تاج العروس - ج ٥

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي

تاج العروس - ج ٥

المؤلف:

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي


المحقق: علي شيري
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٠

المُشْرِف على الغَوْرِ ، فهؤلاءِ جُمْلةُ مَن ذهب إِلى التَّشديد ، وقال أبو الطَّيِّبُ اللغَويّ : هو بتخفيف الدالِ لا غيرُ ، مَنْسُوبٌ إِلى مَقَدَ ، قال : وإِنما شدَّده عَمرُو بن مَعديكربَ للضّرورة ، قال : وكذا يَقْتَضِي أَن يكون عنده قولُ عَدِيِّ بن الرِّقاع في تَشديد الدال أَنه للضرورة ، وهو :

فَظَلْتُ كأَنِّي شارِبٌ لَعِبَتْ بِهِ

عُقَارٌ ثَوتْ فِي سِجْنِها حِججاً تِسْعَا

مَقَدِّيَّةٌ صَهْبَاءُ بَاكَرْتُ شُرْبَهَا

إِذَا مَا أَرَادُوا أَنْ يَرُوحُوا بِهَا صَرْعَى

قال : والذي يَشْهَد بِصِحَّة قول أَبي الطَّيْبِ قول أَبي الأَحْوَص (١) :

كَأَنَّ مُدَامَةً مِمَّا

حَوَى الحَانُوتُ مِنْ مَقَدِ

يُصَفَّقُ صَفْوُهَا بِالمِسْ

كِ والكَافُورِ والشَّهَدِ

وكذلك قَوْلُ العَرْجِيّ :

كَأَنَّ عُقَاراً قَرْقَفاً مَقَدِيَّةً

أَبَى بَيْعَها خَبٌّ مِنَ التَّجْرِ خَادِعُ

وأَنشد الليث :

مَقَدِيًّا أَحَلَّهُ اللهُ لِلنَّا

ـسِ شَرَاباً وَمَا تَحِلُّ الشَّمُولُ

وقال آخر :

عَلِّلِ القَوْمَ قَلِيلاً

يَا ابْنَ بِنْتِ الفَارِسِيَّهْ

إِنَّهُمْ قَدْ عَاقَرُوا اليَوْ

مَ شَرَاباً مَقْدِيَّهْ

وقد تقدَّمَ البحث فيه في ق د د فراجِعْه.

والمَقَدِيَّةُ بالتخفيف : ثِيَابٌ م معروفة ، قال ابنُ دُريد (٢) : ضَرْبٌ من الثِّيَابِ ، ولا أَدرِي إِلى ما يُنْسَب ، ويقال ثوْبٌ مَقَدِيٌّ. والمَقَدِيَّةُ : ة بالشام مِن عَمَل الأُرْدُنِّ ، وإِليها نُسِب الشَّرَاب ، ويقال إِنها مَقَدٌ ، وقد جاءَ ذِكْرُهَا في الأَشْعَار.

[مكد] : مَكَدَ بالمكانِ مَكْداً ومُكُوداً : أَقامَ به ، وثَكَم يَثْكُم مِثْلُه ، ورَكَدَ رُكُوداً ومَكَتَ مُكُوتاً. وعن الليث : مَكَدَت الناقَةُ إِذا نَقَصَ لَبَنُهَا من طُولِ العَهْدِ وأَنشد :

قَدْ حَارَدَ الخُورُ وَمَا تُحَارِدُ

حَتَّى الجِلَادُ دَرُّهُنَّ مَاكِدُ

ومن ذلك المَكُودُ : الناقَةُ الدائِمَةُ الغُزْرِ ، والناقَةُ القَلِيلَةُ اللَّبَنِ ، ضِدٌّ ، أَو هذه من أَغاليطِ اللَّيْثِ ، قال أَبو منصور : وإِنما اعْتَبَرَ الليثُ قولَ الشاعرِ :

حَتَّى الجِلَادُ دَرُّهُنَّ ماكِدُ

فظَنَّ أَنه بمعنى الناقِصِ ، وهو غَلَطٌ ، والمعنى : حَتَّى الجِلادُ اللَّوَاتِي دَرُّهُنّ ماكِدٌ ، أَي دائِمٌ قد حَارَدْنَ أَيضاً ، والجِلَادُ : أَدْسَمُ الإِبِل لَبَناً ، فليْسَتْ في الغَزَارَةِ كالخُورِ ، ولكنّها دائمةُ الدَّرِّ ، واحدتُها جَلْدَةٌ. والخُورُ في أَلْبَانِهِنَّ رِقَّةٌ مع الكَثْرَة. ومثلُ هذا التفسير المُحَال (٣) الذي فسّره الليثُ في مَكَدَتِ الناقَة مِمّا يَجِبُ على ذَوِي المَعرِفة تَنْبِيهُ طَلَبَةِ هذا البابِ مِن عِلْم اللُّغَة عليه لئلا يتعثَّر فيه مَن لا يَحْفَظ اللُّغَةَ تَقْلِيداً لِلَّيْثِ ، قال : والصحيح أَن يقال المَكْدَاءُ ، والمَاكِدَةُ والمَكُود ، هي الدَّائمةُ الغُزْرِ الكَثِيرَتُهُ ، والجَمْعُ مُكُدٌ ، وإِبل مَكَائِدُ ، وأَنشد :

إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدَّائِمُ

فَاعْمِدْ بَرَاعِيسَ أَبُوهَا الرَّاهِمُ

وناقَة بِرْعِيسٌ ، إِذا كانتْ غَزِيرَةً.

والماكِدُ : الماءُ الدائمُ الذي لا يَنْقَطِعُ ، قال :

ومَاكِدٍ تَمْأَدُه مِنْ بَحْرِهِ

يَضْفُو وَيُبْدِي تَارَةً عَنْ قَعْرِهِ (٤)

تَمْأَدُه : تَأْخُذُه في ذلك الوَقْتِ ، وقد تَقَدَّم.

__________________

(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله أبي الأحوص ، الذي في اللسان : الأحوص ، بدون أبي».

(٢) الجمهرة ٢ / ٢٨٤.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : المحال ، كذا في التكملة ، وفي اللسان : الخطأ».

(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : تمأده تأخذه في ذلك الوقت. ويضفو : يفيض ، ويبدي تارة عن قعره أي يبدي لك قعره من صفائه ، كذا في اللسان.

٢٦١

ومَكَّادَةُ كجَبَّانَةٍ : د ، بالأَنْدلُسِ مِن نَوَاحِي طُلَيْطِلَة ، وهي الآنَ لِلفِرِنْج ، منه سَعِيدُ بن يُمْنِ بن مُحَمَّد المُرَادِيّ ، يكنى أَبا عُثْمَان ، وأَخوه مُحَمَّد بن يُمْن ، دخَل المَشْرِق ، رَوَيَا ، كذا في مُعجم ياقوت.

والْمِكْدُ ، بالكسرِ : المُشْطُ.

والمُكُدُ : بالضَّمّ ، جَمْعُ مَكُودٍ كصَبُورٍ ، نُوقٌ مُكُدٌ ومَكَائِدُ ، وهي الغُزْرُ اللَّبَنِ ، كذا في الرَّوْضِ ، وقال ابنُ السَّرَّاج ، لأَنَّه من مَكَد بالمكَانِ ، إِذا أَقامَ ، قال شيخُنَا : وفي التَّعْلِيل نوعٌ مِن المَجَازِ ، فإِن في دلالةِ الإِقامَة على الكَثْرَة ما لا يَخْفَى ، ولو جعله مِن الماءِ المَاكِدِ الذي هو الدائم لا يَنقطع كانَ أَظْهَر في الدلالة.

والأَمَاكِيدُ : بَقَايَا الدِّيَاتِ ، نقله الصاغانيُّ ، كأَنّه جَمْع أُمْكُودٍ ، بالضمّ.

* ومما يستدرك عليه :

بئر ماكِدَةٌ ومَكُودٌ : دائمةٌ لا تَنْقَطعِ مادَّتُها. وَرَكِيَّةٌ مَاكِدَةٌ ، إِذا ثَبَتَ ماؤُهَا لا يَنْقُص ، على قَرْنٍ واحِدٍ لا يَتَغَيَّر ، والقَرْن : قَرْنُ القَامَة.

ودَرٌّ مَاكِدٌ : لا يَنْقَطع ، على التَّشْبِيه بذلك ، ومنه قولُ أَبي صُرَدَ لَعُيَيْنَة بن حِصْنٍ ، وقد وَقَع في سُهْمَتِه عَجُوزٌ مِن سَبِيْ هَوازِنَ : خُذْهَا إِلَيْكَ ، فواللهِ ما فُوهَا بِبَارد ، ولا ثَدْيُها بِنَاهِد ، ولا دَرُّهَا بِمَاكِد ، ولا بَطْنُها بِوَالِد ، ولا شَعْرُهَا بِوَارِد ، ولا الطالِبُ لها بِوَاجِد.

واستدرك شيخنا : بني مَكُودٍ ، كصَبُورٍ : قبيلةٌ من البَرْبَر ، منهم الشيخ عبد الرحمن المَكُودِيّ شارِح الأَلْفِيَّة وصاحبُ البَسْط والتَّعْرِيف والمَقْصُورة وغيرِها من المصنّفات ، وشُهْرَته كافِيَةٌ ، وقَبْرُهُ يُزَار بِفَاس في جِهةِ الحَارَة المَشْهُورة بالحَفَّارِين ، رحمه‌الله تعالى ونَفَعَ به ، آمين.

[ملد] : مَلَدَهُ : مَدَّهُ. وتَمْلِيدُ الأَدِيمِ تَمْرِينُه.

والمَلَدُ والمَلَدَانُ ، مُحَرَّكتينِ : الشَّبَابُ والنَّعْمَةُ بفتح النون ، والاهْتِزَازُ ، أَي اهتزازُ الغُصْنِ ، وقد مَلِدَ الغُصْنُ مَلَداً : اهْتَزَّ.

والمَلْدُ ، بفتح فسكون ، والأُمْلُود ، بالضم ، والإِمْلِيدُ بالكسر والأُمْلُدَانُ كأُقْحُوانٍ والأُمْلُدَانِيُّ ، بياءِ النِّسبةِ والأَمْلَدُ كأَحْمَر والأُمْلُدُ كقُنْفُذٍ : الناعِمُ اللَّيِّنُ مِنَّا ومن الغُصونِ وأَنشد :

بَعْدَ التَّصَابِي والشَّبَابِ الأَمْلَدِ

وجمع المَلْدِ (١) أَمْلَاد وجمع الأُمْلُود والإِمْلِيد أَمالِيد ، وقال شَبَانَةُ الأَعرابيُّ : غُلامٌ أُمْلُودٌ وأُفْلُود ، إِذا كانَ تَماماً مُحْتَلِماً شَطْباً ، وقال غيره : المَلَدَانُ : اهتزازُ الغُصْنِ ونَعْمَتُه ، وغُصْنٌ أُمْلودٌ وإِمْلِيدٌ : ناعمٌ ، وقد مَلَّدَه الرِّيُّ تَملِيداً ، وقال شيخُنَا نقلاً عن أَئِمَّة الاشتقاق : إِن الأُمْلُود أَصْلٌ في الأَغْصَانِ (٢) مَجازٌ في بني آدَمَ ، ورَجَّحَه بعضٌ. قلت : وقد صرَّح الزَّمخشريُّ بذلك في الأَساس فقال : ومن المجازِ شَابٌّ أُمْلُود وشُبَّانٌ أَمالِيدُ ، والمَرْأَةُ أُمْلُودٌ وأُمْلُودَانِيَّةٌ ومَلْدَانِيَّةٌ بحذف الأَلف وفتح الميم ، وفي اللسان أُمْلُدَانِيَّة وأُمْلُودَةٌ ، كأُحْدُوثةِ ، ومَلْدَاءُ كحمراءَ ناعِمَةٌ مُسْتَوِيَةُ القَامَةِ ، وشابٌّ أَمْلَدُ وجارِيَةٌ مَلْدَاءُ بَيِّنَا المَلَدِ ، قال ابنُ جِنِّي : هَمزَة أُمْلُودٍ وإِمْلِيد مُلْحَقَةٌ ببناءِ عُسْلُوجٍ وقِطْمِيرِ ، بدليل ما انضافَ إِليها من زيادَةِ الواو والياء مَعَهَا.

والمَلْدُ بفتح فسكون : الغُولُ بالضمّ ، السِّعْلَاةُ ، أَو ساحرَة الجِنِّ ، كما سيأْتي.

ومَلُودٌ ، كصَبُورٍ ، أَو هو بالذال المعجمة (٣) : ة ، بِأُوزْجَنْدَ بترْكُستان مما وراءَ النهر.

وقال أَبو الهيثَم : الإِمْلِيدُ بالكسر من الصَّحَارِى : الإِمْلِيسُ ، واحد ، وهو الذي لا شيْ‌ءَ فيه ، وبه فسّر قول أَبي زُبَيْد :

فَإِذا مَا اللَّبُونُ شَقَّتْ رَمَادَ النَّ

ارِ قَفْراً بِالسَّمْلَقِ الإِمْلِيدِ

* ومما يستدرك عليه :

رجُلٌ أَمْلَدُ : لا يَلْتَحِي ، أَورده الزمخشريّ.

__________________

(١) ضبطت بإسكان اللام ، معطوفة على ما سبقها ، ومثلها في التكملة ، وضبطت في اللسان بالتحريك ضبط قلم.

(٢) في الأساس : غصن أملود : ناعم ، وغصون أماليد ، وانظر ما سيرد عن الأساس في الكلام التالي.

(٣) اقتصر في معجم البلدان على الدال المهملة.

٢٦٢

وفي معجم ياقوت مُلُونْدَة : حِصْنٌ بِسَرَقُسْطَة بالأَنْدَلس.

[ممد] : إِمِّدانُ (١) ، أَهمله الجوهريُّ ، وقال الصاغانيُّ : هو بِكَسْر الهَمزةِ والمِيمِ المشدَّدَةِ كإِفْعِلانٍ : ع ، قال شيخُنَا : هذا هو الموضع الثالث الذي ذكره فيه المصنف ، وقد مَرَّ البحث فيه في أَ م د ، و، م د د ، فراجِعْه.

[مند] : مُنْدُ ، بالضَّمّ (٢) أَهمله الجوهَرِيّ ، وقال الصّاغانيّ : ة من صَنْعَاءِ اليَمَنِ في مِخْلَاف صُدَاءَ ، كذا في مُعجم ياقوت.

ومُنْدَدٌ ، بضمّ الأَوّل (٣) وفتح الثالث : ع ذكره تَمِيم بن أُبَيّ بن مُقْبِل فقال :

عَفَا الدَّارَ مِنْ دَهْمَاءَ بَعْدَ إِقَامَةٍ

عَجَاجٌ بِخَلْفَيْ منْدَدٍ مُتَنَازِحُ

كذا في التهذيب.

وخُوَيْزَ مَنْدَادُ مَرّ ذِكْره في فصل الخاءِ المُعْجمة ، ومَرَّ الكلام عليه.

ومَيْمَنْدُ ، بفتح الميمَين ، والمشهور ضمّ الثانية ، وضبطه ياقوت بكسر الأُولَى وفتْح الثانية : ة قُرْبَ فَيْرُوزَابَادَ ، قال ياقوت : رُسْتَاقٌ بفارِسَ ، وأُخْرَى بِغَزْنَةَ ، بَين بَامِيَانَ والغَوْر (٤) ، منها الكاتب الماهر المُدَبِّر أَبو الحسن عَلِيُّ بن أَحْمَدَ المَيْمَنْدِيّ وَزِيرُ السلطانِ الغازِي مَحمودِ بنِ سُبَكْتَكِينَ ، أَنار الله بُرهانَه ، وأَخْبَارُه في التاريخ اليَمِينيّ ، قال أَبو بكر بن العَمِيد (٥) يهجوه :

يَا عَلِيّ بنَ أَحْمَدٍ لا اشْتِيَاقَا

وأَنَا المَرْءُ لَا أُحِبُّ النِّفَاقَا

لَمْ أَزَلْ أَكْرَهُ الفِرَاقَ إِلَى أَنْ

نِلْتُهُ مِنْكَ فَارْتَضَيْتُ الفِرَاقَا

حَسْبُنَا بِالخَلَاصِ مِنْكَ نَجَاحاً

وكَفَى بِالنَّجَاةِ منْك خَلَاقَا

* ومما يستدرك عليه :

مَنِيدُ (٦) ، كأَمِير : موضعٌ بفارِسَ عن العِمرانيّ ، قال ياقوت : هو تصحيف مَيْبُدَ.

[مهد] : المَهْدُ : المَوْضِعُ يُهَيَّأُ للصَّبِيِّ ويُوَطَّأُ لِينَام فيه ، وفي التنزيل : (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) (٧) والمَهْدُ : الأَرْضُ ، كالمِهَادِ ، بالكسر ، قال الأَزهريّ : المِهَاد [اسم] (٨) أَجْمَعُ من المَهْدِ ، كالأَرْضِ جعلَهَا اللهُ تَعَالَى مِهَاداً للِعبَاد ، ج أَي جمع المَهْدِ مُهُودٌ ، ونقَلَ شيخُنا عن بعضِ أَهْلِ التحقيق أَنَّ المَهْدَ والمِهَادَ مَصدرَانِ بمعنًى ، أَو المَهْدُ الفَعْلُ والمِهَادُ الاسْمُ ، أَو المَهْدُ مُفْرَد والمِهَاد جَمْعٌ كفَرْخٍ وأَفْرَاخٍ. قاله السَّمين أَثناءَ طه.

والمُهْدُ ، بالضَّمِّ : النَّشَزُ من الأَرْضِ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ ، وأَنشد :

إِن أَبَاكَ مُطْلَقٌ مِنْ جَهْدِ

إِنْ أَنْتَ كَثَّرْتَ قُتُورَ المُهْدِ

أَو المُهْدُ : ما انْخَفَضَ منها ، أَي من الأَرْض ، في سُهولَةٍ واسْتِوَاءٍ ، كالمُهْدَةِ ، بالضّم أَيضاً ، وهذه عن ابن شُمَيْلٍ ، جِ مِهَدَةٌ وأَمْهَادٌ ، الأَول كعِنَبِةٍ ، وهذه الجُموع فيها مَحَلُّ تأمُّلٍ وإِيهام ، وقد أَشار لذلك شيخنا. قلت : الجمع الثاني لا إِيهام فيه ، فإِنه جَمْعُ مُهْدٍ بالضمّ ، كقُفْلٍ وأَقْفَالٍ.

ومَهَدَه أَي الفِرَاشَ كمَنَعَه : بَسَطَه ووَطّأَه ، كَمَهَّدَه تَمْهِيداً ، وأَصل المَهْدِ التّوْثِيرُ ، يقال : مَهَدْتُ لِنفْسِي ومَهَّدْت ، أَي جعلتُ لي مكاناً وَطيئاً سَهْلاً.

ومَهَدَ لِنَفْسِه يَمْهَد مَهْداً : كَسَب وعَمِلَ ، كامْتَهَدَ ، يقال : مَهَدَ لِنَفْسِه خَيْراً وامْتَهَدَه : هَيَّأَه وتَوَطَّأَه ، ومنه قوله تعالى : (فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) (٩) أَي يُوَطِّئونَ ، قال أَبو النّجم :

وامْتَهَدَ الغَارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ

__________________

(١) قيده صاحب معجم البلدان بكسر الهمزة والميم وتشديدها : اسم موضع.

(٢) قيدها في معجم البلدان «مَنْد» ضبط قلم.

(٣) قيدها في معجم البلدان بالفتح ثم السكون وفتح الدال.

(٤) الذي بين باميان والغور هي «مِيمَنَة» قال ياقوت : وأظنها الميمند الذي قبله.

(٥) معجم البلدان : أبو بكر العيدي.

(٦) في معجم البلدان : منيذ بالذال المعجمة.

(٧) سورة مريم الآية ٢٩.

(٨) زيادة عن التهذيب.

(٩) سورة الروم الآية ٤٤.

٢٦٣

والمَهيدُ ، كأَمِيرٍ : الزُّبْدُ الخَالِصُ ، وقيل : هي أَزْكَاه عِنْد الإِذَابَة وأَقَلُّه لَبَناً.

والمِهَادُ ، ككِتَابٍ ، الفِرَاشُ وَزْناً ومعْنًى ، وقد يُخَصُّ به الطِّفْلُ ، وقد يُطْلَق على الأَرْضِ ، ويقال للفِراش : مِهَادٌ ، لِوَثَارَتِه ، وقال الله تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) (١) ج أَمْهِدَةٌ ومُهُدٌ ، بضمّ فسكون وبضمَّتين ، وقوله تعالى : أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٢) أَي بِسَاطاً مُمَكَّناً سَهْلاً للسُّلُوكِ في طُرُقها ، وقوله تعالى : وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٣) قيل في معناه : أَي بِئْسَ ما مَهَّدَ لِنَفْسِه في مَعَادِه. قال شيخنا : لم يَلْتَفِت للفظ الآية : (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) (٤) فلو قال : بِئْسَ ما مَهَدُوا لأَنْفُسهم لكان أَوْلَى ، قاله عبد الباسط ، ثم قال : قُلْت : وقد يُقال : لم يَقْصِد المُصَنِّف إِلى هذه ، بل لعلَّه قصَد آيةَ البقرة (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) (٥). قلت : والجواب كذلك ، وقد اشتَبهَ عَلى البَلْقِينيّ ويَدُلّ على ذلك أَن سائر النُّسخ الموجودة فيها «لَبِئس» باللام.

وَمَهْدَدُ ، كجَعْفَرٍ من أَسمائِهِنَّ ، قال ابنُ سِيده : وإِنما قضيتُ على مِيمٍ مَهْدَد أَنها أَصْلٌ لأَنها لو كانت زائدةً لم تَكن الكَلِمة مَفْكُوكَة ، وكانت مُدْغَمَةً ، كمَسَدّ ومَرَدّ ، وهو فَعْلَلٌ ، قال سيبويهِ : الميم من نَفْس الكلمة ، ولو كانت زائدةً لأُدْغِم الحَرْفُ مِثل مَفَرّ ومَرَدّ ، فثبت أَن الدالَ مُلْحَقة ، والمُلْحَق لا يُدْغَم.

والأُمْهُودُ ، بالضمِّ : القُرْمُوصُ للصَّيْدِ ولِلْخَبْزِ ، وهو الحُفْرَةُ الواسِعَةُ الجَوْفِ الضَّيِّقةُ الرأْسِ ، يَسْتَدْفِي‌ءُ فيها الصُّرَدُ ، كما سيأْتي للمصنِّف ، ولكن لم يذكر القُرمُوص بالضمّ ، فتأَمَّل.

ومن المَجاز : تَمْهِيدُ الأَمْرِ : تَسْوِيَتُه وإِصْلاحُه ، وقد مَهَّدَ الأَمْرَ : وَطَّأَه وسَوَّاه ، قال الراغب (٦) : ويُتَجَوَّزُ به عن بَسْطَةِ المالِ والجَاهِ ، ومنه أَيضاً تَمْهِيدُ العُذْرِ : بَسْطُهُ وقَبُولُه ، وقد مَهَّدَ له العُذْرَ تَمْهِيداً : قَبِلَه. ومنه أَيضاً مَاءٌ مُمَهَّدٌ ، كمُعَظَّمٍ : لا حَارٌّ ولا بَارِدٌ ، بل فاتِرٌ ، كما في الأَساسِ والتكملة.

وتَمَهَّد الرجلُ : تَمَكَّنَ.

وامْتَهَدَ السَّنَامُ : انْبَسَطَ في ارتفاعٍ.

* ومما يستدرك عليه :

سَهْدٌ مَهْدٌ : حَسَنٌ. إِتباع.

وعن أَبي زيد : يقال : ما امْتَهَدَ فُلانٌ عندي يَداً ، إِذا لم يُولِكَ نِعْمَةً ولا مَعروفاً ، وهو مَجاز ، وروَى ابنُ هانى‌ء عنه : يقال : ما امْتَهَدَ فلانٌ عِنْدِي مَهْدَ ذلك ، يقولها الرجلُ حين يُطْلَب إِليه المَعروفُ بِلَا يَدٍ سَلَفَتْ منه إِليه ، ويقولها أَيضاً للمُسِي‌ءِ إِليه حين يَطْلُب مَعْرُوفه ، أَو يَطْلُب له إِليه.

وتَمَهَّدْت فِراشاً ، واسْتَمْهَدْتُه.

ومن المَجَاز : مَهَّدَ له مَنْزِلَةً سَنِيَّةً. وتَمَهَّدَتْ له عندي حَالٌ لَطِيفَةٌ. كما في الأَساس.

[ميد] : مَادَ الشي‌ءُ يَمِيدُ مَيْداً ومَيَدَاناً محرَّكَةً : تَحَرَّكَ بِشِدَّة ، ومنه قوله تعالى : (أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (٧) أَي تَضْطَرِب بكم وتَدُور بكم وتُحَرِّككم حَرَكَةً شديدةً ، كذا في البصائر.

وماد الشيْ‌ءُ يَمِيدُ مَيْداً : مَالَ وزَاغَ وزَكَا ، وفي الحديث : «لَمَّا خَلَق اللهُ الأَرْضَ جَعَلَتْ تَمِيدُ فَأَرْسَاهَا بِالجِبَالِ». وفي حَدِيثِ ابن عَبَّاسٍ : «فَدَحَا اللهُ الأَرْضَ مِنْ تَحْتِهَا فَمَادَتْ». وفي حدِيثِ عَلِيٍّ : «فَسَكَنَت مِنَ المَيَدَانِ بِرُسُوبِ الجِبَالِ».

ومَادَ السَّرابُ مَيْداً : اضْطَرَبَ.

ومادَ الرَّجُلُ يَمِيدُ ، إِذا انْثَنَى (٨) وتَبَخْتَرَ.

ومادَهُم يَمِيدُهم ، إِذا زَارَ هُمْ (٩) ، قيل : وبه سُمِّيَت المائدةُ ، لأَنه يُزَار (٩) عَلَيْهَا.

ومَادَ قَوْمَه غَارَهُم ، ومَادَهم يَمِيدُهم ، لغةٌ في مَارَهم من المِيرَةِ ، والمُمْتَاد ، مُفْتَعَلٌ منه ، وهو مجاز ، قيل : ومنه سُمِّيَت المائدةُ.

__________________

(١) سورة الأعراف الآية ٤١.

(٢) سورة النبأ الآية ٦.

(٣) سورة البقرة الآية ٢٠٦.

(٤) سورة الرعد الآية ١٨.

(٥) سورة البقرة الآية ٢٠٦.

(٦) لم ترد هذه العبارة في المفردات.

(٧) سورة النمل الآية ١٥ وسورة لقمان الآية ١٠.

(٨) في التهذيب واللسان : تثنى.

(٩) في التهذيب : «زادهم ... يُزاد».

٢٦٤

ومن المَجاز : مَادَ الرجلُ يَمِيدُ فهو مائِدٌ : أَصَابَه غَثَيَانٌ وحَيْرَةٌ ودُوَارٌ مِن سُكْرٍ أَو رُكوبِ بَحْرٍ ، مِن قَوْمٍ مَيْدَى ، كرَائِبٍ ورَوْبَى ، وفي البصائر : مَيْدَى كحَيْرَى.

ومادَ الرَّجُلُ : تَحَيَّرَ.

وروى أَبو الهيثم : المائدُ : الذي يَرْكَبُ البَحْرَ فتَغْثَى نَفْسُه من نَتْنِ ماءِ البَحْرِ حتى يُدَارَ به ، ويَكَاد يُغْشَى عليه ، فيقال : مادَ به البَحْرُ يَمِيدُ به مَيْداً ، وقال الفَرَّاءُ : سَمِعتُ العَرَبَ تَقُول : المَيْدَى : الذين أَصابَهُم المَيْدُ مِن الدُّوَارِ ، وفي حديثِ أُمِّ حَرامٍ : «المائدُ في البَحْرِ له أَجْرُ شَهِيدٍ» ، هو الذي يُدَارُ بِرَأْسِه مِن رِيحِ البَحْرِ واضْطرابِ السَّفِينةِ بالأَمْواجِ.

ومَادَتِ الحَنْظَلَةُ تَمِيدُ : أَصَابَها نَدًى أَو بَلَلٌ فتَغَيَّرَتْ ، وكذلك التَّمْرُ.

والمائدةُ : الطَّعَامُ نَفْسُه ، من مَادَ إِذا أَفْضَل ، كما في اللسان ، وهذا القولُ جَزمَ به الأَخْفَشُ وأَبو حاتمٍ ، أَي وإِن لم يكن مَعه خِوَانٌ ، كما في التقريبِ واللسانِ ، وصرَّح به ابنُ سِيدَه في المحكم ، ونقَلَه في فَتْح البارِي ، قال شيخُنا : والآيةُ صَرِيحَةٌ فيه ، قالَه أَربابُ التفسيرِ والغَرِيبِ ، وقيل : المائدة : الخِوَانُ عليه الطّعامُ ، قال الفارسيُّ : لا تُسَمَّى مائدةً حتى يَكون عليها طَعَامٌ ، وإِلَّا فهي خِوَانٌ. قلت : وقد صرَّح به فقهاء اللُّغَةِ ، وجزمَ به الثَّعالِبيُّ وابنُ فارس ، واقتصر عليه الحريريُّ في دُرَّة الغَوَّاص ، وزعم أَن غيرَه مِن أَوْهَامِ الخَوَاصّ ، وذكر شيخُنا في شَرْحِها أَنه يجوز إِطلاقُ المائدةِ على الخِوَانِ مُجَرَّداً عن الطعامِ ، باعتبار أَنه وُضِعَ أَو سَيُوضَع. وقال ابنُ ظَفَرٍ : ثَبَت لهَا اسمُ المائدة بعدَ إِزالةِ الطّعام عَنْهَا ، كما قيل لِقْحَةٌ بعد الوِلَادة ، قال أَبو عْبَيْد (١) : وفي التنزيل : (رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) (٢) ، المائدة في المعنَى مَفْعُولَةٌ ولفظُها فاعلَة (٣) ، وهي مثل : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٤) وقيل : من مَادَ إِذا أَعْطَى ، يقال ، مادَ زَيْدٌ عَمْراً ، إِذا أَعطاه ، وقال أَبو إِسحاق ، الأَصل عندي في مائدة أَنها فَاعِلَة من مَاد يَمِيد إِذَا تَحَرَّك ، فكأَنَّهَا تَمِيدُ بما عَلَيْهَا ، أَي تَتحَرَّكُ ، وقال أَبو عُبيدة : سُمِّيتْ مائدةً لأَنها مِيَدَ بِها صاحِبُها ، أَي أُعْطِيَها وتُفُضِّل عليه بها ، وفي العِنَاية : كأَنَّها تُعْطِي مَنْ حَوْلَهَا مِمَّا حَضَرَ عليها ، وفي المصباح : لأَن المالكَ مَادَهَا للناسِ ، أَي أَعطاهم إِيَّاها ، ومثلُه في كتاب الأَبْنية لابن القطّاع ، كالمَيْدَةِ ، فِيهما ، أَي في الطَّعام والخِوَانِ ، قاله الجَرْمِيُّ وأَنشد :

ومَيْدَةٍ كَثِيرَةِ الأَلْوَانِ

تُصْنَعُ لِلإِخْوَانِ والجِيرَانِ

والمائدة : الدائِرَةُ من الأَرْضِ ، على التشبيهِ بالخِوان.

وفَعَلَه مَيْدَى (٥) ذلك ، أَي من أَجْلِه. والذي في اللسان مَيْدَ ذلك ، قال : ولم يُسْمَع : مِنْ مَيْدَى ذلك ، ومَيْدٌ بمعنَى غيرٍ أَيضاً ، وقيل هي بمعنَى «عَلَى» كمَا تَقَدَّم في «بَيْدَ» قال ابنُ سِيدَه : وعسَى أَن يكون مِيمُه بَدَلاً من باءِ بَيْد ، لأَنها أَشهر.

ومِيدَاءُ الشيْ‌ءِ ، بالكسر والمَدّ : مَبْلَغُه وقِيَاسُه. ومن الطَّرِيقِ : جَانِبَاهُ وبُعْدُهُ وسَنَنُه ، يقال : لم أَدْرِ ما مِيدَاءُ ذلك ، أَي لم أَدْرِ ما مَبْلَغُه وقِيَاسُه ، وكذلك مِيتَاؤُه ، أَي لم أَدْرِ ما قَدْرُ جَانِبَيْهِ وبُعْده ، وأَنشد :

إِذَا اضْطَمَّ مِيدَاءُ الطَّرِيقِ عَلَيْهِمَا

مَضَتْ قُدُماً مَوْجَ الجِبَالِ زَهُوقُ

ويُروَى «مِيتَاءُ الطَّرِيق». والزَّهُوق : المُتَقَدِّمة من النُّوق ، قال ابنُ سِيده : وإِنما حملْنا مِيدَاءَ وقَضَيْنَا بأَنَّهَا يَاءٌ على ظاهرِ اللفْظِ مع عَدَمِ م ود.

ويقال : بَنَوْا بُيوتَهم على مِيدَاءٍ واحِدٍ ، أَي على طَرِيقَةٍ واحِدَةٍ ، وقال الصاغانيُّ : إِن كان سُمِع : مِيدَاءُ الطَّرِيقِ ، على طَرِيقِ الاعْتِقَابِ لِمِئْتَائِه فهو مَهْمُوزٌ مِفْعَالٌ من أَدَّاه كذا إِلى كذا ، وموضعه [أَبواب] (٦) المعتلّ كمَوْضِع المِئتَاءِ ، وإِن كان بناءً مُسْتقِلًّا فهو فِعْلَالٌ ، وهذا مَوْضِعُه.

ويقال : هذا مِيدَاؤُهُ ، وبِمِيدَائِه ، وبِمِيدَاهُ ، أَي بِحِذَائِه ،

__________________

(١) اللسان والتهذيب : أبو عبيدة.

(٢) سورة المائدة الآية ١١٤.

(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : مفعوله ولفظها فاعلة.

(٤) سورة الحاقة الآية ٢١.

(٥) على هامش القاموس من نسخة أخرى : ميداء.

(٦) زيادة عن التكملة.

٢٦٥

ويُروَى بِمَيْدَى دَارِه. مفتوح الميم مقصور ، أَي بِحِذَائِها عن يعقوب.

ومَيَّادَةُ ، مُشدَّدَةً ، اسم أَمَة سَوْدَاء ، وهي أُمُّ الرَّمَّاح ، ككَتَّانٍ بْنِ أَبْرَدَ بنِ ثَوْبَانَ ، وفي بعض النسخ الثَّرْبَان (١) الشاعِرِ ، نُسِبَ إِليها ، فيقال له : ابنُ مَيَّادَة ، وزَعمَوا أَنه كان يَضْرِب خَصْرَي أُمِّه ويقول :

اعْرَنْزِمِي مَيَّادَ لِلْقَوَافِي

والمَيْدَانُ ، بالفتح ويُكْسَر ، وهذه عن ابن عَبَّاد ، م أَي معروف ، ج المَيَادِينُ ، قال ابنُ القَطَّاع في كتاب الأَبنية : اخْتُلِف في وَزْنِه ، فقيل فَعْلَان ، من مَاد يَمِيدُ إِذا تَلَوَّى واضطَرَبَ ، ومعناه أَنّ الخَيْلَ تَجولُ فيه وتَتَثَنَّى مُتَعَطِّفَةً وتَضْطَرِبُ في جَوَلَانِها ، وقيل وزنه فَلْعَانُ من المَدَى وهو الغايةُ ، لأَن الخَيْلَ تَنْتَهِي فيه إِلى غَاياتِها من الجَرْيِ والجَوَلَانِ وأَصْلُه مَدْيَانٌ فقُدِّمَت اللام إِلى مَوْضِع العَيْنِ فصار مَيْدَاناً ، كما قيل في جَمْعِ بَازٍ بِيزَانٌ ، والأَصل بِزْيَانٌ ، ووزن بازٍ فَعْلٌ وبِيزَانٌ فِلْعَانٌ ، وقيل وزْنُه فَيْعَالٌ من مَدَنَ يَمْدُنُ إِذا أَقامَ ، فتكون الياءُ والأَلف فيه زائدتينِ ، ومعناه أَن الخَيل لزِمَت الجَوَلَانَ فيه والتَّعَطُّفَ دُونَ غَيْرِه.

والمَيْدَانُ : مَحَلَّةٌ بِنَيْسابُورَ وتُعْرَف بِمَيْدَانِ زِيَادٍ ، منها أَبو الفَضْلِ محمّدُ بن أَحمدَ المَيْدَانِيُّ ، هكذا في النُّسَخ ، والذي قاله ابنُ الأَثير : أَبو الفَضْل أَحمدُ بن محمّد بن أَحمد بن إِبراهيم النَّيْسَابُوري ، أَديبٌ فاضِل ، صَنَّف في اللُّغَة ، وسمِع الحديثَ ، ومات سنة ٥١٨ ، والظاهر أَن في عِبَارة المُصَنِّف سَقْطاً ، والصَّوابُ كما في التّبصير للحافظِ وغيرِه : منها أَبو الفَضْل أَحمد بن محمّد المَيْدَانيُّ شيخ العَرَبِيَّة بِنَيْسَابُور ومُؤَلّف كِتَاب «مَجْمَع الأَمْثَال» وغيره ، مات سنة ٥١٨ وابنه أَبو سعيد سعد (٢) بن أَحمد الأَديب ، له تَصانِيفُ ، كتَبَ عنه ابنُ عَساكِرَ. وأَبو عَلِيٍّ محمّد بن أَحمد بن محمّد بن مَعْقِل النَّسْابوريّ ، سمعَ محمّد بن يحيى الذُّهليّ ، وهكذا ذكرَه ياقوت في المعجم ، فكأَنَّ أَصلَ العِبَارةِ : منها أَبو الفضل أَحمد بن محمّد ، وأَبو عَلِيٍّ محمّد بن أَحمد ، فتأَمَّل ، قال ياقوت : ومنها أَيضاً الإِمام أَبو الحسن عليُّ بن محمّد بن أَحمد بن حَمْدَان الميدانيّ ، انتقل مِن نَيْسَابُورَ فأَقام بِهَمَذَانَ واسْتَوْطَنَهَا وتَزَوَّج من أَهْلِهَا ، وكان يُعَدُّ من الحُفَّاظ العارِفينَ بعِلْم الحَدِيثِ والوَرَع ، قال شِيرَوَيْه : لم تَرَ عَينايَ مِثْلَه. وقال غيرُه : لم يَرَ مِثْلَ نَفْسِه ، توفِّيَ ببغداد سنة ٤٧١. قلت : ومنها أَيضاً محمّد بن طَلْحة بن منصور المَيْدَانيّ ، عن إِبراهيم بن الحارث البغداديّ ، وعنه الحاكِمُ.

والمَيْدَانُ ، أَيضاً : مَحَلَّةٌ بأَصْفَهَانَ. منها أَبو الفَضْلِ هكذا في النُّسخ ، والصَّواب كما في معجم ياقوت : أَبو الفَتْح المُطَهَّرُ بنُ أَحْمَد المُفِيد ، ورَدَّ ذلك عليه أَبو موسى وقال : لا أَعلم أَحداً نَسَبُه بهذا النَّسَب. قال أَبو مُوسى : ومَيْدَان أَسْفِرِيسَ مَحَلَّةٌ بأَصْفهانَ ، منها محمّد بن محمّد بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب المدينيّ المَيْدَانِيّ ، حدثني عنه والدي وغيرُه ، وجعله أَبو موسى ثالثاً. قلت : ونسبه ابنُ الأَثير إِلى مَحَلَّةِ نَيْسَابُور (٣) وقال : ومنها أَبو الفتح المُطَهَّر بن أَحمد بن جعفر المُفيد عن أَبي نُعَيْم الحافظ وغيرِه.

والمَيْدَانُ أَيضاً مَحَلَّةٌ بِبغدَادَ مِن ناحِيَة بابِ الأَزَجِ ، ويُعرَف بشارع المَيْدَان. منها عبدُ الرحْمنِ بن جامع بن غُنَيْمَة المَيْدَانيّ ، وكان يكتب اسمه غُنَيْمَة سمع أَبا طالبٍ يُوسف (٤) وأَبا القاسم بن الحُصَين وغيرَهما ، وتوفّيَ سنة ٥٨٢. وصَدَقَةُ بنُ أَبي الحُسَيْنِ المَيدانيّ ، سمع أَبا الوَقْت عبدَ الأَوَّل ، وتوفّيَ سنة ٦٠٨. وجَمَاعَةٌ آخَرون ، مثل أَبي عبد الله محمّد بن إِسماعيل بن إِبراهيم المَيْدَانيّ عن القَنْبِيّ ويحيى بن يحيى ، وعنه أَبو عُصَيَّةَ اليَشكريُّ وأَبو الحسن البزَّار ، ذَكَرَه الأَمير.

والمَيْدَانُ أَيضاً : مَحَلَّةٌ عَظِيمَة بِخُوَارَزْمَ ، خَرِبَتْ.

ومَيْدَانِ : مدينةٌ في أَقصَى بلادِ ماوراءَ النَّهْرِ قُرْب إِسْبِيجَابَ.

وشَارعُ المَيْدَانِ : مَحَلَّةٌ كبيرة بِبغْدَادَ ، خَرِبَتْ ، وقال ياقوت : هي هذه التي شَرْقِيّ بغدادَ ناحيةَ باب الأَزَج.

__________________

(١) في معجم المرزباني ص ٣١٩ : ثريان.

(٢) في اللباب : أبو سعد سعيد بن أحمد. ومثله في معجم البلدان.

(٣) الأصل ومعجم البلدان ، وفي اللباب ينسب إلى محلة بنيسابور يقال لها الميدان.

(٤) في معجم البلدان : أبا طالب بن يوسف.

٢٦٦

والمَيْدَانُ : شاعِرٌ فَقْعَسِيٌّ ، في بني أَسَدِ بن خُزَيْمَةَ (١).

والمُمْتَادُ ، مُفْتَعِل ، من مَادَهُم يَمِيدُهم ، إِذا أَعطاهم ، وهو المُسْتَعْطِي. يقال : امتَادَهَ فَمَادَه ، والمُمْتَادُ أَيضاً : المُسْتَعْطَى ، وهو المسئول المطلوب منه العَطَاءُ المُتَفضِّل على الناسِ ، قال رُؤبَة :

تُهْدِي رُؤُوس المُتْرَفِينَ الأَنْدَادْ

إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ المُمْتَادْ

هكذا أَنشده الأَخْفَش ، قاله الجوهريُّ ، قال الصاغانيُّ والرِّوايةُ :

نُهْدِي رُؤوسَ المُتْرَفِينَ الصُّدَّادْ (٢)

مِنْ كُلِّ قَوْم قَبْلَ خَرْجِ النُّقَّادْ

إِلَى أَميرِ المُؤْمِنين المُمْتَادْ

وقولُ الجوهَرِيِّ مائدٌ في شعر أَبي ذُؤَيْب :

يَمَانِيَةٍ أَحْيَا لَهَا مَظَّ مائِدٍ

وآلَ قَرَاسٍ صَوْبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ (٣)

اسمُ جَبَلٍ ، غَلَطٌ صَرِيحٌ ، كما نَبَّهَ عليه ابنُ بَرِّيٍّ ونقله الصاغانيُّ في التكملة. والصَّوَابُ مَظّ مَأْبِد ، بالباءِ المُوَحَّدةِ كمَنْزِلٍ (٤) ، في اللُّغَة وفي البَيْتِ المذكورِ ، ولا يخفَى أَنّ مثلَ هذا لا يُعَدُّ غَلَطاً ، وإِنما هو تَصْحِيف ، وهكذا قالَه الصاغانيُّ في التكملة أَيضاً ، وقد تقدَّم الكلام عليه في م ب د.

* ومما يستدرك عليه :

مِدْتُه وأَمَدْتُه : أَعْطَيْتُه.

وامْتَادَه : طَلَبَ أَن يَمِيدَه.

ومَادَ. إِذا تَجِرَ.

ومَادَ : أَفْضَلَ. ومَادَنِي فُلانٌ يَمِيدُني ، إِذا أَحْسَن إِليَّ.

وفي حديث عَلِيٍّ رضي اللهُ عنه يَذُمُّ الدُّنيا «فَهِيَ الحَيُودُ المَيُودُ».

فَعُولٌ من مَادَ إِذَا مَال. ومادَ مَيْداً : تَمَايَلَ ، ومادَت الأَغصانُ : تَمَايَلَتْ. وغُصنٌ مائدٌ ومَيَّادٌ : ماثلٌ ، وغُصونٌ مِيدٌ.

قال الأَزهريُّ : ومن المقلوب : المَوائد والمَآوِد : الدَّوَاهِي ، وقال ابنُ أَحْمَر :

 ... وَصَادَفَتْ

نَعِيماً ومَيْدَاناً مِنَ العيشِ أَخْضَرَا

قالوا : يَعْنِي ناعِماً ، هكذا أَنشَده الجوهريُّ ، قال الصاغانيُّ : وهو غَلَطٌ وتَحْرِيف ، والرواية «أَغْيَدَا» والقَافِيَة دَالِيَّة وقَبْلَه (٥) :

أَنْ خَضَمَتْ رِيقَ الشَّبَابِ وصَادَفَتْ

وَمَيْدٌ لُغة في بَيْدٍ بمعنى غَيْرٍ ، وقيل : معناهما «عَلَى أَنَّ» ، وفي الحديث : «أَنَا أَفْصَحُ العَرَبِ مَيْدَ أَنِّي مِن قُرَيْش ونَشَأْتُ في بني سَعْدِ بن بَكْر» وفَسَّرَه بعضهم ، من أَجلِ أَنِّي ، وفي الحديث : «نَحْنُ الآخِرُونَ السابقونَ مَيْدَ أَنَّا أُوتِينَا الكِتَابَ مِنْ بَعْدِهم».

ومن المَجاز : مادَت المرأَةُ ، وماسَتْ وتَمَيَّدَت ، وتَمَيَّسَتْ.

ومادَتْ به الأَرْضُ : دَارَتْ. ورجلٌ مائِدٌ : يُدَارُ به.

والمَطْعُون يَمِيدُ في الرُّمْحِ ، كما في الأَساس.

* واستَدْرَكَ شيخُنَا : مَيْدَان الخُلَفاءِ ، وهو في المضافِ والمَنسوبِ للثعالبَيّ ، وهو عند أَهل الأَخبار من عشرين إِلى أَربعٍ وعِشْرِينَ سَنَةَ ، كأَنّه كِنَايَة عن اسم مُدَّةِ الخِلافة.

__________________

(١) واسمه الميدان بن صخر بن الكميت بن ثعلبة ... بن جحوان بن فقعس الأسدي شاعر إسلامي. عن معجم المرزباني.

(٢) وهي رواية مجموع أشعار العرب ١ / ٤٠.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «المظ : رمان البر ، وقراس : جبل بارد مأخوذ من القرس وهو البرد ، وآله : ما حوله ، وهي أجبل باردة. وأرمية جمع رميٍّ وهي السحابة العظيمة القطر ، ويروى : صوب أسقية. جمع سقيّ ، وهي بمعنى أرمية ، كذا في اللسان».

(٤) وهي رواية ديوان الهذليين ١ / ٤٢.

(٥) في التكملة : وقبل البيت :

أقاتلتي خنساء أن حلّ أهلها

بترج وأن جرّت لفاعاً ومجسداً

وأن سفرت عن وجه أدماء باكرت

بهرجاب مضحى من غزال ومرقدا

وأن خضمت ريق الشباب وصادفت

 .. .. [أغيدا]

٢٦٧

قلت : ومَيْدَان الغَلَّةِ : مَحَلَّةٌ بِمصرَ.

والمَيْدَانانِ : مَحَلَّتَانِ بِبُخارَى.

والمَيْدَانُ بدِمَشْقَ اثنانِ.

فصل النون

مع الدال المهملة

[نأد] : النَّأَدُ ، كسَحَابٍ ، النَّآدَى ، كحَبَالَى ، عن كراع ، والنَّؤُودُ ، كصَبُورٍ ، اسم الدَّاهِيَة ، قال الكُمَيت :

فَإِيَّاكُمْ ودَاهِيَةً نآدَى

أَظَلَّتْكُمْ بِعَارِضِها المُخِيلِ

نَعَتَ به الدَّاهِيَة ، وقد يكون بَدَلاً ، وأَنشد :

أَتَانِي أَنَّ دَاهِيَةً نَآداً(١)

أَتَاكَ بِهَا عَلَى شَحْطٍ مَيُونُ

قال أَبو منصور : ورواها غيرُ الليثِ : أَنَّ دَاهِيَةً نَآدَى.

على ، فَعَالى كما رواه أَبو عُبَيْدٍ والنَّأْدُ ، بالفَتْحِ ، ـ قال شيخنا : ذِكرُ الفَتْحِ مُستدرك ـ : النَّزُّ ، وقيل : لُثْغَة ، قاله ابنُ دُريدٍ والنَّأْدُ : الحَسَدُ ، نَأَدَه ، كَمَنَعَه : حَسَدَه. ونَأَدَتِ الأَرْضُ : نَزَّتْ. ونَأَدَتِ الدَّاهِيَةُ فُلَاناً : دَهَتْهُ ، وفي الأَساس : فَدَحَتْه (٢) وبَلَغَتْ منه. وفي حديث عُمَر والمَرْأَةِ العَجُوزِ «أَجَاءَتْنِي النَّآئِدُ ، إِلى اسْتِيشَاءِ (٣) الأَبَاعِدِ» النَّآئد : الدَّواهِي ، جَمْعُ نَآدَى ، تريد أَنَّهَا اضْطَرَّتها الدّواهي إِلى مسأَلة الأَباعِد :

* ومما يستدرك عليه :

[نبد] : نَبِدَ الشيْ‌ءُ ، كفَرِحَ (٤) : سَكَنَ ، عن الزّمخشريّ ، وبه رَوَى حديث عُمَر الآتي : والنِّبَادِيَّةُ : جَرَّةُ الخَمْرِ والخَلّ ، عَامِّيَّة.

[نثد] : نَثِدَ (٥) الشيْ‌ءُ ، كَفَرِحَ ، نُثُوداً ، كَنَثَط نُثُوطاً ، أَهْمَلَه الجوهريّ ، وقال الصاغانيُّ : أَي سَكَنَ وَرَكَدَ ونَثَدْتُه ونَثَصْتُه : سَكَّنْتُهُ ، هكذا في الأَفعال لابن القطَّاع ، وكلامه يقتضي أَن يكون من حَدّ نَصَر ، وفي النهاية (٦) وفي حديث عُمَر : «وحَضَر طعَامُه فجاءَتْه جارِيَةٌ بِسَوِيقٍ فناوَلَتْه إِيّاه. قال رجلٌ : فجَعَلْتُ إِذا أَنَا حَرَّكْتُه ثَارَ له قُشَارٌ وإِذا تَرَكْته نَثِدَ» القُشَارُ : القِشْرُ (٧) ، قال الزمَخْشَريُّ : أَي سَكَنَ ورَكَدَ ، ويُروَى بالبَاءِ المُوَحَّدَة ، وقال الخَطَّابِيُّ : لا أَدْرِي ما هُو ، وأُراه رَثَد ، بالراءِ ، أَي اجْتَمَعَ في قَعْرِ القَدَحِ ، ويجوز أَن يكون نَثَطَ فأَبْدلَ الطاءَ دالاً للمَخْرَج.

ونَثِدَت الكَمْأَةُ : نَبَتَتْ. عن الصاغانيّ.

* ومما يستدرك عليه :

نَثَدَ الشَّي‌ءَ بيدِه : غَمَزَهُ ، عن ابنِ القَطَّاع.

[نجد] : النَّجْدُ : ما أَشْرَفَ من الأَرضِ وارتَفَعَ واسْتَوَى وصَلُب وغَلُظَ ، ج أَنْجُدٌ جمع قِلّة كفَلْسٍ وأَفْلُسٍ ، وأَنْجَادٌ ، قال شيخنا : وقد أَسْلَفْنا غيرَ مَرَّةٍ أَن فَعْلاً بالفتح لا يُجْمَع على أَفْعَالٍ إِلَّا في ثلاثةِ أَفْعَالٍ مَرَّت ليس هذا منها ، ونِجَادٌ بالكسر ، ونُجُود ونُجُدٌ بضمهما ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابيّ وأَنشد :

لَمَّا رَأَيْتُ فِجَاجَ البِيدِ قَدْ وَضَحَتْ

وَلَاحَ مِنْ نُجُدٍ عَادِيَّةٌ حُصُرُ

ولا يكون النِّجَادُ إِلَّا قُفًّا أَوْ صَلَابَةً من الأَرضِ في ارتِفاعٍ مثل الجَبلِ مُعْتَرِضاً بين يَدَيْكَ يَرُدُّ طَرْفَك عَمَّا وراءَه ، ويقال : اعْلُ هاتِيكَ النِّجادَ وهاذاك النِّجادَ ، يُوَحّد وأَنشد :

رَمَيْنَ بِالطَّرْفِ النِّجَادَ الأَبْعَدَا (٨)

__________________

(١) بالأصل «نآدى» وما أثبت عن اللسان.

(٢) في الأساس : قدحته.

(٣) عن النهاية ، وبالأصل «استنشاء».

(٤) في النهاية «نَبَدَ» وقد ذكره في «نبد» وأعاده في «نثد» وذكره الزمخشري في «نثد» انظر الفائق ٣ / ١٨٥.

(٥) في النهاية واللسان «نَثَدَ» ضبط قلم.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وفي النهاية الخ ما ذكره الشارح نقله من التكملة والذي في النهاية فيه بعض مغايرة لما فيها».

(٧) في المطبوعة الكويتية : «وإذا تركته نثد القشار» [القشار :] القشر. جعل القشار من أصل الحديث ، وفي النهاية في مادتي : «نبد» و «نثد» ينتهي الحديث في : «إذا تركته نبد» «وإذا تركته نثد» فلا ضرورة تقتضي الزيادة.

(٨) للفرزدق من أرجوزة ، وقبله :

قلائص إذا علون فدفدا

ويروى :

يرمين بالطرف النجاء الأبعدا

فلا شاهد فيه.

٢٦٨

قال : وليس بالشدِيدِ الارتفاع ، وجَمْعُ النُّجُودِ ، بالضم ، أَنْجِدَةٌ أَي أَنه جَمْعُ الجَمْعِ ، وهكذا قول الجوهريّ ، وقال ابن بَرِّيّ : وهو وَهَمٌ ، وصوابه أَن يقول : جَمْع نِجَادٍ ، لأَن فِعَالاً يُجمع على أَفْعِلة ، نحو حِمَار وأَحْمِرَة ، قال : ولا يُجْمَع فُعُول على أَفْعِلَة ، وقال : هو من الجموع الشاذَّة ومثله نَدًى وأَنْدِيَة ورَحاً وأَرْحِيَة ، وقياسهما نِدَاءٌ ورِحَاءٌ ، وكذلك أَنْجِدَة قياسُها نِجَادٌ.

والنَّجْدُ : الطَّرِيقُ الواضِحُ البَيِّنُ المُرْتَفِعُ من الأَرْض.

والنَّجْدُ : ما خَالَف الغَوْرَ ، أَي تِهَامَةَ.

ونَجْدٌ من بِلاد العربِ ما كان فوق (١) نَجْدٍ إِلى أَرض تِهَامَةَ إِلى ما وَرَاءَ مَكَّةَ فما دُونَ ذلك إِلى أَرْضِ العِرَاقِ فهو نَجْدٌ ، وتُضَمُّ جِيمُه قال أَبو ذُؤَيْب :

فِي عَانَةٍ بِجُنُوبِ السِّيِّ مَشْرَبُهَا

غَوْرٌ ومَصْدَرُهَا عَنْ مَائِهَا نُجُدُ

قال الأَخفش : نُجُدٌ ، لغة هُذَيْل خاصَّة ، يريد نَجْداً ، ويروى نُجُدٍ بضمّتين ، جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْه نَجْداً ، قال : هذا إِذا عَنَى نَجْداً العَلَمي ، وإِن عَنَى نَجْداً مِن الأَنْجَاد فَغَوْرُ نَجْدٍ أَيضاً ، وهو مُذَكَّرٌ. أَنشد ثعلب :

ذَرَانِيَ مِنْ نَجْدٍ فَإِنَّ سِنِينَهُ

لَعِبنَ بِنَا شِيباً وشَيَّبْنَنَا مُرْدَا

وقيل : حَدُّ نَجْدٍ هو اسمٌ للأَرض الأَرِيضة التي أَعْلَاهُ تِهَامَةُ واليَمَنُ ، وأَسفَلَهُ العِرَاقُ والشَّامُ ، والغَوْرُ هو تِهَامَة ، وما ارتَفَعَ عن تِهَامَةَ إِلى أَرْضِ العِرَاق فهو نَجْدٌ وتَشْرَبُ بِتِهامَة ، وأَوَّلُه أَي النَّجْد مِنْ جِهَةِ الحِجَاز ذَاتُ عِرْقٍ.

وروى الأَزهريُّ بسنده عن الأَصمعيِّ قال : سمِعتُ الأَعراب يقولون : إِذا خَلَّفْتَ عَجْلزاً مُصْعِداً ـ وعَجْلَزٌ فوق القَرْيَتَيْنِ (٢) ـ فقد أَنْجَدْتَ. فإِذا أَنْجَدْتَ عن ثَنَايا ذاتِ عِرْقٍ فقد أَتْهَمْتَ ، فإِذا عَرَضَتْ لك الحِرَارُ بِنَجْدٍ قيل : ذلك الحِجَازُ. ورُويَ عن ابنِ السِّكّيت قال : ما ارتفَعَ مِن بَطْنِ الرُّمَّة ـ [والرُّمَّةُّ وادٍ معلوم] (٣) ـ فهو نَجْدٌ إِلى ثَنَايَا ذاتِ عِرْق ، قال : وسمعتُ الباهِلِيّ يقول : كُلُّ ما وراءَ الخَنْدَقِ الذي خَنْدَقَه كِسْرَى على سَوَادِ العِرَاقِ فهو نَجْدٌ إِلى أَن تَمِيلَ إِلى الحَرَّةِ ، فإِذا مِلْتَ إِليها فأَنْتَ بالحِجَازِ.

وعن ابن الأَعرابيّ نَجْدٌ ما بَيْنَ العُذَيْبِ إِلى ذاتِ عِرْقٍ ، وإِلى اليَمَامَةِ وإِلى اليَمَنِ ، وإِلى جَبَلَيْ طَيِّئٍ ، ومن المِرْبَدِ إِلى وَجْرَةَ ، وذاتُ عِرْقٍ أَوْلُ تِهَامَةَ إِلى البَحْرِ وجُدَّةَ.

والمدينةُ لا تِهَامِيَّةٌ ولا نَجْدِيَّة. وإِنها حِجَازٌ فوقَ الغَوْرِ ودُونَ نَجْد ، وإِنها جَلْسٌ لارْتِفَاعِها عن الغَوْرِ. وقال الباهليُّ : كُلُّ ما وَرَاءَ الخَنْدَقِ عَلى سَوادِ العِرَاقِ فَهو نَجْدٌ ، والغَوْرُ : كُلُّ ما انْحَدَرَ سَيْلُه مَغْرِبِيًّا ، وما أَسْفَل منها مَشْرِقِيًّا فهو نَجْدٌ ، وتِهَامَةُ : ما بَيْنَ ذاتِ عِرْقٍ إِلى مَرْحَلَتَيْنِ مِن وَرَاءِ مَكَّةَ ، وما وَراءَ ذلك مِن المَغْرِب فهو غَوْرٌ ، وما وراءَ ذلك من مَهَبِّ الجَنُوبِ فهو السَّرَاةُ إِلى تُخُومِ اليَمَنِ. وفي المَثَل «أَنْجَدَ مَنْ رَأَى حَضَناً» وذلك إِذا عَلَا (٤) مِن الغَوْرِ ، وحَضَنٌ اسمُ جَبَلٍ.

والنَّجْدُ ما يُنَجَّدُ ، أَي يُزَيَّن به البَيْتُ ، وفي اللسان ما يُنَضَّدُ به البَيْتُ مِن بُسْطٍ (٥) وفُرُشٍ ووَسَائدَ ، ج نُجودٌ ، بالضم ، ونِجَادٌ ، بالكسر ، الأَوّل عن أَبي عُبَيْدٍ ، وقال أَبو الهَيْثَم : النَّجَّادُ : الذي يُنَجِّدُ البُيُوتَ والفُرُشَ والبُسُطَ. وفي الصحاح : النُّجُود : هي الثِّيابُ التي يُنَجَّدُ بها البُيُوتُ فتُلْبَسُ حِيطَانُها وتُبْسَط ، قال : ونَجَّدْت البيْتَ ، بَسَطْتُه بِثيابٍ مَوْشِيَّةٍ ، وفي الأَسَاس والمحكم : بَيْتٌ مُنَجَّدٌ ، إِذا كان مُزَيَّناً بالثّيابِ والفُرُشِ ونُجُودُه : سُتُورُه التي تَعْلُو على حِيطَانِه يُزَيَّنُ بها.

والنَّجْدُ : الدَّلِيلُ الماهِرُ يقال : دَلِيلٌ نَجْدٌ : هَادٍ ماهِرٌ.

والنَّجْدُ المَكَانُ لا شَجَرَ فيهِ ، والنَّجْدُ : العُلْبَةُ.

و (٦) النَّجْدُ : شَجَرٌ كالشُّبْرُمِ في لَوْنِه ونَبْتِه وشَوْكِه. والنَّجْدُ أَرْضٌ بِبلادِ مَهْرَةَ في أَقْصَى اليَمَنِ ، وهو صُقْعٌ واسِعٌ مِن وَراءِ عُمَانَ ، عن أَبي مُوسَى ، كذا في مُعْجَم ياقوت.

والنَّجْدُ : الشُّجَاعُ الماضِي فيما يَعْجَزُ عنه غَيْرُه (٧) وقيل :

__________________

(١) في اللسان : ما كان فوق العالية ، والعالية ما كان فوق نجد ..

(٢) يعني مكة والطائف.

(٣) زيادة عن التهذيب واللسان. وفي معجم البلدان : والرمّة فضاء يدفع فيه أودية كثيرة.

(٤) الصحاح : عاد.

(٥) كذا ، وضبطت في اللسان «بُسُط» بضم السين ضبط قلم.

(٦) على هامش القاموس من نسخة أخرى «الغَلَبَة» ولعله المعنى المناسب : ونَجَدَ الرجلَ ينجُدُه نَجْداً : غلبه.

(٧) في القاموس : يُعْجِزُ غَيْرَه» وما أثبتناه ما ضبط في اللسان.

٢٦٩

هو الشديدُ البأْسِ ، وقيل : هو السَّرِيعُ الإِجابَةِ إِلى ما دُعِيَ إِليه ، خَيْراً كان أَو شَرًّا ، كالنَّجِدِ ، والنَّجُدِ ، ككَتِفٍ ورَجُلٍ ، والنَّجِيدِ ، والجمع أَنْجَادٌ ، قال ابنُ سِيدَه : ولا يُتَوَهَّمَنَّ أَنْجَادٌ جَمْعُ نَجِيدٍ ، كنَصِيرٍ وأَنْصَارٍ قِياساً على أَنّ فَعْلاً (١) وفِعَالاً لا يُكَسَّرَانِ لِقلَّتهما في الصِّفة ، وإِنما قِيَاسُهما الواو والنون ، فلا تَحْسَبَنَّ ذلك ، لأَن سيبويهِ قد نَصَّ على أَنّ أَنْجَاداً جَمْعُ نَجُدٍ ونَجِدٍ. وقد نَجُدَ ، ككَرُمَ ، نَجَادَةً ونَجْدَةً ، بالفتح فيهما ، وجَمْعُ نَجِيدٍ نُجُدٌ ونُجَدَاءُ.

والنَّجْدُ : الكَرْبُ والغَمُّ ، وقد نُجِدَ ، كعُنِيَ ، نَجْداً فهو مَنْجُودٌ ونَجِيدٌ : كُرِبَ ، والمَنْجُود : المَكْرُوب ، قال أَبو زُبَيْد يرثِي ابنَ أُخْتِه وكان ماتَ عَطَشاً في طريقِ مكَّةَ :

صَادِياً يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ

وَلَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ المَنْجُودِ

يُريد المَغْلُوب المُعْيَا ، والمَنْجُود : الهالِك. وفي الأَساس : وتقول : عِنْده نُصْرَةُ المَجْهُودِ وعُصْرَةُ المَنْجُود.

ونُجِدَ البَدَنُ عَرَقاً إِذا سَالَ يَنْجَدُ ويَنْجُدُ الأَخيرةُ نادِرَةٌ ، إِذا عَرِق من عَمَلٍ أَو كَرْبٍ فهو مَنجود ونَجِيد ونَجِدٌ ، ككِتفٍ : عَرِقٌ ، فأَمّا قوله :

إِذا نَضَخَتْ بِالماءِ وَازْدَادَ فَوْرُهَا

نَجَا وهْوَ مَكْرُوبٌ مِنَ الغَمِّ نَاجِدُ

فإِنه أَشْبَعَ الفَتْحَةَ اضطراراً ، كقوله :

فَأَنْتَ مِنَ الغَوَائلِ حِينَ تَرْمِي

ومنْ ذَمِّ الرِّجالِ بِمُنْتَزَاحِ

وقيل : هو على فَعِلٍ كعَمِلٍ فهو عامِلٌ ، وفي شِعر حُميد بن ثَور :

ونَجِدَ المَاءُ الذي تَوَرَّدَا

أَي سَالَ العَرَقُ ، وتَوَرُّدُه : تَلَوُّنُه.

والنَّجْدُ : الثَّدْيُ والبَطْنُ تَحْتَه كالغَوْرِ ، وبه فُسِّر قولُه تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (٢) أَي الثَّدْيَيْنِ ، وقيل : أَي طَرِيقَ الخَيْرِ وطَرِيقَ الشَّرِّ ، وقيل : النَّجْدَيْنِ : الطَّرِيقَيْنِ الواضِحَينِ ، والنَّجْدُ : المُرْتَفع من الأَرْضِ ، والمعنَى أَلَمْ نُعَرِّفْه طَرِيقَيِ الخَيْرِ والشَّرِّ بَيِّنَيْنِ كبَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ العَالِيَيْنِ.

وتقول : ذِفْرَاهُ تَنْضَخُ النَّجَدَ بالتَّحْرِيك : العَرَق من عَمَلٍ أَو كَرْبٍ أَو غيرِه ، قال النابغةُ :

يَظَلُّ مِنْ خَوْفِهِ المَلَّاحُ مُعْتَصِماً

بِالخَيْزُرانةِ بَعْدَ الأَيْنِ والنَّجَدِ

وهو أَيضاً البَلَادَةُ والإِعياءُ وقد نَجِدَ ، كفَرِحَ ، يَنْجَد ، إِذا بَلُد وأَعْيَا ، فهو ناجِدٌ ومَنْجُود.

ومن المَجاز قولهم : هو طَلَّاعُ أَنْجُدٍ وطَلَّاعُ أَنْجِدَةٍ وطَلَّاعُ نِجَادٍ ، وطَلَّاع النِّجادِ [أَي] (٣) ضابِطٌ للأُمورِ غالبٌ (٤) لها ، وفي الأَساس : رَكَّابٌ لِصِعَابِ الأُمورِ. قال الجوهريُّ يقال : طَلَّاعُ أَنْجُدٍ : وطَلَّاعُ الثَّنَايَا ، إِذا كان سامِياً لمَعَالِي الأُمُورِ ، وأَنْشَدَ بَيْتَ حُمَيْدِ بنِ أَبي شِحَاذٍ الضَّبِّيّ ، وقيل هو لِخَالِدِ بن عَلْقَمَةَ الدّارِمِيّ :

فَقَدْ يَقْصُرُ الفَقْرُ الفَتَى دُونَ هَمِّهِ

وقَدْ كَانَ لَوْلَا القُلُّ طَلَّاعَ أَنْجُدِ

يقول : قد يَقْصُر الفَقْرُ الفَتَى عن سَجِيَّتِه من السَّخَاءِ فلا يَجِدُ ما يَسْخُو به ، ولو لا فَقْرُه لَسَمَا وارْتَفَعَ. وطَلَّاعُ أَنْجِدَةٍ ، جَمْع نِجَادٍ ، الذي هو جَمْعُ نَجْدٍ ، قال زِيَادُ بن مُنْقِذٍ في معنَى أَنْجِدَةٍ [بمعنى أَنْجُدٍ] (٥) يَصِفُ أَصحاباً له كان يَصْحَبُهُم مَسْرُوراً :

كَمْ فِيهِمُ مِنْ فَتًى حُلْوٍ شَمَائِلُهُ

جَمِّ الرَّمَادِ إِذا مَا أَخْمَدَ البَرِمُ

غَمْرِ النَّدَى لَا يَبِيتُ الحَقُّ يَثْمُدُهُ

إِلَّا غَدَا وَهْوَ سَامِي الطَّرْفِ مُبْتَسِمُ

يَغْدُو أَمَامَهُمُ فِي كُلِّ مَرْبَأَةٍ

طَلَّاعِ أَنْجِدَةٍ فِي كَشْحِةِ هَضَمُ

__________________

(١) بهامش اللسان : «.. ولعل المناسب على أن فعلا وفعلا كرجل وكتفٍ لا يكسران ، أي على أفعال. وقوله : لقلتهما في الصفة ، لعل المناسب : لقلته ، أي أفعال في الصفة ، لأنه إنما ينقاس في الاسم». ونبه بهامش المطبوعة المصرية إلى عبارة اللسان ، ولم يشر إلى ما جاء بهامشه.

(٢) سورة البلد الآية ١٠.

(٣) سقطت من الأصل واستدركت عن القاموس.

(٤) كلمة «غالب» وردت في احدى نسخ القاموس.

(٥) زيادة عن اللسان.

٢٧٠

ومعنى يَثْمُدُه يُلِحُّ عليه فيُبْرِزُه ، قال ابن بَرِّيّ : وأَنْجِدَة من الجُمُوع الشّاذَّة ، كما تقدَّم.

وأَنْجَدَ الرَّجلُ : أَتَى نَجْداً ، أَو أَخَذَ في بلاد نَجْدٍ ، وفي المثل «أَنْجَدَ مَنْ رَأَى حَضَناً» وقد تَقَدَّم.

وأَنْجَدَ القَوْمُ من تِهَامَةَ إِلى نَجْد : ذَهَبُوا ، قال جَرِيرٌ :

يَا أُمَّ حَزْرَةَ مَا رَأَيْنَا مِثْلَكُمْ

فِي المُنْجِدِينَ ولا بِغَوْرِ الغَائِرِ

أَو أَنجَدَ : خَرَجَ إِليه ، رواها ابنُ سِيدَه عن اللِّحْيَانيّ.

وأَنجَدَ الرجلُ : عَرِقَ ، كنَجِدَ ، مثل فَرِحَ.

وأَنْجَدَ : أَعَانَ ، يقال : استَنْجَدَه فأَنْجَدَه : استَعانه فأَعَانَه ، وكذلك اسْتَغَاثه فأَغاثَه ، وأَنْجَدَه عليه ، كذلك.

وأَنْجَدَ الشيْ‌ءُ : ارْتَفَعَ ، قال ابنُ سِيدَه : وعليه وَجَّهَ الفارِسِيُّ رِوايةَ مَنْ رَوَى قولَ الأَعشى :

نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَذِكْرُهُ

أَغَارَ لَعَمْرِي في البِلادِ وأَنْجَدَا

فقال : أَغَارَ : ذَهَبَ في الأَرْض ، وأَنْجَدَ : ارْتَفَعَ. قال : ولا يكون أَنْجَدَ في هذه الرِّواية أَخَذَ في نَجْدٍ ، لأَن الأَخْذ في نَجْدٍ إِنما يُعادَلُ بالأَخْذ في الغَوْرِ ، وذلك لتقابُلهِمَا ، وليستْ أَغَارَ من الغَوْرِ ، لأَن ذلك إِنما يُقَال فيه غَارَ ، أَي أَتَى الغَوْرَ (١) ، قال : وإِنما يكون التقابل في قَوْلِ جَرير :

في المُنْجِدِينَ وَلَا بِغَوْرِ الغَائِرِ

وأَنْجَدَت السماءُ : أَصْحَتْ ، حكَاها الصاغانيُّ.

وأَنْجَدَ الرجُلُ : قَرُبَ من أَهْلِه ، حَكَاهَا ابنُ سِيدَه عن اللِّحْيَانيِّ.

وأَنْجَدَ فُلانٌ الدَّعْوَةَ : أَجَابَها ، كذا في المحكم.

والنَّجُودُ ، كصبور ، من الإِبل والأُتُنِ : الطَّويلةُ العُنُقِ ، أَو هي من الأُتُن خاصَّةً : التي لا تَحْمِلُ قال شَمِرٌ : هذا مُنْكَر ، والصواب ما رُوِيَ في الأجناس (٢) : النَّجُودُ : الطويلةُ من الحُمُرِ ، ورُويَ عن الأَصمعيّ : أُخِذَت النَّجُودُ من النَّجْدِ ، أَي هي مُرْتَفعة عظيمةٌ ، ويقال : هي النَّاقَةُ الماضيَةُ ، قال أَبو ذُؤَيْب :

فَرَمَى فَأَنْفَذَ مِنْ نَجُودٍ عَائِطٍ (٣)

قال شَمِرٌ : وهذا التفسيرُ في النَّجودِ صَحِيحٌ. والذي رُوِيَ في باب حُمُرِ الوَحْشِ وَهَمٌ ، وقيل : النَّجُود : المُتَقَدِّمةُ ، وفي الرَّوْض : النَّجُودُ من الإِبل : القَوِيَّةُ ، نقلَه شيخُنَا ، وقيل : هي الطَّويلة المُشْرِفَة ، والجمع نُجُدٌ. والنَّجُود من الإِبل : المِغْزَارُ ، وقيل : هي الشَّدِيدَة النَّفْسِ ، وقيل : النَّجُود من الإِبل : التي (٤) لا تَبْرُكُ إِلَّا على المَكَانِ المُرْتَفِعِ ، نقله الصاغانيُّ. والنَّجْدُ : الطريقُ المرتفِعُ ، وقيل : النَّجُود : التي تُنَاجِدُ الإِبِلَ فتَغْزُرُ إِذا غَزُرْنَ ، وقد نَاجَدَتْ ، إِذا غَزُرَتْ وكَثُرَ لَبنُها ، والإِبل حينئذٍ بِكَاءٌ غَوَارِزُ (٥) وعبَّر الفارسيُّ عنها فقال : هي نحو المُمَانِح. والنَّجُودُ : المرأَةُ العَاقِلَةُ النَّبِيلة ، قال : شَمِرٌ : أَغربُ ما جاءَ في النَّجُود ما جاءَ في حَدِيث الشُّورَى «وكانَت امْرَأَةً نَجُوداً» يريد : ذَاتَ رَأْي كأَنَّهَا التي تَجْهَد رَأْيَها في الأُمورِ ، يقال نَجَدَ نَجْداً ، أَي جَهَدَ جَهْداً. وزاد السُّهيليّ في الرَّوض : وهي المَكْرُوبة ، ج نُجُدٌ ، ككُتُب.

وأَبو بكر عاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُودِ ابنُ بَهْدَلَةَ وهي أَي بَهدَلَة اسم أُمّه ، وقيل : إِنه لَقَبُ أَبيه ، وقد أَعادَه المُصنِّف في اللام قارِي‌ءٌ صَدُوقٌ ، له أَوْهَامٌ ، حُجَّةٌ في القِرَاءَة ، وحَديثه في الصَّحيحينِ ، وهو من موالِي بني أَسَدٍ ، مات سنة ١٢٨.

والنَّجْدَة ، بالفتح : القِتَالُ والشَّجَاعَةُ ، قال شيخُنَا : قَضِيَّتُه تَرَادُفُ النَّجْدَةِ والشَّجَاعَةِ ، وأَنهما بمعنىً واحدٍ ، وهو الذي صَرَّح به الجوهريُّ والفيُّوميُّ وغيرُهما من أَهْلِ الغَرِيبِ ، ومَشَى عليه أَكثرُ شُرَّاحِ الشَّفاءِ ، وجزمَ الشهابُ في شرْحه

__________________

(١) عن اللسان ، وبالأصل «الغرر» تحريف.

(٢) التهذيب : ما رواه أبو عبيد عنه في أبواب الأجناس.

(٣) ديوان الهذليين والتكملة وعجزه :

سهماً فخرّ وريشه متصمِّعُ

قوله عائط ، في اللسان (عوط) : إذا لم تحمل الناقة أول سنة يطرقها الفحل فهي عائط وحائل ، فإذا لم تحمل السنة المقبلة أيضاً فهي عائط. وقال الليث : يقال للناقة التي لم تحمل سنوات من غير عقر قد اعتاطت.

(٤) في التهذيب والتكملة : التي تبرك على المكان المرتفع.

(٥) عن اللسان وبالأصل «غرازر».

٢٧١

بالفَرْقِ بَيْنَهما وقال : الفَرْقُ مثلُ الصُّبْحِ ظاهِرٌ ، فإِن الشجاعة جَرَاءَةٌ وإِقدَامٌ يَخوض به المَهَالِكَ ، والنَّجْدَة : ثَبَاتُه على ذلك مُطْمَئِنًّا من غير خَوْفِ أَنْ يَقَع على مَوْتٍ أَو يَقَع المَوْتُ عليه حتى يُقْضَى له بِإِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ : الظَّفْرِ أَو الشَّهادَةِ فيَحْيَا سَعِيداً أَو يَموت شَهِيداً ، فتلكَ مُقَدِّمة وهذه نَتِيجَتُها. ثم قال شيخُنَا : ويبقى النَّظَرُ في تفسِيرِهَا بالقِتَال ، وهل هو مُرَادِفٌ للشَّجَاعةِ ولها ، فتأَمل. وفي بعض الكتب اللغوية : النِّجْدَة ، بالكسر : البلاءُ في الحُرُوبِ ، ونقله الشِّهاب في العِناية أَثناءَ النَّمْلِ ، تقول منه : نَجُدَ الرجُلُ بالضمّ فهو نَجِدٌ ونَجُدٌ (١) ونَجِيدٌ ، وجمْع نَجُدٍ أَنْجَاد مثل يَقُظٍ وأَيْقَاظ ، وجمع نَجِيد نُجُدٌ ونُجَدَاءُ.

والنَّجْدَة : الشِّدَّةُ والثِّقَلُ ، لا يُعْنَى بهِ شِدَّة النَّفْسِ ، إِنما يَعنى به شِدَّة الأَمْرِ عليه ، قال طَرَفَةُ :

تَحْسَبُ الطَّرْفَ عَلَيْهَا نَجْدَةً

ويقال رَجُلٌ ذو نَجْدَةٍ ، أَي ذو بَأْسٍ ، ولاقى فُلَانٌ نَجْدَةً ، أَي شِدَّة. وفي حديثِ عَلِيٍّ رضي‌الله‌عنه : «أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ فأَنْجَادٌ أَمْجَادٌ» أَي أَشِدَّاءُ شُجْعَانٌ ، وقيل أَنْجَادٌ جَمْعُ الجَمْعِ ، كأَنَّه جَمعَ نَجُداً على نِجَادٍ أَو نُجُودٍ ثم نُجُدٍ ثم أَنْجَادٍ. قاله أَبو موسى. وقال ابن الأَثير : ولا حاجةَ إِلى ذلك ، لأَنّ أَفْعَالاً في فَعُلٍ وفَعِلٍ مُطَّرِدٌ نحو عَضُدٍ وأَعْضَاد وكَتِفٍ وأَكْتَافٍ ، ومنه‌حديثُ خَيْفَان «وأَمَّا هذا الحَيُّ من هَمْدَانَ فأَنْجَادٌ بُسْلٌ» ، وفي حديث عَلِيٍّ «مَحَاسِنُ الأُمور التي تَفَاضَلَ فيها المُجَدَاءُ والنُّجَدَاءُ» ، جمع مَجِيدٍ ، ونَجِيدٍ ، والمَجِيدُ : الشَّرِيفُ. والنَّجِيد : الشُّجَاع. فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ.

والنَّجْدَةُ : الهَوْلُ والفَزَعُ ، وقد نَجُدَ.

والنَّجِيدُ : الأَسَدُ ، لشجاعته وَجَرَاءَتِه ، فَعِيل بمعنى فاعلٍ.

والمَنْجُود : الهالِكُ والمَغْلُوب ، وأَنشدوا قولَ أَبي زُبَيْدٍ المتقدِّم.

والنِّجَاد ، ككِتَابٍ : ما وَقَعَ على العاتِق مِن حَمَائِل السَّيْفِ ، وفي الصّحاح : حَمَائِلُ السَّيْفِ ، ولم يُخَصِّصْ ، وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ : «زَوْجِي طَوِيلُ النِّجادِ» تُريد طُول قَامَتِه ، فإِنها إِذا طَالَتْ طالَ نِجَادُه ، وهو من أَحسن الكنايات.

والنَّجَّادُ ككَتَّانِ : مَنْ يُعَالِج الفُرُشَ والوَسائدَ ويَخيطُهما ، وعبارَة الصّحاح : والوِسَاد (٢) ويَخِيطُهما ، وقال أَبو الهيثم : النَّجَّاد : الذي يُنَجِّد البُيُوتَ والفُرُشَ والبُسُطَ ، ومثلُه في شَرْحِ ابنِ أَبي الحَدِيد في نَهْجِ البَلاغة.

وقال الأَصمعيُّ : النَّاجُودُ : أَوَّلُ ما يَخْرُجُ من الخَمْر إِذا بُزِلَ عَنْها الدَّنُّ ، واحتَجَّ بقول الأَخْطَل :

كَأَنَّمَا المِسْكُ نُهْبَى بَيْنَ أَرْحُلِنَا

مِمَّا تَضَوَّعَ مِنْ نَاجُودِهَا الجَارِي

وقيل : الخَمْرُ الجَيِّد ، وهو مُذَكَّر. والنَّاجُود أَيضاً : إِنَاؤُهَا وهي البَاطِيَةُ ، وقيل : كُلُّ إِناءٍ يُجْعَل فيه الخَمْرُ من بَاطِيَة (٣) أَو جَفْنَة أَو غيرِها ، وقيل : هي الكَأْسُ بِعَيْنِهَا ، وعن أَبي عُبَيْد : النَّاجُود : كُلُّ إِناءٍ يُجْعَل فيه الشَّرابُ مِن جَفْنَةٍ أَو غيرِهَا ، وعن الليثِ : النَّاجُود : هو الرَّاوُوقُ نَفْسُه ، وفي حديث الشَّعْبِيِّ : «وبَيْنَ أَيْدِيهِم نَاجُودُ خَمْرٍ» ، أَيْ رَاوُوقٌ ، واحْتَجَّ على الأَصمعيِّ بقولِ عَلْقَمَةَ :

ظَلَّتْ تَرَقْرَقُ في النَّاجُودِ يُصْفِقُهَا

وَلِيدُ أَعْجَمَ بِالكَتَّانِ مَلْثُومُ

يُصْفِقُها : يُحَوِّلُها من إِنَاءٍ إِلى إِناءٍ لتَصْفُوَ. قلت : والقولُ الأَخير هو الأَكثر ، وفي بعض النُّسخ : أَو إِناؤُهَا ، بلفظ «أَو» الدالَّة على تَنَوُّعِ الخِلافِ ، وعن الأَصمعيّ : النَّاجُودُ : الزَّعْفَرَانُ ، والنَّاجُود الدَّمُ.

والمِنْجَدَةُ كمِكْنَسَةٍ (٤) : عَصاً خَفِيفَةٌ تُساق وتُحَثُّ بها الدَّابَّةُ عَلَى السَّيْرِ ، واسم عُود يُنْفَش به الصُّوفّ ويُحْشَى به حَقِيبَةُ الرَّحْلِ وبكُلٍّ منهما فُسِّرَ الحديث «أَذِنَ النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قَطْعِ المَسَدِ والقائمتَيْنِ والمِنْجَدَةِ يعني مِن شَجَرِ الحَرَمِ لما فيها من الرِّفْق ولا تَضُرُّ بأُصولِ الشَّجر. والمِنْجَدُ ، كمِنْبَرٍ :

__________________

(١) قوله نَجِد ونَجُد أي ككتف ورجل.

(٢) الصحاح : والوسادة.

(٣) قوله : باطية ، في اللسان مادة بطا : الباطية هي إناء قيل هو معّرب وهو الناجود. ونقل عن التهذيب : الباطية من الزجاج عظيمة تملأ من الشراب وتوضع بين الشرب يغرفون منها ويشربون.

(٤) ضبطت في التكملة : «المُنْجِدَة» ضبط قلم.

٢٧٢

الجُبَيْلُ الصغيرُ المُشْرِف على الوادِي ، هُذَلِيَّة ، والمِنْجَدُ حَلْيٌ مُكَلَّلٌ بالفُصُوصِ ، وأَصْلُه من تَنْجِيد البَيْتِ وهو قِلَادَةٌ من لُؤْلُؤٍ وذَهَبٍ أَو قَرَنْفُلٍ في عَرْضِ شِبْرٍ يأْخُذُ من العُنُقِ إِلى أَسْفَلِ الثَّدْيَيْنِ يَقَعُ عَلَى مَوْضِع النِّجَادِ أي نِجَادِ السَّيْفِ من الرجُلِ وهي حَمَائِلُه ، ج مَنَاجِدُ ، قاله أَبو سعيدٍ الضَّريرُ.

وفي الحديث : «أَنّه رَأَى امرَأَةً تَطُوف بالبيتِ عليها (١) مَنَاجِدُ مِن ذَهَب فَنَهَاها عن ذلك». وفسَّرَه أَبو عُبَيْد بما ذكرْنا.

والمُنَجَّدُ ، كمُعَظَّمٍ : المُجَرَّبُ ، أَي الذي جَرَّبَ الأُمورَ وقاسَهَا (٢) فعَقَلَها ، لُغَة في المُنَجَّذِ ، ونَجَّدَه الدَّهْرُ : عَجَمَهُ وعَلَّمَه ، قال أَبو منصور : والذالُ المُعجمة أَعْلَى. ورَجُلٌ مُنَجَّدٌ ، بالدالِ والذالِ جَمِيعاً ، أَي مُجَرَّبٌ ، وقد نَجَّدَه الدهْرُ إِذا جَرَّبَ وعَرَفَ ، وقد نَجَّدَتْه بَعدِي أُمورٌ.

واسْتَنْجَدَ الرجلُ : استَعَانَ واستَغَاثَ ، فأَنْجَدَ : أَعَانَ وأَغَاثَ.

واستنجَدَ الرجلُ إِذا قَويَ بَعْدَ ضَعْفٍ أَو مَرَضٍ.

واستَنْجَدَ عَلَيْهِ : اجْتَرَأَ بعْدَ هَيْبَةٍ وضَرِيَ به ، كاسْتَنْجَدَ به.

ونَجْدُ مَرِيعٍ ، كأَمِيرٍ ، ونَجْدُ خَالٍ ، ونَجْدُ عَفْرٍ ، بفتح فسكون ، ونَجْدُ كَبْكَبٍ : مَواضِعُ ، قال الأَصمعيُّ ، هي نُجُودٌ عِدَّةٌ ، وذكرَ منها الثلاثةَ ما عدا نَجْدَ عَفْرٍ ، قال : ونَجْدُ كَبْكَبٍ : طَرِيقٌ بِكَبْكَبٍ ، وهو الجَبَلُ الأَحْمَرُ الذي تَجْعَلُه (٣) في ظَهْرِك إِذا وَقَفْتَ بِعَرَفَةَ ، قال : امرؤ القَيْسِ :

فَرِيقَانِ مِنْهُمْ قَاطِعٌ بَطْنَ نَخْلَةٍ

وآخَرُ مِنْهُمْ جَازِعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ

ونقل شيخُنا عن التوشيحِ للجَلال : نَجْدٌ اسمُ عَشَرَةِ مَواضِعَ. وقال ابنُ مُقْبِل في نَجْدِ مَرِيعٍ :

أَمْ مَا تَذَكَّرُ مِنْ دَهْمَاءَ قَدْ طَلَعَتْ

نَجْدَيْ مَرِيعٍ وقَدْ شَابَ المَقَادِيمُ

قلت : وسيأْتِي في المُسْتدرَكَات. وأَنشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ في كِتاب المُجْتَنَى (٤) :

سَأَلْتُ فَقَالُوا قَدْ أَصَابَتْ ظَعَائِنِي

مَرِيعاً وأَيْنَ النَّجْدُ نَجْدُ مَرِيعِ

ظَعَائِنُ أَمَّا مِنْ هِلَالٍ فَمَا دَرَى ال

مُخَبِّرُ أَوْ مِنْ عامِرِ بن رَبِيعِ

وفي مُعْجَم ياقوت : قال الأَخطَل في نَجْد العُقَابِ وهو موضع بِدِمَشْقَ :

ويَامَنَّ عَن نَجْدِ العُقَابِ ويَاسَرَتْ

بِنَا العِيسُ عن عَذْرَاءَ دَارِ بني الشَّجْبِ (٥)

قالوا : أَراد ثَنِيَّةَ العُقَابِ المُطِلَّة على دِمَشْق وعَذْرَاء للقَرْيَة التي تَحْت العَقَبَةِ. ونَجْدُ الوُدِّ (٦) ببلادِ هُذَيْلٍ في خبر أَبي جُنْدَب الهُذليّ.

ونَجْدُ بَرْقٍ ، بفتح فسكون ، وادٍ بِاليَمَامَةِ بين سَعْد ومَهَبِّ الجَنُوبِ.

ونَجْدُ أَجَأَ : جَبَلٌ أَسوَدُ لِطَيِّى‌ءٍ بأَجأَ أَحدِ جَبْلَيْ طَيِّى‌ءٍ.

ونَجْدُ الشَّرَى : ع في شِعْرِ ساعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ الهُذَلِيّ :

مُيَمِّمَةً نَجْدَ الشَّرَى لا تَرِيمُهُ

وكَانَتْ طَرِيقاً لا تَزَالُ تَسِيرُهَا

وقال أَبو زيد (٧) : ونَجْدُ اليَمن غيرُ نَجْدِ الحِجَاز ، غيرَ أَنَّ جَنُوبِيَّ نَجْدِ الحِجاز مُتَّصِلٌ بِشَمالِيِّ نَجْدِ اليَمَنِ ، وبَيْن النَّجْدَيْنِ وعُمَانَ بَرِّيَّةٌ مُمْتَنِعَةَ ، وإِياه أَرادَ عَمْرُو بن مَعْدِ يكَرِبَ بقولِه :

هُمُ قَتَلُوا عَزِيزاً يَوْمَ لَحْجٍ

وعَلْقمَةَ بْنَ سَعْدٍ يَوْمَ نَجْدِ

ونَجَدَ الأَمْرُ يَنْجُد نُجُوداً وهو نَجْدٌ ونَاجِدٌ : وَضَحَ واسْتَبَانَ وقال أُمَيَّةُ :

تَرَى فيهِ أَنْبَاءَ القُرُونِ التي مَضَتْ

وأَخْبَارَ غَيْبٍ بالقِيَامَةِ تَنْجُدُ

__________________

(١) في النهاية : «رأى امرأة شَيِّرَة وعليها مناجدٌ» واللسان فكالأصل. شيّرة أي حسنة الشارة والهيئة.

(٢) التهذيب : وقاساها.

(٣) معجم البلدان : تجعله خلف ظهرك.

(٤) بالأصل «المجتبى».

(٥) بالأصل «الشحب» وما أثبت عن ديوانه ومعجم البلدان.

(٦) في معجم البلدان : «أَلْوَذَ».

(٧) في معجم البلدان (نجد اليمن) : قال أبو زياد.

٢٧٣

ونَجَدَ الطريقُ يَنْجُدُ نُجُوداً ، كذلك.

وأَبو نَجْدٍ : عُرْوَةُ بنُ الوَرْدِ ، شاعِرٌ معروف.

ونَجْدَةُ بنُ عامِرٍ الحَرُورِيّ الحَنَفِيُّ من بني حَنِيفَة خَارِجِيُّ من اليَمَامَة وأَصحابُه النَّجَدَاتُ ، مُحَرَّكَةً ، وهم قَوْمُ من الحَرُورِيَّة ، ويقال لهم أَيضاً النَّجَدِيَّةُ.

والمُنَاجِدُ : المُقَاتِل ، ويقال : ناجَدْتُ فُلاناً إِذا بارَزْتَه لِقتَالٍ. وفي الأَسَاسِ : رجل نَجُدٌ ونَجِدٌ ونَجِيدٌ ومُنَاجِدٌ (١).

والمُنَاجِدُ : المُعِينُ ، وقد نَجَدَه وأَنْجَدَه ونَاجَدَه ، إِذا أَعانَه ، و‌في حديث أَبي هُريرَةَ رضي‌الله‌عنه في زكاة الإِبلِ : «ما مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لا يُؤَدِّي حَقَّها إِلا بُعِثَتْ له يَوْمَ القِيَامَةِ أَسْمَنَ ما كَانَتْ ، على أَكْتَافِها أَمْثَالُ النَّوَاجِد شَحْماً تَدْعُونَه أَنتم الرَّوَادِفَ» ، هي طَرَائِق الشَّحْم ، واحِدتها نَاجِدَةٌ ، سُمِّيَتْ بذلك لارتفاعِهَا.

والتَّنْجِيد : العَدْوُ ، وقد نَجَّدَ ، نقلَه الصاغانيّ.

والتَّنْجِيدُ : التَّزْيِينُ ، قال ذو الرُّمَّة :

حَتَّى كَأَنَّ رِيَاضَ القُفِّ أَلْبَسَهَا

مِنْ وَشْيِ عَبْقَرَ تَجْلِيلٌ وتَنْجِيدُ

وفي حديث قُسٍّ «زُخْرِفَ ونُجِّدَ» أَي زُيِّنِ.

والتَّنْجِيدُ : التَّحْنِيكُ والتَّجْرِيب في الأُمور ، وقد نَجَّدَه الدهْرُ إِذا حَنَّكَه وجَرَّبَه.

والتَّنَجُّدُ : الارتفاعُ في مِثْلِ الجَبَلِ ، كالإِنجاد.

* ومما يستدرك عليه :

كَانَ جَبَاناً فاسْتَنْجَدَ : صار نَجِيداً شُجَاعاً.

وغَارَ وأَنْجَدَ : سارَ ذِكْرُه في الأَغْوَارِ والأَنْجَادِ.

ونَجْدَانِ ، مَوْضِعٌ في قول الشماخ :

أَقُولُ وأَهْلِي بِالجَنَابِ وأَهْلُها

بِنَجْدَيْنِ لا تَبْعَدْ نَوَى أُمِّ حَشْرَجِ

ويقال له : نَجْدَا مَرِيعٍ.

وأَعْطاه الأَرْضَ بما نَجَدَ منها ، أَي بما خَرَجَ ، وفي حديث عبد الملك أَنّه بَعَثَ إِلى أُمِّ الدَّرْدَاءِ بِأَنْجَادٍ من عِنْده ، وهو جَمْع نَجَدٍ ، بالتحرِيك ، لمتَاعِ البَيْت من فُرُشٍ ونَمارِقَ وسُتُورٍ.

وفي المحكم : النَّجُود ، أَي كصَبور ، الذي يعالج النُّجُود بالنَّفْضِ والبَسْطِ والتَّنْضِيد.

والنَّجْدَة ، بالفتح السِّمَن ، وبه فُسِّر حديثُ الزكاة حينَ ذكَر الإِبلَ : «إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي نَجْدَتِها ورِسْلِها» قال أَبو عبيد (٢) : نَجْدَتُها : أَن تَكْثُر شُحومُها حتى يَمْنَع ذلك صاحِبَها أَن يَنْحَرَهَا نَفَاسَةً [بها] (٣) ، فذلك بمنزلِة السِّلاحِ لها مِن رَبِّها تَمْتَنع به ، قال : ورِسْلُها : أَن لا يَكون لها سِمَنٌ فَيَهُونَ عليه إِعطاؤُها ، فهو يُعْطِيها على رِسْلِه أَي مُسْتَهِيناً بها ، وقال المَرَّار يَصِف الإِبل ، وفَسَّرَه أَبو عَمْرو :

لَهُمْ إِبِلٌ لَا مِنْ دِيَاتٍ ولَمْ تَكُنْ

مُهُوراً ولا مِنْ مَكْسَبٍ غيرِ طَائِل

مُخَيَّسَةٌ (٤) فِي كُلِّ رِسْلٍ ونَجْدَةٍ

وقَدْ عُرِفَتْ أَلْوَانُها في المَعَاقِلِ

قال : الرِّسْل : الخِصْب. والنَّجْدَة : الشِّدَّة ، وقال أَبو سعيد في قوله : «في نَجْدَتِهَا» : ما يَنُوبُ أَهْلَهَا مِمّا يَشُقُّ عليهم (٥) من المَغارِم والدِّياتِ ، فَهذِه نَجْدَةٌ على صَاحِبها ، والرِّسْل : مادُونَ ذلكَ من النَّجْدَةِ ، وهو أَن يعْقِرَ (٦) هذا وَيَمْنَح هذا وما أَشْبَهَه [دُونَ النَّجْدَة] (٧) وأَنشدَ لِطَرَفَةَ يصف جارِيَةً :

تَحْسَبُ الطَّرْفَ عَلَيْهَا نَجْدَةً

يَا لَقَوْمِي لِلشَّبَابِ المُسْبَكِرّ

يقول : شَقَّ عليها النَّظَرُ لِنَعْمَتِها فهي سَاجِيَةُ الطَّرْفِ ، وقال صَخْرُ الغَيِّ :

لَوْ أَنَّ قَوْمِي مِنْ قُرَيْمٍ رَجْلَا

لَمَنَعُونِي نَجْدةً أَوْ رِسْلَا

__________________

(١) بالأصل : «رجل نجد ونجدة ونجود مناجد» والعبارة أثبتت عن الأساس.

(٢) في التهذيب : قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة.

(٣) زيادة عن التهذيب واللسان.

(٤) المخيّسة هي المعقّلة في معاقلها لتُنحر وتُطعم.

(٥) التهذيب واللسان : عليه.

(٦) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : «يُفْقِرَ» وبهامشه : «أفقره بعيره أو ناقته أو ظهره : أعاره إياه للحمل أو للركوب».

(٧) زيادة عن التهذيب واللسان.

٢٧٤

أَي بأَمْر شَديدٍ أَو (١) بِأَمْرٍ هَيِّنٍ.

ورجُلٌ مِنْجَادٌ : نَصُورٌ ، هذه عن اللّحيانيَّ.

والنَّجْدَة الثِّقَلُ ، ونَجَدَ الرَّجُلَ يَنْجُده نَجْداً : غَلَبَه.

وتَنَجَّدَ : حَلَفَ يَمِيناً غَلِيظةً ، قال مُهَلْهِل :

تَنَجَّدَ حِلْفاً آمِناً فأَمِنْتُهُ

وإِنَّ جَدِيراً أَنْ يَكُونَ ويَكْذِبَا

واستدرك شيخُنا : أَمَا ونَجْدَيْهَا ما فَعَلْتُ ذلك ، من جُمْلَة أَيْمَانِ العَرَب وأَقْسَامِهَا ، قالوا : النَّجْدُ : الثَّدْيُ ، والبَطْنُ تَحْتَه كالغَوْرِ ، قاله في العِنَايَة في سُورَة البَلَد.

وفي الأَساس : ومن المَجاز : هو مُحْتَبٍ بِنِجَادِ الحِلْم.

ويقال ، هو ابنُ نَجْدَتِهَا ، أَي الجَاهِلُ بها ، بخلاف قولِهِم : هو ابنُ بَجْدَتِهَا ، ذَهَاباً إِلى ابْنِ نَجْدَة الحَرُورِيّ.

وناجِدُ ونُجَيد ومُنَاجِدٌ ونَجْدَةُ أَسماءٌ.

والشَّيخ النَّجْدِيُّ يُكْنَي به عن الشَّيطانِ.

وأَبو بكر أَحمد بن سُلَيْمَان (٢) بن الحَسَن النَّجَّاد فَقِيه حَنْبَليٌّ مُكْثِرٌ ، عن أَبي داوود وعبد الله بن أَحمد بن حنبل وغيرِهما ، ونَجَّادٌ جَدُّ أَبي طالبٍ عُمَيْر (٣) بن إِبراهيم بن سَعد بن إِبراهيم بن نَجَّاد النَّجَّادِيّ الزُّهْرِيّ ، فقيهٌ شافعيٌّ بَغداديٌّ ، روَى عنه الخَطِيب. وبالتخفيف عَبَّاس بن نَجَادٍ الطَّرَسُوسِيّ ، ويونس بن يزيد بن أَبي النَّجَادِ الأَيْلِيّ ، ومحمد بن غَسَّان بن عَاقل بن نَجَادٍ الحِمْصِيّ ، ونَجَاد بن السائبِ المَخْزوميُّ ، يقال له صُحْبة ، ودَاوود بن عبد الوهاب بن نَجَادٍ الفقيه ، سَمِع من أَصحابِ أَبي البَطيّ ببغداد ، وَرَبِيعَةُ بنُ ناجِدٍ ، رَوَى أَبوه عن عَلِيٍّ.

[نحد] : نَاحَدَه ، أَهمله الجوهريّ ، وقال الصاغانيُّ : أَي عَاهَدَه فيما يقال ، ويقال : هُمْ يُنَاحِدُونَنَا ، أَي يَتَعَهَّدُونَنَا ، وقد مَرّ ذِكْرُ التَّعَهُّد واختلافُ أَثِمّة اللغةِ فيه وفي التعاهد في ع ه د.

[ندد] : نَدَّ البَعِيرُ يَنِدُّ ، من حدّ ضَرَب ، نَداًّ ، بالفتح ، ونَدِيداً ونُدُوداً ، بالضَّمّ ، ونِدَاداً بالكسر ، وهو نَادُّ ، إِذا شَرَدَ ونَفَرَ وذَهَب على وَجْهِه شَارِداً ، كما في المصباح ، وجمعُ النَّادِّ نِدَادٌ ، كقائمٍ وقِيَامٍ ، وفي اللسان : نَدَّت الإِبلُ وتَنَادَّتْ : ذَهَبَتْ شُرُوداً فَمَضَتْ على وُجوهِها ، وقال الشاعر :

قَضَى عَلَى النَّاسِ أَمْراً لا نِدَادَ لَهُ

عَنْهُمْ وقَدْ أَخَذَ المِيثَاقَ وَاعْتَقَدَا

والنَّدُّ ، بالفتح : طِيبٌ م أَي معروف ، وعلى الفَتْح اقتصر الجوهريُّ والفَيُّوميُّ وغيرُهما ، ويكسر ، كما في المحكم وغيرِه ، وهو ضَرْبٌ من الطِّيبِ يُدَخَّن به ، وفي الصّحاح : أَنه عُودٌ يُتَبَخَّرُ به (٤) ، وقال جماعةٌ : هو الغَالِيَةُ ، وقال اللّيث : هو ضَرْبٌ من الدُّخْنَة ، وقال الزَّمخشريُّ في ربيع الأَبرار : النَّدُّ : مَصنُوعٌ ، وهو العُودُ المُطَرَّي بالمِسْك والعَنْبَرِ والبَانِ ، أَو هو العَنْبَرُ ، قال أَبو عمرو بن العلاءِ : يقال للعَنْبَرِ النَّدُّ ، وللبَقَّمِ : العَنْدَمُ ، وللمِسْك : الفَتِيقُ. وفي الصّحاح : أَنه ليس بِعَربِيٍّ ، وقال ابنُ دُريد : لا أَحْسَب النَّدَّ عَرَبياًّ صَحِيحاً ، قال شيخُنَا ، وكلامُ كثيرٍ من أَئمَّةِ اللُّغَةِ صَرِيحٌ في أَنه عربيٌّ ، وقد جاءَ في كلام العَرب القُدَمَاءِ ، وأَنشد للأَحْوَص :

أَمْ مِنْ جُلَيْدَةَ وَهْناً شَبَّتِ النَّارُ

ودُونَهَا مِنْ ظَلامِ اللَّيْلِ أَسْتَارُ

إِذا خَبَتْ أُوقِدَتْ بالنَّدِّ واسْتَعَرتْ

ولَمْ يَكُنْ عِطْرَها قُسْطٌ وأَظْفَارُ

وقال العَرْجِيّ :

تُشَبُّ مُتُونُ الجَمْرِ بِالنَّدِّ تَارَةً

وبِالعَنْبَرِ الهِنْدِيِّ فالعَرْفُ سَاطِعُ

ثم قال : قلت : ووجودُه في كلامِ الفُصحاءِ لا يُنَافِي أَنّه مُعَرَّب ، وكأَنّ المُعْتَرِضين على الجَوْهَرِيّ فَهِمُوا مِن المُعَرَّب المُوَلَّد ، وهو الذي لا يُوجَد في كلام العَرَبِ لأَنه استعمَلَه المُوَلَّدونَ بعدَ العَربِ.

والنَّدُّ : التَّلُّ المُرْتَفِع في السَّمَاءِ لُغَةٌ يَمانِيَة. والنَّدُّ الأَكَمَةُ العَظيمةُ من طِينٍ ، وهذا أَخَصُّ من التَّلِّ.

__________________

(١) في التهذيب : «وبأمرٍ».

(٢) اللباب : سلمان.

(٣) في اللباب : «عمر».

(٤) لم ترد العبارة في الصحاح ؛ وهي مثبتة في المصباح.

٢٧٥

ونَدٌّ : حِصْنٌ باليَمَنِ أَظنُّه من عَمَلِ صَنْعَاءَ ، قاله ياقوت.

والنِّدُّ بالكسر : المِثْلُ والنَّظِيرُ ، ج أَنْدَادٌ ، وظاهِرُه تَرَادُفُ النِّدِّ والمِثْلِ ، ونقَلَ شيخُنَا عن القاضِي زكرِيّا عَلَى البيضاوِيّ : نِدُّ الشيْ‌ءِ : مُشَارِكُه في الجَوْهَر ، ومِثْلُه : مُشارِكُه في أَيِّ شيْ‌ءٍ كان. فالنِّدُّ أَخصُّ مُطلقاً ، وقال غيره : نِدُّ الشي‌ء : ما يَسُدُّ مَسَدَّه. وفي المصباح : النِّدُّ : المِثْلُ ، كالنَّدِيدِ ، ولا يكون النِّدُّ إِلا مُخَالِفاً ، وجمعُه أَنْدَادٌ ، كحِمْل وأَحْمَالٍ ، وج النَّدِيد نُدَدَاءُ. والنَّدِيدَةُ مثلُ النَّدِيد ، ج نَدائِدُ ، قال لَبِيدٌ :

لِكَيْلَا يَكُونَ السَّنْدَرِيُّ (١) نَدِيدَتِي

وأَجْعَلَ أَقْوَاماً عُمُوماً عَمَاعِمَا

وفي كتابه لأُكَيْدِرَ (٢) «وخَلَعَ الأَنْدَادَ والأَصْنَامَ (٣)» قال ابنُ الأَثِير : هو جَمْعُ نِدٍّ ، بالكسر ، وهو مِثْلُ الشيْ‌ءِ الذي يُضَادُّه في أُمورِه ويُنَادُّه ، أَي يُخَالِفُه ، ويُريد بها ما كانوا يَتَّخذونه (مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً) ، تَعَالى اللهُ عن ذلك. وقال الأَخفشُ : النِّدُّ : الضِّدُّ والشِّبْه ، وقوله : (أَنْداداً) (٤) أَي أَضْدَاداً وأَشْبَاهاً ، ويقال نِدُّ فلانٍ ونَدِيدُه ونَدِيدَتُه ، أَي مِثْلُه وشِبْهُهُ ، وقال أَبو الهَيْثم : يقال للرجل إِذا خَالَفَكَ فأَرَدْت وَجْهاً تَذْهَبُ به ونَازَعك في ضِدِّه : فُلَانٌ نِدِّي ونَدِيدِي ، للذي يُرِيدُ خِلَافَ الوَجْهِ الذي تُرِيدُ وهو (٥) مُسْتَقِلٌّ من ذلك بِمِثْلِ ما تَسْتَقِلُّ به. قال حَسَّان :

أَتَهْجُوهُ ولَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ

فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ

أَي لَسْتَ له بِمِثْل في شيْ‌ءٍ مِن مَعانيه ، وهي ، وفي بعض النسخ «هو» والأُولَى الصوابُ وهو مأْخوذ من قَوْلِ ابن شُمَيْلٍ قال : يُقَال : فُلانَةُ نِدُّ فُلانَةَ ، وخَتَنُها ، وتِرْبُها. قال : ولا يُقَال (٦) نِدُّ فُلانٍ ولا خَتَنُ فُلانٍ فَتُشَبِّههَا به.

ونَدَّدَ به تَنْدِيداً : صَرَّح بِعُيُوبِهِ ، يكون في النَّظْمِ والنَّثْر ونَدَّدَ به : أَسْمَعَه القَبِيحَ ، قال أَبو زَيدٍ : نَدَّدْت بالرَّجُلِ تَنْدِيداً ، وسَمَّعْتُ به تَسْمِيعاً ، إِذا أَسْمَعْتَه القَبِيحَ وشَتَمْتَه وشَهَّرْتَه وسَمَّعْتَ به.

ويقال ليس له نَادٌّ ، أَي رِزْقٌ كأَنه يَعْنِي النَّاطِقَ مِن المالِ ، إِذ تَقدَّم نَدَّ البَعِيرُ فهو نَادٌّ ، وجَمْعُه نِدَادٌ.

وإِبلٌ نَدَدٌ ، مُحَرَّكَةً كرَفَضٍ ، اسمٌ للجَميعِ ، أَي مُتَفَرِّقَةٌ ، وقد أَنَدَّها ونَدَّدَهَا.

ويقال ذَهَبُوا أَنَاديدَ وتَنَاديدَ وفي بعض النُّسخ بالياءِ التحتيةِ بدل المُثَنَّاة (٧) ، إِذا تَفَرَّقُوا في كُلِّ وَجْهٍ وكذلك طَيْرٌ أَنَادِيدُ ويَنَادِيدُ ، قال :

كَأَنَّمَا أَهْلُ حُجْرٍ يَنْظُرُونَ مَتَى

يَرَوْنَنِي خَارِجاً طَيْرٌ يَنَادِيدُ

والتَّنَادُّ : التَّفَرُّقُ والتَّنَافُرُ ، ومنه سُمِّيَ يوم القيامة يَوْمَ التَّنادِ ، لما فيه من الانزِعَاجِ إِلى الحَشْرِ وفي التنزيل : (يَوْمَ التَّنادِ. يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ) (٨) قال الأَزهريُّ : القُرَّاءُ على تَخْفِيف الدالِ وَقَرَأَ به أَي بالتشديد ابنُ عَبَّاسٍ وجَمَاعَةٌ ، وفي التهذيب : وقَرَأَ الضَّحّاكُ وحده «يَوْمَ التّنَادِّ» بالتشديد ، قال أَبو الهَيثم : هو من نَدَّ البعيرُ نِدَاداً ، إِذا شَرَدَ ، قال.

والدليلُ على صِحَّةِ قِرَاءَةِ مَن قَرَأَ بالتشديدِ (٩) قوله : (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ) ونقل شيخُنَا عن العناية أَثناءَ سُورَةِ غَافِر أَنه يقال : نَدَا إِذا اجْتَمَع ، ومنه النَّادِي ويوم التَّنَادِ ، فجَعَلَه على الضِّدِّ مما ذَكَرَه المُصَنِّف. إِذ يكون المَعْنَى على ذلك. يوم الاجْتِمَاعِ لا التَّفَرُّق ، وصَوَّبه جَماعَةٌ. انتهى. قلت : وهذا من غرائِبِ التفسيرِ ، وقال ابنُ سِيده : وأَما قِرَاءَة من قَرَأَ : (يَوْمَ التَّنادِ) فيجوز أَن يَكُونَ مِن مُحَوَّلِ هذا البابِ فحوَّل للياءِ لِتَعْتَدِلَ رُءُوس الآىِ (١٠).

__________________

(١) السندريّ اسم شاعر.

(٢) كذا ضبطت في اللسان ، وبهامشه «قوله لأكيدر قال الزرقاني على المواهب : ممنوع من الصرف ، وكتب بهامشه في المصباح وتصغير الأكدر أكيدر ، وبه سمي ، ومنه سمي أكيدر صاحب دومة الجندل.

(٣) ضبطت العبارة عن النهاية ، وفي اللسان : وخَلْعِ الاندادِ والأصنامِ.

(٤) وردت في سورة البقرة (٢٢) و (١٦٥) وسورة ابراهيم (٢٠) وسورة سبأ (٢٢) وسورة الزمر (٨) وسورة فصلت (٩).

(٥) عن التهذيب ، وبالأصل : «تريدر هو» تحريف ، وفي التهذيب يستقل بدل مستقل.

(٦) في التهذيب : ولا يقال : فلانة ندّ فلان.

(٧) وهي رواية اللسان والتكملة والتهذيب.

(٨) سورة غافر الآيتان ٣٢ و ٣٣.

(٩) يعني بتشديد الدال.

(١٠) بهامش المطبوعة المصرية : «قال في اللسان : ويجوز أن يكون من النداء فحذف الياء أيضاً لمثل ذلك ا ه وهو بقية عبارة ابن سيده المذكورة في الشارح».

٢٧٦

ويَنْدَدُ كجَعْفَرٍ : ع ، نقله الصاغانيُّ ، وقيل : هي اسم مَدِينَة النَّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ونَادَدْتُه : خَالَفْتُه ، ومنه أُخِذ النِّدُّ ، كما قاله أَبو الهَيْثَمِ ، وتقدَّمَ.

* ومما يستدرك عليه :

نَاقَةٌ نَدُودٌ : شَرُودٌ.

وقال الفارسيُّ : قال بعضُهم : نَدَّتِ الكَلِمَةُ : شَذَّتْ ، وليستْ بِقَوِيَّةٍ في الاستعمالِ ، أَلا تَرَى أَن سِيبويْهِ يقول : شَذَّ هذا ، ولا يقول : نَدَّ.

والتَّنْدِيد : رَفْعُ الصَّوتِ.

والمُنَدَّد من الأَصواتِ : المُبَالَغُ في النِّدَاءِ ، قالَ طَرَفة :

لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أَوْ لِصَوْتٍ مُنَدَّدِ (١)

ومَنْدَدُ (٢) بَلَدٌ ، قال ابنُ سِيدَه : وأُرَاه جَرَى في فَكِّ التضعِيفِ مَجْرَى مَحْبَبٍ لِلعَلَميَّة ، قال : ولم أَجعلْه من باب مَهْدَدٍ لعَدمِ «م ن د» قال ابنُ أَحْمَر :

وللشَّيْخ تَبْكِيهِ رُسُومٌ كَأَنَّمَا

تَرَاوَحَهَا (٣) العَصْرَيْنِ أَرْوَاحُ مَنْدَدِ

[نرد] : النَّرْدُ ، أَهمله الجوهريُّ. وقال الصاغانيُّ : هو مِ ، معروف ، شي‌ءٌ يُلْعَب به ، قال ابنُ دُرَيْد : فارسي ، مُعَرَّبٌ ، واخْتُلِف في واضِعه ، كما اخْتُلِف في واضِع الشِّطْرَنْج ، فقيل : وضَعَه أَرْدَشِيرُ بنُ بَابَكَ من مُلوكِ الفُرْسِ ، ولهذا يُقَالُ له النَّرْدَشير إِضافَةً له إِلى واضِعِه ، وقد ورد هكذا في الحَديث «مَن لَعِبَ بالنَّرْدَشِيرِ فكأَنَّمَا غَمَسَ يَدَه في لَحْمِ الْخنْزِير ودَمِه» ، وقال ابنُ الأَثير : النَّرْدُ اسمٌ أَعجميٌّ مُعَرَّب ، وشِير بمعنى حُلْو : قلْت : وهكذا نقلَه ابنُ مَنْظُورٍ وشَيْخُنا ، وقوله : شِير بمعنى حُلْوٍ وَهَمٌ ، بل شِير هو الأَسَد إِذا كَانَت الكَسْرَةُ مُمَالَةً ، وإِذا كانت خالِصَةً فمعناه اللَّبَن ، وأَما الذي مَعناه الحُلْوُ فإِنما هو شِيرين ، كما هو مَعْرُوفٌ عِنْدَهم ، وقد ذَكَر المُؤرِّخون في سَببِ تَسْميَتِه أَرْدَ شيرَ وُجُوهاً ، منها أَن الأَسَدَ شَمَّه وهو صَغِيرٌ وتَرَكه ولم يَأْكُلْه ، وقيل : لِشجاعتِه ، فَرَاجِع المُطَوَّلات.

وفي التهذيب في ترجمة رند : الرَّنْدُ عند أَهْلِ البَحْرَينِ شِبْه جُوَالِق واسِع الأَسْفَلِ مَخْرُوط الأَعْلَى يُسَفُّ (٤) مِن خُوصِ النَّخْلِ ثم يُخَيَّطُ ويُضَرَّبُ تَضْرِيباً بِشُرُطٍ ، بضمّتين (٥) ، جمع شَرِيطٍ كقُضُبٍ وقَضِيب ، أَي مَفْتُولَة من اللِّيفِ حتَّى يَتَمَتّنَ ، فيقُوم قَائماً ، ويُعَرَّى بعُرًى وَثِيقةٍ يُنْقَلُ فيه الرُّطَب أَيَّامَ الخِرَافِ ، بالكسر ، يُحْمَلُ منه رَنْدَانِ على الجَمَلِ القَوِيِّ ، قال : ورأَيتُ هَجَرِيًّا يقول : النَّرْد ، وكأَنَّه مَقلُوبٌ ، ويقال له : القَرْنَةُ أَيضاً.

والنَّرْدُ : طِلَاءٌ مُرَكَّبٌ يُتَدَاوَى بِهِ.

وعَبَّاسٌ النَّرْدِيُّ ، نُسِب إِلى النَّرْد ، كأَنّه لِلَعِبِه به ، رَوَى حديثاً عن خَلِيفَةِ المؤمنينَ هارُونَ الرَّشيدِ العَبَّاسِيِّ ، أَنارَ الله حُجَّتَه ، هكذا ذَكرَه الحافِظ في التَّبْصِيرِ.

[نشد] : نَشَدَ الضَّالَّةَ نَشْداً ، بفتح فسكون ، ونِشْدَةً ونِشْدَاناً ، بكسرهما ، إِذا طَلَبَهَا وعَرَّفَها ، هكذا في المُحكم ، وقال كُرَاع في المُجَرَّد وابنُ القَطَّاع في الأَفعال : يقال : نَشَدْتُ الضَّالَّةَ : طَلَبْتُهَا ، وعَرَّفْتُهَا ، ضِدٌّ ، وقاله أَبو عُبَيْدٍ في الغَرِيب المُصَنّف ، وأَنشد بَيت أَبي دُوَادٍ :

ويُصِيخُ أَحْيَاناً كَمَا اسْ

تَمَعَ المُضِلُّ لِصَوْتِ نَاشِدْ

أَضَلَّ (٦) ، أَي ضَلَّ له شَيْ‌ءٌ فهو يَنْشُدُه ، قال : ويقال في النَّاشِدِ إِنَّه المُعَرِّف ، قال الأَصمعيُّ : وكان أَبو عَمرِو بنُ العَلَاءِ يَتَعَجَّب (٧) مِن قَوْلِ أَبي دُوَادٍ :

[كما استمع المضِلُّ] (٨) لِصَوْتِ نَاشِدْ

__________________

(١) ديوانه وصدره :

وصادقتا سمعِ التوجُّسِ للسُّرَى

(٢) في معجم البلدان : مَنْدَدٌ وهو من نِدّ ينِدّ بكسر النون لأنه لازم فاسم المكان مندِد بكسر الدال قياساً ، إلا أننا هكذا وجدناه مضبوطاً في النسخ. وهو اسم مكان باليمن كثير الرياح شديدها.

(٣) بالأصل «ترواحها» وما أثبت عن اللسان والضبط منه.

(٤) سف الخوص : نسجه.

(٥) كذا بالأصل واللسان والتكملة والقاموس ، وضبطت في التهذيب (رند) بسكون الراء ، ضبط قلم.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله أضل إلخ كذا في اللسان ، والظاهر أن يقول : المضلّ من أضل».

(٧) التهذيب واللسان : يعجَبُ.

(٨) زيادة عن التهذيب واللسان ، وفي التهذيب : لقول ناشد.

٢٧٧

قال : أَحْسَبُه قال (١) هذا ، وغيرُه أَرادَ بالنَّاشِدِ أَيضاً رَجُلاً قد ضَلَّتْ دَابَّتُه فهو يَنْشُدُها أَي يَطْلُبها لِيَتَعَزَّى بذلك ، وأَمَّا لَيْثُ [بن] (٢) المُظَفّر فإِنه جَعل الناشِدَ : المُعَرِّفَ في هذا البَيتِ ، قال : وهذا مِن عَجِيب كلامِهم أَنْ يَكون الناشدُ : الطالبُ والمُعَرِّف جَميعاً ، وقال ابنُ سِيده : الناشِد في بَيْتِ أَبي دُوَادٍ : المُعَرِّف وقيل الطَّالِب ، لأَن المُضِلَّ يَشْتَهِي أَن يَجِدَ مُضِلًّا مِثْلَه لِيَتَعَزَّى به ، وهذا كقَولهم : الثكْلَى تُحِبُّ الثَّكْلَى.

ونَشَدَ فُلَاناً : عَرَفَه ، بتخفيف الراءِ ، مَعْرِفَةً ، ورُوِيَ ، عن المُفَضَّل الضَّبِّيِّ أَنه قال : زَعَمُوا أَنّ امرأَةً قالتْ لابنَتِها : احْفَظِي بَيْتَكِ ممَّن لا تَنْشُدِين أَي لا تَعرِفين.

ونَشَدَ باللهِ : اسْتَحْلَفَ ، قال شيخُنَا : وقد أَطلَقَه المصنِّفُ ، وقَيَّدَه الأَكْثَرُ من النحاةِ واللُّغَوِيِّين بأَن فيه مع اليَمينِ استعطافاً. ونَشَدَ فُلَاناً نَشْداً : قال له : نَشَدْتُكَ الله ، أَيْ سأَلْتُك باللهِ. في التهذيب : قال الليثُ : نَشَد يَنْشُد فُلانٌ فُلاناً إِذا قال : نَشَدْتُك بالله والرَّحِم ، وتقول : ناشَدْتُك الله.

وفي المحكم : نَشَدْتُك اللهَ نَشْدَةً ونِشْدَةً نِشْدَاناً : استَحْلَفْتُك بالله. وأَنْشُدُك بالله إِلَّا فَعَلْتَ : أَسْتَحْلِفُك بالله.

ونَشْدَكَ الله ، بالفتح ، أَي بفتح الدال أَي أَنْشُدُكَ بالله ، وقد نَاشَدَه مُنَاشَدَةً ونِشَاداً ، بالكسر : حَلَّفَه ، يقال : نَشَدْتُك الله وأَنْشُدُك الله وبالله ، وناشَدْتك الله وبالله ، أَي سأَلْتُك ، وأَقْسَمْتُ عليك ، ونَشَدْتُه نِشْدَةً ونِشْدَاناً ومُنَاشَدَةً ، وتَعْدِيَتُه إِلى مَفْعولينِ إِمَّا لأَنّه بمنزلةِ دَعَوْتُ ، حيث قالوا : نَشَدْتُكَ الله ، وباللهِ ، كما قالوا : دَعَوْتُه زيداً وبِزَيدٍ ، إِلا أَنهم ضَمَّنُوه مَعْنَى ذَكَّرْت ، قال : فأَمّا أَنْشَدْتُك بالله فخَطَأٌ ، وقال ابنُ الأَثير (٣) : النِّشْدَة مَصْدَرٌ ، وأَمَّا نِشْدَك ، فقيل إِنه حَذَفَ منها التاءَ وأَقامَهَا مُقَامَ الفِعْلِ ، وقيل هو بِناءٌ مُرْتَجَلٌ ، كقِعْدَك الله ، وعَمْرَكَ الله ، قال سِيبويهِ : قولُهم عَمْرَكَ اللهَ وقِعْدَكَ الله ، بمنزلةِ نِشْدَكَ الله ، وإِن لم يُتَكَلَّم بِنِشْدَكَ (٤) ، ولكن زعَم الخَليلُ أَن هذَا تَمْثِيلٌ تُمثِّلَ (٥) به ، قال : ولعلَّ الرَّاوِيَ قد حَرَّفَ الرِّوَايَة عن نَنْشُدُكَ (٦) الله (٧) فحُذِف الفِعْلُ الذي هو أَنْشُدُك الله ، ووُضِعَ المَصْدَرُ مَوْضِعَه مُضَافاً إِلى الكاف الذي كان مفعولاً أَوَّل ، كذا في اللسانِ. وفي التوشيح : نَشَدْتُك الله ، ثُلاثِيًّا ، وغَلطَ مَن ادَّعَى فيه أَنه رُبَاعِيٌّ ، أَي أَسأَلُك بالله ، فضُمِّن مَعْنى أُذَكِّرُك ، بحذف الباءِ ، أَي أُذَكِّرُك رافِعاً نِشْدَتي ، أَي صَوْتِي ، هذا أَصْلُه ، ثم اسْتُعْمِل في كُلِّ مَطلوبٍ مُؤَكَّدٍ ولو بلا رَفْعٍ. ونقل شيخُنَا عن شَرْحِ الكافِيَة : الباءُ هي أَصْلُ الحُرُوف الخافِضة للقَسَم ، ولها على غَيْرِهَا مَزَايَا ، منها استعمالُهَا في القَسَمِ الطَّلَبِيِّ ، كقولهم في الاستعطاف : نَشَدْتُك الله أَو باللهِ ، بمعنى ذَكَّرْتُك اللهَ مُسْتَحْلِفاً ، ومثله عَمَرْتُكَ اللهَ معنًى واستعمالاً ، إِلا أَن عَمَرْتُك مُسْتَغْنٍ عن الباءِ ، وأَصْلُ نَشَدْتُك اللهَ : طلَبْتُ مِنْكَ باللهِ ، وأَصلُ عَمَرْتُك الله : سَأَلْت [الله] (٨) تَعْمِيرَك ، ثُمّ ضُمِّنا مَعنَى استَحْلَفْت مَخْصُوصَيْنِ بالطَّلبِ ، والمُسْتَحْلَف عليه بَعْدَهما مُصَدَّرٌ بِإِلَّا أَو بِمَا بمعناها ، أَو باستفهامٍ أَو أَمْرٍ أَو نَهْيٍ ، قال شيخُنَا : في قوله وأَصْلُ نَشدْتُك الله طَلَبْتُ ، إِيماءٌ إِلى أَنّه مأْخُوذٌ من نَشَدَ الضالَّةَ إِذا طَلَبَهَا ، وصَرَّح به غيرُه ، وفي المشارقِ للقَاضِي عِيَاض : أَصْلُ الإِنشاد رَفْعُ الصَّوْتِ ، ومنه إِنشاد الشِّعْر ، وناشَدْتك الله وناشَدْتُك (٩) معناه سأَلْتُك بالله ، وقيل : ذَكَّرْتُك بالله ، وقيل : هما مِمَّا تقدَّم ، أَي سأَلْتُ الله بِرَفْعِ صَوْتِي ، ومثل هذا الآخِرِ قولُ الهَرَوِيّ مُقْتَصِراً عليه وفي المحكم أَنْشَدَ الضَّالَّةَ : عَرَّفَهَا ، واسْتَرْشَدَ عَنْهَا ، ضِدٌّ وفي الحديث في حَرَم مَكّة : «لا يُخْتَلَى خَلَاهَا ، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلَّا لِمُنْشِدٍ».

قال أَبو عُبَيْد : المُنْشِد : المُعَرِّف ، قال : والطالِبُ هو الناشِدُ ، وحكَى اللِّحيانيُّ في النوادر : نَشَدْتُ الضَّالّةَ إِذا طَلَبْتُها ، وأَنْشَدْتُها ونَشَدْتُها ، بغير أَلِفٍ ، إِذا عَرَّفْتها ، قال : ويقال : أَشَدْت

__________________

(١) في التهذيب : أحسبه قال ، هو أو غيره ، أنه قال :

(٢) زيادة عن التهذيب ، وسقطت كلمة «ليث» منه.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وقال ابن الأثير الخ عبارة اللسان : وفي حديث أبي سعيد أن الأعضاء كلها تكفّر اللسان تقول : نِشْدَكَ اللهَ فينا. قال ابن الأثير الخ».

(٤) هذا ضبط اللسان ، بفتح الدال ، بهامش المطبوعة الكويتية : «بفتح الدال على الحكاية».

(٥) عن اللسان وبالأصل «يمثل» وضبطت في النهاية : تَمثَّل.

(٦) عن النهاية ، وبالأصل «نشدك الله».

(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «وفي اللسان بعد هذه العبارة : أو أراد سيبويه والخليل قلّة مجيئه في الكلام لا عدمه أو لم يبلغهما مجيئه في الحديث ، فحذف الفعل ..» وفي النهاية فكاللسان.

(٨) زيادة عن المطبوعة الكويتية.

(٩) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله وناشدتك الله وناشدتك ، لعله : وناشدتك الله ونشدتك»

٢٧٨

الضَّالّةَ أُشِيدُها إِشادَةً إِذَا عَرَّفْتهَا ، وقال الأَصمعيّ : كُلُّ شيْ‌ءٍ رَفَعْتَ به صَوْتَك فقد أَشَدْتَ به ، ضالَّةً كانتْ أَو غَيْرَها ، وقال كُراع في المُجَرَّد ، وابنُ القَطَّاع في الأَفْعَال : وأَنْشَدْتُهَا ، بالأَلف : عَرَّفْتُها لا غَيْرُ.

وأَنْشَدَ الشِّعْرَ : قَرَأَه ورفَعه وأَشَادَ بذِكْرِه ، كنَشَدَه.

وأَنْشَدَ بِهِم : هَجَاهُمْ. وفي الخَبَر أَنّ السَّلِيطِيِّين قالوا لِغَسَّان : هذا جَرِيرٌ يُنْشِدُ بنا ، أَي يَهْجُونا.

وتَنَاشَدُوا : أَنْشَدَ بعضُهم بعضاً ، وأَمّا قولُ الأَعشى :

رَبِّي كَرِيمٌ لا يُكَدِّرُ نِعْمَةً

وإِذَا تُنُوشِدَ في المَهَارِقِ أَنْشَدَا

قال أَبو عُبَيْدَة (١) : يعني النُّعْمانَ بن المُنْذِر ، إِذا سُئل بِكَتْبِ الجَوَائِز أَعْطَى ، و «تُنُوشِدَ» في مَوْضِع نُشِدَ ، أَي سُئل ، النَّشدَةُ ، بالكَسْرِ : الصَّوْت] (٢) والنَّشِيد : رَفْعُ الصوْتِ قال أَبو منصور : وإِنما قيل للطَّالِب ناشِدٌ لِرَفْعِ (٣) صَوْتِه بالطَّلَبِ ، وكذلك المُعَرِّفَ يَرْفَعُ صَوتَه بالتعرِيف يُسَمَّى (٤) مُنْشِداً ، ومن هذا إِنشادُ الشِّعْرِ إِنما هو رَفْعُ الصَّوْتِ ، وقولهم نَشَدْتُك باللهِ وبالرَّحِم معناه : طَلَبْتُ إِليك بالله وبِحَقِّ الرَّحِمِ بِرَفْعِ نَشِيدِي ، أَي صَوْتِي ، قال (٥) : وقولهم : نَشَدْت الضالَّةَ ، أَي رفَعْتُ نَشِيدي ، أَي صَوْتِي بِطَلَبِها.

ومن المَجاز : النَّشِيد : الشِّعْرُ المُتَنَاشَدُ بينَ القَوْم يُنْشِدُه بعضُهم بعْضاً ، كالأُنْشُودَةِ ، بالضمِّ ، ج أَنَاشِيدُ ، وجَمْعُ النَّشِيدِ النَّشَائدُ.

واسْتَنْشَدَ فُلاناً الشِّعْرَ فأَنْشَدَه : طَلَبَ منه إِنْشَادَه ، وهو مَجازٌ.

ومنه أَيضاً : تَنَشَّدَ الأَخْبَارَ : أَرَاغَها لِيَعْلَمَهَا مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُها الناسُ. ومُنْشِدٌ كمُحْسِنٍ : ع بَيْنَ رَضْوَى جَبَلِ جُهَيْنَة والساحِلِ ، قال الراعي :

إِذا ما انْجَلَتْ عَنْهُ غَدَاةً ضَبَابَةٌ

غَدَا (٦) وَهْوَ في بَلْدٍ خَرَانِقِ مُنْشِدِ

وَجَبَلٌ مِن حَمْرَاءِ المَدِينةِ على ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ من طَرِيق الفُرْعِ ، وإِيّاه أَرادَ مَعْنُ بنْ أَوْسٍ المُزَنِيّ بقوله :

فَمُنْدَفَعُ الغُلّانِ مِنْ جَنْبِ مُنْشِدٍ

فَنَعْفُ الغُرَابِ خُطْبُه وأَسَاوِدُهْ

ومُنْشِدٌ : ع آخَرُ في جِبَال طَيِّي‌ءٍ ، قال زَيْدُ الخَيْلِ يَتَشَوَّقَهُ وقد حضَرَتْه الوَفاةُ :

سَقَى الله مَا بَيْنَ القُفَيْلِ فَطَابَةٍ

فَمَا دُونَ أَرْمَامٍ فَمَا فَوْقَ مُنْشِدِ

* ومما يستدرك عليه :

الناشِدُون : الذين يَنْشُدُونَ الإِبلَ ويَطْلُبُونَ الضَّوَالَّ فيأْخُذُونها ويَحْبِسُونَهَا على أَرْبَابِهَا.

ونَشَدْتُ فُلاناً أَنْشُدُه نَشْداً فَنَشَدَ ، أَي سأَلْتُه بالله ، كأَنّك ذَكَّرْتَه إِيَّاه فتَذَكَّر. وفي حديثِ عُثْمَانَ «فأَنْشَدَ له رِجالٌ» أَي أَجَابُوه ، يقال : نَشَدْتُه فأَنْشَدَنِي وأَنْشَدَ لِي. أَي سأَلْتُه فأَجَابَنِي ، وهذه الأَلف تُسَمَّى أَلِفَ الإِزالَةِ. يقال : قَسَطَ الرجلُ ، إِذا جَارَ ، وأَقْسَط ، إِذا عَدَلَ ، كأَنَّه أَزَالَ جَوْره وأَزالَ نَشِيدَه.

ونَاشَدَه الأَمْرَ وناشَدَه فيه ، وفي الخَبَر أَنّ أُمَّ قيْسِ بنِ ذَرِيحٍ (٧) أَبْغَضَت لُبْنَى فناشَدَتْه في طَلاقِها. وقد يَجُوز أَن يَكُون عُدِّيَ بِفِي ، لأَن في نَاشَدْت مَعْنَى طَلَبْت ورَغِبْت وتَكَلَّمْت.

ونَشَدَ : طَلَبَ ، قال الأُقَيْشِرُ الأَسَدِيُّ :

ومُسَوِّفٍ نَشَدَ الصَّبُوحَ صَبَحْتُه

قَبْلَ الصَّبَاحِ وقَبْلَ كُلِّ نِدَاءِ

والمُسوِّف : الجائِعُ يَنْظُر يَمْنَةً ويَسْرةً ، وقال الجعدِيُّ :

__________________

(١) اللسان : أبو عبيد.

(٢) زيادة عن القاموس ، ونبه إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية ، وقد وضعت العبارة كلها خارج الأقواس في المطبوعة الكويتية ، على أنها ليست في القاموس ، وهو خطأ.

(٣) التهذيب : لرفعه صوته.

(٤) في التهذيب : فسُميّ.

(٥) القائل : هو أبو العباس كما في اللسان.

(٦) ديوانه ص ٨٥ وفيه «رأى» بدل «غدا» وضبطت فيه خرانق بفتح القاف ، وما أثبتناه عن اللسان.

(٧) الأصل «دريح» بالدال ، خطأ.

٢٧٩

أَنْشُدُ النَّاسَ ولَا أُنْشِدُهُمْ

إِنَّما يَنْشُدُ منْ كَانَ أَضَلُ

لا أُنْشِدهم ، أَي لا أَدُلُّ عليهم ، ويَنْشُدُ : يطْلُب.

ومُنْشِد : بلَدٌ لبني سعْدِ بن زَيْدِ منَاةَ بن تَمِيمٍ ، عن ياقوت ، وهو غير الذي ذكره المصنّف.

[نضد] : نَضَدَ متَاعَه يَنْضِدُه ، من حدّ ضَرَبَ : جعلَ بعْضَه فوقَ بَعضٍ. وفي التهذيب : ضَمَّ بَعضَه إِلى بعضٍ ، وزاد في الأَساس : مُتَّسِقاً أَو مرْكُوماً كنَضَّده تَنضيداً ، شُدِّد للمبالغة في وَضْعِه مُتَراصِفاً ، فهو منْضُود ونَضِيدٌ ومُنَضَّدٌ.

وفي التنزيل : (لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) (١) أَي منْضُود ، وقال الفَرَّاءُ : (طَلْعٌ نَضِيدٌ) يعني الكُفُرَّى ما دامَ في أَكْمَامِه فهو نَضِيدٌ ، وقيل : النَّضِيد : شِبْهُ مِشْجَبٍ نُضِّدَتْ عليه الثيابُ ، وقوله تعالى : (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) (٢) أَي بعضُه فوق بعضٍ ، فإِذا خَرَجَ مِن أَكمامه فليس بِنَضِيدٍ ، وقال غيره : المَنْضُود : هو الذي نُضِّد بِالحَمْلِ من أَوَّله إِلى آخرِه أَو بالوَرَقِ ليس دُونَه سُوقٌ بارِزَةٌ ، وفي حديث مسروق «شَجَرُ الجَنَّةِ نَضِيدٌ مِن أَصْلِها إِلى فَرْعِها» أَي ليس لها سُوقٌ بارِزَةٌ ولكِنَّها مَنضودَةٌ بالوَرَقِ والثِّمَارِ مِن أَسْفَلِهَا إِلى أَعلاها.

والنَّضَدُ ، مُحرَّكَةً : ما نُضِدَ مِن مَتاع البيتِ المَنْضودِ بَعْضُه فوق بعضٍ ، كذا في الصحاح ، أَو عَامَّتُه ، أَو خِيَارُهُ وحُرُّه ، والأَوَّل أَوْلَى ، قال النابِغة :

خَلَّتْ سَبِيلَ أَتِيٍّ كَانَ يحْبِسه

وَرَفَّعَتْه إِلى السِّجْفَيْنِ فَالنَّضَدِ

وفي الحديث : «واحْتَبَس جبْرِيلُ أَيَّاماً ، فلما نَزَلَ اسْتَبْطَأَهُ النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذَكَر أَنَّ احْتِبَاسَه كانَ لِكَلْب تَحْتَ نَضَدٍ لهم» قال ابن الأَثير وغيرُه : النَّضَدُ : السَّرِيرُ يُنَضَّدُ عَليه المَتَاعُ والثِّيابُ ، سُمِّيَ نَضَداً ، لأَن النَّضدَ عليه ، وقال الليثُ : النَّضَد في بيت النابغةِ : السَّرِيرُ ، قال الأَزهريّ وهو غَلَطٌ ، إِنما النَّضَد ما فَسَّره ابنُ السِّكِّيتِ (٣) ، وهو بمعنى المَنْضُود. ومن المَجَازِ : النَّضَدُ : الأَعْمَام والأَخْوَال المُتَقَدِّمُونَ في الشَّرَف ، والجَمْعُ أَنْضَادٌ ، قال الأَعشى :

وقَوْمُكِ إِنْ يَضْمَنُوا جَارَةً

يَكُونُوا بِمَوْضِعِ أَنْضَادِهَا

أَرادَ أَنهم كانُوا بمَوْضِعِ ذَوِي شَرَفِها وأَحسابِها. وفي الأَساس : ولبنِي فُلانٍ نَضَدٌ ، أَي عِزٌّ وشَرَفٌ. والشَّرِيفُ من الرّجال ، والجمْع أَنْضَادٌ ، وأَنشدَ الجوهريُّ قولَ رُؤبَةَ :

لا تُوعِدَنِّي (٤) حَيَّةً بالنَّكْزِ

أَنَا ابْنُ أَنْضَادٍ إِلَيها أَرْزِي

ومن المَجاز : النَّضَد : الناقَةُ السَّمِينةُ ، تَشْبِيهاً بالسَّرير عليه نَضَدٌ ، كالنَّضُودِ ، كصَبُورٍ ، والأَنْضَادُ الجَمْعُ من كُلِّ ذلك.

والأَنْضَادُ من القَوْمِ : جَمَاعَتُهم وعَدَدُهم ، ويقال : هم أَعْضَادُه وأَنْضَادُه ، لعَدِيده وأَنصارِه ، وهو مَجاز.

والأَنْضَادُ مِن الجِبَالِ : جَنَادِلُ بَعضُها فوق بعضٍ ، وقال رُؤبَةُ يصِف جيشاً :

إِذا تَدَانَى لَمْ يُفَرَّجْ أَجَمُهْ

يُرْجِفُ أَنْضَادَ الجِبَالِ هَزَمُه

أَراد ما تَراصفَ مِن حِجارتها بعضها فوق بعْضٍ.

ومن المجاز الأَنْضَاد من السَّحاب : ما تَراكَمَ واتَّسق وتَراكَبَ منه ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :

أَلَا تَسَلُ الأَطْلَالَ بِالجَرَعِ العُفْرِ

سَقَاهُنَّ ربِّي صَوْبَ ذِي نَضَدٍ ضُمْرِ

والنَّضِيدةُ : الوِسادةُ ، جمْعُها النَّضائِدُ ، عن المُبرّد ، وبه فسّر حديث أَبي بكْرٍ رضي اللهُ عنه : «لَتَتَّخِذُنَّ نَضَائدَ الدِّيباجِ وسُتُورَ الحريرِ ولَتَأْلَمُنَّ النَّوْمَ على الصُّوفِ الأَذْربِيِّ (٥) كَما يأْلَمُ النَّومَ أَحدُكم على حَسَكِ السَّعْدانِ» ، قال المبرّد : نَضائدُ الدِّيباج أَي الوسائد.

__________________

(١) سورة ق الآية ١٠.

(٢) سورة الواقعة الآية ٢٩.

(٣) نقل الحراني عن ابن السكيت قال : النَّضَد مصدر نضدتُ المتاع أنضِده نضْداً والنَّضَد : متاع البيت.

(٤) عن اللسان ، وبالأصل «لا توعديني».

(٥) في اللسان : «أذري» نسبة إلى أذربيجان. قال النحويون : النسبة إليه أذري ، بالتحريك ، وقيل أذري بسكون الذال ، لأنه عندهم مركب من أذر وبيجان فالنسبة إلى الشطر الأول ، وقيل : أذري. كلُّ قد جاء ، (عن معجم البلدان).

٢٨٠