تراثنا ـ العدد [ 142 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 142 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣١٨

أفْعَلَ)(١).

(نحو : عافاك الله) :

فإنّ العفو لازم بنفسه وصار بنقله إلى المفاعلة متعدّياً(٢).

(وهو لمطاوعة فَعَلَ)(٣) :

أي : قد ينقل الكلمة إلى هذا الباب؛ لتدلّ على حدث هو قبول مفعول فعله المجرّد الأثر الصادر عن فاعله ، فيصير بهذا أنقص من مجرّده بمفعول واحد إذا

__________________

(١) وهو النقل والتعدية.

(٢) والظاهر أنّه يريد أنّ فاعَلَ يجيء للتعدية كما يجيء أَفْعَلَ أيضاً. قال الفَسَوي : «وقد جاء فاعَلَ لجعل الشيء ذا أصله ، كما يجيء أَفْعَلَ أيضاً لذلك ، نحو : عافاك الله ، أي : جعلك الله ذا عافية». شرح الشافية لمعين الدين الفسوي : ٥٤.في شرح اليزدي : «واعلم أنّه قد يجيء أيضاً بمعنى أَفْعَلَ أي : للتعدية ، كقولك : باعَدْتُه فإنّه بمعنى أَبْعَدْتُه». شرح شافية ابن الحاجب للخضر اليزدي ١ / ٢١٨.

(٣) النصّ : ٧ : «(والثاني) أي : والقسم الثاني من الأقسام الثلاثة (ما كان ماضيه على خمسة أحرف) وهو ما يكون الزائد فيه حرفين ، وهو نوعان والمجموع خمسةُ أبواب؛ لأنّه (إمّا أوّله التاء ، مثل : تَفَعَّلَ) بزيادة التاء وتكرير العين (نحو : تَكَسَّرَ تكسُّراً) وهو لمطاوعة فَعَلَ ، نحو : كَسَرْتُه فتَكَسَّرَ. والمطاوعة : حصول الأثر عند تعلّق الفعل المتعدّي بمفعوله؛ فإنّك إذا قلت : كسرتُه فالحاصل له التكسُّر. وللتكلّف ، نحو : تَحَلَّمَ ، أي : تَكَلَّفَ الحلم. ولاتّخاذ الفاعلِ المفعولَ أصلَ الفعل ، نحو : توسَّدتُه ، أي : اتّخذتُه وِسادةً. وللدلالة على أنّ الفاعل جانَبَ أصلَ الفعل ، نحو : تَهَجَّدَ ، أي : جانَبَ الهُجُود. وللدلالة على حصول الفعل مرّةً بعد مرّة ، نحو : تجرّعتُه ، أي : شَرِبتُه جُرعةً بعد جُرعة. وللطلب ، نحو : تَكَبَّرَ ، أي : طلب أن يكون كبيراً». في المطبوع : «وللدلالة على حصول أصل الفعل».

           

٢٦١

كان متعدّياً ، وإذا كان لازماً فالفرق بينه وبين مجرّده دقيق تطلب في(١) حواشينا على السيوطي(٢).

(وللتكلُّف) :

أي : وقد ينقل الكلمة إلى هذا الباب؛ لتدلّ على حمل فاعله معناها بالمشقّة ، نحو : (تَحَلَّمَ) ، أي : حَمَلَ الحِلْمَ بالمشقّة.

(ولاتّخاذ الفاعلِ اه) :

أي : قد ينقل الكلمة إلى هذا الباب؛ ليدلّ على أنّ فاعله جعل مفعوله مصداقاً لها(٣) ، نحو : (توسّدتُه) فإنّه مشتق من (الوِسادة) وهي بالفارسية : (بالِش)

__________________

(١) تكرّرت كلمة (في) في الصفحتين من المخطوطة.

(٢) يعني البهجة المرضية في شرح الألفية. يسمّى هذا الشرح في إيران بـ : (شرح السيوطي) أو (السيوطي) ؛ اختصاراً نسبةً إلى شارحه ، وهو أبو الفضل جلال الدّين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، أحد الشخصيات الفَذّة التي أسهمت في خدمة التراث الإسلامي في كلّ ميادينه ولد سنة (٨٤٩ هـ) بالقاهرة ونشأ فيها يتيماً. رزق التبحّر في كثير من العلوم ، وألّف كتباً في فنون شتّى ، منها : البهجة المرضية في شرح الألفية ، كتبها في أوان الشباب. توفّي بالقاهرة سنة (٩١١ هـ). انظر : حسن المحاضرة ٢ / ٢٤٦ ـ ٢٥٣؛ كتاب التحدّث بنعمة الله : ٥؛ النُّور السافِر عن أخبار القرن العاشر : ٩٠ ـ ٩٤.

(٣) تكلّف المحشِّي في بيانه ، فالمراد بـ : (الاتّخاذ) : جَعل الفاعلِ المفعولَ أصلَ الفعل ، نحو : تَوَسَّدْتُ التُّرابَ ، أي : اتّخذتُه وِسادةً؛ فإنّ الفاعل جَعَلَ المفعولَ وهو التراب أصلَ الفعل وهو الوِسادة. حاشية الشريف الجرجاني على تصريف الزنجاني : ١٨. وقيل عليه : «لو قال : جَعل الفاعلِ أصلَ الفعل مفعولاً ، لكان أولى؛ لأنّ المعنى عليه». حاشية ابن جماعة على شرح الشافية للجاربردي (ضمن مجموعة الشافية من علمي الصرف والخطّ) ١ / ٤٩. ولابدّ أن يكون (تَفَعَّلَ) بهذا المعنى متعدِّياً.

           

٢٦٢

للدلالة على أنّ فاعله جعل مفعوله وِسادةً.

(وللدلالة)(١) :

أي : قد ينقل الكلمة إلى هذا الباب؛ لتدلّ على أنّ فاعله باعد مصداقَها ، نحو : (تَهَجَّدَ) فإنّه مشتقّ من الهُجُود وهو بالفارسية : (لبس) (كذا)(٢) ليدلّ على أنّ فاعله باعده ، وهذا كناية من الاستيقاظ في الليل. وهذا المعنى نظر للسَّلب فيما سبق(٣) ، فقوله (أي : جانَبَ الهُجُود) معناه : (باعَدَ).

(للدلالة على حصول الفعل) :

لو قال : (ولتكرير الفعل) لكان أخصر.

(وعلى هذا القياس)(٤) :

__________________

(١) كانت العناوين في الأصل هكذا : (و لاتّخاذ الفاعلِ اه) ، (للدلالة على حصول الفعل) ، (و للطلب) ، (وللدلالة) لكن رتّبناها على ترتيب الكتاب.

(٢) هُجُود بالفارسية : بشب خفتن ، وبيدار بودن ، هو حرف من الأضداد. الاقتضاب في شرح أدب الكتّاب : ١٨٤؛ منتهى الأرب ٤ / ١٣٤٨.

(٣) لذلك عبّر عنه ابن يعيش بـ : (السلب). شرح الملوكي في التصريف : ٧٧. وابن عصفور بـ : (الترك). الممتع : ١٢٧.

(٤) النصّ : ٧ و٨ : «(وتَفاعَلَ) بزيادة التاء والألف (نحو : تَباعَدَ تَباعُداً) وهو في الأصل لما يصدر من اثنين فصاعداً ، نحو : تَضارَبا وتَضارَبُوا. فإن كان من (فاعَلَ) المتعدّي إلى المفعولين يكون متعدّياً إلى مفعول واحد ، نحو : نازَعْتُه الحديثَ وتَنازَعْتُه ، وعلى هذا القياس. وذلك لأنّ وضع (فاعَلَ) لنسبة الفعل إلى الفاعل المتعلِّقِ بغيره مع أنّ الغير أيضاً فَعَلَ مثلَ ذلك الفعل. و (تَفاعَلَ) وضعه لنسبته إلى المشتركين فيه من غير قصد إلى ما تعلَّقَ به ولمطاوعة (فاعَلَ) ، نحو : باعَدْتُه فَتَباعَدَ. وللتكلُّف ، نحو : تَجاهَلَ ، أي : أظهر الجهلَ من 

٢٦٣

أي(١) : قياس كون التفاعل ذا مفعولين إذا كان المفاعلة ذات ثلاثة مفاعيل ، أو قياس ما لم يذكر من الأمثلة على ما ذُكر.

(وللطلب) :

أي : لطلب الفاعل من الغير أن يثبت له أصل الفعل.

(وذلك لأنّ اه) :

تعليلٌ لقصور (تَفاعَلَ) من (فاعَلَ) بمفعول واحد ، وإشارةٌ إلى فرق ما يدلّ عليه البابان من المشاركة. وتوضيح ذلك أنّ كلاًّ من المتعدّد المذكور بين البابين فاعِلٌ ومفعولٌ للآخر إلاّ أنّ المعتبر في (المفاعلة) فاعلية أحدهما ومفعولية الآخر كما ذكرنا ، وفي (التفاعُل) فاعليتهما فقط ، وإذا اعتبر في (التفاعُل) فاعلية ما اعتبر في (المفاعلة) فاعلية ومفعولية كما ذكرنا ، صار (التفاعُل) أنقص من (المفاعلة) بمفعول واحد. وليعلم أنّ الأولى أن يبنى (التفاعُل) للمشاركين إذا لم يرجّح فاعلية أحدهما على الآخر كما ذكرنا.

ثمّ اعلم أنّ الشركة لازمة لبعض المعاني ، كـ : (الشركة) و (الصف) دون بعض ، كـ : (الضَّرْب) و (الإكرام).

__________________

نفسه والحال أنّه منتف عنه والفرق بين التكلُّف في هذا الباب وبينه في باب التفعُّل أنّ المتحلِّم يطلب وجودَ الحِلْم من نفسه بخلاف المتجاهل». في المطبوع : «يريد وجود الحِلْم». يرى ناصر الدين اللقاني أنّ إيراد (يطلب) هنا أولى من (يريد) لأنّ الإرادة لاتتعلّق إلاّ بالمقدور بخلاف الطلب. حاشية الناصر اللقاني على شرح التصريف ، ورقة ١٠٣ / خ بمكتبة جامعة الرياض.

(١) في الأصل : إلى.

           

٢٦٤

(وللتكلُّف)(١) :

الأولى أن يعبّر عنه ههنا بـ : (النسبة) كما عبّر به بعض المحقّقين(٢). المشقّة في نسبة الجهل إلى النفس إمّا باعتبار كونه خلاف الواقع ، أو لكونه قبيحاً(٣) عقلاً وشرعاً.

(والفرق) :

حاصله : أنّ النسبة في (التفعُّل) مطابقة للواقع ، وفي (التفاعُل) مخالفة له ولا يسعى لوجوده له ولايحصل له.

(يطلب وجودَ الحِلْم) :

أي : يسعى لوجوده له ، يعني أنّ أصل الفعل لايحصل في الفاعل بسهولة ومن غير مشقّة في التكلُّف في البابين إلاّ أنّ الفاعل في باب (التفعُّل) يسعى لوجود أصل الفعل لنفسه ويتحمّل المشقّة في ذلك ويحصل له بمشقّة ، وأمّا في باب (التفاعُل) فلا يسعى الفاعل لذلك ولايحصل له في الحقيقة بل إنّما أظهر وجودَه له.

(ولهذا لا يكون اه)(٤) :

__________________

(١) انظر : إلى آراء كلّ من سيبويه وابن يعيش وابن الحاجب وابن مالك في معنى باب (التفاعل) : الكتاب ٤ / ٦٩ ، وشرح الملوكي في التصريف : ٧٨ والممتع : ١٢٥ ، والشافية : ١٨ ، وتكميل المقاصد : ١٩٩.

(٢) لاحظ : شرح الشافية لعصام الدّين : ٢٧.

(٣) في الأصل : قبيح.

(٤) النصّ : ٨ : «(وإمّا أوّله الهمزة ، مثل : اِنْفَعَلَ) بزيادة الهمزة والنون (نحو : اِنْقَطَعَ اِنْقِطاعاً)      

٢٦٥

لا يخفى عليك أنّ هذا التعليل ليس بصحيح(١) إلاّ أن يكون مراده بقوله (و هو لمطاوعة فَعَلَ) : أنّه لايستعمل إلاّ في مطاوعة(٢) فَعَلَ المتعدّي إلى واحد ، يعني لايستعمل في غير المطاوعة ، ولا في مطاوعة غير فَعَلَ ، ولا في مطاوعة فَعَلَ المتعدّي إلى أكثر من واحد. ويكون وجهه عدم سماعه لغير ذلك(٣). وممّا يدلّ على إرادة الحصر المذكور قوله : (و مجيئه لمطاوعة أفْعَلَ اه) ، وقوله : (لمّا خصّوه بالمطاوعة).

(ولا يبنى إلاّ ممّا فيه عِلاج وتأثير) :

(التأثير) عبارة عن (التغيير) ، وهي على ثلاثة أقسام :

__________________

وهو لمطاوعة فَعَلَ ، نحو : قَطَعْتُه فَانْقَطَعَ ولهذا لايكون إلاّ لازماً. ومجيئه لمطاوعة أفْعَلَ ، نحو : أسْفَقْتُ الباب ، أي : رَدَدْتُه ، فَانْسَفَقَ وأَزْعَجْتُه ، أي : أَبْعَدْتُه ، فَانْزَعَجَ ، من الشواذّ. ولا يبنى إلاّ ممّا فيه عِلاج وتأثير. لايقال : اِنْكَرَمَ واِنْعَدَمَ ونحوهما؛ لأنّهم لمّا خَصُّوه بالمطاوعة التزموا أن يكون أمرُه ممّا يظهَرُ أثرُه وهو العِلاج؛ تقويةً للمعنى الذي ذكروه من أنّ المطاوعة هي حصول الأثر». في المطبوع : «لا يقال : اِنْكَرَمَ واِنْعَمَى ونحوهما».

(١) لأنّ لفظ (هذا) في قوله : (و لهذا) إمّا يشير لقوله : (لمطاوعة) أو لقوله : (لمطاوعة فَعَلَ) ؛ وكلاهما مردود. أمّا الأوّل فلأنّه يكون المعنى : (و لأجل أنّ هذا الباب على المطاوعة لايكون إلاّ لازماً) وهذا ليس بشيء؛ لأنّ كونه على المطاوعة لا يلزم ألاّ يكون إلاّ لازماً؛ لأنّ المطاوع قد لايكون لازماً ، نحو : (استفتيتُ الفقيه في مسألة فافتاني). وأمّا الثاني فلأنّه ليس دليل حتّى يدلّ على أنّ كون هذا الباب لمطاوعة فَعَلَ يصيره لازماً دائماً. لاحظ : تعليقة البارفروشي على شرح التصريف : ١٤٠.

(٢) في الأصل : المطاوعة.

(٣) يعني لأجل هذا الباب لمطاوعة (فَعَلَ) أبداً ، لا يكون هذا الباب إلاّ لازماً. وإنّما ثبت لهذا الباب البناء؛ لأنّ معناه : حصول الأثر ، وهو يقتضي اللزوم. لاحظ : تعليقة البارفروشي على شرح التصريف : ١٤٠.

           

٢٦٦

الأوّل : أن يكون تغييراً في وجود الشيء إلى العدم ، نحو : (اِنْعَدَمَ).

الثاني : أن يكون تأثيراً في وصف نفس الشيء فقط ، نحو : (اِنْعَلَمَ).

الثالث : التأثير في وصف جسم الشيء(١) ، أي سواء كان له نفس أم لا ، وسواء غيّر وصف نفسه على فرض كونه ذا نفس أم لا ، نحو : (اِنْكسَرَ).

والمراد بـ : (العِلاج) هو القسم الأخير وهو أظهر الأقسام ، أمّا من القسم الثاني فقط فظاهر ، وأمّا من القسم الأوّل فلأنّ التغيير في وصف الشيء مع بقاء موضوعه يبقى في ذكر الناس بالنظر إلى موضوعه وملاحظتهم إياه بخلاف التغيير في وجود الشيء إلى عدمه؛ فإنّ ملاحظة الشيء بالنظر يحصل إلى وصفه الخارجي غالباً وحيث عُدم في الخارج عُدم النظر إليه وصار منسيّاً في الغالب. فعلى ما ذكرنا فيكون المراد بقوله (وتأثير) : تأثير جسماني.

(لايقال : اِنْكرَمَ واِنْعَدَمَ)(٢) :

لأنّ الأوّل من القسم الثاني ، والثاني من القسم الأوّل. فما وقع في التصريف من لفظ (الانعدام) وما يشتقّ منه فهو من المتحدّثات(٣).

__________________

(١) في الأصل كانت كلمة (نحو) هنا ، لكن حذفناها للسياق.

(٢) في الأصل : لايقال انعدم وانكرم.

(٣) العدم ليس أثراً متحقِّقاً حتّى يكون قبوله مطاوعاً لشيء ، لكنّه نزل منزلته وغالب استعماله في كلام أرباب المعقول ، ولايستعمل إلاّ في العدم الطارئ على الوجود؛ لأنّ العدم الأزلي لايشبه الأثر بوجه فلاينزل منزلته. شرح الشافية لمعين الدين الفسوي : ٥٨. والدسوقي يذكر أنّ هذا الاستعمال في لسان المتكلّمين : «والانعدام لحن لم يثبت في اللغة والمتكلّمون       

٢٦٧

(تقويةً اه) :

يعني لمّا خصّوه بالمطاوعة ألزموا أن يكون مخصوصاً بأكمل أفراد المطاوعات وأظهرها؛ تحصيل ما لا أعمّ منه؛ تلافياً لما خرج عنه من غير المطاوعات. والحاصل أنّه يزيد ليصير(١) سبباً لنقص آخر في أفراده فلا فائدة فيها. قلت : هذا النقص أقلّ من النقص الأوّل فإذا صارت تلك التقوية جِبارة للنقص الأوّل وباعثة على النقص الثاني فرجّح الأكثر وأوجد فينتقل على الفائدة فهي مثل ارتكاب أقلّ الصحيحين.

(وللاتّخاذ)(٢) :

أي : ليدلّ على أنّ ما جعل (افتعل) أخذه(٣) ، فبين هذا(٤) الاتّخاذ والاتّخاذ

__________________

يستعملونه مع عدم ثبوته». حاشية الدسوقي على شرح مختصر السعد على التلخيص ٢ / ٢٥٠.

(١) في الأصل : يصير.

(٢) النصّ : ٨ : «(واِفْتَعَلَ) بزيادة الهمزة والتاء (نحو : اِجْتَمَعَ اِجْتِماعاً) وهو لمطاوعة فَعَلَ ، نحو : جَمَعْتُه فَاجْتَمَعَ. وللاتّخاذ ، نحو : اِخْتَبَزَ ، أي : اِتَّخَذَ الخُبْزَ. ولزيادة المبالغة في المعنى ، نحو : اِكْتَسَبَ ، أي : بالَغَ واِضْطَرَبَ في الكسب. ويكون بمعنى فَعَلَ ، نحو : جَذَبَ واِجْتَذَبَ. وبمعنى تفاعَلَ ، نحو : اِخْتَصَمَ تَخاصَمَ. (واِفْعَلَّ) بزيادة الهمزة واللام الأولى أو الثانية (نحو : اِحْمَرَّ اِحْمارّاً) أي : حَمُرَ ، وهو للمبالغة. ولايكون إلاّ لازماً واختصّ بالألوان والعيوب».

(٣) (اتّخذه) أنسب.

(٤) في الأصل : هذ.

           

٢٦٨

في باب التفعُّل فرقٌ(١) ، فلا تغفل عنه.

(ولزيادة المبالغة) :

إضافة (الزيادة) إلى (المبالغة) بيانية. ولايبعد أن يكون لامية باعتبار حصول أصل المبالغة من زيادة حرف واحدة ، فبزيادة الحرفين يحصل زيادة المبالغة. ويدلّ قوله : (و اِضْطَرَبَ) عقيب قوله : (بالَغَ) على كونها لامية(٢).

(واضْطَرَبَ في الكسب) :

أي : سارع كالمضطرب.

(ويكون بمعنى فَعَلَ) :

فإن قلت : إن أراد أنّه بمعنى (فَعَلَ مع إفادة المبالغة) فهو داخلة تحت قوله :

__________________

(١) والظاهر أنّ هذا الاتّخاذ ، جَعل الفاعلِ أصلَ الفعل لنفسه ، فالفعل بهذا المعنى لازم؛ لأنّ مادّته تدلّ على المفعول ، بخلاف الاتّخاذ في باب التفعُّل. انظر : شرح الشافية ١ / ١٠٩؛ علوم العربية (علم الصرف) : ٣٥.

(٢) وليعلم أنّ الإضافة هنا يجوز أن تكون بيانية أو لامية. إن كانت بيانية ، فالمعنى : (والزيادة التي هي المبالغة) فالزيادة بمعنى المزيدة. وإن كانت لامية فحينئذ يجوز أن تكون الإضافة من إضافة المصدر لمفعوله ، فالمعنى : (ولزيادة المتكلّم المبالغة) ، أو من إضافة المصدر لفاعله ، فالمعنى : (ولا زدياد المبالغة). والمحشِّي اعتبر الإضافة لامية من إضافة المصدر لفاعله ، وأيده بأنّ قوله : (و اِضْطَرَبَ) عقيب قوله : (بالَغَ) يدلّ على كونها لامية. وذكر الناصر اللقاني : «ولا يجوز في ذلك كلّه أن يكون على معنى الزيادة فيها بأن يكون أصل المبالغة ثابتاً بدونها وزيد فيها زيادة؛ لأنّ هذا مناف للمنقول؛ ولقوله : (أي : بالَغَ واِضْطَرَبَ) فإنّه جعل مدلول (افتعل) هو المبالغة المفسَّرة بالاضطراب». حاشية الناصر اللقاني على شرح التصريف ، ورقة ١٠٣ / خ بمكتبة جامعة الرياض. أيضاً : السعدية : ٤٢. يعتقد التنكابني بأنّ الشارح قد أخطأ في التعبير ويردّ كلّ الاحتمالات المذكورة فيه. شرح التنكابني على شرح تصريف التفتازاني ، ورقة ٤٨ / خ بمكتبة مجلس الشورى الإسلامي.

           

٢٦٩

(ولزيادة المبالغة) فلا فائدة لذكره على حده ، وإن أراد أنّه بمعنى (فَعَلَ من غير إفادة المبالغة) فهذا ينافي قوله : (إنّ زيادة المباني تدلّ على زيادة المعاني)(١).

قلت : المراد هو الثاني. والدلالة المذكورة فيها إذا قصد من المباني المزيدة معانيها الحقيقة ، وأمّا إذا أريد منها المعنى المجازي كما فيما نحن فيه ، فلا؛ إذ(٢)استعمال المزيد بمعنى المجرّد مجازٌ.

فإن قلت : إذا أراد الشيخ بيان المعاني لأبواب(٣) المزيدة الحقيقة والمجازية فلمَ اكتفى في بعض الأبواب بالمعنى الحقيقة ، وفي بعضها بها وببعض المعاني المجازية؛ فإنّ معانيها المجازية كثيرة؟

قلت : لأنّه أراد بيان المعاني المجازية الواردة عن العرب من استعمال بعض الأبواب في بعض آخر لا بيان معاني المجازية مطلقاً ولهذا اكتفى بما ذكره.

([وهو للمبالغة(٤)]) :

واعلم أنّهم قالوا إنّ كلاًّ من الأبواب المزيدة موضوعة للمبالغة فبعضها

__________________

(١) انظر إلى الخلاف الواقع بين اللغويّين في زيادة المعنى عند زيادة المبنى إلى كلّ من : مغني اللبيب ٢ / ٣٤٧؛ حاشية الدسوقي على مغني اللبيب ١ / ١٥١.

انظر : حاشية الشريف الجرجاني على الكشّاف ١ / ٤١؛ شرح مغني اللبيب (المسمّى بـ : (شرح المزج)) : ٧١٥؛ حاشية الدسوقي على مغني اللبيب ١ / ١٥١؛ مجلّة أبحاث كليّة التربية الأساسية ، المجلّد ٨ ، العدد ٤ ، (إشكالية زيادة المبنى ودلالتها على زيادة المعنى دراسة تطبيقية على السين وسوف في القرآن الكريم) : ١٨٨ و١٨٩.

(٢) في الأصل : اذا.

(٣) في الأصل : الابواب.

(٤) زيادة تقتضيها العبارة.

           

٢٧٠

موضوعة لها فقط كالافعلال والافعيلال ، وبعضها موضوعة لها مع غيرها كبعض الأبواب الأُخَر ، فالمبالغة لاتنقل عنها كلِّها بحسب الوضع.

(وهو لطلب الفعل)(١) :

إذا عُدّي ما كان للطلب بحرف أو ظرف ، عُدّي كل من الطلب وأصل الفعل إليه ، فيحتمل تعلُّق ذلك الفعل(٢) بكلّ منهما والتعيين محتاج إلى القرينة ، نحو : (استخرجتُ زيداً عن القوم) و (استعنتُه(٣) يوم الجمعة).

(نحو : اِسْتَخْرَجْتُه) :

أي : سَعَيتُ في خروجه ، أو أمرتُ ، أو سألتُ ، أو التمستُ أن يخرج.

(ولإصابة الشيء على صفة) :

بيان ذلك قد مرّ في قوله : (أحمدتُه) فارجع إليه ولا تلتفت إلى فريق بينهما.

(وللتحوُّل) :

أي : قد تنقل الكلمة إلى هذا الباب؛ ليدلّ على ما يجعل فاعله انقلب عن

__________________

(١) النصّ : ٨ : «(والثالث) من الأقسام الثلاثة (ما كان ماضيه على ستّة أحرف) وهو ما يكون الزائد فيه ثلاثة أحرف ومجموعه خمسة أبواب (مثل : اِسْتَفْعَلَ) بزيادة الهمزة والسين والتاء (نحو : اِسْتَخْرَجَ اِسْتِخْراجاً) وهو لطلب الفعل ، نحو : اِسْتَخْرَجْتُه ، أي : طلبتُ خروجَه ولإصابة الشيء على صفة ، نحو : اِسْتَعْظَمْتُه ، أي : وجدتُه عظيماً. وللتحوُّل ، نحو : اِسْتَحْجَرَ الطِّينُ ، أي : تَحَوَّلَ إلى الحجرية. ويكون بمعنى فَعَلَ ، نحو : قَرَّ واِسْتَقَرَّ. وقيل : إنّه للطلب كأنّه يطلُب القَرار من نفسه».

(٢) في الأصل : فيحتمل تعلّق ذلك الفعل والظرف بكلّ منهما.

(٣) في الأصل : استعيه

           

٢٧١

حاله وصار نفس مصداق هذه الكلمة فنحو : (استحجر الطِّينُ) معناه كما أشار إليه الشارح أنّ الطِّين انقلب عن كونه طِيناً وصار حَجَراً. فالمتحوَّل إليه هو المشتقّ منه المتحوَّل إمّا على سبيل الحقيقة ، نحو : (استغنى الفقيرُ) ، أو على سبيل التشبيه ، نحو : (استَنْوَقَ الجَمَلُ) ، أي : صار الجَمَل كالناقة. ونحو : (استحجر الطِّينُ) يحتملهما(١).

(ووقع على القفا)(٢) :

وكأنّه احترازٌ عمّن نام جالساً؛ فإنّ النوم على هذه الهيئة لا يسمّى اسلنقاءاً.

(فلا وجه لنظمهما)(٣) :

__________________

(١) يعني يحتمل معناها : (صار الطِّين حجراً حقيقةً) ، أو (صار الطِّين كالحجر في الصَّلابة). انظر : شرح الشافية ١ / ١١١.

(٢) في الأصل : ووقع على القفاء.

(٣) في الأصل : لنظمها. النصّ : ٨ و٩ : «(واِفْعالَّ) بزيادة الهمزة والألف واللام (نحو : اِحْمارَّ اِحْمِيراراً) وحكمه حكم اِحْمَرَّ إلاّ أنّ المبالغة فيه زائدة (واِفْعَوْعَلَ) بزيادة الهمزة والواو وإحدى العينين (نحو : اِعْشَوْشَبَ) الأرضُ (اِعْشِيشاباً) إذا كثُر عُشْبُها وهو للمبالغة (واِفْعَوَّلَ ، نحو : اِجْلَوَّذَ اِجْلِوّاذاً) بزيادة الهمزة والواوين (واِفْعَنْلَلَ) بزيادة الهمزة والنون وإحدى اللامين (نحو : اِقْعَنْسَسَ اِقْعِنْساساً) أي : تأخَّرَ إلى خَلْف ورَجَعَ. قال أبو عمرو : سألت الأصمعي عنه؛ فقال : هكذا ، فقدَّمَ بطنه وأخَّرَ صدره (واِفْعَنْلى) بزيادة الهمزة والنون والألف (نحو : اِسْلَنْقى اِسْلِنْقاءاً) أي : نام على ظَهره ووقع على القفا. والبابان الأخيران ملحقان بـ : اِحْرَنْجَمَ فلا وجه لنظمهما في سِلْك ما تقدّم. وكذا تَفَعَّلَ وتَفاعَلَ من الملحقات بـ : تَدَحْرَجَ. والمصنّف لم يفرُق بين ذلك». في المطبوع : «فلا وجه لذكرهما».

           

٢٧٢

أقول : وجهه اعتبار كونهما(١) من مزيد الثلاثي(٢).

(لأنّه يجب)(٣) :

أقول : فيه نظر؛ لأنّ المماثلة لازمة مع أصله ولا شك أنّ الأصل يعلّ ويدغم(٤) عند وجود شرائطهما(٥) فيه فوجب أن يكون الملحق أيضاً كذلك وإلاّ لبطل الإلحاق والحاصل : أنّ الملحق به ليس هو الصحيح من الأبواب المذكورة فقط بل أعمّ ، فافهم.

__________________

(١) في الأصل : كونه.

(٢) يعني في الملحقات حيثيّتان : حيثية الإلحاق وحيثية كونها من المزيدات ، والمصنّف نظر إلى الحيثية الثانية وذكرها في سلك سائر المزيدات ولم ينظر إلى الحيثية الأولى ولم يذكرها بعد الملحق به حاشية سعد الله البردعي على شرح التصريف ، ورقة ٣٠ / خ بمكتبة ملك.

(٣) النصّ : ٩ : «(وأمّا الرباعي المزيد فأمثلته) أي : أبنيته بحكم الاستقراء (ثلاثة : تَفَعْلَلَ) بزيادة التاء (كـ : تَدَحْرَجَ تَدَحْرُجاً) ضُمّت لامه؛ فرقاً بينه بين فعله ويلحق به : تَجَلْبَبَ ، أي : لَبِسَ الجَلباب ، وتَجَوْرَبَ ، أي : لَبِسَ الجَورب ، وتَفَيهَقَ ، أي : أكثر في كلامه ، وتَرَهْوَكَ ، أي : تَبَخْتَرَ ، وتَمَسْكَنَ ، أي : أظهر الذُّلّ والمسكنة (واِفْعَنْلَلَ) بزيادة الهمزة والنون (كـ : اِحْرَنْجَمَ) أي : اِزْدَحَمَ (اِحْرِنْجاماً) ويقال : حَرْجَمْتُ الإبلَ فَاحْرَنْجَمَتْ ، أي : رَدَدْتُ بعضها إلى بعض فارتدَّتْ. ويلحق به نحو : اِقْعَنْسَسَ واِسْلَنْقى. ولايجوز الإدغام والإعلال في الملحق؛ لأنّه يجب أن يكون مثلَ الملحق به لفظاً. والفرق بين بابَي اِقْعَنْسَسَ. واِحْرَنْجَمَ أنّه يجب في الأوّل تكرير اللام دون الثاني (واِفْعَلَلَّ) بزيادة الهمزة واللام وهو بسكون الفاء وفتح العين وفتح اللام الأولى مخفّفةً والأخيرةِ مشدّدةً. (كـ : اِقْشَعَرَّ) جِلدُه (اِقْشِعْراراً) أي : أخَذَتْه قُشَعْرِيرة».

(٤) في الأصل : يعمل يعلل ويدغم.

(٥) في الأصل : شرايطها.

           

٢٧٣

(والفرق اه) :

هذا جواب عن سؤال مقدّر ، تقديره : أنّ الملحق لو وجب أن يكون كالملحق به لفظاً فما الفرق بينهما؟ ومن أين يعلم أنّ أيهما هو الملحق وأيهما هو الملحق به؟ فأجاب بقوله : (و الفرق اه).

([تنبيه(١)]) :

أي : هذا مُنبِّه(٢) و (التنبيه) يستعمل في صدر مسألة ذُكر موضوعها سابقاً لحكم آخر(٣) ، كما فيما نحن فيه؛ فإنّ (الفعل) قد ذُكر سابقاً محكوماً عليه بقسمته

__________________

(١) زيادة تقتضيها العبارة.

النصّ : ٩ : «(تنبيه : الفعل إمّا متعدّ وهو) أي : الفعل (الذي يتعدّى) من الفاعل ، أي : يتجاوز (إلى المفعول به ، كقولك : ضَرَبْتُ زيداً) فإنّ الفعل الذي هو ضَرَبَ قد جاوز الفاعل إلى زيد ، فالدّور مدفوعٌ بأنّ المراد بقوله : يتعدّى معناه اللغوي. وإنّما قيد المفعول بقوله : به لأنّ المتعدّي وغيرَه سِيان في نصب ما عدا المفعول به ، نحو : اِجْتَمَعَ القومُ والأميرَ في السُّوق يومَ الجمعة اجتماعاً لتأديب زيد ، ونحو ذلك. ولايعترض بنحو : ما ضَرَبْتُ زيداً؛ لأنّ الفعل إن أُريد اللفظُ الذي هو ضَرَبْتُ فهو قد تعدّى إلى المفعول به في نحو : ضَرَبْتُ زيداً ، وإن أُريد لفظُ الفاعل والمفعول فهذا مدفوع بلا خلاف». في المطبوع : «فإنّ الفعل الذي هو (الضَّرْب)» و : «لأنّ المراد بقوله».

(٢) يعني أنّ (تنبيه) خبر لمبتدأ محذوف ، والمصدر بمعنى اسم الفاعل.

(٣) قال ابن قاسم الغَزِّي : «هو في اللغة : التوقيف على الشيء والإيقاظ له وفي الصناعة : الإعلام بتفصيل ما عُلم إجمالاً ممّا قبله وهو معرب ، خبر مبتدأ محذوف. وقيل : إن ذُكر بعده ما يتعلّق به ، وإلاّ فهو مبني فيقرأ ساكناً ، هكذا : (التنبيه). وفيه نظر؛ لأنّ مقتضى البناء هنا ليس إلاّ عدم التركيب على ما ادّعاه وهو موضوع؛ لأنّ التركيب وإن فقد مع ما يليه فهو ممكن 

٢٧٤

إلى الثلاثيّ وغيره ، وههنا يذكر محكوماً عليه بقسمته إلى المتعدّي اللازم.

(فالدّور مدفوع اه) :

هذا تفريع على قوله : (أي : يتجاوز) أو على قوله : (فإنّ الفعل الذي هو ضَرَبَ قد جاوز الفاعل إلى(١) زيد) أو على كلا القولين. ثمّ لايخفى عليك أنّ (المتعدّي) في هذا التعريف مجاز توقّف معرفته على معرفة قوله : (يتعدّى) لكونها جزء معرّف؛ لمعرفته المتعدّي ، لكن ليس معرفة قوله : (يتعدّى) موقوفة على معرفة المتعدّي؛ لجواز حصولها بالسَّماع. نعم الجهل بالمتعدّي يستلزم الجهل(٢) بقوله : (يتعدّى) فيلزم تعريف الشيء بالمجهول لا الدَّور. وما أجاب به عنه إنّما هو الجواب عمّا ذكرنا لا عن الدَّور.

(بأنّ المراد بقوله اه) :

يعني بذلك ـ وبما هو الظنّ البيّن ـ من أنّ المراد بـ : (المتعدّي) هو المتعدّي الاصطلاحي. ولم يتعرّض الجزء الثاني(٣)؛ لظهوره ، فلايرد عليه أنّ الحكم بكون قوله : (يتعدّى) بالمعنى اللغوي غير كاف في دفع الدَّور؛ لاحتمال أن يكون المراد بـ : (المتعدّي) أيضاً معناه اللغوي.

__________________

بالتقدير المذكور ومثله شائع وذائع ، فلا ضرورة إلى العدول عن الأصل مع إمكانه ولفظ (الفصل) وما أشبهه كلفظ (التنبيه) في حكمه المذكور». تعليق ابن قاسم الغَزِّي على شرح التصريف للعِزِّي ، ورقة ٢٣ / خ بمكتبة مكّة المكرّمة ، الرقم : ٢٨ / علوم عربية.

(١) في الأصل : على.

(٢) في الأصل : للجهل.

(٣) يعني المراد بـ : (المتعدّي) هو المتعدّي الاصطلاحي.

           

٢٧٥

(ولا يُعترض)(١) :

يمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض بوجوه :

الأوّل : أنّ المراد بـ : (المتعدّي) : ما يتجاوز بالفعل ، أو بالقوّة القرينة(٢) أي : (؟)(٣).

(ولا يُعترض اه) :

اعترض عن هذا التعريف بأنّه :

غير مانع؛ لشموله للمتعدّي بحرف الجرّ واللازم المتعدّي بالهمزة والتضعيف.

وغير جامع؛ لخروج المنفيّ المتعدّي عنه.

والجواب عن الأوّل : أنّ المراد بقوله (يتعدّى) : يتعدّى بنفسه ، كما هو المتبادر(٤) والمشمولات المذكورة متعدّيات بالغير.

فإن قلت : المراد بالمعرَّف هو المتعدّي مطلقاً ، سواء كان متعدّياً بنفسه أو بغيره؛ إذ المراد به ما يشمل نحو : (أَكرَمَ) و (فَرّحَ) قطعاً ما وهما متعدّيان بالغير ، فلا بأس لشمول التعريف للمتعدّي بالحرف.

قلت : الفعل على ثلاثة أقسام :

الأوّل : المتعدّي بنفسه ، وإليه أشار بتعريف المتعدّي مع المثال.

__________________

(١) في الأصل : ولايتعرض.

(٢) في الأصل : القريته

(٣) في الأصل هناك عبارة غير واضحة.

(٤) الكلّيات : ٦٨٥.

           

٢٧٦

والثاني : اللازم بنفسه فقط ، وإليه أشار بقوله : (و تعديته).

فلو كان الثالث داخلاً في الأوّل ينبغي أن يذكر عقيبه.

وأيضاً (المتعدّي) إذا أطلق ، أُريد فيه ما هو المتبادر من معانيه ، أي : المتعدّي [بنفسه].

وأيضاً لو أراد المعنى الأعمّ ينبغي أن يمثّل القسمين مع أنّه لم يمثّل إلاّ للمتعدّي بنفسه فقط. وأمّا نحو : (فَرَّحَ) و (أَكرَمَ) فمن المتعدّي بنفسه ، وإنّما المتعدّي بغيره هو المجرّد منهما المنقول إلى بابيهما ، فافهم.

والجواب عن الثاني بوجوه(١) :

الأوّل : أنّ المراد بـ : (المتعدّي) في هذا(٢) التعريف : (ما قد يتجاوز إلى المفعول به من غير حدوث يعتبر في أصل معنى الفعل) ، لا : (ما يتجاوز دائماً) ولا : (ما يتجاوز ما دام متجاوزاً). ونحو : (ما ضَرَبْتُ) وإن لم يتجاوز حال كونه مدخولاً للنفي إلاّ أنّه يتجاوز إذا حذف عنه حرف النفي ، كما في نحو : (ضَرَبْتُ زيداً) فالتعريف صادق عليه وإنّما قلنا : (من غير حدوث يعتبر في أصل معنى الفعل) احترازاً عن نحو : (ذَهَبْتُ) فإنّه قد يتجاوز ، وهذا فيما إذا قيل : (ذَهَبْتُ بزيد) أو (أَذْهَبْتُه) إلاّ أنّه محدوث بغير في أصل معنى الفعل.

الثاني : أنّ المراد بـ : (التجاوز) : أعمّ من تجاوز وجود الفعل ، كما في : (ضربتُ زيداً) أو تجاوز عدمه ، كما في : (ما ضربتُ زيداً) إلاّ أنّ تجاوز العدم

__________________

(١) في الأصل : بوجود.

(٢) في الأصل : هذ.

           

٢٧٧

بمحض الاعتبار(١).

الثالث : أنّ المراد بـ : (المتعدّي) : (ما تجاوز ، سواء بقي على التجاوز أم لا). ولا شك أنّ (ما ضربتُ) أصله : (ضربتُ) وقد تجاوز ثمّ أزيل تجاوزُه بدخول حرف النفي عليه.

الرابع : أنّ المراد بـ : (المتعدّي) : (ما تصدر منه التجاوز ، سواء كان هذا التجاوز مقصوداً أم لا). ولا شك أنّ (ضربتُ زيداً) المشتمل على التجاوز مقصود في (ما ضربتُ) لانّه نفي إثبات لا نفي محض إلاّ أنّه ليس بمقصود [منه]. نظيره ما إذا قلنا : (عرفتُ العَمى) فإنّ البصر مقصود في العَمى وليس بمقصود منه.

(وإن أُريد لفظُ الفاعل والمفعول اه)(٢) :

لهذا الكلام احتمالات :

الأوّل : أنّ من عرّف المتعدّي بهذا التعريف إن أراد معنى الفاعل أو المفعول ، أي : تجاوُز معنى الفعل من معنى الفاعل إلى معنى المفعول ، فالجواب ما ذكرنا. وإن أراد لفظها ، أي : تجاوُز عمل لفظ الفعل من لفظ الفاعل إلى لفظ المفعول ، فالاعتراض مدفوع بلا خفاء؛ لتحقّق تجاوز عمل لفظ الفعل من الفاعل إلى المفعول به في : (ما ضربتُ).

__________________

(١) قال سراج الدّين الحلبي : «ولا يمكن أن يجاب بأنّ نفي الضرب قد تجاوز عن الفاعل إلى المفعول به ، لأنّ عدم الضرب مسند إلى زيد وعدم الضرب كأنّه واقع على زيد؛ لأنّ تجاوز عدم الضرب غير مقصود ، بخلاف إسناده وإيقامه ، فافهم». حاشية محمّد بن عمر الحلبي على شرح التصريف ، ورقة ٢٥ / خ بمكتبة مدرسة البروجردي ـ كرمانشاه.

(٢) في الأصل : وان اريد لفظ الدلالة اه.

           

٢٧٨

الثاني : إنّ المعترض إن أراد أنّ المتعدّي لابدّ أن يتجاوز بحسب المعنى عن الفاعل إلى المفعول ولا تجاوُز في نحو : (ما ضربتُ زيداً) ، فالجواب ما ذكرنا. وإن أراد أنّه لابدّ أن يتجاوز عمله بحسب اللفظ منه إليه ولا تجاوز في ذلك ، فهذا مدفوع بلا خفاء؛ لظهور التجاوز بحسب العمل في ذلك.

الثالث : أنّه لو أريد في المتعدّي غير ما عرّف ههنا وعرّف بأنّه ما يكون له فاعل ومفعول ، فهذا الاعتراض مدفوع عنه بلا خفاء؛ لوجود الفاعل والمفعول في نحو : (ما ضربتُ).

(وذلك عند تساوي الاستعمالين)(١) :

أي : تساويهما بحسب المعنى والعدد؛ إذ لو لم يتساويا بحسب المعنى ، لم يكن ههنا فعل واحد إلاّ بحسب اللفظ بل فعلان بحسب المعنى ، وهو خلاف المفروض. ولو لم يتساويا في العدد ، فإن كان تعديته بنفسه أكثر ، حكم بزيادة حرف الجرّ جرّاً فيما عُدّي(٢) به ، وإن كان تعديته بالحرف أكثر ، حكم بكون

__________________

(١) النصّ : ٩ : «(ويسمّى أيضاً) أي المتعدّي (واقعاً) لوقوعه على المفعول به (ومجاوِزاً) أي لمجاوزته الفاعلَ بخلاف اللازم. (وإمّا غير متعدّ وهو) الفعل (الذي لم يتجاوز الفاعلَ ، كقولك : حَسُنَ زيدٌ) فإنّ الفعل الذي هو الحُسْن لم يتجاوز زيداً بل يثبُت فيه (ويسمّى) غير المتعدِّي (لازماً) للزومه على الفاعل وعدم انفكاكه عنه (وغيرَ واقع) لعدم وقوعه على المفعول به والفعل الواحد قد يتعدّى بنفسه فيسمّى متعدّياً وقد يتعدّى بالحروف فيسمّى لازماً وذلك عند تساوي الاستعمالين ، نحو : شَكَرْتُه وشَكَرْتُ له ونَصَحْتُه وَنَصَحْتُ له. والحقّ أنّه متعدّ واللام زائدة مطّردة؛ لأنّ معناه مع اللام هو المعنى بدونها ، والتعدّي واللزوم بحسب المعنى».

(٢) في الأصل : عدا.

           

٢٧٩

المفعول المنصوب منصوباً بنزع الخافض فيما عُدّي بنفسه.

(خاصّةً بشيئين)(١) :

إن قُرء قوله : (و تُعَدِّي) بصيغة الفعل ، فلفظ (خاصّة) :

إمّا على وزن (الكافية) و (العافية) مصدر لمقدّر والتقدير : (تخصّ أنت التعدية بالأمرين بالثلاثيّ المجرّد) فالجملة حال عن فاعل (تُعَدِّيه)(٢) ، أو مصدر بمعنى الفاعل حال عن المذكور كما ذكر ، أو بمعنى المفعول على أن يكون حالاً عن (الثلاثيّ المجرّد) بحال المتعلَّق ، أو بحال الموصوف بمعنى بالقول ، أو بالقلب على أن يكون المستتر عائداً(٣) إلى (الثلاثيّ المجرّد) ، أو وصفاً لمصدر محذوف ، أي : تعدية(٤) مخصوصة ، أو على وزن (النافلة)(٥) اسم فاعل وتاءه

__________________

(١) النصّ : ٩ و١٠ : «(وتُعَدِّيه) أي : تُعَدِّي أنت الفعل اللازم ، وفي بعض النسخ : وتَعْديتُه (في الثلاثي المجرّد) خاصّةً بشيئين (بتضعيف العين) أي : بنقله إلى باب التفعيل (أو بالهمزة) أي : بنقله إلى باب الإفعال (نحو : فَرَّحْتُ زيداً) فإنّ قولك : فَرِحَ زيدٌ لازم فلمّا قلتَ : فَرَّحْتُه صار متعدّياً (وأَجْلَسْتُه) فإنّ قولك : جَلَسْتُ لازم فلمّا قلتَ : أَجْلَسْتُه صار متعدّياً (و)تعدّيه (بحرف الجرّ في الكلّ) من الثلاثي والرباعي المجرّد والمزيد فيه؛ لأنّ حروف الجرّ وضعت لتَجُرَّ معاني الأفعال إلى الأسماء (نحو : ذَهَبْتُ بزيد واِنْطَلَقْتُ به) فإنّ ذَهَبَ اِنْطَلَقَ لازمان فلمّا قلتَ ذلك ، صارا متعدِّيين».

(٢) في الأصل : يتعدى.

(٣) في الأصل : عايد.

(٤) في الأصل : تعدّيته

(٥) في حواشيه على البهجة المرضية : ٥٥ : «الخاصّة اسم فاعل كـ : النافلة ، أو تاؤها للتأنيث على كونها وصفاً للطائفة وشبهها».

           

٢٨٠