أقسام الكفار بالطريق الأولى بالنسبة إلى الحربيّين ،

__________________

(١) الى هنا عبارة التذكرة.

(٢) النساء ـ ١٤١.

(٣) تقدمت عند شرح قول الماتن ره : والمجنون والصبي إلخ من كتاب الشفعة.

٢٦

وتثبت للمسلم والكافر ، على الكافر.

«الفصل الثاني في الأحكام»

ستحق الشفيع الأخذ ، بالعقد.

وان اشتمل على خيار البائع ، فبعد انقضائه.

______________________________________________________

بل بالنسبة إلى غيرهما من الذين لهم شبهة كتاب لان صاحب الكتاب اولى من المشابه بهم وهو ظاهر.

ومعلوم عدم الاعتبار بالبائع يعني إذا كان المشتري كافرا والبائع مسلما يجوز كون الشفيع كافرا ، إذ لا اعتبار بالبائع ، فإن المأخوذ منه الذي يتسلط عليه الشفيع هو المشتري لا البائع فلا يشمله الآية والسنة (١) ولا دليل غير ذلك.

وثبوتها للمسلم على الكافر ظاهر ، وهو عموم الأدلّة مع عدم المانع.

وكذا ثبوتها للكافر على الكافر مع الإجماع المتقدم المفهوم من التذكرة فتذكر.

قوله : «الفصل الثاني في الأحكام إلخ» أي يستحق بمجرد العقد مع الشرائط المتقدمة وليس بموقوف على حكم الحاكم والشاهد كما مرّ ، بل حضور المشتري أيضا ، لما مرّ وفيه التأمل.

ولا على حضور الثمن وغير ذلك فيأخذها إمّا بالفعل ، بأن يأخذ الحصّة ويدفع الثمن إلى المشتري أو يرضى بالصبر فيملكه حينئذ ، وامّا باللفظ كقوله : أخذت أو تملكت أو نحو ذلك.

قوله : «وان اشتمل إلخ» إشارة إلى انه لا يبطل بالتأخير وان كان فوريّا ويملكه المشتري في زمان خيار البائع لعدم استقرار الملك ، إذ لو أخذه قبل انقضائه فقد يأخذه البائع فيصبر حتى يمضي زمان الخيار فيأخذه.

__________________

(١) يعني آية نفي السبيل وخبر السكوني المتقدم.

٢٧

ولا يملك إلّا بالأخذ. وانّما يأخذ الجميع أو يترك.

ويأخذ بما وقع عليه العقد.

وان بيع (يبايعه خ) بأضعاف ثمن المثل وابرء المشتري من أكثره ، حيلة ، لسقوطها ولا يلزمه غيره من دلالة وشبهها.

______________________________________________________

قوله : «ولا يملك إلخ» يعني بمجرد الاستحقاق لا يملك ، بل لا بدّ من الأخذ وهو امّا بالفعل أو القول كما تقدم عند علمائنا ، ذكره في التذكرة.

قوله : «وانّما يأخذ الجميع أو يترك» أي ليس له التبعيض لانه عيب فامّا ان يأخذ جميع المبيع أو يترك الجميع.

قوله : «ويأخذ بما وقع عليه العقد» يعني لا يجوز ولا يلزمه الأخذ بقيمة الشقص ولا بالثمن مع ما غرم ، بل بما وقع عليه العقد فقط كائنا ما كان ، فان كان مثليا يأخذ بالمثل ، فان تعذر أو كان قيميّا فبالقيمة وقت العقد لأنه وقت الانتقال اليه.

دليله انه انما يأخذه عن المشتري من غير رضاه وعقد جديد ، بل شرع له بالعقد الأوّل ، فهو يصير مثل المشتري ، فكأنه الذي اشترى ، لأنه الأحقّ.

ولما في رواية العامّة (١) والخاصّة مثل ما في رواية الغنوي ـ المتقدّمة ـ : فهو أحق بها (من غيره خ) بالثمن (٢) ، ومعلوم أنّه الذي وقع عليه العقد.

قوله : «وان بيع (يبايعه خ) بثمن المثل إلخ» كأنه إشارة إلى دفع توهم أنه لو كان زيادة عن القيمة لا يلزمه إلا القيمة ، خصوصا إذا كانت حيلة وأبرأ ذمّة المشتري لإسقاط الشفعة و (حيلة) تميز و (لسقوطها) علّة الحيلة ، والضمير (٣) راجع

__________________

(١) راجع سنن أبي داود ج ٣ ص ٢٨٦ طبع مصر باب في الشفعة.

(٢) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ١ من كتاب الشفعة.

(٣) يعني في (لسقوطها).

٢٨

وزيادة في مدة الخيار.

ولو دفع عوضا يساوي بعض الثمن أخذه الشفيع بالمسمّى.

ولو ضم المشفوع بغيره ، أخذ المشفوع بالحصّة ، ولا خيار للمشتري.

______________________________________________________

إلى الشفعة.

قوله : «وزيادة في مدّة الخيار» إشارة إلى رد القول : بان هذه الزيادة محسوبة من الثمن ، لانه لعدم ابطال البيع فكأنه جزء الثمن ، إذ به يتم البيع خصوصا على القول بعدم الانتقال الا بعد مضي زمان الخيار.

وأشار إليه في القواعد ، قال : ولو زاد المشتري في الثمن بعد العقد لم يلحق الزيادة وان كان في مدّة الخيار على رأي.

قوله : «ولو دفع عوضا إلخ» أي لو اشترى بثمن ثم أعطاه عوضه عرضا ومتاعا يسوي بعض الثمن ، ورضي البائع ـ ليس للشفيع إلا الأخذ بالثمن الذي وقع عليه العقد وسمي عنده ، لا قيمة العرض.

قوله : «ولو ضم المشفوع إلخ» أي لو باع شقصا فيه الشفعة منضمة الى ما لا شفعة فيه ، مثل ما لا ينقسم ، أو ثوب بناء على عدم الشفعة فيهما كما هو رأيه ، فللشفيع أخذ ما فيه الشفعة بقسطه من الثمن.

والتقسيط ظاهر كما مرّ ، وترك الآخر ، وليس له أخذ ذلك أيضا لعدم الشفعة فيه ولا يثبت بذلك الخيار للمشتري ، للتبعيض ، لأنه ادخله على نفسه بمجرد الشراء فان شراء ما فيه الشفعة مع غيره ، مستلزم لتجويز التبعيض على نفسه ، لما تقرر (تقدم خ) من الشفعة.

ولكن يمكن ذلك إذا ادّعى كونه جاهلا وقبل منه فيثبت له الخيار واليه أشار المحشي (١).

__________________

(١) لم نعثر عليه في المسالك إن كان المراد من المحشي هو ، فتتبع.

٢٩

فان كان الثمن مثليّا دفع المثل ، والا ، القيمة على رأي ، ويعتبر يوم العقد.

______________________________________________________

قوله : «فان كان الثمن إلخ» إشارة الى عدم الشفعة حينئذ عند البعض ، مثل الشيخ في الخلاف مدّعيا فيه الإجماع والمصنف في المختلف.

لعلّ دليله ما تقدّم غير مرّة.

ويؤيده رواية علي بن رئاب ، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اشترى دارا برقيق ، ومتاع ، وبزّ ، وجوهر؟ قال : ليس لأحد فيها شفعة (١).

ولا يضرّ وجود الحسن بن محمد بن سماعة (٢) الواقفي مع قطع الطريق (٣) إليه ، لأنه مؤيد لدليل الاقتصار ـ فيما هو خلاف الأدلة اليقينيّة ـ على موضع الوفاق مع عدم دليل صحيح صريح سالم عن شي‌ء دال على ثبوتها في كل بيع وكثرة وقوع البيوع بالنقدين فيحمل ما يدل على العموم عليه.

ويؤيده ما في حسنة هارون : فهو أحقّ بها من غيره بالثمن (٤).

فإنه ظاهر في أحد النقدين.

ولا يضرّ أيضا عدم التصريح بالمانع من عدم جواز الشفعة في رواية الحسن ، فيجوز ان يكون السبب كونها غير مشتركة مع الغير أو غير قابلة للقسمة أو غير ذلك من موانع الشفعة ، فإنها كثيرة كما قال في شرح الشرائع ، لأنها ظاهرة في ان السبب

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١ من كتاب الشفعة وفيه (بزّ) بالزاء بدل (برّ) بالراء المهملة.

(٢) سندها كما في التهذيب ـ باب الشفعة ـ هكذا : الحسن بن محمد بن سماعة عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب.

(٣) لا يخفى ان للشيخ طريقا اليه كما في مشيخة التهذيب ، وطريقه هكذا وما ذكرته في هذا الكتاب عن الحسن بن محمد بن سماعة فقد أخبرني به احمد بن عبدون عن أبي طالب الأنباري عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة.

(٤) الوسائل باب ٢ ذيل حديث ١ من كتاب الشفعة وليس فيه لفظة (من غيره).

٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

هو ما بيعت به الدار ليتبادر الى الفهم.

ولترك التفصيل وسلب الشفعة (لأحد) وهو بعمومه وعلى إطلاقه لم يصحّ الا ان يكون السبب ما ذكرناه الذي فهمه الشيخ والجماعة ، مثل العلّامة وهو ظاهر.

فلا يرد قوله في شرح الشرائع : والأعجب من ذلك دعوى أنها نصّ في الباب مع انها ليست بظاهرة فضلا عن النصّ.

وقد أيد أيضا في المختلف بحسنة هارون (١) ـ المتقدّمة ـ بأنه حكم فيها بالأخذ بالثمن والحقيقة غير مرادة فيحمل على أقرب المجازات ، وهو المثلي فلا يكون الشفعة في غير ما كان الثمن مثليا لتعذر الحقيقة وما يقرب منها.

ولا يقال : إن القيمة في القيمي هو الأقرب اليه ، وهو ظاهر ، لأنها بعيدة عنه ولا يحسن إطلاقه عليها. (٢)

فلا يرد ما أورده أيضا في شرح الشرائع على هذه أيضا مع أنها (٣) مؤيّدة.

نعم يمكن ان يقال : انها محمولة على الغالب من ان القيمة ثمن أو المثلي في الدور ، أو أنها تدل على ان في الدور ذلك ، فلا يدل على منع الشفعة مطلقا إذا لم يكن ما وقع عليه العقد مثليا أو أنها مقيّدة بما إذا كان ثمنا ، أو انه يراد به ما وقع عليه العقد وهو إطلاق شائع ، فهو مكلّف به أوّلا فإذا تعذر يرجع الى القيمة كما في سائر الأمور المكلّف بها معه فتأمل في كونها حسنة أيضا ، وللجمع بين الأدلة في الجملة.

ودليل المصنف هنا بعض الإطلاقات أو العمومات العرفيّة ، وترك

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من كتاب الشفعة.

(٢) الظاهر كونه تعليلا لقوله قده : لا يقال إلخ.

(٣) يعني انها ليست دليلا مستقلا ، بل هي مؤيدة فلا يرد الإيراد عليها سندا ودلالة كما في شرح الشرائع فراجع المسالك

٣١

ولو تقايل المتبايعان لم تبطل الشفعة.

وكذا لو باع المشتري ، وان (فان خ) شاء أخذ من الثاني.

والشفيع يأخذ من المشتري ، والدرك عليه.

______________________________________________________

التفصيل ، وعدم الفرق بين النقدين وغيرهما عقلا مع ضعف هذه الرواية فتأمّل.

قوله : «ولو تقايل إلخ» يعني لو اتفقا (اتفق خ ل) ، البائع والمشتري على فسخ البيع الذي فيه الشفعة بالإقالة ، فاوقعا الإقالة ، لم تبطل شفعة الشفيع ، بل له الشفعة لثبوتها بالعقد ، وعدم ظهور دليل جواز ابطالها بالإقالة ، فالظاهر حينئذ بطلان الإقالة ، ويأخذ الشفيع لبقاء العقد ويحتمل عدمها ، لدليل جواز الإقالة وليس تخصيص دليلها بما في غير صورة الشفعة أولى من العكس ، بل العكس أولى لعدم الخلاف في الإقالة ، بخلاف الشفعة كما مرّ.

إلّا ان يقال : بجواز الأخذ من البائع بعد الإقالة لثبوت الشفعة ، وعدم المنافاة بينها وبين الإقالة ، وكان البائع ارتكب استحقاق الأخذ منه بالإقالة.

ولا يضرّ ثبوت أخذ الشفعة عندهم ، عن المشتري في غير هذه الصورة بل الأخبار خالية عن الأخذ من المشتري ، بل ظاهرة في الأخذ من البائع فتأمّل.

قوله : «وكذا لو باع المشتري إلخ» أي لو باع المشتري بعد استحقاق الشفعة وعدم بطلانها ، فالبيع صحيح مثل الإقالة (والشفعة على حالها خ) ولم تبطل ، ولكن الشفيع ان شاء أخذ من المشتري الأوّل ، كما كان يأخذ منه في الإقالة ، لا من البائع ، وان شاء أخذ من المشتري الثاني فإنه بمنزلة الأوّل ، وهو بمنزلة البائع.

وتظهر الفائدة في التفاوت بين الثمنين ، والضمان في أحدهما للأصل المشفوع دون الآخر وغير ذلك.

قوله : «والشفيع يأخذ إلخ» يعني انما يأخذ عنه ، فان البيع صحيح ،

٣٢

ولا يجب على المشتري القبض من البائع.

ولو تعيّب بغير فعل المشتري أو بفعله قبل الطلب ، أخذ الشفيع بالجميع أو ترك والأنقاص له (الانقاص خ).

ولو تعيّب بفعله بعد المطلب ضمن المشتري.

ولو غرس فأخذ (أخذه خ ل) الشفيع ، فقلع المشتري لم يجب

______________________________________________________

والشفعة فرع صحّة البيع ، فلا يأخذ إلّا منه ، ولا درك ـ أي عوض الثمن لو خرج مستحقا وغير ذلك ـ الّا عليه ، وهو يرجع الى البائع في صورة يكون له الرجوع.

قوله : «ولا يجب على المشتري إلخ» يعني معنى أخذه عن المشتري أخذه في ملكه ويخرجه عن ذلك ، لا في ملك البائع ، لا بمعنى انه يجب على المشتري تسليمه بأن يقبض من البائع ويسلّمه إيّاه ، بل عليه ان يخلّي بينه وبين المشفوع أي لا يمنعه عن القبض والأخذ.

قوله : «ولو تعيّب بغير إلخ» يعني لو تعيّب المشفوع عند المشتري بفعله وبغير فعله ، ليس بضامن له ، فليس للشفيع أن ينقص ما يقابل العيب من الثمن ، بل ليس له الّا الأخذ بجميع الثمن معيبا أو الترك بالكليّة.

ولعل الدليل ، الأصل مع عدم الدليل الّا على أخذ الشفعة مطلقا بالثمن فتأمّل فيما إذا كان بفعله الانقاص له ، قيل : هو ما يبقى بعد نقص البناء من الخشب واللّبن وغيرهما يعني هذه الأشياء كلّها للمشتري ، لأنه جزء المبيع الذي هو ملكه وهو ظاهر ، فإذا أخذه المشتري ، فللشفيع أن يأخذه.

والظّاهر انه ليس له أرش هدم الدور وتخريبها ، وغير ذلك ، لما مرّ فتأمّل.

امّا لو كان التعيّب والتخريب وكلّ ما ينقص في المبيع وله عوض ، بفعل المشتري بعد الطلب وصيرورته ملكا له ، فالمشتري ضامن له ، فللشفيع أخذه منه وهو ظاهر.

قوله : «ولو غرس فأخذ إلخ» يعني لو غرس المشتري في الأرض المشفوعة

٣٣

عليه الإصلاح ولو لم يقلع كان للشفيع القلع مع دفع الأرش.

______________________________________________________

فأخذها الشفيع بالشفعة فقلع المشتري غرسه لم يجب عليه إصلاح الأرض وطمّ الحفر التي كانت فيها الغرس ، لما مرّ أنه لا يضمن العيب الذي فعله قبل الطلب ، وهذا ليس بأزيد منه.

ولو لم يقلع المشتري غرسه من تلك الأرض ، كان للشفيع قلعه وهو واضح.

وأما الأرش الذي ذكره انه يعطيه الشفيع فغير واضح ، لأن الظاهر أن له ذلك ويجب على المشتري أنّ يسلّمه فارغا أو رضي الشفيع بالأجرة أو مجانا والأرش مبنيّ على جواز الإبقاء له.

والظاهر أن ليس له مجّانا ، بل بالأجرة ، وحينئذ يكون الأرش ملحوظا فيه استحقاق البقاء بالأجرة ، والأخذ والقلع بالأرش فيصير هو التفاوت بين كون الغرس باقيا بالأجرة مع جواز الأخذ والقلع بالأرش كما قيل ، وفيه تأمّل.

وبالجملة ، المسألة مشكلة وفيها أبحاث وأقوال.

والذي يقتضيه تأمّلي ، أنه ان كان الغرس مثلا قبل القسمة ـ كما كان قبل المطالبة ـ فالظاهر أنه فعل حراما يجب عليه الإزالة والتفريغ ، وطمّ الحفر من غير شي‌ء له وان لم يفعل فللشفيع ذلك من غير لزوم شي‌ء عليه من الأرش ولو كان النقص بسبب الكسر إذا لم يمكن الا بذلك ، لأنه ظالم ، والشفيع ، له تفريغ ماله ، ولكن ليس من جهة كونه شفيعا ، بل شريكا.

ولكن ينبغي في ذلك اذن الحاكم ان أمكن وان كان بعد القسمة بحيث ما سقطت الشفعة بعد ثبوتها ، بأنه ادعى وكالة الشريك في القسمة ، أو الاتهاب أو جعل البائع وكيلا ، وما أشعر الشفيع بذلك ونحو ذلك.

والظاهر أنه لو قلع المشتري من غير مطالبة الشفيع بالقلع بعد الشفعة ليس له الأرش وان نقص ما نقص ، وعليه الطمّ والتسوية.

بل يمكن ان يكون عليه الأرش للشفيع لو حصل في أرضه نقص بالقلع.

٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ومع المطالبة بالقلع فالظاهر ان الحكم كذلك إلا في لزوم الأرش فإنه ليس في القوّة مثل الأول ، مع ان الظاهر الأرش هنا أيضا.

فان لم يفعل فالظاهر انّ ، للشفيع قلعه وإجباره على ذلك ، نقله في التذكرة ، عن أبي حنيفة ، وقال : وقول أبي حنيفة عندي لا بأس به.

وحينئذ أيضا يحتمل أن يكون عليه طمّ الحفر ، وأرش نقص الأرض وان لا شي‌ء له على الشفيع ان نقص الغرس عن قيمته ، بل ولو انكسر بالقلع وخرج عن الانتفاع بشرط عدم التعدي والتفريط في القلع.

وجه ذلك ان الأرض كان فيها استحقاق الشفعة مع علم الغارس المشتري بذلك كلّه ، وإخفائه عن الشفيع فهو مقدم للضرر على نفسه ، وما ضرّه أحد الا هو ، فلا يلومنّ الا نفسه.

ولا يقاس بالمستعير مع الاذن في الغرس والظاهر أن هنا لا يجبر بالقلع وان جبر لا يضمن للمعير شيئا من بعض الأرض وانه يضمن للغارس المستعير.

وكذا مع عدم الاذن لا يقاس على ان يكون حكمه مثل ما قلناه في المشتري المأخوذ منه بالشفعة.

ويؤيّد ذلك ان الشفعة إنما شرعت لدفع الضرر عن الشفيع ، وتجويز أمثال ذلك مناف له ، إذ له حينئذ ان يبني ويغرس ويهدم البناء ويفعل ما لا يقدم عليه عاقل.

نعم لا يبعد عدم ذلك مع جهله بالشفعة.

فتأمّل فإن ظاهر ما اقتضاه نظري مخالف بحسب الظاهر لما قاله البعض ، ولكن أخذه مما لا بأس به بحسب النظر مع قطع النظر عن المخالفة.

والظاهر انه موافق لما نقله عن أبي حنيفة في التذكرة واختاره فتأمّل.

ومع ذلك وجداني لا يغني من جوعي فكيف جوع غيري الّا انه احداث

٣٥

والنماء المتصل للشفيع لا المنفصل.

ولو باع شقصين والشفيع واحد أخذ الجميع أو أحدهما بحصته.

ولو كان الثمن المعيّن مستحقا بطلت الشفعة بخلاف غيره.

______________________________________________________

بحث وفتح باب التأمّل حتى يدفعه من له ذلك فتأمّل.

قوله : «والنماء المتصل إلخ» النماء المتصل مطلقا مثل السمن والقدر للشفيع ، سواء حصل عند المشتري أو كان قبله ، لأنه جزء المشفوع ، فكما ان النقصان ، عليه ولا ينقص من ثمنه شي‌ء ، فكذا النفع له فتأمّل.

والنماء المنفصل بعد البيع وقبل الأخذ بالشفعة ، للمشتري ، لأنه نماء ملكه مع عدم دخوله في المشفوع فيكون له.

قوله : «ولو باع شقصين إلخ» يعني لو كان لشخص واحد شريك في دارين مثلا وباع الشريك حصته فيهما ، فللشريك الشفعة في كل واحد منهما بدون الآخر وفيهما معا.

دليله عموم أدلة الشفعة (١) مع عدم المانع ، وهو ظاهر.

قوله : «ولو كان الثمن إلخ» وجه بطلان الشفعة بخروج الثمن الذي وقع عليه البيع بخصوصه ، مستحقا ومال الغير عدم صحّة البيع الذي صحّة الشفعة فرعها.

وعلى القول بجريان الفضولي في مثله ، يمكن صحّة البيع لمالك الثمن بعد الرضا به فيمكن أخذ الشفعة منه بعد ذلك ، بخلاف أن لا يكون معيّنا بل يكون أمرا كلّيا ودفع شيئا ثم خرج مستحقا ، فلا يبطل الشفعة لصحّة الأصل ، ولزوم العوض على المشتري وهذا مؤيّد لعدم تعيين المطلق بالقبض كما ذكرناه في الصرف ، فتذكّر.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٥ من كتاب الشفعة ج ١٧ ص ٣١٩.

٣٦

ولو رجع المشتري بأرش العيب السابق أخذه الشفيع بما بعده ، ولو أسقطه أخذه الشفيع بالجميع.

ويملك بقوله : أخذت أو تملّكت مع تسليم الثمن وان لم يرض المشتري ، أو بدون التسليم مع رضاء المشتري بكونه في ذمته.

ولو قال : أخذت بالثمن وكان عالما بقدره صحّ ، والا فلا ، وان

______________________________________________________

قوله : «ولو رجع المشتري إلخ» يعني لو اشترى الجزء الذي تجري فيه الشفعة فظهر معيبا ، فللمشتري ، الخيار بين الأرش والردّ ، فإن أخذه فللشفيع أن يأخذ بالشفعة بعد حذف الأرش عن الثمن ، فإن الأرش جزء من الثمن كما عرفت فيصير الثمن هو ما يبقى بعد الأرش ، وانّما يأخذ الشفيع بالثمن.

واما إذا أسقطه وما أخذ الأرش ـ فصار الثمن ما وقع عليه العقد من غير نقصان ـ فله الأخذ بجميع الثمن أو الترك بالكلّية لا بحذف الأرش فتأمّل.

قوله : «ويملك بقوله إلخ» إشارة إلى طريق الأخذ وانه لا يحصل بالقول فقط ، بل لا بدّ معه من شي‌ء آخر (إما) تسليم الثمن ، وحينئذ لا يشترط رضا المشتري فيصح الشفعة رضي أم لم يرض ، (أو) رضاه بالصبر بان يكون في ذمة الشفيع ثم يلزمه التسليم عند الطلب كسائر الحقوق.

وظاهر عبارة التذكرة المتقدمة أنه يكفي قوله : أخذت أو تملّكت واخترت الأخذ في التملك ، يمكن ذلك الا انه حينئذ يكون مكلّفا بإعطاء الثمن مع الطلب فإن أهمل من غير رضاه ، يكون باطلا.

ويمكن كون المقصود هنا أيضا ذلك وإرجاعه إليه فتأمّل.

وأيضا قد فهم منها جواز التملك بالفعل فقط من دون القول ، وذلك ليس بظاهر هنا الا انه لا ينافيه أيضا.

قوله : «ولو قال أخذت إلخ» لا شك في الصحّة مع العلم بالثمن ، واما

٣٧

قال : بمهما كان.

ولا يجب على المشتري الدفع حتى يقبض.

ولو كان الثمن مؤجّلا فله الأخذ في الحالّ بمؤجّل.

فان لم يكن مليّا ، اقام كفيلا به.

______________________________________________________

مع الجهل فقال المصنف : لا يكفي وان ضم اليه قوله : (مهما كان) لعلّ دليله الجهل بالثمن ، وان الشفعة بمنزلة البيع بينه وبين المشتري ، فلا بدّ من العلم بالعوضين.

وذلك غير ظاهر ، وما نعرف لاشتراطه بالعلم دليلا ، لا عقليّا ولا شرعيّا الا ان يكون إجماعا فتأمل.

قوله : «ولا يجب على المشتري إلخ» لا يجب على المشتري دفع المشفوع حتى يقبض الثمن الذي استحق ، فله ان يمتنع حتى يقبضه ، لما تقدم أنّه مالك ، ولا يمكن أخذه إلّا بإعطاء العوض أو رضاه بالصبر والتأخير.

قوله : «ولو كان الثمن إلخ» بمنزلة الاستثناء ، يعني لا يجب على المشتري الدفع قبل قبض الثمن إلا في صورة تأجيل الثمن ، فإنه يجب عليه الدفع قبله ، لان ثمنه مؤجّل ولا يجوز له الطلب حتى يحلّ الأجل ، فإن للشفيع الأخذ حالّا بالمؤجل ، كما أخذه المشتري فإنه بمنزلته.

وليس للمشتري أكثر من حقّه ، لا قدرا ولا أجلا.

ولكن ان لم يكن الشفيع مليّا بالثمن ، له ان يطلب منه ، اقامة كفيل بالثمن يريد (١) به الضامن وهو ظاهر ومفهوم من قوله : (به) فإنه راجع الى الثمن ، وهو ظاهر.

والحكم غير بعيد وان لم يكن المشتري مليا وما أخذ منه البائع ، الضامن ،

__________________

(١) يعني يريد المصنف ره من قوله : (كفيلا) الضامن ويستفاد هذا من لفظة (به) حيث قال : أقام كفيلا به.

٣٨

ولو تعذر انتفاع الشفيع للشغل بالزرع ، فله تأخير المطالبة إلى الحصاد.

والشفعة تورث كالمال.

______________________________________________________

إذ قد يؤل الى التلف.

ولكن الملاءة غير ظاهرة.

ولو كان المراد بها وجود مقدار الثمن زائدا عن مستثنيات الديون ـ كما هو الظاهر ـ فالوثوق هيّن لاحتمال أن يروّجه ويذهب به في ساعة ، بل لو كان المراد العرفي أيضا ، إلا انه أوثق من عدمه ، فلا يحتاج حينئذ إلى الضمان ، ولأنه إذا احتاج حينئذ يلزم النقل الى الضمان وهكذا ، فهذا غاية الوثوق ولا يمكن الرد وإسقاط الشفعة لذلك وهو ظاهر.

قوله : «ولو تعذّر انتفاع إلخ» يعني إذا كان الأرض المشفوعة مشغولة بزرع يجب تبقيته ، فالشفيع بالخيار بين تأخير الشفعة إلى الحصاد والأخذ بالفعل.

ويمكن أن يكون له تأخير الثمن الى الحصاد ، لان الانتفاع موقوف على ذلك الزمان ، وقد اشغله المشتري ، ولاحتمال مانع يمنعه من الأخذ من جانب المشتري فلا يفوته ماله وذلك هو دليل جواز تأخير الأخذ إلى زمان الحصاد.

والبعض منع من جواز التأخير إلى الحصاد لفوريتها ، وهو على القول بها أيضا غير جيّد ، بناء على ما تقدّم فتأمّل.

قوله : «والشفعة تورث كالمال» قد مرّ هذا في أوّل بحثها فتذكر ، فكأنه أعادها للإشارة إلى أنه بحسب الحصص كالمال الموروث ، لا على عدد رؤس الورثة كما هو مذهب بعض العامّة.

وظاهر رواية السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام ، قال : الشفعة على عدد الرجال (١).

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٥ من كتاب الشفعة ج ١٧ ص ٣٢٢.

٣٩

ويصح الصلح على إسقاطها بعوض.

ولو باع الشفيع نصيبه عالما أو جاهلا سقطت شفعته.

والفسخ المتعقب (للبيع خ) لا يبطل الشفعة ، كرد البائع الثمن المعيّن من ذوات القيم لعيبه ، فإنه يرجع بقيمة الشقص ، لا به.

______________________________________________________

فان المراد ، السهام ، لأنها موروثة ، ودليل ثبوتها هو دليل الإرث ، فلا ينبغي الخروج عنه ، ولكن في شمول دليله لها تأمّل ، وقد تقدّم.

قوله : «ويصح الصلح إلخ» لأنه حق مالي ، فلصاحبه الاسقاط بكلّ ما شرع وحصل به رضا الطرفين.

قوله : «ولو باع الشفيع نصيبه إلخ» أي لو باع الشفيع نصيبه الذي يستحق بسببه الشفعة سقطت شفعته ، سواء كان عالما بالشفعة وقت البيع ، أو جاهلا لأنه انّما تثبت الشفعة بسبب الشركة والحصّة ، وقد ارتفعت بالبيع.

قوله : «والفسخ المتعقب إلخ» يعني لو انفسخ البيع بعد الأخذ بالشفعة بسبب من أسبابه لم تبطل الشفعة ، لأنها حصلت بسبب شرعيّ ولا يزيلها الّا دليل شرعيّ ، إذ ليس الا مجرد طريان الفسخ على البيع ، الموجب لها فرضا ، وهو لا يوجب ذلك ، إذ لا منافاة بين بقاء ما يترتب على حدوث شي‌ء في الجملة ، وبين عدم بقائه (١).

نعم لو علم بطلانه أو بطل بالفسخ من أصله (٢) ، يوجب بطلانها ، لأنه أصلها ومبناها ولكن تقرّر عند الأصحاب ان الفسخ انما يبطله من حين وقوعه.

__________________

(١) يعني لا منافاة بين بقاء الشفعة التي مترتبة على حدوث أصل البيع وبين عدم بقاء أصل البيع بسبب الانفساخ.

(٢) يعني لو قلنا : ان البيع يبطل من أصله لا من حينه بناء على ان الفسخ حل العقد من أصله لا من حينه.

٤٠