حاشية الدسوقي - ج ٤

محمّد بن عرفة الدسوقي

حاشية الدسوقي - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن عرفة الدسوقي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9953-34-744-1

الصفحات: ٣٨٦

(وإن كان) الثانى (مثله) أى مثل الأول (فأبعد) أى فالثانى أبعد (من الذم والفضل للأول كقول أبى تمام : لو حار) (١) أى تحير فى التوصل إلى إهلاك النفوس (مرتاد المنية) أى الطالب الذى هو المنية على أنها إضافة بيان (لم يجد ، إلا الفراق على النفوس دليلا وقول أبى الطيب :

لولا مفارقة الأحباب ما وجدت

لها المنايا إلى أرواحنا سبلا) (٢)

الضمير فى لها للمنية وهو حال من سبلا والمنايا فاعل وجدت ، وروى يد المنايا فقد أخذ المعنى كله مع لفظة المنية والفراق والوجدان وبدل بالنفوس الأرواح.

______________________________________________________

المفضولية (قوله : وإن كان الثانى مثله) أى : مثل الأول أى فى البلاغة (قوله : فالثانى أبعد من الذم) أى : حقيق بأنه لا يذم فأفعل التفضيل ليس على بابه وإنما قلنا هكذا ؛ لأن ظاهر العبارة يقتضى أن هناك بعيدا من الذم وهذا أبعد منه وليس كذلك (قوله : دليلا) مفعول يجد الأول ومفعوله الثانى محذوف أى : لها (وقوله : إلا الفراق) استثناء من قوله دليلا (وقوله : على النفوس) متعلق بدليلا بمعنى طريقا ، وفى الكلام حذف مضاف والمعنى لو تحيرت المنية فى وصولها لهلاك النفوس لم تجد لها طريقا يوصلها لذلك إلا فراق الأحبة.

(قوله : لولا مفارقة الأحباب) أى : موجودة (قوله : وهو حال من سبلا) لأنه فى الأصل صفة لها فلما قدم صار حالا كما أن قوله : إلى أرواحنا كذلك ، إذ المعنى سبلا مسلوكة إلى أرواحنا وقيل : إنه جمع لهاة وهو فاعل وجدت أضيفت للمنايا واللهاة اللحمة المطبقة فى أقصى سقف الحلق فكأنه يقول : لما وجد فم المنايا التى شأنها الاغتيال به إلى أرواحنا سبلا فأطلق اللهاة وأراد الفم لعلاقة المجاورة (قوله : فقد أخذ المعنى كله) أى : فقد أخذ أبو الطيب فى بيته معنى بيت أبى تمام بتمامه ؛ وذلك لأن محصل معنى البيتين أنه لا دليل للمنية على النفوس إلا الفراق أما الأول فواضح ، وأما الثانى فلأن

__________________

(١) البيت لأبى تمام.

(٢) البيت لأبى الطيب المتنبى فى ديوانه ١ / ٥٩.

٢٤١

(وإن أخذ المعنى وحده سمّى هذا الأخذ) (إلماما) من ألّم إذا قصد وأصله من ألّم بالمنزل إذا نزل به (وسلخا) وهو كشط الجلد عن الشاة ونحوها فكأنه كشط عن المعنى جلدا وألبسه جلدا آخر فإن اللفظ للمعنى بمنزلة اللباس (وهو ثلاثة أقسام كذلك) أى مثل ما يسمى إغارة ومسخا لأن الثانى إما أبلغ من الأول أو دونه أو مثله.

______________________________________________________

صريحه أن مفارقة الأحباب لولاها ما اتصلت المنية بالأرواح فيفهم أن المواصلة مانعة من الوصول للأرواح ، وحينئذ فلا دليل ولا طريق توصل لاتصال المنية بالأرواح إلا الفراق فما يقال : إن فى بيت أبى تمام الحصر دون بيت أبى الطيب فيكون الأول أبلغ من الثانى لا عبرة به وظهر ما قاله الشارح : إن أبا الطيب أخذ المعنى كله مع بعض اللفظ ؛ لأنه أخذ لفظ المنية والفراق والوجدان وبدل النفوس بالأرواح وأن البيتين متساويان فى البلاغة فلذا كان الثانى غير مذموم.

(قوله : وإن أخذ المعنى وحده) أى : دون شىء من اللفظ وهذا عطف على قوله : فإن أخذ اللفظ فهو شروع فى الضرب الثانى من الظاهر من الأخذ والسرقة (قوله : من ألّم إذا قصد) أى : لأن الشاعر يقصد إلى أخذ المعنى من لفظ غيره (قوله : وأصله) أى : وأصل الإلمام مأخوذ من ألّم بالمنزل إذا نزل به ، فالإلمام فى أصل اللغة معناه النزول ، ثم أريد منه سببه وهو القصد كما هنا ؛ لأن الشاعر قد قصد أخذ المعنى من لفظ غيره (قوله : وهو) أى : السلخ فى اللغة كشط الجلد إلخ ، وقوله فكأنه مرتب على محذوف أى : واللفظ للمعنى بمنزلة الجلد ؛ فكأن الشاعر الثانى الذى أخذ معنى شعر الأول كشط من ذلك المعنى جلدا ، وألبس ذلك المعنى جلدا آخر (قوله : فإن اللفظ إلخ) أى : وإنما كان اللفظ للمعنى بمنزلة الجلد لأن اللفظ يتوهم فيه كونه كاللباس للمعنى من جهة الاشتمال عليه بالدلالة (قوله : وهو) أى : الكلام الذى تعلق الأخذ بمعناه (قوله : أى مثل ما يسمى إغارة) أى : مثله فى الانقسام إلى ثلاثة أقسام ، وأن تلك الأقسام الثلاثة عين الأقسام الثلاثة المتقدمة (قوله : لأن الثانى إما أبلغ من الأول) أى : فيكون ممدوحا (وقوله : أو دونه) أى : أو دون الأول فى البلاغة فيكون مذموما (وقوله : أو

٢٤٢

(أولها) أى أول الأقسام وهو أن يكون الثانى أبلغ من الأول (كقول أبى تمام : (١) هو) ضمير الشأن (الصنع) أى الإحسان والصنع مبتدأ خبره الجملة الشرطية أعنى قوله (إن يعجل فخير وإن يرث) أى يبطؤ (فللريث فى بعض المواضع أنفع) والأحسن أن يكون هو عائدا إلى حاضر فى الذهن وهو مبتدأ خبره الصنع والشرطية ابتداء كلام وهذا كقول أبى العلاء :

______________________________________________________

مثله) أى : مثل الأول فى البلاغة فيكون بعيدا عن الذم (قوله : ضمير الشأن) أى : مبتدأ أول ، والصنع بمعنى الإحسان مبتدأ ثان ، والجملة الشرطية خبر المبتدأ الثانى ، والمبتدأ الثانى وخبره خبر ضمير الشأن أى : الشأن هو أن الإحسان إن يعجل فخير وإن يتأخر فقد يكون بتأخيره أنفع (قوله : وإن يرث) من راث ريثا أى بطؤ وتأخر ، ومنه قولهم : أمهلته ريثما فعل كذا أى ساعة فعله (قوله : أى يبطؤ) بفتح أوله وسكون ثانيه وضم ثالثه وبعده همز من بطؤ يبطؤ بطئا إذا تأخر (قوله : والأحسن أن يكون هو عائدا إلى حاضر) أى يفسره قوله الصنع الذى جعل خبرا عنه ، وإنما كان هذا الاحتمال أحسن من الأول ؛ لأن كون الضمير للشأن خلاف الظاهر مع إفادة هذا الإعراب ما يفيده الأول من الإجمال والتفصيل ، ومع كونه أفيد لتعدد الحكم فيه ، إذ فيه الحكم بأن ذلك المتعقل هو الصنع والحكم بأن الصنع من صفته ما ذكر ، قاله سم.

قال يس : وقوله : لأن كون الضمير للشأن خلاف الظاهر أى : لأنه مخالف للقياس من خمسة أوجه عوده على ما بعده لزوما وأن مفسره لا يكون إلا جملة وأنه لا يتبع بتابع وأنه لا يعمل فيه إلا الابتداء أو أحد نواسخه وأنه ملازم للإفراد (قوله : إلى حاضر فى الذهن) وهو الموعود به (قوله : وهذا كقول إلخ) أى : وهذا الإعراب على الاحتمال الثانى كالإعراب الكائن فى قول أبى العلاء ، فإن الضمير فيه عائد على متعقل الذهن يفسره ما بعده المخبر به عنه ، ولا يصح أن يكون ذلك الضمير ضمير الشأن ؛ لأن الخبر الواقع بعده مفرد وضمير الشأن إنما يخبر عنه بجملة ، والحاصل أن الضمير فى بيت

__________________

(١) البيت لأبى تمام فى شرح ديوانه ١٨١ ، برواية (فنفع) بدل (فخير) و (المواطن) بدل (المواضع) وأسرع بدل أنفع.

٢٤٣

هو الهجر حتّى ما يلمّ خيال

وبعض صدود الزائرين وصال (١)

وهذا نوع من الإعراب لطيف لا يكاد يتنبه له إلا الأذهان الرائضة من أئمة الإعراب (وقول أبى الطيب (٢) ومن الخير بطء سيبك) أى تأخر عطائك (عنّى ، أسرع السّحب فى المسير الجهام) أى السحاب الذى لا ماء فيه وأما ما فيه ماء فيكون بطيئا ثقيل المشى فكذا حال العطاء ، ففى بيت أبى الطيب زيادة بيان لاشتماله على ضرب المثل بالسحاب.

______________________________________________________

أبى تمام يحتمل أن يكون ضمير الشأن ، ويحتمل أن يكون عائدا على متعقل فى الذهن ، وأما فى بيت أبى العلاء فيتعين أن يكون عائدا على متعقل فى الذهن ولا يجوز أن يكون ضمير الشأن ؛ لأن ما بعده لا يصلح للخبرية عنه فهو نظير البيت الأول على الاحتمال الثانى فيه (قوله : ما يلمّ خيال) ما زائدة ويلم بفتح أوله وضم ثانيه من لمّ يلم كردّ يردّ بمعنى نزل وحصل وضمير يلم للهجر أى : حتى إذا لمّ وحصل من هذا الذى يهجرنا فهو خيال ؛ لأنه لعدم الاعتبار به بمنزلة العدم الذى هو خيال (قوله : وبعض صدود إلخ) أى : إنا لم ننل من الذى هجرنا حتى الصدود ؛ لأنا لا نلقاه لا يقظة ولا مناما ، والصدود قد يعد وصالا بالنسبة لهذا الهجر (قوله : الرائضة) أى : المرتاضة والممارسة لصناعة الإعراب (قوله : ومن الخير بطء سيبك عنّى) أى : لأن بطأه وعدم سرعته يدل على كثرته كالسحاب ، فإنه لا يسرع منها إلا ما كان خاليا عن الماء ، وأما السحاب التى فيها ماء فإنها بطيئة المشى (قوله : الجهام) بفتح الجيم كما فى الأطول.

(قوله : ففى بيت أبى الطيب زيادة بيان) أى : للمعنى المقصود وهو أن تأخير العطاء يكون خيرا وأنفع ، والحاصل أن البيتين اشتركا فى المعنى وهو أن تأخير العطاء يكون خيرا وأنفع ، لكن بيت أبى الطيب وهو المتأخر منهما أجود ؛ لأنه زاد حسنا بضرب المثل له بالسحاب ، فكأنه دعوى بالدليل إذ كأنه يقول : العطاء كالسحاب فكما أن بطىء السير من السحاب أكثر نفعا من سريعها وهو الجهام ، فكذلك عطاؤك بطيئه

__________________

(١) البيت لأبى العلاء.

(٢) البيت لأبى الطيب فى ديوانه ١ / ٢١٠.

٢٤٤

(وثانيها) أى ثانى الأقسام وهو أن يكون الثانى دون الأول (كقول البحترى : وإذا تألّق) أى لمع (فى الندى) أى فى المجلس (كلامه المصقول) المنقح (خلت) أى حسبت (لسانه من عضبه) أى سيفه القاطع (وقول أبى الطيب :

كأنّ ألسنهم فى النّطق قد جعلت

على رماحهم فى الطّعن خرصانا (١))

جمع خرص بالضم والكسر وهو السنان يعنى أن ألسنهم عند النطق فى المضاء والنفاذ تشابه أسنتهم عند الطعن فكأن ألسنهم جعلت أسنة رماحهم ...

______________________________________________________

أكثر نفعا من سريعه فكان تأخير عطائك أفضل من سرعته ، وقد يقال : إن البطء فى السحاب خلاف البطء فى العطاء ؛ لأن البطء فى السحاب فى سيره وفى العطاء فى عدم ظهوره على أن البيت الأول يفيد أن البطء أنفع فى بعض المواضع دون بعض فيكون من الممدوح تارة خيرا وتارة لا يكون ، والثانى يفيد أن البطء من الممدوح لا يكون إلا خيرا وهو أوكد فى المدح ، وحينئذ فالبيتان متفاوتان فى المعنى فلا يصح التمثيل بهما ـ تأمل.

(قوله : وهو أن يكون الثانى دون الأول) أى : وهو أن يكون الكلام الثانى المأخوذ دون الكلام الأول المأخوذ منه فى البلاغة والحسن (قوله : كقول البحتري (٢)) هذا هو القول الأول (قوله : أى المجلس) أى : الممتلئ بأشراف الناس (قوله : المنقح) أى : المصفى من كل ما يشينه ، والمصقول فى الأصل معناه : المجلو فتفسير الشارح له بالمنقح تفسير مراد (قوله : أى حسبت لسانه من عضبه) أى : ظننت أن لسانه ناشئ من سيفه القاطع ، أو أن من زائدة أى : ظننت أن لسانه سيفه القاطع فشبه لسانه بسيفه بجامع التأثير (قوله : وقول أبى الطيب) هذا هو القول الثانى (قوله : فى النطق) أى : فى حالة النطق أو عند النطق ففى الكلام حذف مضاف أو أن فى بمعنى عند وكذا يقال فى قوله فى الطعن (قوله : قد جعلت على رماحهم) أى : قد جعلت خرصانا على رماحهم عند الطعن أى : الضرب بالقنا.

(قوله : بالضم والكسر) أى : فى المفرد وكذا فى الجمع (قوله : وهو السنان) أى : لأن خرصان الرماح أسنتها كما أن خرصان الشجر أغصانها (قوله : والنفاذ) عطف

__________________

(١) البيت لأبى الطيب فى ديوانه (١ / ٢٢٨).

(٢) بيت فى شرح المرشدى لعقود الجمان (٢ / ١٧٩).

٢٤٥

فبيت البحترى أبلغ لما فى لفظى تألق والمصقول من الاستعارة التخييلية فإن التألق والصقالة للكلام بمنزلة الأظفار للمنية ولزم من ذلك تشبيه كلامه بالسيف وهو استعارة بالكناية (وثالثها) أى ثالث الأقسام وهو أن يكون الثانى مثل الأول (كقول الأعرابى أبى زياد :

ولم يك أكثر الفتيان مالا

ولكن كان أرحبهم ذراعا)

______________________________________________________

تفسير (قوله : فبيت البحترى أبلغ) حاصله أن كلّا من البيتين تضمن تشبيه اللسان بآلة الحرب فى النفاذ والمضاء وإن كانت الآلة المعتبرة فى الأول السيف والآلة المعتبرة فى الثانى الرمح ، ولكن بيت البحترى أجود ؛ لأنه نسب فيه التألق والصقالة للكلام وهما من لوازم السيف على حد المنية والأظفار ، فكان فى كلامه استعارة بالكناية ، فازداد بهذا حسنا ، بخلاف بيت أبى الطيب ، وتقرير الاستعارة المذكورة أن يقال : شبه الكلام الموجب لتأثير المضاء والنفوذ فى النفوس بالسيف الموجب للتأثير من الجذّ والقطع ، وطوى ذكر المشبه به ورمز إليه بذكر شىء من لوازمه وهو التألق والصقالة على طريق الاستعارة بالكناية وإثبات التألق تخييل والصقالة ترشيح لأن مجموعهما تخييل كما هو ظاهر الشارح ؛ لأن التخييل لا يكون إلا واحدا ويزيد بيت البحترى على بيت أبى الطيب أيضا بأن فيه حسب التى للظن وهى أقوى فى الدلالة على التشبيه من كأن على أن فى بيت أبى الطيب قبحا من جهة أخرى وهو أن المتبادر من كلامه أن ألسنتهم قطعت وجعلت خرصانا وفيه من القبح ما لا يخفى (قوله : للكلام) أى : اللذين أثبتهما للكلام (قوله : بمنزلة الأظفار للمنية) أى : بمنزلة الأظفار التى أثبتت للمنية (قوله : ولزم من ذلك) أى : من إثبات التألق والصقالة للكلام ؛ لأن التخييلية والمكنية متلازمان على ما سبق (قوله : وهو استعارة بالكناية) الضمير للتشبيه على مذهب المصنف فى الاستعارة بالكناية ، أو للسيف بناء على مذهب القوم فيها (قوله : مثل الأول) أى : فى البلاغة (قوله : كقول الأعرابى) هذا هو الكلام الأول ، والثانى قول أشجع الآتى (قوله : ولم يك أكثر الفتيان مالا (١)) أى : لم يكن الممدوح أكثر الأقران مالا.

__________________

(١) لأبى زياد الأعرابى فى شرح عقود الجمان (٢ / ١٧٩) والإشارات ص ٣١٢.

٢٤٦

أى أسخاهم يقال : فلان رحب الباع والذراع ورحيبهما أى سخىّ (وقول أشجع : وليس) أى الممدوح يعنى جعفر بن يحيى (بأوسعهم) الضمير للملوك (فى الغنى ، ولكنّ معروفه) أى إحسانه (أوسع) فالبيتان متماثلان هذا ولكن لا يعجبنى معروفه أوسع.

______________________________________________________

(قوله : رحب الباع والذراع) الرحب : الواسع ، والباع : قدر مد اليدين ، والذراع : من طرف المرفق إلى طرف الأصبع الوسطى (قوله : أى سخىّ) أى : فهو مجاز مرسل من إطلاق اسم الملابس بكسر الباء وهو سعة الباع أو الذراع على الملابس بفتحها وهو كثرة المعطى ؛ لأن الباع والذراع بهما يحصل المعطى عند قصد دفعه فإذا اتسع كثر ما يملؤه فلابست السعة الكثرة عند الإعطاء فأطلقت السعة على الكثرة بتلك الملابسة مع القرينة (قوله : وقول أشجع) أى : فى مدح جعفر بن يحيى البرمكى (قوله : الضمير للملوك) أى : فى البيت السابق :

يروم الملوك مدى جعفر

ولا يصنعون كما يصنع (١)

أى : يقصد الملوك غايته التى بلغها فى الكرم والحال أنهم لا يصنعون من المعروف والإحسان كما يصنع (قوله : فى الغنى) أى : فى المال (قوله : أوسع) أى : من معروفهم (قوله : فالبيتان متماثلان) أى : لاتفاقهما على إفادة أن الممدوح لم يزد على الأقران فى المال ، ولكنه فاقهم فى الكرم ولم يختص أحدهما بفضيلة عن الآخر ، فلذا كان الثانى بعيدا عن الذم (قوله : لكن لا يعجبنى معروفه أوسع) أى : وحينئذ فالبيتان ليسا متماثلين ، بل الأول أبلغ فتمثيل المصنف بهذين البيتين للقسم الثالث لا يتم ووجه عدم الإعجاب أن أرحبهم ذراعا يدل على كثرة الكرم بطريق المجاز بخلاف معروفه أوسع فإنه يدل على ذلك بطريق الحقيقة ، فالبيت الأول قد ازداد بالمجاز حسنا ، وقيل : وجه كونه لا يعجبه أن المعروف قد يعبر به عن الدبر أى : الشىء المعروف منه وهو الدبر أوسع ، وفيه بعد ؛ لأن الكلام البليغ لا يعتريه الاستهجان.

__________________

(١) لأشجع بن عمرو السلمى فى الأدغانى (١٨ / ٢٣٣) ط. دار الكتب العلمية برواية (يريد) بدل (يروم).

٢٤٧

[الثانى : غير ظاهر ومنه : تشابه المعنيين] :

(وأما غير الظاهر فمنه أن يتشابه المعنيان) أى معنى البيت الأول ومعنى البيت الثانى (كقول جرير فلا يمنعك من أرب) أى حاجة (لحاهم) جمع لحية يعنى كونهم فى صورة الرجال (سواء ذو العمامة والخمار) يعنى أن الرجال منهم والنساء سواء فى الضعف (وقول أبى الطيب :

ومن فى كفّه منهم قناة

كمن فى كفّه منهم خضاب (١))

______________________________________________________

[النوع الثانى : غير الظاهر] :

(قوله : وأما غير الظاهر) أى : وأما الأخذ غير الظاهر وهو ما يحتاج لتأمل فى كون الثانى مأخوذا من الأول ، إذا علمت ضابطه تعلم أن المثال الآتى فى التشابه ينبغى أن يجعل من الظاهر ؛ لأن إدراك كون الثانى أصله الأول ظاهر لا يحتاج لتأمل ، ولم يقسم المصنف غير الظاهر إلى الأبلغ والأدنى المذموم والمساوى فى البلاغة البعيد عن الذم ؛ لأن أقسام غير الظاهر كلها مقبولة من حيث الأخذ ، فإن اعتراها رد من جهة أخرى خارجة عن معنى الأخذ كانت غير مقبولة.

[ومن النوع الثانى : تشابه المعنيين] :

(قوله : فمنه أن يتشابه المعنيان) أى : فأقسامه كثيرة ذكر المصنف منها خمسة كلها مقبولة. القسم الأول منها أن يتشابه المعنيان أى : معنى البيت الأول المأخوذ منه ، ومعنى الثانى المأخوذ أى : من غير نقل للمعنى لمحل آخر فغاير ما بعده (قوله : أى حاجة) أى : تريدها منهم (قوله : لحاهم) بضم اللام وكسرها فاعل يمنع (وقوله : جمع لحية) بفتح اللام وكسرها (قوله : سواء ذو العمامة إلخ) أى : لأن الرجال منهم والنساء سواء فى الضعف ، فلا مقاومة للرجال منهم على الدفع عن النساء منهم ، فقوله سواء إلخ : جملة مستأنفة فى معنى العلة ، والعمامة بالكسر تطلق على المغفر ، وعلى البيضة ، وعلى ما يلف على الرأس ، وحملها على الأولين أبلغ ، وعلى الثالث أوفق بقوله والخمار (قوله : وقول أبى الطيب) أى : فى مدح سيف الدولة بن حمدان ، وخضوع بنى كلاب وقبائل العرب له (قوله : قناة)

__________________

(١) البيت للمتنبى فى مدح سيف الدولة وخضوع بنى كلاب وقبائل العرب له.

٢٤٨

واعلم أنه يجوز فى تشابه المعنيين اختلاف البيتين : تشبيبا ومديحا وهجاء وافتخارا ونحو ذلك فإن الشاعر الحاذق إذا قصد إلى المعنى المختلس لينظمه احتال فى إخفائه فغيره عن لفظه ونوعه ووزنه وقافيته وإلى هذا أشار بقوله.

[ومنه : النقل] :

(ومنه) أى من غير الظاهر (أن ينقل المعنى إلى محل آخر كقول البحترى : سلبوا) أى ثيابهم ...

______________________________________________________

أى : رمح (وقوله : خضاب) أى : صنع الحناء ، والبيت الأول أى : بيت جرير هو المأخوذ منه بيت أبى الطيب هو الثانى المأخوذ ، والبيتان متشابهان فى المعنى من جهة إفادة كل منهما ، أن الرجال لهم من الضعف مثل ما للنساء ، إلا أن الأول أفاد التساوى والثانى أتى بأداة التشبيه والأول عبر عن النساء بذوات الخمار وعن الرجال بذوى العمامة ، والثانى عبر عن النساء بذوات الخضاب وعن الرجال بذوى القناة فى أكفّهم ، والأول أيضا جعل ذلك التساوى علّة لعدم منعهم تناول الحوائج منهم بخلاف الثانى (قوله : واعلم إلخ) هذا دخول على كلام المصنف الآتى (قوله : اختلاف البيتين إلخ) فيجوز أن يكون أحد البيتين تغزلا والآخر مديحا أو هجاء أو افتخارا أو رثاء (قوله : تشبيبا) التشبيب ذكر أوصاف المرأة بالجمال وفى بعض النسخ نسيبا يقال نسب ينسب بكسر سين المضارع إذا تشبب بامرأة أى : تغزل بها ووصفها بالجمال ، والمراد هنا من الأمرين ذكر أوصاف المحبوب مطلقا ذكرا أو أنثى (قوله : ونحو ذلك) أى : ويجوز اختلافهما بنحو ذلك كالاختلاف فى الوزن أو القافية (قوله : المختلس) أى الذى اختلسه وأخذه من كلام غيره (قوله : فغيره عن لفظه ونوعه) أى فغير لفظه وصرفه عن نوعه كالمدح أو الذم أو الافتخار أو الرثاء أو الغزل.

(قوله : وإلى هذا أشار بقوله) أى : وإلى هذا القسم وهو نقل المعنى من نوع من هذه الأنواع لنوع آخر أشار إلخ ، ووجه الإشارة أنه ذكر أنه ينقل المعنى إلى محل آخر وهذا صادق بأن ينقله من التشبيب إلى أحد المذكورات.

[ومنه : النقل] :

(قوله : أن ينقل المعنى إلى محل آخر) بأن يكون المعنى وصفا وينقل من موصوف

٢٤٩

(فأشرقت الدّماء عليهم

محمرة فكأنهم لم يسلبوا)

أى لأن الدماء المشرقة كانت بمنزلة ثياب لهم (وقول أبى الطيب : يبس النجيع عليه) أى على السيف (وهو مجرد ، عن غمده فكأنما هو مغمد) لأن الدم اليابس بمنزلة غمد له فنقل المعنى من القتلى والجرحى إلى السيف.

[ومنه : أن يكون معنى الثانى أشمل] :

(ومنه) أى من غير الظاهر (أن يكون معنى الثانى أشمل) من معنى الأول كقول جرير :

إذا غضبت عليك بنو تميم

وجدت النّاس كلّهم غضابا (١)

لأنهم يقومون مقام كلهم ...

______________________________________________________

لموصوف آخر ، كنقله ستر الدم من القتلى إلى السيف فى المثال الذى ذكره المصنف ، أو يكون المعنى مدحا فينقل للهجاء أو الرثاء أو العكس.

(قوله : (٢) فأشرقت الدماء عليهم) أى : فظهرت الدماء عليهم ملابسة لإشراق شعاع الشمس ، وأتى بقوله محمرة ؛ لنفى ما يتوهم من غلبة الإشراق عليها حتى صارت بلون البياض (قوله : فكأنهم لم يسلبوا) أى : فلما ستروا الدماء بعد سلبهم صاروا كأنهم لم يسلبوا ؛ لأن الدماء المشرقة عليهم سارت ساترة لهم كاللباس المعلوم ، وهذا البيت هو المنقول عنه المعنى وبيت أبى الطيب الآتى هو المنقول فيه المعنى (قوله : النجيع) هو الدم المائل إلى سواد (قوله : وهو مجرد إلخ) أى : والحال أن السيف خارج من غمده (قوله : فكأنما هو مغمد) أى : فصار السيف لما ستره النجيع الذى له شبه بلون الغمد كأنه مغمد أى : مجعول فى الغمد (قوله : فنقل المعنى) أى : وهو ستر الدم كاللباس من القتلى إلى السيف أى : لأنه فى البيت الأول وصفهم بأن الدماء سترتهم كاللباس ، ونقل هذا المعنى لموصوف آخر وهو السيف فوصفه بأنه ستره الدم كستر الغم.

[ومنه : أن يكون معنى الثانى أشمل] :

(قوله : أشمل) أى : أجمع (قوله : لأنهم) أى : بنى تميم (وقوله : يقومون مقام كلهم) أى :

__________________

(١) من قول جرير. فى ديوانه ص ٧٨ ، والإشارات ص ٣١٣.

(٢) البيت للبحترى فى الإيضاح ص ٣٥٧ وشرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ١٨٠) والتنبيهات والإشارات ص ٣١٣.

٢٥٠

(وقول أبى نواس :

وليس على الله بمستنكر

أن يجمع العالم فى واحد (١)

فإن يشمل الناس وغيرهم فهو أشمل من معنى بيت جرير.

[ومنه : القلب] :

(ومنه) أى من غير الظاهر (القلب وهو أن يكون معنى الثانى نقيض معنى الأول ...

______________________________________________________

مقام كل الناس ، فقد أفاد جرير بهذا الكلام أن بنى تميم ينزلون منزلة الناس جميعا فى الغضب (قوله : وقول أبى نؤاس) بضم النون والهمزة أى : قوله لهارون الرشيد لما سجن الفضل البرمكى وزيره غيرة منه حين سمع عنه التناهى فى الكرم مشيرا إلى أن فى الفضل شيئا مما فى هارون وأن فى هارون جميع ما فى الفضل ، وما فى العالم من الخصال مبالغة ، وقبل البيت :

قولا لهارون إمام الهدى

عند احتفال المجلس الحاشد

أنت على ما فيك من قدرة

فلست مثل الفضل بالواجد

وليس على الله بمستنكر ..

إلخ

روى أن هارون لما سمع الأبيات أطلق الفضل من السجن ، والاحتفال : الاجتماع والحاشد بالشين المعجمة : الجامع ، وقوله مثل الفضل : مفعول الواجد أى : لا تجد مثل الفضل فى خدمتك وطاعتك (قوله : أن يجمع العالم) أى : صفات العالم الكمالية ، وهذا البيت أشمل من الأول ؛ لأن الأول جعل بنى تميم بمنزلة كل الناس الذين هم بعض العالم ، والبيت الثانى جعل الممدوح بمنزلة كل العالم الذى هو أشمل من الناس ؛ لأن الناس بعض العالم (قوله : وغيرهم) أى : من الملائكة والجن ، واعلم أن الرواية الصحيحة ليس على الله بدون واو قبل ليس وهو من بحر السريع مستفعلن مستفعلن فاعلاتن ، فدخله حذف السبب فصار فاعلن ، وفى بعض النسخ وليس بالواو قبل ليس ففيه من العيوب الخزم وهو زيادة ما دون خمسة أحرف فى صدر الشطر.

[ومنه : القلب] :

(قوله : أن يكون معنى الثانى نقيض معنى الأول) وذلك كأن يقرر البيت الأول

__________________

(١) البيت لأبى نواس ، فى ديوانه ص ١٤٦.

٢٥١

كقول أبى الشيص :

أجد الملامة فى هواك لذيذة

حبّا لذكرك فليلمنى اللّوّم (١)

وقول أبى الطيب : أأحبّه) الاستفهام للإنكار والإنكار باعتبار القيد الذى هو الحال أعنى قوله (٢) (وأحبّ فيه ملامة؟) كما يقال أتصلى وأنت محدث؟ على تجويز واو الحال فى المضارع المثبت كما هو رأى البعض أو على حذف المبتدأ ، أى وأنا أحب ويجوز أن تكون الواو للعطف. والإنكار راجع إلى الجمع بين أمرين أعنى محبته ومحبة الملامة فيه (إن الملامة فيه من أعدائه) وما يصدر عن عدو المحبوب يكون مبغوضا وهذا نقيض معنى بيت أبى الشيص ...

______________________________________________________

حب اللوم فى المحبوب لعلّة ، ويقرر الثانى بغض اللوم فى المحبوب لعلة أخرى ، فيكون التناقض والتنافى بين البيتين بحسب الظاهر ، وإن كانت العلة تنفى التناقض ؛ لأنها مسلمة من الشخصين فيكون الكلامان معا غير كذب ، ومعلوم أن من كانت عنده العلة الأولى صح الكلام باعتباره ، ومن كانت عنده الثانية صح الكلام باعتباره ، فالتناقض فى ظاهر اللفظين والالتئام باعتبار العلل (قوله : أجد الملامة) أى : أجد اللوم والإنكار علىّ (قوله : فى هواك) بكسر الكاف خطاب لمؤنث أى : فى شأنه أو بسببه (قوله : حبّا لذكرك) أى : وإنما وجدت اللوم فيك لذيذ لأجل حبى لذكرك واللوم مشتمل على ذكرك (قوله : والإنكار باعتبار القيد) أى : راجع للقيد فالمنكر فى الحقيقة هو مصاحبة تلك الحال فالمعنى كيف أحبه مع حبى فيه ملامة؟ بل أحبه فقط (قوله : كما يقال : أتصلى وأنت محدث) أى : فالمنكر هو وقوع الصلاة مع الحدث ، لا وقوع الصلاة من حيث هى ، وكما تقول : أتتكلم وأنت بين يدى الأمير ، فالمنكر هو كونه يتكلم مع كونه بين يدى الأمير (قوله : على تجويز إلخ) أى : بناء على تجويز إلخ وهو مرتبط بقوله الذى هو الحال (قوله : والإنكار راجع إلى الجمع بين الأمرين) أى : كيف يجتمع حبه وحب اللوم فيه فى الوقوع منى ، بل لا يكون إلا واحدا منهما (قوله : وهذا) أى : بغض اللوم فى المحبوب

__________________

(١) البيت لأبى الشيص. فى الإشارات ص ٣١٤.

(٢) البيت للمتنبى فى ديوانه.

٢٥٢

لكن كل منهما باعتبار الآخر ولهذا قالوا : الأحسن فى هذا النوع أن يبيّن السبب.

[ومنه : أخذ بعض المعنى مع تحسينه ببعض الإضافات] :

(ومنه) أى من غير الظاهر (أن يؤخذ بعض المعنى ويضاف إليه ما يحسنه

______________________________________________________

نقيض معنى بيت أبى الشيص أى : لأنه جعل اللوم فى المحبوب محبوبا (قوله : لكن كل منهما باعتبار) أى : لكن كل من كراهة الملامة وحبها باعتبار غير الاعتبار الآخر ، فمحبة اللوم فى البيت الأول من حيث اشتمال اللوم على ذكر المحبوب وهذا محبوب له ، وكراهته فى الثانى من حيث صدوره من الأعداء والصادر منهم يكون مبغوضا ، وأشار الشارح بهذا الاستدراك إلى أن التناقض بين معنى البيتين المذكورين بحسب الظاهر ، وفى الحقيقة لا تناقض بينهما أصلا لاختلاف فى السبب فى كل (قوله : ولهذا) أى : لأجل أن كلّا من المعنيين باعتبار (قوله : فى هذا النوع) أى : نوع القلب (وقوله : أن يبيّن) أى : الشاعر السبب كما فى البيتين المذكورين ، فإن الأول علل حب الملامة بحبه لذكره ، والثانى علل كراهيته لها بكونها تصدر من الأعداء ، وإنما كان الأحسن فى هذا النوع بيان السبب لأجل أن يعلم أن التناقض ليس بحسب الحقيقة ، بل بحسب الصورة ـ كذا قال يس ، وقال العلامة اليعقوبى : إنما كان الأحسن فى هذا النوع بيان السبب ، بل لا بد فيه من بيانه ؛ لأنه إذا لم يبينه كان مدعيا للنقض من غير بينة وهو غير مسموع فلو قال هنا : أأحبه وأحب فيه ملامة كان دعوى لعدم المحبة بلا دليل وذلك لا يفيد ، فهذا النوع أخرج لباب المعارضة والإبطال وهو يفتقر لدليل التصحيح فلا بد منه فى الطرفين.

[ومنه : أخذ بعض المعنى مع تحسينه ببعض الإضافات] :

(قوله : أن يؤخذ بعض المعنى ويضاف إليه ما يحسنه) أى : أن يؤخذ بعض المعنى من الكلام الأول ويترك البعض الآخر ثم لا يقتصر فى الكلام الثانى على بعض المعنى المأخوذ من الأول ، بل يضاف لذلك البعض المأخوذ ما يحسنه من المعانى ومفهوم هذا الكلام أنه إذا لم يضف إليه شىء أصلا كان من الظاهر ؛ لأن مجرد أخذ المعنى من الأول كلّا كان أو بعضا لا لبس فيه ، فيعد من الظاهر ، وكذا إذا أضيف إليه ما لا يحسنه من الزيادة فإنه

٢٥٣

كقول الأفوه : وترى الطير على آثارنا ، رأى عين) يعنى عيانا (ثقة) حال أى : واثقة ومفعول له مما يتضمنه قوله : على آثارنا أى كائنة على آثارنا لوثوقها (أن ستمار) أى ستطعم من لحوم من نقتلهم (وقول أبى تمام : وقد ظلّلت) أى ألقى عليه الظل وصارت ذوات ظل (عقبان أعلامه ضحى ، بعقبان طير ...

______________________________________________________

يكون من الظاهر ؛ لأن المأخوذ حينئذ ولو قل لا لبس فيه ، بخلاف أخذ البعض مع تزيينه بما أضيف فإن ذلك يخرجه عن سنن الاتباع إلى الابتداع ، فكأنه مستأنف فيخفى.

(قوله : (١) وترى الطير على آثارنا رأى عين) أى : وتبصر الطير وراءنا تابعة لنا معاينة ـ كذا قال اليعقوبى ، قال فى الأطول : الآثار : جمع أثر بمعنى العلم أى : مستعلية على أعلامنا متوقعة فوقها فتكون الأعلام مظللة بها ، وإنما أكد قوله ترى بقوله رأى عين ؛ لئلا يتوهم أنها بحيث ترى لمن أمعن النظر بتكلف لبعدها ، ولئلا يتوهم أن المعنى أنها لما تبعتنا كأنها رئيت ولو لم تر لبعدها ؛ لأنه يقال : ترى فلانا يفعل كذا بمعنى أنه يفعله وهو بحيث يرى فى فعله لو لا المانع (قوله : حال) أى : من الطير بناء على أن المصدر بمعنى اسم الفاعل (قوله : مما يتضمنه) أى : من العامل الذى يتضمنه المجرور الذى هو قوله على آثارنا ، وعلى هذا الاحتمال فقوله : ثقة أن ستمار جواب لسؤال مقدر ، إذ كأنه قيل : لماذا كانت الطيور على آثارنا تابعة لنا؟ فقيل : كانت على آثارنا وتبعتنا لوثوقها بأنها ستمار أى : ستطعم الميرة أى : الطعام أى : لحوم من نقتلهم (قوله (٢) : ظلّلت) هو بالبناء للمفعول ، وعقبان أعلامه نائب الفاعل ، والعقبان بكسر أوله : جمع عقاب ، وإضافته للأعلام من إضافة المشبه به للمشبه أى : ظللت أعلامه الشبيهة بالعقبان فى تلونها وفخامتها ؛ لأن الأعلام بمعنى الرايات فيها ألوان مختلفة كالعقبان ، وقال الخلخالى : الإضافة حقيقية على معنى اللام ، والمراد بعقبان الأعلام الصور المعمولة من ذهب أو غيره على هيئة عقبان الطير الموضوعة على رأس العلم بمعنى الراية ، وهذا يتوقف على أن تلك الصور التى وضعت على رأس الأعلام صنعت على هيئة العقبان ولم يثبت (قوله : بعقبان طير)

__________________

(١) للأفوه الأزدى فى الإشارات ص ٣١٤ ، وعقود الجمان ٢ / ١٨٠ والإيضاح ص ٣٥٨.

(٢) لأبى تمام فى ديوانه ص ٢٣٣ ، والإشارات ص ٣١٤.

٢٥٤

فى الدماء نواهل) من نهل إذا روى نقيض عطش (أقامت) أى عقبان الطير (مع الرايات) أى الأعلام وثوقا بأنها ستطعم لحوم القتل (حتّى كأنّها ، من الجيش إلا أنها لم تقاتل. فإن أبا تمام لم يلمّ بشىء من معنى قول الأفوه : رأى عين) الدالّ على قرب الطير من الجيش بحيث ترى عيانا لا تخيلا ، وهذا مما يؤكد شجاعتهم وقتلهم الأعادى (ولا) بشىء (من معنى قوله : ثقة أن ستمار) الدال على وثوق الطير بالميرة لاعتيادها بذلك وهذا أيضا مما يؤكد المقصود. قيل : إن قول أبى تمام : ظللت الملم بمعنى قوله رأى عين ؛ لأن وقوع الظل على الرايات مشعر بقربها من الجيش ، ...

______________________________________________________

متعلق بظللت أى : ظللت عقبان الأعلام بعقبان طير ؛ لأنها لزمت فوق الأعلام ألقت ظلّها عليها (قوله : فى الدماء) أى : من الدماء ، ففى بمعنى من ، متعلقة بنواهل الذى هو صفة لعقبان طير أى : ظللت عقبان الأعلام بعقبان طير من صفتها إذا وضعت الحرب أوزارها. النهل أى : الرى من دماء القتلى ، فتظليل العقبان للأعلام لرجائها النهل من الدماء ووثوقها بأنها ستطعم من لحوم القتلى (قوله : لوثوقها بأنها ستطعم لحوم القتلى) أى : ولرجائها الرى من دمائها (قوله : حتى كأنها من الجيش) أى : حتى صارت من شدة اختلاطها برؤوس الرماح والأعلام من أفراد الجيش ، إلا أنها لم تقاتل أى : لم تباشر القتال وهذا استدراك على ما يتوهم من الكلام السابق من أنها حيث صارت من الجيش قاتلت معه (قوله : فإن أبا تمام إلخ) أى : وإنما كان كلام أبى تمام بالنسبة لكلام الأفوه السابق مما ذكرناه وهو أخذ بعض المعنى ويضاف إليه ما يحسنه ؛ لأن أبا تمام إلخ (قوله : لم يلم) من ألم الرباعى وما تقدم فى قوله حتى ما يلم خيال من لم الثلاثى ، والأول بمعنى أخذ والثانى بمعنى وقع وحصل (قوله : لا تخيلا) أى : لأنها ترى على سبيل التخيل بأن يكون هناك من البعد ما يوجب الشك فى المرئى (قوله : وهذا) أى : كون الطير قريبا من الجيش بحيث يرى معاينة مما يؤكد المعنى المقصود للشاعر وهو وصفهم بالشجاعة والاقتدار على قتل الأعادى ؛ وذلك لأن قربها إنما يكون لأجل توقع الفريسة (قوله : لاعتيادها) أى : والثقة منها بالميرة لاعتيادها ذلك وكون ذلك معتادا يدل على كمال الشجاعة والجراءة على القتل فكلا المعنيين أى : معنى رأى عين ، ومعنى ثقة أن ستمار

٢٥٥

وفيه نظر ؛ إذ قد يقع ظل الطير على الراية وهو فى جو السماء بحيث لا يرى أصلا. نعم لو قيل : إن قوله حتى كأنها من الجيش الملم بمعنى قوله رأى عين فإنها إنما تكون من الجيش إذا كانت قريبا منهم مختلطا بهم لم يبعد عن الصواب (لكن زاد) أبو تمام (عليه) أى على الأفوه زيادات محسنة للمعنى المأخوذ من الأفوه أعنى تساير الطير على آثارهم (بقوله إلا أنها لم تقاتل وبقوله فى الدماء نواهل وبإقامتها مع الرايات حتى كأنها من الجيش وبها) أى وبإقامتها مع الرايات حتى كأنها من الجيش ...

______________________________________________________

مؤكد للمقصود الذى هو الوصف بالشجاعة ومفيد له (قوله : إلمام) أى : إتيان بمعنى قوله : رأى عين أى : وحينئذ فلا يتم قول المصنف : إن أبا تمام لم يلم بمعنى قول الأفوه : رأى عين (قوله : وفيه نظر إلخ) حاصله أن وقوع ظل الطير على الرايات لا يستلزم قربه منها بدليل أن ظل الطير يمر بالأرض أو غيرها ، والحال أن الطير فى الجو بحيث لا يرى (قوله : نعم إلخ) هذا اعتراض ثان على قول المصنف : إن أبا تمام لم يلم بمعنى قول الأفوه : رأى عين إلخ ، وحاصله أن قوله : حتى كأنها من الجيش فيه إلمام بمعنى قوله : رأى عين ، وحينئذ فلا يتم ما قاله المصنف إلا أن يقال : إن قول المصنف فإن أبا تمام لم يلم بشىء إلخ أى : فى البيت الأول ـ فتأمل.

(قوله : إذا كانت قريبا منهم مختلطا بهم) أى : لأن المنفصل عن الشىء البعيد عنه لا يعد من أفراده (وقوله : قريبا) خبر كان ولم يؤنثه ؛ لأنه يستوى فيه المذكر والمؤنث ولا يرد مختلطا لأنه تابع (قوله : لم يبعد عن الصواب) ويزيد هذا تأكيدا قوله أقامت مع الرايات ؛ لأن صحبة الرايات تستلزم القرب (قوله : زيادات) أى : ثلاثة (قوله : أعنى) أى : بالمعنى المأخوذ من الأفوه تساير إلخ ، وهذا المعنى بعض معنى بيته (قوله : يعنى قوله إلخ) أشار بذلك إلى أن مراد المصنف بالأول الأول من تلك الزيادات لا الأول فى كلام الشاعر ؛ لأنه أخر فيه (قوله : هذا هو المفهوم إلخ) أى : أن المفهوم من الإيضاح أن ضمير قوله وبها راجع لإقامتها مع الرايات حتى كأنها من الجيش ، والمراد بالأول الأول من الزيادات وهو قوله إلا أنها لم تقاتل لا الأول فى كلام أبى تمام ؛ لأنه أخر فيه وبيان ذلك

٢٥٦

(يتم حسن الأول) يعنى قوله إلا أنها لم تقاتل لأنه لا يحسن الاستدراك الذى هو قوله إلا أنها لم تقاتل ذلك الحسن إلا بعد أن تجعل الطير مقيمة مع الرايات معدودة فى عداد الجيش حتى يتوهم أنها أيضا مع المقاتلة هذا هو المفهوم من الإيضاح ، وقيل : معنى قوله وبها أى بهذه الزيادات الثلاث يتم حسن معنى البيت الأول (وأكثر هذه الأنواع) المذكورة لغير الظاهر (ونحوها مقبولة) لما فيها من نوع تصرف (بل منها) أى من هذه الأنواع (ما يخرجه حسن التصرف من قبيل الاتباع إلى حيز الابتداع وكل ما كان أشد خفاء) ...

______________________________________________________

أنه لو قيل : ظللت عقبان الرايات بعقبان الطير إلا أنها لم تقاتل لم يحسن هذا الاستدراك ؛ لأن مجرد وقوع ظلها على الرايات لا يوقع فى الوهم أنها تقاتل مثل الجيش حتى يستدرك عليه بالنفى بخلاف إقامتها مع الرايات حتى كأنها من الجيش فإنه مظنة أنها أيضا تقاتل مثل الجيش فيحسن الاستدراك الذى هو رفع التوهم الناشئ من الكلام السابق (قوله : يتم حسن معنى البيت الأول) أى : المعنى الذى أخذه أبو تمام من بيت الأفوه الأول وهو تساير الطير على آثارهم واتباعها لهم فى الزحف (قوله : وأكثر هذه الأنواع إلخ) أى : الأنواع التى ذكرها المصنف لغير الظاهر وهى خمسة كما مر (وقوله : ونحوها) أى : ونحو هذه الأنواع وهذا إشارة إلى أنواع أخر لغير الظاهر لم يذكرها المصنف ، والظاهر أن نحوها عطف على هذه أى : وأكثر هذه الأنواع وأكثر نحو هذه الأنواع مقبول وهذا الكلام يقتضى أن من هذه الأنواع ومن نحوها ما ليس بمقبول وتعليلهم القبول بوجود نوع من التصرف يقتضى قبول جميع أنواع غير الظاهر ما ذكر منها وما هو نحو ما ذكر منها ، ويؤيد ذلك أن الأخذ الظاهر يقبل مع التصرف فكيف بغير الظاهر الذى لا ينفك عن التصرف ، فكان الأولى للمصنف أن يقول : وهذه الأنواع ونحوها مقبولة ويحذف لفظة أكثر ـ تأمل.

(قوله : أى من هذه الأنواع) أى : التى تنسب لغير الظاهر مطلقا لا بقيد كونها مذكورة (قوله : من قبيل الاتباع) أى : كونه تابعا لغيره (وقوله : إلى حيز الابتداع) أى : الإحداث والابتكار فكأنه غير مأخوذ (قوله : وكل ما كان أشد) أى : وكل ما كان

٢٥٧

بحيث لا يعرف كونه مأخوذا من الأول إلا بعد مزيد تأمل (كان أقرب إلى القبول) لكونه أبعد عن الاتباع وأدخل فى الابتداع (هذا) أى الذى ذكر فى الظاهر وغيره من ادعاء سبق أحدهما وأخذ الثانى منه وكونه مقبولا أو مردودا وتسمية كل بالأسامى المذكورة (كله) إنما يكون (إذا علم أن الثانى أخذ من الأول) بأن يعلم أنه كان يحفظ قول الأول حين نظم أو بأن يخبر هو عن نفسه أنه أخذه منه وإلا فلا يحكم بشىء من ذلك (لجواز أن يكون الاتفاق) فى اللفظ والمعنى جميعا أو فى المعنى وحده (من نوادر الخواطر أى مجيئه على سبيل الاتفاق من غير قصد إلى الأخذ) ...

______________________________________________________

الكلام المأخوذ من غيره أشد خفاء من مأخوذ آخر (قوله : بحيث لا يعرف إلخ) أى وذلك بأن يكسب من التصرف وإدخال اللطائف ما أوجب كونه لا يعرف مما أخذ منه وأن أصله ذلك المأخوذ منه إلا بعد مزيد تأمل وإمعان نظر (قوله : مزيد تأمل) أى : وأما أصل التأمل فلا بد منه فى غير الظاهر (قوله : كان أقرب إلى القبول) أى : مما ليس كذلك (قوله : لكونه أبعد) أى : لكونه صار بتلك الخصوصيات واللطائف المزيدة فيه أبعد (قوله : أى الذى ذكر) أى : فإفراد هذا بتأويل المشار إليه بما ذكر فلا منافاة بينه وبين التأكيد بقوله كله (قوله : من ادعاء سبق أحدهما) أى : للآخر (وقوله : وأخذ) أى : وادعاء أخذ الثانى من الأول (قوله : بأن يعلم) بيان لسبب علم أن الثانى أخذ من الأول (قوله : وإلا فلا يحكم) أى : وإن لم يعلم أخذ الثانى من الأول بأن علم العدم أو جهل الحال بشىء من ذلك أى : من سبق أحدهما واتباع الآخر ولا بما يترتب على ذلك من القبول أو الرد ، وأشار الشارح بقوله وإلا فلا يحكم بشىء إلى أن قول المصنف لجواز إلخ : علة لمحذوف (قوله : لجواز أن يكون الاتفاق) أى : اتفاق القائل الأول والقائل الثانى (قوله : أو فى المعنى وحده) أى : كلّا أو بعضا (قوله : أى مجيئه) الضمير للخاطر المفهوم من الخواطر أى : مجىء الخاطر على سبيل الاتفاق (وقوله : من غير قصد إلى الأخذ) تفسير لما قبله ، والمراد من غير قصد من القائل الثانى للأخذ من القائل الأول ، يعنى أنه يجوز أن يكون اتفاق القائلين بسبب ورود خاطر هو ذلك اللفظ وذلك المعنى على قلب الثانى

٢٥٨

كما يحكى عن ابن ميّادة أنه أنشد لنفسه :

مفيد ومتلاف إذا ما أتيته

تهلّل واهتزّ اهتزاز المهنّد (١)

فقيل له : أين يذهب بك هذا للحطيئة؟ فقال : الآن علمت أنى شاعر إذ وافقته على قوله ولم أسمعه (فإذا لم يعلم) أن الثانى أخذ من الأول (قيل : قال فلان كذا وقد سبقه إليه فقال كذا) ليغتنم بذلك فضيلة الصدق ويسلم من دعوى علم الغيب ...

______________________________________________________

ولسانه كما ورد على الأول من غير سبق الشعور بالأول حتى يقصد الأخذ منه (قوله : ميادة) بفتح الميم وتشديد الياء اسم امرأة أمة سوداء وهى أم الشاعر فهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث (قوله : أنه أنشد لنفسه) أى : أنه أنشد بيتا ونسبه لنفسه (قوله : مفيد ومتلاف) أى هذا الممدوح يفيد الأموال للناس أى : يعطيها لهم ويتلفها على نفسه (قوله : ذا ما أتيته تهلّل إلخ) التهلل : طلاقة الوجه ، والاهتزاز : التحرك ، والمهند : السيف المصنوع من حديد الهند أى : إذا أتيت هذا الممدوح تهلل أى : تنور وجهه فرحا بسؤالك إياه لما جبل عليه من الكرم واهتز بإرادة العطاء اهتزازا كاهتزاز السيف المهند فى البريق والإشراق (قوله : أين يذهب بك) كلام يقال للمخطئ الضال تنبيها له على الصواب أى : إنك قد ضلت فى ادعائك لنفسك ما هو لغيرك أين تذهب بنفسك أى : أنت ضالّ لا سبيل لك وإلى الخروج ما دمت على ما أنت عليه (قوله : هذا للحطيئة) الحطيئة : اسم لشاعر معلوم سمّى بذلك لقصره ، وقيل : لدمامته (قوله : إذ وافقته على قوله) أى : والحال أنه سلم له أنه شاعر (قوله : قيل) أى : فى حكاية ما وقع من المتأخر بعد المتقدم (قوله : قال فلان كذا) أى : من بيت أو قصيدة (قوله : وقد سبقه إليه) أى : إلى ذلك القول فلان فقال كذا أى : سواء كان مخالفا للثانى باعتبار ما أو لا وإنما قلنا أو قصيدة لجواز توارد الخواطر فى معنى القصيدة مثلا ، بل وفى لفظها ؛ لأن الخالق على لسان الأول هو الخالق على لسان الثانى (قوله : ليغتنم إلخ) علّة لمحذوف أى : فإذا لم يعلم

__________________

(١) شرح المرشدى على عقود الجمان ٢ / ١٨١ وهو لابن ميادة ، وفى الإيضاح ص ٣٥٨.

٢٥٩

ونسبة النقص إلى الغير (ومما يتصل بهذا) أى بالقول فى السرقات (القول فى الاقتباس والتضمين والعقد والحل والتلميح) بتقديم اللام على الميم من لمحه إذا أبصره ، وذلك لأن فى كل منها أخذ شىء من الآخر.

[الاقتباس] :

(أما الاقتباس فهو أن يضمن الكلام) نظما كان أو نثرا (شيئا من القرآن أو الحديث ...

______________________________________________________

أن الثانى أخذ من الأول قيل قال فلان كذا وقد سبقه إليه فلان فقال كذا ، ولا يقال : إن الثانى أخذه من الأول ليغتنم إلخ ؛ لأنه لو ادعى سرقة مثلا أو عدمها لم يأمن من أن يخالف الواقع (وقوله : من دعوى إلخ) أى : لو عين نوعا كالسرقة أو عدمها. ا ه سم.

(قوله : ونسبة النقص إلى الغير) أى : الشاعر الثانى ؛ لأن أخذ الثانى من الأول لا يخلو عن انتقاص الثانى باعتبار أن الأول هو المنشئ له (قوله : ومما يتصل إلخ) خبر مقدم والقول مبتدأ مؤخر ومن تبعيضية ففيه إشارة إلى أن المتصل لا ينحصر فيما ذكر وفى بعض النسخ ويتصل فالقول فاعل يتصل أى : القول فى السرقات يتصل به القول أى : الكلام فى الاقتباس (قوله : من لمحه إذا أبصره) أى : وليس مأخوذا من ملح إذا حسن حتى يكون بتقديم الميم (قوله : وذلك) أى : وبيان ذلك أى : وبيان اتصال القول فيها بالقول فى السرقات الشعرية المقتضى كونها فى نفسها لها اتصال بالسرقات أن فى كل إلخ ، ومعنى اتصالها بالسرقات تعلقها بها تعلق المناسبة من جهة أن فى كل من هذه الألقاب أخذ شىء من شىء سابق مثل ما فى السرقات.

[الاقتباس] :

(قوله : أن يضمن الكلام شيئا من القرآن أو الحديث) أى : أن يؤتى بشىء من لفظ القرآن ، أو من لفظ الحديث فى ضمن الكلام. قال العصام : ومما ينبغى أن يلحق بالاقتباس أن يضمن الكلام شيئا من كلام الذين يتبرك بهم وبكلامهم خصوصا الصحابة والتابعين.

٢٦٠